اهلا وسهلا بكم في موقع مجلة الاصلاح للثقافة والادب
Post date: Jul 27, 2013 12:00:34 PM
بقلم: الأستاذ حسني بيادسه
هذا الكتاب وضع أصلاﹰ باللغة السويدية بقلم انجمار كارلسون كاتب ومحلل سياسي سويدي ترجمه إلى العربية سمير بوتاني، عدد صفحاته 232 صفحة من الحجم المتوسط.
قبل سنوات في الربع الأخير من القرن الماضي طرح البروفيسور الأمريكي صموئيل هنتنجون نظريته حول "صدام الحضارات" وكرّر سياسون وباحثون كثيرون مقولته التي تقول "إن الخطر الأخضر (أي الإسلام ذو الروايات الخضر) سوف يحل محل الخطر الأحمر (الشيوعي) وذلك من خلال الأصولية الإسلامية" والتي قالوا أنها تمثل تهديدا كبيرا ضد الحضارة الغربية، وكثيرون يعتبرون الإسلام كمجموعة متراصّة ومتماسكة تتسم بالأصولية واللاتسامح، كان من نتيجة هذه الأفكار والمعتقدات أن ظهرت ظاهرة "الإسلام فوبيا" في الغرب (أي الخوف من الإسلام) وظهر لهذه الظاهرة مروجّون كثر، من الحاقدين على العرب والمسلمين مستغلين الحروب الصليبية كذريعة لهذا الخوف المفتعل، وبما أن مؤلف الكتاب سويدي فلا بد من التطرّق إلى ظاهرة الإسلام في السويد فالإحصائيات الشبه رسمية تقول إن في السويد وفي الفترة التي ظهر فيها الكتاب أقل من نصف مليون من ذوي الخلفيات الإسلامية ومن عدة دول إسلامية يؤدون شعائرهم الدينية في مساجد عدة وفي مدن عدّة في السويد وهذا العدد من المسلمين يفوق عدد إتباع المذهب الكاثوليكي وعلى ما يبدو فأن الإسلام، وعلى ذمّة المؤلف، في طريقه ليصبح ديناﹰ سويدياﹰ كالمسيحية واليهودية، وبناء المساجد في عدة مدن سويدية مؤشر ايجابي وتواجد التلاميذ المسلمين الفعّال في المدارس السويدية وصدور ترجمة سويدية جديدة للقرآن الكريم ستعمل جميعها حتماﹰ على تغيير صورة المسلم لدى الأجيال الصاعدة بوجه خاص.
هذا وقد أثار كتاب "أوروبا والإسلام" لدى صدوره باللغة السويدية اهتماماﹰ كبيراﹰ في أوساط المعنيين والمتتبعين وساهم في دعم الحوار القائم بين أوروبا والعالم الإسلامي، وبعض الطروحات والتي وردت في الكتاب أصبحت فيما بعد أساسات قامت عليها المبادرة السويدية من خلال "الإسلام في أوروبا" وساهمت في الحوار حول عملية دمج وتأهيل المهاجرين المسلمين في الدول الأوروبية.
ولتتكون لدى القارىء فكرة عن أهمية هذا الكتاب نقتطف بعضاﹰ من مقدمة الكتاب كما دونها المؤلف نفسه: "إن ما استنتجته يتلخّص في أن تحوّل الإسلام إلى عدو للغرب، إنما يتوقف في المقام الأول علينا نحن الأوروبيين ذلك أن العنصرية وعدم التسامح والقومية المتزمتّة تستفحل في سائر أنحاء أوروبا كرد فعل على الهجرة، والمطلوب انتهاج سياسة هجرة لا تؤدي إلى عزل المسلمين في "غيتواتهم" بل تمهّد لنشوء إسلام أوروبي يكون جسراﹰ بين أوروبا وجيرانها المسلمين" .
"والجدير بالذكر أن الإسلام ليس ظاهرة طارئة على الأراضي الأوروبية فقد قامت دولة إسلامية استمرت 800 سنة في الأندلس، تلك الحقبة الزمنية التي اتسمّت بأهميتها الفعلية لأوروبا وتأثيراتها الايجابية على الفلسفة والثقافة والفن، وعالجت بصورة خاصة التعايش المثمر آنذاك بين الأديان السماوية الثلاثة: الإسلام المسيحية واليهودية، الذي تم في ظل تفوّق الحضارة الإسلامية التي كانت الشريك المعطاء في ذلك التعايش.
(باقة الغربية)