بعض أخبار قبيلة بجيلة
بعض أخبار قبيلة بجيلة ودورها التاريخي
لقبيلة بجيلة تاريخ حافل أيام الدولة الإسلامية ، وبطونها لعبت دور مهم في الفتوحات الإسلامية لبلاد الشام والعراق وفارس وغيرهم من البلاد التي صارت جزء من الدولة الإسلامية الكبرى ، ولقبيلة بجيلة أخبار كثيرة بالكتب والمراجع ، نذكر فيما يلي بعضها على سبيل المثال لا الحصر :
تذكر المراجع أن الرسول ﷺ أرسل الصحابي جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه لقتال أسود العنسي - اسمه عبهلة بن كعب - ومن أرتد من أهل اليمن ، ويقال إن الرسول ﷺ أرسل قيس بن هبيرة (المكشوح) البجلي المرادي حلفاً .
وفي معركة اليرموك الشهيرة شاركت بطون بجيلة بقيادة قيس بن هبيرة (المكشوح) البجلي المرادي حلفاً .
يقول الطبري إن المثنى بن حارثة بعد هزيمة المسلمين في موقعة الجسر طلب من عمر بن الخطاب رضي الله عنه المدد والمعونة ، فأمده عمر رضي الله عنه بجرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه على رأس فرسان من بجيلة ، فتمكن جرير رضي الله عنه من قتل قائد الفرس (مهران) بالمعركة التي عرفت باسم (يوم البويب أو يوم مهران) .
الثابت بالمراجع أن بجيلة بقيادة الصحابي جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه تمكنت من فتح عدة مدن في بلاد العراق ، منها : المذار (هي مدينة ميسان الواقعة بين واسط والبصرة) ، وبانقيا (أرض بالنجف دون الكوفة) ، وفتح جرير صلحاً بوازيج الأنبار وحلوان (بلدة قرب شهرزور وخانقين) ، وفتح أيضاً خانقين (بلدة قرب شهرزور) ، والمدائن (مدينة قرب بغداد) ، وجلولاء (مدينة بالعراق) وقرماسين (كرمان شاه) ، والدينور (مدينة بين الموصل وأذربيجان) ، ونهاوند ، وهمدان ، وغيرهم . وأيضاً قاتلت بجيلة أهل أذربيجان وهزموهم ، وأمد جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه أبو موسى الأشعري بالعون والمساعدة لفتح (تستر) وهي بلدة من كور الأحواز التي كانت من أرض العراق حتى عام 1847م (حالياً تتبع إيران) .
وفي يوم القادسية (معركة القادسية الشهيرة) أبلت قبيلة بجيلة بلاءً مشهوداً له ، وكانت تمثل ربع الناس (أي ربع جيش المسلمين) ، وعلى رأسهم الصحابي جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه ، وكانوا على ميمنة الناس (الجيش) ، وكان على الميسرة قيس بن مكشوح البجلي المرادي حلفاً . ويقول الطبري إن بأس الناس (أي قوة الجيش) كان في الجانب الذي فيه بجيلة ، فوجه الفرس ستة عشر فيلاً للجانب الذي فيه فرسان بجيلة ، فذعرت وتفرقت خيلهم وبقيت الرجال ، وكادت أن تهلك بجيلة لولا مساندة فرسان قبيلة بنو أسد لهم . ويقول البلاذري (في فتوح البلدان) أن الذي قتل قائد الفرس (رستم) بيوم القادسية ، هو زهير بن عبد شمس بن عوف البجلي .
الثابت بالمراجع أن قبيلة بجيلة شأنها شأن جميع القبائل العربية الأخرى ، لم تكن بطونها على وفاق ووئام نظراً لكبر وأتساع القبيلة وتعدد بطونها وفروعها ، وقد ظهر ذلك جلياً من اتخاذ بطون القبيلة مواقف سياسية مختلفة ومتباينة فيما يتعلق بالصراعات والمعارك التى كانت تدور بين المسلمين أنفسهم(*) ، ومنها معركة الجمل سنة 36هـ التي لم تشارك بجيلة بأحداثها لأنها حدثت بالبصرة ، ولم يكن بالبصرة وقتها أعداد كثير من بطون قبيلة بجيلة .
