2- حنان الوالدين

Post date: Nov 9, 2016 10:27:59 AM

دردشة حول السعادة 2

لا يمكن الحديث عن السعادة دون ذكر أثر حنان الوالدين والمجتمع على سعادة الفرد. فالشخص الذي يتحصل على حنان كاف من الوالدين هو شخص محظوظ للغاية، فالحب والحنان يوفران الأمان، وعندما يشعر الشخص بالأمان سينطلق الى الحياة ويغامر دونما خوف أو خجل، سيكتشف الحياة وستكون حياته مغامرة مثيرة، وبالتالي سيكون على الأرجح سعيدا.

وعلى النقيض من ذلك اذا لم يتحصل شخص ما على حنان الوالدين ودفء احضانهما فسيشعر بعدم الامان، سيتملكه الخجل وسيفقد ثقته بنفسه، وحينها سيرى نفسه منبوذا ومحروما وتعيسا، وسيسبب له ذلك الاكتئاب والقلق. واضافة لذلك لن يغامر في الحياة ولن يعاشر الناس أو ستكون علاقاته الاجتماعية ضعيفة وذلك لظنه بأنه شخص غير مرغوب فيه. ولذلك أثر في المستقبل لا محاله فاما أنه سيكون ضعيف الشخصية لا يثق في نفسه واظن أن غالبية محرومي الحنان سيكونون كذلك، بينما سيتجه قلة من هؤلاء المحرومين الى التطرف والانتقام من الوالدين بعدم احترامهم في كبرهم أو الانتقام من المجتمع كله. وفي كل الحالات سيعاني كثيرا من حرم حنان الوالدين او من نال قسوة من أحد والديه. وأظن أنه قد يخفف من الاثار السلبية لحرمان حب وعاطفة الأبوين أن يتحصل الشخص على حنان من المجتمع المحيط به أو من أشخاص بعينهم وذلك أمر قليل الحدوث. ومن يتعرضون لقسوة أحد الوالدين أو المجتمع سيكون حصولهم على السعادة أمرا مكلفا وشاقا ويستلزم ثورة ثقافية واجتماعية على النفس واحباطها وتعاستها وسيكون عليه تعزيز الثقة والاعتزاز بنفسه، وسيكون من المفيد له الابتعاد لفترة من الزمن عن من تسبب له في القسوة والحرمان من الحنان حتى ولو كان أحد الوالدين.

يظن أغلب الاباء أن أبناءهم هم حق لهم ولا يدركون أن الابناء كيان مستقل تربطهم بهم رابطة ابوية لها حدود في الحقوق والواجبات. وهذا الظن يسبب غالبا القسوة عند الاباء وقد تصل الى الكره والاقصاء في حالات متطرفة.

ندرك تماما أن حرمان حب العائلة أو أحد أفرادها الرئيسيين أمر جبري للابن المحروم وليس له تغييره أو اختياره ولذلك سيكون حظه تعيسا وسيكون جلبه للسعادة أمر صعب للغاية، وسيحتاج الضحية الى اصرار وثورة على وضعه المشئوم من أجل الحصول على السعادة.

ولا يمكن هنا ان نختم موضوعنا دون ذكر اليتيم الذي بحاجة ماسة الى حنان المجتمع المحيط به.

وأود هنا أن أذكر أن من يتعرض لقسوة الوالدين قد يكون حاله أسوأ من اليتيم لأن والديه موجودان وبخلا عليه بالحب الذي بمقدورهما منحه اياه.

في المجتمع اليمني مثلا قابلت شبابا كثر في الاونة الاخيرة وسألت كثيرا منهم عن حنان الوالدين فتفاجأت أن أغلبهم لا يحصل على حضن من أبيه و أمه الا في يوم العيد وأحسنهم حظا من يصافحه أبوه يوم الجمعة.

وأود القول هنا أن الابناء بحاجة الى الحب والحنان وبحاجة الى الابتسامة دائما والحضن والتقبيل أحيانا لتشعرهم بالحب والأمان، وكذلك الطلاب بحاجة ماسة الى حنان المدرسين والذي سيكون مفيدا جدا لتشجعيهم وزيادة الثقة بانفسهم، والفقراء بحاجة الى حنان الاغنياء كذلك ولا أريد أن أستطرد في الموضوع لكي لا يطول. ولذلك فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر.

حسن مريدي