Search this site
Embedded Files
شريعتك
  • الصفحة الرئيسية
  • القرآن الكريم
  • التلمود
    • أسفار التوراة
      • سفر التكوين
      • سفر الخروج
      • سفر اللاويين
      • سفر العدد
      • سفر التثنية
    • فقه الزروع "تعاليم الزراعة"
    • فقه موعيد"تعاليم الأعياد والمناسبات والمواسم"
    • فقه ناشيم "تعاليم النساء والأسرة"
    • فقه نزيقين "تعاليم الأضرار"
    • فقه قداشیم"تعاليم المقدسات والعبادات"
    • فقه طهاروت "تعاليم الطهارة"
  • أصول الفقه
  • العلوم الفقهية
    • فقه الإمامة والرياسة
    • علم فقه الجهاد في سبيل الله
    • فقه القتال في سبيل الله
    • علم فقه الفرائض "المواريث"
    • علم فقه النكاح والفرقة "الأسرة"
    • علم فقه الأطعمة والأشربة والذكاة والصيد
    • علم فقه العبادات
      • الطهارة
      • الصلاة
      • الجنائز
      • الزكاة
      • الصيام
      • الحج والعمرة
    • علم فقه المعاملات
    • علم فقه الحدود
    • علم فقه القصاص
    • علم فقه القضاء
    • علم فقه التعزير والردة والأيمان والنذور
    • علم فقه الدعوة إلى الله
    • فقه الآداب الإتيكيت العربي الإسلامي
  • تطبيقات
    • القارئ للاستماع إلى القرآن
    • تفسير القرآن
    • مكتبة تراث
    • الباحث القرآني
    • الباحث الحديثي
    • مواقيت الصلاة
    • مقرئ المتون
    • المقرئ لحفظ القرآن
    • موضوعات القرآن الكريم
    • المكتبة الشاملة
    • الأستاذ/ طارق العقيلي
    • الكتاب المقدس
    • الكتاب المقدس الدراسي
    • التفسير التطبيقى للكتاب المقدس
    • القرآن الكريم آيات
    • محطة الإذاعية أ/طارق العقيلي
  • التحميلات
شريعتك
  • الصفحة الرئيسية
  • القرآن الكريم
  • التلمود
    • أسفار التوراة
      • سفر التكوين
      • سفر الخروج
      • سفر اللاويين
      • سفر العدد
      • سفر التثنية
    • فقه الزروع "تعاليم الزراعة"
    • فقه موعيد"تعاليم الأعياد والمناسبات والمواسم"
    • فقه ناشيم "تعاليم النساء والأسرة"
    • فقه نزيقين "تعاليم الأضرار"
    • فقه قداشیم"تعاليم المقدسات والعبادات"
    • فقه طهاروت "تعاليم الطهارة"
  • أصول الفقه
  • العلوم الفقهية
    • فقه الإمامة والرياسة
    • علم فقه الجهاد في سبيل الله
    • فقه القتال في سبيل الله
    • علم فقه الفرائض "المواريث"
    • علم فقه النكاح والفرقة "الأسرة"
    • علم فقه الأطعمة والأشربة والذكاة والصيد
    • علم فقه العبادات
      • الطهارة
      • الصلاة
      • الجنائز
      • الزكاة
      • الصيام
      • الحج والعمرة
    • علم فقه المعاملات
    • علم فقه الحدود
    • علم فقه القصاص
    • علم فقه القضاء
    • علم فقه التعزير والردة والأيمان والنذور
    • علم فقه الدعوة إلى الله
    • فقه الآداب الإتيكيت العربي الإسلامي
  • تطبيقات
    • القارئ للاستماع إلى القرآن
    • تفسير القرآن
    • مكتبة تراث
    • الباحث القرآني
    • الباحث الحديثي
    • مواقيت الصلاة
    • مقرئ المتون
    • المقرئ لحفظ القرآن
    • موضوعات القرآن الكريم
    • المكتبة الشاملة
    • الأستاذ/ طارق العقيلي
    • الكتاب المقدس
    • الكتاب المقدس الدراسي
    • التفسير التطبيقى للكتاب المقدس
    • القرآن الكريم آيات
    • محطة الإذاعية أ/طارق العقيلي
  • التحميلات
  • More
    • الصفحة الرئيسية
    • القرآن الكريم
    • التلمود
      • أسفار التوراة
        • سفر التكوين
        • سفر الخروج
        • سفر اللاويين
        • سفر العدد
        • سفر التثنية
      • فقه الزروع "تعاليم الزراعة"
      • فقه موعيد"تعاليم الأعياد والمناسبات والمواسم"
      • فقه ناشيم "تعاليم النساء والأسرة"
      • فقه نزيقين "تعاليم الأضرار"
      • فقه قداشیم"تعاليم المقدسات والعبادات"
      • فقه طهاروت "تعاليم الطهارة"
    • أصول الفقه
    • العلوم الفقهية
      • فقه الإمامة والرياسة
      • علم فقه الجهاد في سبيل الله
      • فقه القتال في سبيل الله
      • علم فقه الفرائض "المواريث"
      • علم فقه النكاح والفرقة "الأسرة"
      • علم فقه الأطعمة والأشربة والذكاة والصيد
      • علم فقه العبادات
        • الطهارة
        • الصلاة
        • الجنائز
        • الزكاة
        • الصيام
        • الحج والعمرة
      • علم فقه المعاملات
      • علم فقه الحدود
      • علم فقه القصاص
      • علم فقه القضاء
      • علم فقه التعزير والردة والأيمان والنذور
      • علم فقه الدعوة إلى الله
      • فقه الآداب الإتيكيت العربي الإسلامي
    • تطبيقات
      • القارئ للاستماع إلى القرآن
      • تفسير القرآن
      • مكتبة تراث
      • الباحث القرآني
      • الباحث الحديثي
      • مواقيت الصلاة
      • مقرئ المتون
      • المقرئ لحفظ القرآن
      • موضوعات القرآن الكريم
      • المكتبة الشاملة
      • الأستاذ/ طارق العقيلي
      • الكتاب المقدس
      • الكتاب المقدس الدراسي
      • التفسير التطبيقى للكتاب المقدس
      • القرآن الكريم آيات
      • محطة الإذاعية أ/طارق العقيلي
    • التحميلات

الصلاة
علم فقه العبادات

معنى الصلاة وحكمها وفضلها
الصلوات الخمس آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي واجبة على كل مسلم ومسلمة مهما كانت الأحوال، في حال الأمن والخوف، وفي حال الصحة والمرض، وفي حال الحضر والسفر، ولكل حالةٍ صلاة تناسبها في الهيئة والعدد.

الصلاة:
عبادة ذات أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم.

حكمة مشروعية الصلاة:
الصلاة نور، فكما أن النور يستضاء به فكذلك الصلاة تهدي إلى الصواب، وتمنع من المعاصي، وتنهى عن الفحشاء والمنكر.
الصلاة صلة بين العبد وربه، وهي عماد الدين، يجد فيها المسلم لذة مناجاة ربه، فتطيب نفسه، وتقر عينه، ويطمئن قلبه، وينشرح صدره، وتُقضى حاجته، وبها يرتاح من هموم الدنيا وآلامها.
الصلاة لها ظاهر يتعلق بالبدن كالقيام والجلوس، والركوع والسجود، وسائر الأقوال والأعمال، ولها باطن يتعلق بالقلب، ويكون بتعظيم الله تعالى، وتكبيره، وخشيته، ومحبته، وطاعته، وحمده، وشكره، وذل العبد وخضوعه لربه، فالظاهر يتحقق بفعل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، والباطن يتحقق بالتوحيد والإيمان، والإخلاص، والخشوع.
الصلاة لها جسد وروح: فجسدها القيام والركوع والسجود والقراءة وروحها: تعظيم الله وخشيته، وحمده، وسؤاله، واستغفاره، والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وعلى عباد الله الصالحين.
أمر الله كل مسلم بعد إقراره بالشهادتين أن يقيد حياته بأربعة أشياء (الصلاة، الزكاة، الصيام، الحج) وهذه أركان الإسلام، وفي كل منها تمرين لتنفيذ أوامر الله على نفس الإنسان، وماله، وشهوته، وطبيعته؛ ليقضي حياته حسب أمر الله ورسوله، وحسب ما يحب الله ورسوله، لا حسب هواه.
المسلم في الصلاة ينفذ أوامر الله على كل عضو من أعضائه ليتدرب على طاعة الله وتنفيذ أوامر الله في شؤون حياته كلها، في أخلاقه، ومعاملاته، وطعامه، ولباسه، وهكذا حتى يكون مطيعاً لربه داخل الصلاة وخارج الصلاة.
والصلاة زاجرة عن فعل المنكرات، وسبب لتكفير السيئات.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء)) قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال: ((فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا)). متفق عليه.

استقامة القلب:
إذا استقام القلب استقامت الجوارح، وإنما يستقيم القلب بأمرين:
- تقديم ما يحبه الله تعالى على ما تحبه النفس.
- تعظيم الأمر والنهي وهو الشريعة، وذلك ناشئ عن تعظيم الآمر الناهي وهو الله عز وجل، فالإنسان قد يفعل الأمر لنظر الخلق إليه، وطلب الجاه والمنزلة عندهم، وقد يتقي المناهي خشية سقوطه من أعينهم، أو خوفاً من العقوبات الدنيوية التي رتبها الله على المناهي كالحدود، فهذا ليس فعله وتركه صادراً عن تعظيم الأمر والنهي، ولا تعظيم الآمر الناهي.

علامة تعظيم أوامر الله:
أن يراعي العبد أوقاتها وحدودها، ويأتي بأركانها وواجباتها وسننها، ويحرص على كمالها ويسارع إليها عند وجوبها فرحاً بها، ويحزن عند فواتها كمن فاتته صلاة الجماعة ونحوها، وأن يغضب لله إذا انتهكت محارمه، ويحزن عند معصيته، ويفرح بطاعته، ولا يسترسل مع الرخص، ولا يكون دأبه البحث عن علل الأحكام، فإن ظهرت له الحكمة حمله ذلك على مزيد الانقياد والعمل.

أوامر الله عز وجل نوعان:
أوامر محبوبة للنفس كالأمر بالأكل من الطيبات، ونكاح ما طاب من النساء إلى أربع، وصيد البر والبحر ونحو ذلك.
أوامر مكروهة للنفس وهي نوعان:
- أوامر خفيفة كالأدعية والأذكار والآداب والنوافل والصلوات وتلاوة القرآن ونحوها.
- أوامر ثقيلة كالدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله.
والإيمان يزيد بامتثال الأوامر الخفيفة والثقيلة معاً، فإذا زاد الإيمان صار المبغوض محبوباً، وصار الثقيل خفيفاً، وتحقق مراد الله من العبد بالدعوة والعبادة، وتحركت بذلك جوارحه.
ركب الله سبحانه في كل إنسان نفسين: نفساً أمّارة، ونفساً مطمئنة، وهما متعاديتان، فكل ما خف على هذه ثقل على الأخرى، وكل ما التذت به هذه تألمت به الأخرى، مع هذه ملك ومع تلك شيطان، والحق كله مع الملك والمطمئنة، والباطل كله مع الشيطان والأمارة، والحرب سجال.

حكم الصلاة:
تجب الصلوات الخمس في اليوم والليلة على كل مسلم مكلف، ذكراً كان أو أنثى، إلا حائضاً ونفساء حتى تطهرا، وهي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين.
- قال الله تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) (النساء)
- قال الله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) (البقرة).
- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان)). متفق عليه.
- عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن فقال: ((ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ... )). متفق عليه.

علامات البلوغ:
المسلم المكلف هو (البالغ العاقل)، وعلامات البلوغ: منها ما هو مشترك بين الرجل والمرأة: وهو بلوغ خمس عشرة سنة، ونبات شعر العانة، وإنزال المني. ومنها ما هو خاص بالرجال فقط: وهو نبات شعر اللحية والشارب. ومنها ما هو خاص بالنساء فقط: وهو الحمل والحيض، ويؤمر الصغير بالصلاة لسبع، ويضرب عليها لعشر.

أهمية الصلاة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فإن وجدت تامة كتبت تامة، وإن كان انتقص منها شيء، قال: انظروا هل تجدون له من تطوع يُكمِّل له ما ضيع من فريضة من تطوعه، ثم سائر الأعمال تجري على حسب ذلك)). أخرجه النسائي وابن ماجه.

عدد الصلوات المفروضة:
فرض الله الصلاة ليلة الإسراء على رسوله صلى الله عليه وسلم بدون واسطة قبل الهجرة بسنة، وفرضها الله سبحانه خمسين صلاة في اليوم والليلة على كل مسلم، وهذا يدل على أهميتها، وعلى محبة الله لها، ثم خففت فجعلها الله سبحانه خمساً في العمل وخمسين في الأجر فضلاً منه ورحمة.
الصلوات المفروضة في اليوم والليلة على كل مسلم ومسلمة خمس صلوات، وهي: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر.

حكم من جحد وجوب الصلاة أو تركها:
من جحد وجوب الصلاة كفر، وكذا تاركها تهاوناً وكسلاً، فإن كان جاهلاً يعلم، وإن كان عالماً بوجوبها وتركها يستتاب ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتل كافراً.
- قال الله تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) (التوبة).
- عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن بين الرجل، وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)). أخرجه مسلم.
- عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من بدَّل دينه فاقتلوه)). أخرجه البخاري.

الآثار المترتبة على جاحد الصلاة أو تاركها:
- في الحياة: لا يحل له الزواج بمسلمة، وتسقط ولايته، ويسقط حقه في الحضانة، ولا يرث، ويحرم ما ذكاه من حيوان، ولا يحل له دخول مكة وحرمها؛ لأنه كافر.
- إذا مات لا يُغسَّل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، لأنه ليس منهم، ولا يدعى له بالرحمة، ولا يورث، ويخلد في النار؛ لأنه كافر.
من ترك الصلاة تركاً مطلقاً بحيث لا يصلي أبداً فهو كافر مرتد عن دين الإسلام، ومن يصلي أحياناً ويتركها أحياناً فليس بكافر لكنه فاسق، ومرتكب إثماً عظيماً، وجان على نفسه جناية كبيرة، وعاص لله ورسوله.

فضل انتظار الصلاة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، وتقول الملائكة: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، حتى ينصرف أو يحدث)). متفق عليه.

فضل المشي إلى الصلاة في المسجد على طهارة:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تطهر في بيته، ثم مشى إلى بيت من بيوت الله، ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة، والأخرى ترفع درجة)). أخرجه مسلم.
- عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا يَنصِبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر، وصلاةٌ على أثر صلاةٍ لا لغو بينهما كتاب في عليين)). أخرجه أبوداود.
الخشوع في الصلاة:
يحصل الخشوع في الصلاة بأمور، منها:
- حضور القلب.
- الفهم والإدراك لما يقرأ أو يسمع.
- التعظيم، ويتولد من أمرين: معرفة جلال الله وعظمته، ومعرفة حقارة
النفس، فيتولد منهما الانكسار لله، والخشوع له.
- الهيبة، وهي أسمى من التعظيم، وتتولد من المعرفة بقدرة الله، وعظمته، وتقصير العبد في حقه سبحانه.
- الرجاء، وهو أن يرجو بصلاته ثواب الله عز وجل.
- الحياء، ويتولد من معرفة نعم الله، وتقصيره في حق الله سبحانه.

صفة البكاء المشروع:
بكاؤه صلى الله عليه وسلم لم يكن بشهيق ورفع صوت، بل كانت تدمع عيناه، ويسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء.
وكان بكاؤه صلى الله عليه وسلم تارة من خشية الله، وتارة خوفا على أمته وشفقة عليها، وتارة رحمة للميت، وتارة عند سماع القرآن حينما يسمع آيات الوعد والوعيد، وذكر الله وآلائه ونعمه، وأخبار الأنبياء ونحو ذلك.
المحافظة على فضيلة تتعلق بذات العبادة كالخشوع في الصلاة مثلاً أهم من فضيلة تتعلق بمكانها، فلا يصلي في مكان يذهب معه الخشوع كالزحام ونحوه.

- الأذان والإقامة
الأذان: هو التعبد لله بالإعلام بدخول وقت الصلاة بذكر مخصوص.
شرع الأذان في السنة الأولى من الهجرة.

حكمة مشروعية الأذان:
- الأذان إعلام بدخول وقت الصلاة ومكانها ودعاء إلى الصلاة والجماعة التي فيها خير كثير.
- الأذان تنبيه للغافلين، وتذكير للناسين لأداء الصلاة التي هي من أجل النعم، والتي تقرب العبد إلى ربه وهذا هو الفلاح، والأذان دعوة للمسلم حتى لا تفوته هذه النعمة.
الإقامة:
هي التعبد لله بالإعلام بالقيام إلى الصلاة بذكر مخصوص.
حكم الأذان والإقامة:
فرض كفاية على الرجال دون النساء حضراً وسفراً، والأذان والإقامة يكونان فقط للصلوات الخمس وصلاة الجمعة.

مؤذنو النبي صلى الله عليه وسلم أربعة:
بلال بن رباح وعمرو بن أم مكتوم في مسجده صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وسعد القرض في مسجد قباء، وأبو محذورة في المسجد الحرام بمكة.
وأبو محذورة كان يرجِّع الأذان ويثنّي الإقامة، وبلال كان لا يُرجِّع الأذان ويفرد الإقامة.

فضل الأذان:
يسن للمؤذن أن يرفع صوته بالأذان، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة، والمؤذن يغفر له مدى صوته، ويصدقه من سمعه من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا)). متفق عليه.
- عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة)). أخرجه مسلم.