في معركة صفين التى حدثت سنة 37 هـ بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ومؤيديهم من الصحابة والمسلمين ، كان معظم بطون بجيلة على الحياد في ذلك الصراع على السلطة ، شأنهم شأن كثير من القبائل العربية التي أعتزلت ذلك الصراع السياسي ، وبهذا الشأن يقول صاحب كتاب (أهل اليمن في صدر الأسلام) أن معظم بطون بجيلة كانوا على الحياد بإستثناء تسعة عشر رجلاً من بطن (أحمس بن الغوث البجلي) ، ومن الذين كانوا على الحياد ، الصحابي جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه الذي أعتزل وارتحل إلى الرقة (بلدة حالياً تتبع سوريا) ، فقام الخليفة علي بن أبي طالب بهدم داره التي بالكوفة عقاباً له . أما الأقلية الذين شاركوا في الصراع ، فكان بعضهم بجانب علي بن أبي طالب ، وكلهم من بطن أحمس بن الغوث البجلي ، وكان على رأسهم أبو شداد قيس بن هبيرة (المكشوح) البجلي المرادي حلفاً ، في حين أن الذين قاتلوا بصف معاوية بن أبي سفيان كانوا من أهل بجيلة بالشام ، ومنهم الصحابي يزيد بن أسد القسري البجلي وقومه من بجيلة طبقاً لقول ابن الأثير .
في يوم الطف سنة 61 هـ (موقعة كربلاء) ، وهي المعركة الشهيرة التي دارت بين الحسين بن علي بن أبي طالب ويزيد بن معاوية بن أبي سفيان ، فالثابت إن بعض بطون بجيلة حاربوا في صفوف يزيد بن معاوية وبعضهم حاربوا بصفوف الحسين بن علي ، وقد ذكر ابن الأثير ان زهير بن القين البجلي ونافع بن هلال البجلي قاتلا بصفوف الحسين بن علي بن أبي طالب ، ويقول الطبري إن عزرة بن قيس الأحمسي البجلي كان على رأس خيل الكوفة التي كانت تقاتل بصف يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ضد الحسين بن علي بن أبي طالب .
في سنة 67 هـ أشترك بعض البجليين مع الجماعات المناوئة لحكم بني أمية ، وكان منهم رفاعة بن شداد الفتياني البجلي وعبدالله بن شداد الجشمي البجلي ، وقاموا بقيادة أحمر بن شميط الأحمسي البجلي بمساعدة المختار بن أبي عبيدة الثقفي في ثورته ضد الخلافة الأموية ، فانهزموا وتشتتوا في البلاد . ومن ناحية أخرى ، فقد كان خالد بن عبدالله القسري البجلي وأخوه أسد بن عبدالله القسري البجلي من المقربين لبني أمية ، وكانوا ولاة على مكة المكرمة والعراق وخراسان لفترات مختلفة بعهد الدولة الأموية ، وصار أولادهم وأحفادهم فيما بعد ولاة على الكوفة واليمن بعهد الخلافة العباسية .
لمزيد من أخبار قبيلة بجيلة يمكن الرجوع لكتاب (قبيلة بجيلة) الصادر بدولة الكويت عام 2005م
(*) كانت السياسة المتبعة في المعارك التي تدور بين المسلمين انفسهم ان توضع كل قبيلة في مقابل اختها بالطرف الآخر وذلك حتى لا ينشأ ثأر بين القبيلتين المتقاتلتين ؛ وكذلك حتى لا تعاير القبيلة المنتصرة القبيلة المهزومة ، وبهذا الشأن تذكر المراجع عن موقعة صفين الآتي : عندما خرج معاوية بن أبي سفيان في أهل الشام لملاقاة علي بن أبي طالب ، سئل علي عن القبائل من أهل الشام وعرف مواقفهم ، فقال علي بن أبي طالب لقبيلة الأزد : اكفونا الأزد ، وقال لخثعم : اكفونا خثعم ، وأمر كل قبيلة أن تكفيه أختها من أهل الشام إلا أن تكون قبيلة ليس منها بالشام أحد فيصرفها إلى قبيلة أخرى من الشام ليس بالعراق منهم أحد ، مثل بجيلة لم يكن بالشام منهم إلا القليل ، فصرفها إلى لخم أهل الشام .