القدس جرح التاريخ

قصيدة

القـُدس ْ . . .

جـِرح ُ التاريخ ْ

عـِندَما تحمل ُ الكلمة ُ السلاح َ بيد ٍ ... و بالثانية تـضمد ُ الجـِراح ْ

يامَدينة َ السَلام هل ْ تقبلي أن ْ يأتـيك ِ مِنا سَلام ُ ؟

وجوهُنا اليوم َ مِنك ِ قاتِمَة نحن ُ مَن ْ على آلامِك ِ يُلام ُ

يارا العالم ليَدَيك ِ يَبوس ُ هل ْ نسَمِّيك ِ إيليّاء ُ أم ِ الآلام ُ؟

وَرثت ِ مُعاناة إبن ِ مَريم َ كل ُ ما جَرى عليك ِ إجرام ُ

ولقد ْ جَعـَلتكِ الرماح ُ لها دَريئة وإن رمَت ِ الرماح ُ مالرَميها إحجامُ

أصْـلتكِ نارا ًوسَـقـَتكِ الدِماء َ أنهارا ً مَلأت ْ بيوتـَكِ الأرامل ُ والأيتام ُ

قـلوبـُنا لأحـزانـِك ِ تـتمَزَق ُ قيدوك ِ كما تـُقيَد ُ لذبحِها الأنعام ُ

وجراحُنا مِن ْ جراحِك ِ تنزُف ُ أدمَيت ِ التاريخ َ وأدماك ِ الخِصام ُ

*

سَكن ُ الأنبياء ِ كانت ْ روابيك و للملائِكة ِ في مَحاربك ِ إعتصام ُ

مِن َ الأوثان ِ عَمـَّدَك ِ المَسيح ُ ومِن َ الغـُزاة ِ حَرَرَك ِ الإسـلام ُ

يَسـوع ٌ مَر َّ مِن ْ حاراتِك ِ وفي حاراتِـك ِ آذاه ُ الِلئام ُ

وفيك ِ أحيَّ المَوتى ورَدَّ البَصَرَ كان َ بإذن ِ الله ِ للمُعجزات ِ إمام ُ

وأ ُسْريَّ بالمُصطفى إلى أراضيك ِ وله ُ في سَمائِك ِ خُطوات ٌ وأقدام ُ

في الأقصى صَلى بإخوتِه ِ وحائِط ُ البُراق ِ مازالَ عِندَه ُ كلام ُ

أولى القِبلتين ِ وثالِث ُ الحَرَمين المَسجد ُ النبوي ُ والمَسجد ُ الحَرام ُ

مِنك ِ شع َّ النورُ على الدُنيا ولأجلِكِ هُزمَ طغاة ٌ وحُطِمَتْ أصنام ُ

بَعد َ أن ْ أحرَقك ِ كِسرى بناره ِ كِسرى وجُندِه ِ بَعد َ القادسية ِ ماقاموا

ومن جوارك ِ أقـصَّينا قـَيصَرا وعِند َ العَين ِ أ ُقيم َ للمُغل ِ حَمَّام ُ

والسُلطان ُ حَقن َ دِماء َ أهاليك ِ مَكرُمَة ٌ عُـلـِّـقت على صَدره ِ وسام ُ

يَوم َ وافاك ِ بَعد َ حِطـّيـن َ رُفِعَت ْ له ُ فيك ِ رايات ٌ وأعلام ُ

**

ياقدس ُ تجَـلـَّى الخالِـق ُ في خَلقِـك ِ أغوَيْتِ الشاعِرَ واحتارَ بك ِ الرَسّامُ

