الحاج رحيم عبد الرزاق الاسدي

نشأته وولادته

من بين تلكم الربوع الخضراء التي كانت يعطرها أريج العنبر من جميع الجهات...

وعذريتها التي لم يطمثها أنس ولا جان وتلك الأجواء الصافية النقية التي لم تلوثها ملوثات البيئة والحروب...

ومن النخيل الباسقات عماتنا المعطيات ,ومن بين تلك البيوتات الطينية النائمة على ضفاف نهر الفرات والغافية بمهاد الأمن , والمسرات والحالمة بالمطامح الصادقات والهائمة بالأماني الباقيات والماضية إلى أجَل الغايات بصباحات الآراء الصالحات.

من مدينة الناصرية ولن أقول رجما بالغيب لو قلت إنها هي مبدأ الحضارات...

من تلكم المدينة ولد الشيخ (أيده الله بفيوضاته) في محافظة ذي قار- قضاء سوق الشيوخ - منقطة كرمة حسن عام 1964م.

التحصيل الدراسي:

درس الشيخ رحيم الاسدي الدراسة الابتدائية في ناحية العكيكة انتقل مع عائلته إلى قضاء( الجبايش) حيث موطن عشيرته بني أسد (المواجد)مطلع عام1970, مما زاده تعلقا بالطبيعة الخضراء الممتدة امتداد هور الحمار والذي كان ينبوعا للعطاء والتنمية للمواهب والمحفز للملكات حيث الأجواء التي تتناغم مع الفطرة والذات ,كان الشيخ (أيده لله بفيوضاته)من عشاق ليلة القدر وإحيائها قبل بلوغه سن التكليف لما أتاحته له البيئة الجميلة والنفوس اللطيفة التي تسلك إلى ربها ذللا في معاملاتها وعباداتها الفطرية والتي اتخذت من الرسالة العملية جملاً في السير إلى الله تعالى وتنتهل من مناهل المنبر الحسيني الذي كان متكأًً تتكئ علية كل الإخوة الإيمانية زمراً زمراً.

فكان شيخنا ربيب المنبر الحسيني منذ نعومة أضافره حيث يسعى جاهدا إن يكون له مقعد صدق عند خدمة الإمام الحسين ( عليه السلام) فيدور مدار فلك مؤسسيها من جهة حتى تأسست عنده روح الخدمة فصارت جوانحه دائرة مدار خدمة محمد وال محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) وقائميها من جهة أخرى حتى تقوم بقوام العشاق.

كان يقول دائما إني اتخذت من قول أمير المؤمنين(عليه السلام) أساسا في خدمتي حيث يقول: ((من اشتاق خدم ومن خدم اتصل ومن اتصل وصل ومن وصل عرف )).

فالخدمة نتيجة مقدمتها الاشتياق والشوق لا يأتي إلا عن الحب كونه جذبة من جذبات المحبة فالشوق قمة الحب واللوعة قمة الشوق والهيمة قمة اللوعة .

ومن الخدمة ما هي متصلة وما هي غير متصلة فكل خدمة مقدمتها الاشتياق متصلة بمحمد وال محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) لذا كانت هي فيض المعرفة والخدمة التي لا تكون مقدمتها الاشتياق فهي منفصلة عنهم .

أكمل دراسته المتوسطة في ثانوية الجزائر وثانوية جرير في قضاء( الجبايش)

الحالة الاجتماعية والبساطة في الشخصية :

الشيخ متزوج وله طفلة واحدة اسماها(زهراء)حبا باسم من أزهر الكون بنورها المبارك فاطمة الزهراء (عليها السلام).للشيخ أخوان هما ( أبو علي) وهو الأخ الأكبر (وأبو أمجد) وهو الأخ الأصغر.

بنيت شخصيته بناءا اجتماعيا بحكم تربيته العشائرية والدور الاجتماعي لعائلته.

كما إنها بنيت بناءا دينا بحكم ملازمته للمنبر الحسيني منذ طفولته كمستمع بميزان الاستماع (الأتباع والموعظة) ثم مرحلة المتعلم بميزانه ( بالجهد والرغبة ) إلى إن حصل بسيره العملي على مقام العالم بميزانه ( الزهد والنصيحة) فزهد كل (لا إله) إلا في الله ونصح كل( لا إله) في الله.

