متى الأصحاح السادس والعشرون
- الخميس صباحًا
يُدخلنا يوم الخميس العظيم في السرّ الفصحيّ.
تتميّز صلوات هذا اليوم بأربعة أحداث هي:
١- عشاء الربّ الأخير مع تلاميذه. ٢- غسل الرّب لأرجل التلاميذ. ٣- صلاة الرّب في الجسمانيّة. ٤- خيانة يهوذا.
الحدثان الأوّلان يكشفان محبّة الربّ المخلّصة العالم. الحدث الثالث يكشف طاعة يسوع لله الآب حتّى الموت. بينما الحدث الرابع، أي خيانة يهوذا، فيُظهر سرّ الإثم الذي هو انحراف المحبّة وتشويهها نحو شيء لا يستحقّ المحبّة. سرّ الإثم هذا هو الذي دفع المسيح إلى الصليب.
يوم الخميس إذًا نتذكّر ساعات يسوع الأخيرة مع تلاميذه، وتسليمه ومحاكمته من قبل السلطات اليهوديّة والرومانيّة. وبالتالي الموضوع الأساسيّ في هذا اليوم هو "المحبّة إلى المنتهى":
"كان يسوع يعلم أنّ الساعة قد حانت لينتقل من هذا العالم إلى أبيه، هو الذي أحبّ خاصّته الذين في العالم، أحبّهم إلى المنتهى"(يو 13: 21). المحبّة إلى المنتهى تمتدّ إلى الموت، إلى كسر الجسد وإهراق الدم، هذه الحقيقة التي أعلنها يسوع في العشاء السريّ مع تلاميذه حيث أسّس سرّ الإفخارستيّا موصيًا إيّاهم أن يأكلوا جسده ويشربوا دمه ويصنعوا لذكره ما فعل هو في هذا العشاء الأخير.
هكذا نحن في كلّ قدّاس إلهيّ نتمّم ما أوصانا يسوع بفعله. ففي هذا اليوم قدّم يسوع جسده ودمه كذبيحةٍ فدخل في آلامه. يبقى أنّ معنى العشاء السرّيّ هو أنّه "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان"، بل بالخبز النازل إلينا من فوق زادًا للشبع. فالله يهب لنا ذاته مأكلا ومشربًا في المسيح يسوع.
2- الخميس مساءً (سحر الجمعة)
عند المساء ندخل من نور الخميس العظيم إلى ألم الجمعة، يوم آلام المسيح وموته ودفنه، إذ يبدأ يوم الجمعة الليتورجيّ مساء الخميس بخدمة أناجيل الآلام التي هي صلاة سحر الجمعة. فكما تبعنا يسوع في يوم الخميس العظيم إلى العليّة، نتبعه في يوم الجمعة العظيم إلى الجلجلة.
الخدمة الطقسيّة لهذا اليوم قديمةٌ جدًّا، تعود نواتها إلى العصور المسيحيّة الأولى، إلى صلوات كنيسة أورشليم كما سبقت الإشارة في المقدّمة. وقد ضمّت ثلاثة عناصر:
- الأوّل يتألّف من تراتيل وقراءات وزيّاح ليليّ من جبل الزيتون إلى كنيسة القيامة حيث يوجد قبر المسيح؛
- الثاني يتضمّن السّجود لبقايا الصليب الكريم؛.
- الثالث يتضمّن الصلوات والقراءات في مكان الصلب نفسه.
هذه النواة الليتورجيّة الأورشليميّة وبتأثير الترتيب الطقسيّ البيزنطيّ أدّت في القرن التاسع إلى تكوين ما نعرفه اليوم بخدمة آلام المسيح، حيث الأنديفونات، الكاثسماطات، قراءة الأناجيل الإثني عشر.
هذه البنية الدراميّة للتسابيح تساعد المؤمنين على الغوص في المعنى العميق لآلام المخلّص وموته.
فهذا اليوم ليس فقط مجرّد رمز للصلب وتذكار له، فهو لا يتوقّف عند أمور ماضية. إنّه يوم يعلو فيه الشر ولكنه ينهزم على أقدام الرّب يسوع.
