لزيادة جودة التعليم والتعلم نتبع أساليب القياس والتقويم الرقمية

لزيادة جودة التعليم والتعلم نتبع أساليب القياس والتقويم الرقمية

الأستاذ احمد محاجنه – محاضر في التقويم البديل، البيداغوجيا الحديثة ومستشار تنظيمي، مختص في N.L.P

الأستاذ احمد محاجنه – محاضر في التقويم البديل، البيداغوجيا الحديثة ومستشار تنظيمي، مختص في N.L.P

لزيادة جودة التعليم والتعلم نتبع أساليب القياس والتقويم الرقمية

ان الناظر اليوم لطرق التقويم المتبعة عند المعلمين تعكس الواقع المحزن للتحصيل العلمي المتدني والعكس تماما، ان اعتمادنا اليوم على أدوات قياس متنوعة وذكية فإنها تساعدنا على معرفة نقاط الضعف خلال التدريس مما ترشدنا الى اجراء أساليب تقويم حديثة لكي تؤتي ثمارها خلال العملية التعليمية.

ان احد نقاط الضعف حسب بحث تم نشره عن طريق معهد موفت سنة 2016 ان احد أسباب الرئيسية اليوم لقلة اعتمادنا على أساليب التقويم هي قرصنة العملية التعليمية من جهات غير رسمية والتي تعتمد على مواقع انترنت غير مصادق عليها من قسم التربوي مما يؤدي لحدوث فجوة كبيرة بين المناهج وطرق التدريس من جهة وبين اتباع اليات وأدوات القياس وطرق التقييم من جهة ثانية

ان عملية التقويم التربوي يجب ألا تفضي بالضرورة إلى الأرقام الكمية أو النسب المئوية بل وحتى أن الاختبارات التحصيلية ليست كافية للحكم على مستوى الطالب، إذ أنها تقيس مستوى الطالب في حالة زمنية محددة وليست تراكمية لطيلة فترة التعلم. فهناك العديد من المتغيرات التي يتوقع منها أن تكون دخيلة قد يكون من شأنها التأثير على عملية التقويم، كالحالة المزاجية والصحية ومستوى القلق وغيرها، بالإضافة إلى أن الاختبارات التحصيلية تَتَوقف عادةً على قياس الأهداف المعرفية دون المهارية والنفس حركية، ومن جانب آخر فإن عملية التقويم التكوينية طيلة فترة التعلم يعززها تقديم التغذية الراجعة للطلاب عن مدى تقدمهم نحو الأهداف المرسومة. فالعبرة ليس بالقياس فقط، بل التقويم لإحداث التعلم الحقيقي للطالب، لذا يجب إدراك الفرق بين عمليتي التقييم والتقويم، فالتقييم يتوقف عند القياس ويتجاوز ذلك التقويم بمحاولة إصلاح نقاط الضعف وتعزيز جوانب القوة للطالب.

كما أنه من أحدث أساليب القياس والتقويم هي التي تضطلع على الحاسب الآلي، وهذا ما ستحاول هذه المقالة تسليط الضوء عليه. فعلى ذلك كان من اهتمامات مؤتمر التقويم الإلكتروني في المؤسسات التعليمية (الواقع – الفرص والتحديات) الذين عقد في برلين عام 2017 التوصية بأهمية استخدام الحاسب الآلي في القياس، بالإضافة الى ما قدمه المؤتمر الدولي لتقويم التعليم 2018 الذي عقد في مدينة بيروت من توصيات حول ‏أهمية التحول الرقمي لتنمية مهارات المستقبل والعناية بتصميم مقاييس وأدوات ومؤشرات خاصة بالمهارات التعليمية المختلفة.

هناك العديد من أدوات التقويم التي يمكن أن تحقق التعلم بأفضل الممارسات التي تؤيدها التجارب والأبحاث والدراسات العلمية. ولمحاولة إحداث تقويم يتسم بالشمولية والاستمرارية، سنحاول أن ننقل بعض التجارب التي تخص أدوات القياس والتقويم الإلكترونية التي تم تجريبها، ثم نقوم بإيعاز كل أداة للأسلوب الأمثل لها كما هو موضح بالشكل أسفله، بمحاولة الربط بين الأسس النظرية لعمليات القياس والتقويم التربوي والأدوات والتطبيقات العملية لها، مع التأكيد أنه لا توجد أداة أو تطبيق أفضل من غيره بقدر تحقيقه لما يراد قياسه بنسبة ثبات وصدق عالية، بالإضافة لمراعاة خصائص التقويم التربوي من الخصوصية والتغذية الراجعة وغيرها.

