دعوة للمشاركة

لقد بات "التمثُّل" Représentation مصطلحا يرافق الإنتاج الفكري والثقافي للبشرية، كما يواكب تلقي هذا الإنتاج منذ إرهاصاته الأولية. ولقد ظل التمثل في صلب الاهتمام نظرا لطابعه العرضاني وقدرته على التجدد المستمر. وعموما، يحيل مصطلح التمثل على العلاقة التي تربط الإنسان بالواقع. ومن ثمة إدراج وسيط بالضرورة بينه وبين الواقع الثقافي، من خلال اللجوء إلى وسيلة تتوسط وتربط بينهما. حيث تتجسد هذه الوساطة في لغة مّا أو إنتاج ثقافي، أو رمز أو إبداع أو أي شيء مشترك ... ولذا يمكن اعتبار الأدب والفنون بمثابة أدوات حيوية وظيفتها صيانة هذه الوساطة؛ ومع ذلك لا يمكن حصرها واختزالها في هذه الوظيفة. ذلك أنه من المفروض أن يشكل الأدب والفن أعمالا إبداعية، تقوم بأدوار مستقلة عما تحيل عليه بالأساس، أو تمثله كمصدر للإلهام... غير أن تأويل هذه العلاقة قد يكون أيضا رهين بعملية التلقي، حيث إن النظرة الذهنية التي تتلقى وتتمثل عملا فنيا لا تكون محايدة أبدا.

ومن هنا التساؤل الذي يطرح نفسه حول العلاقة بين العمل والتمثل نفسه. فهل يفيد التمثل نوعا من المماثلة، التطابق، التشابه والتناظر، وربما البحث عن هوية معينة؟

أكد الفيلسوف "دانييل بوغنو" Daniel Bougnoux، في كتابه "أزمة التمثل"، أن «التمثل يستلزم استخراج ترسيمةSchème انطلاقا من مجال معين، ونقلها إلى عالم آخر - تكون أدواته أو دعائمه أو عناصره على وجه العموم أكثر شفافية أو يسهل فيه استعمالها – يوصف بالخريطة».

هذا النقل ونتيجته يمثلان الأبعاد التي يجب بالضبط مساءلتها. فعندما ينخرط المرء في مستجدات الأحداث، ويأخذ بعين الاعتبار تطور المفاهيم والتكنولوجيا، يجد نفسه أمام تساؤل يفرض نفسه وهو لما نعبر عن تمثلاتنا اليوم بنفس الأشكال الكلاسيكية والتقليدية كالتشكيل والسرد أو الحكي، بينما نعيش في العصر الرقمي؟

وتجدر الإشارة أن تأثير الرقمنة واضح ولا يمكن تجاهله، وهو أمر وجب أخذه بعين الاعتبار، حيث ما فتئ يؤثر على التمثل في مجالات مختلفة. وسواء اختار المرء الطريقة التقليدية أم وظّف التكنولوجيات الرقمية في هذه السيرورة، فإن «فعل التمثل ليس فعلا مجانيا واعتباطيا»، كما أكد ذلك "بيير غينونسيا" Pierre Guenancia حيث يضيف قائلا: «لا تتمثل شيئا بغرض إسباغ الحياة على جزء من العالم في المخيال فحسب، [بل إن فعل التمثل] لا يكتسي طابعا "جماليا"، وإنما طابعا "عمليا" لأنه يغير الوعي المتعلق بشيء ويشكل، من ثمة، تحيينا ونشاطا أكبر للوعي بالذات وبالآخرين وبالعالم».[1]

من المهم أن نلاحظ أن الأدوات التي جعلها تطوُّرُ التكنولوجيا رهن إشارتنا قد تشكل أيضا حاجزا. فإشارة "بيير غينونسيا" Pierre Guenancia إلى حكاية الكهف تستحق التذكير بها: «في كل المجالات، قد تفصلنا شاشاتٌ عن الأشياء عينِها أو عن الكائن، شاشات تُخفي عنا الواقع في الوقت نفسه الذي تقدم لنا فيه صورا وتمثلات وأمورا مصطنعة من جميع الأنواع، كما هو الحال في حكاية كهف أفلاطون الشهيرة».

فهل ما جاء به عصر الرقمنة من مساهمات تسهل عملية التمثل أم تجعلها معقدة ؟ وكيف تتجلى الطفرات الناتجة عن الرقمنة في مختلف مجالات اهتماماتنا؟

ذلك أننا نعلم، على سبيل المثال، أن إدماج مفهوم التمثل في علوم التربية، عموما، وفي مناهج التدريس خصوصا، قد ساهم في إزاحة الأساليب التقليدية والانفتاح على ممارسات بيداغوجية جديدة.

