ILS ISSUES

اصدارات المركز  

Letter of Credit.pdf
نماذج التخطيط للإحتياجات من الموظفين وإختيار المرشحين.docx
النماذج الإدارية العامة.docx
Personal Sellinghgالجزء الاول.pdf
الدور الإسرائيلي في وسط وجنوب أفريقيا 1.pdf
نماذج ملفات وسجلات الموظفين والدوام الرسمي.docx

ملخص تحليلي:

اتجاهات عامة وهامة  في كلمة  القائد السيد/ عبدالملك بدرالدين الحوثي –حفظة الله ورعاه, الاخيرة بمناسبة احياء  المولد النبوي  الشريف.1443هـ

التاريخ:12-ربيع الاول-1443هـ

المقدمة  

في مشهدا لم يسبق له مثيل , توافدت حشود غير مسبوقة  لها في أي وطن عربي  او اسلامي, و بالخروج الملاييني إلى ساحات الاحتفاء بمولد رسول الله في العاصمة والمحافظات لتحيي ذكرى  المولد  النبوي الشريف على صاحبة افضل الصلاة والسلام, القى سماحة القائد السيد/ عبدالملك بدرالدين الحوثي –حفظه الله ورعاه, كلمة شملت نقاط  لاتجاهات عامة رئيسية  توجيهية,  كمحددات  مصيرية لشعبنا  بشتى مكوناته, في ظل المتغيرات، والتحديات، والأخطار، والمؤثرات المتنوعة والضاغطة عليه وعلى  مجتمعنا الإسلامي, بالمدى طويل الاجل.

الاتجاهات العامة  التي اوردها  القائد حفظه الله

  وقد لخصنا النقاط التي اوردها  القائد حفظه الله, واعتمدنا على قناة المسيرة في التلخيص, واعتبرت النقاط بالاتجاهات العامة طويلة الاجل,  وعلى النحو  الذي  اوردها  القائد حفظه الله ورعاه وايده بنصره,  وصنفناها باتجاهات عامة  حول قضايا جوهرية على ثلاث مستويات او ابعاد : وطنية, واقليمية, ودولية,  وعلى النحو التالي:

اولا : الاتجاهات العامة على البعد  الوطني

1-    فيما يخص الحفاظ على  هوية الشعب الايمانية وطبيعة خصوصيته, ذكر سماحته- حفظه الله ورعاه :

 

-         يحتفل شعبنا بهذه المناسبة بكل محبة واعتزاز وتقدير وتوقير لخاتم أنبياء الله في تأكيد متجدد للولاء وتصديا لمحاولات استنقاص مكانته في القلوب.

-      شعبنا يستلهم من سيرة رسول الله ويستنير بهديه من واقع الوعي لما يعنيه الإيمان به في إطار التوجه العملي لشعبنا في التحرر من هيمنة الاستكبار.

-      الاقتداء الصادق برسول الله يكون في المبادئ الكبرى والالتزامات العملية في كبير الأمور وصغيرها

 

2-  فيما يخص تحقيق السيادة و الحرية والاستقلال, ذكر سماحته- حفظه الله ورعاه :

 

-      نؤكد على أن هدفنا في تحقيق الحرية والاستقلال على أساس هويتنا الإيمانية هو هدف مقدس يرتكز على مبدئنا في التوحيد لله والكفر بالطاغوت.

-      نؤكد العمل على تحقيق الحرية والاستقلال جهاد مقدس في سبيل الله ولن يخضع للمساومة أبدا

ثانياً : الاتجاهات العامة على البعد الوطني- الاقليمي( تجاه مواجهة العدوان وملفات الحرب):

بهذا الشأن ذكر سماحته- حفظه الله ورعاه :

-      يتوجب علينا شرعا التصدي للعدوان بكل ثبات حتى رفع الحصار وإنهاء العدوان والاحتلال ومعالجة ملفات الحرب.

-         يؤكد مواصلة الجهود في التصدي للعدوان الأمريكي السعودي الغاشم.

ثالثا : الاتجاهات العامة على البعد الاقليمي- الدولي تجاه قضايا الأمة الاسلامية

فيما يخص العمل اقليميا ودوليا تجاه قضايا الأمة الاسلامية. ذكر سماحته- حفظه الله ورعاه,

-      نؤكد د تضامننا مع كل أبناء أمتنا المظلومين ونعتز بأخوتنا الإسلامية مع أحرار الأمة ومحور الجهاد والمقاومة.

