الصباح 1948

يتوفر من أعداد مجلة الصباح 52 عددا صادرة سنة 1948 تحمل أرقاما بين 1110 و 1162

داومت "الصباح" خلال عام 1948 على شكلها في الأربعينات وحمل الغلاف الملون نسبة أكثر من صور نجوم الفن والسينما المصرية إلى جانب نجوم هوليود. وازداد حجم المجلة قليلا إذ بلغ متوسط عدد صفحاتها 52 صفحة من القطع المتوسط

ازدادت حدة النقد السياسي العربي والدولي مع اشتعال حرب فلسطين عام 1948، مع الإشارة دوما إلى دور بريطانيا وأمريكا في التخطيط لتوطين اليهود في فلسطين وإمدادهم بالسلاح والعتاد لإنشاء دولة يهودية، وحشد تأييد دولي للاعتراف بها والتغاضي عن جرائم العصابات الصهيونية. وأظهرت المجلة كيف عجل الجيش البريطاني بالجلاء عن فلسطين بسبب "عدم القدرة على السيطرة" بعد تدخله لحماية اليهود في مواجهة مع عرب فلسطين. لكنها أشارت في نفس الوقت إلى دور سلبي لعبه أثرياء فلسطين ببيع أراضيهم لليهود وأرجعت إليهم سبب "النكبة"

ومن أخبار مصر أبرزت المجلة استيلاء السطات المصرية على خط سيناء العسكري وطالبت الحكومة بالاستيلاء على قناة السويس لإتمام استقلال مصر بعد أن تم جلاء القوات البريطانية عن باقي المناطق، كما أشارت إلى فيلم سينمائي حول "معارك الجيش المصري في فلسطين". كذلك أثارت تساؤلا حول نشاط الصهيونية داخل مصر مستغلة تعاطف الطائفة الإسرائيلية المصرية بعد اكتشاف مصانع ذخيرة ومتفجرات في حي اليهود

في الموسيقى والفنون استمر النقد اللاذع لإدارة الإذاعة المصرية لسوء سياساتها وبرامجها ومعاملتها للفنانين، القدامي والجدد، كما استمر الاهتمام بالموسيقار الخالد سيد درويش وتخليد ذكراه. وحول أوبريت العشرة الطيبة نشرت المجلة مقالا لمحمد البحر نجل سيد درويش يوضح حقيقة الخلاف بينه وبين ومخرج الرواية (فؤاد الجزايرلي) بسبب استبدال المخرج نصوص الأغاني الأصلية بنصوص لا تتفق مع المعنى الذي صوره الملحن، مما اعتبره عبثا وتلاعبا بموسيقى سيد درويش

وحول نشيد بلادي كتبت المجلة أن سيد درويش الذي سمع الزعيم مصطفى كامل يلقي آخر خطبة قبل وفاته على مسرح زيزنيا بالإسكندرية واختتمها بقوله "بلادي بلادي .. لك حبي وفؤادي" قد نظم كلمات النشيد مستلهما معانيها من خطبة الزعيم ثم صاغها في لحن قومي عجيب، فسار كل فرد من أفراد الشعب يردده. وهذه وثيقة هامة ترد على ادعاءات نسبة الكلمات للشاعر محمد يونس القاضي، إذا أنه لم يعترض أو يحتج وظل صامتا حتى توفاه الله بعد نحو نصف قرن من وفاة سيد درويش

وقد أشرنا في تعليقنا إلى أن القيمة الحقيقية لأعمال سيد درويش هي قيمة فنية موسيقية تعبيرية وليست في الكلمات بحد ذاتها، ولو قدر لنفس الكلمات أن تكون من تلحين فنانين آخرين لما خرج النشيد بهذا الشكل. والحقيقة أن عبقرية سيد درويش الفنية هي التي جعلت من النص نشيدا قوميا عظيما أحيته الجماهير لأكثر من مائة عام

في ذلك الوقت كانت أم كلثوم على رأس نقابة الموسيقيين وعبد الوهاب يرأس جمعية المؤلفين والملحنين وتابعت المجلة أخبار النقابتين وما صدر عنهما من بيانات وقرارات، وأهمها مشروع قانون حماية الملكية الأدبية والفنية

شهد عام 1948 أحداثا فنية بارزة منها قصيدة فلسطين لعبد الوهاب، وعودة منيرة المهدية للغناء المسرحي في أوبريت "كلها يومين" لسيد درويش ورواية "المظلومة" من تلحين محمد القصبجي بعد انقطاع طويل، كذلك ظهور النجمة فاتن حمامة تغني لأول مرة، وربما لآخر مرة، في فيلم غنائي

من حوادث 1948 جاء مصرع القائد المصري احمد عبد العزيز، وتساءلت المجلة عن حقيقة الحدث وهل استشهد الفقيد في معارك فلسطين أم قتل بنيران صديقة؟ كما نشرت تفاصيل محاكمة شقيق المطربة صباح لقتله والدته، وصدور حكم محكمة جنايات بيروت في حقه بالإعدام

من الأخطاء الطريفة التي وقعت فيها المجلة عام 1948 خطأ في عنوان موضوع "الذكرى المئوية لمخترع القاطرة الحديدية"، فقد أشار العنوان إلى مخترع "الطائرة" بلا من "القاطرة". كذلك الإشارة إلى بداية العام 28 من عمر المجلة في العدد 1155 بينما احتفظت الترويسة بعد ذلك بالعبارة "السنة 27". وفي آخر عدد من العام يختلف تاريخ المجلة على الغلاف (29 ديسمبر) عن تاريخ الترويسة بالداخل (30 ديسمبر) وهو الأقرب للصواب لتماشيه مع يوم الصدور الأسبوعي