بري بوالدي أوصلني الى رحمة ربي :

أتذكر إني سألته يوما عن سر إفاضته بالمعارف التي كان يملأ يومنا بها فيغدو روحا وريحان وجنة نعيم فلا نعبأ بضيق السجن وهمومه فأجابني قائلاً بري بوالدي أوصلني الى رحمة ربي .

كان بارا بوالديه الى حد انه يفعل لهما ما يفعل لنفسه في السر والعلن فقد كان يقوم بتطهيرهما بيديه بعد قضاء حاجتهما في( دار الخلاء) ويباشر تنظيفهما في الحمام وغير ذلك من أفنان البر وعواطف الرحمة.


أضرحة أهل البيت(عليهم السلام) مأواه الروحي :

من المعالم البارزة في شخصيته منذ شبابه والى هذه اللحظة انه كثير الزيارة لمراقد أهل بيت الرحمة (صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين) فكلما اشتاق إلى أضرحة الأئمة (عليهم السلام) انطلق من حيث هو لا تقيده العساكر ولا الدساكر كما يقولون , إما في فترة السجن فقد كان يزورهم يوميا من بعد فقد كان يزور بزيارة الجامعة الكبيرة وعاشوراء ووارث ومنذ إن عرفته طيلة فترة السجن لم أتذكر يوما انه اغفل زيارتهم (عليهم السلام) بل كان مواظبا عليها وبصورة عجيبة ثم يأخذ بشرح بعض المقاطع منها وما زالت شروحاته الروحية للزيارة وغير الزيارة في مخيلتي تداعبها كأنها النسيم البارد في حر الصيف!.

يوم الجمعة وصلة الرحم :

يوم الجمعة مخصص لزيارة أرحامه فهو دوار بالمحبة لا يفرق في صلته لرحمه فيمن يحبه أو يبغضه فانه يزور الكل ويقول: (هم في الصلة سواء) حتى من كان (زعلان أو غاضب عليه) فانه يزوره ويحاوره.

له قصص واقعية بالموعظة الحسنة والجدل الأحسن مع عامة الناس وخاصتهم وحتى مع الوهابية وقصة أستاذ جلال الذي استبصر على يديه وقد أثرت كل قصصه بمن كانوا شركاؤه فيها فصلحت أحوالهم كون التعامل تعاملا روحيا مؤثرا في تصريفاته وله أسلوب في الحوار لا يقاوم وجاذبية ملكوتية ينجذب إليها من ناقشه وحاوره .

الانتظام والموزونية هي السمة البارزة في حياته :

ان الحلم والعلم والحزم أمور متلازمة لا فراق بينهن عنده...

فالتنظيم سمة بارزة في كل مجالات حياته اليومية حيث كان منتظما في جميع حالاته الدينية والاجتماعية وكان يقول: لو رفع النظام عن الكون فماذا سيحدث¿ فمن رفع النظام عن يومه رفع بالتالي عن اسبوعه ثم شهره وسنته وعمره!!! وعليه فانه يعيش حياته في فوضوية واضطراب.

كان دائما يقول:إني أحب هذه الأشياء الأربعة حبا عمليا وهي:

الشكر والذكر والصبر والفكر لأنها سنة الانبياء والأوصياء والعرفاء والعلماء.


عود على ذي بدء:

اسمه الكامل رحيم عبد الرزاق عطشان ضباح عشيرته المواجد وهي من عشائر بني أسد سكن سوق الشيوخ - ناحية العكيكة - كرمة حسن - ثم سكن الجبايش - قرية المواجد عاش في هور الحمار بين البردي والقصب في التسعينات شهر التاسع 1994م سجن وحكم عليه 15سنة وما جريمته إلا إن قال أمنت بمحمد وال محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) كان الإيمان في دولة الطاغوت جريمة يعاقب عليه القانون ومكث في السجن سبع سنين لم يكمل الدراسة الأكاديمية ولم يلتحق بأي جامعة أو مدرسة دينية أما العلوم التي لديه فهي فيض ناتج من التطبيق العملي والعلمي للرسالة العملية حيث تربى على دساتيرها وهو في فترة الفتوة والصبا واستلهم معالم أهل البيت ( عليهم السلام ) من المنبر الحسيني حيث كان من عشاقه واللائذين تحته والمستمعين اليه.

