Howdy Data Journalists!
(مستشفى السبعين في صنعاء - أهم مستشفيات اليمن للأمومة)
صفية مهدي
هذا التقرير أنتج ضمن مشروع لها لصحافة البيانات 2021 أكاديمية DW
بينما كانت اليمنية فاطمة، زوجة عشرينية، تراقب نمو جنينها وتستعد لإضافة وليدها الأول، انتهت تجربة حملها، إلى مأساة بوفاة الأم وجنينها خلال عملية الولادة في منزلها الذي تفصله مسافة طويلة عن أقرب المراكز الصحية، حالت بينها وبين محاولات إنقاذ حياتها.
تسكن عائلة فاطمة في محافظة المحويت على بعد 111 كيلومتراً عن العاصمة صنعاء، ووفقاً لرواية زوجها الذي تحدث هاتفياً لمعدة التقرير، فإنها عانت خلال فترة حملها من سوء التغذية، ولعدم وجود مرفق صحي بالقرب من منزلها أو قابلة متخصصة، فقد كانت عملية ولادة متعسرة في منزلها بحضور نساء من قريباته، لتموت الطفلة، قبل أن تلحق بها الأم، متأثرة بالنزيف، المترافق مع العملية المتعسرة.
فاطمة، ليست حالة وحيدة في اليمن الذي يعاني أثار الحرب وانهيار الكثير من الخدمات منذ سنوات، لكن واحدة من 12 يمنية تموت يومياً، بملابسات مشابهة، وفقاً لبيانات صندوق الأمم المتحدة للسكان، والذي يفيد بأن حالة وفاة تسجل كل ساعتين بين الأمهات، نتيجة مضاعفات الحمل والولادة.
معاناة الأمهات الحوامل، لا تقتصر على أولئك اللاتي ينتهي بهن المطاف، في قائمة الوفيات، إذ أن نهى التي تسكن في حي الجراف شمال صنعاء، تمكن لها من التسجيل في قوائم الحوامل اللواتي ينتظرن مساعدة طبية على الولادة، في مركز 22 مايو الطبي، في ظلاع همدان والذي يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان.
وعلى الرغم من أنها حجزت المعقد الطبي في شهر حملها السابع، إلا أنها تفاجأت لحظة الولادة، أن الدعم للحوامل يقتصر على الولادة دون توفير أي أدوية أو رعاية طبية للأم أو الجنين، بعد أن كان مولودها يعاني من الصفار ويزن 700 جرام، وانتهى الحال بوفاته بغياب الظروف الصحية اللازمة للحفاظ على حياته.
وفقا لبيانات وزارة الصحة اليمنية في صنعاء، فإن أخر مسحٍ أُجري قبل تصاعد الحرب في البلاد، كان في العام 2013، أظهر انخفاض وفيات المواليد والأمهات، إلى 148 وفاة مقابل كل 100 ألف ولادة حية، كما أظهر أن وفيات المواليد تبلغ 26 حالة وفاة من كل ألف مولود و20 وفاة بين كل أم 1000 أم، تقضي بمضاعفات الولادة. هذا المؤشر ارتفع بتقديرات وزارة الصحة في العام 2019 إلى 500 وفاة لكل 100 ألف ولادة حية بين الأمهات.
(الأمهات تعاني صعوبات في الوصول إلى المراكز الصحية)
عند توجهنا وزارة الصحة في صنعاء للحصول على إحصائيات حول عدد الولادات وحالات المواليد والأمهات عند الولادة، حصلنا على بيانات العام الجاري اعتباراً من يناير/كانون الثاني وحتى أغسطس/آب، تشمل بيانات 15 محافظة يمنية، خاضعة لسيطرة أنصار الله (الحوثيين).
(أب يتابع حالة طفلته في أحد مستشفيات صنعاء)
أظهرت البيانات خلال ذات الفترة، أن 65 بالمائة من حالات الولادة، تتم في مناطق الريف، حيث تواجه الأمهات في الغالب صعوبة في الوصول إلى المراكز الصحية، بسبب المسافة البعيدة بين المساكن والمراكز الصحية، التي تتوفر في الغالب، بمراكز المديريات وبعض العزل (تقسيم إداري من الدرجة الرابعة)، فضلاً عن ضعف توفر الخدمات، في مقابل 34 بالمائة من عمليات الولادة في المناطق الحضرية. فاطمة التي توفيت مع طفلها، كانت إحدى ضحايا الظروف الصحية في الريف.