صحيح أن الشرّ لم يزول ويولّد خطايا جمّة وأصبح شبه قاعدة أساسيّة في هذا الدهر ولكنّه مهزوم.
وأمام هذا الحدث الخلاصي الذي تّممه الرّب يسوع المسيح بفدائه الطوعي على الصليب يُطرح السؤال التالي: نحن الذين نسمّي أنفسنا مسيحيّين، ألا نجعل غالبًا منطقنا كمنطق هذا العالم الذي حكم على يسوع بالموت؟
في أيّ جانب كنّا سنقف لو كنّا عائشين في أورشليم أيّام بيلاطس؟ هذا هو السؤال الذي يتوجّه إلينا مع كلّ كلمة من خدم الجمعة العظيمة.
هذا اليوم هو يوم دينونة هذا العالم الحقيقيّة لا الرمزيّة، ويوم دينونتنا الحقيقيّة لا الطقسيّة.
إنّه كشف لطبيعة هذا العالم الذي فضّل ولا يزال يفضّل الظلمة على النور، الشرّ على الخير والموت على الحياة. إنّ هذا العالم الذي أدان المسيح للموت أدان نفسه للموت. ونحن بقدر ما نقبل روحه وخطيئته وخيانته لله بقدر ما نكون مدانين.
ويبقى هذا اليوم يوم الفداء بامتياز، فموت المخلّص قد ظهر موتًا خلاصيًّا لنا. موت المسيح هو ذروة الكشف عن رحمته ومحبّته. وبالنهاية هو خلاصيٌّ لأنّه يحطّم نبع الموت نفسه: الشرّ. فخلال آلامه كلّها، كان المسيح وحده المنتصر لأنّ الشرّ لا يستطيع أن يفعل أيّ شيء ضدّه. وهذا هو السرّ المزدوج ليوم الجمعة العظيم، السرّ الذي تظهره الخدمة وتجعلنا نشترك فيه:
فمن جهةٍ هناك التشديد الدائم على آلام الربّ كخطيئة الخطايا. ففيه نتوغّل مع الربّ في آلامه التي تقرأها علينا الكنيسة ١٢ قراءة كما سبقت الإشارة بدءًا من خطاب الوداع في يوحنّا، حيث يعذب كلام السيّد عن نفسه وعن الآب والروح المعزّي والكنيسة الطالعة من جنبه المطعون. القراءات الأخرى تخبرنا عن كلّ ما جرى للربّ: القبض عليه، محاكمته، والآلام (البصاق والسياط، والتقريعات) التي اكتملت بصلبه ودفنه.
نحن نقرأ الأناجيل الإثني عشر المتعلقّة بآلام الربّ كما وردت عند الإنجيليّين الأربعة، كي لا يفوتنا شيء من بهاء حبّ الربّ لنا.
- التطواف بالصليب:
بعد تلاوة الإنجيل الخامس يُطاف بالصليب المقدّس أثناء ترنيم :"اليوم عُلّق على خشبة" التي هي على نفس وزن " اليوم يولد من البتول" التي نرتّلها في عيد ظهور الله في الجسد المعروف شعبيًّا بعيد الميلاد.
بعد التطواف يؤتى بهالصليب إلى وسط الكنيسة حيث يُثبّت في موضعه. نقول "اليوم عُلِّق على خشبة" للتعبير أنّه لم يبقَ زمانٌ يفصلنا عن موت السيّد المبارك. اليوم يموت من أجلنا لنحيا بالإيمان به ونفهم أنّنا نرث اليوم ثمار الخلاص بحيث نرجو السيّد أن يُنزل علينا خلاصه ولا نبقى متردّدين بينه وبين خطايانا. وفي نهاية الخدمة يسجد المؤمنون أمام مظاهر تواضع السيّد الطوعيّة.
لكنّ هذا الجوّ المفعم بالرهبة لا يحرمنا من فسحة رجاء إذ من الجهة الأخرى كلّ هذه القراءات تجعلنا نعيش الفرح وسط هذه الآلام منتظرين خلاصنا بالصليب. من هنا سُمّيَ هذا اليوم في الكنيسة الأولى "فصح الصليب"، لأنّه هو بالواقع بداية الفصح.
