حين طلب مني المساهمة في هذا اللقاء / التوقيع الذي نظمه بيت المبدع بالرباط للثلجنار لم أتردد في الاستجابة لها لأحظى بتقاسم فرحة خاصة مع الصديقين عادل لطفي وعبد الرزاق بوكبة لاعتبارات خاصة، كوني جعلت للمبدعين ركنا قصيا في القلب وأغرقتهم فيه محبة واعتبارات ثقافية ليقيني أني أمام تجربة زجلية متفردة في سماء الزجل. "عبور " ( كما قال الزجال أحمد لمسيح في تقديمه للديوان) متبادل جغرافيا وإبداعيا.
ما إن قبلت الدعوة حتى شعرت بورطة . ورطة من وجد نفسه مباشرة وسط البحر وهو لم يخبر السباحة بعد. قلت سأتحرر من ترسانة خوفي وأسلم أمري للموج أينمى حملني. توقفت عند العنوان ودلالاته عله يرشدني إلى الداخل . الثلجنار هو نحت لكلمة جديدة أقرب ل: الثلج / النار وهو ايضا إضافة "ثاء" ل : الجلنار هو فعلا ثلجنار من بستان الإبداع . وجدت أن الديوان هو كتابان: تلوين الثلج وكتاب النار. تساءلت كيف لكتابين جمعا في كتاب أن يكونا وحدة منسجمة ومجنسة " ديوان"؟ الغلاف لا يجنس المنتوج سوى بتجربة زجلية مشتركة . في الورقة التقنية هناك إشارة للديوان تتعلق بدعم وزارة الثقافة، بينما في الورقة التقنية يتم الحديث عن الكتاب . انطلقت لسبر أغوار هذا المشترك عبر التوازي والتقاطع في تيمة الثلج والنار
الثلج
النار
- حارق ببرودته
- دفء في الصيف
- يحتمل الغياب( الماء)
- الطهارة
- الموت
_ باعث الحياة
- بهاء النظر
-الماء يقتل النار
- حارق بحرارته
- دفء في الشتاء
- يحتمل الغياب ( الرماد)
- الطهارة
- الموت
- باعث للحياة
- بهاء النظر
- النار تقتل الثلج
وضعت هذه التقابلات أمامي وانطلقت لمعانقة الكتاب . عادة أفضل أن أقرأ الكتب قبل أن أطلع على المقدمات مخافة أن أكون تحت رحمتها ومتأثرا بتوجيهها . حين عدت للمقدمة مسلحا بتفاصيل العمل، شعرت بفرح وخيبة في آن :فرحة كون الزجال الكبير احمد لمسيح طرّز ماء العمل بشكل مفصل ومتقن لم يترك لي ما أقول فيما كنت مخطِّطا له وخيبة لأني عدت لنقطة الانطلاق من جديد . ماذا أقول في حق الكتاب؟ مشروع السباحة التي استنجدت بها لم تسعفني لمخالفة ما جاء في التقديم. عدت من جديد أتلصص عبر البحث عن فكرة المشترك في الإبداع تذكرت "عالم بلا خرائط"... تذكرت "حماقات السلمون" ... كمشاريع . تذكرت تجارب دواوين مشتركة كردة فعل على صعوبات الإصدار الخاص . تجربة عالم بلا خرائط وحماقات السلمون لا نعرف كمتلقين من كتب فصلا أو فقرة أو قصيدة . ضد صعوبات الإصدار تكون التجارب مستقلة قد يكون مشتركا بينها لكن غالبا تكون بعدية وليس قبلية . دربة ف محل الكتبة ( تاكناويت).
تعبت في البحث عن التماثل في الشذرات ( المعارضة) و اخترت في النهاية أن أبحث عن اللاتماثل / antisymetrie في العمل أو التماثل المركزي الذي يقلب لنا الصورة وتوقفت عند الملاحظات التالية:
- عبد الرزاق بوكبة اشتغل على تعريف الثلج ( التعريف الرياضي أقصد)
بالنسبة له الثلج = ( ورقة كبيرة فتتها جوع الشتا/ فحمة تايبة / سلام بارد/حيرة ف صلاة / برنوس جد متورتش /دخان صابح / نشوة ذايبة / تربة هاربة / نملات تعبانة / عنوان الخيبة م روح خفيفة / كلمة صحيحة.
