الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد القسم الاول الفصل الثالث - الاقتصاد والمال (4)

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد القسم الاولالفصل الثالث

الاقتصاد والمال (4)

شبكة البصرة

د. عبدالوهاب حميد رشيد (و) د. محمد رحال

بمتابعتها التزام السلم والحياد طوال القرن العشرين، حققت السويد تقدماً اقتصادياً رفيعاً قد يكون فريداً في ظل نظام رأسمالي مختلط يتسم بالتكنولوجيا العالية ومزايا واسعة النطاق للرعاية الاجتماعية. لدى السويد نظام توزيع حديث ممتاز للاتصالات الداخلية والخارجية، وقوة عمالة ماهرة. رفض الناخبون في سبتمبر العام 2003 الدخول في نظام اليورو لشعورهم بتأثير ذلك على الاقتصاد والسيادة.

الأخشاب، الطاقة الكهرومائية، وخام الحديد، تُشكل قاعدة الموارد للاقتصاد السويدي الموجهة نحو التجارة الخارجية بشكل كبير. تساهم الشركات المملوكة للقطاع الخاص بحدود 90% من الناتج الصناعي، بينما يساهم قطاع الهندسة بحدود 50% من الإنتاج والصادرات، مقابل 1.6% فقط للزراعة في الناتج المحلي الإجمالي واليد العاملة (2009).

لغاية العام 2008، كانت السويد في خضم طفرة اقتصادية مستدامة، بفضل زيادة الطلب المحلي والصادرات بقوة. وهذا ما منح حكومة اليمين الوسط مجالاً واسعاً لتنفيذ برنامجها للإصلاح الهادف إلى زيادة فرص العمل والحد من الاعتماد على الرعاية الاجتماعية، وترشيد دور الدولة في الاقتصاد. ولكن رغم الأسس المالية الرئيسة والقوية، تراجع الاقتصاد السويدي نحو الركود في الربع الثالث من العام 2008، واستمر الانخفاض في النصف الأول من العام 2009، في سياق تدهور الظروف العالمية وانخفاض الطلب على الصادرات والاستهلاك(7).

يعتمد الاقتصاد السويدي بدرجة كبيرة على: الخدمات، الصناعات الثقيلة، التجارة الدولية، والمعلومات المعرفية التكنولوجية.. يعتبر متوسط نصيب الفرد من الناتج الإجمالي الوطني GNP gross national productفي السويد من بين أعلى المعدلات في العالم، وكذلك الضرائب taxesالمفروضة عليه والتي تشكل الجزء الأعظم لإيرادات الدولة، وتستخدم لتغطية تكاليف الخدمات الاجتماعية: التعليم، الرعاية الصحية، ورعاية الأطفال.معظم الشركات ملْكية فردية ذات التوجه للسوق.. مايقرب من ثلاثة أخماس الناتج المحلي الإجمالي - GDP gross domestic productتمر من خلال القطاع العام public sector. مساهمة الحكومة في توزيع الدخل الوطني national income، على أي حال، اتجهت نحو الانخفاض في العقدين الأخيرين من القرن العشرين.

استطاعت مملكة السويد ومن خلال العمل الدؤوب لمؤسساتها أن تقضي بالكامل على الفقر والعوز، وتكفل للجميع، مهما كانت ظروفهم، حق الحصول على ما يسدّون به حاجاتهم. الحكومة السويدية وضعت سياسة اجتماعية أمنية لحماية كافة الطبقات التي قد تتضرر من آثار اقتصاد السوق، فهي من جهة تقدم مساعدة لكل طفل سويدي أو أجنبي مقيم بطريقة شرعية: مساعدة/نقدية الطفل- دخل شهري منذ الولادة لغاية سن الثامنة عشرة(بحدود 100 دولار شهرياً).. إعانات السكن.. إعانات البطالة.. المعونة الاجتماعية.

والجدير بالإشارة، أن نقدية الطفل تبقى مستمرة في السويد لغاية بلوغه السادسة عشرة. ومن المقرر ان تستمر لغاية العشرين من العمر عند استمراره في الدراسة (المتوسطة والثانوية). إذ يحصل كل طفل دَخَل الثانوية على المساعدة من صندوق الدعم الطلابي والمقدرة بـ 1050 كرونة سويدية (2010). ويحصل على قرض حكومي (مبلغ شهري) عند دخوله الجامعة. يُستقطع شهرياً بما يتناسب ودخله بعد تخرجه واشتغاله.