-      نؤكد على ثباتنا على موقفنا المبدئي الديني تجاه قضايا الأمة وفي مقدمتها الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني.

-      نؤكد ما أعلناه سابقا أننا جزء من المعادلة التاريخية التي أعلنها السيد حسن نصرالله أن التهديد على القدس يعني حربا إقليمية.

-      الطواغيت شوهوا الإسلام من خلال عملائهم التكفيريين السفاحين الذين يقدمون أبشع صورة مشوهة تحسب زورا على الإسلام.

-      تقديم الكافرين والمنافقين لعنوان "الإبراهيمية" لتحالفاتهم الشيطانية والتطبيع، هو إساءة كبيرة لنبي الله إبراهيم عليه السلام, 

-      يتحقق الوعد الإلهي بسورة الإسراء في عصرنا بفساد وظلم الإسرائيليين، وسيتحقق وعد الله بنهاية ما هم فيه من علو واستكبار، إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا.

الخاتمة  والتوصيات:

وختاماً, وكما ذكر سماحته, في ظل المتغيرات، والتحديات، والأخطار، والمؤثرات المتنوعة والضاغطة على مجتمعنا الإسلامي ,بخطاباته تكرارا ومرار,   على ضوء ذلك نوصي:

·     بالتمسك بما طرحه  سماحته  من النقاط  والاتجاهات الجوهرية لتحقيق مواكبة فعالة  فيما يخص هويتنا , واستقلالية وحرية شعبنا, واعتزازنا بإخواننا بتضامننا مع اخواننا محور  الجهاد والمقاومة  والعمل مع قضايا الامة الاقليمية والدولية وعلى رأسها القضية الفلسطينية,   

·     وعملا  بهذه الاتجاهات العامة , نتحمل المسئولية الكلية كلا بمقدوره وقدراته,  في   تفصيل هذه الاتجاهات العامة الى  برامج  ومشاريع   استراتيجية, وتشغيلية, واعمال واجراءات تنفيذية  فيما يتعلق بقضايا الشأن المحلي, والوطني, والإقليمي, والدولي  , كمجتمع بمكوناته : مؤسسات حكومية , مؤسسات خاصة ربحية , و مؤسسات مجتمع مدني, و افراد.

·     تعميمها كدليل عملي, كوننا  بأمسِّ الحاجة إليها,  ويتطلب الحال   الالتزام   بها في كافة تحركاتنا وبشتى  مجالات الحياة ،كلا  حسب تخصصه, ومقدراته, وقدراته, وموارده,  و على شتى المجالات السياسية, الاقتصادية, الاجتماعية. لتحقيق غاياتها المرجوة.

بقلم

د. عبد العزيز حسين احمد

المدير العام لمعهد آيلس للدراسات والحلول  التعليمية

 

 


`ذكرى استشهاد الامام زيد حبيب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم 

