الباب الثاني:
الفصل الاول:
تكمن وراء كل بحث دوافع ذاتية وموضوعية. فالدافع الأول هو رغبتنا في الكتابة والقيام بهذه الدراسة ، التي برزت كحاجة للتعبير عن الذات والقـيام بعمل شخصي يكون بعيدا عن تكرار تجارب الغير أو لإرضاء القـراء ؛ ولنتمرد على الاستمرار في إرضاء الآخرين .لأننا طيلة حياتنا عملنا على إرضاء الآباء والأساتذة في المدرسة والرؤساء والزملاء في العمل ، وبعدهم إرضاء أبنائنا وبناتنا ، والدائرة كانت تزيد اتساعا.
ولتكون هذه تجربتنا نكشف من خلالها اختلافـنا مع الآخر ، وما ظهر وما بطن من أسرار الواقع المعيش.
والدافع الثاني انبثــق من اطلاعنا على بعض تجليات المكان والزمان الذي ترعرعنا فيه ، وبعد أن توفرت لدينا حول الموضوع عدة ملاحظات من خلال تنقلاتنا وأسفارنا ومقابلاتنا واستجواباتنا واستماعنا لمختلف حكايات وروايات الناس ، والاستقصاء عن ماضيهم وقـدراتهم ونقط ضعفهم وآمالهم .
كل هذا دفعننا إلى البحث في خبايا تلك الطريقة المعتمدة منذ أمد بعيد في كيفية تدبير مياه الري بوسطنا القروي ، وبالتالي التعرف على مختلف المراحل التي يقوم فيها الفلاح بتصريف أعماله اليومية وخاصة تلك المتعلقة بماء السقي.
هذه الأسباب التي ذكرناها كانت لنا بمثابة دوافع أساسية لإنجاز هذا العمل المتواضع والذي نتمنى أن يساهم في توضيح الطريق أمام المهتمين بتدبير الماء.
لا شك أن طرق الري بالمغرب عرفت عدة نماذج ، سواء التمسك بالقديم الموروث أو التكيف مع الجديد والظروف الطارئة يوميا. رغم قيام الجهات المسؤولة بحملات تحسيسية للمواطنين ليستثمروا جهودهم على أحسن وجه ، فإن الواقع الميداني لتدبير مياه السقي بالوسط القروي تصادفه عدة مشاكل تعـيق المستفيدين عند قيامهم بمهامهم اليومية والروتينية. فما هي، إذا ، الصعوبات التي تعترض تدبير عمليات الري بجماعـتنا؟
وللإجابة على هذا التساؤل سنقوم بدراسة هذه الظاهرة لملامسة الموضوع التالي:
" تدبير ماء الري في الوسط القروي، مياه وادي تارقرق – فرع عزابة نموذجا"
تماشيا مع تصورنا للمشكل العام الذي حددناه للدراسة تم طرح الفرضيات التالية :
* الفرضية الأولى :المستفيدون متمسكون بالكيفية التي قسم بها الماء قديما.
*الفرضية الثانية : الصيانة الدورية للسواقي وتدخل بعض الجمعيات في تهيئتها يضمن استمرارية الاستفادة من مياه الري بشكل طبيعي.
*الفرضية الثالثة : تجارب الأجداد في تصريف "نوبات السقي "لا زالت قائمة وصالحة إلى أطول فترة زمنية قادمة .
* الفرضية الرابعة : فتح آفاق جديدة أمام الخواص والمستثمرين الجدد من أجل تطوير القطاع الفلاحي في الجماعة .
*الفرضية الخامسة: تدخل الجهات المسؤولة في تدبير الطلب المتزايد على الماء( من قبل غير الملاكين) مع تحريك المساطر القانونية، إن عجز العرف، في فض النزاعات المحدثة بين المتقاضين.
مراعاة لطبيعة هذه الظاهرة وما تقتضيه من استخلاص المعطيات ، اعتمدت فيها الأدوات المعروفة : الاستمارة – المقابلة – والملاحظات المكتوبة .
1:الاستمارة :
وتضم المحاور التالية :
المحور الأول: الاهتمام بكيفية تقسيم الماء بين المستفيدين والمرجعية القانونية لذلك : تعد الحصص والمستفيدين – حق الملك العمومي – الجريدة الرسمية رقم 2396 بتاريخ26/09/1958
المحور الثاني :الصيانة الدورية للسواقي وتدخل الجمعيات : دور الأشخاص والجمعيات في الصيانة وبناء السواقي – مصادر المياه الموازية.