ويميز "أندري بوتي" André Petitjean بين التمثُّل والتمثلات، قائلا: «هذا ما يسمح لي بتعريف التمثل باعتبار النشاط السوسيومعرفي، وأضيف الخطابي، الذي يقوم كل فرد بواسطته بتقسيم مواضيع العالم إلى فئات وتأويلها، وتعريف التمثلات باعتبارها إنتاجات الفكر العادي، كما تتجسد في معتقدات الأفراد وخطاباتهم وسلوكياتهم»"[2]. وهكذا فسواء كانت التمثلات سيرورة أم إنتاجات، فإنها وفي الآن نفسه تشكل «حواجز ونقط دعم وارتكاز، يجب على ممارسات التدريس أن ترصدها وتحدد موضوعها وتشتغل عليها»[3].

في هذا المحور، سيجري تقديم عدد لرصد وتحديد موضوع التمثلات داخل أقسام اللغة، وكذا عرض الأدوات التي من شأنها تحليل ممارسات التعليم والتعلم في علاقتها بهذا المفهوم. وفي هذا السياق، سيكون من المشروع التساؤل عن وقع التكنولوجيات الحديثة والرقمنة، لاسيما بعد تجربة التعليم عن بعد التي فرضها سياق جائحة فيروس كرورنا المستجد (2020-2021).

وتفرض هذه التساؤلات نفسها أيضا في مجالات أخرى. فقد عَرَف التمثّلُ في الأعمال الأدبية وما زال يعرف طفرات لا حد لها، سواء على مستوى الشكل أم على مستوى المضمون. فحسب بعض الملاحظين، يؤثر الكتاب الرقمي تأثيرا مباشرا حتى على جمالية نص الإبداع. فقد بات البعد الجمالي موضعَ تساؤل. بيد أن ما نسميه "جماليا" أضحى إشكاليا في حد ذاته. وهنا يؤكد "جون بيير كومتي" Jean-Pierre Cometti أن: «عبارة "جمالية" تشير إلى مجموعة من الممارسات والاهتمامات والتصورات المنتشرة انتشارا متوسطا، وذات الحدود الفضفاضة وغير المستقرة. ومن وجهة نظر نقدية أو نظرية محضة، فإن الدراسات الأدبية والتاريخ والعلوم الاجتماعية واللسانيات والفلسفة، بل وحتى العلوم الطبيعية يمكنها أن تتشبث بمنافعها في هذا المجال، بالتزامن مع طموحها إلى تقديم إضاءات لا يملك أي أحد الحق في التقليل من شأنها من الوهلة الأولى».[4]

يجب التذكير بأن اللغة ليست جامدة وأنّ تطورها يطرح سؤال التمثل في علاقاته بدقة الدلالة. وفي ما هو أبعد من اللغة الواحدة، فإن سؤال الترجمة أيضا سؤال جوهري، لا سيما في ما يخص دورها في نقل التمثلات في عصر العولمة.

وفي ما يخص التمثل، سرعان ما تتعدد المجالات التي علينا أن نسائلها. بيد أنه ومن أجل تحديد موضوعنا تحديدا جيدا، فإننا نودّ أن تركز الندوة الدولية لسنة 2022 على التحولات أو الطفرات التي أحدثها وقع الرقمنة على التمثل.

ونقترح من باب الذكر لا الحصر بعض المحاور:

- الأدب: التمثل بين الإنتاج النهائي والسيرورة والتأثير الرقمي؛

- الديداكتيك: التمثل والممارسات الديداكتيكة الجديدة؛

- الكتاب الرقمي: الاستعمالات والتحولات؛

- التلقي باعتباره تمثلا: داخل الفصول الدراسية وعند مشاهدة العروض و في الفضاء العمومي؛

- السينما والمسرح والتشكيل والتحديات الجديدة للتمثل؛

- التمثل ومواقع التواصل الاجتماعي؛

- تكنولوجيا الإعلام والاتصال في التدريس: الرقمنة وأثرها على التلقي؛

- الترجمة ونقل التمثلات؛

- التربية وبناء التمثلات؛

- ...



[1] Guenancia Pierre, (2015). Le regard de la pensée. Philosophie de la représentation, PUF, Paris.

[2] Petitjean André, (1998). La transposition didactique en français. In: Pratiques : linguistique, littérature, didactique, n°97-98, pp. 7-34.

[3] Halté Jean-François,(1992). La didactique du français, Paris, PUF, Collection « Que sais-je ?».

[4] Cometti Jean-Pierre, Art, représentation, expression, PUF, 2002.



