فضاء مفتوح لمقالات الكتاب والباحثين
فضاء مفتوح لمقالات الكتاب والباحثين
مقالات
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها
التعلم وأزمة المراهقة
في ظل الثورة الرقمية وانعكاسات أزمة كفيد19
ورقة للدكتورة: البتول عبد الحي
الباحثة : د.البتــــول عبـــد الحي
بسم الله أبدأ و به أستعين
توطئــــــــة:
ثمت في حياة كل منا مراحل عمرية متمايزة ، سواء على مستوى الصفات الظاهرة للعيان أوفي الصفات الداخلية ، إلا أن بعض هذه المراحل قد تكون مميزاتها أبرز من مميزات غيرها في ملامحها العامة وفي تأثيراتها الداخلية وفي توجيهها للسلوك الإنساني .
ولعل من أبرز هذه المراحل بل ومن أخطرها أيضا في حياة الإنسان تلك الفترة التي تشكل قنطرة العبور ما بين سن الطفولة وسن الرشد ، والتي تعرف بمرحلة المراهقة ،.
ذلك لما يصاحب هذه المرحلة من تسارع في النمو قد يؤدي أي اختلال في سيرورته الطبيعية إلى مظاهر جسمية ونفسية خطيرة ، فهي مرحلة التغيرات الشاملة المؤدية مباشرة إلى حدوث النضج الجسدي والفسيولوجي والعقلي والعاطفي بالمعنى السيكولوجي ، والذي عادة نطلق عليه اصلاحا سن الرشد .
لم تزل فترة المراهقة فترة خطيرة حتى عندما كان المجتمع يعيش في ظروف عادية مقارنة بحالة مجتمعات ما بعد الثورة الصناعية حيث تراكمت المؤثرات بعل تأثير الثورة الرقمية وما تبعا من الغزو المادي للعقول وانفتاح على ثقافات مغايرة في المبادئ والقيم وانشغال بلغ حد بما يوفره تكنولوجيا المعلومات والاتصال وأخيرا جاءت انعكاسات كفيد 19قاصة للظهر فكان كل هذا مدعاة لتوقع الأسوأ على نفسيات المراهقين الذين هم في مرحلة عمرية تشكل معبرا بين حالة الطفولة وحالة البلوغ التي تعني قدرة المراهق على الإنجاب بفعل نمو غدد ه الجنسية وبالتالي قدرة هذه الغدد على أداء وظائفها .
وأيا كانت المدة الزمنية لمرحلة المراهقة وسواء أكانت من 12 -18كماحددها البعض أو من 12- 21أو 25سنة كما حددها آخرون فإ ن ارتباطها في العنوان بكلمة أزمة على سبيل الإضافة يثير الرغبة في التساؤل عما إذا كانت هذه المرحلة العمرية مرتبطة بأزمة فعلا كما يفهم للوهلة الأولى من العنوان ؟
وإذ كان ذ لك كذلك فهل هي أزمة ملازمة ، أم أنها قد تأتي وقد تتخلف .
- كيف ولماذا ؟
- كيف صارت حالة المراهقين بعد الثورة الرقمية وكفيد؟
- وهل من دراسات حول الموضوع ؟
- أم أن مراكز البحث لم تستوعب بعد الصدمة لترصد ما حدث ؟
- ماذا بإمكان المربي أن يعمل بغية تخفيف هذه التأثيرات؟
هذه التساؤلات هي ما سيحاول العرض التالي الإجابة عليها من خلال المحاور التالية :
o أزمة المراهقة ( الماهية والمفهوم )
o تجليات ومظاهر أزمة المراهقة قديما وحديثا
o الأسباب والمؤثرات
o تحديات مضاعفة و متجددة تواجه المربي في التعامل مع أزمة المراهقة في ظل كفيد .
o دور المربيين في مواجهة تأثيرات أزمة المراهقة في الظرفية الجديدة .
o توصيات عامة
o خلاصــــــــــــــة
I. أزمة المراهقة ( الماهية والمفهوم )
يتكون العنوان من كلمتي أزمة و مراهقة بصيغة إضافة الأولى للثانية .
والأزمة في الاصطلاح اللغوي تعني الشدة والضيق أما المراهقة فتعني عدة معان منها النزق والطيش والتهور ومنه قوله تعالى "فزادوهم رهقا [1]"أي طيشا وتهورا كما تعني أيضا المقاربة والدنو من الشيء وراهق الحلم أي قاربه ودنا منه [2].
وفي إصلاح علم النفس وردت عدة تعريفات للمراهقة نختار منها ثلاثة :
1. المراهقة عملية بيولوجية حيوية عضوية في بدئها وظاهرها اجتماعية في نهايتها.[3]
2. المراهقة هي التدرج نحو النضج الجنسي والعقلي والانفعالي [4].
3. المراهقة هي المرحلة التي تبدأ بالبلوغ وتنتهي بالرشد أي أنها تبدأ من السنة الحادية عشرة وتنتهي بالسنة الواحدة والعشرين من العمر[5].
وواضح من خلال استقراء هذه التعاريف أنها متقاربة الدلالة فالفرق بينها إنما هو باعتبار الزاوية التي يركز عليها صاحب التعريف.
فمنهم من عرفها من خلال وظيفتها والبعض الآخر عرفها من خلال مميزاتها الإنمائية أو مسارها الإنمائي وآخر يعرفها من خلال حصرها زمنيا والكل مجمع على أنها فترة التغيرات الإنمائية الهادفة إلى تحويل الفرد جسميا وعقليا وانفعاليا ونفسيا من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضج .
فهي -إذا -عملية بيولوجية نفسية اجتماعية تسير وفق امتداد زمني متأثرة بعوامل النمو البيولوجي والفسيولوجي وبالمؤشرات الاجتماعية والحضارية والجغرافية، بغض النظر عن الزاوية التي انطلق منها هذا التعريف أو ذاك فهي تبدأ بشكل بيولوجي «عضوي» وهو البلوغ بما يرافقه من تغيرات فسيولوجية في الجسم، ومنها تغير الأعضاء الجنسية التي يكتمل نموها في هذه المرحلة ثم تتحول في نهايتها إلى ظاهرة اجتماعية، حيث يقوم المراهق بأدوار أخرى ما كان يمارسها من قبل ،استجابة للمؤثرات الاجتماعية والحضارية والجغرافية يحددها المجتمع (بصوم ألا من القوم و الا ما عليه لوم).
تعترف الدراسات السيكولوجية عموما بوجود أزمة ترافق المراهقة ولكنهم يختلفون في تصنيفها كأزمة نمائية طبيعية أم حالة مرضية ، فالمراهقة فترة نمو حرجة يمر بها الفرد كحلقة من حلقات مسلسل نموه ، تفرض عليه التخلي عن عادات سلوكية لصالح أخرى تتطلبها المرحلة التي ينتقل إليها .
إنها عبارة عن فترة تكيف مع خصائص نمائية تفرضها وتيرة النمو التي هي مشحونة بالأزمات بدأ بأزمة الولادة ذات الطابع البيولوجي ومرورا بأزمة الفطام الفسيولوجية العاطفية وأزمة التمدرس الاجتماعية وأزمات صحية تصحبها أزمات نفسية توثر على عمل الغدد فتزيد إفراز هذه وتنقص إفراد تلك فيتأثر الفرد بكل هذا.
إلا أن أزمة المراهقة تتميز عن السابقات بأنها أزمة نمو شاملة ، لذلك تم تركيز المربين عليها خصوصا أنها تتزامن مع أغلب أيام مرحلة الدراسة النظامية وتؤثر على نتائجها وبالإضافة إلى الجوانب المتخصصة في الأزمات السابقة لها يظهر فيها الطابع العقلي لأول مرة مما يدخل المراهقين في صراع ذاتي على كل الأصعدة
وفي كل المجالات .
فأزمة المراهقة بهذا المعني تجليات مرحلة نمائية لها حدودها الزمنية ، تتميز بظهور مجموعة من الخصائص التي تختلف بها عن مراحل النمو الأخرى .
II- تجليات أزمة المراهقة
بما أن الفرد في هذه المرحلة يمر بتغيرات جسمية نمائية ترافق تحوله إلى راشد وتتجسد في النضج الجنسي بما يرافقه من بدء عمل الغدد الجنسية وخلافها وإفرازها للهرمونات المختلفة وما ينتج عنه من ظهور الصفات الجنسية الثانوية وتضخم بعض الأعضاء تضخما غير متناسب مع نمو الجسم الآخر وغلظ الصوت عند الذكور ورخامته عند الإناث، وكذلك مع السرعات الجزئية للنمو المصاحبة للسرعة العامة له .
فإن هذا التناقض يظهر ويطفو على السطح في شكل تمرد وعناد لإثبات الذات أما م المحيطين بالمراهق خاصة أنه يحس بأنهم لا يقدرون قدرته على إدراك الأمور إدراكا عقليا مثل الراشدين ، فيضيق بتفكيرهم ورؤيتهم تجاهه فهم يرونه الطفل الأليف المطيع الواثق في ما يصدر عن الكبار والمقلد لهم في سلوكهم ، وهو يرى نفسه ناضجا عقليا مثل الكبار أو أكثر وفي الفرق بين الموقفين تكمن أزمة عدم الثقة التي تتجلى في سلوك التمرد والقلق.
إضافة إلى مظاهر أخرى كالخجل والحياء وعدم الثقة بالنفس مما يكرس التناقض الذي يطبع هذه المرحلة كظهور الاتجاه الديني عند بعض الشباب ، والتمرد أحيانا على المجتمع و التشكيك في نظمه وتقاليده لحد الإلحاد .
وقد ازداد الطين بلة والفجوة اتساعا صاحب الثورة الرقمية من تغيرات جعلت العالم يعيش في قرية واحدة يوثر بعض سكانها على بعض قبل أن يقفز قفزة أخرى ليحل بعدها في غرفة واحد ة ضمن تلك القرية مما يعني أن المصلحة مشتركة والمضرة مشتركة " فالتكتوك و القلوب هاوس "وأخواتهما أصبحت بالنسبة لكثير من الشباب، وحتى بعض الشيوخ سكنا، يعيشون فيه، فغرف الدردشة المغلقة ليلا ونهارا، هي الأسرة بالنسبة لهم والمدرسة والمجتمع في آن واحد، وهي المربي الأول وقد تكون الأخير ؛ لقد غيرت هذه الوضعية موقع كل من المعلم والمتعلم والكبير الصغير عن موقعهم في الصورة النمطية التي كان متعارفا عليها منذ آلاف السنين فلم يعد المعلم محتكرا للمعرفة بل أصبح المتعلم مشاركا في اكتشاف المعارف بل في أحايين كثيرة يلجأ إليه المربي :الاب أو المعلم ليعلمه كيف يستغل التطبيقات التي أصبح الكل بحاجة إليها وهي سهلة التعلم لدى الصغار عكس الكبار، فالدارس للتربية والمهتم بتأثير أزمة المراهقة لا مناص له من استصحاب هذه التغيرات البنيوية التي أحدثتها الحالة التي تسمى "بالعولمة" والتي هي في حقيقتها ماهي إلا عبار ة عن ابتلاع ثقافة معينة لثقافات الغير، ومحاولة فرض نمط تفكير واستجابات تلك الثقافة علي الآخر بما يتبع ذلك من تغيير لقيمها حتى تناسب المرجعية الجديدة والمراهقة هي فترة الطموح والبحث عن الجديد والثورة على المألوف لذلك يعتبره أصحاب الأفكار ـ سواء أكانت خيرا أم شرا. ساحة للصراع على النفوذ لسرعة استمالته و اندفاعيته .