فذبيحة الحبّ التي تهيّء النصر الأخير تجعله حاضرًا منذ البداية. فمن قراءة الإنجيل الأوّل (يوحنّا 13: 31 -18: 1) التي تبدأ بإعلان المسيح الجليل"الآن يتمجّد ابن الإنسان ويتمجّد الله فيه" إلى الاستيشارة في آخر الخدمة هناك ازديادٌ للنور ونموٌّ بطيء للرجاء واليقين أنّ "الموت سيحطّم الموت": "إذ رأتك الجحيم المهزوء بها جدًّا يا منقذ الكلّ في قبر جديد موضوعًا من أجل الكلّ ارتاعت خائفة، وأبوابها وأقفالها حُطِّمت تحطيمًا والقبور فُتحت والموتى نهضوا والفرحان آدم إذ ذاك يا محبّ البشر ناداك شاكرًا المجد لتنازلك".
1في ذلك الزمان خرج يَسُوعُ مَعَ تَلاَمِيذِهِ إِلَى عَبْرِ وَادِي قَدْرُونَ، حَيْثُ كَانَ بُسْتَانٌ دَخَلَهُ هُوَ وَتَلاَمِيذُهُ. 2 وَكَانَ يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ يَعْرِفُ الْمَوْضِعَ، لأَنَّ يَسُوعَ اجْتَمَعَ هُنَاكَ كَثِيرًا مَعَ تَلاَمِيذِهِ. 3 فَأَخَذَ يَهُوذَا الْجُنْدَ وَخُدَّامًا مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ، وَجَاءَ إِلَى هُنَاكَ بِمَشَاعِلَ وَمَصَابِيحَ وَسِلاَحٍ. 4 فَخَرَجَ يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ بِكُلِّ مَا يَأْتِي عَلَيْهِ، وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ تَطْلُبُونَ؟» 5 أَجَابُوهُ: «يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ». قَالَ لَهُمْ:«أَنَا هُوَ». وَكَانَ يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ أَيْضًا وَاقِفًا مَعَهُمْ. 6 فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ:«إِنِّي أَنَا هُوَ»، رَجَعُوا إِلَى الْوَرَاءِ وَسَقَطُوا عَلَى الأَرْضِ. 7 فَسَأَلَهُمْ أَيْضًا: «مَنْ تَطْلُبُونَ؟» فَقَالُوا:«يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ». 8 أَجَابَ يَسُوع:«قَدْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي أَنَا هُوَ. فَإِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي فَدَعُوا هؤُلاَءِ يَذْهَبُونَ». 9 لِيَتِمَّ الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ: «إِنَّ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لَمْ أُهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدًا».... اضغط للمتابعة
10 ثُمَّ إِنَّ سِمْعَانَ بُطْرُسَ كَانَ مَعَهُ سَيْفٌ، فَاسْتَلَّهُ وَضَرَبَ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَقَطَعَ أُذْنَهُ الْيُمْنَى. وَكَانَ اسْمُ الْعَبْدِ مَلْخُسَ. 11 فَقَالَ يَسُوعُ لِبُطْرُسَ:«اجْعَلْ سَيْفَكَ فِي الْغِمْدِ! الْكَأْسُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ أَلاَ أَشْرَبُهَا؟».
12 ثُمَّ إِنَّ الْجُنْدَ وَالْقَائِدَ وَخُدَّامَ الْيَهُودِ قَبَضُوا عَلَى يَسُوعَ وَأَوْثَقُوهُ، 13 وَمَضَوْا بِهِ إِلَى حَنَّانَ أَوَّلاً، لأَنَّهُ كَانَ حَمَا قَيَافَا الَّذِي كَانَ رَئِيسًا لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ. 14 وَكَانَ قَيَافَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَى الْيَهُودِ أَنَّهُ خَيْرٌ أَنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ.