تطبيقات التقويم الإلكترونية

عند استعراض بعض الدراسات التي حاولت استخدام بعض التطبيقات الإلكترونية التي لم تصمم لعمليات القياس والتقويم التربوي، نجد على سبيل المثال أنها تخترق خصوصية الطالب كإتاحة الوصول لها للجميع على الإنترنت، مثل أدوات المدونات الإلكترونية (WordPressو Blogger) لملفات الإنجاز الإلكترونية، أو أن الأداة لا تقدم التغذية الراجعة الفورية بأنواعها للطالب كاستخدام (تويتر، انستقرام، وغيرها..). فما يميز التغذية الراجعة الإلكترونية هو سرعتها وتنوع أشكالها للطالب، وذلك لا يعني عدم مناسبة تلك الأدوات بالتعبير المطلق. ونقترح هنا الأدوات التي قد تكون أنسب لما يسمى بملفات الإنجاز (E- portfolio) مثل أداة (OneNote) كذلك أدوات التخزين السحابي كـ ( Google Drive, OneDrive, Dropbox) وذلك لسهولة إتاحتها عبر الأجهزة الذكية واجهاتها السهلة غير المعقدة، بالإضافة إلى سهولة مشاركة الملفات بكافة أنواعها ومميزات أخرى عديدة…

عند استخدام أدوات القياس والتقويم الالكترونية بالأسلوب الأمثل من خلال أدوات مخصصة، تتولد العديد من المميزات كالموضوعية وتقلل نسبة الخطأ، بالإضافة الى اطلاع المعلم أو الباحث على تقارير ورسوم بيانية تبين الفجوات مع كشف رسم المنحنى الاعتدالي لتلك الدرجات دون جهد أو عناء.

إلا أن دور المعلم لا يتوقف عند استخدامها فحسب، فبعض الدراسات تشير إلى ضرورة وجود المعلم خلف تلك الأدوات لتجاوز عقباتها كالغش ونحوه، فتشير دراسة (نفو،2016) التي توصلت إلى أن مستوى الغش الأكاديمي في التعليم الإلكتروني مرتفع، وأن أبرزها اقتباس الواجبات الدراسية من الإنترنت دون تحديد المصدر، يليها نسخ العبارات من الإنترنت ووضعها جنباً إلى جنب دون إضافات من الطالب. كما توصلت الدراسة أن أهم أساليب مقاومة الغش الاكاديمي تتمثل في: الأساليب التنظيمية تليها الأساليب التربوية، تليها الأساليب التقنية، وأخير الأساليب التدريسية). وقد توصلت الدراسة إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين الكليات الإنسانية والصحية لصالح الكليات الإنسانية بحالات الغش الأكاديمي، وتأكيداً لأهمية دور المعلم لكيفية تسخير تلك الأدوات لتجاوز العقبات، فهناك على سبيل المثال الأداة (Safe Assign) وغيرها من الأدوات الموثوقة التي تقيس نسبة التشابه والاقتباسات في الواجبات والأبحاث المقدمة من الطلاب من خلال قياسها في قاعدة بيانات ضخمة داخل المؤسسة التعليمية وخارجها لما هو بين الطلاب في الشعبة الواحدة والشعب الأخرى. وتتوفر هذه الأداة غالباً بشكل تكاملي مع نظم إدارة التعلم.

وحين يتساءل القارئ عن مصداقية الاختبارات الإلكترونية والورقية، نعرض له ما قد يجيب عن تساؤله بدراسة (سمية محمود، 2018) التي هدفت لمقارنة الإحصاءات الخاصة بمعاملات صعوبة المفردات ومعاملات تمييزها وقيم الثبات والصدق التلازمي للاختبار التحصيلي عند تقديمه بثلاث طرق مختلفة: الطريقة الإلكترونية أثناء المحاضرة، والطريقة الإلكترونية عن بعد والطريقة الورقية، وقد استخدمت تلك الدراسة اختباراً تحصيليا تكوينياً من عشرين مفردة من نوع الاختيار من متعدد ذات أربع بدائل في مقرر مهارات التفكير. أخذت المجموعة الأولى الاختبار إلكترونياً اثناء المحاضرة من خلال نظام البلاك بورد، مع ضبط خيارات النظام، بحيث يتيح للممتحن محاولة واحدة، وتم الاختبار بتحديد (25) دقيقة كزمن للإجابة، وقدمت الأسئلة للممتحنين بشكل عشوائي، كما وزعت بدائل الإجابة بشكل عشوائي، وتم تقديم جميع الأسئلة في صفحة واحدة؛ مما يتيح للممتحن التنقل بين الأسئلة ومراجعة الإجابات.