وتدل الدراسات أن أبرز المشاكل التي يعاني منها الشباب في نطاق الأسرة خصوصا - بناء على نتائج قياس حاجات التوجيه النفسي - مرتبة حسب درجة معاناتهم منها هي :
1. الخوف من مناقشة مشكلاتهم مع أولياء أمورهم
2. الخوف من معرفة آبائهم لما يقومون به مع أقرانهم و في هواتفهم الذكية وفي مجموعاتهم الخاصة .
3. وجود فجوة بين ما يفكر به الأبناء وما يعتقد ه الآباء صحيحا من وجهة نظرهم ، فوسائل التواصل الاجتماعي عملت توسيع الهوة بين المراهق وأهله وحتى رفاقه في عالم الواقع ، حيث وفرت له فرصة التواصل بعوالم وثقافات افتراضية يمارس فيها حريته بعيدا عن مثل مجتمعه وقيوده الأخلاقية والاجتماعية مرتاحا ،بينما يراه الاهل منعزلا يسبح في خيالا ت ينذر بالجنون.
وعموما فالمراهق المأزوم لا يستطيع التحكم في مشاعره العاطفية وخياله الإنساني فيشعر بها رغماً عنه، ويراها في شكل أوهام مزعجة نهارا أو ليلا فيخاف منها مثل أن يعتقد أنه مصاب بمرض خطير إثر سماعه عنه كمرض السيدا أوكرونا ويظل يفكر فيه قلقا ، كما أن الخوف قد يفصح عن نفسه ليلا في شكل كوابيس أو أحلام يرى الطفل فيها نفسه وقد دهسته سيارة أو افترسه حيوان أو أنه يقف على قمة شاهق يقترب من السقوط منه فيصرخ في نومه أو يستيقظ منزعجا ، ويعد هذا النوع من أخطر مظاهر التأزم فيجب الانتباه له وتلافيه بسرعة فقد يكون نذير خطر محدق .
وبما أن كل مرحلة من مراحل النمو يعتمد نجاحها أو فشلها على تأسيساتها في المراحل النمائية السابقة أي أنها تتأثر بالإصابات المرضية كما تتأثر بالبيئة الحضارية التي يعيش فيها المراهق والنظام الاجتماعي السائد بالإضافة إلى العوامل الأخرى من اقتصادية وثقافية فإن الانتباه لمظاهر التأزم المرافق للمراهقة والبحث عن أسبابه واحتوائه في الوقت المناسب مطلب تربوي ملح .
ولكي يتمكن المربي أيا كان من تلافي المخاطر أو الحد من تأثيرها ينبغي تشخيص الأسباب الخاصة بالظاهرة الملاحظة عند المراهق ليتسنى له علاجها فلكل حالة خصوصيتها علما بأن هناك أسبابا عامة مشتركة ،سنعرض أبرزها فيما يلي :
-III أسباب أزمة المراهقة
كما ورد في التعاريف السابقة فإن أزمة المراهقة أزمة مركبة الأبعاد فهي من جهة فسيولوجية ومن جهة ثانية نفسية اجتماعية .
وعلماء النفس في هذا السياق يحددون لها سببن أساسيين متكاملين في عملهما يهيأ أولهما يهيئ للإصابة ويكون قابلية لها ،ويقوم الثاني بدور الشرارة لإشعال فتيلها وهذان السببان هما :
أ- سبب فسيولوجي :
وينقسم بدوره إلى نوعين لكل منهما تأثيره النفسي البالغ وهما :
§ التغيرات الإنمائية الداخلية المصاحبة لعملية التحول من كائن عديم الجنس إلى كائن جنسي ،ومن هذه التحولات نذكر النمو العضلي الداخلي من ضمور بعض الغدد الصماء و بدء نشاط بعضها الآخر كالغدد التناسلية التي ظلت خاملة طوال فترة الطفولة مقابل الغدتين التيموسية والصنوبرية اللتين تخملان هذه الفترة بعد أن ظلتا ناشطتين قبل البلوغ.
كما أن أي خلل في عمل أي من الغدتين النخامية والدرقية قبل البلوغ أو بعد يتجلى في مظاهر
نفسية وانفعالية وفسيولوجية مؤثرة [6].
§ التغيرات الإنمائية الخارجية التي تطرأ على الجسم نتيجة النمو العضلي الداخلي التي تسبب تغيير النسب الجسمية لنمو الأعضاء فيتضخم بعضها بينما يبقى الأمر في شكله الأصلي حتى حين ، ومثال ذلك ما نلاحظه من تضخم بعض الأعضاء كالرجلين واليدين والأنف وكذلك تضخم الأعضاء التناسلية وظهور الصفات الثانوية كغلظة الصوت وظهور الشعر في بعض أجزاء الجسم (كالعانة والذقن عند الرجال )وكذلك تجمع الشحوم حول الثدي والأرداف عند البنات واتساع المعدة وزيادة الحاجة للغذاء لحد النهم أحيان.
إن كل هذه الأعراض يحسها الطفل في نفسه فيقف أمامها مشدوها حيران يبحث لها عن تفسير وقد تذهب به المذاهب فيعتقد ها مرضا لا يستطيع أن يبوح به للآخرين خوفا من أن يكون قاتلا أو معديا أوفيه وصم ، فيكتمه وتزداد الوساوس عليه فيقلق على مستقبله الذي لا يدري أين تتحه به الأقدار التي يراها بأم عينيه تقتلع كلما ألفه وعهده من نفسه وجسمه.
