باحث‭ ‬كردي‭ ‬يقترح‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬لبناء‭ ‬الدولة‭ ‬وترسيخ‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬كردستان‭ ‬العراق

باسل الخطیب

الزمان

19-06-2018

دعا‭ ‬باحث‭ ‬وأكاديمي‭ ‬كردي،‭ ‬إلى‭ ‬إحداث‭ ‬تغييرات‭ “‬جذرية‭” ‬لتحقيق‭ ‬نظام‭ “‬حكم‭ ‬رشيد‭” ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬كردستان،‭ ‬وضمان‭ ‬تماسكه‭ ‬بوجه‭ ‬الأزمات‭ “‬المصيرية‭”‬،‭ ‬مقترحاً‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬لإعلاء‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬وترسيخ‭ ‬النظام‭ ‬المؤسسي‭ ‬الكردستاني‭ ‬وترصينه‭. ‬جاء‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬جديد‭ ‬أصدره‭ ‬البروفيسور‭ ‬دلاور‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬علاء‭ ‬الدين،‭ ‬رئيس‭ ‬مؤسسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬للبحوث‭ (‬ميري‭)‬،‭ ‬ووزير‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬الكردستاني‭ ‬الأسبق،‭ ‬باللغة‭ ‬الكردية،‭ ‬بعنوان‭ ” ‬بنــاء‭ ‬الدولة‭- ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬لتعزيز‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬والمأسسة‭ ‬في‭ ‬إقليـم‭ ‬كوردستان‭”. ‬وقال‭ ‬علاء‭ ‬الدين،‭ ‬الذي‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬تولى‭ ‬مسؤولية‭ ‬البحث‭ ‬التطوير‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬نوتنغهام‭ ‬البريطانية،‭ ‬إن‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬مؤسسة‭ (‬ميري‭)‬،‭ ‬يسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬سبل‭ “‬إصلاح‭ ‬الآليات‭ ‬والهياكل‭ ‬المتبعة‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬كردستان‭ ‬لإرساء‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬وتهيئة‭ ‬الأرضية‭ ‬المناسبة‭ ‬والضرورية‭ ‬لتحقيق‭ ‬الحكم‭ ‬الرشيد‭”‬،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ “‬مستمراً‭ ‬في‭ ‬النمو‭ ‬على‭ ‬نمط‭ ‬متأثر‭ ‬بالأوضاع‭ ‬السياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬المحيطة‭”. ‬وأضاف‭ ‬أن‭ ‬ثقافة‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ “‬مقلدة‭ ‬وتتضمن‭ ‬عدة‭ ‬نماذج،‭ ‬منها‭ ‬عراقية‭ ‬قديمة‭ ‬أو‭ ‬خارجية‭ ‬متعددة‭ ‬المصادر‭ ‬والأوجه‭”‬،‭ ‬عاداً‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬أصبح‭ ‬نتيجة‭ ‬ذلك‭ “‬نموذجاً‭ ‬محلياً‭ ‬خاصاً‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬قوى‭ ‬إقليمية‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وأنظمة‭ ‬ضعيفة‭ ‬أو‭ ‬فاشلة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬القوى‭ ‬المتطرفة،‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬قالب‭ ‬محلي‭ ‬يضع‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬الديناميات‭ ‬المحلية‭ ‬المؤثرة‭ ‬بالتاريخ‭ ‬والثقافة‭ ‬والدين‭ ‬والموقع‭ ‬الجغرافي‭”. ‬ورأى‭ ‬علاء‭ ‬الدين،‭ ‬أن‭ ‬ضعف‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬المحيط‭ ‬الصعب‭ ‬بات‭ “‬مصدراً‭ ‬للأزمات‭ ‬والتهديدات‭ ‬لمستقبله‭ ‬ومصيره‭”‬،‭ ‬لافتاً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المحاولة‭ ‬البحثية‭ ‬سعت‭ ‬إلى‭ “‬تحديد‭ ‬الثغرات‭ ‬الجسيمة‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬حكم‭ ‬الإقليـم‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬نقدي،‭ ‬ووضع‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬للأعوام‭ ‬العشرة‭ ‬المقبلة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬معالجة‭ ‬تلك‭ ‬الثغرات،‭ ‬وتحديد‭ ‬كيفية‭ ‬إصلاح‭ ‬الآليات‭ ‬والهياكل‭ ‬المتبعة‭ ‬لإرساء‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬وتهيئة‭ ‬الأرضية‭ ‬المناسبة‭ ‬والضرورية‭ ‬لتحقيق‭ ‬الحكم‭ ‬الرشيد،‭ ‬استناداً‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭ ‬نماذج‭ ‬متبعة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬وإجراء‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬مقابلة‭ ‬شخصية‭ ‬مع‭ ‬خبراء‭ ‬ومختصين‭ ‬من‭ ‬صناع‭ ‬السياسة‭ ‬والقرار‭ ‬والأكاديميين،‭ ‬وإجراء‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الطاولات‭ ‬المستديرة‭ ‬المصغرة‭ ‬والكبيرة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬مدن‭ ‬الإقليم‭ ‬ومناطقه‭”.‬