صفات الأذان الواردة والثابتة في السنة:
- الصفة الأولى:
أذان بلال رضي الله عنه الذي كان يؤذن به في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو خمس عشرة جملة:
- الله أكبر
- الله أكبر
- الله أكبر
- الله أكبر
- أشهد أن لا إله إلا الله
- أشهد أن لا إله إلا الله
- أشهد أن محمداً رسول الله
- أشهد أن محمداً رسول الله
- حي على الصلاة
- حي على الصلاة
- حي على الفلاح
- حي على الفلاح
- الله أكبر
- الله أكبر
- لا إله إلا الله
- الصفة الثانية:
أذان أبي محذورة رضي الله عنه وهو تسع عشرة جملة، التكبير أربعاً في أوله مع الترجيع.
عن أبي محذورة رضي الله عنه قال: ألقى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم التأذين هو بنفسه فقال: ((قل: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله (مرتين، مرتين) قال: ثم ارجع فمدَّ من صوتك: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله)). أخرجه أبوداود والترمذي.
- الصفة الثالثة:
مثل أذان أبي محذورة رضي الله عنه السابق إلا أن التكبير في أوله مرتان فقط، فيكون سبع عشرة جملة. أخرجه مسلم.
- الصفة الرابعة:
أن يكون الأذان كله مثنى مثنى، وكلمة التوحيد في آخره مفردة، فيكون ثلاث عشرة جملة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى، والإقامة مرة مرة، إلا أنك تقول: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة. أخرجه أبوداود والنسائي.
السنة أن يؤذن بهذه الصفات كلها، بهذا مرة، وبهذا مرة، وهذا في مكان، وهذا في مكان، حفظاً للسنة، وإحياء لها بوجوهها المشروعة المتنوعة، ما لم تخش فتنة.
يزيد المؤذن في أذان الفجر بعد حي على الفلاح (الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم)، وذلك في جميع صفات الأذان السابقة.

شروط صحة الأذان:
أن يكون الأذان مرتباً، متوالياً، وأن يكون بعد دخول الوقت، وأن يكون المؤذن مسلماً، ذكراً، أميناً، عاقلاً، عدلاً بالغاً أو مميزاً، وأن يكون الأذان باللغة العربية على حسب ما جاء في السنة، والإقامة كذلك.
يسن ترتيل الأذان، ورفع الصوت به، وأن يلتفت يميناً عند قوله (حي على الصلاة) وشمالاً عند قوله (حي على الفلاح)، أو يقسم كل جملة من الجملتين على الجهتين.
يسن للمؤذن أن يكون صيتاً، عالماً بالوقت، مستقبل القبلة، متطهراً، قائماً، واضعاً أصبعيه في أذنيه حال الأذان، وأن يؤذن على مكان مرتفع.
لا يجزئ الأذان قبل دخول الوقت في جميع الصلوات الخمس، ويسن أن يؤذن قبل الفجر بقدر ما يتسحر الصائم، ليرجع القائم، ويستيقظ النائم، ويختم من يتهجد صلاته بالوتر، فإذا طلع الفجر أذن لصلاة الصبح.

ما يقوله من سمع الأذان:
يسن لمن سمع المؤذن من الرجال أو النساء:
- أن يقول مثله لينال مثل أجره إلا في الحيعلتين، فيقول السامع: (لا حول ولا قوة إلا بالله).
- بعد انتهاء الأذان يسن أن يصلي المؤذن والسامع على النبي صلى الله عليه وسلم سراً.
- ويُسن أن يقول ما ورد عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلَّت له شفاعتي يوم القيامة)). أخرجه البخاري.
- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله رباً وبمحمدٍ رسولاً وبالإسلام ديناً، غفر له ذنبه)). أخرجه مسلم.
- ثم يدعو لنفسه بما شاء.

فضل متابعة المؤذن:
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا سمعتم المؤذن، فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة)). أخرجه مسلم.
من جمع بين صلاتين، أو قضى فوائت أذَّن للأولى، ثم أقام لكل فريضة.
إذا أخّر صلاة الظهر لشدة حر، أو أخر العشاء إلى الوقت الأفضل، فالسنة أن ئؤذن عند إرادة فعل الصلاة.
إذا تَشَاحَّ مؤذنان فأكثر قُدِّم الأفضل صوتاً، ثم الأفضل في دينه وعقله، ثم من يختاره الجيران، ثم قرعة، ويباح اتخاذ مؤذنين للمسجد الواحد.

فضل التأذين:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل، حتى إذا ثُوّب للصلاة أدبر، حتى إذا قضي التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر، حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى)). متفق عليه.
الأذان يوم الجمعة يكون حين يجلس الإمام على المنبر للخطبة، وحين كثر الناس في عهد عثمان رضي الله عنه زاد قبله النداء الثالث، ووافقه الصحابة رضي الله عنهم على ذلك.
لا يأخذ الإمام على إمامة المصلين أجراً، ولا يأخذ المؤذن على أذانه أجراً، ويجوز له أخذ الجُعْل الذي يصرف من بيت المال لأئمة المساجد ومؤذنيها، إذا قام بوظيفته لله عز وجل.
من دخل المسجد والمؤذن يؤذن يستحب له أن يتابع المؤذن، ثم يدعو بعد الفراغ من الأذان، ولا يجلس حتى يصلي تحية المسجد ركعتين.
إذا أذن المؤذن فلا يجوز لأحد الخروج من المسجد إلا لعذر من مرض، وتجديد وضوء ونحوهما.

صفات الإقامة الواردة والثابتة في السنة:
السنة أن تكون الإقامة مرتبة ومتوالية بإحدى الصفات الآتية:
- الصفة الأولى:
إحدى عشرة جملة، وهي إقامة بلال رضي الله عنه التي كان يقيم بها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهي:
(- الله أكبر، - الله أكبر، - أشهد أن لا إله إلا الله، - أشهد أن محمداً رسول الله، - حي على الصلاة، - حي على الفلاح، - قد قامت الصلاة، - قد قامت الصلاة، - الله أكبر، - الله أكبر، - لا إله إلا الله). أخرجه أبو داود.
- الصفة الثانية: سبع عشرة جملة، وهي إقامة أبي محذورة رضي الله عنه: (التكبير أربعاً، والتشهدان أربعاً، والحيعلتان أربعاً، وقد قامت الصلاة مرتين، والتكبير مرتين، ولا إله إلا الله مرة) أخرجه أبو داود والترمذي.
- الصفة الثالثة:
عشر جمل (الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، لا إله إلا الله). أخرجه أبو داود والنسائي.
يسن أن يقيم بهذا مرة، وبهذا مرة، حفظاً للسنة بوجوهها المتنوعة، وإحياء لها، ما لم تخش فتنة.
يستحب الدعاء والصلاة بين الأذان والإقامة.
يجوز استعمال مكبر الصوت في الأذان، والإقامة، والصلاة، والخطبة إذا دعت الحاجة إليه، فإن حصل به ضرر أو تشويش أزيل.
يسن أن يتولى الأذان والإقامة رجل واحد، والمؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة، فلا يقيم المؤذن إلا بإشارته أو رؤيته أو قيامه ونحو ذلك.
يسن إفراد كل جملة من جمل الأذان بنفس واحد، ويجيبه السامع كذلك، أما الإقامة، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر مشروع يقوله من سمع الإقامة.
يسن للمؤذن في البرد الشديد أو الليلة المطيرة ونحوهما أن يقول بعد الحيعلتين، أو بعد الأذان ما ثبت في السنة:
(ألا صلوا في الرحال).
أو يقول: (صلوا في بيوتكم).
أو يقول: (ومن قعد فلا حرج).

الأذان والإقامة في السفر:
عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: أتى رجلان النبي صلى الله عليه وسلم يريدان السفر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أنتما خرجتما فأذنا، ثم أقيما، ثم ليؤمكما أكبركما)). متفق عليه.

للصلوات بالنسبة لمشروعية الأذان والإقامة أربع حالات:
- صلاة لها أذان وإقامة: وهي الصلوات الخمس، والجمعة.
- صلاة لها إقامة ولا أذان لها: وهي الصلاة المجموعة إلى ما قبلها، والصلوات المقضية.
- صلاة لها نداء بألفاظ مخصوصة: وهي صلاة الكسوف والخسوف.
- صلاة لا أذان لها ولا إقامة: وذلك مثل صلاة النفل، وصلاة الجنازة، والعيدين، والاستسقاء ونحوها.

- أوقات الصلوات الخمس
فرض الله سبحانه على كل مسلم ومسلمة خمس صلوات في اليوم والليلة.

أوقات الصلوات المفروضة خمسة، وهي:
- وقت الظهر:
ويبدأ من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله غير ظل الاستواء، وتعجيلها أفضل إلا في شدة حر فيسن تأخيرها والإبراد بها، وهي أربع ركعات.
- وقت العصر:
ويبدأ من خروج وقت الظهر إلى اصفرار الشمس، والضرورة إلى غروبها، ويسن تعجيلها، وهي أربع ركعات.
- وقت المغرب:
ويبدأ من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر، ويسن تعجيلها، وهي ثلاث ركعات.
- وقت العشاء:
ويبدأ من مغيب الشفق الأحمر إلى نصف الليل، والضرورة إلى طلوع الفجر الثاني، وتأخيرها إلى ثلث الليل أفضل إن تيسر، وهي أربع ركعات.
- وقت الفجر:
ويبدأ من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، وتعجيلها أفضل، وهي ركعتان.
عن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً سأله عن وقت الصلاة؟
فقال له: ((صل معنا هذين)). (يعني اليومين) فلما زالت الشمس أمر بلالاً فأذن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر، والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس، ثم أمَرَه فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر.
فلما أن كان اليوم الثاني أمره فأبرد بالظهر، فأبرد بها، فأنعم أن يُبرد بها، وصلى العصر والشمس مرتفعة، أخرها فوق الذي كان، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها.
ثم قال: ((أين السائل عن وقت الصلاة؟)). فقال الرجل: أنا يا رسول الله! قال: ((وقت صلاتكم بين ما رأيتم)). أخرجه مسلم.
إذا اشتد الحر فالسنة أن تؤخر صلاة الظهر إلى قرب العصر، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم)). متفق عليه.
من كان يقيم في بلاد لا تغيب الشمس عنها صيفاً، ولا تطلع فيها الشمس شتاء، أو في بلاد يستمر نهارها ستة أشهر وليلها ستة أشهر مثلاً، فعليهم أن يصلوا الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة، ويقدرون أوقاتها على أقرب بلد إليهم تتميز فيه أوقات الصلوات المفروضة بعضها عن بعض.

- شروط الصلاة
:
- أن يكون المسلم طاهراً من الحدث الأصغر والأكبر.
- طهارة البدن والثوب ومكان الصلاة من النجاسات.
- دخول وقت الصلاة.
- اتخاذ الزينة بثياب ساترة للعورة.
- استقبال القبلة.
- النية. بأن ينوي بقلبه الصلاة التي يصليها قبل تكبيرة الإحرام ولا يتلفظ بها بلسانه.
يسن للمسلم أن يصلي في ثوب جميل نظيف فالله أحق من تزيّن له، وموضع الإزار إلى أنصاف الساقين والعضلة، فإن أبيت فمن وراء الساق، ولا حق للكعبين في الإزار، ويحرم الإسبال في الثياب وغيرها داخل الصلاة وخارجها.
عورة الرجل من السرة إلى الركبة، والمرأة كلها عورة في الصلاة، إلا وجهها، وكفيها، وقدميها، فإن كانت بحضرة رجال أجانب سترت جميع بدنها.
السنة أن يدخل في صلاة الفجر بغلس، وينصرف بغلس، وأحياناً ينصرف حين يسفر.
من كانوا في سفر ثم غلبتهم أعينهم فلم يستيقظوا إلا بعد طلوع الشمس، فالسنة أن يتحولوا من مكانهم، ثم يتوضؤون، ثم يؤذن أحدهم، ثم يصلون ركعتي الفجر، ثم يقيم، ثم يصلون الفجر.

تغيير النية أثناء الصلاة:
- كل عمل لابد له من نية، ولا يجوز تغيير النية من معين لمعين كتغيير نية العصر إلى الظهر، ولا يجوز أيضاً من مطلق لمعين كمن يصلي نافلة ثم ينوي بها الفجر، وتجوز من معين لمطلق، كمن يصلي فريضة منفرداً ثم يحولها لنافلة لحضور جماعة مثلاً.
- يجوز للمصلي أن يغير نيته وهو في الصلاة من مأموم أو منفرد إلى إمام، أو من مأموم إلى منفرد، أو من نية فرض إلى نفل لا العكس.
يتجه المصلي ببدنه إلى معظّم بأمر الله وهو الكعبة، ويتجه بقلبه إلى الله.
يلبس المسلم من الملابس ما شاء، ولا يحرم عليه من اللباس إلا ما كان محرماً لعينه كالحرير للرجال، أو فيه صور ذوات الأرواح فيحرم على الذكور والإناث، أو كان محرماً لوصفه كصلاة الرجل في ثوب المرأة، أو ثوب فيه إسبال، أو كان محرماً لكسبه كالثوب المغصوب، أو المسروق ونحو ذلك.
الأرض كلها مسجد تصح الصلاة فيها إلا الحمام، والحش، والمغصوب، والمكان النجس، ومأوى الإبل، والمقبرة، ويستثنى من ذلك صلاة الجنازة، فتصح في المقبرة.
إذا أفاق مجنون، أو أسلم كافر، أو طهرت حائض بعد دخول الوقت لزمهم أن يصلوا صلاة ذلك الوقت.
الحائض إذا انقطع دمها في الوقت ولم يمكنها الاغتسال إلا بعد خروج الوقت اغتسلت وصلت ولو خرج الوقت، وكذا الجنب الذي استيقظ، فإن اغتسل طلعت الشمس، فالسنة أن يغتسل ويصلي بعد طلوع الشمس؟ لأن الوقت في حق النائم من حين يستيقظ.
يجب على المسلم أن يصلي إلى جهة القبلة، فإن خفيت عليه ولم يجد من يسأله عنها اجتهد وصلى إلى ما غلب على ظنه أنه قبلة، ولا إعادة عليه لو تبين أنه صلى لغير القبلة.
السنة أن يصلي المصلي على الأرض، ويجوز أن يصلي المصلي على الفراش، أو الحصير، أو الخمرة وهي حصير أو نسيجة خوص بمقدار الوجه.
من زال عقله بنوم أو سكر لزمه قضاء الفوائت، وكذا لو زال عقله بفعل مباح كالبنج والدواء فعليه القضاء، وإن زال عقله بغير اختياره كالإغماء فلا قضاء عليه.

قضاء الصلوات:
من الصلوات ما يقضى إذا فات وقته من حين زوال العذر كالصلوات الخمس، ومنها ما لا يقضى إذا فات كالجمعة، فيصلي بدلها ظهراً، ومنها ما لا يقضى إلا في وقته وهي صلاة العيد.
يجب فورا قضاء الفوائت مرتبة، ويسقط الترتيب بالنسيان، أو الجهل، أو خوف خروج وقت الحاضرة، أو خوف فوات الجمعة والجماعة.
من شرع في صلاة فرض ثم ذكر أنه لم يصل التي قبلها أتم ما دخل فيه ثم قضى الفائتة، فمن فاتته صلاة العصر مثلاً فدخل المسجد فوجد المغرب قد أقيمت صلى المغرب مع الإمام ثم يصلي العصر.
من نام عن صلاة أو نسيها صلاها إذا ذكرها لقوله عليه الصلاة والسلام: ((من نسي صلاة، أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها)). متفق عليه.
السنة أن يصلي المسلم في نعليه أو خفيه إذا كانتا طاهرتين، ويصلي حافياً أحيانا.
إذا نزع المصلي خفيه أو نعليه فلا يضعهما عن يمينه، بل يضعهما بين رجليه أو عن يساره إذا لم يكن عن يساره أحد، والسنة عند لبس النعل أن يبدأ باليمنى، وعند خلع النعل أن يبدأ باليسرى، ولا يمشي في نعل واحدة.
العراة إن لم يجدوا ثياباً يصلون قياماً إن كانوا في ظلمة ولا يبصرهم أحد، ويتقدمهم إمامهم، فإن كان حولهم أحد أو في نور صلوا قعودا وإمامهم وسطهم، وإن كانوا رجالاً ونساء صلى كل نوع وحده.
تصح الصلاة بالطريق لضرورة، بأن ضاق المسجد بأهله إذا اتصلت الصفوف.
ترك المأمور لا يُعذر فيه بالجهل والنسيان، فمن صلى بغير وضوء جاهلاً أو ناسياً فلا إثم عليه، لكن يجب عليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة وهكذا، أما فعل المحظور فيعذر فيه بالجهل والنسيان، فمن صلى وفي ثوبه نجاسة يجهلها أو علمها ثم نسيها فصلاته صحيحة.
السنة أن يصلي الرجل في المسجد الذي يليه ولا يتتبع المساجد.

آداب دخول المسجد:
يسن للمسلم أن يخرج إلى المسجد بسكينة ووقار، ولا يشبك بين أصابعه؟ لأنه في صلاة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا ثُوّب للصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وائتوها وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا، فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة)). متفق عليه.
- يسن للمسلم إذا أتى المسجد أن يقدم رجله اليمنى في الدخول، قائلاً: ((أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم)). أخرجه أبو داود. ((باسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك)).
- وإذا خرج قدم رجله اليسرى قائلاً: ((باسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم إني أسألك من فضلك))، وزاد ابن ماجه: ((اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم)). أخرجه أبو داود وابن ماجه وابن السني.
إذا دخل المسلم المسجد سلم على من فيه، ثم صلى ركعتين تحية المسجد، ويستحب له أن يشتغل بذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن، والنوافل حتى تقام الصلاة، ويجتهد أن يكون في الصف الأول، على يمين الإمام.
النوم في المسجد أحيانا للمحتاج كالغريب والفقير الذي لا سكن له جائز، وأما اتخاذ المسجد مبيتاً ومقيلاً فهو منهي عنه إلا لمعتكف ونحوه.