مقابل ذلك بلغت الضرائب الإجمالية بحدود 46٪ من الناتج المحلي الإجمالي العام 2009 (جدول رقم 11). وتشكل الضرائب الجزء الأعظم من إيرادات الدولة، وتستخدم للحفاظ على مستوى عالٍ من الخدمات الاجتماعية.

ومنذ أواخر التسعينات كان هناك تحول من الضريبة على الدخل الشخصي وأرباح رأس المال باتجاه الضرائب على السلع والخدمات والاشتراكات في الضمان الاجتماعي. انبثقت هذه التحولات بالعلاقة مع التغيرات السياسية التي نُفذت في التسعينات لحفز العمل والإدخار من خلال تخفيض معدلات الضرائب الهامشية على الدخل المكتسب، كما وتغيرت بوليصات التأمين الاجتماعية لتشجيع المزيد من المشاركة في قوة العمل، وتم إدخال إصلاحات على نظام معاشات التقاعد مع الصرف الكلي على الصحة العامة في النظام الاقتصادي.

تساهم الصادرات بحدود ثلث الناتج المحلي الإجمالي GDPفي السويد، لذلك تعتبر السويد معتمدة بدرجة عالية على التجارة الدولية، وتقدم دعماً قوياً لصادراتها (عدا الزراعية). تحول التركيز من صادرات المواد الأولية والمنتجات شبه المصنوعة إلى السلع التامة الصنع التي تهيمن عليها المنتجات الهندسية: السيارات، معدات الاتصالات، ومعدات الطاقة الكهرومائية، علاوة على التكنولوجيا الفائقة وبمستوى متعاظم. ومنذ أوائل القرن الحادي والعشرين، كانت صادرات الخدمات، متضمنة الأعمال business، خدمات الاستشارات التقنية، أكبر بكثير من تصدير السلع. كما تلعب صناعة السياحة دوراً هاماً في الاقتصاد السويدي.الواردات أكثر تنوعاً من الصادرات. قبل الثمانينات كان البترول السلعة الأكثر أهمية في الواردات السويدية، ويمثل ربع القيمة الإجمالية للواردات، لتنخفض في العام 1990 إلى أقل من 5%. والجدول التالي (رقم 3) يبين تفاصيل الصادرات والورادات لعامي 2008-2009.

يتبين من الجدول تحقيق السويد لفائض تجاري ببلايين الدولارت سنوياً. كما أن حوالي ثلثي تجارتها من صادرات وواردات تتحقق مع الدول الغربية، بخاصة دول الاتحاد الأوربي ومنها دول الجوار.

جدول رقم (3)

البيانات المطلقة (مليون دولار) والنسبية %

للصادارات والواردات السويدية لعامي 2008-2009

المصدر: http://www.indexmundi.com/sweden/economy_profile.html

الصناعات الهندسية، بما في ذلك صناعة السيارات، هي إلى حد بعيد، أكبر الصناعات التحويلية، وتُحقق بحدود نصف القيمة المضافة لهذا القطاع. صناعات السيارات والطائرات لديها محطاتها الرئيسة في جنوب وسط السويد. يتم إنتاج سيارات الفولفو في يتيبوري، وسيارات ساب في Trollhنttan، بينما يتم إنتاج المركبات الثقيلة في Sِdertنlje، والطائرات في Linkِping. وتتركز صناعة الكهربائيات والإلكترونيات في استوكهلم و Vنsterهs. ولدى السويد كذلك صناعة حربية متقدمة. غالبية الشركات الصناعية السويدية الكبيرة هي عابرة للحدود الدولية transnational.

أكبر 20 شركة (من حيث حجم التداول في العام 2007 والمسجلة في السويد) هي: فولفو، إريكسون، فاتينفول، سكانسكا، اتصالات سوني اريكسون موبايل، إي بي، أكتيبولاجيت، إلكترولوكس، فولفو بيرسونفاجنار، تيلياسونيرا، ساندفيك، سكانيا، الحلف التعاوني الدولي، هينيز اند موريتز، نورديا، برييم، أطلس كوبكو، امن، نوردستجيرنان، س.ك.ف. يسيطر القطاع الخاص على صناعة السويد بدرجة كبيرة، والمؤسسات المملوكة ملكية عامة كانت دائما ذات أهمية ثانوية.

