الفصل الثاني: فِيْ إِثْبَاتِ الهَيُوْلَى
كلُّ جسمٍ مركبٌ من جزئين يحُلُّ أحدُهما في الآخر، ويُسمَّى المحَلُّ الهَيُولَى والمادةَ، والحالُّ الصورةَ الجسميةَ؛
لأنَّ الصورةَ الجسميةَ -التي هي: جوهرٌ وُحدانيٌّ متصلٌ في حدِّ ذاتِهِ- لو كانتْ قائمةً بذاتِها لكان تفريقُ الجسم إلى جسمين إعدامًا له بالكلية وإيجادًا لجسمين آخرين من كَتْمِ العدم، وذلك باطلٌ بالبداهةِ، فلابُدَّ هناك من شيءٍ مشتركٍ بين المتصل الأول وهذين المتصلين، باقٍ بعينه في الحالتين، فليس بمتصل ولا منفصل في نفسه، فيكون محلًّا لهما، فيكون جوهرًا، فهذا الجوهر هو المسمى بالهَيُولَى.
الشرح
الفصل الثاني في إثبات الهيولى
(كل جسم مركب من جزأين يحل أحدها في الآخر ويسمّى المحلّ الهيولى والمادة والحال الصورة الجسمية) والحلول عندهم عبارة عن الاختصاص الناعت بين الشيئين أي التعلق الذي يصير به أحد المتعلّقين نعتا والآخر منعوتا فالأول الحال والثاني المحل كالبياض والجسم
(لأنّ الصورة الجسمية التي هي جوهر وحداني متصل في حدّ ذاته لو كانت قائمة بذاتها لكان تفريق الجسم إلى جسمين إعداما له بالكلية وإيجادا الجسمين آخرين من كتم العدم وذلك باطل بالبداهة فلابد هناك من شيء مشترك بين المتصل الأول وهذين المتصلين باق بعينه في الحالتين فليس بمتصل ولا منفصل في نفسه فيكون محلاً لهما فيكون جوهرا) لأنّ محلّ الجوهر إنما يكون جوهرا
(فهذا الجوهر هو المسمى بالهيولى) وذلك الجوهر المتصل هو الصورة الجسمية والجسم المطلق مركب منها هذا ما ذكره المشاؤون
وذهب الإشراقيون إلى أن الجوهر الوحداني المتصل في ذاته قائم بذاته غير حال في شيء لكونه متحيزا بذاته وهو الجسم المطلق فهو عندهم بسيط قابل لطريان الاتصال والانفصال مع بقائه في الحالتين
وذهب ذي مقراطيس إلى ما سبق نقله عنه فلابد في إثبات الهيولى من إبطال ذينك المذهبين.