حكم السلام على من يصلي:
يستحب لمن مر بمن يصلي أن يسلم عليه، ويرد المصلي السلام عليه بالإشارة بأصبعه أو يده أو رأسه لا بالكلام.
عن صهيب رضي الله عنه قال: مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فسلمت عليه، فرد إلي إشارةً. أخرجه أبو داود والترمذى.

حكم حجز مكان في المسجد:
السنة أن يسبق الرجل بنفسه إلى المسجد، فإذا قدم المفروش من سجادة ونحوها وتأخر هو فقد خالف الشريعة من جهتين:
من جهة تأخره وهو مأمور بالتقدم.
ومن جهة غصبه لطائفة من المسجد ومنعه غيره من السابقين أن يصلوا فيه، ومن فرش في المسجد وتأخر فلمن سبق إليه أن يرفع ذلك ويصلي في مكانه ولا إثم عليه.

- صفة الصلاة
فرض الله سبحانه على كل مسلم ومسلمة خمس صلوات في اليوم والليلة، وهي: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر.
يتوضأ من أراد الصلاة، ثم يقف مستقبلاً القبلة، قريباً من السترة بينه وبين السترة قدر ثلاثة أذرع، وبين موضع سجوده والسترة قدر ممر شاة، ولا يدع شيئاً يمر بينه وبين السترة، ومن مر بين المصلي وسترته فهو آثم. قال أبو جهيم رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه، لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه)). متفق عليه.
ينوي من أراد الصلاة بقلبه فعل الصلاة، ثم يكبر تكبيرة الإحرام قائلاً: (الله أكبر)، ويرفع يديه تارة مع التكبير، وتارة بعد التكبير، وتارة قبله، ويرفعهما ممدودتي الأصابع، بطونهما إلى القبلة إلى حذو منكبيه، وأحياناً يرفعهما حتى يحاذي بهما فروع أذنيه. يفعل هذا مرة، وهذا مرة، إحياء للسنة، وعملاً بها بوجوهها المشروعة.
ثم يضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى، والرسغ والساعد، ويجعلهما على صدره، وأحيانا يقبض باليمنى على اليسرى ويجعلهما على صدره، وينظر بخشوع إلى موضع سجوده.

ثم يستفتح صلاته بما ورد من الأدعية والأذكار، ومنها:
- أن يقول: ((اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد)). متفق عليه.
- أو يقول: ((سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك)). أخرجه أبو داود والترمذي.
- أو يقول: ((اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)). أخرجه مسلم.
- أو يقول: ((الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً)). أخرجه مسلم.
- أو يقول: ((الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه)). أخرجه مسلم.
يقول هذا مرة، وهذا مرة، إحياءً للسنة، وعملاً بها بوجوهها المتنوعة.
ثم يقول سراً: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).
أو يقول: ((أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه، ونفخه ونفثه)). أخرجه أبو داود والترمذي.
ثم يقول سراً: ((بسم الله الرحمن الرحيم)) متفق عليه.
ثم يقرأ الفاتحة ويقف على رأس كل آية، ولا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، وتجب قراءة الفاتحة سراً في كل ركعة إلا فيما يجهر فيه الإمام من الصلوات والركعات فينصت لقراءة الإمام.
فإذا انتهى من قراءة الفاتحة قال: (آمين) إماماً، أو مأموماً، أو منفرداً، يمد بها صوته، ويجهر بها الإمام والمأموم معاً في الصلوات الجهرية.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه)).
قال ابن شهاب: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((آمين)). متفق عليه.
ثم يقرأ بعد الفاتحة سورة، أو بعض ما تيسر من القرآن في كل من الركعتين الأوليين، يطيل أحياناً، ويقصر أحياناً لعارض سفر، أو سعال، أو مرض، أو بكاء صبي، يقرأ سورة كاملة في أغلب أحواله، وتارة يقسمها في ركعتين، وتارة يعيدها كلها في الركعة الثانية، وأحيانا يجمع في الركعة الواحدة بين سورتين أو أكثر، يرتل القرآن ترتيلاً، ويحسن صوته به.
يجهر بالقراءة في صلاة الصبح، وفي الركعتين الأوليين من المغرب والعشاء، ويُسر بها في صلاة الظهر والعصر، والثالثة من المغرب، والأخريين من العشاء، ويقف على رأس كل آية.

ومن السنة أن يقرأ في الصلوات الخمس ما يلي:
- صلاة الفجر:
يقرأ فيها بعد الفاتحة في الركعة الأولى بطوال المفصل (ق) ونحوها، وأحياناً يقرأ بأوساط وقصار المفصل كـ (إذا الشمس كورت ... ) و (إذا زلزلت ... ) ونحوهما، وأحيانا يقرأ بأطول من ذلك، يطول في الركعة الأولى، ويقصر في الثانية، يصليها يوم الجمعة بـ (ألم تنزيل ... ) السجدة في الركعة الأولى، وفي الثانية بسورة (الإنسان).
- صلاة الظهر:
يقرأ في الركعتين الأوليين بعد الفاتحة سورة في كل ركعة، يطول في الأولى ما لا يطول في الثانية، وأحياناً يطيل القراءة، وأحياناً يقرأ من قصار السور، ويقرأ في الركعتين الأخيرتين بعد الفاتحة أقصر من الأوليين، قدر خمس عشرة آية، وأحياناً يقتصر على الفاتحة في الأخيرتين، ويسمعهم الإمام الآية أحياناً.
- صلاة العصر:
يقرأ في الركعتين الأوليين بعد الفاتحة سورة في كل ركعة، يطول في الأولى ما لا يطول في الثانية، ففي الأوليين من الظهر قدر ثلاثين آية في الركعتين، وفي الأوليين من العصر قدر خمس عشرة آية في الركعتين، ويجعل الركعتين الأخيرتين من العصر على النصف من الأوليين، ويقرأ فيهما بفاتحة الكتاب، ويسمعهم الإمام الآية أحياناً.
- صلاة المغرب:
يقرأ فيها أحيانا بعد الفاتحة بقصار المفصل، وأحياناً بطوال المفصل وأوساطه، وأحياناً يقرأ في الركعتين بـ (الأعراف)، وتارة بـ (الأنفال) في الركعتين.
- صلاة العشاء:
يقرأ في الركعتين الأوليين بعد الفاتحة من وسط المفصل، والمفصل من (ق إلى آخر القرآن)، وطوال المفصل من (ق إلى عم)، وأوساط المفصل من (عم إلى الضحى)، وقصار المفصل من (الضحى إلى الناس)، والمفصل أربعة أجزاء وشيء.
ثم إذا فرغ من القراءة سكت سكتة، ثم يرفع يديه حذو منكبيه، أو حذو أذنيه، ويقول: (الله أكبر) ويركع، ويضع كفيه على ركبتيه، كأنه قابض عليهما، ويفرّج بين أصابعه، ويُجافي مرفقيه عن جنبيه، ويبسط ظهره، ويجعل رأسه حيال ظهره، ويطمئن في ركوعه، ويعظم فيه ربه.

ثم يقول في ركوعه أنواعاً من الأذكار والأدعية، ومنها:
- ((سبحان ربي العظيم)) ثلاثاً أو أكثر. أخرجه مسلم وابن ماجه.
- أو يقول: ((سبحان ربي العظيم وبحمده (ثلاثاً)). أخرجه أبو داود والدارقطني.
- أو يقول: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)) ويكثر منه في ركوعه وسجوده. متفق عليه.
- أو يقول: ((سبّوح قدوس رب الملائكة والروح)). أخرجه مسلم.
- أو يقول: ((اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي، وبصري، ومخي، وعظمي، وعصبي)). أخرجه مسلم.
- أو يقول: ((سبحان ذي الجبروت، والملكوت، والكبرياء، والعظمة)) يقوله في ركوعه وسجوده. أخرجه أبو داود والنسائي.
يقول هذا مرة، وهذا مرة، إحياء للسنة وعملاً بها بوجوهها المشروعة.
ثم يرفع رأسه من الركوع حتى يعتدل قائماً، ويقيم صلبه حتى يعود كل فقار مكانه، ويرفع يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه كما سبق، ثم يرسلهما أو يضعهما على صدره كما سبق، ويقول إن كان إماماً أو منفرداً ((سمع الله لمن حمده)). متفق عليه.

فإذا اعتدل قائماً قال: إماماً، أو مأموماً، أو منفرداً:
- ((ربنا ولك الحمد)). متفق عليه.
- أو يقول: ((ربنا لك الحمد)). أخرجه البخاري.
- أو يقول: ((اللهم ربنا لك الحمد)). متفق عليه.
- أو يقول: ((اللهم ربنا ولك الحمد)). أخرجه البخاري.
يقول هذا مرة، وهذا مرة، إحياء للسنة، وعملاً بها بوجوهها المتنوعة.
وتارة يزيد على ذلك ((حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه)). أخرجه البخاري.
وتارة يزيد ((ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الوسخ)). أخرجه مسلم.
وتارة يضيف ((ملء السماوات، وملء الأرض وما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)). أخرجه مسلم.
وتارة يضيف ((ملء السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)). أخرجه مسلم.
والسنة إطالة هذا القيام والاطمئنان فيه.
ثم يكبر ويهوي ساجداً قائلاً (الله أكبر)، ويسجد على سبعة أعضاء: الكفان، والركبتان، والقدمان، والجبهة، والأنف، ويضع يديه على الأرض قبل ركبتيه، ثم جبهته مع أنفه، ويعتمد على كفيه، ويبسطهما، ويضم أصابعهما، ويوجههما نحو القبلة، ويجعلهما حذو منكبيه، وأحياناً حذو أذنيه.
ويمكّن أنفه وجبهته من الأرض، ويجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، ويرفع مرفقيه وذراعيه عن الأرض.
ويمكّن ركبتيه وأطراف قدميه من الأرض، ويجعل رؤوس أصابع يديه ورجليه نحو القبلة، وينصب رجليه، ويفرج بين قدميه، وكذا بين فخذيه، ويطمئن في سجوده، ويكثر من الدعاء، ولا يقرأ القرآن في الركوع أو السجود.

ثم يقول في سجوده ما ورد من الأدعية والأذكار، ومنها:
- ((سبحان ربي الأعلى)) ثلاثاً أو أكثر. أخرجه مسلم وابن ماجه.
- أو يقول: ((سبحان ربي الأعلى وبحمده (ثلاثاً))). أخرجه أبو داود والدارقطني.
- أو يقول: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)). متفق عليه.
- أو يقول: ((سبوح قدوس رب الملائكة والروح)). أخرجه مسلم.
- أو يقول: ((اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين)). أخرجه مسلم.
- أو يقول: ((اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره)). أخرجه مسلم.
- أو يقول: ((اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك)). أخرجه مسلم.
- أو يقول: ((سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت)). أخرجه مسلم.
يقول هذا مرة، وهذا مرة، إحياء للسنة، ويكثر من الدعاء بما ورد، ويطيل سجوده، ويطمئن فيه.
ثم يرفع رأسه من السجود قائلاً: (الله أكبر)، ويجلس مفترشاً رجله اليسرى، ناصباً رجله اليمنى وأصابعها إلى القبلة، ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى أو على الركبة، واليسرى كذلك، ويبسط أصابع يديه على ركبتيه. وله أحياناً أن يقعي في هذا الجلوس، فينتصب على عقبيه، وصدور قدميه، ويطمئن في هذا الجلوس حتى يستوي قاعداً ويرجع كل عظم إلى موضعه.

ثم يقول في هذه الجلسة ما ورد من الأدعية والأذكار، ومنها:
- ((اللهم (وفي لفظ: رب) اغفر لي، وارحمني (واجبرني) (وارفعني) واهدني، وعافني، وارزقني)). أخرجه أبو داود وابن ماجه.
- ((رب اغفر لي، رب اغفر لي)). أخرجه ابن ماجه.
ثم يكبر ويسجد السجدة الثانية قائلاً: (الله أكبر)، ويصنع في هذه السجدة مثل ما صنع في الأولى كما سبق، ثم يرفع رأسه قائلاً (الله أكبر)، ثم يستوي قاعداً على رجله اليسرى معتدلاً حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، وهذا الجلوس يسمى جلسة الاستراحة ولا ذكر فيها ولا دعاء.
ثم ينهض معتمداً على الأرض إلى الركعة الثانية، ويصنع في هذه الركعة مثل ما يصنع في الأولى إلا أنه يجعلها أقصر من الأولى، ولا يستفتح.
ثم يجلس للتشهد الأول بعد الفراغ من الركعة الثانية من الصلاة الثلاثية أو الرباعية مفترشاً رجله اليسرى، ناصباً رجله اليمنى، ويفعل بيديه وأصابعه كما سبق في الجلسة بين السجدتين، لكن يقبض أصابع كفه اليمنى كلها، ويشير بأصبعه التي تلي الإبهام إلى القبلة، ويرفعها، ويحركها يدعو بها، أو يرفعها بلا تحريك، ويرمي ببصره إليها حتى يُسلم، وإذا أشار بأصبعه وضع إبهامه على إصبعه الوسطى، وتارة يحلّق بهما حلقة، أما اليد اليسرى فيبسط كفه اليسرى على ركبته اليسرى.

ثم يتشهد سراً بما ورد من الصيغ، ومنها:
- تشهد ابن مسعود رضي الله عنه الذي علمه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو: ((التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)). متفق عليه.
- أو تشهد ابن عباس رضي الله عنهما الذي علمه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو: ((التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله)). أخرجه مسلم.
يتشهد بهذا مرة، وبهذا مرة، حفظاً للسنة، وعملاً بها بوجوهها المشروعة.

ثم يصلي سراً على النبي صلى الله عليه وسلم بما ورد من الصيغ، ومنها:
- ((اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد)). متفق عليه.
- أو يقول: ((اللهم صل على محمد، وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد، وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد)). متفق عليه.
يقول هذا مرة، وهذا مرة، إحياء للسنة، وحفظاً لها بوجوهها المتنوعة.
ثم إن كانت الصلاة ثلاثية كالمغرب، أو رباعية كالظهر والعصر والعشاء قرأ التشهد الأول بعد الركعتين الأوليين، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم كما سبق، ثم نهض إلى الركعة الثالثة مكبراً قائلاً: (الله أكبر)، يقوم معتمداً على يديه، ويرفع يديه مع هذا التكبير إلى حذو منكبيه، أو أذنيه، ويضع يديه على صدره كما سبق، ثم يقرأ الفاتحة، ثم يركع ويسجد كما سبق ثم يجلس بعد إتمام الركعة الثالثة من المغرب للتشهد الأخير.
وإن كانت الصلاة رباعية، فإذا أراد القيام إلى الركعة الرابعة قال: (الله أكبر)، ثم يستوي قاعداً لجلسة الاستراحة على رجله اليسرى معتدلاً، حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، ثم يقوم معتمداً على الأرض بيديه حتى يستوي قائماً.
ويقرأ في كل من الركعتين الأخيرتين من الرباعية (الفاتحة) لكن يضيف إليهما مع الفاتحة بضع آيات في صلاة الظهر خاصة، وأحياناً يقتصر عليها.
ثم يجلس للتشهد الأخير بعد الرابعة من الظهر والعصر والعشاء، وبعد الثالثة من المغرب متوركاً بإحدى الصفات الآتية:
- أن ينصب الرجل اليمنى، ويفرش الرجل اليسرى، ويخرجها من تحت فخذه اليمنى وساقه، ويقعد على مقعدته على الأرض. أخرجه البخاري.
- أن يفضي بوركه اليسرى إلى الأرض، ويخرج قدميه من ناحية واحدة، ويجعل اليسرى تحت فخذه وساقه. أخرجه مسلم وأبو داود.
يفعل هذا مرة، وهذا مرة، اتباعاً للسنة، وإحياء لها بوجوهها المتنوعة.
ثم يقرأ التشهد فيقول: (التحيات .. ) كما سبق، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما سبق في التشهد الأول.
ثم يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال)). أخرجه مسلم.
أو يقول: ((اللهم إني أعود بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر)). أخرجه البخاري.

ثم يتخير مما ورد من الأدعية في الصلاة أعجبه إليه فيدعو به:
تارة بهذا، وتارة بهذا، ومن ذلك:
- ((اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم))، متفق عليه.
- ((اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم، وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت)). أخرجه مسلم.
- ((اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)). أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود.
ثم يسلم جهراً عن يمينه قائلاً: ((السلام عليكم ورحمه الله)) حتى يُرى بياض خده الأيمن، وعن يساره ((السلام عليكم ورحمة الله)) حتى يرى بياض خده الأيسر. أخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجه.
وأحياناً يزيد في التسليمة الأولى (وبركاته)، فيقول عن يمينه ((السلام عليكم ورحمة الله وبركاته))، وعن شماله ((السلام عليكم ورحمة الله)). أخرجه أبو داود.
وأحيانا إذا قال عن يمينه ((السلام عليكم ورحمة الله))، اقتصر على قوله عن يساره ((السلام عليكم))، أخرجه النسائي.
وإن كانت الصلاة ثنائية فرضاً كانت أو نفلاً جلس للتشهد بعد السجدة الثانية من الركعة الأخيرة: ((جلس على رجله اليسرى، ونصب اليمنى)). أخرجه البخاري.
ثم يفعل كما سبق (يقرأ التشهد، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يتعوذ، ثم يدعو، ثم يسلم).
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده، وبين السجدتين، وإذا رفع رأسه من الركوع، ما خلا القيام والقعود، قريباً من السواء. متفق عليه.
وتفعل المرأة في الصلاة كما يفعل الرجل لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)). أخرجه البخاري.
ينصرف الإمام إلى المأمومين عن يمينه، وتارة عن شماله، وكل ذلك سنة.
- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: ((اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام)). أخرجه مسلم.
- عن هلب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمنا فينصرف على جانبيه جميعاً: على يمينه وعلى شماله. أخرجه أبو داود والترمذي.
يفعل هذا مرة، وهذا مرة، إحياء للسنة، وعملاً بها بوجوهها المشروعة.