كان بارا بوالديه وأكرمهما كما ربياه صغيراً وهذا العامل من العوامل التي أفاضت عليه بالحكمة والمعرفة.

كان عاشقاً للصحيفة السجادية الرشيدة والأدعية العلوية والقران الكريم منذ بدايات شبابه.

يمتاز بالعشرة الحسنة والمداراة مع آفاقه وكانت هذه المعاملة عاملا مهما في تميزه بالمعارف والتأثير في الناس.

العوامل والأسباب التي توجب الفيض:

وعندما سال عن العوامل التي أوصلته الى الكشف والفيض أجاب قائلا ان العوامل عديدة لكن يمكنني ان أقول هنا إجمالاً:

ان ما يذيب المادة هي سبعة عوامل من عمل بها تحول من مادة الى طاقة بشرطها وشروطها ومن شروطها الإخلاص والتسليم

فالعامل الاول : البكاء من خشية الله تعالى

العامل الثاني : تلاوة القران الكريم .

العامل الثالث : قراءة أدعية الليل وأدعية النهار وأدعية السحر في صلاة الليل ولاسيما في ركعة الوتر .

العامل الرابع : بر الوالدين حيين وميتين.

العامل الخامس: صلة الرحم والإحسان إليهم.

العامل السادس:تعظيم حقوق الأخوان وحسن المعاشرة مع كل الناس وتحمل أذاهم.

العامل السابع : زيارة أهل البيت (عليهم السلام ) من قرب أو بعد خصوصا الإمام الحسين (عليه السلام) وذكر مصيبته والبكاء عليه.ان هذه العوامل تذيب المادية المتأصلة في النفوس وتزيل الأدران والأرجاس مما هو من ذمائم الأخلاق ,حينها يرى العبد حقيقة نفسه بعد طهارتها في عالم من القدسية تحلق في واحات القبول الكريم والرضا العظيم فتكون النفس سبوحة في المعالم الروحية .

واعلم ان المعارف الإلهية لا تحصل إلا إذا أذيبت المادية في النفس ولا تذاب المادة إلا باستثمار الطاقة الكامنة فيه. وعلى سبيل المثال فالعامل لا يحمل أي ثقل من قبيل (كيس طحين) ما لم يجرد نفسه ماديا بطاقة تساوي كتلة (الكيس طحين)عندها يستطيع حمله وبكل سهولة...هكذا الأمر بالنسبة للمعارف فالصلاة كبيرة بماديتها ومعنوياتها لذا لا يحملها إلا الخاشعين لأنها تجردهم من ماديتهم وتحولهم الى طاقة يحملون بها الصلاة نعم كل بقدره التجردي انتهى كلام الشيخ أيده الله

التأليف والغاية من وراءه :

سالت الشيخ وفقه الله تعالى لمرضاته وفيض آياته عن بداية رحلته مع التأليف وما هو الهدف والطموح الذي يكمن من وراء ذلك ؟

فأجاب : ان قصة الكتابة والتأليف بدأت معي عند بداية الفيض الروحي والمكاشفة والشهودات التي حصلت لي في السجن عام 1997 فكتبت في السجن تقريبا 50 سجلا فئة 200 صفحة وقد بدأت مطلع 2001م بنشر هذه البحوث التي تجمع في طياتها معالم كثيرة ولكن المشكلة التي كنت أعاني منها هو طباعتها ونشرها فدور النشر لا تحسن نشر أي فكر للأسف إلا ان يصب في بودقتها الفكرية, لذا لجئت الى المطابع الأهلية .

أما هدفنا وطموحنا هو هدف كل مدرسة فكرية فان طموحها هو ان تطرح فكرها للخدمة العامة من جهة والخدمة الخاصة من جهة أخرى .

وأخيراً أقول:

قد افرد احد الأخوان من أهل العلم حوارية خاصة بسر الفيض والعلوم ومبانيها وكيفية حصولها لدى الشيخ (أيده الله)

وسوف ننشرها على الموقع بعنوان سر معرفة الشيخ (أيده لله) وعلومه التي لم تكتسب عن طريق التحصيل الدراسي .