هجرة النفط
كاتب التقرير : لا توجد معلومات .
منسق الموضوع : موقع بترولي .
طريقة الأتصال بالكاتب : غير متوفر .
هجرة النفط
والمرجح أن البترول والغاز الطبيعي لم يتكونا في الصخور التي يوجدان فيها، بل إليها هاجرا؛ ذلك لأن صخور المكامن تتميز النفاذية والمسامية التي لا تساعد على حفظ المواد العضوية التي يتكون منها البترول، إذ تتلف هذه المواد بفعل الأكسدة الناتجة عن نفاذية صخور المكمن، مما يتطلب طمرها بطبقات سميكة من الرسوبيات الناعمة لحفظها من الأكسدة. ومن ثم فإن البترول لابد أن يكون قد هاجر من بيئة صخور المصدر المختزلة إلى صخور المكمن.
ولا شك أن وجود البترول والغاز في الطبقات العليا للمصائد التركيبية أو الطبقية يؤكد الهجرة الرأسية والجانبية للخامات، كما أن الرشح البترولي يؤكد حركة الزيت من أعماق كبيرة إلى سطح الأرض. نلحظ كذلك وجود البترول والغاز والماء في صخور المكمن المسامية والمنفذة في ترتيب طبقي طبقا للثقل النوعي لهذه المواد، فيكون الماء أسفلها والغاز أعلاها، ما يدلل على حرية حركتها رأسيا وأفقيا. ومن ناحية أخرى فإن وجود البترول في بعض الحالات القليلة في صخور نارية أو متحولة يؤكد هجرته إلى مثل هذه الصخور، إذ يستحيل عمليا أن يتكون البترول في تلك الصخور التي تخلو تماما من الكائنات العضوية.
وهناك نوعان أساسيان من هجرة البترول، الهجرة الأولية، والهجرة الثانوية التي تحدث مرة ثانية خلال صخور المكمن. وتجري الهجرة الأولية بحركة الهيدروكربونات من صخور المصدر إلى صخور المكمن بفعل عوامل الضغط وتأثير الخاصية الشعرية والتيارات المائية، وتغير حجم المسام واختلاف أنواع الغازات المصاحبة. وفي منتصف الثمانينيات أوضح عدد من علماء الجيولوجيا منهم سيلي Seilley أن الهجرة الأولية تكون في طور انتقالي في صورة نفط أولى Proto Oil قبل أن تنضج الهيدروكربونات لتعطي البترول الخام.
ويتكون النفط الأولي من مركبات قابلة للذوبان في الماء، وتشمل الكيتونات Ketones والأحماض والإسترات Esters. ولكن هذه النظرية لا تفسر كيفية انفصال هذه المركبات عن الماء بعد وصولها إلى صخور المكمن، كما أنها تتميز بخاصية الامتزاز Adsorption بأسطح معادن الصلصال، ما يؤدي إلى صعوبة تخلصها منها وطردها من صخور المصدر، والأهم من ذلك أنه يصعب تصور طريقة تطور النفط الأولى إلى بترول خام غير قابل للامتزاج في الماء Immiscible.
وطرح سيلي فكرة هجرة الهيدروكربونات من صخور المصدر، بعد تحولها إلى نفط خام، وهي ذائبة في الماء بفعل ارتفاع درجات الحرارة ووجود المواد المسيلة. وهناك من يرى أن نسبة ذوبان الهيدروكربونات في الماء المالح تزيد في حالة ارتفاع الضغط عليها. وتزيد المسيلات من قابلية ذوبان الهيدروكربونات في الماء، إذا وجدت نسبة كبيرة منها في صخور المصدر، لكنها في الواقع توجد بنسبة ضئيلة، عادة، في تلك الصخور، كما أن حجم جزيئات أغلب المسيلات أكبر من قطر مسام صخور المصدر الطينية.