- أذكار أدبار الصلوات الخمس
إذا فرغ المصلي من صلاة الفريضة وسلَّم، يسن أن يقول ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأذكار بعد الصلاة، يجهر بها كل مصلٍ بمفرده، وهي:
((أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله)). أخرجه مسلم.
ثم يقول: ((اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ياذا الجلال والإكرام)). أخرجه مسلم.
((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)). متفق عليه.
((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون)). أخرجه مسلم.
ثم يقول ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من سبح الله في دبر كل صلاة، وحمد الله، وكبَّر الله، فتلك، وقال تمام المائة لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)). أخرجه مسلم.
أو يقول: ((سبحان الله مرة، والحمد لله مرة، والله أكبر مرة، ولا إله إلا الله مرة)). أخرجه الترمذي والنسائي.
أو يقول ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((معقبات لا يخيب قائلهن (أو فاعلهن) دُبُر كل صلاة مكتوبة، ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة)). أخرجه مسلم.
أو يقول ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( ... الصلوات الخمس يسبح أحدكم في دبر كل صلاة عشراً، ويحمد عشراً، ويكبر عشراً، فهي خمسون ومائة في اللسان، وألف وخمسمائة في الميزان .. )). أخرجه الترمذي والنسائي.

السنة أن يعقد التسبيح بأصابع يديه:
عن يسيرة رضي الله عنها قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس، واعقدن بالأنامل، فإنهن مسؤولات مستنطقات، ولا تغفلن فتنسين الرحمة)). أخرجه أبو داود والترمذي.
قراءة المعوذتين دبر كل صلاة: (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس). أخرجه أبو داود والترمذي.
قراءة آية الكرسي دُبُر كل صلاة لقوله عليه الصلاة والسلام: ((من قرأ آية الكرسي دُبُر كل صلاة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت)). أخرجه النسائي في الكبرى والطبراني.
آية الكرسي: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (البقرة).

ما يقوله إذا صلى الصبح:
عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا صلى الصبح حين يسلِّم: ((اللهم إني أسألك علماً نافعاً، ورزقاً طيباً، وعملاً متقبلاً)). أخرجه أحمد وابن ماجه.

فضل القعود للذكر بعد الصبح والعصر:
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أُعتق أربعة من ولد إسماعيل، ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من أن أُعتق أربعة)). أخرجه أبوداود.
- عن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس حسناً. أخرجه مسلم.

- أحكام الصلاة
تجب قراءة الفاتحة على المصلي سواء كان إماماً أو مأموماً أو منفرداً، وسواء كانت الصلاة سرية أو جهرية، فرضاً أو نفلاً، وتجب قراءتها في كل ركعة، ولا يستثنى من ذلك إلا المسبوق إذا أدرك الإمام راكعاً ولم يتمكن من قراءة الفاتحة، والمأموم فيما يجهر فيه الإمام من الصلوات والركعات.
من لا يعرف الفاتحة يقرأ في صلاته ما تيسر من القرآن، فإن كان لا يعرف شيئاً من القرآن، قال: ((سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله)). أخرجه أبو داود والنسائي.
إذا فات المصلي أول الصلاة فما أدركه مع الإمام هو أول صلاته، وبعد السلام يُتم ما فاته.

كيف ينصرف من أحدث في الصلاة:
إذا أحدث أثناء الصلاة، أو تذكر أنه على حدث انصرف بقلبه وبدنه ولا حاجة أن يسلِّم عن يمينه وعن شماله.
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا صلى أحدكم فأحدث، فليمسك على أنفه، ثم لينصرف)). أخرجه أبو داود وابن ماجه.
السنة أن يقرأ المصلي سورة كاملة في كل ركعة وأن يقرأ السور على ترتيب المصحف، ويجوز له أن يقسم السورة على الركعتين، وأن يقرأ عدة سور في ركعة واحدة، وأن يكرِّر السورة الواحدة في ركعتين، وأن يقدِّم سورة على سورة، لكن لا يكثر من ذلك، بل يفعله أحياناً.
يجوز أن يقرأ المصلي في الفرض والنفل أوائل السور وأواخرها وأواسطها.

المصلي له سكتتان:
إحداهما: بعد تكبيرة الإحرام من أجل دعاء الاستفتاح.
الثانية: عقب الفراغ من القراءة كلها قبل الركوع بقدر ما يتراد إليه نفسه.
أدعية الاستفتاح ثلاثة أنواع:
أعلاها ما كان ثناء على الله كـ ((سبحانك اللهم ... ))، ويليه ما كان خبراً من العبد عن عبادة الله كـ ((وجهت وجهي ... ))، ثم ما كان دعاء من العبد كـ ((اللهم باعد ... )).
يحرم تأخير الصلاة المفروضة عن وقتها إلا لناوي الجمع، أو في شدة خوف، أو مرض ونحو ذلك، ويحرم على المصلي أثناء الصلاة أن يرفع بصره إلى السماء.

ما يكره في الصلاة:
يكره في الصلاة التفات المصلي إلا لحاجة كخوف ونحوه، ويكره تغميض عينيه، وتغطية وجهه، وإقعاؤه كإقعاء الكلب، وعبثه، وتخصره وهو أن يضع يده على خاصرته، والنظر إلى ما يلهي، وافتراش ذراعيه في السجود، وأن يكون حاقناً، أو حاقباً، أو محتبس الريح، أو يصلي وهو بحضرة طعام يشتهيه وهو قادر على تناوله، والسدل، واللثام على فمه وأنفه، وكف الشعر أو الثوب، والتثاؤب في الصلاة، والبصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها، ولا يجوز أن يتفل تجاه القبلة في الصلاة وخارجها.
الأفضل للحاقب والحاقن ومحتبس الريح أن يحدث ثم يتوضأ ويصلي، فإن عدم الماء أحدث وتيمم وصلى، وذلك أخشع له.
الالتفات في الصلاة اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد، والالتفات نوعان: حسي بالبدن، ومعنوي بالقلب، ولمعالجة المعنوي: يَتفل عن يساره ثلاثاً، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ولمعالجة الحسي: يتوجه مباشرة بكليته إلى القبلة.

حكم اتخاذ السترة في الصلاة:
يُسن للإمام والمنفرد أن يصلي إلى سترة قائمة كجدار، أو عامود، أو صخرة، أو عصى، أو حربة ونحوها، رجلاً كان أو امرأة، في الحضر والسفر، وفي الفريضة والنافلة، أما المأموم: فسترة الإمام سترة لمن خلفه، أو الإمام سترة للمأموم.
يحرم المرور بين المصلي وسترته، وعلى المصلي رد المار في مكة أو غيرها، فإن غلبه فالإثم على المار وصلاته لا تنقص إن شاء الله.
صلاة الإمام والمنفرد تبطل بمرور المرأة، والحمار، والكلب الأسود إن لم تكن سترة، فإن مرَّ أحد هؤلاء أمام المأموم فلا تبطل صلاة المأموم ولا الإمام، ومن صلى إلى سترة فليدن منها؛ لئلا يمر الشيطان بينه وبينها.

مواضع رفع اليدين في الصلاة:
- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم افتتح التكبير في الصلاة فرفع يديه حين يكبِّر حتى يجعلهما حذو منكبيه، وإذا كبر للركوع فعل مثله، وإذا قال: ((سمع الله لمن حمده)) فعل مثله، وقال: ((ربنا ولك الحمد)). متفق عليه.
- عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا دخل في الصلاة كبَّر، ورفع يديه، وإذا ركع رفع يديه، وإذا قال سمع الله لمن حمده رفع يديه، وإذا قام من الركعتين رفع يديه، ورفع ذلك ابن عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه البخاري.

ما يباح للمصلي أثناء الصلاة:
يباح للمصلي أثناء الصلاة إذا احتاج لف العمامة، أو الغترة، والالتحاف بالثوب، وكف المشلح، أو الغترة، والتقدم والتأخر، والصعود على المنبر والنزول، والبصق عن يساره لا عن يمينه ولا أمام وجهه في غير مسجد، وفي المسجد في ثوبه، ويباح له قتل حية وعقرب ونحوها، وحمل صغير ونحوه.
يباح في الصلاة السجود على ثياب المصلي أو عمامته أو غترته لعذر كشدة حر ونحوه.
إذا استؤذن على الرجل وهو يصلي فإذنه التسبيح، وإذا استؤذن على المرأة وهي تصلي فإذنها التصفيق.
يستحب في الصلاة حمد الله عند العطاس، وإذا تجددت له نعمة وهو في الصلاة رفع يديه وحمد الله.
المنفرد إن جهر بالقراءة جهر بـ (آمين)، وإن أسر بالقراءة أسر بـ (آمين).
المنفرد رجلاً كان أو امرأةً مخيّر: إما أن لا يجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية، وإما أن يجهر بها ما لم يؤذ أحداً كنائم ومريض ونحوهما أو تكون المرأة بحضرة أجانب.

- أركان الصلاة
أركان الصلاة التي لا تصح صلاة الفريضة إلا بها أربعة عشر ركناً، وهي:
- القيام مع القدرة.
- تكبيرة الإحرام.
- قراءة الفاتحة في كل ركعة. إلا فيما يجهر فيه الإمام.
- الركوع.
- الاعتدال منه.
- السجود على الأعضاء السبعة.
- الجلوس بين السجدتين.
- السجود الثاني.
- الجلوس للتشهد الأخير.
- التشهد الأخير.
- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وآله.
- الطمأنينة في الكل.
- الترتيب بين الأركان.
- التسليم.
إذا ترك المصلي ركناً من هذه الأركان عمداً بطلت صلاته، وإن ترك تكبيرة الإحرام جهلاً أو سهواً لم تنعقد صلاته أصلاً.
ما تركه المصلي من هذه الأركان ناسياً أو جاهلاً فإنه يعود إليه ويأتي به وبما بعده ما لم يصل إلى مكانه من الركعة الثانية، فحينئذ تقوم الركعة الثانية مقام التي تركه منها، وتبطل الركعة السابقة، كمن نسي الركوع، ثم سجد، فيجب عليه أن يعود متى ذكر إلا إذا وصل إلى الركوع من الثانية، فتقوم الركعة الثانية مكان التي ترك، ويلزمه سجود السهو بعد السلام.
قراءة الفاتحة للإمام والمنفرد ركن في كل ركعة، وتبطل الركعة بتركها، أما المأموم فيقرؤها سراً في كل ركعة إلا فيما يجهر فيه الإمام من الصلوات والركعات فينصت لقراءة الإمام إذا قرأ.

- واجبات الصلاة
- جميع التكبيرات غير تكبيرة الإحرام.
- تعظيم الرب حال الركوع.
- قول (سمع الله لمن حمده) للإمام والمنفرد.
- قول (ربنا ولك الحمد) للإمام والمأموم والمنفرد.
- الدعاء حال السجود.
- الدعاء بين السجدتين.
- الجلوس للتشهد الأول.
- قراءة التشهد الأول.
إذا ترك المصلي واجباً من هذه الواجبات عمداً بطلت صلاته، وإن تركه ناسياً بعد مفارقة محله وقبل أن يصل إلى الركن الذي يليه رجع فأتى به، ثم يكمل صلاته، ثم يسجد للسهو، ثم يسلم.
وإن ذكره بعد وصوله إلى الركن الذي يليه سقط ولا يرجع إليه، ويسجد للسهو، ثم يسلم.
كل ما عدا الأركان والواجبات مما ذكر في صفة الصلاة آنفاً فهو سنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، وهي: سنن أقوال وأفعال.
فسنن الأقوال: كدعاء الاستفتاح، والتعوذ، والبسملة، وقول آمين، وقراءة سورة بعد الفاتحة، ونحوها.
ومن سنن الأفعال: رفع اليدين عند التكبير في المواضع السابقة، وضع اليمين على الشمال حال القيام، والافتراش، والتورك، ونحوها.

مبطلات الصلاة:
تبطل الصلاة بما يلي:
- إذا ترك ركناً أو شرطاً عمداً أو سهواً، أو ترك واجباً عمداً.
- الحركة الكثيرة لغير ضرورة.
- كشف العورة عمداً.
- الكلام والضحك والأكل والشرب عمداً.
الدعاء بعد النافلة غير مشروع ولا أصل له، ومن أراد أن يدعو الله فليدع قبل السلام في فريضة أو نافلة، وإن دعا بعد الصلاة أحياناً لعارض فلا بأس.
كل ما ورد مقيداً (بدبر الصلاة): إن كان دعاءً فهو قبل السلام، وإن كان ذِكراً فهو بعد السلام.

حكم الاستغفار بعد الفريضة:
الاستغفار بعد كل صلاة مفروضة مشروع؛ لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن كثيراً من المصلين يُقصِّر ويُفرِّط في الصلاة، إما بالمشروعات الظاهرة كالقراءة، والركوع، والسجود ونحوها، وإما بالمشروعات الباطنة كالخشوع، وحضور القلب ونحوها.
يجوز الذكر بالقلب واللسان للمحدث، والجنب، والحائض والنفساء، وذلك كالتسبيح، والتهليل، والتحميد، والتكبير، والدعاء، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
الإسرار بالذكر والدعاء هو الأفضل مطلقاً إلا فيما ورد كأدبار الصلوات الخمس، والتلبية، أو لمصلحة كأن يسمع جاهلاً ونحو ذلك، فالأفضل الجهر.
إذا قام الإمام من الركعتين ولم يجلس للتشهد، فإن ذكر قبل أن يستوي قائماً فليجلس، فإن استوى قائماً فلا يجلس، ويسجد سجدتي السهو قبل السلام.
من خرج يريد الصلاة فوجد الناس قد صلوا فله مثل أجر من صلاها.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من توضأ فأحسن وضوءه، ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله جل وعز مثل أجر من صلاها وحضرها، لا ينقص ذلك من أجرهم شيئا)). أخرجه أبو داود والنسائي.

يسن التأمين في موضعين:
- داخل الصلاة بعد قراءة الفاتحة من إمام، أو مأموم، أو منفرد، يجهر به الإمام والمأموم، ويؤمن المأموم مع الإمام، لا قبله، ولا بعده، ويشرع أيضاً في دعاء القنوت في وتر، أو نازلة ونحوهما.
- خارج الصلاة بعد قراءة الفاتحة من قارئ، ومستمع، وعلى الدعاء مطلقاً أو مقيداً كدعاء الخطيب في الجمعة، أو الاستسقاء، أو الكسوف ونحو ذلك.

- سجود السهو
سجود السهو:
سجدتان في الفريضة أو النافلة، يؤتى بهما من جلوس، يسلم بعدهما ولا يتشهد.

حكمة مشروعيته:
خلق الله الإنسان عرضة للنسيان، والشيطان حريص على إفساد صلاته بزيادة، أو نقص، أو شك، وقد شرع الله سجود السهو إرغاماً للشيطان، وجبراً للنقصان، وإرضاء للرحمن.
السهو في الصلاة وقع من النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه مقتضى الطبيعة البشرية، ولهذا لما سها في صلاته قال: (( ... إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني)). متفق عليه.
أسباب سجود السهو ثلاثة: الزيادة، النقص، الشك.

سجود السهو له أربع حالات:
- إذا زاد المصلي فعلاً من جنس الصلاة سهواً كقيام، أو ركوع، أو سجود، كأن يركع مرتين، أو يقوم في محل القعود، أو يصلي الرباعية خمس ركعات مثلاً فيجب عليه سجود السهو للزيادة بعد السلام سواء ذكر ذلك قبل السلام أو بعده.
- إذا نقص المصلي ركناً من أركان الصلاة، فإن ذكره قبل أن يصل إلى محله من الركعة التي بعده وجب عليه الرجوع فيأتي به وبما بعده، وإن ذكره بعد أن وصل إلى محله فإنه لا يرجع وتبطل الركعة هذه، وإن ذكره بعد السلام أتى به وبما بعده فقط، ويسجد للسهو بعد السلام، وإن سلَّم عن نقص كمن صلى ثلاثاً من الرباعية ثم سلَّم ثم نُبِّه قام بدون تكبيرة بنية الصلاة، ثم أتى بالرابعة، ثم تشهد وسلِّم، ثم سجد للسهو.
- إذا نقص المصلي واجباً من واجبات الصلاة، مثل أن ينسى التشهد الأول، فحينئذ يسقط عنه التشهد، ويجب عليه سجود السهو قبل السلام.
- إذا شك المصلي في عدد الركعات هل صلى ثلاثاً، أم أربعاً، فيأخذ بالأقل ويتم ويسجد للسهو قبل السلام، فإن غلب على ظنه أحد الاحتمالين عمل به، وسجد بعد السلام.
إذا أتى بقول مشروع في غير موضعه كقراءة قرآن في ركوع، أو سجود، أو تشهد في قيام لم تبطل صلاته ولا يجب عليه سجود السهو بل يستحب.
إذا تخلف المأموم عن الإمام بركن أو أكثر لعذر فإنه يأتي به ويلحق إمامه.
يقال في سجود السهو ما يقال في سجود الصلاة من الذكر والدعاء.
إن سلم سهواً قبل تمام الصلاة وذكر قريباً أتمها وسلم، ثم سجد للسهو، وإن نسي سجود السهو ثم سلَّم وفعل ما ينافي الصلاة من كلام وغيره سجد للسهو ثم سلَّم.
إن لزمه سجودان قبل السلام وبعد السلام سجد قبل السلام.
المأموم يسجد تبعاً لإمامه، فإن كان المأموم مسبوقاً وسجد الإمام بعد السلام، فإن كان السهو فيما أدرك معه لزمه أن يسجد بعد السلام، وإن كان سهو الإمام قبل أن يدخل معه فلا يلزمه سجود السهو.

