تم إضافة قسم ترانيم في الموقع
مقالة البابا تواضروس: في (مجلة مرقس)
"الصلاة سلاح عظيم، وكنز لا يفرغ وغِنَى لا يسقط أبدًا ميناء هادئ وسكون ليس فيه"
(القديس يوحنا ذهبي الفم)
"وَقَالَ لَهُمْ أَيْضًا مَثَلًا فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ، قِائِلًا: «كَانَ فِي مَدِينَةٍ قَاضٍ لاَ يَخَافُ اللهَ وَلاَ يَهَابُ إِنْسَانًا. وَكَانَ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ أَرْمَلَةٌ. وَكَانَتْ تَأْتِي إِلَيْهِ قَائِلَةً: أَنْصِفْنِي مِنْ خَصْمِي! وَكَانَ لاَ يَشَاءُ إِلَى زَمَانٍ. وَلكِنْ بَعْدَ ذلِكَ قَالَ فِي نَفْسِهِ: وَإِنْ كُنْتُ لاَ أَخَافُ اللهَ وَلاَ أَهَابُ إِنْسَانًا، فَإِنِّي لأَجْلِ أَنَّ هذِهِ الأَرْمَلَةَ تُزْعِجُنِي، أُنْصِفُهَا، لِئَلاَّ تَأْتِيَ دَائِمًا فَتَقْمَعَنِي!» وَقَالَ الرَّبُّ: «اسْمَعُوا مَا يَقُولُ قَاضِي الظُّلْمِ. أَفَلاَ يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ، الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ نَهَارًا وَلَيْلًا، وَهُوَ مُتَمَهِّلٌ عَلَيْهِمْ؟ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُنْصِفُهُمْ سَرِيعًا! وَلكِنْ مَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ، أَلَعَلَّهُ يَجِدُ الإِيمَانَ عَلَى الأَرْضِ؟»" (لو ١٨: ١-٨)
لقد سلَّط الكتاب المقدَّس الضوء على مبدأ: "أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ" من خلال قصة قاضي الظلم. فإذا كان قاضي الظلم الذي ظلم الأرملة قد أنصفها في النهاية لأجل لجاجتها، فما بالك بقاضي القضاة الكلِّي العدل ألا ينصف مختاريه ... وهنا يأتي السؤال: في أنواع في صلاة ؟ ... كيف أتمتَّع بصلاة حقيقية؟
١. عندما تصلِّي ضع في ذهنك أنك أمام الحضرة الإلهية ... كل التقدير ... كل الخشوع ... كل الرهبة ... كل الاحترام ... وكأنك تطرح العالم إلى خارج.
٢. عندما تدخل إلى جو الصلاة اكشف عن خطاياك ...
الصلاة الحقيقية تحتاج من الإنسان أن تكون خطاياه واضحة أمامه تمامًا، ضع أمامك قول داود النبي: "إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ، وَالشَّرَّ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ" (مز ٥٠: ٤).
وكرِّر ذلك كثيرًا: ”طوبى لمَنْ يُبصر خطاياه أفضل ممن يرى ملائكة“ (أحد الآباء).
٣. عندما تدخل إلى جو الصلاة املأ قلبك بروح الشكر ... أعمال الله وعطاياه العظيمة في حياة كل منا لا تنتهي ... نعمة الصحة ... نعمة الحركة ... نعمة السلام ... نعم لا تُحصَى ... احرص دائمًا أن تشكر الله على عطاياه العظيمة ونعمه في حياتك.
٤. تذكَّر مجتمعك الذي تحيا فيه: أسرتك ... كنيستك ... خدمتك ... وطنك ... اذكر الذين طلبوا منك أن تصلِّي من أجلهم، وأفراد أسرتك بأسمائهم، وأخيرًا اذكر نفسك. وضع أمامك دائمًا أن تمزج صلاتك باللجاجة وأحيانًا بالدموع.
. احرص أن تمارس الصلاة بشكل يومي ...
* خصِّص وقتًا كل يوم تجلس فيه ولا تفكر سوى في الله.
* ابدأ يومك بالصلاة صباحًا عقب الاستيقاظ، وكذلك مساء عند النوم. وليكن نظامك فيها هو:
تهيئة الجو العام للصلاة: مكان واحد للصلاة – به أيقونة الصلب أو صليب في الشرقية مع بعض صور أخرى.
