عمار وليد حسن  غصن آخر من الشجرة الزجلية الحداثية بالجزائر.

عمار وليد حسن 

غصن آخر من الشجرة الزجلية الحداثية بالجزائر.

 

 

        تعرف الكتابة الزجلية بالجزائر في شقها الحداثي ظهور أسماء شابة استهوتها اللغة الدارجة وأغوتها كتابات مبدعين مغامرين سابقين في هذا المجال .( أفتح دائما قوسا لأقول : إن الحداثة تمرد عن نمطية السائد وليس نفيا له هو فعل مغامرة ومخاطرة شبيهة بانفلات جدول من نهر وحفره لمجرى جديد وسرير لنهر آخر يزيد الطبيعة خصوبة وحياة ) . أقف اليوم عند تجربة عمار وليد حسان في نص  منشور على صفحته بالفايسبوك ، سأقارب النص من موقع المتلقي المعجب والعاشق للتجريب والمغامرة في الكتابة ومن باب التفاعل مع أقلام حليفة ، مع " العصابة الزجلية الجزائرية" كما يحلو القول للصديق المبدع المتعدد عبد الرزاق بوكبة أن ينعتها.

النص يمكن تفكيكه لخمسة مجزوءات أو لوحات أو مصفوفات بلغة الرياضيات 

1)

 كُل يوم

نْحوّس

على رْجل

نرْكل بيها هاذ الاَرض ؟!

على يّد

نصفع بيها هاذ الحْياة ؟!

نْحوس على فُم

يكتم هاذ التيه ؟!

نطلق هْبالي مرات !

ونحوس 

على راس يلبسْ

حلقة زُحَل ؟!

 

هو مقطع يحيل على  رغبة الذات عبر أعضاءها ( رجل/ يد/ فم / راس)  في رفض هذا العالم . رفض للظلم ولتيه والحيرة في الانتماء له ، رفض رمزي ." نركل بيه هذ الأرض" قد يحيلنا هذا الفعل للمسكوك الشعبي " اضرب الدنيا بركلة" للتعبير على عدم اهتمام بالحياة ومشاكلها هي قراءة موهمة لا تلبث أن تنتفي بالقادم من النص. طبيعة الفعل منذ الوهلة الأولى تجعل من الأعضاء ( رجل/ يد/ فم / راس) رموزا لا واقعية َلها سوى الفعل ذاته ( نركل/ نصع/ نكتم/ يليس). وتحيلنا إلى التسلح بالخيال لتفكيك شفرات النص.

 

2) 

كل يوم نحوس

على ابْرة

نُوخز بيها هاذ العالم ؟!

على رْصَاصة

ضحكت طفل !

على جبل نسْند عليه

خيباتي !!!!

مصفوفة ثانية  تنقلنا من فعل الذات وهي "تركل الأرض" " تصفع الحياة" تكتم التيه" كردة فعل للبحث خارج الذات عن آليات الفعل والتأثير ( ابرة/ رصاصة/ جبل ) ليستيقظ العالم ويحمل خيبات الذات و غربتها . الذات تصبح فاعلة عبر آليات خارجية .

3) 

مرات نلقاني

نحَوس في الهْواء ؟!

نبحث في السْما ؟!

بالاك تتنفس الأرواح المْقطعة !

مرات نحوس على مْكان

مِيسع لْ ضبحة !

نحوس على ضحكة

تحَيّر تعاسة العالم !

في هذه المصفوفة الثالثة  سيتحول الفعل إلى البناء إلى التصالح مع العالم بعد التفاعل معه عبر الفعل وردة الفعل الرافضة الباحثة عن سند من داخل الذات وخارجها ( تتنفس الارواح المقطعة/ تحير تعاسة العالم) وستتمكن الذات الشاعرة من التحليق خارج كل القيود لتستقر في مكان يتسع لكل الصيحات . 

4) 

مزال نحوس

على ضحكة

ترمم الخْراب

اللّي فْ داخلي ! 

مازالني نْحوس

على ريحة للصْبر

نْعطر بيها

طْريق اللْقا !

المصفوفة الرابعة عودة للبحث عن قدرات الذات( الذات الشاعرة)  وطاقاتها الداخلية لترميم خرابها الداخلي قلقها اتجاه عالم لا يسعها والبحث عن أفق جديد عن مدار للقاء .أكيد لقاء ذوات أخرى لعالم إنساني مثالي رغبة في التغيير وهو أمر يلزمه كثير من الصبر وطريق تعبيدُها يلزمه الفعل الجماعي . ا

5)

خايف يوم نحوس عليّا

في عينيك

ما نلقانيش !!!!

 

    في مصفوفة خامسة  بهلوانية خارقة أفق انتظارنا تنهي القصيدة بالخوف من التيه من جديد . التيه " في عينيك" ليبقى هذا الضمير " الكاف" بغموضه من هو أو هي؟ القصيدة؟ الذات؟ العالم؟ الوطن؟ حيث لم يتم التشوير لها في الطريق عير اللوحات الأربعة السالفة . هكذا تبقى النهاية المفتوحة كما نقول في لغة السينما . والشعر قلق لذا لا مكان فيه للنهايات السعيدة.

يمكن الوقوف أيضا للتفاعل مع النص وسبر أغواره من خلال تأويل الرموز : "رجل أكبر من العالم لركله/ يد نيزكية لصفع الحياة / فم قادر على كتم ضوضاء التيه/ ابرة قادرة على " تنغز العالم/ كيف لرأس أن يلبس حلقة زحل...الخ."

تتسم تجربة  عمار وليد حسن - أقول تجربة ولو أنها في بدايتها  -  لما تشي به من إمكانيات في التطور ، بالبعد الشذري فيها وهو تأثير ربما لما تقدّمه التجربة الشذرية ( أذكر على سبيل المثال لا الحصر تجربة عبد الرزاق بوكبة ورشيد ولد المومن في هذا المجال ) والميل للهايكو في هذه الأيام من إمكانات  وهي بالمناسبة سيف ذو حدين . التمكن  من التكثيف والكتابة بالبياض والفراغات العامرة في منظور التلقي شيء مهم في التجربة الحداثية وهي تقنية قد تحُول في استسهالها لفقدان طاقة ونفس القصيدة في بناءها وفي صورها الشعرية . لذا أنتصر للاشتغال على القصيدة . الشعر إلهام وصنعة وأتذكر دوما في هذا الباب قصائد الحوليات . مزيدا من الاشتغال صديقي عمار وليد حسن .

احميدة بلبالي 

المغرب