صيغ تقديم اقتراح المداخلات

تحدد مدة المداخلات في عشرين دقيقة. ويجب أن ترسل مقترحات المداخلات حسب المواصفات التالية:

- لغات الندوة: العربية والفرنسية والإنجليزية؛

- ملف وورد، يتضمن اسم المؤلف وانتماءه الأكاديمي، ومعلوماته كاملة، وعنوان المداخلة، والكلمات المفتاح، وملخص من 500 كلمة، ونبذة مقتضبة عن حياة المؤلف؛

- علاوة على الباحثين والأساتذة الجامعيين، ترحب الندوة الدولية بمشاركة طلبة الدكتوراه لتقديم مشاريعهم سواء على شكل مداخلة أم على شكل ملصقات.

- ستنطلق إجراءات نشر أعمال الندوة في شهر أبريل 2022 وسيتوصل المشاركون بخارطة طريق هذه المحطة.

- إرسال المقترحات على العناوين التالية:


samira.dlimi@ens.um5.ac.ma ; abdellah.baida@ens.um5.ac.ma ; baidabdel@yahoo.fr


تواريخ مهمة


- 05/08/2021: بداية استقبال مشاريع المداخلات عبر البريد الاليكتروني.

- 30/11/2021: آخر أجل لتقديم مشاريع المداخلات.

- 15/12/2021: إبلاغ المشاركين بقرارات المشاركة.

- 30-31/03/2022: انطلاق وتنفيذ أشغال الندوة.

تكلفة المشاركة

بناء على طلب بعض الزملاء ، تم تمديد المواعيد النهائية لسداد رسوم التسجيل

حتى منتصف ليل الثلاثاء 22 مارس 2022.

الطلبة: 400 درهم (40 أورو)

آخرون: 900 درهم (90 أورو)

ويغطي هذا المبلغ مصاريف الوثائق، وتكلفة وجبات الغداء والاستراحة.


:طرق الأداء

يجب دفع رسوم التسجيل في حساب المدرسة العليا للأساتذة بالرباط على كشف الحساب البنكي أدناه ، قبل تاريخ 15 مارس 2022.

.يجب إرسال إثبات الدفع للمنظمين

.هذا الإعلان مخصص للمتدخلين غير طلاب الدكتوراه

سيتم نشر إشعار خاص بطلاب الدكتوراه قريبًا.



كشف الحساب البنكي: 310810100002470062690193




اللجنة التنظيمية


  • عادل الأزهر

  • عبد الله أزور

  • عبد الله بيضاء

  • سميرة الدليمي

  • سناء بوربيع

  • مليكة الداخش

  • عبد الحميد الجملي

  • عبد السلام فراتي

  • عز الدين حمدان

  • جهاد كرامي

  • لحسن مادي

  • عبد الله سلمي

  • سهام يكرب

  • ازويتي نعيمة

  • سناء بوربيع

منسقي الندوة الدولية - اللجنة العلمية

منسقي الندوة الدولية: عبد الله بيضاء وسميرة الدليمي

اللجنة العلمية:

- رشيدة أزدوز(جامعة مونريال – كندا )

- عبد الله بيضاء (المدرسة العليا للأساتذة – جامعة محمد الخامس – الرباط)

- جوليانا بيرتوتشي باربوزا (الجامعة الفيدرالية ل تريونجيلو مينيروــ البرازيل)

- فالدير هيتور بارزوطو( جامعة ساو باولوــ البرازيل )

- محمد الشيكر (المدرسة العليا للأساتذة – جامعة محمد الخامس – الرباط)

- سميرة الدليمي (المدرسة العليا للأساتذة – جامعة محمد الخامس – الرباط)

- مليكة الداخش (المدرسة العليا للأساتذة – جامعة محمد الخامس – الرباط)

- عبد الخالق جيد (جامعة ابن زهر – أغادير)

- عبد الحميد الجملي (المدرسة العليا للأساتذة – جامعة محمد الخامس – الرباط)

- ثريا فيلي تولون (جامعة ليون 2)

- بيرينيس حاميدي كيم (جامعة ليون 2)

- أنطوان قطار ( جامعة بيكاردي جول فيرن)

- عبد الواحد مبرور (جامعة شعيب الدكالي – الجديدة)

- لحسن مادي (المدرسة العليا للأساتذة – جامعة محمد الخامس – الرباط)

- كريستينا بوتيت لامبير (المدرسة العليا في مقاطعة نامور بلجيكا)

- مصطفى الطرابلسي (كلية الآداب والعلوم الإنسانية – جامعة صفاقس – تونس)

- ايفانجيليا موسوري (جامعة ارسطو في سالونيك-اليونان)