في العام 1991 ربطت السويد عملتها- الكرون- بوحدة حسابية أوربية (وحدة النقد الأوربية.. استبدلت بـ اليورو العام 1999)، ولكن في العام 1992 تخلت السويد عن هذا النظام وسمحت بتعويم الكرون. بقيت العملة السويدية مستقلة حتى بعد أن أصبحت البلاد عضواً في الاتحاد الأوربي -EUEuropean Unionالعام 1995. في العام 1999 تم إنشاء مجلس تنفيذي في البنك المركزي السويدي Sweden’s Riksbank- تأسس البنك المركزي العام 1668- لضبط السياسة النقدية monetary policyوالمحافظة على استقرار الأسعار، وأيضاً بقصد التعامل مع مشاكل القدرة التنافسية التي واجهت الاستثمارات الصناعية في الخارج. ووفقاً لدراسة الحالة الاقتصادية في السويد العام 2007 من قبل منظمة التعاون والتنمية، فإن متوسط التضخم في السويد كان واحداً من أدنى المعدلات بين الدول الأوروبية منذ منتصف العام 1990، ويعود السبب إلى حد كبير لرفع القيود والتطبيق السريع للعولمة.

يهيمن على النظام المصرفي السويدي عدد قليل من المصارف التجارية commercial banksالكبرى. بنك الإصدار (النقدي) هو البنك المركزي السويدي Swedish Central Bank. وعملة البلاد هي الكرون السويدي. وهناك أيضاً بنوك الادخار savings banks، البنوك المتخصصة، والمصارف الأجنبية العاملة في السويد.

أقل من عشر مساحة السويد، فقط، قابلة للزراعة الموسمية، وتتباين فترات النمو في السويد وذلك تبعا للمناخ، ففي الجنوب تتراوح فترة موسم النمو بحدود الأربعين يوما، بسبب المناخ المعتدل. تزداد هذه المدة إلى 120 يوماً في الشمال. وتتفاوت أماكن الأراضي الصالحة للزراعة لتمتد حتى تصل الى الدائرة القطبية الشمالية. ويغلب على هذه الزراعة: القمح، الشعير، بنجر السكر، والبذور الزيتية التي تشجعها الدولة، علاوة على البطاطا والخضروات الرئيسة، وتعتبر محاصيل أساسية. كما أن مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي GDPضئيلة وبحدود 1.6%، مقابل 26.6 للصناعة و 71.8% للخدمات (2009).

التنمية الحيوانية في السويد، بشكل عام، أكثر أهمية من زراعة الحبوب. ألبان ألرا ALRAهامة في جميع أنحاء البلاد، في حين أن تربية الخنازير والدواجن تتركز في الجنوب. غلّة yieldالمزارع السويدية هي من بين أعلى المعدلات في العالم. ومع ذلك فالمشاكل البيئية جعلت بالضرورة الحد من استخدام الأسمدة الكيمياوية.

استثمار الغابات في السويد بمنتهى التنظيم. أكثر من نصفها ذات ملكيات خاصة، مقابل ربع الغابات ذات ملكية عامة. والعمل في الغابة مستمر وعلى مدار العام، مع استخدام أحدث المعدات في قطع الأشجار وإعادة زرعها ضمن خرائط تُراعي استمرار ديمومة الغابة وتنظيمها، مع مراعاة عمرها الطبيعي وفقاً لنوع الأشجار ومكانها. ويلاحظ مثلاً أن عمر الجيل الافتراضي لشجر التنوب والصنوبر في الجنوب يقترب من 50 عاماً، بينما يتصاعد في الشمال إلى ثلاثة أمثالها (150 عاماً).