وأخذت المجموعة الثانية الاختبار إلكترونياً عن بعد من خلال نظام البلاك بورد، وتم عن طريق ضبط خيارات تقديم الاختبار بحيث يكمل الممتحن الاختبار في جلسة واحدة مع حظر، مما يمنع الممتحن من الرجوع ومن التنقل بين الأسئلة، وتم توقيت الاختبار بتحديد (25) دقيقة كزمن للإجابة، وقدمت الأسئلة للممتحنين بشكل عشوائي، كما وزعت بدائل الإجابة بشكل عشوائي.

وأخذت المجموعة الثالثة الاختبار في صورة ورقية، وأظهرت النتائج وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين معاملات صعوبة المفردات عند تقديمه إلكترونياً عن بعد، وعند تقديمه إلكترونياً أثناء المحاضرة أو ورقياً، وكانت الفروق لصالح الصورة الأولى الإلكترونية عن بعد، بينما لم توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين معاملات تمييز مفردات الاختبار التحصيلي بصوره الثلاثة إلكترونيا عن بعد وإلكترونياً أثناء المحاضرة وورقيا. وتم الحصول على أفضل معامل ثبات للاختبار وأفضل معامل للصدق التلازمي عند تقديمه إلكترونياً أثناء المحاضرة، وكان أقل معامل للثبات وأقل معامل للصدق التلازمي عند تقديم الاختبار إلكترونيا عن بعد. وأوصت الدراسة بتقديم الاختبار إلكترونياً بتواجد المعلم، وعدم تقديمه إلكترونيا عن بعد، كما يوصي بتطوير إجراءات ضبط تقديم الاختبار عن بعد؛ ليتيح للمعلم مراقبة أداء الممتحنين أثناء تقديم الاختبار.

وفي ضوء ذلك نستعرض بعض الأدوات الإلكترونية التي قد تساعد المعلم في عمليات القياس والتقويم، فبالاطلاع على الشكل (1) للمقارنة التفصيلية للأدوات الموضحة نجد أنها تشمل الاختبارات الكمية والنوعية، كذلك الموضوعية والمقالية، حيث تتميز الاختبارات الموضوعية الإلكترونية بالتصحيح الآلي والتغذية الراجعة الفورية، إلا أن لها ما عليها من مآخذ أخرى. فمن الأدوات النوعية مثل كاميرا المراقبة الإلكترونية ما قد يناسب بعض الدراسات التي تتطلب الملاحظة المخفية، مع اعتبار أخلاقيات البحث العلمي لأغراضها، فعلى سبيل المثال يمكن استخدامها لدراسة سلوك حيوان أو متابعة نمو نبات، أو عوامل جغرافية ونحوه.

من الاختبارات المتقدمة التي يمكن للحاسب إجراء التصحيح الآلي لها، هي التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل السلوك بدلاً من تحليل الإجابات، كتحليل نقرات وحركة الماوس، وتحليل أداء الطالب داخل الحاسب، أو برامج المحاكاة التعليمية التي تمكن الحاسب من ملاحظة وتحليل سلوك المتعلم داخل البرمجية لتعطي تقريراً عن مستوى الطالب لتحقيق الأنشطة التي تضمنتها تلك البرمجية، فعلى سبيل المثال بدلاً من طرح سؤال اختيار من متعدد لسؤال يحمل هدفا مهاريا كطريقة كتابة كود برمجي أو فتح برنامج محدد.

وقد توصلت دراسة (Klerk ,Eggen ,Veldkamp, 2016) لوضع نموذج تقويم مقترح قائم على تقويم الأداء للمهام التفاعلية القائمة على المحاكاة بالوسائط المتعددة للتقييم التكويني، وتعرفه الدراسة بالتقييم الذي يقيس الأداء المعرفي والمهاري معاً من خلال الحاسب الآلي. وقدمت الدراسة منهجية لتسجيل السلوك التفاعلي والمعقد للطلاب، والذي يُستخدم لغرض تقييم تلخيصي، وهي المستخدمة لتقييم المعارف والمهارات والقدرات، كما توصلت الى أن الطلاب قادرين على التفاعل مع عناصر متعددة في بيئة افتراضية من خلال الحاسب كما توصلت إلى وضع خوارزمية مقترحة أسمتها (MBPA) لتنفيذ إجراءات التقييم في البيئات الافتراضية.

