Bank Control_ar

نحو مؤسسات عامة رقابية

" المؤسسة الفلسطينية العامة للرقابة على البنوك "

بقلم

عماد إبراهيم أبو شعبان

محاضر بجامعة الأزهر بغزة

صدرت المقالة في جريدة القدس ، بتاريخ 14- 6 - 1994 م

في هذه الأيام ، تطالعنا الصحف كل يوم بإعلانات لبنوك جديدة تفتح فروع لها في الضفة الغربية وقطاع غزة ، وإعلانات لبنوك جمد العمل بها منذ نكسة حزيران تعاود العمل خلال الفترة الحالية ، كما يتردد الحديث في هذه الأيام عن أن البنوك المصرية الحكومية والخاصة تسعى جاهدة لافتتاح فروع لها في مناطق الحكم الذاتي . كما انه تم الاتفاق في الاتفاقية الاقتصادية على أن تعاود البنوك الإسرائيلية الموجودة سابقا للعمل و أن تخضع لشروط وقوانين السلطة الذاتية .

وفي ظل هذه الظروف المحمومة يتبادر إلى ذهن الكثيرين تساؤل عن مدى توفر حماية لودائع المواطنين في هذه البنوك المتنوعة والمتعددة خصوصا وان كارثة بنك الاعتماد والتجارة لازالت عالقة في الأذهان . كما أن غياب بنك مركزي فلسطيني يقوم بالإشراف والرقابة على البنوك أمر غاية في الخطورة إذا ما أخذنا حاجة منطقة الحكم الذاتي لتجميع الأموال الوطنية اللازمة لتحريك عجلة التنمية والبناء . فوجود هذا البنك يساعد في توجيه البنوك التجارية لتحقيق هذه الغاية .

ولا يخفى على احد أهمية وجود بنك مركزي يخضع لامرة الحكومة ، حيث يعتبر البنك المركزي قلب الجهاز المصرفي النابض ، ينظم حركته ويبعث فيه الحياة ، فجميع المنشآت المصرفية الأخرى تدور في النطاق الذي يرسمه لها وفي حدود السياسات التي يقررها .

والبنك المركزي منشأة مصرفية عليا لا تضع الربح في اعتبارها بقدر ما تستهدف تدعيم النظام النقدي ، وبالتالي النظام الاقتصادي ، في الدولة . ونظرا لأهمية هذا الهدف ، فان البنك المركزي يجب أن يكون مملوكا للدولة . وفي البلاد التي لا تكون هذه البنوك مملوكة بكاملها للدولة ، فان الدولة تخضعها لرقابة صارمة منها . الأمر الذي يجعلها منشآت شبه حكومية . هذا ، ولا ينبغي أن يكون بالدولة الواحدة أكثر من بنك مركزي واحد ، فإذا وجد أكثر من بنك استجابة لدواعي تقسيم الدولة إداريا لمقاطعات أو ولايات ذات حكم محلي فلابد من وجود بنك مركزي واحد يهيمن على البنوك المركزية الإقليمية جميعا .

وتتلخص الوظائف التي يقوم بها البنك المركزي ، في خدمة الحكومة وقروضها ، وإصدار أوراق النقد والعمل على استقرار سوق رأس المال ، وتنشيط الاستثمار الأجنبي ، وتحديد سعر الخصم وسعر الفائدة وموازنة سعر الصرف والرقابة على النقد ، وتدعيم النشاط الاقتصادي بصفة عامة ، والإشراف والرقابة على وحدات الجهاز المصرفي .

ويمارس البنك المركزي عددا من الأساليب ، تمكنه من إجراء رقابة فعالة على الائتمان من ناحية وعلى وحدات الجهاز المصرفي من ناحية أخرى .

ففيما يتصل بالائتمان ، يوجد هناك العديد من الوسائل التي يتحكم بها البنك المركزي في كمية الائتمان الذي تمنحه البنوك التجارية . كأتباع سياسة سعر الخصم حيث أن رفع هذا السعر يحد من كمية الائتمان والعكس بالعكس . وسياسة السوق المفتوحة بالرغم من ضعف هذا الأسلوب كوسيلة فعالة للتأثير في الائتمان في بلد لا توجد بها أسواق نقدية ومالية على درجة عالية من الكفاءة والتقدم ورفع نسبة الاحتياطي القانوني بهدف امتصاص جزء من الطاقة التمويلية للبنوك التجارية ، أو خفض تلك النسبة ليحدث العكس ، ورفع أو خفض أسعار فائدة الاقتراض من البنك المركزي أو من البنوك التجارية ووضع حد أقصى لتوظيف أموال البنك في جهات معينة .

