World Financial Crisis_ar

الأزمة المالية العالمية

مدخل في الأسباب

المحاضر: عماد إبراهيم أبو شعبان،

جامعة الأزهر بغزة

تمهيدي دكتوراه المحاسبة/ مصر

ماجستير تنمية إدارية/ اسبانيا

ماجستير علم المحاسبة /أمريكا

بريد الكتروني: emad.abushaaban@gmail.com

موقع شخصي : www.alemads.com

الأزمة المالية العالمية ... الارتدادات ....!

ما هي حقيقة الأزمة المالية العالمية ؟

أولا: الأسباب الاقتصادية:

1. الارتفاع الكبير في الديون:

- بلغت الديون الفردية 9.2 تريليون دولار وكانت تشكل الديون العقارية منها نحو 6.6 تريليون دولار، كما بلغت ديون الشركات قرابة 18.4 تريليون دولار، وقد بلغت خلال الفترة السابقة الديون الحكومية ما يعادل 12 تريليون دولار، وعليه يكون قد بلغ المجموع الكلي للديون ما يعادل 39 تريليون دولار، حيث مثلت هذه الديون .. ما يعادل 3 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي.

2. الارتفاع في نسبة البطالة وطلبات المساعدة:

- بلغت نسبة البطالة نحو 5 %، وتعتبر هذه النسبة عالية جدا بالنسبة للاقتصاد الأمريكي الذي تعود نسب بطالة لا تزيد 1.5 %، كما تضاعفت عدد طلبات الإعانة التي قدمت خلال الفترة السابقة لأقسام الرفاه الاجتماعي، كما ارتفع عدد طلبات الباحثين عن عمل.

3. الارتفاع في نسبة التضخم:

- بلغت نسبة التضخم في أمريكا خلال الفترة التي سبقت الانهيار حوالي 4 %، وكان السبب فيها هو ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وعلى رأسها أسعار البترول، وارتفاع الإنفاق الأمني في داخل أمريكا وارتفاع الإنفاق العسكري خارجها.

ثانيا: الأسباب القانونية:

1. تشجيع الحكومة لقطاع الإقراض العقاري:

- أدى تشجيع الحكومة لقطاع الإقراض العقاري إلى تأسيس المزيد من البنوك والشركات التي تعمل في هذا القطاع، طالما يحظى هذا القطاع بالدعم والرعاية من الحكومة.

2. التوسع في عمل شركات الإقراض العقاري:

- أدى التوسع في عمل شركات الإقراض العقاري إلى تسهيل إجراءات منح القروض العقارية من جانب البنوك ومؤسسات الإقراض العقاري الأخرى، حيث قامت هذه المؤسسات بالتوسع في عمليه الإقراض دون النظر إلى قدره المقترض على السداد.

3. بيع شركات الإقراض العقاري للديون:

- أدى قيام شركات الرهن العقاري ببيع ديونها إلى ظهور البداية الحقيقية للازمة، حيث قامت هذه الشركات ببيع هذه القروض على شكل سندات دين إلى أفراد وبنوك وشركات أخرى داخل أمريكا وخارجها، ثم قامت هذه البنوك والشركات بتقديم هذه القروض كضمان لبنوك وشركات أخرى للحصول على قروض جديدة . .. وهكذا ... وتكررت هذه العملية ...

- ولتعزيز مركز سندات الدين الضامنة للقروض العقارية، لجأت البنوك والشركات إلى التامين لدى شركات التامين الكبرى مثل AIG لحماية أنفسهم من إفلاس الشركات المصدرة للسندات أو إفلاس أصحاب (المنازل)، وقد أدى هذا إلى تشجيع التوسع في إصدار السندات، والى التوسع في الاقتراض مرة أخرى بضمان السندات المضمونة المؤمن عليها.

- أي انه تم بناء هياكل مالية متعددة على أصل واحد فقط وهو القروض، وهو أساسا أصل ضعيف لأنه بامتناع المدينون عن السداد، فانه ينهار، وإذا انهار جزء منه فان الكل ينهار وهو ما تم بالفعل.