الإعداد للصلاة: يلزم أن نعد أنفسنا قبل وقت الصلاة، فلا يليق أن ننتقل من الأشياء التي كنا منهمكين فيها إلى الصلاة مباشرة لأنك إن فعلت ذلك لن تتلذَّذ بالصلاة.
ليكن لك: قراءة روحية ... ترنيمة أو لحن ... الجلوس في صمت ... التأمل في صورة الصلب اهم حاجة... سيب الموبايل.
•ابدأ الصلاة بالسجود ٣ مرات إلى الأرض.
•امسك صليب وقت الصلاة في يدك.
•ارفع يديك وعينيك نحو السماء.
•تحدَّث مع الله ليس بألفاظ عامة (مثل ضابط الكل) ، بل بألفاظ حيَّة مثل: ”يا بهجتي، يا فرحي، بحبك
يا قوتي“ (مز ١٨: ١).
•لتكن صلواتك من القلب، فالله لن يسألك كم مرة صليت؟ أو كم ساعة وقفت؟ ولكن سيسألك ”كيف صليت“؟
•بعد الصلاة استرح قليلًا واشكر الله بالصمت.
أمَّا عن الصلاة كحياة، فهناك خطوات أعمق: المستوي التاني
* اقرأ عن رجال الصلاة القديسين ... أمثال داود النبي.
* اقرأ عن فضيلة الصلاة، واختبارات الآباء فيها.
* استمتع بالصلوات المذكورة في الكتاب المقدَّس وتعلَّم منها كيف كان هؤلاء القديسون يصلون بها، (نقرأ هذه الصلوات ليلة أبو غلمسيس).
* دَرِّب نفسك على الصلاة كل حين:
•اختر صلاة تشعر بمذاقها في نفسك، وردِّدْها داخلك كثيرًا، أثناء وقت فراغك وأثناء وجودك بين الآخرين دون أن يشعر أحد.
كرِّرْها وأنت على فراشك قبل أن تنام، وكذلك عندما تستيقظ فيكون الله أول مَنْ تخاطبه.
إليك هذا المثال العملي:
* عند الاستيقاظ قُل: «هذَا هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي صَنَعَهُ الرَّبُّ، نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ فِيهِ» ... ضع في فكرك: هذا اليوم هو ملك لله – وأنت أيضًا مِلك لله – اطلب بركة الرب: ”باركني يا رب، كن معي“.
*اخرج من منزلك حاملًا رسالة الله المفرحة للجميع ”أنت سفير المسيح على الأرض ... سفير للفرح“.
* ثق أن كل ما تمر به هو من يد الله صانع الخيرات محب البشر. كل شخص تقابله هو هبة من الله، كل ظرف تجوزه مهما كان هو هدية الله لك. كل ما تراه من أشجار ومبانٍ هو عطايا الله ...
”لقد وُهِبَ لنا أن نكون سفراء المسيح على الأرض، أحيانًا منتصرين وأحيانًا مصلوبين، المهم أن نكون دائمًا مستعدين فلا نهرب أبدًا“ (أحد الآباء).
بهذا البرنامج تكون الصلاة والحياة وجهين لعملة واحدة "صَلُّوا بِلا انْقِطَاعٍ" (١ تس ٥: ١٧). هناك خطوة هامة وهي أن تُقَيِّم نفسك دي اهم نقطة في مقالة ..
* ماذا يدفعك إلى الصلاة؟ هل هو الحب؟ هل الخوف؟ هل الواجب؟ هل إرضاء ذاتك؟
* عندما تنتهي من الصلاة: ما هو شعورك؟ هل تفرح وتُسر؟ هل تود لو استمرت الصلاة؟
* وأنت واقف للصلاة بماذا تشعر: هل سعادتك فوق كل سعادة؟ هل فكرك يذهب بعيدًا؟ هل يراودك هذا الإحساس ”إن لم أصلِّ فقد يسحب الله عنايته بي“.
البُعد عن حياة الصلاة مصيره مؤلم، وقد عبَّر عنه ذهبي الفم بعبارة حاسمة: ”إن لم تكن قد رأيته على الأرض فلن تراه في السماء“.