وهناك وجهة نظر أخرى ترى أن الهيدروكربونات قد تصعد في الصورة الغازية نحو سطح الأرض، قادمة من الطبقات العميقة، ثم تتكثف إلى بترول بانخفاض الضغط ودرجات الحرارة، وهو افتراض يفسر، أيضا، الهجرة الثانوية للمكثفات خلال صخور المكمن أو المصيدة، وإن كان لا يقدم في رأينا تفسيرا مقبولاً للهجرة الأولية للبترول الخام.
وتبقى نظـرية هجرة البترول من صخـور المصدر إلى المكمن في صورة نفط طليق Discrete Oil Phase، سواء بانتقاله في شكل جزئيات كروية Globules، أم في هيئة متصلة ثلاثية الأبعاد، هي السائدة. ولما كانت أقطار جزيئات البترول أكبر من أقطار مسام أغلب صخور المصدر، فالمرجح أن صخور المصدر الغنية بالمواد العضوية تكون مبللة بالبترول Oil - Wet، ما يساعد على هجرته في حالة متصلة ثلاثية الأبعاد، وبغير شك تكون هذه النظرية مناسبة عندما تكون صخور المصدر غنية جداً بالمواد العضوية، وفي ظل ظروف مواتية من الضغط والحرارة في مرحلة التوليد.
وأحدث النظريات هي هجرة الهيدروكربونات الأولية عن طريق الانتشار على طول خيوط شبكة الكيروجين الرفيعة والمتصلة وثلاثية الأبعاد، إذ يمكن للبترول أو الغاز أو محلول أي منهما في الآخر أن يهاجر عن طريق الانتشار عبر هذه الشبكة في اتجاه ميل الضغط. ومن المعروف أن تراكم الصخور الرسوبية فوق طبقات صخور المصدر يزيد من تضاغط وضغط Compression and Pressure الطبقات الحاوية للبترول، ما يساعد على هجرة السوائل البترولية إلى طبقات عالية المسامية النفاذية من الصخور الرملية أو الجيرية. وبالطبع لا يتحرك البترول عند هجرته من خلال طبقات الصخور بمجملها، ولكنه يتحرك ويهاجر من خلال التشققات الصدوع الطبقية Fissures and Faults، التي تتكون بفعل التحركات المستمرة للقشرة الأرضية على هيئة مسارات شبكية تسمح بتسرب السوائل والغازات من منطقة إلى أخرى. وأثناء حركة البترول تطرأ عليه تغيرات في صفاته الطبيعية وخواصه الكيميائية، نتيجة لعمليات الترشيح والامتزاز واختلاف الضغط والاحتكاك بالعناصر والمعادن الأرضية، تحت ظروف متغيرة من الضغط ودرجات الحرارة لفترات طويلة، تمتد من آلاف إلى ملايين السنين.
ومع وجود أدلة عديدة على تحركات البترول من صخور المصدر إلى المكامن البترولية، سواء رأسيا أو عرضيا، ولعدة كيلو مترات أحيانا، إلا أن ذلك لا يتعارض مع ظاهرة تكون وتجمع البترول في طبقة واحدة دون هجرة أولية، وربما يقتصر الأمر على حركة محدودة لمسافات صغيرة في الطبقة ذاتها. وبعد تجمع البترول في المصائد البترولية ذات التراكيب الجيولوجية الخاصة التي تحد من حركته وتبقيه في مناطق محدودة، فإنه يقع تحت تأثيرات عوامل طبيعية وكيميائية عدة، منها تأثير الجاذبية الأرضية والضغط، ما يؤدي إلى انفصال الغازات والسوائل البترولية عن المياه، وتحقيق حالة من الاتزان الطبقي وفق الكثافة النسبية من خلال تكوين طبقة علوية غازية Gas Cap، وطبقة وسطى تحتوي على خام البترول بما فيه من غازات ذائبة، أو مواد صلبة ذائبة أو معلقة في السوائل البترولية، وكذا معلقات الماء في الزيت، ثم طبقة سفلية من ماء التكوين والمياه الجوفية
مقالة ذات صلة :