ب سبب بيئي اجتماعي نفسي
إن للبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الطفل في مراحل طفولته الأولى – كما بينا سابقا – تأثيرها على نفسيته أثناء مرحلة المراهقة فتنوع العلاقات في البيت بين الطفل وذويه وبين ذويه فيما بينهم هو المسئول بالدرجة الأولى عن تشكيل سلوك الطفل في مراهقته ، فإذا ما كان الجو السائد في المنزل جو احترام وتفاهم يطبعه الهدوء والسكينة لا حرمان فيه ولا كبت ولا تسيب ، فإن المراهق سيسعد بأيام مراهقته ويعبر ها بخطى واثقة من نفسها .
أما إذا كان من النوع المخالف فإن الأزمة ستتفاقم ويحدث ما لا تحمد عقباه والمدرسة بوصفها خليفة البيت في التربية ومساعده ينطبق عليها الحكم السابق نفسه ، فنوع العلاقة السائد بين الطفل ومدرسيه وبين المدرسين أنفسهم أو بينه وبين زملائه ، له تأثيره على التكيف أثناء هذه المرحلة ، وإن كان بدرجة أقل من البيت ذلك أن تأثير البيت أيا كان اتجاهه له الغلبة على تأثير المدرسة لسبقه زمنيا، وطول وقت الطفل في البيت أ وفي المحيط مقابل بضع ساعات في المدرسة، وكذلك للارتباط العاطفي بين الطفل وأسرته.
إن للمراهق في هذه المرحلة احتياجات نفسية وجسمية وجنسية وانفعالية يريد إشباعها ،فهو يريد أن يحدد لنفسه هوية ويختار مهنته بنفسه ويتهيأ للاستقلال عن أبويه ويرسم موقعه في المجتمع من خلال تكيفه مع نظم وتقاليد الجماعة و هو في كل هذا يرى نفسه راشدا وهو لم يرق بعد إلى درجة الرشد علما بأن بروز الطابع العقلي لتفكيره هو من أسباب تفجر الصراع الذاتي والموضوعي على كل الأصعدة وفي كل المجالات ،.فهو يعيش قلقا وصراعا داخليين يخبل إليه أنهما يكادان يعصفان بكيانه النفسي فبينما هو يريد إثبات ذاته عن طريق الأسرة أو المجتمع ويريد تلبية متطلبات جسمه الجديدة إذا به يقع فريسة لشتات التفكير وشرود الذهن والتردد والصراع النفسي ويتراوح ذلك التناقض بين الإيمان الأعمى وتقديس الشخصيات التي يعجب بها ، والتشكك في كل شيء حتى الثوابت الدينية لمجتمعه .
وهكذا يجد المراهق نفسه بين إطارين مختلفين: إطار طفولته وإطار مراهقته فيشعر بالحرج بين أهله ورفاقه لشعوره باختلاف سلوكه ومثيراته ولذا يخاف أن يشذ سلوكه الجديد عن إطار المحيط الاجتماعي الذي يتفاعل معه، فتؤثر هذه الخشية في انفعالاته فتنحو به مناحي متناقضة وتؤثر في سلوكه أيما تأثير.
لقد أثبتت دراسات قيم بها في هذا المجال مجموعة فرضيات متعلقة بتأثيرات محتملة للمحيط الاجتماعي والتربوي عموما و فيما يلي استعراض لأهم ما ورد في هذه الدراسات:
أثبتت التجارب أن المراهقين الذين كانوا يعيشون في بيوت مفككة كان أكثرهم يعاني من مشكلات عاطفية وسلوكية والصحية و اجتماعية بدرجة أكبر من المراهقين الذين كانوا يعيشون في بيوت عادية هادئة كما أثبتت كذلك أن غالبية المطرودين من المدارس بسبب سوء التكيف كانوا أبناء الأسر المفككة كما ظهر عند الأطفال الذين انفصل أبواهم أو طلقا ولم يتوفر لهم العيش ضمن الأسر الكبيرة التي تعوض الأمن والحنان(أسر الأجداد والأخوال والأعمام) ظهر عندهم ميل شديد للغضب ورغبة في الانطواء وعدم القدرة على ضبط النفس .
مما يعني أن لنوعية التعامل السائد في الأسرة والمحيط وطريقة تعامل المربين مع المرحلة وما ينجر عن مظاهرها الإنمائية من سلوكيات تأثير بالغ على شكل المراهقة ، فإن حسن التعامل ووفر الأمن والحنان للطفل جاءت مراهقته طبيعية سوية ،وإن ساء جاءت مراهقته متأزمة ومنحرفة .
لقد توصلت البحوث والدراسات الحديثة التي أجريت حول الموضوع في بيئات مختلفة ارتباطا وثيقا بين المراهقة المتأزمة والمحيط الاجتماعي المتأزم والعكس :
· ففي بحث قامت به "مارجرت ميد "[7] على المراهقة في بيئات قبلية بدائية تختلف فيها النظم الاجتماعية استطاعت الباحثة البرهنة بوضوح على أن المراهق يتأثر بالبيئة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يعيش فيها فقد قارنت حالات مراهقي قبيلة "أر ابيش [8][9]
· وقبيلة " منداغور" حيث يسود الود والعطف والحنان بين أسر" أرابيش"مما يجعل الطفل يعيش بين أفراد أسرته مراهقة هادئة تخلو من العنف والتوتر الانفعالي و العاطفي بينما في قبيلة "مندا غمور "ذات الطبيعة الفظة حيث يسود النزاع والخصام تميزت مراهقة ابنائها بالعدوانية والشطط المفرطين .