15 وَكَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَالتِّلْمِيذُ الآخَرُ يَتْبَعَانِ يَسُوعَ، وَكَانَ ذلِكَ التِّلْمِيذُ مَعْرُوفًا عِنْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَدَخَلَ مَعَ يَسُوعَ إِلَى دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. 16 وَأَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ وَاقِفًا عِنْدَ الْبَابِ خَارِجًا. فَخَرَجَ التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَكَلَّمَ الْبَوَّابَةَ فَأَدْخَلَ بُطْرُسَ. 17 فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ الْبَوَّابَةُ لِبُطْرُسَ:«أَلَسْتَ أَنْتَ أَيْضًا مِنْ تَلاَمِيذِ هذَا الإِنْسَانِ؟» قَالَ ذَاكَ:«لَسْتُ أَنَا!». 18 وَكَانَ الْعَبِيدُ وَالْخُدَّامُ وَاقِفِينَ، وَهُمْ قَدْ أَضْرَمُوا جَمْرًا لأَنَّهُ كَانَ بَرْدٌ، وَكَانُوا يَصْطَلُونَ، وَكَانَ بُطْرُسُ وَاقِفًا مَعَهُمْ يَصْطَلِي.
19 فَسَأَلَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَسُوعَ عَنْ تَلاَمِيذِهِ وَعَنْ تَعْلِيمِهِ. 20 أَجَابَهُ يَسُوعُ:«أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ عَلاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِمًا. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ. 21 لِمَاذَا تَسْأَلُنِي أَنَا؟ اِسْأَلِ الَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا مَاذَا كَلَّمْتُهُمْ. هُوَذَا هؤُلاَءِ يَعْرِفُونَ مَاذَا قُلْتُ أَنَا». 22 وَلَمَّا قَالَ هذَا لَطَمَ يَسُوعَ وَاحِدٌ مِنَ الْخُدَّامِ كَانَ وَاقِفًا، قَائِلاً: «أَهكَذَا تُجَاوِبُ رَئِيسَ الْكَهَنَةِ؟» 23 أَجَابَهُ يَسُوعُ:«إِنْ كُنْتُ قَدْ تَكَلَّمْتُ رَدِيًّا فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ، وَإِنْ حَسَنًا فَلِمَاذَا تَضْرِبُنِي؟» 24 وَكَانَ حَنَّانُ قَدْ أَرْسَلَهُ مُوثَقًا إِلَى قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ.
25 وَسِمْعَانُ بُطْرُسُ كَانَ وَاقِفًا يَصْطَلِي. فَقَالُوا لَهُ:«أَلَسْتَ أَنْتَ أَيْضًا مِنْ تَلاَمِيذِهِ؟» فَأَنْكَرَ ذَاكَ وَقَالَ:«لَسْتُ أَنَا!». 26 قَالَ وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَهُوَ نَسِيبُ الَّذِي قَطَعَ بُطْرُسُ أُذْنَهُ:«أَمَا رَأَيْتُكَ أَنَا مَعَهُ فِي الْبُسْتَانِ؟» 27 فَأَنْكَرَ بُطْرُسُ أَيْضًا. وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ.
28 ثُمَّ جَاءُوا بِيَسُوعَ مِنْ عِنْدِ قَيَافَا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ، وَكَانَ صُبْحٌ. وَلَمْ يَدْخُلُوا هُمْ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ لِكَيْ لاَ يَتَنَجَّسُوا، فَيَأْكُلُونَ الْفِصْحَ.