إلى ذلك، كشفت بيانات الشهور الثمانية من العام الجاري، عن أن 16 من كل 100 أم يمنية، عانين مضاعفات الولادة، وفي صدارة هذه المضاعفات أجهضت ما يقرب من ثلث الأمهات، وعانت 14.9 بالمائة من الولادة المتعسرة، فيما توزعت بقية النسب على احتباس المشيمة ونزيف ما بعد أو قبل الولادة وغير ذلك من الأمراض.
وعلى الرغم من كونها المدينة التي تعد أوفر حظاً بالخدمات مقارنة بالمحافظات الأخرى، احتلت أمانة العاصمة صنعاء (المدينة)، ما نسبته أكثر من نصف حالات مضاعفات الولادة.
وفيما يتعلق بوفيات المواليد، أظهرت البيانات أن نحو ثلاثة مواليد من كل 100 ولدوا أمواتاً أو توفوا بعد الولادة مباشرة.
وفي حديثها لمعدة التقرير، تقول زينب البدوي ادارة الصحة الانجابية في وزارة الصحة صنعاء، إن المنظومة الصحية في البلاد، عموماً معرضة لخطر الانهيار، بسبب ما تصفه بـ"العدوان"، إشارة إلى تدخل التحالف بقيادة السعودية، وتقول إنه يمنع دخول الأدوية والمشتقات النفطية، وإنه ضمن هذه المنظومة المتأثرة تأتي الصحة الإنجابية، المرتبطة بأكثر الفئات عرضة للموت، وهي الأم والطفل.
(المراكز الصحية تعاني محدودة وتتركز في المدن غالباً)
منذ تصاعد الحرب في اليمن، باتت الأزمة الإنسانية العنوان الأكثر حضوراً في وسائل الإعلام، في ظل الانقسام السياسي والعسكري الذي تعيشه البلاد، على النحو الذي جعل خطة الاستجابة الإنسانية السنوية التي تعدها الأمم المتحدة والوكالات الإغاثية العاملة في البلاد، المعني الأول في الملفات الإنسانية وفي صدارتها القطاع الصحي.
ووفقاً لتحليل (معدة التقرير) للبيانات المتوفرة من قبل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أوتشا، فإنه وخلال الفترة 2015-2021قدمت الى اليمن ما يقارب 13 مليار دولار أمريكي مساهمات مدفوعة للمساعدات الانسانية من أكثر من 130 مصدراً، تأتي في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 20.4 بالمائة تلتها المملكة العربية السعودية 16.2 بالمائة فيما كانت دائرة المساعدات الانسانية التابعة للمفوضية الأوروبية بين الأعلى بمبلغ إجمالي وصل الى 283 مليون و181 ألف و463 دولار.
تحليل البيانات أظهر أن المنح وجهت إلى 50 كتلة ميدانية ثلثها للأمن الغذائي والزراعي 34.9 بالمائة ثم كتلة فارغة وغير محددة بربع المبلغ الإجمالي والصحة في المرتبة الرابعة بنسبة 6.7 بالمائة
وتظهر البيانات، أن أكثر من 90 بالمائة من مخصصات دعم الصحة الانجابية خلال ذات الفترة، ذهبت إلى صندوق الأمم المتحدة للتنمية والسكان، فيما توزعت بقية النسب على أربع وجهات أهمها منظمة الصحة العالمية بنسبة 4 بالمائة وصندوق الأمم المتحدة للطفولة بنسبة 3.8 بالمائة.
يتضح ارتفاع مخصصات الإغاثة الخاصة بالصحة الإنجابية خلال العامين 2019 بأكثر من ثلث المبالغ 39.78 بالمائة و2020 ثانيا ب 32 بالمائة فيما كان العام 2016 الأدنى بنسبة 2.6 بالمائة، من إجمالي المخصصات خلال الفترة المشار إليها (2015-2020).
وعلى الرغم من الأهمية التي تحتلها صحة الأم والمواليد، تظهر البيانات، أن نصيب الصحة الانجابية من الدعم المخصص لكتلة الصحة بلغ أكثر من 7 بالمائة، أما نصيبها من إجمالي المساهمات المدفوعة للبلاد، فإنه لا يتعدى دولاراً واحداً بين كل 200 دولار.قدمت عشرة مصادر مانحة لليمن لقطاع الصحة الانجابية مساهمات مدفوعة بأكثر من 62 مليون دولار أمريكي، وهو الدعم، الذي تصدرت داعميه دائرة المساعدات الانسانية والحماية المدنية التابعة للمفوضية الاوروبية بأكثر من الربع ( 25.9 بالمائة).