ودعا‭ ‬رئيس‭ ‬مؤسسة‭ (‬ميري‭)‬،‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬تبني‭ ‬الإقليم‭ “‬دستور‭ ‬مؤقت‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬رسم‭ ‬الإطار‭ ‬والنهج‭ ‬العام‭ ‬للتنمية‭ ‬والتطوير‭ ‬لحين‭ ‬معالجة‭ ‬مسألة‭ ‬المناطق‭ ‬المتنازع‭ ‬عليها،‭ ‬ونقل‭ ‬السلطة‭ ‬ومرجعية‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭ ‬إلى‭ ‬داخل‭ ‬مؤسسات‭ ‬الحكم،‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬الأسس‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬قرارات‭ ‬الحكم‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬ظاهرة‭ ‬التدخل‭ ‬بشؤون‭ ‬مؤسسات‭ ‬الحكم‭ ‬ومفاصله‭”‬،‭ ‬وأن‭ ‬يتم‭ “‬تعزيز‭ ‬النُظُم‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬والقضائية‭ ‬لتكون‭ ‬مصادر‭ ‬للسلطة‭ ‬والقرار‭ ‬وليس‭ ‬أداة‭ ‬لها،‭ ‬وتجديد‭ ‬القوانين‭ ‬القديمة‭ ‬المعمول‭ ‬بها‭ ‬وسد‭ ‬ثغراتها،‭ ‬واستحداث‭ ‬اللامرکزية‭ ‬المؤسساتية‭ ‬بهدف‭ ‬تغيير‭ ‬نهج‭ ‬الحكومة‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬المركزية،‭ ‬وتفعيل‭ ‬دور‭ ‬الحكومات‭ ‬المحلية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تثبیت‭ ‬السلطات‭ ‬الإدارية‭ ‬والمالية‭ ‬وجعلها‭ ‬مستقلة،‭ ‬مع‭ ‬استحداث‭ ‬آليات‭ ‬كفيلة‭ ‬بتیسير‭ ‬عملية‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬وتعزيز‭ ‬الشفافية‭ ‬والتقليل‭ ‬من‭ ‬البيروقراطية،‭ ‬وتقوية‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ترشيق‭ ‬حجمها‭ ‬وخفض‭ ‬التضخم‭ ‬الحاصل‭ ‬جراء‭ ‬عدد‭ ‬موظفيها،‭ ‬وتعزيز‭ ‬نظم‭ ‬متابعة‭ ‬الأداء‭ ‬وآليات‭ ‬التقييم‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬واستحداث‭ ‬نظام‭ ‬محلي‭ ‬فعال‭ ‬لضمان‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات‭”.‬