57 في ذلك الزمان أَمْسَكُ العسكر يَسُوعَ ومَضَوْا بِهِ إِلَى قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، حَيْثُ اجْتَمَعَ الْكَتَبَةُ وَالشُّيُوخُ. 58 وَأَمَّا بُطْرُسُ فَتَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ إِلَى دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَدَخَلَ إِلَى دَاخِل وَجَلَسَ بَيْنَ الْخُدَّامِ لِيَنْظُرَ النِّهَايَةَ. 59 وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ يَطْلُبُونَ شَهَادَةَ زُورٍ عَلَى يَسُوعَ لِكَيْ يَقْتُلُوهُ، 60 فَلَمْ يَجِدُوا. وَمَعَ أَنَّهُ جَاءَ شُهُودُ زُورٍ كَثِيرُونَ، لَمْ يَجِدُوا. وَلكِنْ أَخِيرًا تَقَدَّمَ شَاهِدَا زُورٍ 61 وَقَالاَ:«هذَا قَالَ: إِنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَنْقُضَ هَيْكَلَ اللهِ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِيهِ». 62 فَقَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَقَالَ لَهُ:«أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ مَاذَا يَشْهَدُ بِهِ هذَانِ عَلَيْكَ؟» 63 وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ سَاكِتًا. فَأَجَابَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَقَالَ لَهُ:«أَسْتَحْلِفُكَ بِاللهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ؟» 64 قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضًا أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ». 65 فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ حِينَئِذٍ ثِيَابَهُ قَائِلاً:«قَدْ جَدَّفَ! مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟ هَا قَدْ سَمِعْتُمْ تَجْدِيفَهُ! 66 مَاذَا تَرَوْنَ؟» فَأَجَابُوا وَقَالوُا :«إِنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ». 67 حِينَئِذٍ بَصَقُوا فِي وَجْهِهِ وَلَكَمُوهُ، وَآخَرُونَ لَطَمُوهُ 68 قَائِلِينَ:«تَنَبَّأْ لَنَا أَيُّهَا الْمَسِيحُ، مَنْ ضَرَبَكَ؟».
69 أَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ جَالِسًا خَارِجًا فِي الدَّارِ، فَجَاءَتْ إِلَيْهِ جَارِيَةٌ قَائِلَةً:«وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ!». 70 فَأَنْكَرَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ قَائِلاً: «لَسْتُ أَدْرِي مَا تَقُولِينَ!» 71 ثُمَّ إِذْ خَرَجَ إِلَى الدِّهْلِيزِ رَأَتْهُ أُخْرَى، فَقَالَتْ لِلَّذِينَ هُنَاكَ:«وَهذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» 72 فَأَنْكَرَ أَيْضًا بِقَسَمٍ:«إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» 73 وَبَعْدَ قَلِيل جَاءَ الْقِيَامُ وَقَالُوا لِبُطْرُسَ:«حَقًّا أَنْتَ أَيْضًا مِنْهُمْ، فَإِنَّ لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ!» 74 فَابْتَدَأَ حِينَئِذٍ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ:«إِنِّي لاَ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ. 75 فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلاَمَ يَسُوعَ الَّذِي قَالَ لَهُ:«إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تُنْكِرُني ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». فَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ وَبَكَى بُكَاءً مُرًّا.
33 في ذلك الزمان أَتَى الجند بيسوع إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ جُلْجُثَةُ، وَهُوَ الْمُسَمَّى «مَوْضِعَ الْجُمْجُمَةِ» 34 أَعْطَوْهُ خَّلاً مَمْزُوجًا بِمَرَارَةٍ لِيَشْرَبَ. وَلَمَّا ذَاقَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَشْرَبَ. 35 وَلَمَّا صَلَبُوهُ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ:«اقْتَسَمُوا ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً». 36 ثُمَّ جَلَسُوا يَحْرُسُونَهُ هُنَاكَ. 37 وَجَعَلُوا فَوْقَ رَأْسِهِ عِلَّتَهُ مَكْتُوبَةً:«هذَا هُوَ يَسُوعُ مَلِكُ الْيَهُودِ». 38 حِينَئِذٍ صُلِبَ مَعَهُ لِصَّانِ، وَاحِدٌ عَنِ الْيَمِينِ وَوَاحِدٌ عَنِ الْيَسَارِ.