أما فيما يتعلق بالرقابة على وحدات الجهاز المصرفي فيمكن القول بأننا حاليا في حاجة إلى مؤسسة عامة للرقابة على أنشطة البنوك يمكن تسميتها " المؤسسة الفلسطينية العامة للرقابة على البنوك " وان اقتراح مشاركة لجنة فلسطينية للبنك المركزي الأردني للقيام بهذه المهمة ليس كافيا لممارسة هذه الرقابة كما أن في هذه الفكرة انتقاص من سلطات الحكم الذاتي الفلسطيني في الإشراف على المؤسسات التي تعمل في نطاق حكمة . هذا بالإضافة لاختلاف طبيعة الاقتصاد الفلسطيني عن الاقتصاد الأردني .

أي أننا في حاجة إلى مؤسسة عامة تضع من السياسات النقدية ما يتمشى مع احتياجات مناطق الحكم الذاتي التنموية من تنشيط للاستثمار الأجنبي ، وتحديد سعر للخصم ، وتحديد سعر للفائدة ، وتضع من السياسات الرقابية بما يمكنها من الإشراف على وحدات الجهاز المصرفي التي تعمل في نطاق سلطاتها .

وفيما يتعلق بدور البنك المركزي الأردني الوصي على اقتصاد منطقة الحكم الذاتي فيمكن القول بان أي سياسة نقدية يضعها البنك المركزي الأردني من المفروض أن تتمشي مع حاجات الأردن أولا ، ثم حاجات منطقة الحكم الذاتي ثانيا ، أما إذا ما تعارضت حاجات اقتصاد مناطق الحكم الذاتي مع حاجات اقتصاد الأردن فيما يتعلق بسياسة نقدية معينة فان السياسة التي تكون في صالح الاقتصاد الأردني هي السياسة التي تعتمد ويكون ذلك جليا فيما يتعلق بتنشيط الاستثمار الأجنبي فتكاد تكون مناطق الحكم الذاتي منافس للأردن فلا يعقل أن تكون السياسة النقدية التي يضعها البنك المركزي الأردني في صالح منطقة الحكم الذاتي

ولا يغرب على بال كل ذي فكر ، بان حاجتنا للبنك المركزي الأردني تتمثل فقط في الحاجة إلى إصدار نقود لحين تمكن سلطتنا الفلسطينية من إصدار عملة وطنية عندما تتوفر الظروف الاقتصادية والسياسية لعمل ذلك . والبنك المركزي الأردني عندما يقوم بإصدار النقود اللازمة للتداول في مناطق الحكم الذاتي يحصل في حقيقة الأمر على ثمن هذه الخدمة في صورة الأرباح التي يحققها من خلال عملية إصدار النقود .

وفيما يتعلق بعملية الإصدار يجب التنسيق بين " المؤسسة الفلسطينية العامة للرقابة على البنوك " والبنك المركزي الأردني ، باعتبار أن العملة الرئيسية التي سوف يتم تداولها في مناطق الحكم الذاتي خلال الفترة المؤقتة قبل إصدار عملة وطنية هي الدينار الأردني . وذلك حماية لمدخرات المواطنين الفلسطينيين . فلا يعقل أن يقدم البنك المركزي الأردني على تخفيض قيمة الدينار لتشجيع الصادرات الأردنية دون الرجوع " للمؤسسة الفلسطينية العامة للرقابة على البنوك " طالما قبلت المؤسسة الفلسطينية والبنك المركزي الأردني أن يكون الدينار الأردني وحدة النقد الرئيسية في مناطق الحكم الذاتي .

وبوجه عام يمكن توجيه النصح للمواطنين الفلسطينيين بان ينوعوا مدخراتهم الشخصية كأن يكون جزء من هذه المدخرات في صورة دينار أردني وجزء آخر في دولار أمريكي وجز ء ثالث في صورة شيكل فهذا يقلل من مخاطر تعرض هذه المدخرات للتآكل عند إقدام إحدى الدول التي تتبعها هذه الوحدات النقدية إلى تخفيض قيمتها .أما عن خدمات البنك المركزي الأردني الأخرى فنحن في غير حاجة لها ويمكن " للمؤسسة الفلسطينية العامة للرقابة على البنوك " أن تقوم بها .

