ووصل الطوفان إلى بلاد البعث

حين أنجز المخرج الراحل عمر أميرالاي، أبو السينما التسجيلية السورية، فيلمه (طوفان في بلاد البعث) عام 2003، لم يكن يعلم أن طوفان الثورة سيصل سورية بعد سبع سنوات ليجعل نظام الأسد يدفع ثمن الاستبداد

ووَصَـلَ الطـوفانُ إلى بِـلادِ البَعَـثْ

الحـلقة الأخيرة في مُسـلسـلٍ سـوري

ووَصلَ الطـوفـانُ إلى بِـلادِ البَعـثِ

وَصلَ الطـوفـانُ ليأخُـذَ معهُ سِـنينَ العارْ

وشـارفَ معهُ أطولُ المسَلسَـلاتِ على النهايـةْ

المسَـلسَـلُ الذي بدأَ وودَّعَ في آذارْ

مُسَـلسَـلٌ وعدونـا بأنـهُ سَـيروي

قِصةَ الثـورةِ والثـوارْ

فإذا بهِ يروي قِصةَ شـعبٍ

قهـرَهُ حكـامُهُ بالحـديدِ والنـارْ

***

حـولوا الوطـنَ إلى مزرعَـةٍ

فأصبحَ جميعُ مَـنْ فيـهِ إمـا عـبيدٌ أو أخـيارْ

إمـا مَجـلودونَ أو جَـلادونَ

وإمـا جَـوارٍ أو جُـوّارْ

إمـا غـنمٌ أو قصابونَ

إمـا موتى أو حُـفّارْ

علاقَـتُهمْ مَـعَ الشـعبِ

كَـمنْ لـهُ مَـعَ الآخـرِ تـارْ

قتلـوهُ ومَشـوا في جَـنازَتِهِ

إنْ لـمْ تُصَدِقـوا فاقـرأوا أشـعارَ نِـزارْ

واسـمعوا أغنيـةَ يا حـيفْ

هـلْ حـقاً يا سَـميحُ ما كُـنتَ تتوقـعُ ما صارْ؟

***

لما كـتبوا الدُسـتورَ فصَّلوهُ على مقاسـاتِهمْ

عدَّلـوا مقاسـاتِهِ في مَجلـسِ المرسـيدسْ والسـيجارْ

وكـتبوا مَـوادَهُ على رمـالِ الصَحراءِ لتختفي

وكي يمسحوها، كـتبوها على ألـواحِ الحـوّارْ

وكانَ كـلامُهمْ ككلامِ مُسَّـيلِمَةْ

كـلامُ الليلِ يمحوهُ النهـارْ

زاوَدوا عـلينا وتاجـَروا بِنـا

باعـونا واشـتَرونا في البازارْ

وجَـعلوا مِـنَ القضيةِ قميصَ عثمـانَ

يأكُـلونَ منها كَـما يأكُـلُ المِنشـارْ

وتناسَـوا أنَّ الجَـولانَ مُحتَـلٌ

ليـسَ مُؤجَـراً وليـسَ للإيجـارْ

وأنَّ زمـانَ ومَـكانَ المعركَـةِ

أصابَهُما السَـقَمُ بانتظارِ القـَرارْ

***

لايريدُ الشَـعبُ اليومَ سَـوى كرامَـتَهِ

هلْ تظنونَ حقاً أنَّهُ يَبيعُها بوَظيفةٍ أو بدولارْ ؟

مِـنْ دِمشـقَ هَـذِهِ المرةْ

بدأتِ الثـورةُ وهتفَ الأحـرارْ

مِـنَ الجـامعِ الأمَـويِّ سـاروا

وقالـوا للنِظامِ إرحـلْ عـَنِ الـدارْ

ومِـنْ دَرعـا تقدمـوا ورفعـوا الرايَةَ

وصفعوا بها وجـوهَ الأشـرارْ

في الجـامعِ العُمَريِّ اعتصمـوا

دُروعـاً للوطَـنِ حُمـاةً للديـارْ

ودشَّـنوا حـرقَ أولِ الأصنامِ

وهيَ التي جُعِلَتْ لنا مَـزارْ

فدفعـوا ثمَـنَ الحُـريةِ دمـاءً

أراقَـها نِظـامٌ غـدّارْ

سَـجَّـلها التاريـخُ لأهـلِ دَرعـا نوراً

وعلى السَـفاحيـنَ خِـزياً وعـارْ

وزأرَ لهـا أحفـادُ ابنِ الوليـدِ

أنْ لانامتْ أعينُ الأحرارِ على مَنْ جـارْ

مِـنْ مَيـدانِ السِـباعِ انتفضوا سِـباعاً

وقالوا للجبناءِ حـانَ دَورُنـا لنَصنعَ الأقـدارْ

وهَـذهِ الصَنمينِ وهَـذهِ دوما وجبلةَ وبانياسْ

وهَـذهِ اللاذقيةَ وهذهِ الميادينَ وبقيـةِ الأقطـارْ

كُـلُ المدُنِ هَـبَّتْ وأقسَـمَتْ

أنْ يكـونَ لها نصيبٌ مِنْ أكـاليلِ الغـارْ

وأنْ تَـدُقَ مِسـماراً في عَرشِ الظَـلامِ

فتتركَ لبصَماتِها على نَعشـهِ آثـارْ

ما زحفَ يوسُـفُ إلى مَيسَـلونَ

إلا لتعيـشَ ســوريَةَ مَـعَ الأحـرارْ

***

ما نسِـيَ الشَـعبُ مَجازِرَكُـمْ

سَـيفضحُ التـاريخُ ما ارتكـبتمْ مِنْ أقـذارْ

وإنْ كـنتمْ تبحثـونَ عَـنْ حُـلولٍ

فأيَـةَ حـلولٍ يُجيـدُ الجَـزارْ؟

لاتُجـيدونَ سِـوى قَـنصَ الرؤوسِ

أو القـلوبِ برصاصِكُـمُ البتـارْ

رأيناكُـمْ تقـتلونَ النِـساءَ والأطفـالَ

ليسَ عِندَكُـمْ للأخلاقِ ولا للضَميرِ مِعـيّارْ

وسَـمعناكُـمْ تَنعقـونَ فوقَ الضَحايا كغُـرابِ البَيـنِ

ماسَـمعناكُـمْ تُصَـلّونَ على أرواحِ الشُـهداءِ الأبـرارْ

أما العـالمُ الذي يتفَـرجُ عليكُـمْ

فهوَ إما شَـريكُـكُمْ وإمـا مثلكُـمْ قهّـارْ

ما اختارتِ الشـهامةُ منَ الحكـامِ إلا (الطيبَ)

تذهبُ الشـهامةُ إلى الرجالِ كُـلٌ بمقـدارْ

فيـهِ أرى حمِّيـةَ المعتصِـمِ

وفيـهِ أرى صاحِـبَ ذي قـارْ

ولكـنْ وكـما رحـلَ غيرُكُـمْ مِـنَ الغُـربانِ

وأصبحَ تاريخـاً يتندرُ بـهِ الثـوارْ

فلنْ تمضيَّ أيـامٌ إلا ونرى نظامَـكمْ أيضاً

إما قَـدْ سَـقطَ وإما قد طـارْ

والكَـرامةُ سَـيسـتعيدُها الشَـعبُ

على خُطى أحـفادِ (عُـرابي) أو أحـفادِ (المختـارْ)

***

شعر: طريف يوسف آغا

هيوستن/ تكساس

جمعة (الكرامة) 10 جماد الآخر 1432/ 13 أيار، مايس 2011