- صلاة الجماعة
صلاة الجماعة مظهر عظيم من مظاهر الإسلام، يُشبه صفوف الملائكة في عبادتها، ومواكب الجيوش في قيادتها، وهي سبب للتواد بين الناس، وتعارفهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، وظهور عزتهم، وقوتهم، ووحدتهم.
شرع الله للمسلمين الاجتماع في أوقات معلومات، منها ما يكون في اليوم والليلة كالصلوات الخمس، ومنها ما يكون في الأسبوع مرة كالجمعة، ومنها ما يكون في السنة مرتين كالعيدين في كل بلد، ومنها ما يكون في السنة مرة لعموم المسلمين كموقف عرفة، ومنها ما يكون عند تغير الأحوال كصلاة الاستسقاء والكسوف.

حكمها:
تجب صلاة الجماعة على كل مسلم، مكلف، قادر من الرجال، للصلوات الخمس، حضراً وسفراً، في حال الأمن، وحال الخوف.

فضل صلاة الجماعة في المسجد:
- عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((صلاة الجماعة تفضل صلاة الفَذِّ بسبع وعشرين درجة)).
وفي رواية: ((بخمس وعشرين درجة)). متفق عليه.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تطهَّر في بيته، ثم مشى إلى بيت من بيوت الله، ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة، والأخرى ترفع درجة)). أخرجه مسلم.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من غدا إلى المسجد أو راح، أعد الله له في الجنة نُزُلاً كلما غدا أو راح)). متفق عليه.
الأفضل للمسلم أن يصلي الفرائض في مسجد الحي الذي هو فيه، ثم يليه الأكثر جماعة، ثم يليه الأبعد، إلا المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى فإن الصلاة فيها أفضل مطلقاً.
تجوز صلاة الجماعة في مسجد قد صلى فيه الإمام بجماعته ذلك الوقت.
تُستحب صلاة أهل الثغر في مسجد واحد، فإن كانوا يخشون من العدو إذا اجتمعوا صلى كل إنسان في مكانه.

حكم خروج النساء إلى المساجد:
يباح للنساء حضور صلاة الجماعة في المساجد منفردات عن الرجال مع الستر التام، وتسن لهن الجماعة منفردات عن الرجال سواء كانت إمامتهن منهن أو من الرجال.
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن)). متفق عليه.
من دخل المسجد والناس ركوع فالسنة أن يركع حين يدخل ثم يَدُبَّ راكعاً حتى يدخل في الصف.
أقل الجماعة اثنان، وكلما كثرت الجماعة كان أزكى لصلاته، وأحبَّ إلى الله عز وجل.
من صلى الفريضة في رحله ثم دخل مسجد قوم وهم يصلون فالسنة أن يصلي معهم وتكون له نافلة، ومن صلاها مع الإمام في المسجد جماعة ثم دخل مسجداً آخر فوجدهم يصلون فكذلك.
إذا أُقيمت صلاة الفريضة فلا صلاة إلا المكتوبة، وإن أقيمت الصلاة وهو في نافلة أتمها خفيفة ودخل في الجماعة ليدرك تكبيرة الإحرام.
من تخلف عن صلاة الجماعة في المسجد، فإن كان معذوراً لمرض، أو خوف أو نحوهما فهذا يُكتب له أجر من صلى في جماعة، وإن تخلف لغير عذر وصلى وحده فصلاته صحيحة، لكنه يخسر أجراً عظيماً، ويأثم إثماً كبيراً.

فضل الجماعة والتكبيرة الأولى:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق)). أخرجه الترمذي.

- أحكام الإمامة
الإمامة فضلها عظيم، ولأهميتها تولاها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، وخلفاؤه الراشدون من بعده رضي الله عنهم.
والإمام عليه مسؤولية كبرى، وهو ضامن، وله أجر كبير إن أحسن، وله من الأجر مثل أجر من صلى معه.

حكم متابعة الإمام:
يجب على المأموم متابعة الإمام في صلاته كلها لقوله عليه الصلاة والسلام: ((إنما جُعِلَ الإمام ليؤتم به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون)). متفق عليه.

الأحق بالإمامة:
الأقرأ وهو الأكثر حفظاً للقرآن العالم فقه صلاته، ثم الأعلم بالسنة، ثم أقدمهم هجرة، ثم أقدمهم إسلاماً، ثم الأكبر سناً، ثم قرعة، وهذا فيما إذا حضرت الصلاة وأرادوا أن يقدموا أحدهم، فإن كان للمسجد إمام وحضر فهو الأولى.
عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سِلماً)). أخرجه مسلم.
ساكن البيت وإمام المسجد أحق بالإمامة إلا من ذي سلطان.
يجب تقديم الأولى في الإمامة، وإن لم يوجد إلا فاسق كمن يحلق لحيته أو يشرب الدخان ونحوهما صحَّت الصلاة خلفه، والفاسق: من خرج عن طاعة الله تعالى بفعل كبيرة دون الكفر أو بالإصرار على صغيرة، ولا تصح الصلاة خلف من صلاته فاسدة بحدث أو غيره إلا لمن لم يعلم، فتصح صلاة المأموم، وعلى الإمام الإعادة.
تحرم مسابقة الإمام في الصلاة، ومن سابقه عالماً ذاكراً بطلت صلاته، أما التخلف عنه، فإن تخلف عن الإمام لعذر كما لو سها أو غفل أو لم يسمع الإمام حتى سبقه فإنه يأتي بما تخلف به مباشرة ويتابع الإمام ولا حرج عليه.

للمأموم مع الإمام أربع حالات:
- المسابقة:
وهي أن يسبق المأمومُ الإمامَ في التكبير، أو الركوع، أو السجود، أو السلام، أو غيرها، وهذا الفعل لا يجوز، ومن فعله فعليه أن يرجع ليأتي به بعد الإمام، فإن لم يفعل بطلت صلاته.
- الموافقة:
وهي أن تتوافق حركة الإمام والمأموم في الانتقال من ركن إلى ركن كالتكبير، أو الركوع ونحوهما، وهذا خطأ ينقص الصلاة.
- المتابعة:
وهي أن تحصل أفعال المأموم عقب أفعال الإمام، وهي الأمر المطلوب من المأموم، وبها يحصل الاقتداء الشرعي.
- المخالفة:
وهي أن يتأخر المأموم عن إمامه حتى يدخل في ركن آخر، وهي لا تجوز؛ لما فيها من ترك الاقتداء.
من دخل المسجد وقد فاتته الصلاة مع الإمام الراتب فالواجب عليه وعلى من تخلف معه أن يصلوا جماعة، ولكن فضلها ليس كفضل الجماعة الأولى.
من أدرك ركعة مع الإمام فقد أدرك الجماعة، ومن أدرك الركوع مع الإمام أدرك الركعة، فيكبر تكبيرة الإحرام قائماً ثم يكبر تكبيرة الركوع إن أمكنه، وإن لم يمكنه نواهما بتكبيرة واحدة.
من دخل فوجد الإمام قائماً، أو راكعاً، أو ساجداً، أو جالساً دخل معه، وله أجر ما أدرك، لكن الركعة لا تدرك إلا بإدراك الركوع، وتدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام ما لم يشرع في قراءة الفاتحة.
يسن للإمام التخفيف مع الإتمام، لأنه قد يكون في المأمومين الضعيف، والسقيم، والكبير، وذو الحاجة ونحوهم، وإذا صلى منفرداً أطال كيف شاء.
التخفيف المسنون في الصلاة هو الذي يصحبه إتمام الصلاة بأداء أركانها وواجباتها وسننها كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وواظب عليه، وأمر به، لا إلى شهوة المأمومين، ولا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود.
السنة أن يقف المأمومون خلف الإمام، وإن كان واحداً فعن يمين الإمام، وإمامة النساء تقف وسط صفهن.
يصح أن يقف المأمومون عن يمين الإمام، أو عن جانبيه، ولا يصح قدامه ولا عن يساره فقط إلا لضرورة.

صفة صف الرجال والنساء خلف الإمام:
يلي الإمام الرجال في الصف الأول الكبار والصغار، وتصف النساء جميعاً خلف الرجال، ويشرع في صفوف النساء ما يشرع في صفوف الرجال من إكمال الصف الأول فالأول، وسد الفرج، وتسوية الصفوف ... الخ.
إذا صلَّت النساء جماعة وحدهن فخير صفوفهن أولها وشرها آخرها كالرجال، ولا يجوز أن تصف النساء أمام الرجال أو يصف الرجال خلف النساء إلا لضرورة من زحام ونحوه، وإن وقفت المرأة في صف الرجال للضرورة من زحام ونحوه وصلّت لم تبطل صلاتها ولا صلاة من خلفها.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها)). أخرجه مسلم.

كيفية تسوية الصفوف:
- السنة أن يقبل الأمام على المأمومين بوجهه، ويقول:
((أقيموا صفوفكم، وتراصُّوا)). أخرجه البخاري.
- أو يقول: ((سَوُّوا صفوفكم، فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة)). متفق عليه.
- أو يقول: ((أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسُدُّوا الخلل، ولِينُوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله)). أخرجه أبو داود والنسائي.
- أو يقول: ((استووا، استووا، استووا)). أخرجه النسائي.
يجب تسوية الصفوف في الصلاة بالمناكب، والأكعب، وسد الخلل، وإتمام الصف الأول فالأول، و ((من سَدَّ فرجة بنى الله له بيتاً في الجنة، ورفعه بها درجة)). أخرجه المحاملي والطبراني في الأوسط.
يصح أذان الصبي المميز وإمامته في الفرض والنفل، وإن وُجد أولى منه وجب تقديمه.
كل من صحَّت صلاته صحَّت إمامته ولو كان عاجزاً عن القيام أو الركوع ونحوها، إلا المرأة فلا تؤمُّ الرجال لكن تؤمُّ مثلها من النساء.
يصح ائتمام مفترض بمتنفل، ومن يصلي الظهر بمن يصلي العصر، ومن يصلي العشاء أو المغرب بمن يصلي التراويح، فإذا سلَّم الإمام أكمل الصلاة.
يجوز اختلاف النية بين الإمام والمأموم في الصلاة، ولا يجوز الاختلاف في الأفعال، فيجوز أن يصلي العشاء خلف من يصلي المغرب، فإذا سلَّم الإمام قام وجاء بركعة، ثم تشهَّد وسلَّم، وإذا صلى المغربَ خلف من يصلي العشاء، فهنا إذا قام الإمام إلى الرابعة، فإن شاء تشهد وسلم، أو جلس وانتظر ليسلم معه.
إذا أم الإمام صبيين أو أكثر وقد بلغا سبعاً جعلهما خلفه، فإن كان واحداً جعله عن يمينه.
المأموم إذا لم يسمع قراءة الإمام في الجهرية يقرأ الفاتحة وغيرها ولا يسكت.
إذا أحدث الإمام أثناء الصلاة قطع صلاته واستخلف من يكمل بالمأمومين صلاتهم، فإن تقدم أحد المأمومين، أو قدموه فأكمل الصلاة بهم، أو أكملوا صلاتهم فرادى فصلاتهم صحيحة إن شاء الله.

صفة قضاء المأموم ما فاته من الركعات:
- من أدرك مع الإمام ركعة من الظهر، أو العصر، أو العشاء وجب عليه بعد سلام الإمام قضاء الثلاث ركعات، فيأتي بركعة يقرأ فيها الفاتحة وسورة ثم يجلس للتشهد الأول، ثم يأتي بركعتين يقرأ فيهما الفاتحة فقط، إلا الظهر فيقرأ مع الفاتحة سورة، وأحيانا يقتصر عليها، ثم يجلس للتشهد الأخير، ثم يسلم، وكل ما أدركه المسبوق مع الإمام فهو أول صلاته.
- من أدرك مع الإمام ركعة من المغرب قام بعد سلام الإمام وجاء بركعة يقرأ فيها الفاتحة وسورة، ثم يجلس للتشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بركعة يقرأ فيها الفاتحة، ثم يجلس للتشهد الأخير ويسلم كما سبق.
- من أدرك مع الإمام ركعة من الفجر أو الجمعة قام بعد سلام الإمام وجاء بركعة يقرأ فيها الفاتحة وسورة ثم يجلس للتشهد ويسلم كما سبق.
- إذا دخل أحد والإمام في التشهد الأخير، فالسنة أن يدخل معه، ويتم صلاته إذا سلم الإمام.
لا تصح صلاة الرجل الواحد خلف الصف إلا لعذر كمن لم يجد مكاناً في الصف، فيصلي خلف الصف، ولا يجذب أحداً ممن في الصف، وصلاة المرأة الواحدة خلف الصف صحيحة إذا كانت مع جماعة رجال، أما إذا كانت مع جماعة نساء فقط فحكمها حكم الرجل فيما سبق.
يجوز أن تصلَّى النوافل جماعة أحياناً في الليل أو النهار، في البيت أو غيره.
يُسن لمن رأى من يصلي الفريضة وحده أن يصلي معه.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر رجلاً يصلي وحده فقال: ((ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه)). أخرجه أبو داود والترمذي.
يستحب للمأموم أن لا يقوم قبل انصراف إمامه إلى المأمومين.
يصح اقتداء المأموم بالإمام في المسجد وإن لم يره أو لم ير من وراءه إذا سمع التكبير، وكذا خارج المسجد إن سمع التكبير واتصلت الصفوف.
السنة أن ينصرف الإمام إلى المأمومين بعد السلام، فإن صلى معه نساء لبث قليلاً لينصرفن، ويكره تطوعه بعد صلاة المكتوبة في موضعها فوراً.
يجوز إذا ضاق المكان أن يصلي الإمام ومعه، ووراءه، وفوقه، وأسفل منه مصلُّون.
المصافحة عقيب الصلاة المفروضة بدعة، وجهر الإمام والمأمومين بالدعاء جميعاً عقب صلاة الفريضة بدعة، وإنما المشروع ما ورد من الأذكار في الهيئة والعدد كما سبق.
يجوز للمأموم أن ينفرد عن الإمام إذا أطال الإمام إطالة خارجة عن السنة، أو أسرع الإمام في صلاته، أو طرأ على المأموم عذر، من احتباس بول، أو ريح، أو نحوهما، فيقطع صلاته، ويستأنف صلاته وحده.
يجهر الإمام في أداء التكبير، والتسميع، والتسليم، والتأمين في الصلاة، ويجتنب التمطيط في ذلك.
من يدعو غير الله، أو يستغيث بغير الله، أو يذبح لغير الله عند القبور أو غيرها، أو يدعو أهل القبور، فلا تجوز الصلاة خلفه، لأنه كافر، وصلاته باطلة.

أعذار ترك الجمعة والجماعة:
يعذر بترك جمعة وجماعة:
مريض يشق عليه أن يصلي مع الجماعة، ومدافع أحد الأخبثين، ومن خشي فوات رفقة، ومن خاف ضرر نفسه أو ماله، أو رفيقه، أو تأذى بمطر، أو وحل، أو ريح شديدة، ومن بحضرة طعام محتاج إليه متمكن من تناوله، ولا يجعل ذلك عادة له، وكذا طبيب، وحارس، ورجال الأمن، والمطافئ، وغيرهم ممن يشتغل بمصالح المسلمين الضرورية إذا جاء وقت الصلاة وهم يؤدون عملهم صلوا في مكانهم، ولهم أن يصلوا بدل الجمعة ظهراً عند الحاجة.
كل ما ألهى عن الصلاة أو كان فيه إضاعة للوقت أو ضرر للبدن أو العقل فهو محرم كلعب الورق، وشرب الدخان، والشيشة، والمسكر، والمخدر، ونحو ذلك كالجلوس أمام شاشات التلفاز وغيره مما يعرض فيه الكفر والخنا والرذيلة.
إذا صلى الإمام بالجماعة بنجاسة يجهلها وانقضت الصلاة فصلاتهم جميعاً صحيحة.
وإن علم بالنجاسة أثناء الصلاة، فإن أمكن إبعادها أو إزالتها فعل ذلك وأتم صلاته، وإن كان لا يمكنه انصرف واستخلف من يتم بالمأمومين صلاتهم.
من زار قوماً فلا يؤمهم، ولكن يؤمهم رجل منهم.
الصف الأول أفضل من الصف الثاني، ويمين الصف أفضل من يساره، فالله عز وجل وملائكته يصلون على الصف الأول، وعلى ميامن الصفوف، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم للصف الأول ثلاثاً، وللثاني واحدة.

أهل الصف الأول:
الأحق بالصف الأول والأقرب من الإمام هم أولو الأحلام والنهى أهل العلم والتقى، وهم قدوة الناس فليبادروا إلى ذلك.
عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: ((استووا ولا تختلفوا، فتختلف قلوبكم، لِيَلِنِي منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)). أخرجه مسلم.
يسن للإمام إذا أطال القراءة أطال بقية الأركان، وإذا خففها خفف بقية الأركان.
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: رمقت الصلاة مع محمد صلى الله عليه وسلم، فوجدت قيامه فركعته، فاعتداله بعد ركوعه، فسجدته، فجلسته بين السجدتين، فسجدته، فجلسته ما بين التسليم والانصراف، قريباً من السواء. متفق عليه.