كما‭ ‬اقترح‭ ‬المؤلف‭ ‬إحداث‭ “‬تغييرات‭ ‬جذرية‭ ‬بغية‭ ‬تعزيز‭ ‬الهيكل‭ ‬الإداري‭ ‬وعملية‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬وآليات‭ ‬المتابعة‭ ‬ضماناً‭ ‬لترسيخ‭ ‬وتماسك‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬بوجه‭ ‬الأزمات‭ ‬المصيرية‭”‬،‭ ‬منوهاً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأزمات‭ ‬السابقة‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬مواطني‭ ‬الإقليم‭ ‬وقيادته‭ ‬السياسية‭ (‬السلطة‭ ‬الحاكمة‭ ‬والمعارضة‭) “‬ليس‭ ‬أمامهم‭ ‬خيار‭ ‬غير‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬غمار‭ ‬عمليتي‭ ‬بناء‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬وبناء‭ ‬الوطن،‭ ‬معتمدين‭ ‬النية‭ ‬والإرادة‭ ‬والإصرار‭ ‬لتحقيقهما‭ ‬وجعلهما‭ ‬نواة‭ ‬الازدهار‭ ‬والرفاهية‭ ‬لمواطني‭ ‬الإقليم،‭ ‬وإلا‭ ‬لن‭ ‬يتمكن‭ ‬النظام‭ ‬الحالي‭ ‬تحقيق‭ ‬مطالب‭ ‬المواطنين‭”. ‬وتابع‭ ‬علاء‭ ‬الدين،‭ ‬أن‭ ‬البرلمان‭ ‬يشكل‭ “‬مركزاً‭ ‬للسلطة‭ ‬القانونية‭ ‬والسياسية‭ ‬والمعنوية‭ ‬التي‭ ‬تحفز‭ ‬وتدفع‭ ‬بمؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬الأمام،‭ ‬كونه‭ ‬المنبر‭ ‬الطبيعي‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬تناقش‭ ‬القيادات‭ ‬العليا‭ ‬للأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬الرؤى‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬بهدف‭ ‬تحديد‭ ‬مسار‭ ‬الدولة‭ ‬واتجاهاتها‭ ‬وإيجاد‭ ‬حلول‭ ‬للنزاعات‭ ‬والأزمات‭ ‬الداخلية‭”‬،‭ ‬مطالباً‭ ‬باعتماد‭ “‬حزمة‭ ‬من‭ ‬الآليات‭ ‬وتشريع‭ ‬قوانين‭ ‬جديدة‭ ‬لنقل‭ ‬السلطة‭ ‬ومرجعية‭ ‬القرار‭ ‬إلى‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان،‭ ‬منها‭ ‬انضمام‭ ‬رؤساء‭ ‬الأحزاب‭ ‬المتنافسة‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬إلى‭ ‬المجلس‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الترشيح،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬ونائبه‭ ‬من‭ ‬البرلمانين‭ ‬المنتخبين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المواطن‭ ‬وأن‭ ‬يبقوا‭ ‬كذلك‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬تكليفهم‭ ‬بتشكيل‭ ‬الحكومة،‭ ‬وأن‭ ‬يعرض‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬والوزراء‭ ‬الرؤى‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬والخطط‭ ‬على‭ ‬البرلمان،‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬مثولهم‭ ‬أمامهم‭ ‬دورياً،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬إضفاء‭ ‬الصفة‭ ‬المؤسسية‭ ‬على‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الوزراء‭ ‬واللجان‭ ‬البرلمانية‭”.‬

ودعا‭ ‬المؤلف‭ ‬أيضاً،‭ ‬إلى‭ “‬تشكيل‭ ‬مجلس‭ ‬شيوخ‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬ومسؤولين‭ ‬رفيعي‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬تبوؤا‭ ‬مناصب‭ ‬رفيعة‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬خبراتهم‭ ‬وضمان‭ ‬عدم‭ ‬ضياعها‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬حرمانهم‭ ‬من‭ ‬الامتيازات‭ ‬القيادية‭”‬،‭ ‬مبيناً‭ ‬أن‭ ‬المجلس‭ ‬سيسهم‭ ‬في‭ “‬تحفيز‭ ‬الأجيال‭ ‬المتقدمة‭ ‬بالتنحي‭ ‬عن‭ ‬السلطة‭ ‬بصورة‭ ‬تتسم‭ ‬بالاحترام‭ ‬وتضمن‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬البقاء‭ ‬ضمن‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭”.‬

واستطرد‭ ‬أن‭ ‬الحاجة‭ ‬ماسة‭ ‬إلى‭ “‬إعادة‭ ‬تعريف‭ ‬هيكلية‭ ‬ودور‭ ‬وأداء‭ ‬البرلمان‭ ‬مثلها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مثل‭ ‬أي‭ ‬مؤسسة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭”‬،‭ ‬مقدماً‭ ‬حزمة‭ ‬مقترحات‭ ‬بهدف‭ “‬تعديل‭ ‬قانون‭ ‬الانتخابات‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬الخبرات‭ ‬البرلمانية‭ ‬المتراكمة‭ ‬وإصلاح‭ ‬العمل‭ ‬البرلماني‭ ‬وتفعيل‭ ‬رئاسة‭ ‬المجلس‭ ‬والكتل‭ ‬واللجان‭ ‬والمستشارين،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬تأسيس‭ ‬المجلس‭ ‬العام‭ ‬القانوني‭ ‬وهيئة‭ ‬التشريع‭ ‬ومعهد‭ ‬الدراسات‭ ‬القانونية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬لإضفاء‭ ‬الصفة‭ ‬المؤسسية‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬دراسة‭ ‬وتشريع‭ ‬القوانين‭ ‬وتشخيص‭ ‬الثغرات‭ ‬القانونية‭ ‬ومعالجتها‭”. ‬