· وفي دراسة أخرى أجريت على قبائل "المانجور" البدائية نجد أن شباب هذه القبيلة لا يعانون من أي مشكلة أثناء المراهقة نتيجة قصر الفترة ما بين نضجهم الجنسي والمادي فما إن يبلغ الولد حتى يقام له حفل يحضره راشدوا القبيلة ليتوج في نهايته راشدا بعد أن يسلمه الوالد حمارا وفأسا وقطعة محددة من أرض العائلة ويحدد له ابنة العم التي تناسبه زوجة وقد وافق أهلها على ذالك سلفا ، فيتقبل قَدَرَه مطمئنا وينشغل بهموم الراشدين مطمئن البال .
· أما في قبيلة "تشمبر لي "فإن النمط السائد في المراهقة هو النوع لانسحابي والانطوائي عند المراهقين .
أما في مجتمعاتنا المعاصرة فنلاحظ حدوث هزات لم تكن معروفة من قبل بداية بسبب التحضر وما تفرضه مدة الدراسة والتخصص من قت بين التخرج وبين النضج الجنسي الذي يبدأ من سن 12أو15أو 18 حسب الجنس والمناخ ، وبين النضج الاقتصادي أي القدرة على توفير مستلزمات إشباع تلك الحاجات المترتبة عن النضج الجنسي [10]فتتجذر المعاناة وتتأزم المراهقة
كما كنا نلاحظ فرقا كبيرا بين مراهقة الأطفال الذين يعيشون في أسر محافظة متوسطة الحال يتعايش فيها الأجداد والأحفاد وتطبعها السكينة والمحبة بين الأجيال ، يتابع الكبار فيها مع الصغار بعض هواياتهم التقليدية يبينون الصالح منها والطالح مشجعين للأول ومحذرين من الثاني ، وبين مراهقة من يعيشون في أسر نووية مترفة ، تترك الاطفال في المنزل جل وقتهم بدون ناه نظرا لانشغال الوالدين ، وعدم وجود الاجداد حولهم .
وحتى بعد أن جاء الفتح التكنولوجي وما تبعه من انتشار وسائل التواصل والتقنيات الجديدة بقي المحافظون أصحاب الاسر الممتدة يحوطون أبناءهم بنوع من الرعاية ، يوجهونهم نحو جوانب التكنولوجيا النافعة للتثقيف والابتكار وتفتيق المواهب وشغل الوقت عن التفكير في التغيرات الجسمية وهو ما يخفف من أزمات المراهقة عندهم ، بينما أغرق النوع الثاني أطفاله بالأجهزة التي تسمح لهم بالاندماج بالعالم الجديد من بابه الواسع ، يتابعون وسائل الإعلام والاتصال وما توفره الشبكات الاجتماعية من فرص تبادل المعلومات وتناقل الأفكار والأخبار بعيدا عن عيون الرقباء، مما يسهل الانجراف مع رفاق السوء فتتفاقم الازمة .
ورغم ما قام به اولاء وأولئك فقد تطور التأثير أخيرا بسرعة مذهلة وشيئا فشيئا بدأ يخرج عن السيطرة . لقد قضًت هذه الوسائل أخيرا - وخصوصا شبكات "فيزبوك واتويتر "إضافة إلى اسناب شات وتيكتوك - مضاجع المربين كما هزت مقاعد الساسة وجعلت الجميع أمام تحد آن الأوان أن يقرع له الجميع نواقيس الخطر وأن يدركوا أن الحلول الأحادية لم تعد تجدي نفعا في مثل هذه الحالات فهو تحد يواجه العالم برمته .
-IVدور المربي في تفادي الأزمة
إن تجاهل المجتمع وخصوصا المقيمين على التربية لطبيعة المراهق ومستجدات نموه وما تطرح من تحديات ، بل ووقوفهم في وجه السلوكيات المنجرة عنها بالمرصاد ورفضهم لها جملة وتفصيلا يشكل غلقا للأمل في وجه المراهق ولن يترك أمامه إلا اللجوء للمسارات الملتوية خاصة إذا كان مدفوعا بظاهرة تباعد ما بين النضج الجنسي العقلي والنضج المادي أو الاستعداد الاقتصادي في المجتمعات الحديثة الراقية فالنضج المادي عند الشاب المثقف لا يتم إلا بعد أن يناهز الفرد سن الثلاثين بينما يتم النضوج الجنسي في المناطق الحارة فبل سن الخامسة عشرة وفي المناطق الباردة قبل سن التاسعة عشرة مع اختلاف بين الولد والبنت في تقدير البداية كما يختلف المدى الفاصل من المدينة للريف حيث الحياة سهلة والمطالب خفيفة .
وخلال الفترة الممتدة بين سن النضج الجنسي العقلي والنضج المادي يكون المراهق أو الشاب مدفوعا بحاجات حقيقية لا مناص من تلبيتها بشكل أو بآخر وهو في الوقت نفسه محكوم بحواجز موضوعية من صنع الواقع الاجتماعي لا يمكن القفز عليها، فيثور الصراع الداخلي ،وتتفاقم الأزمة علما بأن هذه الحاجات ليست كلها جنسية كما يصورها البعض بل هي مرتبطة بوضع الفتى أو الفتاة الجديد ضمن عالم الراشدين عموما.