- والذي يوضح ذلك انه مع بداية عام 2008، ظهرت بوادر الأزمة وهو عجز عدد كبير من المقترضين عن السداد، وفى أغسطس 2008، أصبح عدد العاجزين عن السداد بالملاين، مما أدى إلى عجز شركات كبرى عن سداد التزاماتها، وعندها طلبت المساعدة من شركات أخرى مثل شركة AIG الضامنة لأغلب السندات المغطاة بقروض الرهن العقاري، وبسبب عجز الأخيرة عن سداد الالتزامات المترتبة عليها اضطرت إلى طلب المساعدة من الحكومة ومن شركات زميلة ومنافسة أخرى والتي أدى في النهاية إلى إعلان إفلاس بعضها وتهديد البعض الآخر بالإفلاس والتصفية .

ثالثا: الأسباب المحاسبية:

1. تعدد الجهات الرقابية على المعلومات المحاسبية واختلاف قوة الإلزام Parties Involved.

- مجلس معايير المحاسبة المالية FASB

هو مؤسسة غير حكومية وغير ربحية، يهدف إلى تأسيس وتطوير معايير تضبط المحاسبة والافصاحات المالية، ويحمل المجلس شعار هو تبسيط المعايير المحاسبية وإجراءات تطبيقها، وبخصوص قوة الإلزام لا يوجد للمجلس قوة الإلزام، فتطبيق المعايير والضوابط المالية اختيارية وليست له الصفة الإلزامية الذاتية، وبخصوص الاستقلالية فاستقلالية المجلس غير تامة ذلك انه يتم تمويله من قبل شركات تدقيق الحسابات التي يكون له دور في ضبط عملها.

- المفوضية المنظمة لتداول الأوراق المالية SEC

هي مؤسسة حكومية، تهدف إلى حماية حقوق الجمهور (المستثمرين ساسا)، وتحمل المفوضية شعار وهو تشجيع المؤسسات الخاصة واضعة المعايير المحاسبية مثل FASB ، وبخصوص قوة الإلزام يوجد للمفوضية الصفة الإلزامية الذاتية بالقانون، والمرجعية لها في تطبيق المعايير والضوابط المالية هي المعايير التي يضعها FASB، وبخصوص الاستقلالية فالمفوضية تتسم باستقلالية تامة حيث يتم تمويلها من الحكومة، الا انه يعاب عليها عدم التخصص والمهنية.

- المعهد الأمريكي للمحاسبين القانونيين AICPA

هو مؤسسة غير حكومية وغير ربحية، يهدف إلى ضبط مهنة المحاسبة وتدقيق الحسابات، ويحمل المعهد شعار هو المحافظة على جودة ودقة البيانات المالية المعلنة، وبخصوص قوة الإلزام ليس للمعهد الصفة الإلزامية الذاتية وإنما بإجبار أعضاؤه ، اما مرجعية المعهد فهي تطبيق المعايير والضوابط المالية التي يضعها FASB، وبخصوص استقلالية المعهد فهي استقلالية غير تامة حيث يتم تمويله من قبل شركات التدقيق .

- مجلس معايير المحاسبة الدولية IASB

هو مؤسسة غير حكومية وغير ربحية، يهدف إلى تأسيس وتطوير معايير تضبط المحاسبة والافصاحات المالية دوليا، وذلك بتقليل الفرو قات بين الدول في نوعية الإفصاح المالي، ويحمل المجلس شعار هو توحيد القياس والإفصاح المالي عالميا، وبخصوص قوة الإلزام لا يوجد للمجلس قوة الإلزام الذاتية، فتطبيق المعايير والضوابط المالية اختيارية وليست له الصفة الإلزامية الذاتية، وبخصوص الاستقلالية فاستقلالية المجلس غير تامة ذلك لأنه يتم تمويله من قبل شركات تدقيق الحسابات وبعض ال lobbies.

2. تأثير أصحاب المصالح على المؤسسة الواضعة للمعايير المحاسبيةPolitical Environment

2. تأثير إدارة الشركة على جودة المعلومات المالية

Management influence on Information Quality

- إدارة الشركة في سبيل تحسين صورة أداءها وأداء الشركة أمام مستخدمي المعلومات المالية “Window Dressing”، وما يتضمنه ذلك من تسجيل انجازات لها، تقوم بالتأثير في جودة المعلومات المالية من خلال تدخلها في اختيار أدوات قياس وعرض مالي تحسن من صورة الشركة، وفي نفس الوقت لا تتعارض مع المبادئ والمعايير المحاسبية المقبولة قبولا عاما GAAP.