ولم‭ ‬يغفل‭ ‬المؤلف‭ ‬السلطة‭ ‬القضائية‭ ‬في‭ ‬الإقليم،‭ ‬كونها‭ ‬من‭ “‬أهم‭ ‬ركائز‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬وعمليتي‭ ‬بناء‭ ‬الوطن‭ ‬والدولة‭”‬،‭ ‬مؤكداً‭ ‬أن‭ ‬قيادة‭ ‬وآليات‭ ‬الإدارة‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬القضائية‭ “‬ضعيفة‭ ‬وهزيلة‭ ‬جداً،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬المحاكم‭ ‬أداة‭ ‬تستخدم‭ ‬لتحقيق‭ ‬مصالح‭ ‬شخصية،‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬اعتماد‭ ‬نظام‭ ‬معاصر‭ ‬لتقويم‭ ‬أداء‭ ‬القضاة‭ ‬والادعاء‭ ‬العام‭ ‬لضمان‭ ‬جودة‭ ‬أداء‭ ‬الواجبات‭ ‬الملقاة‭ ‬على‭ ‬عاتقهم‭”.‬

‭ ‬وبشأن‭ ‬تعزيز‭ ‬نظام‭ ‬الجودة‭ ‬والمتابعة‭ ‬في‭ ‬الإقليم،‭ ‬دعا‭ ‬علاء‭ ‬الدين،‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرسمية‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬داخل‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬الحالي‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬كردستان،‭ ‬لأن‭ “‬تقوم‭ ‬بدور‭ ‬فعال‭ ‬في‭ ‬متابعة‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭”‬،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬بالمتابعة‭ ‬تضم‭ ‬كلا‭ ‬من‭ “‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية،‭ ‬رئاسة‭ ‬الادعاء‭ ‬العام،‭ ‬هيئة‭ ‬النزاهة،‭ ‬اللجان‭ ‬البرلمانية‭ ‬ومجالس‭ ‬المحافظات‭ ‬والأقضية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تضم‭ ‬الجهات‭ ‬الرقابية‭ ‬بنحو‭ ‬غير‭ ‬مباشر،‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬الصحافة‭ ‬والإعلام‭ ‬والنقابات‭”.‬

واقترح‭ ‬المؤلف‭ ‬كذلك،‭ ‬إعادة‭ ‬صياغة‭ ‬هيكلة‭ ‬الحكومة‭ ‬وتفعيلها،‭ ‬مؤكداً‭ ‬أن‭ ‬الهيكل‭ ‬الإداري‭ ‬لمؤسسات‭ ‬الإقليم‭ ‬بات‭ ‬بمثابة‭ “‬دابة‭ ‬ضخمة‭ ‬هزيلة‭ ‬تدار‭ ‬بطريقة‭ ‬مركزية‭ ‬بحتة،‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬مراجعة‭ ‬جذرية‭ ‬شاملة‭”‬،‭ ‬داعياً‭ ‬إلى‭ “‬تفكيك‭ ‬ودمج‭ ‬الوزارات‭ ‬بحسب‭ ‬التخصصات‭ ‬المتقاربة،‭ ‬وإعادة‭ ‬تعريف‭ ‬دور‭ ‬الوزير‭ ‬وأصحاب‭ ‬الدرجات‭ ‬الخاصة‭ ‬ومهامهم،‭ ‬وأن‭ ‬يقتصر‭ ‬دور‭ ‬الكابينة‭ ‬الوزارية‭ ‬والوزارات‭ ‬على‭ ‬صياغة‭ ‬ورسم‭ ‬الرؤى‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬والخطط‭ ‬الشاملة‭ ‬وإصدار‭ ‬التعليمات‭ ‬الوظيفية‭ ‬وضمان‭ ‬جودة‭ ‬الأداء‭ ‬الوظيفي،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تسليم‭ ‬قيادة‭ ‬وإدارة‭ ‬المؤسسات‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المحافظات‭ ‬للحكومات‭ ‬المحلية‭ ‬مع‭ ‬الأخذ‭ ‬بالاعتبار‭ ‬فصل‭ ‬السلطات‭ ‬وليس‭ ‬نقلها‭”.‬