السويد هي الدولة الكبرى في تصدير منتجات الغابات إلى العالم. يتم نقل الأخشاب عبر شبكة كثيفة من الطرق والسكك الحديدية. مصانع مناشر الخشب، لب الورق، الورق، ومنتجات الغابات، تشكل جانباً من الصناعات التحويلية السويدية، وتنتج قائمة طويلة وواسعة التنوعات من المنتجات الخشبية، متضمنة: الورق، الألواح الخشبية، المنازل الجاهزة، والمفروشات.. صناعة لب الورق المتقدمة أصلاً تطورت عند مصبات الأنهار على امتداد خليج بوثنيا Gulf of Bothniaوبحيرة فينر Lake Vنner.

وعلى عكس الثروة الحيوانية والغابات، تعتبر الثروة السمكية أقل حظاً، إذ ساهمت الإتفاقات الدولية في فقدان السويد للكثير من مناطق الصيد التقليدية في بحر الشمال. ومن منتجات الصيد أسماك: الريخة، القد، موسى، ماكرويل، السلمون، الروبيان، وسرطان البحر. ويعتبر ميناء يتيبوري المرفأ الأكبر للصيد والتسويق في السويد.

المعدن السويدي، خاصة الفولاذ، يعتبر الأشهر عالمياً إلى جانب الغنى الكبير بالخشب والطاقة المائية. وهي عناصر ثلاثية يتركز على قواعدها الأساس التاريخي المتين للاقتصاد الصناعي السويدي، كما سبق الذكر، كذلك تعتبر الاتصالات، صناعة السيارات، والصناعات الدوائية ذات أهمية كبيرة. بينما تعاني البلاد من النقص في الموارد النفطية fossil fuels. إن التقدم الكبير باستخدام الطاقة الكهرومائية غطى نصف الطلب المحلي على الطاقة Hydroelectric power، في حين غطت الطاقة النووية nuclear powerالنصف الباقي. ويتركز الحديد الخام ore depositsفي الشمال باحتياطاته الضخمة المملوكة للدولة في منطقة كيرونا- لابلاند Lappland Kiruna (كيرونا- مدينة في اقصى شمال السويد. وهي مركز كومون/بلدية كيرونا Kiruna kommun. تتبع محافظة نوربوتن Norrbottens lنn.) وإلى جانب الحديد هناك الذهب والنحاس والرصاص والزنك والفضة.

بعد الحرب العالمية الثانية، زادت الحكومات السويدية من فلسفة دولة الرفاهية والعبء الضريبي. تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من المرتبة 4 إلى المرتبة 14في غضون بضعة عقود. عليه بدأت السويد التحرك بعيداً عن هذا النموذج في الثمانينات من القرن الماضي. ووفقاً لمنظمة التعاون والتنمية وشركة ماكينزي، حققت السويد، في الآونة الأخيرة، تقدماً سريعاً في مجال التحرر من القيود المعوقة للمنافسة، وهذا ما ساعدها على وقف التدهور الاقتصادي وتحقيق معدلات نمو قوية منذ العام 2000 وبمستويات أعلى مقارنة بالعديد من دول الاتحاد الأوروبي.

الناتج المحلي الإجمالي لكل ساعة عمل في السويد هو التاسع على مستوى العالم. وبلغت حوالى 31 دولار في الساعة، بالمقارنة مع22 دولار في إسبانيا و 35 دولار في الولايات المتحدة الأمريكية العام 2006. ووفقاً لمنظمة التعاون والتنمية: رفع القيود، العولمة، ونمو قطاع التكنولوجيا، شكلت العوامل الرئيسة المؤدية لزيادة الإنتاج والإنتاجية في السويد.

ما زالت صناعة المعادن السويدية تتبع نمطاً وضع أثناء فترة الطاقة المائية والغابات، حيث تحددت مواقع مصانع الحديد والفولاذ، وما تزال تتواجد على نحو واسع في منطقةregion Bergslagenوسط السويد. مصانع الحديد والصلب بنيت في القرن 20 في Oxelِsundو Luleه وتقع على الساحل.

تحققت تغييرات هامة عديدة في قطاع الأقتصاد الزراعي نتيجة الابتكارات والنمو السكاني الكبير. شملت هذه الابتكارات البرامج التي ترعاها الحكومة من الانغلاقية والاستغلال الضعيف للأراضي الزراعية، إلى إدخال محاصيل جديدة مثل البطاطا. ويرتبط ذلك، جزئياً، بحقيقة أن الفلاحة السويدية غابت عنها علاقة الفلاح بالسيد المالك أو الإقطاعي، كما في أماكن أخرى من أوروبا، إذ بقي المزارع مالك/سيد أرضه. وتم اعتماد سياسات موجهة نحو السوق الزراعية في العام 1990.