ويمكن تلخيص الوسائل الرقابية والإشرافية التي يمكن ل " المؤسسة الفلسطينية العامة للرقابة على البنوك " في الآتي :

الوسائل الرقابة للمؤسسة:

الرقابة السابق. وتتمثل في المتطلبات القانونية والمالية والإجرائية التي تتطلبها المؤسسة الفلسطينية من جميع البنوك الراغبة في الحصول على ترخيص لمزاولة نشاطها في المناطق التي تخضع للسلطة الوطنية . وقد نصت اتفاقية باريس الاقتصادية على وجود دائرة رقابية تتبع لسلطة النقد تقوم بترخيص البنوك المؤسسة محليا والفروع والشركات التابعة والمشتركة والمكاتب التمثيلية للبنوك الأجنبية والسيطرة على الملكية في أسهم هذه البنوك .

الرقابة المكتبية. ويتم ذلك عن طريق فحص التقارير والبيانات والإحصائيات التي توافي بها وحدات الجهاز المصرفي في المؤسسة الفلسطينية العامة للرقابة على البنوك ، أو البيانات التي قد تتطلبها ذلك منها وتجري عليها من الدراسة والتحليل ما تمكنها من التعرف على حقيقة مراكزها المالية ودرجة الكفاءة التي تمارس بها البنوك وظائفها .

الرقابة الميدانية. ويمكن للمؤسسة الفلسطينية العامة للرقابة على البنوك أن تجريها عن طريق إيفاد مندوبيها للتفتيش على البنوك الخاضعة لإشرافها ، بهدف التأكد من صحة السياسات التوظيفية التي يتبعها البنك التجاري ، ومدى سلامة القروض التي يمنحها من الوجهة المصرفية الفنية .ولا ضير في ذلك من الاستفادة بخبرة البنك المركزي الأردني في ذلك ، وفي هذا السبيل فان من حق مندوب المؤسسة العامة أن يطلع على كافة دفاتر وسجلات البنك التجاري أو البنك المتخصص ، وله أن يطلب أية بيانات أو إيضاحات يراها ضرورية لتحقيق الرقابة الميدانية ، ولا شك أن هذا الأسلوب من أساليب الرقابة يعد إجراء وقائيا يمنع استفحال الأخطاء ويقوم الاعوجاج الذي قد يصيب أعمال البنوك .

الرقابة بالمشاركة. حيث تشترك المؤسسة الفلسطينية العامة مع البنوك التجارية الوطنية في دراسة المشكلات التي تواجه الجهاز المصرفي ، وتتخذ بالاشتراك معها قرارت جماعية تواجه بها تلك المشكلات . الأمر الذي ينمي روح التعاون بين المؤسسة العامة ووحدات الجهاز المصرفي ، ويجعل البنوك تنفذ التوجيهات والقرارات التي تسفر عنها الدراسات المشتركة بروح الرضا والحماس ، ومن أمثلة الوسائل المتبعة في تحقيق هذا التعاون ، أن يكون رؤساء مجالس إدارات بعض البنوك التجارية مشتركون في مجلس إدارة المؤسسة الفلسطينية العامة للرقابة على البنوك .

الرقابة بالتأمين. ويمكن أن تمارس المؤسسة الفلسطينية العامة هذا النوع من الرقابة من خلال الاشتراط عند منح التراخيص للبنوك العربية والأجنبية أن تكون ودائع الفلسطينيين بها مؤمن عليها . كأن تكون لها أولوية عند التصفية أو التعويض في حالة الكوارث والنكبات ، فان من شأن ذلك تدعيم الثقة في النظام المالي وبالتالي زيادة الوعي الادخاري وتشجيع المواطنين على الاحتفاظ بمدخراتهم في البنوك طالما أن هذه الودائع مؤمن عليها ، كل ذلك يؤدي إلى توفير الأموال الوطنية اللازمة للسلطة الوطنية لتحريك دولاب التنمية دون الحاجة إلى الاقتراض من الخارج وتحمل أعباء مالية كثيرة متمثلة في فوائد القروض والتقيد بالشروط الخارجية التي يتطلبها المقرض .