- فالمبادئ والمعايير المحاسبية المقبولة قبولا عاما GAAP تركت هامش اختيار كبير لإدارة الشركة للاختيار، مما قلل من الجودة والفائدة الاستخدامية للمعلومات المالية التي تقدمها الإدارة بسبب تحيزها في اختيار الإجراءات والطرق والتقديرات المحاسبية ومن أوجه تدخل الإدارة للتأثير على جودة المعلومات المحاسبية المقدمة للمستخدمين (1) اختيار الطرق المحاسبية (2) تحديد التقديرات المحاسبية (3) تقدير حجم الإفصاح المالي.

- اختيار الطرق المحاسبية: فمثلا اختيار إدارة الشركة لطريقة FIFO ، تعطي تضخيم في الأرباح وتضخيم في الموجودات في حالة وجود مخزون أول الفترة مقوم بتكلفة قليلة عن آخر الفترة، إما بسبب ميزة شرائية أو ارتفاع (تضخم) في الأسعار، في هذه الظروف يصبح استخدام FIFO أكثر إغراءا لإدارة الشركة وهي بالأساس طريقة معترف بها ضمن المبادئ والمعايير المحاسبية.

- تحديد التقديرات المحاسبية: فمثلا تقدير إدارة الشركة لنسبة متدنية للديون المتوقع ضياعها على الشركة، يؤدي تضخيم في الأرباح وتضخيم في موجودات الشركة، فتقدير نسبة الديون المعدومة أو المشكوك فيها مرتبط برغبة إدارة الشركة في تحديد حجم الأرباح وقيمة الموجودات التي ترغب في الإفصاح عنها للمستخدمين، وهذا التقدير بالأساس متروك لتصرف الإدارة حسب المعايير المحاسبية.

- ويكون تأثير الإدارة أكثر على جودة المعلومات المحاسبية عند عمل تقديرات في حالات مثل تحديد العمر الافتراض للموجودات الثابتة وتحديد قيمة (تكلفة) تغطية ضمانات المنتجات، وتحديد قيمة تقادم (نقص) قيمة المخزون، وتحديد قيمة استرداد (استهلاك) كوبونات السندات.

- تقدير حجم الإفصاح المالي: فقد تركت المبادئ والمعايير المحاسبية لإدارة الشركة أن تقوم – ضمن قواعد محددة – بتقدير حجم المعلومات التي يمكن الإفصاح عنها، وقد تركت هذه المعايير بعض المرونة في التحديد لأسباب تتعلق بالمنافسة، مثلا: تقديم معلومات تجميعية عن الموجودات المتداولة.

- كل ما سبق يبين إلى أي مدى يمكن الوثوق والاعتماد على البيانات المالية التي تقوم بإعدادها وتقديمها إدارة الشركة .

3. تأثير مدقق الحسابات على جودة المعلومات المالية

Auditor’s influence on Information Quality

- ينحصر دور مدقق الحسابات في قياس درجة الموثوقية في المعلومات المالية المقدمة للمستخدمين، وذلك من خلال فحص وتدقيق القوائم المالية وذلك بتقديم رأي بخصوص: هل القوائم المالية معدة وفق GAAP ؟ وهل القوائم المالية معدة وفق أل GAAP على أساس ثابت ؟

- دور مدقق الحسابات: فدور مدقق الحسابات ينحصر في الحد (التقليل) من الضرر الذي قد تلحقه إدارة الشركة في المعلومات المعلنة بسبب رغبتها في تغيير عرض بعض البنود المالية، وهنا يجدر القول أن عمل المدقق لا يلغي الضرر ولكن يقلل منه، لان السلوكيات قد تتمشى مع GAAP ، كما أن المدقق قد يستخدم أسلوب المعاينة في التدقيق وهذا يتمشى مع معايير التدقيق.

- تأثير قواعد وسلوكيات مهنة تدقيق الحسابات: من يضمن تطبيق سلوكيات وقواعد مهنة التدقيق عند قيام المدقق بعمله فيما يتعلق بالاستقلالية في الشكل والمضمون، الموضوعية والأمانة وتسوق المبادئ، الأتعاب والأتعاب المشروطة والعلاقة بلجنة التدقيق، اختيار المدقق والعمولات والضيافة.

