مجلة الإذاعة 1949

أعداد الإذاعة المصرية 1949

من مجلة "الراديو المصري" عام 1949 يتوفر 53 عددا بين 720 و 772 أي سنة كاملة زائدة عددا واحدا عن عدد أسابيع السنة

تحتفظ المجلة باسم "الإذاعة المصرية" الذي التزمت به لاحقا إلى أن ضمت برامج التليفزيون بعد بدء البث التليفزيوني في مصر ليصبح "الإذاعة والتليفزيون" وهو الاسم الذي احتفظت به المجلة إلى القرن 21

رغم تعهد الإدارة المصرية الجديدة التي تسلمت مؤسسة الإذاعة من شركة ماركوني للاتصالات اللاسلكية عام 1947 باتباع أسلوب إدارة أكثر تمثيلا للرأي والذوق المصري، والضجة الكبيرة التي أثارتها بهذه المناسبة، يبدو أنها لم توفق في ذلك تماما حتى أنها تعرضت لانتقادات أشد من السابق وظل الفنانون يشتكون من سوء الإدارة وعلى رأسهم محمد عبد الوهاب الذي اتهم الإذاعة صراحة بأنها أسوأ حالا مما كانت عليه تحت إدارة ماركوني كما جاء في العدد 723 الذي تضمن رد مدير الإذاعة على تصريحات عبد الوهاب واعترف فيه بمنع إذاعة أغنية فلسطين، وبرر ذلك بأنه كان بناء على طلب من شيخ الأزهر!

ويمكن من خلال أعداد المجلة متابعة اهتمام الإذاعة بأم كلثوم بطريقة مبالغ فيها مقارنة بغيرها من الفنانين، عن طريق نشر أخبارها وإذاعة أغانيها يوميا. ويلاحظ أيضا أن حفلات أم كلثوم كانت تدار بواسطة الإذاعة، فهي التي تقيم الحفلات وتوفر لها الدعاية وتذيعها على الهواء وهي التي تبيع التذاكر للجمهور. وبعد ذلك تدفع الإذاعة لأم كلثوم آلاف الجنيهات سنويا نظير إذاعة أعمالها رغم تعارض ذلك مع مبادئ حقوق المؤلفين والملحنين التي تكفل للمؤلف والملحن فقط حقوق الأداء العلني باعتبارهما المبدع الحقيقي لأي عمل فني. وبلغ الانتقاد ذروته على صفحات مجلات أخرى عندما نشرت مجلة الراديو المنافسة أن الإذاعة تدفع نحو ستة آلاف جنيه سنويا لأم كلثوم بينما يتقاضى المؤلف جنيهين فقط لمرة واحدة وللأبد!

ونشرت أيضا مطالبة محمد عبد الوهاب للإذاعة بأن يكون أجره عن أعماله أعلى من أم كلثوم، بفرض أنها تستحق، لأنها تغني فقط بينما عبد الوهاب يغني ويلحن. فهل كانت أم كلثوم تفرض شروطها أم كان تصرف الإذاعة تلقائيا من طرف واحد؟ وهل التزمت الصمت أمام تلك المفارقات؟ الحقيقة أنها لم تظل صامتة بل عارضت إنشاء جمعية المؤلفين والملحنين في مصر التي راسها عبد الوهاب ونادت بأن يكون للفنانين هيئة واحدة فقط تضمهم هي نقابة المهن الموسيقية التي تتولى هي رئاستها، رغم اختلاف طبيعة عمل المؤسستين ودوافع تكوينهما وكون الأولى لا تقبل عضوية المطربين

بعيدا عن جو أم كلثوم نلاحظ كثرة الفرق الموسيقية الرسمية والخاصة في ذلك الوقت والتي امتلأت بها برامج الإذاعة، وهي تقدم موسيقى بحتة دون غناء. ومن الفرق الرسمية عشرات من فرق الموسيقى العسكرية و"الملكية" التي كان تقدم أعمالا عالمية إلى جانب مؤلفات مصرية. وقدمت هذه الفرق قادة كبار ومؤلفين موسيقيين منهم محمد حسن الشجاعي وعبد الحليم علي وعبد الحميد عبد الرحمن وعبد المنعم الشربيني

وتعد هذه الفرق مدارس فنية في حد ذاتها لأنها تتيح الخبرة العملية والاطلاع على كثير من مؤلفات الشرق والغرب، خاصة أن الفرق "العسكرية" كانت أوركسترات قديرة تستخدم جميع أنواع الآلات المستخدمة في الأوركسترات العالمية، ولم تتقيد بموسيقى المارش بل عزفت أنواعا شتى من الموسيقى الكلاسيكية والحديثة ويمكن أن تجد في برامجها الافتتاحيات الأوبرالية إلى جانب الفالس والتانجو. وهذا التكوين والاتجاه جعل فرق الموسيقى، الرسمية خاصة، متقدمة كثيرا عن التخت الشرقي الذي يعزف خلف المطربين حتى ولو كان المطرب أم كلثوم أوعبد الوهاب ومهما كانت درجة إجادته

يظهر أيضا عودة الاهتمام بفن خالد الذكر سيد درويش الذي رعته "جماعة أصدقاء موسيقى سيد درويش" برئاسة عبد المجيد بدر باشا وضمت كبار الشعراء والفنانين مثل بديع خيري ونجيب الريحاني وجورج أبيض، وقدمت سيد درويش بصفته "زعيم النهضة الموسيقية الحديثة في مصر"، ويبدو أن الدكتور محمد صلاح الدين "بك" كان هو محرك حركة رد الاعتبار لسيد درويش حيث كان يجمع بين عضوية الجماعة وعضوية مجلس إدارة الإذاعة