4- الحب الصادق

Post date: Nov 9, 2016 10:23:29 AM

دردشة حول السعادة 4

يعتبر الحب الصادق من أهم مصادر السعادة، والأشخاص الذين يتبادلون مشاعر الحب يكونون سعداء على الأرجح. والحب يوفر الأمان والحماية لمن يستقبل الحب ويكون ذلك حافزا مهما للحياة السعيدة. والذي يستقبل الحب يعطي الحب دائما وليس العكس صحيح دائما. فالذي يمنح الحب لشخص ما ليس بالضرورة أن يحصل على حبه، فقد يمنح الوالد حبه لولده وفي المقابل لا يحصل على نفس القدر من الحب من ابنه، في هذه العلاقة يكون الولد سعيدا ولكن الوالد ليس بالضرورة أن يكون كذلك.

قد يعتقد بعض الناس أنهم غير محبوبين أو مرغوب فيهم ويعود هذا الإعتقاد الى فقدان الثقة في النفس نتيجة لسوء حظ مبكر. فكثير من الأشخاص الذين لا يحصلون على حب في بداية حياتهم تتحول حياتهم الى تعاسة في مقتبل العمر. ويستميت الشخص الذي حرم من الحب مبكرا في أن يحصل عليه من الناس في الكبر، وسيكون ذلك أمر صعب المنال مالم يقدم حبا صادقا، فالذي يتبرع بأمواله مثلا يتوقع حب الناس له ويدهشه عدم اهتمام الذين تبرع لهم، وهو في ذلك لا يدرك أن الحب أغلى من الأموال التي ينفقها. فالناس قد يمنحوا حبهم واعجابهم لمن أسعدهم وأدخل البهجة الى قلوبهم، قد يموتون حبا في لاعب كرة قدم أو ممثل أو مطرب أو شخصية مرحة ولكنهم في حالات كثيرة لا يمنحون حبهم لمن تبرع لهم، وبدلا من الحب قد يكون الشكر أعلى المكافأة.

ويعتبر الحب المتبادل ما بين أب وابنه أو زوج وزوجة أو شاب وفتاة رافدا مهما للسعادة، وأقصد هنا نوع الحب الذي يكون صادقا من الطرفين.

يحدث كثيرا أن يكون الحب المتبادل متوهما، ويكون في الحقيقة من طرف واحد. قد يحدث مثلا أن يتعرف شخص فقير على رفقة من طبقة غنية في الجامعة أو العمل، يمكن أن يقضوا معا أياما سعيدة فيعطيهم حبا خالصا ويمنحوه حبا واهما، قد يظنون أنهم يحبونه ولكن ما يحدث في أحيان كثيرة أن تنتهي هذه العلاقة بكارثة على الشخص المحب، يمضون في حياتهم ويدعوه وحيدا، قد يتباهى برفقته لاغنياء وأشخاص مهمين وعندما يتركونه فان أقل ما سيجده هو سخرية المجتمع المحيط به من خذلان أصحابه الذين راهن عليهم كثيرا.

قد يدور بخلد أحدكم تساؤلا عن ماهية الحب، هل هو شعور وأحاسيس أم التزام وسلوك، فحبنا لله أو الرسول أو الوالدين أو حبنا لبعضنا البعض لابد وأن يحتوي على عاطفة وحماية وحقوق وواجبات وسلوك. فمن يمنح الحب عليه أن يلتزم بحمايته ورعايته فمن يحب ابنه مثلا لابد وأن يبذل الكثير من اجل تربيته واسعاده. قد يكون ما يستلزم الحب اقوى الأدلة على صدق الحب من مشاعر الحب نفسها.

ليس هناك أجمل من أن يحصل أحدنا على رفقاء محبين له يتفقدونه دائما ويحبون مجالسته ويرتاحون الى حديثه، وهذا من اعظم مصادر السعادة، وما يميز هذا النوع من السعادة ديمومته واستمراره.

الحب المتبادل أنواعه كثيرة وعلينا معرفة صدق حب الأخرين لنا، يمكننا معرفة ذلك، ولكن من الصعب معرفة صدق حبنا للأخرين. هل سأل أحدكم نفسه هل يحب أباه أو أبنه أو زوجته حقا هل يحبهم أكثر أم أصدقاءه المقربين؟ هل للحب علامات لنتعرف على صدق وقدر حبنا لمن نحب أم أن هناك أنواعا من الحب لكل واحد منها خصائصه.؟

قد يظن الوالد أنه يحب ابنه ولكنه في الوقت ذاته يقسو عليه ولا يحب التحدث معه ولا يعرف الكثير عن حياته ابنه ولا يحضنه، في هذه الحالة هل يسمى ذلك حبا صادقا، هذا الامر يعود بنا الى اعتبار الحب كمشاعر والتزام بالحماية، فالحب الصادق يوفر الامان والسعادة.

وفي الاخير أود أن أذكر أن الحب قد يتداخل في حالات معينة مع قيم أخرى كالوفاء والحنان والبر وغيرها ولكن الأكيد أن الحب لا يمكنه أن يتداخل مع الحقد والحسد والكره والاقصاء.

حسن مريدي