- كل ما سبق يبين إلى أي مدى يمكن الوثوق والاعتماد على البيانات المالية التي قام بتدقيقها مدقق الحسابات.

4. مشكلات في قواعد ومعايير المحاسبة ساهمت في المشكلة المالية العالمية

-1- عدم إثبات الالتزامات المستقبلية. فمثلا: قضايا تعويضات مرفوعة على الشركة لصالح موظفين أو زبائن، وتكاليف العلاج والتأمين الصحي لما بعد التقاعد للموظفين لا تظهر في القوائم المالية والسبب: انه لا تتوفر فيها شروط الإثبات .. حسب المعايير المحاسبية حيث تثبت الالتزامات إذا توفر بها الشرطين التاليين معا: (1) أن تكون مؤكدة الحدوث (2) و انه يمكن تقدير قيمتها بمعقولية وموضوعية.

-2- عدم إثبات الخيارات ( (Optionsالمستقبلية. فمثلا: منح الموظفين أو الموظفين الرئيسيين خيار شراء أسهم الشركة بسعر محدد اقل من سعر السوق إذا حققوا شروط معينة، منح المساهمين أو الدائنين خيار شراء أسهم الشركة بسعر محدد اقل من سعر السوق إذا حققت الشركة نتائج معينة، منح المساهمين خيار استبدال أسهم الشركة بسندات دين بسعر محدد في تاريخ محدد، منح الدائنين خيار استبدال سندات دين الشركة باسهم الشركة بسعر محدد وفي تاريخ محدد.

- هذه الخيارات لا تثبت والسبب: انه لا تتوفر فيها شروط الإثبات .. حسب المعايير المحاسبية حيث تثبت العمليات إذا توفر بها الشرطين معا: (1) أن تكون مؤكدة الحدوث .فيما يتعلق بعدد الذين يستخدموا الخيار ، و(2) انه يمكن تقدير قيمتها بمعقولية وموضوعية ... التكلفة التاريخية.

-3- عدم وضع ضوابط ومعالجات محاسبية للأدوات المالية المبتكرة: نذكر منها هنا المشتقات المالية Derivatives Financial مثل العقود المستقبلية، العقود الآجلة، عقود المبادلة. ويرجع السبب في ذلك انه لا تتوفر فيها شروط الإثبات حسب ”مبدأ تحقق الإيراد“، فلا يوجد تحديد دقيق لمتى يتحقق الإيراد وبالتي يجب أن يثبت، هل عند التعاقد، أم عند التسليم، أم عند التحصيل.

-4- عدم وضع ضوابط ومعالجات محاسبية لنية أو تغيير نية الإدارة في أسباب الاستثمار في الأوراق المالية قصيرة الأجل. فمثلا تمتلك الاستثمارات لثلاث أسباب: (1) الاحتفاظ بالاستثمارات بهدف المتاجرة (2) الاحتفاظ بالاستثمارات بهدف البيع (3) الاحتفاظ بالاستثمارات حتى تاريخ الاستثمار.

- فالانحراف عن ”مبدأ التكلفة“ واعتماد ”القيمة العادلة“. في تقويم وإعادة تقويم الاستثمارات قصيرة الأجل مع اخذ نية الإدارة في أسباب الامتلاك له تأثير كبير على قيمة الموجودات والإرباح ، وقيمة حقوق الملكية المفصح عنها.

- فإذا كانت نية الاحتفاظ بالاستثمار لغرض المتاجرة فان أي تغير في القيمة العادلة عن التكلفة التاريخية يؤثر على الأرباح وعلى الموجودات، أما أذا كانت نية الاحتفاظ بالاستثمار لغرض البيع فان أي تغير في القيمة العادلة عن التكلفة التاريخية يؤثر على حقوق الملكية وعلى الموجودات. وكما هو ظاهر فانه لا يوجد ضوابط مالية تمنع إدارة الشركة من أن تستغل تغيير نيتها في الامتلاك للتأثير في أرباح الشركة.

-5- عدم وضع ضوابط ومعالجات محاسبية لحالات التمويل خارج الميزانية. ويتم التمويل خارج الميزانية عن طريق تأسيس شركة صغيرة تقوم بالاقتراض وتكون هذه الشركة الصغيرة SPE مملوكة للشركة الكبيرة التي لا ترغب في ظهور الديون في ميزانيتها، فلا يوجد ضوابط واضحة لمتى تدمج الشركة الصغيرة (نسبة الملكية الملزمة) في القوائم الموحدة للشركة الكبيرة (الأم) (القابضة)، وكيف تفصح عن ذلك في الحالات التي يكون هيكل رأس مال الشركة معقد التركيب.