- التعريف لم يستهوي عادل كثيرا بالنسبة له النار = (طرف يتيم من الشمس / روح العنقا / نوارة ). هو اشتغل على وظيفة النار في وضعيات رياضية وخاصة تيمة الكتابة : القصيدة جمرة كادية / ف نارك شوقك ذابت حروفي شرق لكلام / تحرقت ف قصايدي/ باش تشرق تحرق/ شحال يقدني من كلمة نحطب لك باش ما تطفاش؟ / لقصيدة نار مكتطفاش)
للباحث عن لذة النص الوقوف على مفارقات وظيفية كثيرة للنار مع الذات وأحاسيسها المختلفة .( التوازي بين جوع النار وجوع الذات / لون النار ولون الذات / لعبة العطش عطش النار وعطش الذات / الضوء والنار...) وايضا عند مفارقات الثلج والذات ( الثلج والنشوة/ الفقدان اللون و"هي" ؟ / البرودة والدفء : رميت شوقي ليك ف الثلج زاد شعل/ يتلحف ثلج ...يدفي راس الفكرة/ بوست الثلج بوست الحب ص 69/ كرة الثلج والفكرة )
- اللا تماثل في التوطئة عبد الرزاق جعلها حكمة من جدته ( الثلج أكحل ك متحطبلوش) هل هي إشرة للتراث ؟ للمحلي فينا ؟ يمكن التوقف عند الجدة وتمثلها في مخيالنا الجمعي ، بينما جعل عادل التوطئة مقولة لبشلار( اللهيب يجبرنا على التخيل وحالما نشرع في الحلم أمام اللهب فإن كل ما نراه بصبح لاشيء نسبة لما نتخيله) هي إشارة للثقافة العالمة ؟ للحداثة ؟ للعالمية ؟ للعوائق الإستموليجية ...
- من ارتكب المعصية الأولى ؟ كما قال الصديق مراد القادري حين قدم ورقة في حق التجربة بملتقى آزموربالمغرب . عدت للتلصص على الصديقين من خلال الكتاب وأنا أعلم أن مكان التقاء الشاعرين هو جرسيف ذات لقاء محبة في مهرجان الهامش للشعر والتشكيل كنت شاهدا على جنون المبدعين وعلى "خطورة " عبد الرزاق بوكبة علما أن عادل لطفي خبرت خطورته في مدينتي تيفلت حين كان منشغلا ب "رسماته" والبحث عن مصطلح "لباليت" pallete يكفي أن تكون كلمة مصدر قلق للشاعر ليكون شاعر حقا ( لا استسهال في الكتابة). وجدت أن تلوين الثلج كتب في : البيضاء/ الجزائر العاصمة/ معسكر/ سيدي بلعباس/ مستغانم ، بينما كتاب النار كتب في : فاس/ القنيطرة / مراكش/ طانطان/ مكناس / جرسيف. توقفت عند جرسيف هل هي وشاية أن عادل من ارتكب المعصية الأولى أو الخطيئة الأولى ليتسبب في تيع الثلجنار ؟ ربما .
- مدة الكتابة عبد الرزاق بوكبة. اقترف نشوته / رعشته في ابريل وماي بينما عادل أخذت منه ابريل و ماي و يونيو هل هي مفارقة سرعة الذوبان الثلج؟ تأخرالحريق/ الرماد ؟ .
- مفارقة لا تماثلية أيضا أن عبد الرزاق بوكبة جاء من الرواية والشعر للزجل بينما عادل جاء من الزجل للزجل وسافر في الشعر والخواطر بعد ذلك.
- على مستوى توزيع سواد الشذرات اختار عبد الرزاق انسيابة حروف الكلمة الأخير عموديا كما سقوط الثلج وانسيابه داخل تربة البياض بينما عادل احتفظ بشذراته مركزا للبياض عكس اللهيب الذي يصعد في الهواء.
- عبد الرزاق بوكبة بقي وفيا للكتابة الشذرية بينما عادل لطفي في الصفحة 107 وضع نصا شعريا/نثريا وفي الصفحة 127 ملامح قصيدة سواد يعم كل الصفحة.
هذه الورقة / النميمة ثمرة جنون التلصص على المطبخ الداخلي للشاعرين كما تخيلته من خلال إشارات المكتوب رغم أن نوافذه محكمة الإغلاق قد يفتحها الشاعران ذات بوح سيرذاتي أو ذات ثمالة إبداعية أتمنى أن أكون نديما فيها.
حلفائي في الجنون حلفائي في المغامرة حلفائي في الخسارة لنا مشترك قادم أكيد
احميدة بلبالي شاعر من المغرب
الرباط 5 مارس 2015