- صلاة أهل الأعذار
أهل الأعذار هم: المرضى، والمسافرون، والخائفون الذين لا يستطيعون أداء الصلاة على صفتها التي يؤديها غير المعذور، ومن رحمة الله أن يسَّر لهم ورفع عنهم الحرج، ولم يحرمهم كسب الأجر، فأمرهم أن يصلوا حسب استطاعتهم على ما جاءت به السنة، كما يلي:

- صلاة المريض
صفة صلاة المريض:
تلزم المريض الصلاة المفروضة قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً متربعاً، أو على هيئة جلوس التشهد، فإن لم يستطع فعلى جنبه الأيمن، فإن شقَّ عليه فعلى الأيسر، فإن لم يستطع صلى مستلقياً على ظهره ورجلاه إلى القبلة، ويومئ برأسه راكعاً وساجداً إلى صدره، ويخفض السجود أكثر من الركوع، ولا تسقط الصلاة مادام العقل موجوداً، فيصلي على حسب حاله كما ورد.
- عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة؟ فقال: ((صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)). أخرجه البخاري.
- عن عمران بن حصين رضي الله عنه وكان مبسوراً قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل قاعداً فقال: ((إن صلى قائماً فهو أفضل، ومن صلى قاعداً فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائماً فله نصف أجر القاعد)). أخرجه البخاري.
يجب على المريض أن يتطهر للصلاة بالماء، فإن لم يستطع تيمم، فإن لم يستطع سقطت الطهارة، وصلى حسب حاله.
إذا صلى المريض قاعداً ثم قدر على القيام، أو صلى جالساً ثم قدر على السجود، أو صلى على جنب ثم قدر على القعود أثناءها، انتقل إلى ما قدر عليه لأنه الواجب في حقه.
يجوز للمريض أن يصلي مستلقياً مع القدرة على القيام لمداواة بقول طبيب ثقة.
إن قدر المريض على قيام وقعود دون ركوع وسجود أومأ بركوع قائماً، وبسجود قاعداً.
من لم يستطع السجود على الأرض يركع ويسجد وهو جالس، يجعل سجوده أخفض من ركوعه، ويضع يديه على ركبتيه، ولا يرفع إلى جبهته شيئاً كالوسادة ونحوها.
المريض كغيره يلزمه استقبال القبلة في الصلاة، فإن لم يستطع صلى حسب حاله إلى أي جهة تسهل عليه، ولا تصح صلاة المريض إيماءً بطرفه، أو إشارة بأصبعه، بل يصلي كما ورد.
إن شق على المريض أو عجز أن يصلي كل صلاة في وقتها فله الجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما.
المشقة في الصلاة هي: ما يزول بها الخشوع، والخشوع هو: حضور القلب والطمأنينة.
المريض الذي يستطيع الذهاب إلى المسجد تلزمه صلاة الجماعة فيصلي قائماً إن استطاع، وإلا صلى حسب قدرته مع الجماعة.
يكتب الله عز وجل للمريض والمسافر من الأعمال مثل ما كان يعمل المريض حال الصحة، والمسافر حال الإقامة، ويغفر للمريض ذنوبه.
- عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مرض العبد أو سافر، كُتِبَ له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً)). أخرجه البخاري.
- عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد إذا مرض أوحى الله إلى ملائكته: يا ملائكتي، أنا قيدت عبدي بقيد من قيودي، فإن أقبضه أغفر له، وإن أعافه فحينئذ يقعد ولا ذنب له)). أخرجه الحاكم والطبراني.

- صلاة المسافر
السفر: هو مفارقة محل الإقامة.
من محاسن الإسلام جواز القصر والجمع في السفر، لأنه غالباً توجد فيه المشقة، والإسلام دين رحمة وتيسير.
عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا) (النساء) فقد أمن الناس!، فقال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: ((صدقةٌ تصدَّق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته)). أخرجه مسلم.

حكم القصر والجمع:
القصر في السفر سنة مؤكدة في حال الأمن أو الخوف، وهو قصر الصلاة الرباعية (الظهر والعصر والعشاء) إلى ركعتين، ولا يجوز إلا في السفر فقط، أما المغرب والفجر فلا تُقصران أبداً، وأما الجمع فيجوز في الحضر والسفر بشروطه.
إذا سافر المسلم ماشياً أو راكباً، براً أو بحراً أو جواً، سُنَّ له قصر الصلاة الرباعية ركعتين، وله أن يجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما إذا احتاج إلى ذلك حتى ينتهي سفره.
قالت عائشة رضي الله عنها: الصلاةُ أولُ ما فرضت ركعتين فأُقرَّت صلاة السفر وأُتمت صلاة الحضر. متفق عليه.
كل ما يسمى سفراً في العرف تعلقت به أحكام السفر، وهي: القصر، والجمع، والفطر، والمسح على الخفين.
يبدأ المسافر القصر والجمع إذا فارق عامر قريته، ولا حد للمسافة في السفر وإنما يرجع ذلك إلى العرف، فمتى سافر ولم ينو الإقامة المطلقة أو الاستيطان فهو مسافر تنطبق عليه أحكام السفر حتى يعود إلى بلده.
القصر في السفر هو السنة، ويقصر في كل ما يسمى سفراً، وإن أتم فصلاته صحيحة.
إذا صلى المسافر خلف مقيم أتم، وإن صلى مقيم خلف مسافر فالسنة أن يقصر المسافر، أما المقيم فعليه الإتمام بعد السلام.
السنة إذا صلى المسافر بالمقيمين في بلدهم أن يصلي بهم ركعتين، ثم يقول: أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر.
السنة ترك الرواتب في السفر ما عدا التهجد، والوتر، وسنة الفجر.
أما النوافل المطلقة فهي مشروعة في السفر والحضر، وكذا ذوات الأسباب كسنة الوضوء، وسنة الطواف، وتحية المسجد، وصلاة الضحى ونحوها.
الأذكار بعد الصلوات الخمس سنة للرجال والنساء، حضراً وسفراً.
قائد الطائرة، أو السيارة، أو السفينة، أو القطار، ومن سفره مستمر طول الزمن يجوز له أن يأخذ برخص السفر كالقصر، والجمع، والفطر، والمسح.
يسن للمسافر إذا عاد إلى بلده أن يبدأ بالمسجد فيصلي فيه ركعتين.
العبرة في القصر اعتبار المكان لا الزمان، فإذا نسي المسافر صلاة حضر ثم ذكرها في سفر قصرها، وإن ذكر صلاة سفر في حضر أتمها.
إذا حُبِسَ المسافر ولم ينو إقامة أو أقام لقضاء حاجة بلا نية إقامة مطلقة ولو طالت قصر أبداً.
إذا دخل وقت الصلاة ثم سافر فله أن يقصر ويجمع، وإن دخل وقت الصلاة وهو في السفر ثم دخل بلده فإنه يتم ولا يجمع ولا يقصر.
إذا كان في الطائرة مثلاً ولم يجد مكاناً للصلاة صلى في مكانه قائماً مستقبلاً القبلة، ويومئ بالركوع حسب قدرته، ثم يجلس على الكرسي، ثم يومئ بالسجود حسب قدرته.
من سافر إلى مكة أو غيرها أتم خلف الإمام، فإن لم يدرك الصلاة معه فالسنة له القصر، ومن سافر ومرَّ بقرية وسمع الأذان أو الإقامة ولم يكن صلى، فإن شاء نزل وصلى مع الجماعة، وإن شاء واصل سيره.
من أراد أن يجمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء يؤذن ثم يقيم ويصلي الأولى، ثم يقيم ويصلي الثانية، يؤديها المصلون جماعة كلهم، فإن كان هناك برد أو ريح أو مطر صلوا في رحالهم.

صفة الجمع في السفر:
يُسن للمسافر الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، في وقت إحداهما مرتباً، أو في الوقت الذي بينهما، فإن كان نازلاً فعل الأرفق به، وإن كان سائراً فالسنة إذا غابت الشمس قبل أن يرتحل أن يجمع بين المغرب والعشاء تقديماً، وإن ارتحل قبل أن تغيب الشمس أخَّر المغرب إلى العشاء وجمع بينهما تأخيراً.
وإذا زالت الشمس قبل أن يركب جمع بين الظهر والعصر تقديماً، وإن ركب قبل أن تزول الشمس أخر الظهر إلى العصر وجمع بينهما تأخيراً.
- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين صلاة الظهر والعصر إذا كان على ظهر سير، ويجمع بين المغرب والعشاء. أخرجه البخاري.
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، فإذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر، ثم ركب. متفق عليه.
يسن في الحج لمن كان بعرفة أن يقصر ويجمع بين الظهر والعصر تقديماً، وفي مزدلفة يقصر ويجمع بين المغرب والعشاء تأخيراً كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم.
يجب على المسافرين أن يصلوا جماعة إن تيسر، وإلا صلوا فرادى حسب الاستطاعة، فيصلي في الطائرة أو السفينة أو القطار ونحوها قائماً، فإن لم يستطع صلى قاعداً وأومأ بالركوع والسجود، ويصلي الفريضة مستقبل القبلة، ويسن له الأذان والإقامة وإن كان وحده.
يسن للمسافر التنفل على ظهر الراحلة، ويسن أن يستقبل القبلة عند تكبيرة الإحرام إن تيسر، وإلا صلى حيثما توجهت به الراحلة.
يسن أن يخرج لسفره أول النهار، ويستحب أن يكون يوم الخميس إن تيسر، وأن لا يسافر وحده، فإن كانوا ثلاثة فأكثر أمَّروا أحدهم.

حكم الجمع في الحضر:
يجوز الجمع في الحضر بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء لمريض يلحقه بتركه مشقة، وفي الليلة المطيرة، أو الباردة، أو وحل، أو ريح شديدة باردة، وللمستحاضة، ومن به سلس بول، ومن خاف على نفسه، أو أهله، أو ماله، ونحو ذلك.

- صلاة الخوف
الإسلام دين سماحة ويسر، والصلوات المفروضة لأهميتها ومنفعتها لا تسقط بحال، فإذا كان المسلمون في ساحة الجهاد في سبيل الله وخافوا من عدوهم جاز لهم أن يصلوا صلاة الخوف بصور مختلفة، وهذه أشهرها:

صفات صلاة الخوف:
- إذا كان العدو في جهة القبلة، فيصلُّون كما يلي:
يكبِّر الإمام، ويصف المسلمون خلفه صفين، ويكبرون جميعاً، ويركعون جميعاً، ويرفعون جميعاً، ثم يسجد الصف الذي يلي الإمام مع الإمام، فإذا قاموا سجد الصف الثاني ثم قاموا، ثم يتقدم الصف الثاني، ويتأخر الصف الأول، ثم يصلي بهم الركعة الثانية كالأولى، ثم يسلم بهم جميعاً.

- إذا كان العدو في غير جهة القبلة، فيصلُّون كما يلي:
- يكبِّر الإمام، وتصفُّ معه طائفة، وتقف الطائفة الأخرى تجاه العدو، فيصلي بالتي معه ركعة ثم يثبت قائماً، ويتمُّون لأنفسهم، ثم ينصرفون، ويقفون تجاه العدو، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم الركعة الباقية، ثم يجلس، ويتمون لأنفسهم وهو جالس، ثم يسلم بهم، وعليهم حمل سلاح خفيف أثناء صلاتهم، مع الحذر من عدوهم.
- أو يصلي الإمام بإحدى الطائفتين ركعتين فتسلم قبله، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم الركعتين الأخيرتين ثم يسلم بهم، فتكون له أربعاً، ولكل طائفة ركعتان.
- أو يصلي بالطائفة الأولى صلاة كاملة ركعتين ثم يسلم، ثم يصلي بالأخرى كذلك ثم يسلم.
- أو تصلي كل طائفة ركعة واحدة فقط مع الإمام، فيصلي الإمام ركعتين، وكل طائفة ركعة من غير قضاء، وكل هذه الصفات ثابتة في السنة.
- إذا اشتد الخوف، وتواصل الطعن والضرب صلوا رجالاً وركباناً ركعة واحدة يومئون بالركوع والسجود للقبلة وغيرها، فإن لم يتمكنوا أخَّروا الصلاة حتى يقضي الله بينهم وبين عدوهم ثم صلَّوا.
- قال الله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) (البقرة -).
- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعاً، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة. أخرجه مسلم.
إذا كانت صلاة المغرب فلا يدخلها القصر، وللإمام أن يصلي بالطائفة الأولى ركعتين، وبالطائفة الثانية ركعة، أو العكس.

- صلاة الجمعة
شرع الله سبحانه للمسلمين اجتماعات متعددة من أجل توطيد أواصر الألفة والمحبة بينهما، اجتماعات حيٍّ: في الصلوات الخمس، واجتماعات بلد: في الجمعة والعيدين، واجتماعات أقطار: في الحج بمكة، فهذه اجتماعات المسلمين صغرى ومتوسطة وكبرى.

فضل يوم الجمعة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة)). أخرجه مسلم.

حكم صلاة الجمعة:
صلاة الجمعة ركعتان، وتجب على كل مسلم ذكر، بالغ، عاقل، حر، مقيم ببناء يشمله اسم واحد، ولا تجب الجمعة على المرأة، والمريض، والصبي، والمسافر، والمملوك، ومن حضرها منهم أجزأته، والمسافر إن كان نازلاً وسمع النداء لزمته الجمعة.

وقت صلاة الجمعة:
وقت صلاة الجمعة الأفضل: بعد زوال الشمس إلى آخر وقت صلاة الظهر، وتجوز قبل الزوال.
الأولى أن يكون بين النداء الأول للجمعة والنداء الثاني فاصل زمني يتمكن فيه المسلم خاصة البعيد والنائم والغافل من الاستعداد للصلاة والأخذ بآدابها وسننها والسعي إليها.
يجب أداء صلاة الجمعة في وقتها، وأن يحضرها جماعة لا يقلُّون عن اثنين أو ثلاثة من أهل البلد، وأن يتقدمها خطبتان فيهما حمد الله تعالى، وذكره، وشكره، والحثّ على طاعته، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، والوصية بتقوى الله عز وجل.
صلاة الجمعة تكفي عن صلاة الظهر، فلا يجوز لمن صلاها أن يصلي بعدها ظهراً، وتجب المحافظة على صلاة الجمعة، ومن ترك ثلاث جمع متهاوناً بها طبع الله على قلبه.

فضل الاغتسال والتبكير للجمعة:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر)). متفق عليه.
- عن أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من غَسَّل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكَّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يَلغُ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها)). أخرجه أبو داود وابن ماجه.
يعرف المسلم الساعات الخمس بأن يقسم ما بين طلوع الشمس إلى مجيء الإمام إلى خمسة أقسام، وبذلك يعرف مقدار كل ساعة.
وقت السعي المستحب إلى الجمعة يبدأ من طلوع الشمس، وكذا الغسل، أما وقت السعي الواجب إلى الجمعة فهو عند النداء الثاني إذا دخل الإمام.
لا يجوز لمن تلزمه الجمعة السفر في يومها بعد الأذان الثاني إلا لضرورة كخوف فوت رفقة، أو راحلة كسيارة أو سفينة أو طائرة.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (الجمعة).
من أدرك مع الإمام ركعة من الجمعة جاء بركعة أخرى وأتمها جمعة، وإن أدرك أقل من ركعة فينويها ظهراً ويصلي أربع ركعات.
السنة أن يبكر المأموم للجمعة والعيدين والاستسقاء، أما الإمام فيأتي في الجمعة والاستسقاء عند الخطبة، وفي العيدين يأتي عند وقت الصلاة.
السنة أن يخطب الإمام خطبة قصيرة حفظاً، وإن خطب بورقة أمسكها بيده اليمنى، وله أن يعتمد على العصا أو القوس أو جدار المنبر بيده اليسرى إن احتاج.
السنة أن تكون الخطبتان يوم الجمعة باللغة العربية لمن يحسنها، وإن ترجمت للحاضرين بلغتهم لكونهم لا يفهمون العربية فهو أولى، فإن لم يمكن خطب بلغتهم، أما الصلاة فلا تصح إلا بالعربية.
إذا مرَّ المسافر ببلد تقام فيه الجمعة وسمع النداء وأراد أن يستريح في هذا البلد لزمته صلاة الجمعة، وإن خطب بهم وصلى بهم الجمعة صحت صلاة الجميع.

صفة الخطيب:
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش يقول: صبَّحَكم ومسَّاكم. أخرجه مسلم.
يسن أن يخطب الإمام على منبر له ثلاث درجات، فإذا دخل صعد المنبر، ثم واجه المصلين وسلم عليهم، ثم يجلس حتى يؤذن المؤذن، ثم يخطب الخطبة الأولى قائماً متوكئاً على قوس أو عصا إن احتاج، ثم يجلس، ثم يخطب الخطبة الثانية قائماً كذلك.

صفة الخطبة:
يستفتح أحياناً بخطبة الحاجة، وأحياناً بغيرها، ونص خطبة الحاجة: ((إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (آل عمران ).
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب -).
((أما بعد)). وأحياناً لا يذكر هذه الآيات، وينبغي أحياناً أن يقول بعد قوله: ((أما بعد)): ((فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)). أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه.

موضوع الخطبة:
خطب النبي صلى الله عليه وسلم وخطب أصحابه رضي الله عنهم تشتمل على بيان التوحيد والإيمان، وذكر صفات الرب جل جلاله، وأصول الإيمان، وذكر الله تعالى التي تحببه إلى خلقه، وأيامه التي تخوفهم من بأسه، والأمر بذكره وشكره، وذم الدنيا، وذكر الموت، والجنة، والنار، والحث على طاعة الله ورسوله، والزجر عن المعصية ونحو ذلك.
فيذكر الخطيب من عظمة الله، وأسمائه، وصفاته، ونعمه ما يحببه إلى خلقه، ويأمر بطاعته، وشكره، وذكره، ما يحببهم إليه، فينصرفون وقد أحبوه وأحبهم، وامتلأت قلوبهم بالإيمان والخشية، وتحركت قلوبهم وجوارحهم لذكره وطاعته وعبادته.
يُسن للإمام أن يقصر الخطبة ويطيل الصلاة على ما ورد في السنة.
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كنت أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت صلاته قصداً، وخطبته قصداً. أخرجه مسلم.
يستحب للخطيب أن يقرأ من القرآن في خطبته، وأن يخطب أحياناً بسورة (ق).
يستحب للمأمومين أن يستقبلوا الإمام بوجوههم إذا استوى على المنبر للخطبة، وذلك أحضر للقلب، وأشجع للخطيب، وأبعد عن النوم.