وإذا كان لكل بيئة أثرها المتميز عن الأخرى فإن للفترات الزمنية أيضا تأثيراتها خاصة ، ففترة ما بعد الثورة الإعلامية والمعلوماتية وما توفره الشبكات الاجتماعية وغرف الدردشة من فرص تبادل المعلومات وتناقل الأفكار والأخبار بعيدا عن عيون الرقباء و عن مقاساة الأخلاق والقيم تختلف تجليات أزمة المراهقة فيها عما سبقها فلم يعد أحد بإمكانه أن يحجب معلومة أو يوجهها ، فكل مشترك في هذه الشبكات يستطيع أن يوصل ما يريد للملايين بلمسة زر ، وخصوصا شبكات "الكلوب هاوس " اليوتيب فيس بوك ، اتويتر، اسناب شات " تيكتوك
- VIتوصيـــــــات :
على المربين أيا كان موقعهم أن يدركوا أن المراهق أو المراهقة في هذه المرحلة يحتاج من ضمن ما يحتاجه إلى ما يلي:
§ أن يجد من يفهمه ويساعده في فهم نفسه من خلال تعريفه على مراحل نمو الفرد ومتطلبات كل مرحلة وينبغي أن يؤسس المربي مقولاته علميا ودينيا مع عدم الإسهاب في الموضوع ويستحسن أن يكون بأسلوب الأخذ والعطاء بين الزملاء لا أسلوب الوعظ والتوجيه ، حتى لا يأخذ المراهق موقفا رافضا للاستماع إليه.
§ أن يجد من يستعيد له الثقة بنفسه والمربي يقوم بهذه المهمة من خلال تكليف المراهق بمسؤوليات مختلفة داخل الأسرة أو خارجها على أن تكون متناسبة مع قدراته الجسمية والعقلية والوقتية .
ومع أن المراهق يعتقد أن لديه طاقة لا حد لها يستطيع بواسطتها أن يصنع المستحيل إلا أنه في الحقيقة واهم ، فهو سريع التعب لا يتحمل الإرهاق فينبغي التنبه لذلك .
§ أن توظف طاقته - التي يعتقد هو وجودها – في المفيد لقطع الطريق على توظيفها في غيره ، فتفريغ هذه الطاقة يمثل ضرب عصفورين بحجر واحد حيث يتم التخلص منها والاستفادة من الاندفاع المصاحب لها في المفيد ،فبدمجه في الجماعة وتحميله بعض المسؤوليات يتعود على الاعتماد على النفس شيئا فشيئا فلا يصل إلى مرحلة الرشد وتحمل المسؤوليات إلا وقد أصبح متمرنا على ذلك ، ومن شأنه كذلك أن ينمي فيه روح الاهتمام بالعمل كقيمة في حد ذاته ويتعود على أن الحياة أخذ وعطاء فبقدر ما يعطي الفرد يأخذ.
§ العمل على خلق هوايات مشتركة بين المربين والمراهق تكسبه حبهم وتشعره بأنهم يعاملونه معاملة الند للند مما ينسج تقاربا روحيا وتعاطفا معهم، فأخطر ما يعانيه المراهق هو الإحساس بالوحدة وعدم الانتماء، فهو بحاجة إلى من يبثه شجونه ومن يتفهمه وإذا لم يجده في محيطه القريب فسيبحث عنه في محيط الأقران الذي قد لا يكون نظيفا فيجنح مع الجانحين لتزداد به عصابات الإجرام.
§ قطع الطريق أمام تأثيرات هذه الأزمات بمراعاة ظروف المراهقين وتفهم حاجاتهم النفسية والجسمية والانفعالية التي لا يجدون طريقا لتلبيتها في عالم تغمره الأزمات الاقتصادية والاجتماعية ويعيش الفرد فيه على أعصابه .
§ على المربي المدرس أن يحول الاندفاع الحاصل في هذه المرحلة إلى سلوك إيجابي يخدم العملية التعليمية التعليمية أو أن يقلل من تأثيرها السلبي عليها على الأقل وذاك بإتباع الخطوات التالية :
o تشخيص مظاهر المراهقة لدى المتعلمين فالمعرفة الواضحة والمباشرة بالمراهقين أول خطوة نحو نجاح نموهم .
o تنويع المداخل الدراسية اعتبارا لتنوع ذكاءات المراهقين وأساليبهم المفضلة في التعلم بالاعتماد على أنشطة دراسية تستجيب لمميزات المتعلمين العقلية وتلبي رغبتهم في الخلق والابتكار دون قيود ، إذ كلما كانت هذه الأنشطة متنوعة ومفيدة كلما شغلت تفكيرهم ووظفت الطاقة الزائدة لديهم في المفيد.
o استبعاد أي أسلوب يتسم بالعنف لمواجهة أخطاء المتعلمين إذ أنها ظاهرة صحية وخطوة أساسية من خطوات التعلم الناجح ، ولذلك ينبغي إشعارهم بأنها لا تشكل أي انتقاص من شخصيتهم بل تعطي المتعلم فرصة للمقارنة وترسيخ التعلم .
o الاهتمام بالفوارق الفردية : فينبغي تشجيع كل صاحب موهبة على إبرازها وتثمينها فا البيداغوجيا الفارقية في صورتها الحديثة ، لا تعني استعمال أنشطة تعليمية لتقريب الهوة بين المتعلمين ، بل ترمي في عمقها إلى تمكين كل متعلم من الاستفادة من أنشطة تعليمية فردية وجماعية لتحقيق النجاح في التحصيل الدراسي الذي مرحلة من مراحل تحقيق الذات عند المراهق.
o الاعتماد على بيداغوجيا المشروع التي تمكن المدرسين من جعل المتعلمين يشبعون اهتمامات لا تجد متسعا لها في المناهج ، فقد أثبتت الدراسات أن هذا النوع من الانخراط الفعال يفضي في الغالب إلى نتائج ايجابية.
o تشجيع العمل الجماعي : فهو رغم المعيقات التي تعرقل الاعتماد عليه يبقى أفضل حقل لتدريب الملكات وتشذيبها من خلال احتكاك مباشر في مواقف إنسانية حقيقية .