أبوابـُك ِ تـُحاكي أبواب َ دِمَشق َ وبَين َ أسوارك ِ وأسوارها وئام ُ

وجَبل ُ الزيتون يُحَيِّ قاسيون َ للتين ِ والزيتون ِ في القرآن ِ إقسام ُ

كنيسَتـُك ِ تشهَد ُ على حِكمَة ِ عُمَر َ خشي َ أن ْ يُـقام َ له ُ فيها مَقام ُ

وترَك َ عِهدَ تـَه ُ للأجيال ِ فخرا ً تشهَد ُ على عَدل ِ خليفة ٍ لا يُضام ُ

وابن ُ مَروان َ بنى جامِع َ صَخرَتـِك ِ وجَعله ُ مَعَ الأمَوي ِ صَرحا ً يـُرام ُ

وجَعله ُ للأقصى بمَثابة ِ القلب ِ وجَعل َ بَين َ الذهَب ِ وقـِبَـتِه ِ هَيام ُ

العُثمانيون َ دَعوك ِ قـُدسا ً شريفا ً جَعلوك ِ تاجا ً يَعلو بك ِ المَقام ُ

ويوم َ أتاهم ُ الأفاقون َ ليَشتروكِ أجابوهم ْ: " بَيع ُ الأمانة ِ حَرام ُ"

***

أوربا اجتـَمَعَت ْ واتـَفـَقـَت ْ علينا جَعلك ِ مِن ْ نصيب ِ جَلالتِه إقتسام ُ

ومِن ْ بَعدِها ، بـِلفور ٌ وَعَد َ بك ِ مَن ْ صَدَّقوا أن َّ وَطنهم ْ عليك ِ يُقام ُ

ولما دَخَـل َ الإنتداب ُ طمأنـَهم ْ : " أتينا لتنفيذ ِ ما وعدكم ْ بهِ الحُكامُ "

صَدقوهُ ومِن ْ قبلُ صَدقوا أنفسهمْ الكل ُ نسوا أن َّ للتاريخ ِ أحكـام ُ

ولو أحسنوا قـِرائـَتـَه ُ لعَرفوا أن َّ مَشـروعَهم ْ تـُغـَذيه ِ أوهام ُ

لعرفوا أن َّ بقائهم ْ مَسألة َ وَقت ٍ والوقتُ يَزِّفُ يَوم َ تنتهي الأحلام ُ

****

كنيسَتـُكِ والخـَندَقُ شَهدا غدرَهُم ُ لعنتهم ُ الأمم ُ واغـتنت ْ بهُم ُ الآثام ُ

لم ْ يَهنئوا يَوما ً فوق َ تربَتِك ِ يَوم َ أتوك ِ ، خرَج َ لهم ُ القسام ُ

والحسيني ُ كاد َ أن ْ يكون َ عَنترة حارَب َ لأجلِك ِ حَتى انتهَت ِ السِهام ُ

الكل ُ هَب َّ لنـُصرَتـِك ِ كأبي زيد ٍ زحفوا بجَيش ِ إنقاذ ٍ أرسَلته ُ الشآم ُ

أتوا بقلب ٍ واحد ٍ كالزير ِ سالم ْ فـُرسان ٌ عَربيَة ٌ شـَهـِد َ لها الحسام ُ

ونـَبَع َ الفدائيون َ مِن ْ كل ِ صَوب ٍ أحضَرَتهمْ الغيرة ُ وشَحَذهُم ْ الانتقام ُ

ماترَدَد َ مُفتيك ِ في فتوى مقاوَمتِهم ْ وفي مَوقِف ِ مُطرانِك ِ تجلى إقدام ُ

مُنظمات ٌ و حَرَكات ٌ و جَبَهات ٌ كل ُعقائِدِهِم ْ صَهَرَها فيك ِ الغـَرام ُ

***

في النكبَة ِ راحَت ْ يافا وحيفا وأوصَلنا إلى الهُدنةِ ترغيبٌ وإرغامُ

وتوالِت الجَرائمُ ولحِقتْ بها المَجازرُ والعالم ُ وكأن َ على عينيه ِ غـَمام ُ

وكأن َ في أذنـَيه ِ أسافـين ٌ و كأن َ على فـَمِه ِ لِـجام ُ

وماظنناه ُ كابوسا ً، حَقيقة ً وجدناه ُ وماظنناه ُ أياما ً، لفته ُ أعوام ُ

وفي حـُزيران َ لـَحِقت ِ بمن ْ راح َ ماعاد َ لدينا مانقول ُ إنْ أتانا الملام ُ

بذهابـِك ِ عاد َ الشَوك ُ إلى الدُنيا وعادَت ْ لتـُخَيم َعلى الأرض ِالخِيام ُ

وأحرَقوا الأقصى أمام َ أعيـُنِنا وقفنا أمام َ حُطامِه ِ وكأننا حُطام ُ

ومِن ْ قـَبلِه ِ أزالوا حَيا ً بأكمَلِه ِ حَي ُّ المغاربة ْ نـُفـِّذ َ فيه ِ إعدام ُ

