وَالخُلْفُ فِـي جَـوَازِ الاِشْتِغَالِ
بِـــهِ عَـلــَى ثَـلَـاثَــةٍ أَقْــــوَالِ
فَابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَاوِي حَرَّمَا
وَقَـالَ قَـوْمٌ يَنْبـَغِي أَنْ يُعْـلَمَـا
وَالقَوْلَـةُ المَشْهُـوْرَةُ الصَّحِيْـحَـهْ
جَـــوَازُهُ لِكَـامِـلِ القَـرِيْـحَـهْ
مُـمَـارِسِ السُّـنَّـةِ وَالكِتَـابِ
لِـيَـهـتَـدِي بِـهِ إِلَــى الصَّــوَابِ
⁕⁕⁕
فصلٌ في جواز الاشتغال به
النظم
وَالخُلْفُ فِـي جَـوَازِ الاِشْتِغَالِ
بِـــهِ عَـلــَى ثَـلَـاثَــةٍ أَقْــــوَالِ
فَابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَاوِي حَرَّمَا
((فصل في)) بيان ((جواز الاشتغال به))؛ ليكون الطالب على بصيرة.
اعلم أن علم المنطق على قسمين:
القسم الأول ما ليس مخلوطا بعلم الفلاسفة كالمذكور في هذا السلم، ومختصر الإمام السنوسي والعلامة ابن عرفة، ورسالة أثير الدين الأبهري المسمّاة بإيساغوجي، وتأليف الكاتبي والخونجي وسعد الدين وغيرهم من المتأخرين، فهذا ليس في جواز الاشتغال به خلاف، ولا يصد عنه إلا من لا معقول له بل هو فرض كفاية؛ لأن حصول القوة على رد الشكوك في علم الكلام الذي هو فرض كفاية يتوقف على حصول القوة في هذا العلم وما يتوقف عليه الواجب فهو واجب، لكن المصنف لما أراد أن يذكر أنه جائز جره ذلك إلى ذكر الخلاف فيحمل على ما هو مخلوط بعلم الفلسفة.
القسم الثاني ما هو مخلوط بعلم الفلاسفة وكفرياتهم، وهذا هو الذي وقع فيه الخلاف، والخلاف الواقع فيه على ثلاثة أقوال كما قال المصنف:
((والخلف في جواز الاشتغال به على ثلاثة)) بالتنوين ((أقوال)) بدل منه أو عطف بيان.
القول الأول ما أشار إليه بقوله: ((فــ))ـالإمام ((ابن الصلاح و)) الإمام أبو زكريا يحيى ((النواوي)) نسبة إلى نوى على غير قياس قرية من قرى الشام وقد ذكر ههنا سيدي سعيد كلاما ناقشناه فيه في الشرح ((حرَّما)) الاشتغال به ووافقهما على ذلك كثير من العلماء.
ووجه تحريم هؤلآء إياه أنه حيث كان مخلوطا بكفريات الفلاسفة يخشى على الشخص إذا خاض فيه أن يتمكن من قلبه بعض العقائد الزائفة كما وقع ذلك للمعتزلة.
النظم
وَقَـالَ قَـوْمٌ يَنْبـَغِي أَنْ يُعْـلَمَـا
وَالقَوْلَـةُ المَشْهُـوْرَةُ الصَّحِيْـحَـهْ
جَـــوَازُهُ لِكَـامِـلِ القَـرِيْـحَـهْ
مُـمَـارِسِ السُّـنَّـةِ وَالكِتَـابِ
لِـيَـهـتَـدِي بِـهِ إِلَــى الصَّــوَابِ
القول الثاني للجمهور وإليه أشار بقوله: ((وقال قوم ينبغي أن يعلما)) منهم الإمام حجة الإسلام الغزالي حتى قال: «من لا معرفة له بالمنطق لا يوثق بعلمه» وسماه معيار العلوم.
وقوله «ينبغي» يحتمل أن يكون بمعنى يجب كفاية كما تقدم ويحتمل أن يكون بمعنى يستحب.
القول الثالث التفصيل وإليه أشار بقوله: ((والقولة المشهورة الصحيحة * جوازه لكامل القريحة)) هي في الأصل أول ماء يستنبط أي: يستخرج من البئر ثم استعير لأول مستنبط من العلم أو لما يستنبط منه مطلقا لأنه سبب حياة الروح كما أن الماء سبب حياة الجسم ثم استعير للعقل ثم صار حقيقة عرفية فيه.
((ممارس السنة)) أي: الحديث ((والكتاب)) أي: القرآن، فيجوز له ((ليهتدي به إلى الصواب)) لكونه قد حصن عقيدته فلا يضره بعد ذلك الاطلاع على العقائد الفاسدة وشبهها.
أما إذا كان بليدًا فلا؛ لأنه لا يقدر على دفع شبههم فربما تمكّنت من قلبه، وكذا إذا كان ذكيا غير ممارس للسنة والكتاب، ومن هنا منعوا الاشتغال بكتب علم الكلام المشتملة على تخليطات الفلاسفة إلا للمتبحر.