-6- عدم وضع ضوابط ومعالجات محاسبية لعقود إيجار الموجودات. فيوجد نوعين من عقود الإيجار: (1) عقد الإيجار التشغيلي، و(2) عقد الإيجار التمويلي. عقد الإيجار التشغيلي: يؤثر على الأرباح وعلى الموجودات النقدية المتاحة لاستخدام الشركة، أما عقد الإيجار التمويلي: يؤثر على الموجودات الثابتة وعلى الالتزامات التي تكون على الشركة . فلا توجد ضوابط مالية واضحة في حالة تغير طبيعة عقد الإيجار من عقد تشغيلي إلى تمويلي أو بالعكس لان هناك تأثيرات كبيرة على الأرباح والموجودات والالتزامات تحد من فاعلية وجودة البيانات المقدمة.

-7- مشكلة ملائمة أساس الاستحقاق. تظهر من حين لآخر تساؤلات في مدى ملائمة أساس الاستحقاق كأساس لقياس الأرباح في ظل وجود منتجات وأدوات مالية لا ينطبق عليها هذا الأساس. اضف الى ذلك ظهور مبتكر مالي جديد يتمثل في ”محاسبة التحوط“ Hedging Accounting ، وهل المعايير والقواعد الخاصة بالمحاسبة التقليدية (التكلفة التاريخية) تصلح لهذا النوع من المحاسبات؟ .. سؤال يصعب الإجابة عليه بدقة الآن .

-8- فجوة التوقعات Expectation Gap . يقصد بـ فجوة التوقعات: هي الفجوة بين ما يعتقد جمهور (مستخدمي) المعلومات المحاسبية بما يجب أن يقدمه المحاسبين، وما يعتقد المحاسبين أنفسهم بما يمكنهم فعلا أن يقدموه للمستخدمين، هذه الفجوة في اتساع مستمر ومن الصعب تضييقها .. لماذا ؟ لان هناك عدة مشكلات وتحديات تواجه المحاسبية تحتاج إلى عقود لوضع حلول مناسبة لها وهي: (1) مشكلة قياس العمليات غير النقدية (2) مشكلة قياس المعلومات المستقبلية (3) مشكلة قياس الأصول (الموجودات) الغير ملموسة (4) مشكلة تقديم المعلومات المالية في الوقت المناسب.

مشكلات وتحديات تواجه المحاسبة

Challenges Facing Financial Accounting

1. مشكلة قياس العمليات غير النقدية. تعجز التقارير المالية التي تقدمها المحاسبة عن تضمين بعض مؤشرات قياس أداء المؤسسة فهذه المؤشرات تمثل مكون أساسي في تحديد قيمة المؤسسة وبالتالي سعر السهم الخاص بها ، أمثلة: قيمة رضاء الزبائن ، قيمة المعلومات المتوفرة لاتخاذ قرارات، قيمة رضاء موظفي الشركة، قيمة خسارة الشهرة بسبب مرجع البضاعة. وهذا راجع بالأساس إلى افتراض تقوم عليه المحاسبة ”فرض القياس النقدي“ والذي يبين أن القيم والعمليات التي لا يمكن قياسها بوحدات نقدية بدرجة من الموضوعية يجب تجاهلها وعدم تضمينها بالتقارير المالية.

2. مشكلة قياس العمليات المستقبلية. تعجز التقارير المالية التي تقدمها المحاسبة عن تضمين معلومات مستقبلية فهذا النوع من المعلومات ذات أهمية بالغة للمستثمرين والدائنين الحاليين والمتوقعين، أمثلة: قيمة الموجودات في المستقبل، قيمة الاستثمارات، قيمة الأرباح، قيمة الديون التي يجب تسديدها، قيمة الإيرادات والمكاسب، قيمة المصروفات والخسائر، وهذا راجع بالأساس إلى افتراض تقوم عليه المحاسبة ”مبدأ التكلفة التاريخية“ ، والذي يبين أن الموجودات والمصروفات يجب أن تسجل بتكلفتها يوم شراؤها، ويجب أن تبقى هذه القيمة مسجلة بغض النظر عن التغيرات التي قد تطرأ على قيمة الموجودات خلال الفترات التي تلي الشراء.