وبشأن‭ ‬المحافظات،‭ ‬رأى‭ ‬علاء‭ ‬الدين،‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬إعادة‭ “‬تعريف‭ ‬هيكلة‭ ‬المحافظات،‭ ‬وأن‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬دوائر‭ ‬عامة‭ ‬صغيرة‭ ‬تنسق‭ ‬فيما‭ ‬بين‭ ‬الوزارات‭ ‬والحكومات‭ ‬المحلية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأقضية‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مسؤولة‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الإدارية‭”‬،‭ ‬معتبراً‭ ‬أن‭ ‬الأقضية‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ “‬الحجر‭ ‬الأساس‭ ‬للحكومة‭ ‬المحلية،‭ ‬والوحدات‭ ‬الإدارية‭ ‬الحقيقية‭ ‬لكن‭ ‬بهيكلية‭ ‬وتشكيلة‭ ‬جديدة،‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬القائمقام‭ ‬رئيساً‭ ‬للوحدة‭ ‬الإدارية‭ ‬والمسؤول‭ ‬الأول‭ ‬للسلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دوائر‭ ‬ها‭ ‬الخاصة‭ ‬شبه‭ ‬مستقلة‭”.‬

وأوضح‭ ‬أن‭ ‬فوائد‭ ‬النموذج‭ ‬اللامرکزي‭ ‬المقترح‭ ‬کثيرة،‭ ‬منها‭ “‬تقليل‭ ‬الروتين‭ ‬واستحداث‭ ‬عملية‭ ‬النافذة‭ ‬الواحدة،‭ ‬استعادة‭ ‬الهيبة‭ ‬والوقار‭ ‬لمنصب‭ ‬القائمقام‭ ‬ومديري‭ ‬النواحي‭ ‬والأقضية‭ ‬والحكومة‭ ‬إجمالا،‭ ‬واستعادة‭ ‬أواصر‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬والمواطن،‭ ‬معالجة‭ ‬مشكلة‭ ‬التضخم‭ ‬الفوقي‭ ‬وإعادة‭ ‬توزيع‭ ‬الموظفين‭ ‬في‭ ‬الوزارات،‭ ‬إعادة‭ ‬إعمار‭ ‬الأقضية‭ ‬والنواحي‭ ‬والقرى‭ ‬والأرياف‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬المستوى‭ ‬المعيشي،‭ ‬تقليل‭ ‬الفساد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نقل‭ ‬السلطة‭ ‬والمسؤوليات‭ ‬وكذلك‭ ‬تفعيل‭ ‬نظام‭ ‬المتابعة‭ ‬والرقابة‭”.‬

وأقترح‭ ‬المؤلف‭ ‬أيضاً‭ “‬إلغاء‭ ‬منصب‭ ‬رئيس‭ ‬الإقليم‭ ‬وديوان‭ ‬الرئاسة،‭ ‬مع‭ ‬إضفاء‭ ‬الصفة‭ ‬المؤسسية‭ ‬على‭ ‬رئاسة‭ ‬ديوان‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬وجعلها‭ ‬أمانة‭ ‬عامة‭ ‬بهيكلية‭ ‬جديدة،‭ ‬مع‭ ‬استحداث‭ ‬دائرة‭ ‬للتنسيق‭ ‬والمتابعة‭ ‬تلحق‭ ‬بها‭ ‬لمتابعة‭ ‬المشاريع‭ ‬وسير‭ ‬العـمليات‭ ‬وأداء‭ ‬الوزارات‭ ‬وتقويم‭ ‬نوعيتها‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬السلطة‭”‬،‭ ‬كما‭ ‬يقترح‭ “‬إلغاء‭ ‬مجلس‭ ‬أمن‭ ‬إقليم‭ ‬كردستان‭ ‬ودمج‭ ‬تشكيلاته‭ ‬بالوزارات‭ ‬المعنية‭”.‬

يذكر‭ ‬أن‭ ‬مؤسسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬للبحوث،‭ ‬منظمةٌ‭ ‬أكاديمية‭ ‬مستقلةٌ‭ ‬غير‭ ‬هادفة‭ ‬للربح،‭ ‬تركز‭ ‬جهودها‭ ‬على‭ ‬القضايا‭ ‬السياسية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالشعب‭ ‬والأرض‭ ‬ونظام‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بعامة،‭ ‬وكردستان‭ ‬والعراق‭ ‬بخاصة،‭ ‬يقع‭ ‬مقرها‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬أربيل‭ ‬عاصمة‭ ‬إقليم‭ ‬كردستان،‭ ‬وتهدف‭ ‬المؤسسة‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬وتطوير‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬الحكم‭ ‬الرشيد،‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬والرخاء‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاقتصادي‭.‬