من مجموع 4.93 مليون يشكلون قوة العمل في السويد العام 2009، يعمل 71.8% منهم في قطاع الخدمات، مقابل 26.6% في قطاع الصناعة و1.6% في قطاع الزراعة. علاوة على ذلك، ففي أوائل القرن الحادي والعشرين فإن صادرات الخدمات، متضمنة الأعمال business، خدمات الاستشارات التقنية.

شكّلت الاستثمارات 17.6% م

ن الناتج المحلي الإجمالي (2009)، في حين أن الديون الحكومية- الدين العام والدين الخاص- تزداد في صورتها المطقة والنسبية، وفي حين تجاوزت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي الثلثين، فإن الدين الخارجي تخطى ضعفي الناتج المحلي الإجمالي، كما هي موضحة في الجدول التالي (رقم 4).

جدول رقم (4)

الدين العام والدين الخارجي مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي في السويد (%)

المبالغ بليون/مليار دولار

المصدر: http://www.indexmundi.com/sweden/economy_profile.html

نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي.. (2) في 31 ديسمبر 2008.. (3) في 30 يونيو 2009.. (4) بليون دولار وفق سعر صرف الدولار للعام 2009.. (5) الرقم القياسي للدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي.

وفي الصفحات التالية، محاول تحليلية للميزانية الحكومية، علاوة على الناتج المحلي الإجمالي ومتوسط حصة الفرد، في سياق مؤشرات النمو الاقتصادي.

تكشف أرقام الجدول (رقم5) عن تواصل ارتفاع الدخل الحكومي لغاية العام 2008، وهبوطه في العام التالي (2009)، مع تصاعد المصروفات، فجاءت النتيجة عجزاً في الميزانية لدرجة قادت إلى تآكل صافي فائض الميزانية الحكومية، ليصل في مجموعه إلى حدود 35.2 بليون كرونة وبحدود سبعة بلايين كمتوسط سنوي لهذه الفترة.

جدول رقم (5)

الميزانية السنوية للحكومة المركزية في السويد

للفترة 2005-2009 (بليون/مليار كرون)

المصدر: http://www.regeringen.se/content/1/c6/14/46/31/85e3c23c.pdf

ويلاحظ على السنة الأخيرة (2009)- سنة الأزمة- بأنه رغم الانخفاض المطلق للدخل الحكومي، فقد ارتفعت المصروفات الحكومية بنسبة لا تقل عن 15.6% مقارنة بالعام السابق (2008) الذي حقق أعلى فائض، نظراً لغياب حصول زيادة في المصروفات تقريباً(0.1%)، وهو ما يفسر حصول أعلى فائض حكومي (2008) مقارنة بأعلى عجز تحقق في العام الأخير.

ولمزيد من التفصيل، يبين الجدول التالي (رقم 6) تفاصيل المصروفات الحكومية خلال نفس الفترة، وتكشف، علاوة على العديد من المؤشرت الاقتصادية، كذلك مؤشرات اجتماعية متعددة تؤكد طبيعة النظام الاقتصادي الاجتماعي السويدي التي سبق التفصيل، وجار ملاحقة جوانب أخرى في الفصول التالية.

يلاحظ في مجال المصروفات على الإدارة الحكومية (1-5) أن السلطة القضائية تحتل المرتبة الأولى عند استبعاد فقرة الدفاع وتدابير الطوارئ، بل أن مصروفاتها تميزت بالزيادة السنوية المستمرة مقارنة بكافة بقية البنود الحكومية. وهذا ما يعكس مقدار الأهمية المعطاة لهذا القطاع (القضاء) في السويد.