وفي هذا السياق، تقترح دراسة (Verma & Sood & Kalra, 2017) إطار عمل من خمسة طبقات لتسهيل تقييم أداء الطالب الآلي في المؤسسات الهندسية على أساس مفهوم الحوسبة الذكية، ليتم تشكيل مجموعات بيانات النشاط اليومية للطلاب بناءً على قدرات الاستشعار الخاصة بنقاط إنترنت الأشياء لحساب أداء الطالب بفعالية في بيئة شاملة تستند إلى إنترنت الأشياء، ويتم تحليل قراءات المستشعرات في طبقة السحاب، وتستخدم خوارزميات تعلم الآلة لاستخلاص النتائج بناءً على سياق قائم على النشاط. وهذا النوع المتقدم من التقويم الإلكتروني يتطلب جهودا كبيرة بل وفريقا برمجيا متكاملا يضم محللي نظم ومبرمجين ومصممين وغيرهم من مختصي علم النفس…

وبالرجوع إلى بعض أساليب القياس والتقويم الإلكترونية الشائعة، والتي لا تتطلب أي خلفية برمجية أو حتى مهارات متقدمة بالحاسب الآلي، لتمكن معظم المعلمين من استخدامها وتداولها، يوضح الجدول في الأسفل مقارنة بسيطة بين أشهر الأدوات، والتي يمكن تصنيفها إلى ثلاثة أصناف: الصنف الأول وهي الأدوات المستندة إلى الإنترنت والتي لا تتطلب تنزيل برامج على سطح المكتب ونحوه، إلا أنها أدوات مستقلة لإنشاء الاختبارات الإلكترونية مثل (Google forms, ClassMarker) ويقصد بمستقلة أنها ليست متكاملة مع أنظمة إدارة التعلم المتكاملة في ذاتها ( فصول افتراضية، منتديات مناقشات، بنك أسئلة، اختبارات إلكترونية، قوائم طلاب، أدوات إضافية) ومتكاملة مع الأنظمة الأخرى بالمؤسسة التعليمية كقواعد بيانات الطلاب والمعلمين والجداول وغيرها.

الصنف الثاني من الاختبارات الإلكترونية هي أدوات جزئية من برمجيات صناعة المحتوى الرقمي الاحترافية مثل (Storyline Articulate, CourseLab) وتتميز بأنه يمكن من خلالها صناعة اختبارات على هيئة أنشطة السحب والإفلات أو الألعاب التعليمية ونحوه، وإمكانية تصديرها وفق معايير سكورم التي تقبلها كافة أوعية النظم التعليمية. ويقصد بهذه المعايير في صورة مبسطة الصيغة الالكترونية المخصصة للمقررات الرقمية التي من خلالها يتم تحزيم وتجميع أجزاء المقرر الرقمي (اختبارات، فيديو، صور، صوت، أنشطة) بصيغة يمكن تصديرها لكافة أنظمة إدارة التعلم فلا يتوقف ذلك بفتح هذه الملفات من داخل نظم إدارة التعلم، بل حتى استخراج نتائج الطلاب لتلك الأنشطة وتغذية النظام لسجلات الطلاب مباشرة، وفقاً لإجاباتهم.

أما الصنف الثالث من الاختبارات الإلكترونية هي الاختبارات التي تكون داخل أنظمة إدارة التعلم، وهي ما نؤيد استخدامها لأغراض تعليمية جادة، كضبط خيارات الاختبار لما قد يرفع من صدق الاختبار وثباته وتقليل فرص الغش ونحوه، كإعطاء الممتحن محاولة واحدة، وتحديد زمن للإجابة، وتقديم الأسئلة والبدائل للممتحنين بشكل عشوائي؛ إعطاء الممتحن صلاحية دخول واحدة للاختبار مع حظر، مما يمنع الممتحن الرجوع؛ والأهم من ذلك كله هو تحديد هوية الطالب من خلال بيانات الطالب الأكاديمية.

وفي ختام هذا المقال نختتم ما ابتدأنا به، أي أنه لا توجد أداة أفضل من الأخرى بل الموقف التعليمي هو الفيصل، فالأداة التي تحقق المراد بجهود أقل ووقت أسرع ودقة أعلى، وصدق وثبات عال هي الأنسب. كما أن التقويم جزء حيوي من عملية التعليم والتعلم فيجب أن يُخطط لها جيداً وأن يُعطى لها الوقت الكافي لإعداد أدواته، فالمعيار الحقيقي لأي مداخل أو أساليب جديدة يجب أن يجعل الطلاب يعملون على أداء مهمات ذات معنى وقيمة بالنسبة لهم لتبدو كنشاطات تعلم يمارس فيها الطلاب مهارات التفكير العليا، وأن يشارك الطلاب في تقويم أنفسهم لمعرفة مدى تقدمهم نحو الأهداف التعليمية.


ملاحظة : المقال بين ايديكم اقتبست معطيات من مواقع مختلفة مع إضافة فكري الخاص