صفة صلاة الجمعة:
صلاة الجمعة ركعتان، يسن أن يقرأ جهرا في الأولى بعد الفاتحة بـ (الجمعة) وفي الثانية بـ (المنافقون)، أو يقرأ في الأولى بـ (الجمعة)، وفي الثانية بـ (الغاشية)، أو يقرأ في الأولى بـ (الأعلى) وفي الثانية بـ (الغاشية)، وإن قرأ بغيرهما جاز، فإذا صلى الركعتين سلم.

سنة الجمعة:
يسن أن يصلي بعد الجمعة في بيته ركعتين، ويصلي في بعض الأحيان أربعاً بسلامين، أما إذا صلى في المسجد فيصلي أربعاً بسلامين، ولا سنة للجمعة قبلها بل يصلي ما شاء.
الكلام أثناء الخطبة يُفسد الأجر ويلحق الإثم، فلا يجوز الكلام والإمام يخطب إلا للإمام ومن يكلمه الإمام لمصلحة، وردّ السلام، وتشميت العاطس، ويجوز الكلام قبل الخطبة وبعدها لمصلحة، ويحرم تخطي رقاب الناس يوم الجمعة والإمام يخطب، ويكره الاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب.
إقامة الجمعة في البلد إذا تمت الشروط لا يشترط لها إذن الإمام، فتُقام أذن أو لم يأذن، أما تعدد الجمعة في أكثر من موضع بالبلد فلا يجوز إلا لحاجة وضرورة بعد إذن الإمام، وتقام في المدن والقرى لا في البادية.
من دخل والإمام يخطب لم يجلس حتى يصلي ركعتين يتجوز فيهما، ومن نعس وهو في المسجد فالسنة أن يتحول من مجلسه ذلك إلى غيره.
غسل الجمعة سنة مؤكدة، ويجب على من به رائحة كريهة تتأذى منها الملائكة والناس أن يغتسل، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم)). متفق عليه.
يُسن بعد أن يغتسل يوم الجمعة أن يتنظف، ويتطيب، ويلبس أحسن ثيابه، ويخرج مبكراً إلى المسجد، ويدنو من الإمام، ويصلي ما كتب له، ويكثر من الدعاء، وقراءة القرآن.
الإمام يتولى الخطبة والصلاة، ويجوز أن يخطب رجل، ويصلي الجمعة آخر لعذر.
يُسن أن يقرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أو يومها، ومن قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين.
يُسن أن يُكثر المسلم من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة ويوم الجمعة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صلَّى عليَّ واحدة، صلى الله عليه عشراً)). أخرجه مسلم.
يُسن أن يقرأ الإمام في الركعة الأولى من فجر يوم الجمعة (الم تَنزِيلُ) السجدة، وفي الركعة الثانية (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ).
لا يشرع للإمام ولا للمأمومين رفع اليدين أثناء الدعاء في الخطبة إلا إذا استسقى الإمام فيرفع ويرفعون، أما التأمين على الدعاء فمشروع مع خفض الصوت.
يستحب للإمام أن يدعو في خطبته، والأولى جعل الدعاء للإسلام والمسلمين، وحفظهم، ونصرتهم، والتأليف بين قلوبهم ونحو ذلك، ويشير الإمام أثناء الدعاء بأصبعه السبابة ولا يرفع يديه.

ساعة الإجابة:
ترجى في آخر ساعة من نهار يوم الجمعة بعد العصر، ويستحب فيها الإكثار من الذكر والدعاء، فالدعاء في هذا الوقت حريٌّ بالإجابة، وهي ساعة خفيفة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال: ((فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه)). وأشار بيده يقللها. متفق عليه.
من فاتته صلاة الجمعة قضاها ظهراً أربع ركعات، فإن كان معذوراً فلا إثم عليه، وإن كان غير معذور أثم، لتفريطه بصلاة الجمعة.
عن أبي الجعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من ترك ثلاث جُمَع تهاوناً بها طبع الله على قلبه)). أخرجه أبو داود والترمذي.
إذا اتفق عيد في يوم جمعة سقط حضور الجمعة عن من صلى العيد، ويصلون ظهراً، إلا الإمام فإنها لا تسقط عنه، وكذا من لم يصل العيد، وإن صلاها من صلى العيد أجزأته عن صلاة الظهر.
أفضل الصلوات عند الله تعالى صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة.

- صلاة التطوع
من رحمة الله بعباده أنه شرع لكل فرض تطوعاً من جنسه، ليزداد المؤمن إيماناً بفعل هذا التطوع، ويكمل به الفرائض يوم القيامة، فالفرائض يعتريها النقص.
والصلاة منها الواجب والتطوع، والصيام منه الواجب والتطوع، وهكذا الحج، والصدقة ونحوها، ولا يزال العبد يتقرب إلى الله بالنوافل حتى يحبه الله تعالى.

صلاة التطوع أنواع:
- منها ما يشرع له الجماعة كالتراويح والاستسقاء والكسوف والعيدين.
- ومنها ما لا يشرع له الجماعة كصلاة الاستخارة.
- ومنها ما هو تابع للفرائض كالسنن الرواتب.
- ومنها ما ليس بتابع كصلاة الضحى.
- ومنها ما هو مؤقت كصلاة التهجد.
- ومنها ما ليس بمؤقت كالنوافل المطلقة.
- ومنها ما هو مقيد بسبب كتحية المسجد وركعتي الوضوء.
- ومنها ما ليس مقيداً بسبب كالنوافل المطلقة.
- ومنها ما هو مؤكد كصلاة العيدين والاستسقاء والكسوف والوتر.
- ومنها ما ليس بمؤكد كالصلاة قبل صلاة المغرب ونحوها.
وهذا من فضل الله على عباده، حيث شرع لهم ما يتقربون به إليه، ونوَّع لهم الطاعات ليرفع لهم بها الدرجات، ويحط عنهم السيئات، ويضاعف لهم الحسنات، فلله الحمد والشكر.

- السنن الراتبة
السنن الرواتب:
هي التي تُصلى قبل الفريضة أو بعدها، وهي قسمان:

- رواتب مؤكدة، وهي اثنتا عشرة ركعة:
- أربع ركعات قبل صلاة الظهر.
- ركعتان بعد الظهر.
- ركعتان بعد المغرب.
- ركعتان بعد العشاء.
- ركعتان قبل الفجر.
عن أم حبيبة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير فريضة إلا بنى الله له بيتاً في الجنة، أو إلا بنُي له بيت في الجنة)). أخرجه مسلم.
وأحيانا يصليها عشر ركعات كما سبق إلا أنه يصلي قبل الظهر ركعتين.
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الظهر سجدتين، وبعدها سجدتين، وبعد المغرب سجدتين، وبعد العشاء سجدتين، وبعد الجمعة سجدتين، فأما المغرب والعشاء والجمعة فصليت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته. متفق عليه.

- رواتب غير مؤكدة يفعلها ولا يداوم عليها:
ركعتان قبل صلاة العصر، والمغرب، والعشاء، وتسن المحافظة على أربع ركعات قبل العصر، وهي سبب لنيل رحمة الله تعالى.
التطوع المطلق مشروع بالليل والنهار، مثنى مثنى، وأفضله صلاة الليل.

آكد السنن الرواتب:
آكد السنن الرواتب ركعتا الفجر، ويسن تخفيفهما، وأن يقرأ فيهما بعد الفاتحة بـ (سورة الكافرون) في الركعة الأولى، وفي الثانية بـ (سورة الإخلاص).
أو في الأولى بـ (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ .. ) (البقرة)، وفي الثانية بـ (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا) (آل عمران)، وأحياناً (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمْ) (آل عمران).
كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ على ركعتي الفجر، والوتر، والتهجد، حضراً وسفراً.
من فاته شيء من هذه السنن الرواتب لعذر سُنَّ له قضاؤه.
إذا توضأ المسلم ودخل المسجد بعد أذان الظهر مثلاً وصلى ركعتين ونوى بهما تحية المسجد، وسنة الوضوء، وراتبة الظهر أجزأه ذلك.
يسن الفصل بين الفرض وراتبته القبلية أو البعدية بانتقال أو كلام.
تُصلى هذه النوافل في المسجد أو في البيت، والأفضل صلاتها في البيت لقوله عليه الصلاة والسلام: (( ... فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)). متفق عليه.
يجوز في صلاة التطوع الجلوس مع القدرة على القيام، ومن صلى قائماً فهو أفضل، أما الفريضة فالقيام فيها ركن إلا لمن لم يقدر عليه فيصلي حسب حاله كما سبق.
من صلى النوافل قاعداً لغير عذر فله نصف أجر صلاة القائم، ومع العذر فأجره كالقائم، وصلاة المضطجع تطوعاً بعذر فأجره كالقائم، وبدون عذر فله نصف أجر صلاة القاعد.

- صلاة التهجد
قيام الليل:
من النوافل المطلقة، وهو سنة مؤكدة، أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم به.
- قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمْ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) (المزمل -).
- قال الله تعالى: (وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) (الإسراء).
- وذكر الله سبحانه من صفات المتقين أنهم: (كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (الذاريات -).

فضل قيام الليل:
قيام الليل من أفضل الأعمال، وهو أفضل من تطوع النهار؛ لما في سرِّيته من الإخلاص لله تعالى، ولما فيه من المشقة بترك النوم، واللذة التي تحصل بمناجاة الله عز وجل، وجوف الليل أفضل.
- قال الله تعالى: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً) (المزمل).
- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أقرب ما يكون الرب عز وجل من العبد جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله عز وجل في تلك الساعة فكن، فإن الصلاة محضورة مشهودة إلى طلوع الشمس .. )). أخرجه الترمذي والنسائي.
- وسُئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ فقال: ((أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة، الصلاة في جوف الليل)). أخرجه مسلم.

وفي الليل ساعة يُجاب فيها الدعاء:
- عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة، إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة)). أخرجه مسلم.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟، من يستغفرني فأغفر له؟)). متفق عليه.
يسن للمسلم أن ينام على طهارة، و ((من بات طاهراً بات في شعاره مَلَك فلم يستيقظ إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك فلاناً فإنه بات طاهراً)). أخرجه ابن حبان.
ويسن أن ينام مبكراً بعد العشاء ليستيقظ لصلاة الليل نشيطاً، والسنة أن يقوم إذا سمع الصارخ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على مكان كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد. فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)). متفق عليه.
وينبغي أن يحرص المسلم على قيام الليل ولا يتركه؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه.
فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: ((أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً)). متفق عليه.

صلاة التهجد:
إحدى عشرة ركعة مع الوتر، أو ثلاث عشرة ركعة مع الوتر.

وقت صلاة التهجد:
أفضل صلاة الليل ثلث الليل بعد نصفه، فتقسم الليل أنصافاً، ثم تقوم في الثلث الأول من النصف الثاني، ثم تنام آخر الليل.
قال عليه الصلاة والسلام: ((أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يوماً، ويفطر يوماً)). متفق عليه.

صفة صلاة التهجد:
يُسن أن ينوي الإنسان قيام الليل عند النوم، فإن غلبته عيناه ولم يقم كُتب له ما نوى، وكان نومه صدقة عليه من ربه، وإذا قام للتهجد مسح النوم عن وجهه، وقرأ العشر آيات من آخر آل عمران (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ .. )، ويستاك، ويتوضأ، ثم يفتتح تهجده بركعتين خفيفتين، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين)). أخرجه مسلم.
ثم يصلي مثنى مثنى، فيسلم من كل ركعتين لما روى عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: إن رجلاً قال: يا رسول الله، كيف صلاة الليل؟ قال: ((مثنى مثنى، فإذا خِفْتَ الصبح فأوتر بواحدة)). متفق عليه.
وله أن يصلي أحياناً أربعاً بسلام واحد.
ويستحب أن يكون له ركعات معلومة، فإن نام عنها قضاها شفعاً، وقد سُئلت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل فقالت: سبع، وتسع، وإحدى عشرة سوى ركعتي الفجر. أخرجه البخاري.
ويسن أن يكون تهجده في بيته، وأن يوقظ أهله، ويصلي بهم أحياناً، ويطيل سجوده بقدر قراءة خمسين آية، فإن غلبه نعاس رقد، ويستحب أن يطيل القيام والقراءة فيقرأ جزءاً من القرآن أو أكثر، يجهر بالقراءة أحياناً، ويُسِرُّ بها أحياناً، إذا مرَّ بآية رحمة سأل، وإذا مرَّ بآية عذاب استجار، وإذا مرَّ بآية فيها تنزيه لله تعالى سبَّح.
ثم يختم تهجده بالليل بالوتر لقوله عليه الصلاة والسلام: ((اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا)). متفق عليه.

- صلاة الوتر
الوتر سنة مؤكدة، حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: ((الوتر حق على كل مسلم)). أخرجه أبو داود والنسائي.

وقت الوتر:
من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الثاني، وآخر الليل لمن وثق بنفسه أفضل، لقول عائشة رضي الله عنها: من كلِّ الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أول الليل، وأوسطه، وآخره، فانتهى وتره إلى السحر. متفق عليه.

صفة الوتر:
يكون الوتر بركعة واحدة، أو بثلاث، أو بخمس، أو سبع، أو تسع إذا اتصلت هذه الركعات بسلام واحد. أخرجه مسلم والنسائي.
أقل الوتر ركعة، وأكثره إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، يصليها مثنى مثنى، ويوتر بواحدة، وأدنى الكمال ثلاث ركعات بسلامين، أو بسلام واحد، وتشهَّد واحد في آخرها، ويسن أن يقرأ في الأولى بـ ((الأعلى)) وفي الثانية بـ ((الكافرون)) وفي الثالثة بـ ((الإخلاص)).
وإن أوتر بخمس تشهَّد مرة واحدة في آخرها ثم سلم، وإن أوتر بسبع فكذلك، وإن تشهد بعد السادسة بلا سلام ثم قام وصلى السابعة فلا بأس.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي بثلاث، لا أدعهن حتى أموت:
صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى ونوم على وتر. متفق عليه.
وإن أوتر بتسع تشهد مرتين: مرة بعد الثامنة ولا يسلم، ثم يقوم للتاسعة ويتشهد ويسلم، ولكن الأفضل أن يوتر بواحدة مستقلة، ثم يقول بعد السلام: (سبحان الملك القدوس) ثلاث مرات، ويمد صوته في الثالثة.
يصلي المسلم الوتر بعد صلاة التهجد، فإن خاف أن لا يقوم أوتر قبل نومه لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل)). أخرجه مسلم.
من أوتر أول الليل، ثم قام آخره، صلى شفعاً بدون وتر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا وتران في ليلة)). أخرجه أبو داود والترمذي.
القنوت في الوتر يستحب أحياناً، من شاء فعله، ومن شاء تركه، والأولى أن يكون الترك أكثر من الفعل، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت في الوتر.

صفة دعاء القنوت في الوتر:
إذا صلى ثلاث ركعات مثلاً رفع يديه بعد القيام من الركعة الثالثة، أو قبل الركوع بعد انتهاء القراءة فيحمد الله عز وجل ويثني عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بما شاء مما ورد، ومنه: ((اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يُقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت)). أخرجه أبو داود والترمذي.
ويستفتح أحياناً قنوته بما ثبت عن عمر رضي الله عنه وهو: ((اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك بالكافرين ملحق، اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك الخير ولا نكفرك، ونؤمن بك ونخضع لك، ونخلع من يكفرك)). أخرجه البيهقي.
وله أن يزيد من الأدعية مما ثبت ولا يطيل، ومنها: ((اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر)). أخرجه مسلم.
((اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها)). أخرجه مسلم.
ثم يقول في آخر وتره: ((اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك)). أخرجه أبو داود والترمذي.
ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في آخر قنوت الوتر، ولا يمسح وجهه بيديه بعد الفراغ من الدعاء في قنوت الوتر وغيره.
يكره القنوت في غير الوتر إلا أن تنزل بالمسلمين نازلة أو مصيبة، فيُسن أن يقنت الإمام في الفرائض بعد الركعة الأخيرة، وأحياناً قبل أن يركع.
القنوت في النوازل يكون بالدعاء للمسلمين المستضعفين، أو الدعاء على الكفار الظالمين، أو بهما معاً.
أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة، وما يشرع له الجماعة كالكسوف، والتراويح ونحوهما فيصليها في المسجد جماعة.
من كان في سفر فالسنة أن يصلي الوتر على راحلته مستقبلاً القبلة عند تكبيرة الإحرام إن تيسر، وإلا صلى حيثما توجهت به.
يسن لمن صلى الوتر أن يصلي بعده ركعتين وهو جالس، فإذا أراد أن يركع قام فركع.

قضاء الوتر:
من نام عن صلاة الوتر أو نسيها صلاها إذا استيقظ أو ذكر، ويقضيها بين أذان الفجر والإقامة على صفتها، ويقضيها نهاراً شفعاً لا وتراً، فإن كان يوتر بإحدى عشرة ركعة ليلاً صلاها نهاراً اثنتي عشرة ركعة مثنى مثنى وهكذا.
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع أو غيره، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة. أخرجه مسلم.

- صلاة التراويح [تأتي في كتاب الصيام - الباب السابع]

- صلاة العيدين
الأعياد في الإسلام ثلاثة:
- عيد الفطر يوم (()) شوال من كل عام.
- عيد الأضحى يوم (()) من ذي الحجة من كل عام.
- عيد الأسبوع يوم الجمعة، وقد سبق الحديث عنه.
صلاة عيد الفطر بعد إتمام صيام شهر رمضان، وصلاة عيد الأضحى بعد فريضة الحج واختتام عشر ذي الحجة، وهما من محاسن الإسلام، يؤديهما المسلمون بعد أداء تلك العبادتين العظيمتين شكراً لله تبارك وتعالى.
حكم صلاة العيدين:
سنة مؤكدة على كل مسلم ومسلمة.