ويظهر أن الرعاية الصحية والاجتماعية (7-10) تحتل المرتبة الأولى في مصروفات الحكومة المركزية في السويد، بل أن ما يُنفق على المعاقين (8) لوحدهم يتجاوز المصروفات المتحققة على الإدارات الحكومية بكافة بنودها مجتمعة: الحكومة الملكية، الاقتصاد والمالية، الضرائب والجمارك، لغاية الدفاع والسلطة القضائية، كما أنها تتجاوز ضعف المصروفات على الدفاع وتدابير الطوارئ. كذلك الحال بالنسبة لرعاية الطفولة والعائلة التي تتجاوز مصروفات الدفاع، بل وحتى المصروفات على كبار السن تتجاوز كافة مصروفات الإدارة الحكومية كلاً على حدة بما فيها مصروفات الدفاع. من هنا يتبين المغزى الاجتماعي لمقولة أن ولادة الطفل يشكل مشروعاً وطنياً.. الرعاية والوفاء لكبار السن.. القيمة الاجتماعية لمفهوم النمو والتنمية- الرفاهية.. ومغزى الترابط الوثيق والتفاعل بين الجوانب الاقتصادية وبين الجوانب الاجتماعية في النظام السويدي..

كذلك الحال فيما يخص بنود التعليم والثقافة (12-14) التي تنفق عليها الحكومة السويدية بسخاء لبناء واحد من أفضل النظم التعليمية في العالم. بناء شخصية الطفل على أساس المصداقية والصراحة.. تطوير قدرته الفكرية وفق المنهجية العلمية بعيداً عن الممنوعات والمحرمات.. احترام الذات/المجتمع/القانون.. وتأهيله العلمي والعملي لسوق العمل..

جدول رقم (6)

البنود الرئيسة للمصروفات السنوية للحكومة المركزية في السويد

للفترة 2005-2009 (بليون/مليار كرون)

المصدر: http://www.regeringen.se/content/1/c6/14/46/31/85e3c23c.pdf

كما ومن الفقرات المهمة هنا كذلك الإنفاق على سوق العمل بالعلاقة مع تأهيل العاطلين عن العمل سواء لعودة ولوجهم سوق العمل أو لدفعهم إيجاد العمل المناسب لمن لم يبدأ العمل بعد. هذا علاوة على مصروفات الحكومة لصالح الكومونات باتجاه مساعدتها وتعزيز دورها في خدمة المواطنين والمقيمين في محيطها، رغم انتكاسة مصروفات الفقرتين الأخيرتين. وعموماً، ربما تلقي الأرقام التالية (جدول رقم7) ضوءً موجزاً وأكثر وضوحاً على الأهمية النسبية للبنود الرئيسة للمصروفات الحكومية خلال عامي 2005 و 2009:

جدول رقم (7)

موجز البنود الرئيسة النسبية لمصروفات الحكومة المركزية السويدية %

خلال عامي 2005 و 2009

1 المتوسط يشمل كافة سنوات الفترة.

ولعلّ السلسلة الطويلة التالية (جدول رقم8) لبيانات الناتج/الدخل المحلي الإجمالي في صعودها وهبوطها (الحصيلة: زيادات صافية مضاعفة في الدخل)، ما يكشف على نحو أوضح الأزمات الاقتصادية التي تواجه الاقتصاد السويدي، كما في بقية الدول المعتمدة على الأسواق الخارجية في سياق العولمة.

فقد ارتفع إلى أكثر من عشرة أمثاله (10.2) العام 2008 مقارنة بالعام 1975. لكن الزيادات السنوية للناتج لم تكن نمطية، بل تعرضت للانخفاض مرات عديدة خلال الفترة، بل وإلى تغيرات سلبية تعكس في حقيقتها الانخفاض المطلق للناتج، رغم أن الحصيلة في جملتها تُسجل نجاحات باهرة للاقتصاد السويدي، وليرتفع متوسط حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من ثمانية أمثاله (8.4).

جدول رقم (8)

الناتج المحلي الإجمالي ومتوسط حصة الفرد في السويد

للفترة 1975-2009 (أسعار جارية)

المصدر: http://www.stat.fi/til/vtp/2009/vtp_2009_2010-07-15_tie_001_sv.html

1 مليون يورو.. 2 يورو

وفي ذات السلسلة الزمنية التالية لمعدل النمو الاقتصادي في السويد (جدول رقم9)، يمكن الوقوف عند مؤشرات أكثر تفصيلاً لحركة الاقتصاد السويدي مقارنة بمعدلات النمو الاقتصادي في كل من الولايات المتحدة واليابان.

