موسيقى الأغاني

موسيقى الأغاني ليست بالضبط ألحان الأغاني، وإنما ما قد يأتي من موسيقى غير مصحوبة بالغناء في مسار الأغنية كالمقدمة والفواصل بين المقاطع. وتسمى الفواصل الموسيقية عادة باللزم، جمع لازمة، وعادة تكون تمهيدا للغناء في مقطع جديد من مقام أو ميزان مختلف

تطورت مقدمات الأغاني كثيرا عن الماضي، واتخذت أشكالا متعددة في مراحل تطورها المختلفة

في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين تم استخدام أشكال الموسيقى البحتة المختلفة كتمهيد يقدم للأغاني من نفس المقام الموسيقي (السلم)، كالبشرف والسماعي والتحميلة والتقاسيم. وكان العرض الغنائي الأساسي هو "الدور" المعروف بطول زمنه

في القرن العشرين ومع انتشار أنواع الغناء القصيرة كالطقاطيق والأغنية الحديثة استحدث شكل جديد من أشكال الموسيقى لخدمة الأغنية تحت اسم "المقدمة" يفي بنفس الغرض لكن أقصر زمنا ليتناسب مع قصر المادة الغنائية

بداية من الأربعينات، ومع ظهور الأغنية الحديثة والطويلة، أخذت المقدمات في النمو والتعقيد وأصبحت تؤدى أحيانا بفرق أوركسترالية ضخمة، واستخدم هذا الشكل كل من محمد عبد الوهاب، محمد القصبجي، رياض السنباطي، وفريدالأطرش، خاصة في الأعمال السينمائية

في الستينات من القرن العشرين أصبحت المقدمات فنا بذاته، رغم أنها لم تنفصل عن الأغاني، فقد بدأ دخول محمد عبد الوهاب ساحة أم كلثوم عام 1964 بمقدمة أغنية "إنت عمري" فصلا جديدا في فن المقدمات، حيث طلب الجمهور لأول مرة إعادة الاستماع إلى المقدمة الموسيقية بينما اضطرت كوكب الشرق للانتظار. وبهذا تم الإعلان عن مولد فن جديد

وفضلا عن شغف الجمهور بالموسيقى الجديدة كعمل مستقل تقريبا، أشعل ذلك الموقف التنافس بين الملحنين في المقدمات، ودخل في السباق كل من بليغ حمدي ورياض السنباطي مع ألحان أم كلثوم، ومحمد الموجي وكمال الطويل مع عبد الحليم

استمر التنافس والسباق بنجاح كبير في فن المقدمة، كما حاول ملحنون آخرون اللحاق به، لكنه انتهى تقريبا بوفاة الاثنين الكبار أم كلثوم وعبد الحليم في 1975 و1977 على التوالي

عادت المقدمة إلى الانكماش في الثمانينات واستمر انكماشها بعد زوال سيطرة الأغنية الطويلة على الساحة وعودة الأغاني القصيرة إلى الصدارة

في أواخر سبعينات القرن العشرين ظهرت موسيقى الأغاني بشكل مختلف حين قام بعض الموسيقيين بإصدار نسخ موسيقية من ألحان الأغاني الكاملة، اعتمادا على آلة رئيسية يعزفها عازف ماهر كالبيانو أو الكمان أو العود وأحيانا الساكسفون، وغالبا بمصاحبة الأوركسترا. وبحيث تؤدي الآلة المختارة دور المطرب. واختار الموسيقيون أغاني المطربين الكبار لأدائها بهذا الشكل مما ساهم في انتشار هذا النوع من الموسيقى بسبب شهرة الأغاني نفسها وإقبال شركات الإنتاج على تمويله. استمر هذا التيار بنجاح حتى نهاية القرن العشرين لكنه بدأ في الانحسار في القرن الواحد والعشرين

شذ عن كل ذلك الفنان سيد درويش بفوارق جوهرية، فرغم أنه لم يكتب مقدمات أغاني ولا لزم موسيقية إلا في النادر وفي أضيق الحدود، إلا أن ألحانه المسرحية اختلفت عن ألحان الآخرين، وعن ألحانه هو نفسه في الأدوار، في أنها لم توضع بقصد الطرب كأغان فردية يغنيها مطرب ما، وإنما هي ألحان تعبيرية تنتمي أساسا إلى المسرح والدراما، وهي في أغلبها ألحان تؤديها مجموعات غنائية، الغرض منها تكوين لوحة تعبيرية. وأضاف اعتمادها على الأوركسترا المسرحي في الأساس إلى صلاحيتها ومناسبتها لأن تكون أعمالا موسيقية بحتة ومستقلة، وبالفعل أصبحت كذلك وقدمت لاحقا كموسيقى