39 وَكَانَ الْمُجْتَازُونَ يُجَدِّفُونَ عَلَيْهِ وَهُمْ يَهُزُّونَ رُؤُوسَهُمْ 40 قَائِلِينَ:«يَا نَاقِضَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، خَلِّصْ نَفْسَكَ! إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَانْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ!». 41 وَكَذلِكَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ مَعَ الْكَتَبَةِ وَالشُّيُوخِ قَالُوا: 42 «خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا! إِنْ كَانَ هُوَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ فَلْيَنْزِلِ الآنَ عَنِ الصَّلِيب فَنُؤْمِنَ بِهِ! 43 قَدِ اتَّكَلَ عَلَى اللهِ، فَلْيُنْقِذْهُ الآنَ إِنْ أَرَادَهُ! لأَنَّهُ قَالَ: أَنَا ابْنُ اللهِ!». 44 وَبِذلِكَ أَيْضًا كَانَ اللِّصَّانِ اللَّذَانِ صُلِبَا مَعَهُ يُعَيِّرَانِهِ.
45 وَمِنَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ. 46 وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» أَيْ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ 47 فَقَوْمٌ مِنَ الْوَاقِفِينَ هُنَاكَ لَمَّا سَمِعُوا قَالُوا:«إِنَّهُ يُنَادِي إِيلِيَّا». 48 وَلِلْوَقْتِ رَكَضَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَأَخَذَ إِسْفِنْجَةً وَمَلأَهَا خَّلاً وَجَعَلَهَا عَلَى قَصَبَةٍ وَسَقَاهُ. 49 وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَقَالُوا:«اتْرُكْ. لِنَرَى هَلْ يَأْتِي إِيلِيَّا يُخَلِّصُهُ!». 50 فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.
51 وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ، وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ، 52 وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ، وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ 53 وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ، وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ، وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ. 54 وَأَمَّا قَائِدُ الْمِئَةِ وَالَّذِينَ مَعَهُ يَحْرُسُونَ يَسُوعَ فَلَمَّا رَأَوْا الزَّلْزَلَةَ وَمَا كَانَ، خَافُوا جِدًّا وَقَالُوا:«حَقًّا كَانَ هذَا ابْنَ اللهِ!».
25 في ذلك الزمان كَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ. 26 فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ:«يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ». 27 ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ:«هُوَذَا أُمُّكَ». وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ.
28 بَعْدَ هذَا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ كَمَلَ، فَلِكَيْ يَتِمَّ الْكِتَابُ قَالَ:«أَنَا عَطْشَانُ». 29 وَكَانَ إِنَاءٌ مَوْضُوعًا مَمْلُوًّا خَّلاً، فَمَلأُوا إِسْفِنْجَةً مِنَ الْخَلِّ، وَوَضَعُوهَا عَلَى زُوفَا وَقَدَّمُوهَا إِلَى فَمِهِ. 30 فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ:«قَدْ أُكْمِلَ». وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.
31 ثُمَّ إِذْ كَانَ اسْتِعْدَادٌ، فَلِكَيْ لاَ تَبْقَى الأَجْسَادُ عَلَى الصَّلِيبِ فِي السَّبْتِ، لأَنَّ يَوْمَ ذلِكَ السَّبْتِ كَانَ عَظِيمًا، سَأَلَ الْيَهُودُ بِيلاَطُسَ أَنْ تُكْسَرَ سِيقَانُهُمْ وَيُرْفَعُوا. 32 فَأَتَى الْعَسْكَرُ وَكَسَرُوا سَاقَيِ الأَوَّلِ وَالآخَرِ الْمَصْلُوبِ مَعَهُ. 33 وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ، لأَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ. 34 لكِنَّ وَاحِدًا مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ، وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ. 35 وَالَّذِي عَايَنَ شَهِدَ، وَشَهَادَتُهُ حَق، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ لِتُؤْمِنُوا أَنْتُمْ. 36 لأَنَّ هذَا كَانَ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ:«عَظْمٌ لاَ يُكْسَرُ مِنْهُ». 37 وَأَيْضًا يَقُولُ كِتَابٌ آخَرُ:«سَيَنْظُرُونَ إِلَى الَّذِي طَعَنُوهُ».