في مثل هذه الأيام وقعت المعركه التي استشهد فيها امام الأئمه زيد ابن علي ابن الحسين ابن علي عليهم سلام الله ورحمته ورضوانهوقد حاولت جاهدا ان لا أذكر سوى المعركه وما يتصل بهادعا الإمام زيد )ع( إلى الثورة على هشام لِما اشتهر به من الفسق عند غالبية أهل عصره، فكان لا بد من تغيير الأوضاع الفاسدة، وإحياء الشريعة وفق كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم. كما كان لا بد أن يعيد الإمام زيد )ع( للدولة الإسلامية طابعها الديني، وذلك باللجوء إلى قوة السلاح في سبيل نشر العدالة الاجتماعية من باب الأمر بالمعروف والنهي عنالمنكر، إذ أن الأحوال في عهد الأمويين كانت أبعد ما تكون عن الإيمان؛ فقد كانت حياتهم مترفة طابعها المجون والانغماس في ملذات الدنيا، وتعطيل الحدود، وشرب الخمور، وسوء الأخلاق، وقتل الأبرياء ، وتعظيم السفهاء، وإنفاق أموال المسلمين في الملذات والشهوات حتى عانا بيت المال من أزمة اقتصادية عادت على المجتمع الإسلامي بكل ضيق وشظف العيش. والإساءة إلى مقدسات المسلمين وإسقاط هيبتها، وكذا الإساءة إلى أهل البيت عليهم السلام ، حتى تعرّض للسباب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة بنت رسول الله والحسنين عليهم السلام على منابر الجمعة. لذا نرى سعيد بن المسيب يقول في بني أمية: " ما أصلي صلاةإلا دعوت الله عليهم" . وأخطر من هذا وذاك وضع الأحاديث بما يتناسب مع أهواء الحكام. وقد عالجذلك زيد بأن جمع الحديث ونقده وألّف أول كتاب في الحديث بيده وهو ) المجموع الفقهي (.... في مقابل ذلك، كان الأمويون - في سبيل تعزيز موقفهم ومركزهم - يقولون:" إن الخليفة في أهله خير من النبي في أمته". وعن جابر الجعفي أنه قال لزيد حين أزمع على الخروج بكلام ذكره له محمد الباقر من صفة خروج الإمام زيد بن علي وأنه مقتول، فقال الإمام زيد: " أأسكن وقد خولف كتاب الله تعالى، وتحوكم إلى الجبت والطاغوت؟ وذلك أني شهدتهشامًا ورجل عنده يسبّ رسول الله صلى الله عليهوآله وسلم - وفي رواية أن الرجل السابّ كان يهوديًا- فقلت للسابّ له: ويلك يا كافر! أما إني لو تمكنت منك لاختطفت روحك وعجّلتك إلى النار". فقال هشام: مه عن جليسنا يا زيد، فثار الإمام زيد )ع( على كل هذه الأقاويل التي لا يقبلها مؤمن ولا يتصورها وقال )ع(: " فوالله لو لم يكن إلا أنا ويحيى ابني لخرجت عليه وجاهدته حتى أفنى - أي على هشام. وقد تحمل زيد من هشام التلاعب به والعنت والحرج الشيء الكثير، وهو )ع( القائل:" فوالله ليذهب دين القوم وما تذهب أحسابهم"ومن أمثال العنت والغطرسة والحسد لكل شريف أنه دخل زيد بن علي )ع( على هشام بن عبد الملك وقد جمع له هشام الشاميين فلما دخل الإمام زيد سَلَّم، فتجاهله هشام ومن في مجلسه، فانبرى قائلا: السلام عليك أيها الأحول، وإنك لجدير بهذا الاسم! فاستشاط هشام غضباً وقال: أنت زيد المؤمّل للخلافة، ما أنت والخلافة وأنت ابن أَمَة؟!فقال: إن الأمهات لا يقعدن بالرجال عن حتم الغايات، ولا أعرف أحداً أحب عند اللّه من نبي بعثه وهو ابن أمَة، وهو إسماعيل بن إبراهيم، والنبوة أعظم عند اللّه من الخلافة، ثم لم يمنع ذلك أن جعله اللّه تعالى أبا للعرب، وأبا لخير النبيين محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم، فلو كانت الأمهات تقصر عن حتم الغايات لم يبعثه اللّه نبياً، وما تقصيرك برجل جده رسولاللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وأبوه علي بن أبيطالب!! ثم أردف قائلا: اتق اللّه يا هشام!فلم يتمالك هشام نفسه، وقال في غلظة: ومثلكيأمر مثلي بتقوى اللّه؟!قال زيد: إن اللّه لم يرفع أحداً فوق أن يُؤْمَر بتقوى اللّه، ولم يضع أحداً دون أن يَأمُر بتقوى اللّه! فقال هشام: هذا تحقيق لما رُفِع إليَّعنك. ومن أمَرَك أن تضع نفسك في غير موضعها وتراها فوق مكانها ؟ فترفع على نفسك واعرف قدرك، ولا تشاور سلطانك ولا تخالف على إمامك.فقال الإمام زيد بكل تحدٍّ: مَنْ وَضَعَ نفسه في غير موضعها أثم بربه، ومن رفع نفسه عن مكانها خسر نفسه، ومن لم يعرف قدره ضل عن سبيل ربه، ومن شاور سلطانه وخالف إمامه هلك، أفتدري يا هشام من ذلك؟ ذلك من عصى ربه، وتكبر على خالقه وتسمى باسم ليس له، وأما الذي أمرك بتقوى اللّه فقد أدى إلى اللّه النصيحة فيك، ودَلَّك على رُشْدِك!فوثب هشام من مجلسه، وقام قائلاً: أخرجوه من مجلسي، ولا يبيتنَّ في عسكري.فقال له زيد: لا تجدني إلا حيث تكره! وخرج الإمام زيد وهو يقول كلمته الشهيرة: "والله ما كره قوم قط حَرَّ السيوف إلا ذلوا "، وفي رواية: " من اسْتَشْعَرَ حُبّ البقاء اسْتَدْثَرَ الذُّلَّ إلى الفناء ".فقال هشام لأعوانه مؤكدًا الحقيقة التي لا بد منها:ألستم تزعمون أن أهل هذا البيت قد بادوا ؟ هيهات ما ذهب قوم هذا خَلَفُهم ...وكان من سبل دعوته أن يبعث الرسل لمن يريدهم في صفه ثم يذهب لمواجهتهم أو أنه كان يرسل رسله دون أن يلتقي بمن يحتاجهم لتأييده. فكان اثنان من دعاة زيد )ع( يُدخلان الناس عليه وعليهم براقع لا يعرفون موضع زيد، فيأتيان بهم من مكان لا يبصرون شيئُا حتى يدخلوا فيه فيبايعونه، فأقام بالكوفة ثلاثة عشر شهرًا، وكانت بيعته الني يبايع الناس عليها أنه يبدأ فيقول: " إنا ندعوكم أيها الناس إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وإلى جهاد الظالمين والدفع عن المستضعفين، وقسم الفيء بين أهله، وردّ المظالم، ونصرنا أهل البيت على من نصب لنا الحرب. أتبايعونا على هذا ؟" فإذا قالوا: نعم، وضع يد الرجل على يده فيقول: " عليك عهد الله وميثاقهوذمته وذمة رسوله، لتفِينّ ببيعتي، ولتُقاتلنّ معي عدونا، ولتنصحنّ لنا في السرّ والعلانية ". فإذا قال: نعم، مسح على يده ثم قال: " اللهم اشهد ".فكانت عناصر دعوته كالتالي:1- " كتاب الله وسنة نبيه "؛ لذلك هبّ رجال العلم والفقهاء للنصرة وفي مقدمتهم أبو حنيفة النعمان الذي تبرّع بعشرة آلاف درهم لتساند زيدًا في ثورته.2- " وجهاد الظالمين والدفع عن المستضعفين وإعطاء المحرومين "؛ وهذا ما دفع العديد من سكانالكوفة ممن أصابهم الضرر للبيعة لزيد )ع(.3- " وقسم الفيء بين أهله وردّ المظالم "؛ فالصراع كان قائمًا بين أهل الشام وأهل العراق لهذا السبب، مما حدا بأهل العراق أن يلتفوا حول زيد ليساعدهم في إبقاء أموالهم وعدم إرسالها إلى الشام.4- " ونصرنا أهل البيت على من نصب لنا الحرب "؛ وهذا ما دعا الشيعة لمناصرته.وبعد توضيح دوافع الثورة كان يسألهم السؤال التالي: " أتبايعونا على هذا؟ " فإذا قالوا: نعم، وضع يد الرجل على يده فيقول: " عليك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسوله، لتفِينَّ ببيعتي، ولتُقاتلنّ معي عدونا، ولتنصحنّ لنا في السرّ والعلانية ". فإذا قال: نعم، مسح على يده ثم قال: " اللهم اشهد ".... وقيل لرفيق دربه في دراساته- الإمام جعفر الصادق )ع( عن الرافضة إنهم يبرؤون من عمك زيد، فقال: " برئ الله ممن برئ من عمي. كان والله أقرأنا لكتاب الله وأفقهنا في دين الله، وأوصلنا للرحم. والله ما ترك فينا لدنيا ولا لآخرة مثله " )1(. ومن هنا يظهر مدى قوة العلاقة التي ربطت زيدًا بجعفر، بعكس ما ادّعاه البعض أن سبب عدم اتّباع جعفر زيدًا إنما كان الحسد لا سواه. وقد استفسرت الشيعة جعفرًا في مبايعتها لزيد، فقال: " نعم بايعوه، فهو والله أفضلنا وسيدنا وخيّرنا ".وقد أراد جعفر )ع( الخروج مع زيد )ع( لَمَّا خرج المرة الأخيرة من المدينة إلىالكوفة، وقال له: " أنا معك يا عم " . فقال له الإمام زيد: " أما علمت يا ابن أخي أن قائمنا لقاعدنا، وأن قاعدنا لقائمنا، فإذا خرجتُ أنا وأنت فمن يخلفنا في حرمنا؟ ". فتخلف جعفر بأمر عمه زيد، ودفع بولديه عبد اللّه ومحمد معه. وقال: "من قُتِل مع عمي زيد كمَنْ قتل مع الحسين، ومن قتل مع الحسين كمن قتل مع علي بن أبي طالب، ومن قتل مع علي كمن قتل مع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم " )2(.... وقد روي أن جماعة دخلوا على زيد بن علي)ع( فسألوه عن مذهبه فقال:" إني أبرأ إلى الله من المشبهة الذين شبهوا الله بخلقه، ومن المجبرة الذين حملوا ذنوبهم على الله، ومن المرجئة الذين طمّعوا الفسّاق في عفو الله، ومن المارقة الذين كفّروا أمير المؤمنين، ومنالرافضة الذين كفّروا أبا بكر وعمر... وهكذا انضم لبيعة زيد في ديوانه ألف وخمسمائة رجل من أهل الكوفة دون سواها، وحدد يوم الأربعاء أول ليلة من صفر سنة 122هـبداية لها وذلك بعد أن أقام في الكوفة أربعة عشر شهرًا - منها شهرين في البصرة - يرتّب للدعوة دون علم والي الكوفة يوسف بن عمر بذلك. إلا أن أحد الأمويين استطاع أن يسمع شيئًا عن التمهيد للثورة وهو في الكوفة، فأخبر هشامًا بن عبد الملك بذلك والذي بدوره أرسل ليوسف بن عمر يأمره أن يطلب زيدًا إليه ويعطيه الأمان، فإن رفض زيد ذلك قاتله. فما كان من يوسف إلا أن أرسل جاسوسًا على أنه موالٍ لزيد، ولكن باءت جميع محاولاته للعثور على زيد بالفشل لأن زيدًا )ع( كان سريع التنقل والاختفاء.وكان نصر بن خزيمة من أهم أعوان الإمام زيد وأشدهم حماساً وإخلاصاً، تمامًا كمالك الأشتر في أصحاب الإمام علي )ع(، فأعد الجنود المحاربين مع زيد وبث فيهم الحماس، الأمر الذيدعا زيدًا للاستبشار بالكم الهائل من المقاتلين.... وكانت خطة زيد تهدف إلى الهجوم دفعة واحدة من قِبَل جميع الأنصار في جميع الأمصار.وفي هذه الأثناء، كان هشام يترقب موعد ثورة زيد )ع( ويعدّ العدة لذلك. فكان مما استعد له أن نشر شرطته في أزقة الكوفة، وأرسل من يتتبع أثره، وجمع أهل الكوفة في المسجد وأعلن الآتي:" أيما رجل من العرب والموالي أدركناه في رحبة المسجد فقد برئت منه الذمة، ائتوا المسجد الأعظم ". عندئذ، قاد وعي زيد إياه وحنكته السياسية إلى أن يغير الموعد المحدد للثورة من أول ليلة من صفر 122هـ إلى 23 محرم 122هـ... غادر زيد الشام متوجهًا إلى الكوفة بعد أن أمر يوسف بن عمر الحكم بن الصلت بجمع أهل الكوفة في المسجد ومنع التجول وحمل السلاح وأن ينادي المنادي: أيما رجل من العرب والموالي أدركناه في رحبة المسجد فقد برئت منه الذمة؛ ائتوا المسجد الأعظم. وفي الليلة الموعودة - وكانت شديدة البرد - أوقد أصحاب زيد )ع( النيران إعلانًا للثورة، وعلت صيحاتهم بالنداء: " يا منصور أمت " إيذانًا ببدء الهجوم. فبقوا طوال الليل يحاولون جمع الأنصار إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل، فأصبح زيد بن علي وجميع من وافاه تلك الليلة مائتانوثمانية عشر )218( من الرجالة، فقال زيد بن علي )ع(: "سبحان الله! فأين الناس ؟ " قيل: هم محصورون في المسجد. فقال:" لا والله، ما هذا لمن بايعنا بعذر"وقد بعث زيد بأنصاره لرفع الحصار عن أهل المسجد وطمأنة أهل الكوفة ليحرّض أهل المسجد على القتال، و توجه مع أنصاره إلى المسجد لفكالحصار. وفي طريقهم إلى المسجد اشتبك الأمويينمعهم وانتصروا عليهم، ثم تقدموا إلى جوار المسجد نادى أصحابه بشعاره وأدخلوا الرايات مننوافذ المسجد، ونادى نصر ابن خزيمة: " يا أهل الكوفة! أخرجوا من الذل إلى العز ومن الضلال إلى الهدى، أخرجوا إلى خير الدنيا والآخرة فإنكم لستمعلى واحد منها ".، إلا أنهم لم يحركوا ساكنًا، ومكثوا في المسجد بحجة الحصار.... وقف زيد )ع( على باب الجسر هو وأصحابه بعد أن أمرهم الإمام زيد أن ينادوا: من ألقى سلاحه فهو آمن، وجاء أهل الشام واقتتلوا مع أهلالكوفة قتالاً شديدًا، فقال الإمام زيد لأصحابه:" انصروني على أهل الشام، فوالله لا ينصرني رجل عليهم اليوم إلا أخذت بيده حتى أدخله الجنة". وقد خطب زيد )ع( أصحابه حين ظهر قائلا: " الحمد لله الذي منّ علينا بالبصيرة، وجعل لنا قلوبًا عاقلة، وأسماعًا واعية، وقد أفلح من جعل الخيرشعاره، والحق دثاره، وصلى الله على خير خلقه الذي جاء بالصدق من عند ربه، وصدق به الصادق محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى الطاهرين من عترته وأسرته والمنتخبين من أهل بيته وأهل ولايته. أيها الناس! العجل العجل قبل حلول الأجل، وانقطاع الأمل، فوراؤكم طالب لا يفوته هارب إلا هارب هرب منه إليه، ففروا إلى الله بطاعته، واستجيروا بثوابه من عقابه، فقد أسمعكم وبصّركم ودعاكم إليه وأنذركم، وأنتم اليوم حجة على من بعدكم. إن الله تعالى يقول: } ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون، ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون ، ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم{. عباد الله! إنا ندعوكم إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا، ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله، إن الله دمّر قومًا اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله. عباد الله! أكأنّ الدنيا إذاانقطعت وانقضّت لم تكن، وكأن ما هو كائن قد نزل، وكأن ما هو زائل عنا قد رحل، فسارعوافي الخيرات، واكتسبوا المعروف تكونوا من اللهبسبيل، فإنه من سارع في الشر واكتسب المنكر، فإنه ليس من الله في شيء. أنا اليوم أتكلم وتسمعون ولا تبصرون، وغدًا بين أظهركم هامة فتندمون، ولكن الله ينصرني إذا ردّني إليه،وهو الحاكم بيننا وبين قومنا بالحق، فمن سمع دعوتنا هذهالجامعة غير المفرقة، العادلة غير الجائرة، فأجابدعوتنا وأناب إلى سبيلنا، وجاهد بنفسه نفسه ومن يليه من أهل الباطل ودعائم النفاق، فله ما لنا وعليه ما علينا، ومن ردّ علينا دعوتنا وأبى إجابتا واختار الدنيا الزائلة الآفلة على الآخرة الباقية، فالله من أولئك بريء، وهو يحكم بيننا وبينهم. إذا لقيتم القوم فادعوهم إلى أمركم، فلئن يستجيب لكم رجل واحد خير لكم مما طلعت عليه الشمس من ذهب وفضة، وعليكم بسيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بالبصرة والشام؛ لا تتبعوا مدبرًا، ولا تجهزوا على جريح، ولا تفتحوا بابًا مغلقًا، والله على ما أقول وكيل .وكان من أهم مقاصد الإمام زيد توضيح أهداف الثورة، لأنه كان يدرك أن الكثير من الأنصار إنما خرجوا لتصفية حساباتهم مع الأمويين والاستئناسبمرافقة زيد )ع( وأهل البيت - وهو أمر يستحق الجهاد من أجله ولكن أن يكون ذلك هدفًا فذلك مما لم يرتضيه لهم لأنهم )ع( إنما هم وسيلة ليس إلا- لذلك دعاهم لأن يفصلوا بين الهدف الأسمى من الثورة وبين مشاعرهم المستفيضة بالقول: " لا تقولوا : خرجنا غضباً لكم، ولكن قولوا: خرجنا غضباً لله ودينه " وأن يجاهدوا بنية صادقة ملؤها اليقين قائلاً:" عباد اللّه ! لا تقاتلوا عدوكم على الشك فتضلوا عن سبيل اللّه، ولكن البصيرة .. البصيرة ثم القتال، فإن اللّه يجازي عن اليقين أفضل جزاء يجزي به على حق، إنه من قتل نفسًا يشك في ضلالتها كمن قتل نفسًا بغير حق.عباد اللّه البصيرة .. البصيرة "... ولما خفقت رايات زيد )ع(، رفع يديه إلى السماء فقال: " الحمد لله الذي أكمل لي ديني، والله ما يسرني أني لقيت محمدًا صلى الله عليهوآله وسلم ولم آمر في أمته بالمعروف ولم أنههم عن المنكر. والله ما أبالي إذا أقمت كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن أُجِّجت لي نار ثم قُذِفت فيها ثم صرت بعد ذلك إلى رحمة الله تعالى. والله لا ينصرني أحد إلا كان في الرفيق الأعلى مع محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين. ويحكم! أما ترون هذا القرآن بين أظهركم جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونحن بنوه ؟ يا معاشر الفقهاء ، ويا أهل الحجا، أنا حجة الله عليكم؛ هذه يدي مع أيديكم على أن نقيم حدود الله ونعمل بكتاب الله ونقسم فيئكم بالسوية، فسلوني عن معالم دينكم، فإن لم أنبئكم عما سألتم فولّوا من شئتم ممن علمتم أنه أعلم مني. والله لقد علمت علم أبي علي بن الحسين وعلم علي بن أبي طالب وصيّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعَيبة )وصمة( علمه، وإني لأعلم أهل بيتي. والله ما كذبت كذبة منذ عرفت يميني من شمالي، ولا انتهكت محرمًا لله منذ عرفت أن الله يؤاخذني. هاؤم )هلموا( فسلوني!"ثم قال: " اللهم لك خرجت، وإياك أردت، ورضوانك طلبت، ولعدوك نصبت، فانتصر لنفسك ولدينك ولكتابك ولنبيك ولأهل بيتك ولأوليائك من المؤمنين، اللهم هذا الجهد مني وأنت المستعان "... وكان زيد )ع( يردد بعد أن نذر نفسه لله: " والله لو علمت أن رضا الله عز وجل في أن أقدحنارًا بيدي حتى إذا اضطرمت رميت بنفسي فيها لفعلت " وكان يقول: " والله لوددت أن يدي ملصقة بالثرى فأقع إلى الأرض أو حيث أقع، فأتقطع قطعة قطعة وأن الله أصلح بي أمة محمد"وأقبلت جنود الشام من تلقاء الحيرة، فحمل عليهم )ع( كأنه الليث المغضب، فقتل منهم أكثر من ألفي رجل بين الحيرة والكوفة، وأقام بين الحيرة والكوفة، ودخلت جيوش الشام الكوفة، ففرّق أصحابه فرقتين: فرقة بإزاء أهل الكوفة، وفرقة بإزاء أهل الحيرة. ولم يزل أهل الكوفة يخرج الواحد منهم إلى أخيه، والمرأة إلى زوجها، والبنت إلى أبيها، والصديق إلى صديقه فيبكي عليه حتى يرده، فأمسى عليه السلام وقد رقّ عسكره وخذله كثير ممن كان معه، ودامتالمواجهة بين المعسكرين طويلاً؛ جنود زيد يتناقصون وجنود الأمويين يتزايدون، والتفت الإمام زيد إلى نصر بن خزيمة وقال له: يا نصر أخاف أهل الكوفة أن يكونوا قد فعلوها حسينية! فقال نصر: جعلني اللّه فداك! أما أنا فوالله لأضربن بسيفي بين يديك حتى أموت!!شهادته )ع(:وحارب الإمام زيد وأصحابه الأمويين وأبلوا بلاء حسنًا، فخاف جيش العدو واختبأ خلف الجدران يمطر جيش زيد )ع( بوابل من الأسهم، حتى سُمِع صوتًا ينادي: الشهادة... الشهادة، الحمد لله الذي رزقنيها. كان ذلك الإمام زيد يصيح بعد أن أصيب في ثاني ليلة من بدء الثورة بسهم في جانب من جبهته اليسرى، فنزل السهم في الدماغ. فجاء يحيى بن زيد إلى أبيه وهو يبكي، وأخذ يمسح الدم عن وجه أبيه ثم قال له: أبشر يا ابن رسول الله، ترد على رسول الله وعلي وفاطمة وخديجة والحسن والحسينوهم عنك راضون. فقال )ع(: صدقت يا بني، فأي شيء تريد أن تصنع؟ قال يحيى: أجاهدهم إلا أن لا أجد الناصر. فقال زيد: نعم يا بني جاهدهم، فوالله إنك لعلى الحق وإنهم لعلى الباطل، وإن قتلاك في الجنة وقتلاهم فيالنار... وحين جاء الطبيب لينتزع السهم قال لزيد: إنك إن نزعته من رأسك مت. قال: الموت أيسر علي مما أنا فيه. فأخذ الطبيب الكلبتين فانتزعه، ومات صلوات الله عليه من ساعته.... وهكذا رحل زيد )ع( - وهو لا يتجاوز الثانية والأربعين من عمره عام 122هـ على أغلب الروايات- فائزًا بالشهادة وقد أراح ضميره حين رفع راية الجهاد عالية بعد أن صبغها دم الشهداء ليصدق قول الله تعالى: } إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون وعدًا عليه حقًا في التوراة والإنجيل ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم{... ولا يحسب المرء منا أن الله غافل عما فعل المبطلون، فها هو الإمام علي بن أبي طالب)ع( يقول: " لما أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقتل الحسين بن علي وصلب ابنه زيد )ع( قلت: يا رسول الله، أترضى أن يُقتلولدك؟ قال: يا علي، أرضى بحكم الله فيّ وفي ولدي، ولي دعوتان: أما دعوة فاليوم، وأما الثانية فإذا عرضوا على الله عزّ وجل وعرضت عليّ أعمالهم. ثم رفع يديه إلى السماء وقال: يا علي أمّن على دعائي. اللهم احصهم عددًا، واقتلهم بددًا، وسلّط بعضهم على بعض، وامنعهم الشرب من حوضي ومرافعتي. قال: فأتاني جبريل وأنا أدعو عليهم وأنت تؤمّن فقال: قد أجيبت دعوتكما.ثم تساءل القوم عن مكان دفنه ومواراته، وارتأوا دفنه في العباسية وإجراء الماء عليه. ولما كان معهم عبد سندي أفشى سر قبر زيد )ع( إلى الحكم بن الصلت ودلّهم على الموضع بعد أن أُعلِن في الشوارع عن جائزة مغرية لمن يدل على موضع دفنه، فما كان منهم إلا أن استخرجوه على بعير قد شُدّ بالحبال، فألقي جسده الشريف من البعير على باب القصر فخرّ كأنه جبل. فأمر به فصلب بالكناسة)مزبلة الكوفة(، ومكث مصلوبًا عاريًا- والعنكبوت تنسج خيوطها لتستر عورته كلما أُزيحت- إلى أيام الوليدبن يزيد حتى أمر يوسف بن عمر بإنزاله وفصل رأسه وحرقه وذروه في الفرات وهو يقول: والله يا أهل الكوفة لأدعنّكم تأكلونه في طعامكم وتشربونه في مائكم... لم يكفهم قتله حتى تعاقبه ... ... نبش وصلب وإحراق وتغريقأما رأسه الشريف فقد أمر هشام أن يطاف به في البلدان حتى انتهوا به إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وهناك ضجّت المدينة بالبكاء من دور بني هاشم، وأُمر أهل المدينة أن يتبرؤوا من علي وزيد بن علي عليهما السلام. وأخيرًا أُخذ الرأس إلى الجامع الأعظم في مصر، ومنه أخذ سرًا ودفن هناك، ويقال أن الدعاء عنده مستجاب والأنوار ترى عليه... وبعد قتل زيد بن علي )ع( انتقض ملك بني أمية وتلاشى إلى أن أزالهم الله ببني العباس.هذا واسأل الله أن يجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاءوان يحشرنا في زمرته وزمرة جده محمد صلىالله عليه وآله وسلم