أول : أهمية البنك المركزي :

لا مفر من و جود بنك مركزي لكل دولة من الدول في ظل التطورات الاقتصادية المتعاقبة التي يشهدها العالم المعاصر نظرا لأنه يقوم بالعديد من الوظائف المهمة وأبرزها :

1. إصدار النقود الوطنية : تعتبر النقد الوطني سواء في صورة أوراق بنكنوت أو عملات معدية أو عملات مساعدة رمزا لاستقالات البلاد اقتصاديا .وينظم إصدار النقود وكمياتها وأشكالها وفئاتها قانون خاص يجرى إصداره لهذا الغرض ويخول القانون بجهة معنية بإصدار النقد ،كما يحدد القانون علاقات النقد المصدر بالذهب أو العملات الأجنبية الأخرى ، كما يحدد الغطاء الذي يستخدم في الإصدار حتى يتوفر للنقد المصدر الحماية الكافية من أي تقلب أو مخاطر .

وتعتبر قدرة الدولة على زيادة الإنتاج بمعدلات عالية أساسا كافيا لإصدار كميات النقد الجديدة التي تحتاجها الدولة ، كما تساعد على تحقيق طلب كاف من الدول الأجنبية على العملة الوطنية طالما أن البلد لديه صادرات سلعية متزايدة .البنك المركزي كبنك للدولة 00 الدولة كعميل تعتبر شأنها شأن الشركات والأفراد في حاجة ماسة إلى التعامل مع بنك أو أكثر من البنوك القائمة في أراضيها لغرض إيداع أموالها والسحب منها وقت الحاجة آخذا في الاعتبار أن للحكومات ثقل كبير في هذا الشأن بسبب ضخامة أرصدتها وكبر حجم معاملاتها لأنها تتعلق بكل الإيرادات العامة والنفقات العامة ، وكذلك فان هناك الحسابات الخاصة للدولة مثل الاحتياطي العام ، والنفقات السرية ، والنفقات العسكرية بما في ذلك أرصدة الدولة من العملات الأجنبية وكذلك أرصدتها من الذهب والمعادن النفيسة ، ومن حق الدولة أن تقتصر معاملاتها على جهة واحدة ويفضل أن تكون هذه الجهة بنكا خاصا بها .

الإشراف على عمليات الإقراض والاقتراض : عادة ما تعهد الدولة إلى البنك المركزي للإشراف على عمليات الإقراض والاقتراض التي تبرمها الدولة مع الغير سواء كانت قروضا محلية أو أجنبية ، ويشرف البنك المركزي على متابعة تنفيذ الاتفاقيات المنظمة لهذه القروض بما يكفل تحقيق اكبر استفادة من الأموال المقترضة وكذلك ضمان تحصيل أقساط الأموال المقرضة للغير .

2. تنفيذ السياسة النقدية للدولة : لكل دولة سياستها النقدية التي تضعها من حين لآخر بغرض تحقيق الاستقرار النقدي للبلاد من خلال المحافظة على قيمة العملة مقومة بالعملات المعدنية الثمينة كالذهب والفضة وكذلك تحديد سعر صرفها مقارنة بالوحدات الحسابية الدولية كحقوق السحب الخاصة ، وكذلك تحديد سعر صرفها بالمقارنة بالعملات الصعبة كالدولار والإسترليني ، ولاشك أن ذلك يحقق الثبات النسبي لسعر العملة الوطنية وأسعار السلع النهائية وأسعار الخامات ومستلزمات الإنتاج المحلية والمستوردة كما يساهم في الحد من ارتفاع معدلات التضخم . وللبنك المركزي قدرة كافية وأساليب فعالة في تحقيق هذه الأهداف من خلال مشاركته في رسم السياسة النقدية والإشراف على تنفيذها ومتابعة هذا التنفيذ والرقابة عليه .

3. البنك المركزي كبنك البنوك : يقوم البنك المركزي بتقديم الخدمات المصرفية للبنوك العاملة داخل نطاق سلطته ، ومن ثم يطلق عليه بنك البنوك أو البنك الأم لأنه يتولى احتضان كافة البنوك الوطنية العاملة داخل البلاد وفروعها سواء كانت بنوكا تجارية أو متخصصة وطبيعي فان هناك معاملات يومية تتم بين البنوك المختلفة ويساعد الاحتفاظ بأرصدة دائنة لهذه البنوك لدى البنك المركزي في قيام هذا البنك بأعمال المقاصة خدمة للبنوك وتيسير ا لمعاملاتها . وقد كان الاحتفاظ برصيد كاف لكل بنك من البنوك لدى البنك المركزي عملا اختياريا في الماضي ، غير أن المصلحة العامة اقتضت أن يكون الاحتفاظ برصيد دائم كاحتفاظ قانوني بصورة إجبارية يحدد القانون نسبتها المئوية إلى مجموع الودائع أو إلى قيمة رأس مال البنك التجاري ، كذلك فان البنك المركزي يعتبر الملجأ أو الملاذ الأخير للبنوك الوطنية العاملة حيث تلجأ إليه حينما تغلق أمامها جميع فرص النجاة عند الأزمات الشديدة وفي هذه الحالة لا يتوان البنك المركزي عن تقديم مساعداته للبنك الذي يواجه خطرا كبيرا يعجز عن التغلب عليه بمفرده أو بمساعدة البنوك الأخرى . ولا شك أن هذا التصرف يحقق حماية مباشرة للبنك المتضرر بما في ذلك حملة الأسهم وأصحاب الودائع كما يؤدي ذلك إلى بث الثقة وروح الطمأنينة في النظام النقدي والنظام الاقتصادي بوجه عام .