الخلاصـــــــة :
ومن كل مما تقد م يتبين
أن أزمة المراهقة هي أزمة نمائية فسيولوجية نفسية اجتماعية وثقافية وبيئية اقتصادية .أي أنها تتأثر بمفعول كافة هذه الأبعاد.[11]
أن تفهم الكبار لنفسية المراهق واهتماماته الجديدة ـ التي من ضمنها اهتمامه بالجنس الآخر وتأكيد استقلاليته وإثبات أنه لم يعد ذلك الطفل الذي عهده الوالدان أليفا يتقبل الأوامر بدون إبداء أي اعتراض ـ أمر مساعد في تخطي بعض مخاطر التأزم .
أن عدم التفهم أو التجاهل يزيد الطين بلة ويوسع الهوة ما بينه وذويه أو مربيه ويجعل مهمتهم أكثر صعوبة فهو حساس يشعر بالريبة تجاه سلوكهم وفي الوقت نفسه يحب أن يعرف شعورهم تجاهه وماذا يتوقعون منه مع الرفض التام لما تشتم منه رائحة التدخل في قراره من أي كان.
لقد أثبتت التجارب العديدة التي قيم بها في المجال أ ن ما يسمى بأزمة المراهقة ليس صفة ملازمة لكل مراهق يعبر هذه المرحلة وإنما هي حالة مرضية تصيب مراهقا ما في بيئة معينة تحت شروط اجتماعية و نفسية وتربوية معينة .
- أن التحولات الفسيولوجية المرافقة لمرحلة البلوغ والمراهقة تهيئ الفرد نفسيا للإصابة بهذا المرض لكنها لا تقود بالضرورة إلى أنماط سلوكية شاذة .
- أن نوع التعامل السائد في الأسرة والمدرسة بوسعه أن يخلق من المراهق إنسانا عاجزا منطويا ومعاقا ،أو إنسانا طبيعيا وسويا.
- أن طول مدة الإعداد التي تفرضها حضارة ما تشكل سبباً من أسباب ظهور أزمة مرافقة لمرحلة المراهقة ،- فكلما كانت الفترة التي تفصل بين النضج الجنسي والنضج الاقتصادي أطول كلما زاد إلحاح المشكلة وكلما تقاربا خفت حدتها وخبت جذوتها .
- أن الناحية الجنسية ليست هي المحرك الوحيد للسلوك في هذه المرحلة ، فالحالة التي قد يظهر عليها المراهق من الشرود والنسيان قد يكون سببها مشكلات نفسية أو ضغوط عصبية ،أو عضوية.
- أن التجارب العديدة التي أجريت في المجال تؤكد على أهمية دور التربية والمربي في التخفيف من آثارها بقدر ما استطاعت فهم احتياجات المراهق واهتماماته وتعاملت معه على ضوء ذالك ، فعلاقة الطفل بمربيه سواء أكانوا آباء أم معلمين ، لها تأثيرها البالغ في توجيه النمو الانفعالي عند ه في فترة المراهقة ،وعلى نوع تلك العلاقة بينهم تترتب النتائج سلبية كانت أم إيجابية فقد تعوق العلاقة السيئة نموه الانفعالي ويسلك منعرجا خطير العواقب ، بل وقد يبلغ به النزق أن يبقى سلوكه سلوك مراهق مهما تقدم به العمر ، كما أنها أيضا قد تساعده في النضج السوي والوصول إلى بر الأمان في الوقت المناسب متى ما كانت علاقة محترمة ودية وحنونة
- أن خير وسيلة لذلك هي احتواء المراهق والتفاهم معه على أساس الصداقة والزمالة مع توفير ضروريات الحياة دون إفرا ط أو تفريط ، بل بالتربية السمحة والتوجيه المقنع وتنوير العقل والمجادلة بالتي هي أحسن .
"وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب "صدق الله العظيم
قائمة المصادر والمراجع :
1- القرآن الكريم سورة الجن الآية 6
2- بطرس البستاني /محيط المحيط /مادة رهق / /دائرة المعاجم / مكتبة لبنان / بيروت 1987
3- الدكتور البهي السيد / كتاب الأسس النفسية للنمو /دار الفكر العربي /ط4ص272
4- الدكتور مصطفى فهمي /سيكولوجية الطفولة والمراهقة /مكتبة مصر ط1/صمن 16إلى 176
5- انجلس وبيرسون / كتاب مشكلات الحياة الانفعالية من المراهقة إلى النضج / الشركة المصرية للطباعة والنشر ط1 القاهرة
6- بورني /اتنولوجيا التربية /ترجمة عدنان الأمين /معهد الإنماء العربي /بيروت1992
7- بيار بورني : انتولوجيا التربية ،ترجمة عدنان الأمين ،معهد الإنماءالعربي بيروت1992
8- شبكة النبأ المعلوماتية -الاثنين 16/كانون الثاني/2006
9- عبد الله نحور النظام /فلسفة الدراسات النفسية في عالم المراهق (ترجمة )ص من 11إلى 15/ط1دمشق 87
10- الدكتور البهي السيد / كتاب الأسس النفسية للنمو /دار الفكر العربي /ط4ص275
11- شبكة النبأ المعلوماتية -الاثنين 16/كانون الثاني/2006
12- الدكتور مصطفى فهمي /سيكولوجية الطفولة والمراهقة /مصدر سبق ذكره ص 20
- سورة الجن الآية 6 [1]
[2] - بطرس البستاني /محيط المحيط /مادة رهق / /دائرة المعاجم / مكتبة لبنان / بيروت 1987
- الدكتور البهي السيد / كتاب الأسس النفسية للنمو /دار الفكر العربي /ط4ص272 [3]
[4] - الدكتور مصطفى فهمي /سيكولوجية الطفولة والمراهقة /مكتبة مصر ط1/صمن 16إلى 176
