بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
قال الشيخ الأستاذ النحوي اللغوي، أبو زيد عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي، كان الله له ولطف به:
الحمد لله الذي نور قلوبنا بمعرفة الأدب، وشرح صدورنا لفهم أسرار لسان العرب، حتى اجتنينا من عاطر زهره ويانع ثمره ما جادت عليه العين، واجتبينا من عرائس غرره ونفائس درره ما تقر به العين،
وصلى الله على سيدنا محمّد النبي الأوحد، المبعوث إلى الأحمر والأسود، صفوة العالم، وسيد ولد آدم، أكرم من بعث للعباد، وأفصح من نطق بالضاد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه السراة الأعلام.
أما بعد: فإن من أجل ما وضع في الإسلام من العلوم الشريفة، وأختاره الأعلام من الأوضاع المنيفة: علم العربية والقياسات النحوية؛ إذ به يفهم كتاب الله تعالى ويحقق، ويمعن الناظر في معانيه الغامضة ويدقق، ويتضح به من الأحاديث ما تنبو عنه الأفهام، ويفتح من شواردها ما يعترض من الإيهام والإبهام ، فهو مما أنعم الله تعالى به على هذه الأمة دون سائر الأمم، وأثبت لهم في السعادة أرسخ قدم.
وقد جاء في شرفه وفضل أهله من الأحاديث النبوية والأخبار، والحض على تعلمه واستعمال تفهمه، من وصايا العلماء والأخيار، ما ينشط لقراءته القرائح والخواطر، وتضيق عن حمله الدواوين والدفاتر.
وإنّ من أحسن ما وضع فيه من المقدمات المختصرة، واللمع المشتهرة، مقدمة الشيخ الفقيه، الأستاذ المحقق المقرئ، المجود الحسابي الفرضي، نجيب دهره وفريد عصره، أبي عبد الله، محمّد بن داود الصنهاجي، الشهير بابن آجروم، فهي مفتاح علم اللسان، ومصباح غيب البيان.
وهي وإن كانت سهلة العبارة، واضحة المثل والإشارة، تحتاج إلى التنبيه على مغلقها، وتتميم مثلها.
وقد وضعت عليها شرحا مختصر الجرم، منتفع العلم، لا يمله الناظر، ولا يذمه المناظر.
وقد رويت فيه هذه المقدمة: عن ولده الأستاذ الأثير العالم الأطهر أبي محمّد عبد الله عن والده المذكور، ورويتها أيضا عن ولده الأستاذ المحقق الناظم البارع، أبي عبد الله المدعوّ بمنديل، عن الشيخ الأستاذ المحقق الناظم البارع الأعرف، أبي العباس أحمد ابن حزب الله، عن واضعها أبي عبد الله محمّد المذكور، وقرأتها عليهما قراءة تحقيق وتدقيق.
وها أنا بحول الله وقوته أشرع فيما قصدت إليه، مستعينا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.
***