حيــاتي - موسيقى محمد عبد الوهاب

مقام نوا أثر 1962 - تحليل موسيقي / د. أسامة عفيفي

موسيقى حياتي - محمد عبد الوهاب.wmv

ألف عبد الوهاب موسيقى "حياتي" في مطلع الستينات من القرن العشرين وهي بحق إحدى روائع موسيقاه

أتبع عبد الوهاب موسيقى حياتي بموسيقى أخرى من نفس الطراز الشيق هي موسيقى الخيام، وكانت تجربة أفضل من سابقتها ونجحت نجاحا منقطع النظير ولدرجة أن كثيرين يعتقدون أنها أروع ما صنع عبد الوهاب من موسيقى

ملامــح خاصة

هناك ملامح خاصة لهذه الموسيقى كلها جديدة على الموسيقى العربية

1. التوزيع الأوركسترالي، وقد استخدم بفاعلية مؤثرة إلى حد الإبهار

2. إيقاع فائق السرعة مع استخدام آلات إيقاعية جديدة واشتراك الآلات النغمية في تفصيلات الإيقاع

3. استخدام آلات جديدة خاصة الآلات النحاسية والفلوت

4. عدم "التسليم" أو بمعنى آخر عدم العودة إلى البداية ، والمقطوعة تنتهي فعلا بالجزء الثاني في مقامه بما ينسينا تماما جو البداية

5. رفع درجة الركوز قبل النهاية نصف درجة للأعلى لتنشيط السلم وإنهاء الموسيقى على السلم الجديد الذي يغير جميع النوت والدرجات التي تم الاستماع إليها مع الاحتفاظ بالأبعاد واللحن. وهو أسلوب لا تعرفه الموسيقى الشرقية التي تميل إلى تركيز المقامات إلى حد "السلطنة"

6. جودة الإنتاج الآن من أهم عناصر العمل الفني ، وعناصر الإنتاج كثيرة جدا ، ولننظر ماذا كان يفعل عبد الوهاب ليضيف جودة أعلى إلى موسيقاه التي لا يمكن بأي حال أن تقدم بشكل فخم كهذا معتمدة على اللحن وحده أو على آلة العود أو حتى تخت شرقي كامل مثل فرقة أم كلثوم. هناك عناصر جودة جديدة يضيفها عبد الوهاب فيما يمكن أن نسميه "الإخراج الموسيقي". فبالإضافة إلى استخدام الأوركسترا الحديث الذي يضم أمهر العازفين بدل التخت الشرقي ، والتوزيع الموسيقي بدل المونوتون، هناك أيضا إمكانيات استديو التسجيل والأجهزة وكفاءة الهندسة الصوتية ، وهي عناصر اجتمعت لتقدم هذا العمل الفني في هذه الصورة البديعة

7. التسويق لهذه الموسيقى الجديدة على المسامع لكي يستعد لاستقبالها الجمهور كان شيئا صعبا خاصة أنها خلت من صوت عبد الوهاب، لكن الظروف خدمته في ذلك فقد قدمت هذه الموسيقى لأول مرة في الإذاعة المصرية كشعار أو تيتر لمسلسل "حياتي" الذى يحكي قصة حياة محمد عبد الوهاب نفسه وكيف بدأ طفلا هاويا في حي باب الشعرية الشعبي إلى أن قابل أمير الشعراء أحمد شوقي وحكايات كثيرة عن مشوار حياته ورحلاته إلى البلاد العربية. استمر إذاعة الحلقات شهرا كاملا التف الناس خلاله حول أجهزة الراديو يستمعون إلى حكايات عبد الوهاب. ولكن الحلقات كانت مغلفة بشيء جديد هو موسيقى "حياتي" التي اختلفت كليا عما كان يصنعه عبد الوهاب من موسيقى قبل ذلك وأي موسيقي عربي آخر. بنهاية الشهر كانت كل أذن قد اعتادت الموسيقى الجديدة بل أحبتها وانتظرت سماعها

بهذه العناصر فإن عبد الوهاب يجدد نفسه أولا بهذه الاتجاهات الجديدة على الموسيقى العربية. وهنا يجب الإشارة إلى دور الموزع الموسيقي ، فإن عبد الوهاب لم يقم بتوزيع موسيقاه بنفسه وانما ترك ذلك لأهل الخبرة. وأقربهم إليه كان المايسترو اليوناني أندريا رايدر الذي أقام في مصر في ذلك الوقت وذاع صيته كموسيقي خاصة في الموسيقى التصويرية للسينما، وأشركه عبد الوهاب في تطوير أعمال كثيرة. وهكذا كان يفعل سيد درويش أيضا فكان يسلم موسيقاه إلى سنيور كاسيو المايسترو الإيطالي ليقوم بتوزيع موسيقاه خاصة المسرحية منها. وهذه الموسيقى "حياتي" بالإضافة إلى موسيقى "الخيام" من توزيع الموسيقار الفرنسي الشهير "فرانك بورسيل"

ملامــح عامة

1. تتألف الموسيقى من مقطعين أساسيين:

- الأول على مقام شرقي أصيل هو مقام النوا أثر ، وهو وإن خلا من ربع التون لا يستخدم في الموسيقى الغربية

- الثاني مؤلف على مقام الماجير

2. يشترك المقامان في الركوز على درجة النوا (صول) ، وهي ليست الركوز الأصلي (الراست - دو) وبذلك يكون المقامان مصورين أي تم نقلهما أو تصويرهما إلى غير مكانهما مع الاحتفاظ بالأبعاد الأصلية

3. استخدم المؤلف لتغيير المقام (السلم الموسيقي) أسلوب البناء على نفس درجة الركوز بدل أسلوب الاشتقاق الذي يبحث عن درجة أخرى في نفس السلم تصلح أساسا للمقام الجديد. يترتب على ذلك شعور السامع بالمفاجأة التامة حيث يتم تغيير السلم كليا في الحالة الأولى بينما في حالة الاشتقاق هناك تدرج انسيابي ومنطقي من مقام إلى مقام

4. بساطة الجمل الموسيقية: خلت الجمل اللحنية من التعقيد لكنها احتملت أبعادا جديدة بإضافة التوزيع الهارموني

5. مدة العمل دقيقتان ونصف تقريبا