38 في ذلك الزمان جاء يُوسُفَ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، وَهُوَ تِلْمِيذُ يَسُوعَ، وَلكِنْ خُفْيَةً لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، وسَأَلَ بِيلاَطُسَ أَنْ يَأْخُذَ جَسَدَ يَسُوعَ، فَأَذِنَ بِيلاَطُسُ. فَجَاءَ وَأَخَذَ جَسَدَ يَسُوعَ. 39 وَجَاءَ أَيْضًا نِيقُودِيمُوسُ، الَّذِي أَتَى أَوَّلاً إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً، وَهُوَ حَامِلٌ مَزِيجَ مُرّ وَعُودٍ نَحْوَ مِئَةِ مَنًا. 40 فَأَخَذَا جَسَدَ يَسُوعَ، وَلَفَّاهُ بِأَكْفَانٍ مَعَ الأَطْيَابِ، كَمَا لِلْيَهُودِ عَادَةٌ أَنْ يُكَفِّنُوا. 41 وَكَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ بُسْتَانٌ، وَفِي الْبُسْتَانِ قَبْرٌ جَدِيدٌ لَمْ يُوضَعْ فِيهِ أَحَدٌ قَطُّ. 42 فَهُنَاكَ وَضَعَا يَسُوعَ لِسَبَبِ اسْتِعْدَادِ الْيَهُودِ، لأَنَّ الْقَبْرَ كَانَ قَرِيبًا.
تراتيل الخميس العظيم المقدس
عندما كان التلاميذ المجيدون في غسل العشاء مستنيرين حينئذٍ يهوذا الرديئ العبادة مرض بمحبة الفضة و أظلم و للقضة العديمي الناموس دفعك أيها هل الحاكم العادل و سلّم . فيا عاشق الأموال أنظر إلى الذي من أجلها اضطر للشنق و اهرب من النفس الفاقدة الشبع التي تجاسرت بمثل هذا على المعلم . فيا من صلاحه شاملٌ الكل يارب المجد لك.
العشاء السّريّ
العشاء الأخير هو سّر العليّة المركزي. ويظهر الرّب يسوع، حقاً، الموزِّع والموزَّع، الذي يعطي ذاته لنا في الإفخارستيا. إذ نستقبل في هذا السّر خبز الحياة، جسد ودم المخلّص، فكلّ المؤمنين الأرثوذكس الذين يقتربون من المائدة المقدسة يؤمنون أن هذه النقطة لا تحتاج إلى توسّع وشرح. لكن قد تكون بعض جوانب من سّر الإفخارستيا أقل حضوراً في تفكيرهم، وهذا ما سوف نعالجه باختصار. إنّ الإفخارستيا هي ذبيحة المسيح من أجلنا، قبل أن تكون حضور المسيح فينا. من المهمّ أن نتذكر، في يوم الخميس العظيم هذا، بشكل خاصّ، الرابط الذي أراد رّبنا أن يقيمه ما بين وجبة العشاء في العليّة والفصح اليهودي، وبين هذه الوجبة نفسها والآلام.
كلّ إفخارستيا هي وجبة ذبائحية. ففي كلّ مرّة نتناول جسد المسيح الذي يُكسر ودم المسيح الذي يُهراق، نكون في شركة مع آلامه، ونشترك في ذبيحته. علينا أن نكسر أنفسنا ورغباتنا الأنانية ومشيئتنا ونقّدمها، يجب أن نغمد سكين المذبوح في قلوبنا. المناولة هي كسر روحي. ولكن يجب أن لا ننسى أنّ الذبيحة الفعلية لا تستنفذ كامل مفهوم الأضحية، فقبول الله للضحيّة جزء تكميلي منها، فعشاء العليّة وليتورجياتنا الإفخارستية ليست سّر آلام الرب فقط، بل سّر تمجيده وسّر جواب الآب أيضاً، كما تكشف القيامة والصعود. ثمّة إفخارستيا سماوية وأبدية، تُبقينا إفخارستياتنا الأرضية على اتصال بها. هناك جانب آخر لعشاء الرّب قد لا يعيه المسيحيون بشكل كاف، وهو أنّه شركة مع كلّ أعضاء الجسد السّري، وليس مع المسيح الرأس فقط. فبتحقيقنا الشركة مع يسوع المسيح ندخل في شركة مع جميع البشر، بقدر ما يشتركون (بالطبيعة والنعمة) في الله الصائر إنساناً. لأنّ الإفخارستيا هي اندماج في شخص يسوع، اندماج في الكنيسة مع جميع إخوتنا وأخواتنا. وأخيراً، يجب أن نتذكر ما قلناه سابقاً عن عليّة نفوسنا. وكما أنّ هناك ذبيحة وشركة أسراريّة، هناك أيضاً فصح غير منظور، ذبيحة وشركة روحية خالصة نستطيع تقديمها واستقبالها دوماً في سّر نفوسنا، ويمكن لهذه الإفخارستيا الداخلية، التي نخدمها نحن ونستقبلها نحن، أن تثمر فينا ثمراً كثيراً. من الممكن أن نتغذّى بالخبز الحي النازل من السماء، ونستهلك جسد ودم المسيح بالروح. يقول لنا، يسوع المسيح، كاهننا الأبدي، في كلّ لحظة، كما يفعل الكاهن الذي يخدم ليتورجياتنا الأرضية، "بخوف الله وإيمان ومحبّة تقدموا".