الصلاة الحقيقية هي: رغبة واشتياق وحب قبل أن تكون فرض أو أمر أو مجرَّد وصية أو مجرد عبادة أو مجرَّد طلب. ونوعيات الصلاة حدَّدها بولس الرسول حين قال: "أَطْلُبُ أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ، أَنْ تُقَامَ طَلِبَاتٌ وَصَلَوَاتٌ وَابْتِهَالاَتٌ وَتَشَكُّرَاتٌ" (١تي ٢: ١).
الطلبات: هي التماس بخصوص خطايانا؛ لطلب الصفح والنمو في الفضيلة وهي تنبع من الحزن على الخطية.
الصلوات: تمثل الصلة الحقيقية والحديث الشخصي بين الإنسان والله.
الابتهالات: هي صلوات من أجل الآخرين (كل العالم) تأتي عن حرارة القلب والشعور بمدى المسئولية عن جميع الناس.
التشكرات: هي تأملات في أعمال الله في حياتنا وبركاته لنا، وهي تسبيح وتمجيد يتولَّد من التعمق والتأمل في صلاح الله.
وبصفة عامة فإن الروح القدس هو الذي يحيي داخلنا مشاعر الصلاة أي يترجمها أمام الله: "الرُّوحُ أَيْضًا يُعِينُ ضَعَفَاتِنَا. لأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي ..." (رو ٨: ٢٦)
تعتبر الشكوى من قلة الوقت المخصَّص للصلاة أمرًا واهيًا، وتبريرًا كاذبًا للنفس في إهمالها. ولكن بقدر اشتياق الإنسان للصلاة يعطيه الروح القدس فرصًا عظيمة للتنعم والامتلاء من الله ... اسأل نفسك: كم دقيقة في حياتك تضيع هباءً؟ ... بلا شك كثير ... هل تستطيع أن تجمع ”الفتات الضائع“ وتقدِّم فيه صلاة تكون لله ولك أيضًا؟! ...
تدرَّب على أن تتحكم في وقتك وليس العكس.
الجسد يدَّعي أمورًا للهروب من الصلاة، كادعاء التثاؤب والمرض والضعف وآلام الرأس والظهر وشدَّة الحاجة إلى النوم ... أو اختصار الصلاة ... أو السرعة ... إلخ.
.. فمثلًا يصلِّي الإنسان في وقت استُهلِك فيه جسديًّا ... ولذا حذَّرنا الآباء: ”إن كنت تريد أن تصلِّي كما ينبغي لا تفعل شيئًا ضد الصلاة، لكي يقترب منك الله“.
وكما أن الذهن في الصلاة يتشكَّل حسب الحالة التي يكون عليها قبل الصلاة، فما يحدث في الفترة التي تسبق الصلاة من ضحك وأحاديث أو قلق أو تفكير يُشغِل مخيلتنا أثناء الصلاة ... لذلك يجدر بنا أن نهتم بهذه الفترة عن طريق الألحان أو القراءة الهادئة او لحظات صمت
يمكنك أن تجعل يومًا في الأسبوع مثاليًّا في صلاتك ومع هذا التدريب يصير اليوم اثنين ثم ثلاثة وهكذا تمتد حياة الصلاة كل أيامك.
لابد أن يكون دافع الصلاة هو الحب وليس الطلب. وهذا الحب نُقدِّمه في ثقة تامة بأننا ننال ما نسأل، ولا نشك في أن الله مهتم بنا، وقادر أن يُعطينا طلبنا "كُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ حِينَمَا تُصَلُّونَ، فآمِنُوا أَنْ تَنَالُوهُ، فَيَكُونَ لَكُمْ" (مر ١١: ٢٤). ويوضِّح لنا ذهبي الفم قائلًا: ”إن الله حينما يُعطي أو لا يُعطي إنما يفعل ذلك لخيرك“.
وهناك أسباب لتأخر الاستجابة:
* لأن ما نناله سريعًا لا نشعر بقيمته.
* لأنه قد تكون طلباتنا في غير صالحنا.
* قد يتأخر الرب حتى نلتجئ إليه أكثر وندنو منه أكثر، ولكن عليك أن تثق دائمًا أن ما يفعله الله إنما يفعله لنفعك الروحي.