3. مشكلة قياس الموجودات غير الملموسة. تعجز التقارير المالية التي تقدمها المحاسبة عن تضمين قيم مالية للأصول غير الملموسة، والذي تمثل قيمتها نسبة كبيرة للعديد من الشركات مقارنة بأصولها الملموسة الأخرى التي تهتم بالإفصاح عنها، أمثلة: قياس الشهرة، الاسم التجاري، العلامة التجارية، قيمة الموظفين الأكفاء، التدريب، حقوق الاختراع، الامتياز، الخ، وهذا راجع بالأساس إلى افتراض تقوم عليه المحاسبة ”فرضية القابلية للقياس وفرضية القابلية للتحقق“، والذي يبين أن الموجودات والمصروفات يجب أن تسجل إذا كان بالإمكان قياسها بموضوعية، وهناك إمكانية للتحقق من صحة القياس.

4. مشكلة تقديم المعلومات المالية في الوقت المناسب. تعجز المحاسبة عن تقديم تقاريرها المالية في الوقت المناسب، فاغلب الشركات تقوم بإعداد تقارير مالية شهرية آو ربع سنوية وقوائم مالية مدققة كل عام، أمثلة: تقارير يومية، تقارير لحظية، تقارير مباشرة، وهذا راجع بالأساس إلى افتراض تقوم عليه المحاسبة ”فرضية دورية أو سنوية القياس“، والذي يبين أن قياس نتائج عمليات الشركة ومركز المالي يجب أن يتم بصفة دورية شهريا أو ربع سنويا وبالطبع سنويا.

رابعا: الأسباب الأخلاقية:

1. عدم قيام رؤساء وأعضاء مجالس الشركات الكبرى بالعمل لمنفعة وصالح الشركات. من خلال العمل على تعظيم أرباح هذه الشركات في الأجل الطويل، ويرجع السبب في ذلك إلى تخوف أعضاء مجالس الشركات من أن تصبح شركاتهم مغرية للشركات الأخرى فتسيطر عليها، وذلك عن طريق شراء حصة كبيرة في أسهمها من السوق، عندها تقوم الشركة المسيطرة Holding Company بعزل أعضاء مجالس الإدارة الحاليين وتعيين أعضاء جدد يكون ولاءهم للشركة المسيطرة، وهذه المشكلة أدت إلى أن تقوم الشركات بزيادة رواتب وحزم التعويضات التي تدفع لرؤساء وأعضاء مجالس إدارات.

2. عدم توفر المعلومات للمستثمرين والدائنين بصورة حيادية. في الوقت المناسب والتحيز في توفيرها إلى فئة مطلعة فقط صاحبة نفوذ Insiders ، مما أدى إلى ضعف أداء أسواق الأموالCapital Markets ؛ البورصات؛ بسبب تحقيق فئة قليلة لأرباح كبيرة وخسارة غالبية المتداولين فيها.

3. استغلال المضاربين في أسواق رأس المال. وذلك يرجع إلى عدم دقة المعلومات المتوفرة للمستثمرين والدائنين، وعدم توفر مصادر موثوقة للمعلومات المالية أدى إلى انتشار الإشاعات والفوضى، مما قلل الثقة في الجهاز الاقتصادي وأدى إلى سرعة انهياره.

4. جهل المتعاملين في الأسواق. وارتفاع تكلفة الحصول على المعلومات الصحيحة، وارتفاع عمولات السماسرة، أضف إلى ذلك ارتفاع الضرائب التي تحصل على صفقات التداول، كل ذلك أدى إلى توجه المستثمرين الصغار للتداول خارج الأسواق مما أدى ضعف الرقابة على التعاملات من قبل SEC.

5. أساليب الترويج الغير أخلاقي لبيع العقارات. فقد كان وكلاء البيع في شركات الرهن العقاري يغرون الناس بالاقتراض عن طريق دفع القسط الأول، ودفعة مقدمة، ثم يكون القسط ثابت وهو ليس كبير على حسب ادعائهم، إلا انه في الحقيقة كانت الأقساط متزايدة بسبب ارتباط الأقساط بمعدلات فائدة متزايدة.

انتهت