خيانة يهوذا
يجعلنا الخميس العظيم نتأمل خيانة يهوذا أيضاً. خيانته التي حصلت قبل أن يتفق مع كهنة اليهود على تسليم معلّمه لهم. أظهرها الرّب في العشاء الأخير في العليّة بطريقة خصوصية أليمة. "الذي أكل خبزاً تمرّد عليّ...الحق الحق أقول لكم: واحد منكم سيسلمني...هو الذي أناوله اللقمة التي أغمسها. وغمس يسوع لقمة ورفعها وناول يهوذا بن سمعان الإسخريوطي. فلما تناولها دخل الشيطان فيه". قبَل يهوذا اللقمة من يد يسوع، وقلبه ممتليء بالخيانة، وكم كان تصرّفه مقززاً وكريهاً! لقد دنّس مائدة الرب. ولكن، كم من المرات أخذنا مكاناً على هذه المائدة دون أن ننقي قلوبنا بشكل كاف؟ كم من المرات شاركنا في عشاء الرب، ونحن نفتح الطريق للخطيئة، جدياً وبإرادتنا الحرة؟ خان يهوذا معلّمه مرّة، بينما نحن نخون يسوع باستمرار. كون خيانتنا تتم في تفاصيل صغيرة، لا يبطل كونها خيانة. يقول يسوع ليهوذا: "اعمل ما أنت تعمله ولا تبطيء". فيخرج يهوذا ليتمّم عمله، عمل الموت "وكان الوقت ليلاً". كانت ساعة الظلام خارج العلية كما هي في قلب الخائن. إنّ كلمات يسوع ليهوذا بخصوص تتميم جريمته، لهي أعمق وأكثر رحمة مما تبدو للوهلة الأولى. فالتلاميذ، كما يخبرنا الإنجيلي الرابع، اعتقدوا أنّ يسوع قد أرسل يهوذا لكي يشتري بعض الحاجيات، أو ليعطي الفقراء شيئاً ما في العيد. وكان اعتقادهم صحيحاً ولكن ليس بالشكل الذي تصوروه. لقد أرسل يسوع يهوذا لكي يشتري حَمَل الفصح بثلاثين من الفضة، فسلّم سيده، حَمَلَ الفصح الحقيقي، وجعله، بذلك، أضحية الفصح الذي يكّفر عن كلّ خطايا العالم. إنّ الطيبة التي يكشفها يسوع في الفداء تهيمن على هول كلّ الخيانات.
نوجز، في الصلاة، معنى يوم الخميس العظيم. في طروبارية[1] اليوم التي نرّتلها في قدّاس اليوم بخشوع خاص، ونرّتلها في كلّ قدّاس عند تقدّم المؤمنين من المناولة المقدسة:
"اقبلني اليوم شريكاً لعشائك السّري يا ابن الله، فإني لست أقول سّرك لأعدائك، ولا أقّبلك قبلة غاشة مثل يهوذا، لكن كاللص أعترف لك هاتفاً: اذكرني يا رّب في ملكوتك".
المتروبوليت سابا اسبر