ماذا نقول ُ لأجيال ٍ سَتسألـُنا ؟ وبماذا نـُجيب ُ يَوم َ الميزان ُ يُقام ُ ؟

سَـنـُجيب ُ بأننا أخيرا ً وجَدناه ُ: طريقُ الثورَة ِ يَعرفُ مَسالِكـَهُ الكِرام ُ

وسَتنتهي حَملتـُهم ْ كما انتهتْ غيرُها في كتب ِ التاريخ ِ كلِمات ٌ وأرقام ُ

في غزة َ أمطرَهُم ُ الأطفال ُ سِجيلا ً بأحجار ٍعَجـِزتْ عن وَصفِها الأقلام ُ

وأمطرتِ غـُرابَهُمْ في مَسجدكِ أحذية وأعلنتيها ثورَة ً والغـَيرُ قد ناموا

رجالٌ إن حَلـَّقوا ، فالنسورُ تنسَحِبُ وفِتيَة ٌ إن عاموا ، ففـَرخُ البَطِ عوامُ

صورة فارس ٍ يَرجُم ُ الدَبابة تدوي دامَ الشُجعانُ والجُبناءُ ماداموا

وصورَة ُ الدُرَّة ِ يـُقتـَل ُ خَلفَ والِده ِ سَيأتي يَوم ٌ وتحاسَب ُ عليها أقوام ُ

ياقدسُ لنْ يُعيدَكِ إلا مَنْ يَعشق ِ الكفن َ لن ْ يُعيدَك ِ مَن ْ هُم ْ للغَرب ِ أزلام ُ

قوافِل ُ الشُهداء ِ يُسَـيِّرُها الأبطال ُ كل ُ مَن أغاثك ِ ياقدس ُ كان َ هَمَّام ُ

بوركتْ أرضٌ عَلمَتهمْ رفقة َ القِمَم والبطون ُ التي حملتهم ْ والأرحام ُ

لايأتي الزمان ُ بأمثالِهم ْ كل َ يَوم أمثالـُهُم ْ مِن ْ ذهَب ٍ والذهَب ُ قوام ُ

**

عـُذرا ً مِن شاعِرنا الذي اعتـَقـَد َ أن َّ أجراس َ العـَودَة ِ أحلام ُ

عـُذرا ً فأجراس ُ العـَودة ِ أسمَعُها مِن ْ غـَزَة َ إلى الأقصى أنغام ُ

ومِن َ الجـُنوب ِ الثائـِر ِ نسـَمات ٌ سـَيَهـِبُ مِنها على الجَليل ِ إلهام ُ

ومِنْ شاعر المقاومةِ دوتْ كلماتٌ: بَعد َ سُـقوط ِ الشـُهَداء ِ يَبدأ ُ القـِيام ُ

ياقدس ُ لا تكوني مَع َ الزمان ِعلينا الزَمان ُ الـَيوم َ لـَنـا لوّام ُ

ياقدس ُ سامِحينا إن غـَفِلنا عَنك ِ أنت ِ تعرفين َ بأننا للمَجد ِ أعمام ُ

يا قدس ُ غـَفِلنا ولكن مانسيناك ِ سَنصحوا يَوما ً وتصحوا لنا الأيام ُ

*

شعر: طريف يوسف آغا

هيوستن / تكساس

شعبان 1430 / آب 2009

يرجى الضغط هنا للتعليق على القصيدة

قصيدة القدس على موقع المركز الثقافي السوري في باريس

http://www.centreculturelsyrien.info/article_details.php?id=13

قصيدة القدس (الشريطين الأول والثاني) على موقع يو توب