[5] - انجلس وبيرسون / كتاب مشكلات الحياة الانفعالية من المراهقة إلى النضج / الشركة المصرية للطباعة والنشر ط1 القاهرة
[6] - الدكتور البهي السيد / كتاب الأسس النفسية للنمو /دار الفكر العربي /ط4ص275
[7]شبكة النبأ المعلوماتية تاريخ الصدور -الاثنين 16/كانون الثاني/2006 تاريخ التصفح 20َ/4َ/2011
الدكتور مصطفى فهمي /سيكولوجية الطفولة والمراهقة /مكتبة مصر ط1/صمن 16إلى 176 [8]
النظام /فلسفة 15/ط1دمشق 87مصدرسبق ذكره. [9]
بيار بورني : انتولوجيا التربية ،ترجمة عدنان الأمين ،معهد الإنماء العربي بيروت1992ص25ّـ27ّ-[10]
[11] -الدكتور مصطفى فهمي /سيكولوجية الطفولة والمراهقة /مصدر سبق ذكره ص 20
بيار بورني /اتنولوجيا التربية /ترجمة عدنان الأمين /معهد الإنماء العربي /بيروت1992ص 24مصدرسابق
بقلم: أحمد بوداود
بقلم: أحمد بوداود
لا يختلف اثنان على أن تكنولوجيات الإعلام و الاتصال أضحت اليوم إحدى الْقِوَى الْمُحَرِكَةِ الْتِي يُعَوَّلُ عليها كثيرا لإنجاح برامج التنمية الاجتماعية و الاقتصادية ، إقليمية كانت أم وطنية ، و في كافة قطاعات النشاط ، و من هنا تبرز أهمية توجه الجزائر نحو مشروع التحول الرقمي وإحاطته بأهمية بالغة، وبخطى تتماشى مع التطور السريع الذي يشهده العالم في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، تسعى الجزائر إلى مواكبة هذا التقدم من خلال التحول الرقمي، حيث تبنت الجزائر استراتيجيات متعددة لتعزيز الرقمنة في مختلف القطاعات.
يعتبر القطاع الحكومي في الجزائر واحدًا من أهم المجالات التي تشهد تغييرات هائلة نتيجة للرقمنة، من خلال مبادرات مثل “الحكومة الإلكترونية”،والذي استطاعت من خلاله تسهيل الوصول إلى الخدمات الحكومية عبر الإنترنت، الأمر الذي سهل على المواطنين التفاعل مع الجهات الحكومية بشكل أكثر فعالية وسلاسة.
تعمل الشركات على تطوير حلول تقنية مبتكرة لتحسين الخدمات وتعزيز الإنتاجية. ومع ذلك، تعاني بعض هذه الشركات من التحديات ذات الصلة بالتمويل ونقص الكفاءات الفنية، مما يعيق قدرتها على الابتكار والنمو،على الرغم من التحديات، تفتح عملية الرقمنة في الجزائر أبوابًا واسعة للفرص، سواء في مجال تحسين الخدمات الحكومية، أو تعزيز الاقتصاد الرقمي، أو تحفيز الابتكار وخلق فرص عمل جديدة.
التحول الرقمي في الجزائر لم يُعَد خيارًا، وإنما حَتْمِيَةٌ تُمليها التحديات الآنية والمستقبلية، إضافة إلى أنه مسار استراتيجي ومصيري للدولة، له علاقة بكل القطاعات الإستراتيجية واستشراف المستقبليات، وأمام هذا الْرِّهَان الاستراتيجي، علينا التساؤل عن الإمكانيات المادية والبشرية الْمُؤَهَّلَة التي وُضِعَتْ من أجل تحقيق الانتقال الرقمي؟، وإن كنا نمتلك رؤية وَاضِحَةُ الْمَعَالِمِ في مجال التحوّل الرقمي إلى غاية سنة 2030، وهل ما يجري من مشاريع هو استجابة فقط لتحديات آنية أم مقاربة بعيدة الْمَرْمَى والأهداف؟.
إن إنشاء وزارة الْرَّقْمَنة منذ ثلاثة أعوام أعطى دفعة قوية نحو التخطيط الممنهج والعمل المحكم نحو التحول الرقمي، كثير من المشاريع غيرت واقع حياة المواطن، فالوزارة تتحدث عن وجود 400 منصة، لكن هذا الإنجاز يلزمه مرافقة إعلامية بالمستوى الذي يلامس فيه وعي المواطن فالأخير ليس على دراية واسعة بالتحولات الرقمية، ويعود السبب إلى قلة التواصل والدعاية الجماهيرية حول التحولات الرقمية.
لذلك وجب التشديد على ضرورة تحسيس المواطن وتحفيزه من أجل استخدام المنصّات الرقمية، كما يتوجب التفكير في إنشاء منصات رقمية حكومية خارج إطار المألوف من المنصات التي أصبحت تقليدية كمنصتي الدفع الإلكتروني واستخراج وثائق الحالة المدنية..وغيرها، ينبغي على الحكومة اليوم تبني مشاريع أفكار منصات إبداعية تربط المواطن بحاجياته الضرورية والكمالية على حد سواء ولا حدود للابتكار.
يتوجب على الجهات المعنية في الجزائر العمل بجدية على تجاوز التحديات واستغلال الفرص المتاحة من أجل تحقيق تقدم حقيقي نحو مجتمع رقمي أكثر تطورًا وشمولية،في النهاية، يجب أن تكون الرقمنة في الجزائر أداة لتعزيز التنمية الشاملة وتحسين جودة الحياة للجميع، وهو هدف يتطلب تعاونًا فعّالًا بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، ومع النظر إلى المستقبل، يمكن للجزائر أن تحقق قفزة نوعية في مجال الرقمنة إذا ما تمكنت من تجاوز التحديات الحالية واستغلال الفرص المتاحة بشكل كامل.
أحمد بوداود