المحور الثالث: تجارب الأجداد صالحة في تصريف "نوبات السقي " : مدى اللجوء إلى دليل النجوم والنار المشتعلة ليلا- دور الزوايا.
المحور الرابع: عناصر جديدة في تطوير القطاع الفلاحي في الجماعة: تزايد مساحة الأراضي المسقية –الوسائل العصرية –مستقبل ماء الري – الاستغناء عن مياه السقي في الفصول الممطرة.
المحور الخامس والأخير: تدخل الجهات المسؤولة في تدبير الطلب على الماء وطريقة فض النزاعات:الطلب على الماء – الجهات المسؤولة – فض النزاعات.
2: المقابلة : أجريتها مع عينة البحث نفسها الهدف منها خلق تكامل بينها وبين الاستمارة ، وإعطاء صبغة من الموضوعية في الحصول على المعطيات المتعلقة بمياه الري بالجماعة.
3: الملاحظات المكتوبة: لتوضيح بعض التساؤلات اعتمدت على الملاحظات المدونة من طرف المستفتين بأسفل الاستمارة.
هذه الوسائل مكنتني من تجميع هذا العمل المتواضع، الذي صغته بطريقتي الخاصة رغم أنها لا تتوفر على وضوح علمي يساعد وضع منهجية لتبسيط طرق الري بالجماعة ضمن تصور شامل يهدف إلى رفع أي لبس أو غموض يشوب عمليات السقي بالجماعة؛ ولكن رغم ذلك قد تقدم معلومات مفيدة عن أشياء لا يمكن وضع اليد عليها بشكل مباشر.
تمثلت هذه الصعوبات فيما يلي :الحصول على الوثائق والمستندات لقلتها ؛ القيام بالمهام الأسرية اليومية وكذلك إعداد التقرير الميداني ... ولكن استطعت تدارك بعض الهفوات والاقتصار على ما هو ملموس وفي المتناول.
للتحقق من الفرضيات المقدمة في البحث عمدت إلى اختيار عشرين فردا من أبناء الجماعة وأغلبهم لهم نصيب في إحدى نوبات السقي ، ومنهم كذلك من يتصرف دوريا في إحداهن أو منفتح على مناقشة موضوع البحث.
- تَدْبير لغة: دَبَّرَ (فعل) .
دبَّرَ يُدبِّر ، تَدْبيرًا ، فهو مُدَبِّر ، والمفعول مُدَبَّر - للمتعدِّي .
دَبَّرَ أُمُورَهُ : فَكَّرَ فِيهَا وَخَطَّطَ لَهَا ، سَاسَهَا يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ: " يصرِّف العوالم كلَّها بقدرته وحكمته ".
- ماء : سائل لا لون له ولا رائحة ، مركب من الأوكسجين والهيدروجين ، أصله " موه "، جمع : مياه وأمواه .
- الرّي أو السّقي: رِيُّ الشَّجَرِ : اِرْتِواؤُها أو سقَى النباتَ / الأرضَ / الحيوانَ ، : أرواه.
السِّقْيُ : ما يُسْقَى من أَرض أَو زرعٍ .
ويقال : زَرْعٌ سِقْيٌ : يَرْوَى من غير الأمطارِ .
وزارة الرَّيّ : الوزارة المسؤولة عن تأمين المياه للزراعة والشرب.
- بالوَسَط : الوَسَطُ : مجالُ الشيء وبيئتُه ؛
- القَرَوي: القَرَوِيُّ - قَرَوِيُّ : القَرَوِيُّ : المنسوبُ إِلى القرية .
- وادي: وادي : (الجغرافيا ) منفرج بين جبال أو تِلال أو آكام يكون منفذًا للسَّيْل ومسلكًا ، وقد يكون ضَحْلاً أو عميقًا أو ضيِّقًا أو واسعًا ، ويحوي عادة مجرى مائيًّا وادي النِّيل شريان الحياة لمصر، ( أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ) ( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ .
تارقراق: الرَّقْرَاقُ من الأَشياءِ : ما يتلأْلأُ.تارقراق : أضيف حرف التاء من طرف السكان الناطقين باللغة الأمازيغية للنبع الحامل لإسم عين تارقراق، مزدغة الجرف ، جماعة سيدي يوسف بن أحمد إقليم صفرو، جهة فاس – بولمان..
- فَرْع:" ما بني على غيره وتفرع منه ":هذا الشيء فرع من ذلك الأصل.
- عَــزّابَة: جماعة قروية – قيادة الواتة، دائرة صفرو - بإقليم صفرو.
http://www.almaany.com/home.php?language=arabic&lang_name=%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A&cat_group=1