يُشير الجدول، بالعلاقة مع التقلبات الاقتصادية وآثارها، أن اليابان تحمّلت أقل النتائج السلبية، بينما جاءت الولايات المتحدة في المرتبة الأخيرة. ويلاحظ على آثار الأزمة

جدول رقم (9)

النمو الاقتصادي السنوي في السويد

مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية واليابان لفترة 1975-2009 (%)

المصدر: http://www.stat.fi/til/vtp/2009/vtp_2009_2010-03-01_tau_001_sv.html

الاقتصادية التي انعكست في معدلات النمو السالبة بأن الاقتصاد الياباني تعرضت ثلاث مرات/سنوات فقط لآثارها، مقابل 15 في السويد و29 في الولايات المتحدة على مدى الفترة الزمنية، كما هي موضحة في هذه الأرقام الموجزة (جدول رقم10):

جدول رقم (10)

معدلات النمو الاقتصادي السلبية في السويد

مقارنة بالولايات المتحدة واليابان للفترة 1975-2009 (%)

المصدر: الجدول السابق.

فقرة أخرى ذات أهمية بالغة في الاقتصاد السويدي، وتلعب دوراً اجتماعياً حيوياً في مجال نظام رفاهيتها الاقتصادية، متمثلة في الضرائب بمختلف تفرعاتها والتي تتصدرها الضرائب على العمل، الضرائب على الاستهلاك، ثم الضرائب على رأس المال التي تحتل المرتبة الثالة من إجمالي الضرائب في السويد، كما هي موضحة في الجدول التالي (رقم11).

جدول رقم (11)

بنود وإجمالي الضرائب الفعلية والمتوقعة (بليون كرون) والنسبية (%)

في السويد للفترة 2007-2012 (الفترة 2010-2012 توقعات)

1- بليون/مليار كرون

2- لأهمية النسبية %

المصدر: http://www.sweden.gov.se/content/1/c6/15/33/07/ff7e8e1d.pdf

نسبة إجمالي الضريبة إلى الناتج المحلي الإجمالي.

يتبين من الجدول أن الضرائب على العمل ساهمت بما لا يقل عن 60% من جملة هذه الضرائب، بينما جاءت الضرائب على الاستهلاك بالمرتبة الثانية، وأخيراً الضرائب على رأس المال التي بقيت تشكل أقل من 12% خلال الفترة. ونظراً لارتفاع مستوى الضرائب في السويد، فقد ساهمت بحدود نصف الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة، مع أن بياناتها في نهاية الجدول تُشير بوضوح إلى اتجاه تنازلي خلال الفترة، وهي فترة حكم اليمين الوسط الذي يلتزم بسياسة تخفيض نسبة الضرائب، مع زيادة نسبة تشغيل العاملين، في سياق تشذيب أو قصقصة أجنحة نظام الرفاهية الاجتماعية، رغم أن هذه السياسة بدأت مع ظهور الأزمات الاقتصادية في السويد بعد السبعينات، بما في ذلك تصاعد البطالة وتباطؤ حركة الناتج المحلي الإجمالي- بأرقامها المطلقة والنسبية- ومتوسط حصة الفرد، بخاصة في سنوات الأزمات التي شهدتها السويد منذ النصف الثاني من الثمانيات لتشتد في التسعينات. ومع تعافي الاقتصاد السويدي مع بداية العقد الأول من الألفية الثالثة، إلا أن نهاية العام 2008 والعام 2009 شهدت انتكاسة أخرى، كما سبق الذكر..

ومثل هذه السياسة في أوقات الأزمات، بخاصة، تفرض نفسها باتجاه تخفيض المصروفات للحد من التدهور الاقتصادي وتصاعد الديون الخارجية. كما أن سياسة الرفاهية الاجتماعية ذاتها لا تستطيع العيش وسط البطالة وتباطؤ النمو الاقتصادي، وإذا كان الاقتصاد الرأسمالي يتحمل نسبة بطالة 3%-5%، فإن نظام الرفاهية الاجتماعية يتطلب التشغيل الكامل، كما سيلاحظ ذلك في الفصل التالي.

شبكة البصرة

الجمعة 3 ذو الحجة 1433 / 19 تشرين الاول2012

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس