حكم التعزير بالمال .

بسم الله الرحمن الرحيم

      اختلف العلماء في مسألة التعزير بالمال على ثلاثة أقوال:

القول الأول: الجواز مطلقاً

     وهو قول أبي يوسف، وأحد قولي الأحناف، وهو قول الشافعي في القديم، وقول عند المالكية وأحمد في مواضع مخصوصة من مذهبيهما. ونصره تقي الدين ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم . وعزاه أبو رخية([1]) لإسحاق بن راهويه وقال: وقال به نفر من المحدثين. وعزا الخطابي للحسن البصري، والأوزاعي وأحمد وإسحاق القول بعقوبة الغال في ماله([2]). وعزاه الأخميمي([3]) ، وكذا الشوكاني في النيل([4]) للإمام يحيى والهادوية من الزيدية.

توثيق قول أبي يوسف وأحد قولي الأحناف:

    قال الزيلعي في تبيين الحقائق (3/208): (وعن أبي يوسف أن التعزير بأخذ الأموال جائز للإمام).

     قال علاء الدين الطرابلسي في معين الحكام (ص/195): (يجوز التعزير بأخذ المال وهو مذهب أبي يوسف وبه قال مالك).

      قال ابن نجيم في البحر الرائق (5/45): ولم يذكر محمد التعزير بأخذ المال وقد قيل روي عن أبي يوسف أن التعزير من السلطان بأخذ المال جائز كذا في الظهيرية وفي الخلاصة سمعت عن ثقة أن التعزير بأخذ المال إن رأى القاضي ذلك أو الوالي جاز ومن جملة ذلك رجل لا يحضر الجماعة يجوز تعزيره بأخذ المال).([5])

       قال نجم الدين الطرسوسي (ت 759هـ) في تحفة الترك فيما يجب أن يعمل في الملك : (فالذي يبرطل على القضاء ، يستحق عندي التعزير بالمال والضرب).

توثيق قول المالكية:

     قال العدوي في حاشيته على شرح مختصر خليل للخرشي (8/110): (ويكون التعزير

بالنفي فيمن يزور الوثائق وبالمال كأخذ أجرة العون من المطلوب الظالم وبالإخراج عن الملك كتعزير الفاسق ببيع داره).

      قال ابن فرحون في تبصرة الحكام (2/291: 294): (فصل والتعزير لا يختص بفعل معين ولا قول معين... والتعزير بالمال : قال به المالكية فيه , ولهم تفصيل ذكرت منه في كتاب الحسبة طرفا , فمن ذلك سئل مالك عن اللبن المغشوش أيهراق ؟ قال : لا , ولكن أرى أن يتصدق به إذا كان هو الذي غشه . وقال في الزعفران والمسك المغشوش مثل ذلك قليلا أو كثيرا , وخالفه ابن القاسم في الكثير . وقال يباع المسك والزعفران على من لا يغش به ويتصدق بالثمن أدبا للغاش . مسألة : وأفتى ابن القطان الأندلسي في الملاحف الرديئة النسج بأن تحرق , وأفتى عتاب بتقطيعها والصدقة بها خرقا .  مسألة : وإذا اشترى عامل القراض من معتق على رب المال عالما بأنه قريبه , فإنه إن كان موسرا عتق العبد وغرم العامل ثمنه , وحصة رب المال من الربح إن كان في المال يوم الشراء ربح وولاؤه لرب المال , وذلك لتعديه فيما فعل . مسألة : ومن وطئ أمة له من محارمه ممن لا يعتق عليه بالملك , فإنه يعاقب وتباع عليه وإخراجها من ملكه كرها من العقوبة بالمال.

     ثم قال: مسألة : والفاسق إذا آذى جاره ولم ينته , تباع عليه داره وهو عقوبة في المال والبدن . مسألة : ومن مثل بأمته عتقت عليه وذلك عقوبة بالمال).

      قال القرطبي في تفسيره (4/260): (لم يختلف مذهب مالك في العقوبة على البدن فأما في المال فقال في الذمي يبيع الخمر من المسلم : تراق الخمر على المسلم وينزع الثمن من الذمي عقوبة له لئلا يبيع الخمر من المسلمين فعلى هذا يجوز أن يقال : تجوز العقوبة في المال وقد أراق عمر رضي الله عنه لبنا شيب بماء).

توثيق قول الشافعية القديم:

     قال ابن الأخوة القرشي (ت 729 هـ) في معالم القربة في طلب الحسبة(ص/194- 195): (وأما التعزير في الأموال فجائز عند مالك رحمه الله وهو قول قديم عند الشافعي رضي الله عنه).

توثيق كلام ابن تيمية وتلميذه، وقول الحنابلة([6]):

       قال تقي الدين في الاختيارات العلمية (5/530- الفتاوى الكبرى): (والتعزير بالمال

سائغ إتلافا وأخذا وهو جار على أصل أحمد لأنه لم يختلف أصحابه أن العقوبات في الأموال غير منسوخة كلها وقول الشيخ أبي محمد المقدسي ولا يجوز أخذ مال المعزر فإشارة منه إلى

ما يفعله الولاة الظلمة).

       قال ابن القيم في الطرق الحكمية (ص/224: 228): (وأما التعزير بالعقوبات المالية ,

فمشروع أيضا في مواضع مخصوصة في مذهب مالك وأحمد , وأحد قولي الشافعي , وقد جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه بذلك في مواضع... ) ثم أخذ يعدد هذه المواضع وسوف تأتي في مبحث الأدلة.

تنبيه:

       قسم تقي الدين ابن تيمية التعزير المالي بوجه عام إلى ثلاثة أقسام حيث قال في مجموع الفتاوى (28/113: 118): (وكما أن العقوبات البدنية تارة تكون جزاء على ما مضى كقطع السارق وتارة تكون دفعا عن المستقبل كقتل القاتل فكذلك المالية فان منها ما هو من باب إزالة المنكر وهى تنقسم كالبدنية إلى إتلاف والى تغيير والى تمليك الغير.

      فالأول المنكرات من الأعيان والصفات يجوز إتلاف محلها تبعا لها مثل الأصنام المعبودة من دون الله لما كانت صورها منكرة جاز إتلاف مادتها فإذا كانت حجرا أو خشبا ونحو ذلك جاز تكسيرها وتحريقها وكذلك آلات الملاهي مثل الطنبور يجوز إتلافها عند أكثر الفقهاء وهو مذهب مالك واشهر الروايتين عن أحمد ....  

      وأما التغيير فمثل ما روى أبو داود عن عبد الله بن عمر عن النبي ( أنه نهى عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس) . فإذا كانت الدراهم أو الدنانير الجائزة فيها بأس كسرت ومثل تغيير الصورة المجسمة وغير المجسمة إذا لم تكن موطوءة([7]) ...

      وأما التغريم فمثل ما روى أبو داود وغيره من أهل السنن عن النبى فيمن سرق من الثمر المعلق قبل أن يؤويه إلى الجرين أن عليه جلدات نكال وغرمه مرتين وفيمن سرق من الماشية قبل أن تؤوى إلى المراح أن عليه جلدات نكال وغرمه مرتين ...).

      ولا يخفى على المتأمل أن كلا النوعين الأولين من باب التعزير في المال، واما النوع الثالث فهو من باب التعزير بالمال، وجميع هذه الأنواع جائز عند ابن تيمية فإنه لا يقصد التفرقة بين التعزير في المال والتعزير بالمال ، حتى أن تلميذه ابن القيم قد دمج هذه الأنواع

ولم يميز بين أنواعها وقسمها قسمة أخرى فقسمها إلى نوع منضبط ، ونوع غير منضبط .

      قال ابن القيم في إعلام الموقعين (2/117): (وأما تغريم المال - وهو العقوبة المالية –

فشرعها في مواضع : منها تحريق متاع الغال من الغنيمة , ومنها حرمان سهمه , ومنها إضعاف الغرم على سارق الثمار المعلقة .... وهذا الجنس من العقوبات نوعان : نوع مضبوط , ونوع غير مضبوط ; فالمضبوط ما قابل المتلف إما لحق الله سبحانه كإتلاف الصيد في الإحرام أو لحق الآدمي كإتلاف ماله , وقد نبه الله سبحانه على أن تضمين الصيد متضمن للعقوبة بقوله : { ليذوق وبال أمره } ومنه مقابلة الجاني بنقيض قصده من الحرمان , كعقوبة القاتل لمورثه بحرمان ميراثه , وعقوبة المدبر إذا قتل سيده ببطلان تدبيره , وعقوبة الموصى له ببطلان وصيته , ومن هذا الباب عقوبة الزوجة الناشزة بسقوط نفقتها وكسوتها . وأما النوع الثاني غير المقدر فهذا الذي يدخله اجتهاد الأئمة بحسب المصالح , ولذلك لم تأت فيه الشريعة بأمر عام , وقدر لا يزاد فيه ولا ينقص كالحدود , ولهذا اختلف الفقهاء فيه : هل حكمه منسوخ أو ثابت ؟ والصواب أنه يختلف باختلاف المصالح , ويرجع فيه إلى اجتهاد الأئمة في كل زمان ومكان بحسب المصلحة ; إذ لا دليل على النسخ , وقد فعله الخلفاء الراشدون ومن بعدهم من الأئمة ...).

القول الثاني: المنع مطلقاً ([8])

     وهو قول جمهور أصحاب المذاهب من الأئمة الأربعة.

توثيق قول الأحناف:

     قال ابن الهمام في فتح القدير (5/345): (وعن أبي يوسف : يجوز التعزير

للسلطان بأخذ المال , وعندهما وباقي الأئمة الثلاثة لا يجوز).

توثيق قول المالكية:

     وجاء في حاشية الصاوي على الشرح الصغير (4/504- 505): قوله : ([ وبإخراج من الحارة ] : أي وببيع ملكه . قوله : [ وبالتصدق عليه بما غش ] : أي وأما التعزير بأخذ المال فلا يجوز  إجماعا , وما روي عن الإمام أبي يوسف صاحب أبي حنيفة من جواز التعزير للسلطان بأخذ المال فمعناه كما قال البرادعي من أئمة الحنفية أن يمسك المال عنده مدة لينزجر ثم يعيده إليه لا أنه يأخذ لنفسه أو لبيت المال كما يتوهمه الظلمة , إذ لا يجوز أخذ مال مسلم بغير سبب شرعي وفي نظم العمليات : ولم تجز عقوبة بالمال أو فيه عن قول من

الأقوال.([9])

توثيق مذهب الشافعية الجديد:

      قال البيهقي في سننه الكبرى (8/279): (قال الشافعي: لا تضعف الغرامة على أحد في شيء إنما العقوبة في الأبدان لا في الأموال).

     قال الجمل في حاشيته (5/164): (لا يجوز بأخذ المال).

     قال الخطابي في معالم السنن (2/260): (وقال الشافعي : لا يحرق رحله ولا يعاقب الرجل في ماله إنما يعاقب في بدنه جعل الله الحدود على الأبدان لا على الأموال ، وإلى هذا ذهب مالك ، ولا أراه إلا قول أصحاب الرأي).

توثيق مذهب الحنابلة:

     قال ابن قدامة في المغني: (9 / 149): والتعزير يكون بالضرب والحبس والتوبيخ ولا يجوز قطع شيء منه ولا جرحه ولا أخذ ماله لأن الشرع لم يرد بشيء من ذلك عن أحد يقتدي به ولأن الواجب أدب والتأديب لا يكون بالإتلاف).

     قال الرحيباني في مطالب أولي النهى (6/224): (وحرم تعزير بحلق لحية وقطع طرف وجرح ) لأنه مثلة ( وكذا ) يحرم تعزير ( بأخذ مال أو إتلافه ) لأن الشرع لم يرد بشيء من ذلك عمن يقتدى به , ولأن الواجب أدبه والأدب لا يكون بالإتلاف ( خلافا للشيخ ) تقي الدين ; فإن عنده التعزير بالمال سائغ إتلافا وأخذا).

القول الثالث: منع التعزير بالمال، وتجويزه في المال.

وهو قول عند المالكية:

    قال الأخميمي في فصل الأقوال (ص/3- 4): (قال أبو إسحاق الشاطبي : العقوبة

المالية عند مالك ضربان ، أخذه عقوبة عن الحناية، وإتلاف ما فيه جناية ، أو عوضع عقوبة للجاني، والأول العقوبة بالمال، ولا مرية في أنه غير صحيح ، والثاني العقوبة فيه وهي ثابتة عنده انتهى. وقال الشيخ محمد العربي الفاسي: العقوبة المالية قسمان اتلاف ما وقعت به المعصية، وأخذ ما لا تعلق له بالجناية، فالأول عقوبة في المال وهي ثابتة عند مالك ، والثاني عقوبة بالمال وهي ممنوعة انتهى. وقال مؤلف كتاب المغارسة: العقوبة بالمال هي أن من فعل شيئا من الجنايات الموجبة للعقوبة يعاقبه السلطان أو نائبه بأخذ مال قليل أو كثير ، والعقوبة في المال هي أن يعاقب الجاني في ماله باتلافه عليه والأولى حرام والثانية فيها تفصيل.انتهى).

الأدلة والمناقشة

أدلة القول الأول([10]):

الدليل الأول:

    استدلوا بما رواه أبو داود (1575)(1/494)، والنسائي (2444)(1/554)، (2449)(5/25)، وأحمد (5/2، 4)، والدارمي (1677)(1/486)، وعبد الرزاق (6824)(4/18)، وأبو عبيد في الأموال (988)(1/446)، وابن زنجويه في الأموال (1133)، وابن الجارود في المنتقي (341)(1/93)، والروياني في مسنده (913)(2/109)، وابن خزيمة (2266)(4/18)، والطحاوي في معاني الآثار (2/9)، (3/297)، والطبراني في الكبير (16655)(19/410)، والحاكم (1448)(1/554)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والبيهقي في سننه (4/116)، وفي معرفة السنن والآثار (2254)(3/241) – كلهم – من طرق كثيرة عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعاً: (في كل إبل سائمة في كل أربعين ابنة لبون لا تفرق إبل عن حسابها من أعطاها مؤتجرا فله أجرها ومن منعها فانا آخذوها منه وشطر إبله عزمة من عزمات ربنا جل وعز لا يحل لآل محمد منها شيء) واللفظ لأحمد.

وجه الاستدلال من الحديث:

       هذا الحديث ظاهر الدلالة في تقرر العقوبة بأخذ المال، حيث أنه صلى الله عليه

وسلم قضى على من منع زكاة ماله بأخذ شطر ماله زيادة علة المستحق عليه.

مناقشة الدليل:

     اعترض المانعون من العقوبة المالية على الاستدلال بهذا الحديث بعدة اعتراضات:

الاعتراض الأول: الاختلاف في رواية بهز عن أبيه عن جده، وتضعيفها مطلقاً.

     قال ابن حجر في تلخيص الحبير(2/161): (وقال الشافعي ليس بحجة وهذا

الحديث لا يثبته أهل العلم بالحديث ولو ثبت لقلنا به).

الاعتراض الثاني: الاختلاف في الاستدلال بالحديث.

    ولهم في ذلك وجوه:

    1- قال البيهقي في معرفة السنن والآثار (3/242): (وقرأت في كتاب الغرمين لأبي عبيد الهروي: قال الحربي: غلط بهز في لفظ الرواية وإنما هو: 'وشطر ماله'([11]) يعني أنه يجعل ماله شطرين فيتخير عليه المصدق ويأخذ الصدقة ويأخذ الصدقة من خير الشطرين عقوبة لمنعه الزكاة . فأما مالاً يلزمه فلا).

      وقال ابن قدامة في المغني (2/229): (وحكى الخطابي , عن إبراهيم الحربي أنه يؤخذ منه السن الواجبة عليه من خيار ماله , من غير زيادة في سن ولا عدد , لكن ينتقي من خير ماله ما تزيد به صدقته في القيمة بقدر شطر قيمة الواجب عليه . فيكون المراد ب " ما له " هاهنا الواجب عليه من ماله , فيزاد عليه في القيمة بقدر شطره , والله أعلم .).

    2- وقد عرض الشيخ العثيمين وجهاً آخر في تقدير هذه الغرامة فقال في الشرح الممتع: (وشطر المال أي: نصفه. ولكن هل هو شطر ماله عموماً أو شطر ماله الذي منع منه زكاته؟

     الجواب: في هذا قولان للعلماء:

     الأول: أننا نأخذ الزكاة ونصف ماله الذي منع زكاته.

     الثاني: أننا نأخذ الزكاة ونصف ماله كله.

     مثال ذلك: إذا كان عند رجل مائة من الإبل ومائة من الغنم، ومنع زكاة الغنم. فعلى القول الأول: نأخذ منه خمسين من الغنم، وزكاة الغنم. وعلى القول الثاني: نأخذ منه خمسين من الغنم، وخمسين من الإبل وزكاة الغنم؛ لأن المراد المال كله، والنص محتمل. فإذا كان محتملاً، فالظاهر أننا نأخذ بأيسر الاحتمالين؛ لأن ما زاد على الأيسر فمشكوك فيه، والأصل احترام مال المسلم. ولكن إذا انهمك الناس وتمردوا في ذلك ومنعوا الزكاة، ورأى ولي الأمر أن يأخذ بالاحتمال الآخر فيأخذ الزكاة ونصف المال كله فله ذلك).

      3- قال السيوطي في شرحه لسنن النسائي (5/16): (وقيل معناه أن الحق مستوفي منه غير متروك وان تلف شطر ماله كرجل كان له ألف شاة فتلفت حتى لم يبق له إلا عشرون فإنه يؤخذ منه عشر شياه لصدقة الألف وهو شطر ماله الباقي)

الاعتراض الثالث: أن هذا الحديث منسوخ .

     قال البيهقي في معرفة السنن والآثار (3//241): (واستدل الشافعي على نسخه بحديث البراء بن عازب فيما أفسدت ناقته([12]) . فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم في

تلك القصة أنه أضعف الغرامة بل نقل فيها حكمه بالضمان فقط . فيحتمل أن يكون هذا من ذاك).

الاعتراض الرابع: وهو يقوي معنى النسخ وذلك بأن هذا الحديث متروك الظاهر.

      قال ابن حجر في فتح الباري (13/355): (ويؤيده أطباق فقهاء الأمصار على ترك العمل به فدل على أن له معارضا راجحا وقول من قال بمقتضاه يعد في ندرة المخالف).

      قلت: وهناك مسلك آخر يؤيد هذا الوجه، وهو أن الصحابة رضي الله عنهم لم يعملوا بظاهر هذا الحديث، فقد حصل منع الزكاة أيام أبي بكر رضي الله عنه ولم ينقل عنه ولا عن غيره من الصحابة القول بموجب هذا الحديث فكان واقعهم العملي بمثابة إجماع على عدم أخذ الزيادة.([13])

 

مناقشة هذه الاعتراضات:

الاعتراض الأول:

     ويجاب عن هذا الاعتراض بذكر كلام العلماء في إسناد بهز عن أبيه عن جده،

ومن صحح هذا الحديث من العلماء.

     هو بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، أبو عبد الملك القشيري .

     وهو موثق عند الجمهور كما قال الحافظ في الفتح (13/ 355)، فقد وثقه: يحيى بن معين، وعلي بن المديني، والنسائي، والترمذي، والحاكم، وغيرهم.

     وقال عنه ابن عدي: [ قد روى عنه ثقات الناس، و قد روى عنه الزهري، وجماعة من الثقات، وأرجو أنه لا بأس به، و لم أر له حديثا منكرا، وإذا حدث عنه ثقة، فلا بأس به].

     وقد تكلم فيه بعض الأئمة بما ليس بقادح: منهم شعبة، وابن حبان.

     - قال أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادى فى كتاب " التمييز " : قلت لأحمد ـ يعنى ابن حنبل ـ : ما تقول فى بهز بن حكيم ؟ قال : [سألت غندرا عنه فقال : قد كان شعبة مسّه، لم يبين معناه، فكتبت عنه].

      والظاهر من هذه العبارة أن الإمام أحمد لم يقبل هذا الجرح؛ لأنه غير مفسر، وكتب عن بهز.

       وقد وردت هذه العبارة على نحو آخر في نسخة أخرى من التهذيب ولفظها:[ كان شعبة مسه، ثم تبين معناه ، فكتب عنه.] وظاهر هذه العبارة رجوع الإمام شعبة عن تضعيف بهز.

     - قال ابن حبان: [قال ابن حبان : كان يخطىء كثيرا، فأما أحمد وإسحاق فهما يحتجان به، وتركه جماعة من أئمتنا، و لولا حديثه: " إنا آخذوها و شطر ماله " لأدخلناه في" الثقات "، وهو ممن استخير الله فيه.].

     وقد تعقب الذهبي مقالة ابن حبان هذه حيث قال في تاريخ الإسلام(9/80 – 81): [ قلت علي بن حاتم البستي في قوله هذا مأخوذات .

     إحداهما- قوله: كان يخطئ كثيراً وإنما يعرف خطأ الرجل بمخالفة رفاقه له، وهذا انفرد بالنسخة المذكورة وما شاركه فيها، ولا له في عامتها رفيق، فمن أين لك أنه أخطأ([14]).  

     الثاني- قولك: تركه جماعة، فما علمت أحداً تركه أبداً، بل قد يتركون الاحتجاج بخبره، فهلا أفصحت بالحق .

    الثالث- ولولا حديث: إنا آخذوها، فهو حديث أنفرد به بهز أصلاً ورأساً، وقال به بعض المجتهدين([15])، ويقع بهز غالباً في جزء الأنصاري، وموته مقارب لموت هشام بن عروة، وحديثه قريب من الصحة .]

     - وأما قول الحاكم : [كان من الثقات ، ممن يجمع حديثه ، و إنما أسقط من الصحيح روايته عن أبيه عن جده ، لأنها شاذة ، لا متابع له فيها].

      وإنني لن أتوقف هنا لتحرير مذهب الحاكم في الشاذ، وهل أنه يشترط للحكم بالشذوذ مجرد التفرد، أما أن صنيعه في يلزم منه تقييد كلامه بالمخالفة مع التفرد، وذلك لأن كلامه هنا على رواية بهز بأنه لا متابع له في روايته عن أبيه عن جده مدفوع من أصله، لوجود متابع له فيها.

      قال محمد علي بن الصديق في رسالته"صحيفتا عمرو بن شعيب وبهز بن حكيم عند المحدثين والفقهاء": [ كما أن صحيفة معاوية بن حيدة لم تصلنا إلا من طريق حفيده بهز، ولهذه الصحيفة أيضاً متابعة جيدة ]. إلا أنني لم أقف من هذه الرسالة إلا على خاتمتها الذي سجل فيه هذه النتيجة، فمن أراد التثبت فليراجع الرسالة المذكورة. 

Z        وأما حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري البصري، فقد قال عنه أحمد بن عبد الله العجلي: تابعي ثقة، وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في" الثقات "، استشهد به البخاري في "الصحيح".

      ومثله ومثل هذا الإسناد لا ينزل عن منزلة الحسن.

الجواب عن الاعتراض الثاني:

       ويجاب عن الوجه الأول فيه تكلف وبعد([16]) ، وعلى فرض صحته ففيه أيضاً دلالة على التعزير المالي لأن العدول عن أخذ الزكاة من وسط إبله إلى خيارها فيه أيضاً تعزير مالى بالفرق بين الصفتين([17]).

     والأمر واضح بالنسبة لأي من الاحتمالين الذين ذكرهما الشيخ العثيمين.

     وأما الوجه الثالث فقال السيوطي عقب ذكره: (وهذا أيضا بعيد لأنه قال إنا آخذوها وشطر ماله ولم يقل انا آخذوا شطر ماله).

الجواب عن الاعتراض الثالث:

      قال ابن القيم في تهذيب السنن (4/319): (وأما معارضته بحديث البراء في قصة ناقته ففي غاية الضعف فإن العقوبة إنما تسوغ إذا كان المعاقب متعديا بمنع واجب أو

ارتكاب محظور وأما ما تولد من غير جنايته وقصده فلا يسوغ أحد عقوبته عليه).

       وقال الشوكاني في نيل الأوطار (4/180): (وزعم الشافعي أن الناسخ حديث ناقة البراء لأنه صلى الله عليه وسلم حكم عليه بضمان ما أفسدت ولم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم في تلك القضية أضعف الغرامة ولا يخفى أن تركه صلى الله عليه وسلم للمعاقبة بأخذ المال في هذه القضية لا يستلزم الترك مطلقا ولا يصلح للتمسك به على عدم الجواز وجعله ناسخا البتة).

      قلت: ولا يصح القول بالنسخ لعدم المعارضة بين الحديثين، ولإمكان الجمع بينهما وإنما يتجه القول بالنسخ إن كان حديث البراء فيه ترك التضمين مطلقاً، وليس الأمر كذلك فحديث البراء فيه التضمين في حالة النهار فقط دون حالة الليل، فلم تصح المعارضة، وإلى نحو ذلك نحا الإمام الشافعي ، قال ابن حجر في فتح الباري (12/258): (قول الشافعي أخذنا بحديث البراء لثبوته ومعرفة رجاله ولا يخالفه حديث (العجماء جبار) لأنه من العام والمراد به الخاص فلما قال العجماء جبار وقضى فيما أفسدت العجماء بشيء في حال دون حال دل ذلك على أن ما أصابت العجماء من جرح وغيره في حال جبار وفي حال غير جبار).

الجواب عن الاعتراض الرابع:

      وهذا الاعتراض الذي ذكره ابن حجر غير سديد؛ لأن فيه استدلال بمحل النزاع، بمعنى أن كل من قال بجواز التعزير المالي فقد قال بظاهر هذا الحديث، كما قال ابن القيم في تهذيب السنن (4/318): ( وقال بظاهر الحديث الأوزاعي والإمام أحمد وإسحاق بن راهويه على ما فصل عنهم وقال الشافعي في القديم من منع زكاة ماله أخذت منه وأخذ شطر ماله عقوبة على منعه واستدل بهذا الحديث وقال في الجديد لا يؤخذ منه إلا الزكاة لا غير وجعل هذا الحديث منسوخا وقال كان ذلك حين كانت

العقوبات في المال ثم نسخت).

     وأما بالنسبة لترك الصحابة العمل به في زمن الردة فلا يعارض الحديث لأنه يحمل على من لم تكن لهم شوكة ومنعة، وأما من كان لهم شوكة ومنعة فيفعل بهم من التأديب بالمقاتلة من الإمام كما فعل سيدنا أب بكر والصحابة. ([18])

تنبيه:

     وأما مار واه عبد الرزاق في مصنفه (6825)(4/18) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري (أن عمر بن الخطاب كان يخمس مال من غيب ماله من الصدقة) فهو ضعيف وعلته عنععة الزهري وقد وصفه الشافعي، والدارقطني وغير واحد بالتدليس، كما أنه منقطع بين الزهري وعمر.

     وعلى فرض صحته فإنه يشهد لصحة قول من قال بالتغريم المالي لمانع الزكاة، ويبقي وجه الجمع بين الحديث المرفوع، وهذا الأثر، وهو خارج عن محل النزاع، وليس هذا محل بسطه.

الدليل الثاني:

     واستدلوا بما أخرجه أبو داود (1710)(1/534)، والترمذي مختصرأ (1289)(3/584) وقال: حديث حسن، والنسائي (4958)(8/85)، وابن ماجه (2596)(2/865)، وأحمد (2/180)، وابن الجارود في المنتقي (827)(1/210)، والحاكم (8151)(4/423)، والبيهقي (9/359)، وغيرهم من طرق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو قال سمعت رجلا من مزينة يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (الحريسة التي توجد في مراتعها قال فيها ثمنها مرتين وضرب نكال وما أخذ من عطنه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن قال يا رسول الله فالثمار وما أخذ منها في أكمامها قال من أخذ بفمه ولم يتخذ خبنة فليس عليه شيء ومن احتمل فعليه ثمنه مرتين وضربا ونكالا وما أخذ من أجرانه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن)([19]).

وجه الاستدلال بالحديث:

      ووجه الاستدلال بالحديث ظاهر في إثبات غرامة المثل على من سرق مما يحرس

بالجبل من غير حرز، وعلى من احتمل من الثمار المعلقة وخرج بها.

مناقشة الدليل:

     وقد عارض المانعون هذا الحديث بما أخرجه أبو داود (4388)(2/541)، والترمذي (1449)(4/52)، والنسائي (8/87)، وابن ماجه (2563)(2/865)، وأحمد (3/463)، (4/140، 142)، والدارمي (2304)(3/228)، غيرهم من حديث رافع بن خديج رضي الله عنه مرفوعا: (لا قطع في ثمر ولا كثر([20])).([21])

مناقشة هذا الاعتراض:

       ولا معارضة بين الحديثين والجمع بينهما بأن يقال أنه لا قطع في الثمر لمن أخذ بفمه ولم يتخذ خبنة ، وأيضاً في حق من احتمل من الثمار المعلقة وخرج بها، وأما القطع فهو في حق من أخذ من أجرانه إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن.

      وقد أخذ ابن قدامة بهذا الحديث حيث قال في المغني (9/105): ( وإن سرق من الثمر المعلق , فعليه غرامة مثليه . وبه قال إسحاق ; للخبر المذكور . وقال أحمد : لا أعلم سببا يدفعه . وقال أكثر الفقهاء : لا يجب فيه أكثر من مثله . قال ابن عبد البر : لا أعلم أحدا من الفقهاء قال بوجوب غرامة مثليه . واعتذر بعض أصحاب الشافعي عن هذا الخبر , بأنه كان حين كانت العقوبة في الأموال , ثم نسخ ذلك . ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو حجة لا تجوز مخالفته , إلا بمعارضة مثله أو أقوى منه , وهذا الذي اعتذر به هذا القائل دعوى للنسخ بالاحتمال من غير دليل عليه , وهو فاسد بالإجماع... لنا أن الأصل وجوب غرامة المثلي بمثله , والمتقوم بقيمته بدليل المتلف والمغصوب , والمنتهب والمختلس , وسائر ما تجب غرامته , خولف في هذين الموضعين للأثر , ففيما عداه يبقى على الأصل .).

99       وبعد فقد بقيت بقية أخرى من أدلة أصحاب القول الأول ذكرها ابن القيم في الطرق الحكمية (ص/225) وما بعدها ، وابن تيمية في الفتاوي (28/118) وانظر أيضا الأدلة التي ذكرها  د. ماجد أبو رخية في بحثه (ص/ 198: 200) ، والسحية في رسالته العقوبات المالية، وهناك بعض الأدلة الأخرى الت وقفت عليها أثناء البحث كحرمان القاتل من الآرث، وأيضاً أمره صلى الله عليه وسلم من ذبح قبل العيد بأن بذبح مكانها أخرى، وأيضاً عقوبة من لطم عبده أو أمته بعتقها عليه، إلى غير ذلك من الأدلة ، إلا أنه نظراً لضيق الوقت ولظهور الدلالة بالدليلين الذين ذكرتهما، وسلامتهما من المعارضة فإنني أكتفي بما ذكرت، ولعل الله عز وجل أن يمّن بفضل وقت حتى يتثنى استيعاب ذلك ، والله الموفق.

 

أدلة القول الثاني:

     1- قوله تعالى في سورة البقرة : (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)).

     2- قوله تعالى في سورة النساء : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ(29)).

     3- بما رواه البخاري (1654)(2/620)، ومسلم (1679)(3/1305) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه مرفوعاً: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا فليبلغ الشاهد الغائب).

      إلى غير ذلك من الأدلة العامة.

      4- استدلوا بأن هذه الأدلة التي ذكرها أهل القول الأول كانت في بداية الإسلام وأنها نسخت ، وقد قال بذلك جماعة من العلماء منهم: الماوردي كما في الحاوي (13/184)، والبيهقي في معرفة السنن ، وابن عبد البر في الاستذكار (6/536)، والبهوتي في شرح منتهى الإرادات (1/446)، ونقل عليه الطحاوي والغزالي الإجماع.

مناقشة هذه الأدلة:

      ونوقشت هذه الأدلة بأنها عامة، وأدلة الفريق الأول أخص فيجمع بينهما ببناء العام على الخاص، فتحمل الأدلة العامة على غير حال مرتكب المعاصي التي تستوجب التعزير.

     وأما الإجماع فلا يصح بدون معرفة التاريخ، والنسخ لا يثبت بالإحتمال، ومما يؤكد بطلان دعوى النسخ عمل الخلفاء وأكابر الصحابة بالعقوبة المالية بعد موته صلى الله عليه وسلم ، وأما ما نقل من إجماع على النسخ فهو نظر للأقوال السابقة عرف أن  

هذا الإجماع مجرد دعوى ، ولا يصح.([22])

القول الراجح:

     وبعد فقد لاح لك أن القول بإثبات العقوبات المالية هو الراجح.

تنبيه 1:

     قال السحيم في خاتمة رسالته العقوبات المالية: (ينبغي التفريق بين العقوبات المالية وبين المكوس ( الضرائب ) ، فالعقوبات المالية بِحقّ وقد عمل بها النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه من بعده .

    أما المكوس فقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم منها أبلغ تحذير ، ويكفي في هذا الباب قوله عليه الصلاة والسلام : لا يدخل الجنة صاحب مَكس . يعني : العَشَّار ([23])).

   تنبيه 2:

      معنى التعزير بالمال :

قال ابن نجيم في البحر الرائق (5/45): (وأفاد في البزازية أن معنى التعزير بأخذ المال على القول به إمساك شيء من ماله عنه مدة لينزجر ثم يعيده الحاكم إليه لا أن يأخذه الحاكم لنفسه أو لبيت المال كما يتوهمه الظلمة إذ لا يجوز لأحد من المسلمين أخذ مال أحد بغير سبب شرعي وفي المجتبى لم يذكر كيفية الأخذ وأرى أن يأخذها فيمسكها فإن أيس من توبته يصرفها إلى ما يرى).

   قلت: وظاهر قوله صلى الله عليه وسلم في حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده : ( ولا يحل لآل محمد منها شيء) ظاهره أن هذا الشطر المأخوذ له حكم الأصل، وهو الصدقة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (ولا يحل لآل محمد منها شيء)، وهو ظاهر تقسيم ابن تيمية حيث جعل القسم الثالث: وهو التعزير بالمال : تمليك الغير، وهو أيضاً معنى القسمين الأولين من الإتلاف أو التغيير، فكلاهما فيه إزالة المنكر من يد فاعله.

     وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج 1 / ص 225): (ويوضع مال التعزير حيث يرى الحكمان شرعًا في بيت المال أو في وجه من وجوه البر والمعروف) وهذا هو الراجح عندي .

([1]) مجلة الشريعة العدد الرابع ص/195.

([2])قال الخطابي في معالم السنن (2/260): أما تأديبه عقوبة في نفسه على سوء فعله فلا أعلم من أهل العلم فيه خلافاً ؛ وأما عقوبته في ماله فقد اختلف العلماء في ذلك ، فقال الحسن البصري : يحرق من ماله إلا أن يكون حيواناً أو مصحفاً، وقال الأوزاعي : يحرق متاعه وكذلك قال أحمد وإسحاق قالوا: ولا يحرق ما غل لأن حق الغانمين يرد عليهم ، فإن استهلكه غرم قيمته وقال الأوزاعي : يحرق متاعه الذي غزا به وسرجه وأكافه ولا يحرق دابته ولا نفقته إن كانت معه ولا سلاحه ولا ثيابه التي عليه.اهـ.

([3]) انظر فصل الأقوال (ص/28).

([4]) انظر نيل الأوطار (4/180).

([5]) وانظر أيضا: مجمع الأنهر (1/609)، بريقة محمودية (4/182)، لسان الحكام (1/401)، أنيس الفقهاء (ص/175).

([6]) وانظر في ذلك أيضا مجموع الفتاوى(20/348)، (28/596)، (29/294) وما بعدها، ومختصر الفتاوى المصرية (1/341)، ومنهاج السنة (3/439)وما بعدها.

([7]) وأعلم أن الراجح عند العلماء أنه لابد من تغيير الصورة حتى وإن كانت ممتهنة، وقد دل على ذلك إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الصورة التي في الوسادة التي جعلتها للنبي لكي يتكئ عليها، وكذلك أمر جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم بشق الستر، وأن يجعل منه وسادتين توطآن. وانظر آداب الزفاف للشيخ الألباني.

([8]) والنصوص عن الأحناف والشافعية والحنابلة في هذا القول كثيرة، وقد عرضها الأخميمي في رسالته (ص/25/35) ولولا خشية الإطالة لاستوعبت ذلك، وأما مذهب المالكية فالأقوال عنه كثيرة بالمنع والجواز، والتفصيل وهذا الأخير هو الذي حاول الأخميمي نصرته، بأن حمل كلام ابن فرحون ومن قال معه من المالكية بالجواز بأن محل ذلك التعزير في المال لا التعزير بالمال وانظر فصل الأقوال (ص/35) وما بعدها، وسوف يأتي بيان الحق من ذلك قريباً بمشيئة الله.

([9]) انظر حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (4/355).

([10]) ولهم في ذلك عشرات الأدلة التي تدل على العقوبات المالية، وسوف أتخير أصرحها دلالة في محل النزاع، وبالأخص أدلة النوع الثالث عند ابن تيمية والتي هي العقوبة بالمال ، وذلك لأن بإثباتها يثبت بها ما سواه بالأولى، والله الموفق.

([11]) شطر بضم الشين المعجمة وكسر الطاء المهملة المشددة فعل مبني للمجهول، وانظر التلخيص (2/161)، وشرح السيوطي على سنن النسائي (5/16)، وعون المعبود (4/317).

([12]) صحيح لغيره: أخرجه أبو داود (3570)(2/321)، وابن ماجه (2332)(2/781)، وأحمد (4/295)، (5/435، 436)، وغيرهم من طرق أن (ناقة للبراء دخلت حائطا فأفسدت فيه فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار وان ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها) وصححه الألباني في الإرواء (1527)، والصحيحة (238).

([13]) انظر بحث ماجد أبو رخية (ص/202) العدد الرابع من مجلة الشريعة.

([14]) قلت: وسوف يأتي قريباً الإشارة إلى أن بهز لم ينفرد بهذه الصحيفة، بل إن له فيها متابعة. وإثبات المتابعة، لا يستلزم إثبات المخالفة فيكون أصل جواب الذهبي هنا سديد مع مخالفته في سببه، وعليه فالصحيح أن نقول: أن هذا الجرح غير مفسر، وأنه على ابن حبان بيان الأحاديث التي أخطأ فيها بهز، مع أن قول ابن حبان مخالف لقول ابن عدي عن بهز: [ لم أر له حديثا منكرا].

([15]) قلت: وهذا الحديث قد صححه جماعة من الأئمة أمثال: أحمد، وابن معين، وابن المديني، وقال ابن الملقن في البدر المنير (5/480): إسناده صحيح إلى بهز. والحديث حسنه الألباني في الإرواء (791)، وحسن إسناده الأرناؤوط في هامش المسند، وقال حسين أسد في هامش الدارمي: إسناده جيد. .

([16]) حتى أن الخطابي قالك لا أعرف هذا الوجه . كما في شرح السيوطي للنسائي (5/16).

([17]) انظر نيل الأوطار 4/140.

([18]) وانظر بحث أبو رخية فقد عرض وجوهاً أخرى للتوجيه (ص/204: 206) .

([19]) والحديث قال عنه ابن الملقن في تحفة المحتاج (2/472): صحيح أو حسن، وحسنه الألباني في الإرواء (2413، 2519)، والأرناؤوط في هامش المسند.

([20])قال أبو عبيد وغيره : الكثر جمار النخل في كلام الأنصار.

([21]) والحديث صححه الألباني في الإرواء (2414)، وصححه الأرناؤوط في هامش المسند.

([22]) انظر الطرق الحكمية لابن القيم (ص/226) ، رسالة العقوبات المالية للسحيم، ومعين الحكام (ص/195).

([23]) رواه الإمام أحمد (ح 17333) وقال مُحققو المسند (28/586) : حسن لغيره . ويُنظر تخريجه هناك .