المدرسة الابتدائية- حسين ياسين- عرابة

لغتنا معزوفة العزّ والفخار، ولحن الوتر الذي يحرّك المشاعر، ويدغدغ الروح في أعماق أعماقنا

لوقع كلماتها صدى المجد، وترنيمة الحلم الجميل

ما أجمل حروفها حينما تحمل الحركات، وكلماتها حينما تنسج الجمل، وجملها عندما تفيض بالمعنى، وتنشر عبق التاريخ، وتطفح بعظيم الحضارات على مرّ العصور

ما أعظمها وهي الوعاء الذي حفظ لنا الإرث الحضاريّ الذي عليه ترتكز كلّ التطوّرات

لغةٌ تفوح بعطر المشاعر، وعذوبة الشعر، وبوح الشجن...هي أوتار الروح، وأنفاس الورد... هي نسمة الفجر المبشر بالميلاد، ولون الأصيل الذي يرسم أوجاع البشر على صفحة المساء، ليسافر ويلقي بها في بحار الغيب على أمل اللقاء بفجر يبشّر بالخير.

لغتنا سرّ بقائنا، تحفر في جذور الأرض وتبرعم أملًا أخضر فوق التلال والروابي، وتنثر الجنى والغلال على بيادرنا، وتملأ الدنان بمؤونة الخير والبركة.

أردنا ان نحتفل بها، وما أجمله من احتفال! حينما تنطق جدران مدرستك وساحاتها بلغة الضاد، وتتزيّن بصور مَن أخلصوا للغتهم؛ فخلّدتهم، ومن غرسوا أرواحهم في صفحات الكتب، وغزلوا من أفكارهم نسيج حضارة لا يمكن أن تندثر

أنشدنا أشعارهم، وردّدنا ما تركوا من حكم؛ فتعانقت على أصواتنا طيور السنونو المعشّشة في الزوايا، تسترق السمع، وتمايلت ذوائب الأشجار طربًا وفخارًا

أمّا طلابنا فأبدعوا برسوماتهم المعبّرة عن محبة اللغة، ولوحاتهم الناطقة بأجمل ما كتب من شعر، وأمثال شعبيّة، وحكم...رفعوها لتعانق غيوم السماء، وردّدوا كلماتها طربا.صمّموا الألعاب التعليمية، وقادوا دفة السفينة، في الحصص، تعاونوا وتآلفوا تحت لواء اللّغة... وشعرنا أنّنا في مأمن من أيّ شرّ، طالما هناك لغة عربيّة نستظل بظلّها، وننعم ببركتها وقدسيّتها

دمتم ودامت راية لغتنا العربيّة خفّاقة!"