لا تنازعه الملك، بل امنحه العرش.. ارفع له السقف ودعه يُحلّق.. ثم حاسبه على النتائج! كل ما عليك فعله هو أن تحسن الاختيار من البداية وتتأكد من أنك استقطبت الكفاءة واستهدفت الشغف الممزوج بالطموح.. وأنك شرحت الرؤية وبيّنت معالم الطريق.. وبنيت لوحة مؤشرات أداء صارمة.. ومنحته المساحة والوقت..
ثم ماذا؟!
اجلس في مقاعد المتفرجين تارة.. وتارة على دكّة المدربين.. انتفض حماسًا مع كل خطوة.. صفّق للعبةٍ جميلة.. اصرخ مع كل هجمة كادت أن تكون هدفًا محققًا في المرمى.. وجّه بثقة، وبّخ بحُب، اغضب بلطف، ذكّره أنك ترى الصورة من الخارج، من الأعلى.. من زاوية قد تغيب عن عينيه الواعدتين.. وكن على ثقة أن الطموح المتفاني لا يضيّع الفرصة.. وإن ضاعت ثابر حتى يعوض الخسارة سريعًا وبإصرار أكبر.
ابقِ على شعلة الحماس بداخله متقدة.. حِفّ قلبه بيديك حتى لا تهدأ ثورته ويستكين اندفاعه، حتى لا ينطفئ وهج فكره، وحتى لا يفنى إصراره.. احترم عقله، ليمنحك عصارة جهده..
بذلك ستكون قد أسست لبيئة عمل تحثّ على التطوير وتبنّي الأفكار الخلاقة.. بلا عقاب.. أو خوف وريبة..
هذا هو دور القائد الحقيقي.. تعزيز موارد الطاقة في بيئة تدفع إلى الابتكار.. وهذا هو العامل الأسمى في نجاح المنشآت الحديثة.
واهمٌ القائد الذي يعتقد أن النجاح يولد من رحم أفكاره وحده.. واهمٌ ألف مرة من ينازع لاعبي فريقه الأمجاد.. أو من يشعرهم أنه ينافسهم في العلن.. أو أنه شبح لعدوِّ لئيم يتربص بهم في الخفاء.. أو أنه يمسك لهم بالعصا، متوعدًا كل من يخرج خارج حدود الصندوق.. الذي غدا قبرًا للطموح والأفكار والمواهب.
لخّص ما سبق، وارسم بقلم رصاص على ورقة كل ما ورد، وستتّضح لك ملامح القائد الفطن في هذا العالم المضطرب.. وستعرف حينها كيف تمسك بخيوط النجاح وتصنع صرحًا قويًّا غير قابل للانهيار وسط زلازل السوق وتصدعات المنافسة الشرسة.