وبالبحث عن طبيعة الخدمات المقدمة، تظهر بيانات الاستجابة الإنسانية للفترة 2016 وحتى 2020، أن صندوق الأمم المتحدة للسكان يدعم مرافق صحية تقدم رعاية التوليد في حالات الطوارئ، اتسعت دائرة تصاعدياً إلى أكثر من الضعف حتى العام 2019، لكنها تراجعت إلى أقل من الثلث في العام 2020، بعدد 75 مرفقاً فيما يظهر تحليل بيانات منح المساهمات ان العام 2020 كانت المرتبة الثانية في مخصصات الصحة الانجابية 32.5 بالمائة.
وفي حديثه لمعدة التقرير، يقول صندوق الأمم المتحدة للسكان إن التمويل المتاح لضمان الوصول إلى الصحة الإنجابية، بشكل عام ، غير كاف إلى حد كبير"، مشيراً إلى أن "التمويل الحكومي لقطاع الصحة يكاد يكون معدوماً".
ويضيف أن "رواتب العاملين الصحيين تدفع بشكل غير منتظم ، هذا إن وجدت، كما يكشف عن لجوء "العديد من المرافق الصحية إلى فرض رسوم على المستفيدين حتى في مرافق الصحة العامة"، في ظل ما يعانيه السكان من "الفقر الشديد بسبب الصراع الذي طال أمده والانهيار الاقتصادي الناتج عن ذلك".
ويفيد الصندوق بأنه "مع عدم كفاية التمويل ، تجد النساء والفتيات صعوبة متزايدة في الوصول إلى الخدمات المنقذة للحياة"، إذ يعتمد توفير الخدمات الصحية حاليا إلى حد كبير على التمويل القادم من الدول المانحة"، وإنه "بدون تمويل المانحين ، لن تتمكن النساء من الحصول على الخدمات الإنجابية المنقذة للحياة التي يحتجنها". كما أن القطاع الصحي في الخطة الإنسانية لليمن لعام 2021 يعاني "من نقص حاد في التمويل، حيث تم تلقي أقل من 20 في المائة من الأموال المطلوبة حتى الآن".
(مرافق صحية لجأت إلى فرض رسوم على المستفيدين حتى في مرافق الصحة العامة وفقاً لصندوق الأمم المتحدة للسكان)
وفقاً لصندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن معدل وفيات الأمهات في اليمن هو الأعلى في المنطقة العربية، ومع انخفاض الوصول إلى الخدمات الصحية المنقذة للحياة، وخاصة رعاية الطوارئ التوليدية، وتنظيم الأسرة، تزداد نسبة وفيات الأمهات بشكل أسوأ".
ورداً على سؤال معدة التقرير، بشأن الدعم المطلوب للصحة الإنجابية، يقول الصندوق إن الدراسات تقدر التكاليف السنوية بحوالى 25 دولارًا أمريكيًا لكل امرأة في سن الإنجاب، ليتم تزويد جميع النساء بالحزمة الكاملة من الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية التي يحتجن إليها.
هذا يترجم، حسب المصدر، إلى حوالي 190 مليون دولار أمريكي سنويًا، وهو أبعد ما يكون عن الأموال المتاحة حاليًا سواءا على المستوى الوطني أو من خلال أموال المانحين لتلبية احتياجات الصحة الإنجابية للمرأة في اليمن.
المصادر
https://news.un.org/ar/story/2021/03/1073302
https://fts.unocha.org/appeals/1024/flows
https://www.unfpa.org/data/transparency-portal/unfpa-republic-yemen
https://dhsprogram.com/pubs/pdf/SR220/SR220_Arabic.pdf
ملاحظة: الصور ارشيفية تم التقاطها في مستشفى السبعين في صنعاء اثناء قيامي بإعداد فيديو يب لموقع DW عربية في شهور سابقة، وقد استعنت بها لانني لم أتمكن من التصوير بسبب قيود واجهتني من موظفي الحراسة في المستشفى مؤخراً والذين رفضوا السماح بالتصوير.