4. مراقبة الائتمان كما ونوعا وتوجيهه وجهة تتفق مع السياسة النقدية المرغوب فيها .

ثانيا : التطورات الاقتصادية الراهنة :

هناك نشاط مصرفي متنوع تطلع به البنوك التجارية في الأراضي الفلسطينية لتلبية احتياجات الأفراد والمؤسسات ، وإذا كانت هناك حاجة ماسة في الماضي إلى وجود النشاط المصرفي في ظل الاحتلال فان الحاجة ماسة أكثر إلى التوسع في هذا النشاط في الفترة الانتقالية وفي المرحلة النهائية المستقبلية للأراضي الفلسطينية . وهناك في الوقت الحاضر توجه نحو التوسع في فروع البنوك القائمة مثل بنك فلسطين في قطاع غزة أو التوسع في مجال زيادة فروع البنوك العربية العاملة في الأراضي الفلسطينية مثل بنك القاهرة- عمان التي استأنفت بعض فروعه أعمالها في السنوات الأخيرة في الضفة الغربية ،كذلك فمن المتوقع أن يباشر البنك العربي المحدود ممارسة نشاطه من خلال إعادة افتتاح فروعه في الضفة الغربية وقطاع غزة ، وذلك إضافة إلى فروع البنوك المختلفة التي كانت تعمل حتى عام 1967م .

ونظرا لان المرحلة الحالية من المتوقع أن تشهد توسعا اقتصاديا ملحوظا في وقت قريب جدا فان التنافس قائم بين العديد من البنوك الأجنبية والعربية للتفكير في مزاولة نشاطها في الأراضي الفلسطينية ، وكذلك هناك توجه من قبل رجال الأعمال الفلسطينيين لإنشاء بنوك جديدة بما في ذلك بنوك إسلامية مما يعني أن المنطقة ستشهد توسعا مصرفيا كبيرا وان هذه المصارف ستشارك في مختلف الأنشطة التجارية بصورة أساسية وكذلك الأنشطة الزراعية والصناعية وفقا لنشاط هذه البنوك ، ومن ثم فان المتعاملين فيها سيشهدون شرائح متعددة من المجتمع بدأ بأجهزة السلطة الوطنية وانتهاء بالمواطنين .

ثالثا : مدى الحاجة إلى قيام بنك مركزي فلسطيني

على ضوء ما تم استعراضه من وظائف متعددة للبنك المركزي لأي دولة من الدول بوجه عام ، وعلى ضوء التوسع في النشاط المصرفي المرتقب في الأراضي الفلسطينية ، فانه يستنتج بان الحاجة تبدو ملحة للغاية لوجود مؤسسة مصرفية فلسطينية لها اختصاصات البنك المركزي . وذلك كنواة لقيام بنك مركزي في اقرب فرصة ممكنة ، وإذا كانت طبيعة المرحلة الحالية قد اقتضت أن يمارس البنك المركزي الأردني دورا ما في هذا الشأن من خلال لجنة فلسطينية أردنية مشتركة فإنني اعتقد أن هذا الإجراء يمثل مرحلة انتقالية مؤقتة ، يقوم خلالها البنك المركزي الأردني ببعض المهام الأساسية المرتبطة باعتماد الدينار كأحد العملات الرئيسية في الأراضي الفلسطينية ، ومع ذلك فان إقامة مؤسسة مصرفية فلسطينية ذات اختصاصات مركزية تقوم بالمهام الأخرى للبنك المركزي من داخل البلاد وتعتبر ذات أهمية كبيرة وملحة من حيث سرعة إقامتها وتحديد اختصاصاتها حتى تنجح في القيام بها بوقت مبكر .

@