وقت صلاة العيدين:
من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى الزوال، فإن لم يعلموا بالعيد إلا بعد الزوال صلوا من الغد في وقتها ولا يضحون إلا بعد صلاة عيد الأضحى.

صفة الخروج لصلاة العيدين:
صلاة العيد تصلى في الصحراء، ويسن أن يتنظف الذاهب إليها، ويلبس أحسن ثيابه، إظهاراً للفرح والسرور بهذا اليوم، والنساء لا يتبرجن بزينة ولا يتطيبن، ويخرجن للصلاة مع الناس، والحيض من النساء يشهدن الخطبة ويعتزلن المصلى.
يسن أن يبكر إليها المأموم بعد الصبح ماشياً إن قدر، أما الإمام فيتأخر إلى وقت الصلاة، والسنة أن يذهب إليها من طريق ويعود من طريق آخر إظهاراً لهذه الشعيرة، واتباعاً للسنة.
يسن للمسلم أن يأكل قبل الخروج لصلاة عيد الفطر تمرات وتراً، وأن يمسك عن الأكل في عيد الأضحى حتى يأكل من أضحيته إن ضحى.

مكان صلاة العيدين:
صلاة العيد تكون في صحراء قريبة من البلد، فإذا وصل المصلى صلى ركعتين وجلس يذكر الله تعالى، ولا تصلى صلاة العيد في المساجد إلا لعذر من مطر ونحوه.
يجوز لمن دخل مصلى العيد أن يصلي تطوعاً قبل الصلاة وبعدها ما لم يكن وقت نهي فلا يشرع له إلا تحية المسجد، فإذا رجع المصلي إلى بيته يستحب له أن يصلي ركعتين.

صفة صلاة العيدين:
إذا حان وقت الصلاة تقدم الإمام وصلى بهم ركعتين بلا أذان ولا إقامة، يكبر في الأولى سبعاً أو تسعاً بتكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمساً بعد القيام.
ثم يسن أن يقرأ جهراً بعد الفاتحة بـ (الأعلى) في الأولى، وفي الثانية بعد الفاتحة بـ (الغاشية) أو يقرأ في الأولى بـ (ق) وفي الثانية بـ (اقتربت الساعة) يقرأ تارة بهذا، وتارة بهذا، إحياء للسنة.
فإذا سلم خطب خطبة واحدة مستقبل الناس، فيها حمد الله تعالى، وشكره، والثناء عليه، ووجوب العمل بشرعه، ويحثهم على الصدقة، ويرغبهم في عيد الأضحى في الأضحية ويبين لهم أحكامها.
إذا وافق العيد يوم جمعة، فمن صلى العيد سقطت عنه الجمعة وصلى ظهراً، أما الإمام ومن لم يصل العيد فتلزمه صلاة الجمعة.
إذا نسي الإمام إحدى التكبيرات الزوائد وشرع في القراءة سقطت؛ لأنها سنة فات محلها، ويرفع المصلي يديه مع التكبير كما ورد في صلاة الفرض والنفل، ولا يرفع يديه مع التكبيرات الزوائد في الركعتين في العيدين والاستسقاء.
يسن للإمام وعظ النساء في خطبته، وتذكيرهن بما يجب عليهن، وترغيبهن في الصدقة.
من أدرك الإمام قبل سلامه من صلاة العيد أتمها على صفتها، ومن فاتته قضاها على صفتها.
إذا صلى الإمام صلاة العيد، فمن أحب أن ينصرف فلينصرف، ومن أحب أن يجلس ويسمع الخطبة وهو الأفضل فليجلس.
يسن التكبير أيام العيدين جهراً لعموم المسلمين في البيوت، والأسواق، والطرق، والمساجد، وغيرها، والنساء لا تجهر بالتكبير بحضرة الأجانب.

أوقات التكبير:
- يبدأ وقت التكبير في عيد الفطر من ليلة العيد حتى يصلي صلاة العيد.
- ويبدأ وقت التكبير في عيد الأضحى من دخول عشر ذي الحجة إلى غروب الشمس من اليوم الثالث عشر.

صفة التكبير:
- إما أن يكبر شفعاً، فيقول: ((الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)).
- أو يكبر وتراً فيقول: ((الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)).
- أو يكبر وتراً في الأولى، وشفعاً في الثانية، فيقول: ((الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)). يفعل هذا مرة، وهذا مرة، والأمر في ذلك واسع.

حكم الأعياد المحدثة:
أعياد الميلاد الفردية، وغيرها من المناسبات كأول يوم من السنة الهجرية، أو الميلادية، أو ليلة الإسراء، أو ليلة النصف من شهر شعبان، أو يوم المولد النبوي، أو عيد الأم، وغيرها مما انتشر في أوساط كثير من المسلمين، فكلها بدع محدثة مردودة، ومن فعلها، أو أقرها، أو دعا إليها، أو أنفق عليها فهو آثم وعليه وزرها، ووزر من عمل بها.

- صلاة الكسوف والخسوف
الخسوف:
ذهاب ضوء القمر أو بعضه ليلاً.
الكسوف:
انحجاب ضوء الشمس أو بعضه نهاراً.

حكم صلاة الخسوف والكسوف:
صلاة الخسوف والكسوف، سنة مؤكدة، على كل مسلم ومسلمة، في الحضر والسفر.
الخسوف والكسوف له أوقات مقدرة كما لطلوع الشمس والهلال وقت مقدر، وقد أجرى الله العادة أن وقت الكسوف يكون في نهاية الشهر ووقت خسوف القمر يكون وقت الإبدار في الليالي البيض.
إذا كسفت الشمس، أو خسف القمر فزع الناس إلى الصلاة في المساجد، أو البيوت، والمساجد أفضل، فالزلازل لها أسباب، والصواعق لها أسباب، والبراكين لها أسباب، والكسوف والخسوف لهما أسباب طبيعية يقدرها الله حتى تكون هذه المسببات، والحكمة: تخويف العباد، ليرجعوا إلى الله.
وقتها:
من ابتداء الكسوف أو الخسوف إلى ذهابه.

صفة صلاة الكسوف:
صلاة الكسوف والخسوف ليس لها أذان ولا إقامة، لكن ينادى لها ليلاً أو نهاراً بلفظ: (الصلاة جامعة) مرة أو أكثر. فيكبر الإمام ويقرأ الفاتحة وسورة طويلة جهراً، ثم يركع ركوعاً طويلاً، ثم يرفع من الركوع قائلاً: (سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد) ولا يسجد، ثم يقرأ الفاتحة ثم سورة أقصر من الأولى، ثم يركع أقل من الركوع الأول، ثم يرفع، ثم يسجد سجدتين طويلتين، الأولى أطول من الثانية، بينهما جلوس، ثم يقوم ويأتي بركعة ثانية على هيئة الأولى، لكنها أخف، ثم يتشهد ويسلم. يسن أن يخطب الإمام بعدها خطبة يعظ فيها الناس، ويذكرهم بأمر هذا الحدث الجلل العظيم لترق قلوبهم، ويأمرهم بالإكثار من الدعاء، والاستغفار. عن عائشة رضي الله عنها قالت: خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فأطال القيام جداً، ثم ركع فأطال الركوع جداً، ثم رفع رأسه فأطال القيام جداً، وهو دون القيام الأول، ثم ركع فأطال الركوع جداً، وهو دون الركوع الأول، ثم سجد. ثم قام فأطال القيام، وهو دون القيام الأول، ثم ركع فأطال الركوع، وهو دون الركوع الأول، ثم رفع رأسه فقام، فأطال القيام، وهو دون القيام الأول، ثم ركع فأطال الركوع، وهو دون الركوع الأول، ثم سجد. ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تجلت الشمس، فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((إن الشمس والقمر من آيات الله، وإنهما لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فكبروا، وادعوا الله وصلوا وتصدقوا، يا أمة محمد! إن من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد! والله! لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً، ألا هل بلغت؟)). متفق عليه. تدرك الركعة في صلاة الكسوف بإدراك الركوع الأول من كل ركعة، ولا تقضى صلاة الكسوف إن فاتت إذا انجلى الكسوف. إذا انجلى الكسوف وهم في الصلاة أتموها خفيفة، وإن صلوا ولم ينجل الكسوف أكثروا من الدعاء والتكبير والصدقة حتى ينكشف ما بهم. ظاهرة الكسوف تدفع النفس إلى إخلاص التوحيد لله، والإقبال على الطاعة، والبعد عن المعاصي والذنوب، والخوف من الله، والعودة إليه. - قال الله تعالى: (وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً) (الإسراء). - عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس، فإذا رأيتم منهما شيئاً فصلوا وادعوا الله حتى يكشف ما بكم)). متفق عليه

- صلاة الاستسقاء
الاستسقاء: هو الدعاء بطلب السقيا من الله تعالى على صفة مخصوصة.
حكم صلاة الاستسقاء: سنة مؤكدة، وتصلى في كل وقت، والأفضل أن تصلى بعد ارتفاع الشمس قيد رمح.

حكمة مشروعية صلاة الاستسقاء:
إذا أجدبت الأرض، واحتبس المطر شرعت صلاة الاستسقاء، ويخرج لها المسلمون في الصحراء متبذلين، خاشعين، متذللين، متضرعين، متواضعين، رجالاً ونساءً وصبياناً، ويحدد لهم الإمام يوماً يخرجون فيه لصلاة الاستسقاء.
الاستسقاء يكون: إما بصلاة الاستسقاء جماعة، أو بالدعاء في خطبة الجمعة، أو بالدعاء عقب الصلوات وفي الخلوات من غير صلاة ولا خطبة.

صفة صلاة الاستسقاء:
يتقدم الإمام ويصلي بالمسلمين ركعتين بلا أذان ولا إقامة، يكبر في الأولى سبعاً بتكبيرة الإحرام، ثم يقرأ الفاتحة وسورة من القرآن جهراً، ثم يركع ويسجد، ثم يقوم فيكبر في الركعة الثانية خمساً سوى تكبيرة القيام، ثم يقرأ الفاتحة وسورة من القرآن جهراً، فإذا صلى الركعتين تشهد، ثم سلم.

خطبة الاستسقاء:
يخطب الإمام خطبة واحدة قبل الصلاة، يحمد الله تعالى ويكبره، ويستغفره، ويقول ما ثبت في السنة، ومنه: ((إنكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله عز وجل أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم))، ثم يقول: (الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين). لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني، ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغاً إلى حين)). أخرجه أبوداود.
((اللهم اسقنا غيثاً، مغيثاً، مريئاً، مريعاً، نافعاً غير ضار، عاجلاً غير آجل)). أخرجه أبو داود.
((اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت)). أخرجه مالك وأبو داود.
((اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا)). أخرجه مسلم.
((اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا)). أخرجه البخاري.
وإذا كثر المطر وخيف الضرر سُن أن يقول: ((اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والجبال والظراب والأودية، ومنابت الشجر)). متفق عليه.
المطر حديث عهد بربه، والسنة إذا نزل المطر أن يحسر ثوبه ليصيب المطر بعض بدنه قائلاً: ((اللهم صيباً نافعاً)). أخرجه البخاري.
ويقول بعد نزول المطر: ((مُطِرنا بفضل الله ورحمته)). متفق عليه.
إذا استسقى الإمام فالسنة أن يرفع يديه ويرفع الناس أيديهم، ويؤمنون على دعاء الإمام أثناء الخطبة.
إذا فرغ الإمام من الخطبة استقبل القبلة يدعو، ثم يحول رداءه فيجعل الأيمن على الأيسر، ويرفع الناس أيديهم يدعون، ثم يصلي بهم صلاة الاستسقاء ركعتين كما سبق.
السنة أن يخطب الإمام قبل صلاة الاستسقاء قائماً.
- عن عباد بن تميم عن عمه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم خرج يستسقي قال: فَحَوَّل إلى الناس ظهره واستقبل القبلة يدعو، ثم حول رداءه ثم صلى لنا ركعتين جهر فيهما بالقراءة. متفق عليه.
- عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر، فكبر صلى الله عليه وسلم وحمد الله عز وجل، ثم قال: ((إنكم شكوتم جدب دياركم .. )) ... ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين. أخرجه أبو داود.

الاجتماع على العبادات والطاعات نوعان:
- أحدهما: سنة راتبة إما واجب كالصلوات الخمس والجمعة، أو مسنون كالعيدين والتراويح والكسوف والاستسقاء، فهذا سنة راتبة ينبغي المحافظة والمداومة عليها.
- الثاني: ما ليس بسنة راتبة كالاجتماع لصلاة تطوع كقيام الليل، أو على قراءة قرآن، أو ذكر لله أو دعاء، فهذا يجوز فعله أحياناً ولا يتخذ عادة راتبة.

- صلاة الضحى
صلاة الضحى سنة، أقلها ركعتان ولا حد لأكثرها.
وقتها: بعد ارتفاع الشمس قيد رمح (متر) أي بعد (خمس عشرة دقيقة) تقريباً إلى قبيل الزوال، وأفضل وقتها إذا اشتد الحر حين ترمض الفصال.

فضل صلاة الضحى:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام. متفق عليه.
- عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى)). أخرجه مسلم.

- صلاة الاستخارة
- الاستخارة: هي طلب الخيرة من الله تعالى في أمر من الأمور المشروعة المباحة، أو المندوبة إذا تعارضت.
- صلاة الاستخارة سنة، وهي ركعتان، ودعاء الاستخارة يكون قبل السلام أو بعده، والدعاء قبل السلام أفضل، ويجوز للمستخير أداء هذه العبادة أكثر من مرة في أوقات مختلفة.
- الاستخارة والاستشارة تكون لمن هم في أمر غير محرم ولا مكروه، وهما مستحبتان، فما ندم من استخار الخالق واستشار المخلوق كما قال سبحانه: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) (آل عمران).

صفة الاستخارة:
عن جابر رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن: ((إذا هَمَّ أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم يقول: ((اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري- أو قال: في عاجل أمري وآجله- فاقدره لي. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري- أو قال في عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضِّني به، ويسمي حاجته)). أخرجه البخاري.

سجود التلاوة
حكمه:
سنة في الصلاة وخارجها، ويسن سجود التلاوة للقارئ والمستمع.

عدد السجدات في القرآن:
في القرآن خمس عشرة سجدة: في سورة الأعراف، والرعد، والنحل، والإسراء، ومريم، وفي الحج سجدتان، والفرقان، والنمل، والسجدة، وص، وفصلت، والنجم، والانشقاق، والعلق.
آيات السجود في القرآن نوعان: أخبار وأوامر، فهي إما خبر من الله عن سجود مخلوقاته له عموماً وخصوصاً، فيُسن للتالي والمستمع أن يتشبه بهم، وإما آيات تأمر بالسجود لله سبحانه فيبادر لطاعة ربه عز وجل.

صفة سجود التلاوة:
سجود التلاوة سجدة واحدة، يكبِّر إذا سجد وإذا رفع في الصلاة، وإذا سجد خارج الصلاة سجد بلا تكبير ولا تشهد ولا تسليم.

فضل سجود التلاوة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله،- وفي رواية- يا ويلي أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأُمرت بالسجود فأبيت فلي النار)). أخرجه مسلم.
إذا سجد الإمام لزم المأموم متابعته، ولا يكره للإمام قراءة آية أو سورة فيها سجدة في صلاة سرية.

ما يقول في سجود التلاوة:
- يقول في سجود التلاوة ما يقول في سجود الصلاة كقوله: ((سبحان ربي الأعلى))، أو ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي))، ونحوهما كما سبق.
- ويقول: ((سجد وجهي للذي خلقه وصوره (وأحسن صورته) وشق سمعه وبصره (بحوله وقوَّته) وتبارك الله أحسن الخالقين)). أخرجه مسلم وأبو داود.
- ((اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، وضع عني بها وزراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود)). أخرجه الترمذي وابن ماجه.
يسن السجود للتلاوة على طهارة، ويجوز للمحدث، والحائض، والنفساء، السجود للتلاوة إذا مر بآية سجدة أو استمع إليها.

سجود الشكر
متى يشرع سجود الشكر:
- يسن سجود الشكر عند تجدد النعم كمن بُشّر بهداية أحد، أو إسلامه، أو بنصر المسلمين، أو بشر بمولود ونحو ذلك.
- ويسن سجود الشكر عند اندفاع النقم كمن نجا من غرق، أو حرق، أو قتل، أو لصوص ونحو ذلك.
صفة سجود الشكر: سجدة واحدة بلا تكبير ولا تسليم، ومحله خارج الصلاة، ويسجد حسب حاله قائماً أو قاعداً، طاهراً أو محدثاً، والطهارة أفضل.
عن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يَسرُّه، أو يُسرُّ به خَرَّ ساجداً شكرا لله تبارك وتعالى. أخرجه أبو داود وابن ماجه.

أوقات النهي
أوقات النهي عن الصلاة خمسة، وهي:
- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس)). متفق عليه.
- عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تَضيَّفُ الشمس للغروب حتى تغرب. أخرجه مسلم.
تجوز صلاة النفل بعد العصر إذا كانت الشمس بيضاء نقية مرتفعة.
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر إلا والشمس مرتفعة. أخرجه أبو داود والنسائي.
يجوز قضاء الفرائض في تلك الأوقات الخمسة، وركعتي الطواف، وما له سبب كتحية المسجد، وركعتي الوضوء، وصلاة الكسوف ونحو ذلك.
يجوز للمعذور قضاء سنة الفجر بعد صلاة الفجر، وسنة الظهر بعد صلاة العصر.
تجوز الصلاة في المسجد الحرام في كل وقت.
عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار)). أخرجه الترمذي وابن ماجه

Google Sites
Report abuse
Google Sites
Report abuse