كلمة مدير المدرسة : الخروج لعطلة امنة مفيدة وممتعه

תאריך פרסום: 10:04:11 18/06/2013

ها نحن قد أصبحنا في فصل الصيف، الذي يتسم بالحرارة وانتهاء السنة الدراسية وأوقات الفراغ الطويلة، وخروج الأبناء في عطلة صيفية ، وهي اسم في لفظه ومعناه، واشتقاقه اللغوي مأخوذ من العطالة والعطل، وهو الخلو من الزينة في أصل اللغة،وهو هنا خلو عن العمل الجاد والانتفاع المثمر، والاستثمار الهادف للطاقات المختلفة المتنوعة كلها في وقت طويل وأيام عديدة ممتدة مما يجعل فيه الخسارة واحتمالات الضياع والتعرض للمخاطر إذا لم نحسن برمجته وتنظيمه وكارثة إذا ما القينا الحبلعلى الغارب وتركنا الأبناء بلا ربان ولا بوصلة ولا خريطة.

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ) .

وقالَ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ كذلك:

"لا تزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عنْ أربع ٍ عنْ عُمُرِهِ في ما أفناهُ وعنْ جسدِه في ما أبْلاهُ وعنْ مالهِ مِنْ أيْنَ أخذهُ وفي ما أنْفَقَهُ وعنْ عِلمِهِ ماذا عَمِلَ بهِ"

إنها عطلة يمكن استغلالها أو تبديدها, استغلالها في تنظيم العديد من الأمور التي تراكمت وإصلاح العديد من الأشياء التي ظهرت وتنفيذ العديد من المهمات التي تكدست أو تبديدها في أمور عشوائية وأفعال وخواطر غير مدروسة وتنتهي دون أن يدركالإنسان أن ما يضيعه إنما هو جزء حقيقي مهم من عمره وحياته، وأنه يبدد من رصيده، ويفني من كنوزه ما قد يكون أقل القليل منه موضع ندامة وحسرة شديدة وأكيدة وعظيمة في وقت لا ينفع فيه الندم.

إن في العطلة الصيفية من المخاطر ما يؤرق بال الأهل الذين يضطرون إلى الخروج لعملهم والقلق على وجود الأبناء وخاصة الصغار في البيت لوحدهم دون رقيب أو في خروجهم للعمل في المرافق العامة والخاصة وفي رحلاتهم ومخيماتهم وزياراتهموهم في بدايات الانخراط في المجتمع المليء بالمتناقضات والمفاجآت .

لا يخفى على أحد منا ما يحصل في هذه العطلة من حوادث ومآسي ومصائب تتكرر على مر السنين فلماذا لا نعقل ونتوكل ونسعى إلى التخطيط لها وبرمجتها بصورة تشمل جميع الجوانب وتحقق مزيداً من الأهداف الشخصية والعائلية والاجتماعية؟

لماذا نترك الحبل على الغارب ونحن ندرك المخاطر الكامنة في ذلك ونفضل المراهنة على مصير الأولاد ونتعامل مع كل ذلك بالبرود واللامبالاة ونبرر ذلك بالسؤال التقليدي ماذا بوسعي أن أفعل؟

البعض منا يقول بأن الأبناء قد جهدوا من الدراسة والعلم والتعليم والالتزام ويحق لهم الراحة بعد التعب والاستجمام والترفيه والتسلية والمتعة.

كل هذا صحيح ولكننا نستطيع ذلك كله ولكن بحدود وضوابط ورقابة , فالسواد الأعظم منا يتوجه إلى عمله بينما يترك الأبناء في البيت وبعضهم صغار فما الذي يمكن أن يحدث على جميع الأصعدة؟؟؟ وما هي الأمور التي يجب أن نتيقظ لها ونحسب لهاألف حساب؟؟؟ وما هي المخاطر التي يمكن أن تحل بنا وعلينا إذا لم نتدبر الحال ونعمل على توفير عطلة آمنة لأبنائنا؟

تتعدد المخاطر وأولها خطر الغرق وخاصة في الأماكن الغير خاضعة للمراقبة وفي رحلات الشباب الصغار المرتجلة والغير مدروسة. وكذلك مخاطر حوادث الطرق بما فيها ركوب الدراجات وعدم الحذر في تعاملنا مع الطرق وقوانين السير وتعليماتالمرور ومخاطر اللعب في الشوارع.

وكذلك مخاطر التعرض لحالات السقوط من أماكن مرتفعة كالنوافذ والأسطح والشرفات والأشجار والهضاب والجبال. بالإضافة إلى احتمالات التعرض للدغ العقارب والأفاعي والكلاب في فصل تنشط فيه هذه الزواحف والحيوانات, وحالات التسممومخاطر الأجسام المشبوهة وضربات الشمس وضربات الكهرباء واستعمال الأدوية بدون رقابة والأجهزة الكهربائية في تحضير الأكل أو تشغيل أدوات كهربائية من قبل الأطفال, وحالات العنف وتجمعات الشر وأطلاق النيران ورفاق السوء والاستغلالالجسدي والمادي للقاصرين في حالات تواجدهم بمفردهم في البيوت أو الأماكن العامة أو المشبوهة, ومخاطر أخرى عديدة تقع في دائرة الاحتمال في هذه العطلة. إن أول ما يجب أن نهتم به أن يظل الأبناء في دائرة الضوء بعيداً عن كل ما يمكن أنيعرضهم إلى مثل هذه المخاطر وكلنا نعلم ما في الفراغ من مفسدة.

ولهذا علينا القيام بالتخطيط للعطلة ووضع برنامج واضح ومدروس يرتب وينظم أوقات الأبناء حتى في لعبهم وراحتهم وتسليتهم ولا يكونوا في مرتع بدون رقيب ولا حسيب ويقوموا بعمل ما يحلوا لهم وهم كما نعرف لديهم حب الاستطلاع وحب المجازفةوالتجربة والبعض في مراحل الطيش والمراهقة والتهور والتحدي والاندفاع وحب الظهور والمخاطرة بما لا يدركون عِظمه ونتائجه القاسية المريرة!, ومن بين الاقتراحات أن ينضم الأبناء إلى مخيمات صيفية يتم اختيارها بحسب مستواها ومضامينهاومستوى الأمن والسلامة والاطمئنان فيها

كما يمكن بناء برنامج التزام ذاتي في البيت واقترح أن يهتم أولياء الأمور مع الأبناء في الاهتمام المبكر بشراء الكتب المدرسية أو توفيرها ليكون من جملة برنامج العطلة التحضير والتهيئة والإطلاع على المواد التي سيقابلها خلال السنة القادمة وتكونفرصة كبيرة له للتقدم والتميز والتي ستعطي ثمارها في ما بعد.

" لا نهوض لأمة ولا سعادة لشعب الا بالعلم والأخلاق الفاضلة "

أتمنى للجميع عطلة صيفية آمنة مفيدة وممتعة

والعودة منها إلى المدرسة بنشاط وجد واجتهاد وسلام

بأحترام

أسامه الهيب

مدير المدرسة الأعدادية