دوام الحال من المحال

لا أذكر صاحبها This too shall pass مترجمة عن قصة بعنوان


في سالف الأزمان عاش ملك من ملوك العجم نـُقشت على خاتمه الملكي عبارة كانت بمثابة مذكـّر دائم له وتصلح لكل الظروف والأحوال التي تمر على الإنسان ويمر بها. تلك العبارة كانت عبارة عن أربع كلمات هي: (دوام الحال من المحال!) وكانت قوافل الجمال تأتي له عبر الصحاري الرملية الشاسعة بالجواهر والدرر من سمرقند والسفن تمخر عباب البحار لتجلب له اللؤلؤ المكنون لكنه لم يلق بالاً لتلك المجلوبات الثمينة بل كان يقول عند النظر إليها: "ما قيمة الثراء ودوام الحال من المحال؟"

وفي بلاطه المهيب كانت الأفراح تتواصل ليل نهار

وعندما كان زائروه يغدقون عبارات الإعجاب دون حساب

وتلتهب أكفهم من شدة التصفيق

كان يقول لهم وسط صواني الفاكهة وأباريق الخمر:

"يا صحبي الكرام، المباهج تأتي لكنها لا تلازمنا أبدا لأن

دوام الحال من المحال"

وذات يوم بينما كان يحارب الأعداء في معركة حامية الوطيس

اخترق رمحٌ ترسَه وأصابه في خاصرته

فهرع إليه الجنود وحملوه إلى خيمته

وقد علت أصواتهم بالتفجع والنحيب،

وإذ كان يئن ويتألم من الجرح الدامي صاح قائلا:

"ما أصعب تحمّل الألم! ولكن مع الصبر الجميل ستزول الشدة لأن

دوام الحال من المحال."

أما تمثاله المصنوع من الحجر فقد كان يزين الساحة العامة

ويرتفع شامخاً في الفضاء.

وذات يوم تخفـّى الملك ووقف بجانب إسمه المنحوت على الصخر

وقال متأملاً:

"ما قيمة الشهرة وهي ستتلاشى مع الأيام

إذ دوام الحال من المحال؟!"

وعندما بلغ من العمر عتياً أصيب بالشلل وأصبح جسمه مهدوداً متهدما

فراح ينتظر فراقه في أية لحظة. وبينما كان يلفظ أنفاسه الأخيرة قال:

"لقد انتهت الحياة بالنسبة لي، إنما ما هو الموت؟"

وفي تلك اللحظة سقط شعاع الشمس على خاتمه

فظهرت العبارة التي اتخذها شعارا له في الحياة

وأدرك أن الموت أيضا لا دوام له لأن

دوام الحال من المحال!

والسلام عليكم

ترجمة: محمود عباس مسعود