قوله: (احتمالات سبعة) وهي النقوش والمعاني أو الألفاظ والمعاني أو الجميع واختار منها الألفاظ الدالة على المعاني وذلك لأنها هي التي يمكن الإشارة إليها من كل أحد من غير توقف على شيء بخلاف النقوش فلا يتأتى الإشارة إليها من الأعمى لعدم حصولها منه والألفاظ الخارجية أعراض تنقضي بمجرد النطق بها والمعاني تتوقف على الألفاظ.
قوله: (استعارة تصريحية) أي: تصريحية تبعية وإنما كانت الإستعارة فيه تبعية لا أصلية لأنه ليس باسم جنس لا تحقيقا ولا تأويلا لأن معناه جزئي وأيضا أصالة الإستعارة تتوقف على أصالة التشبيه أي: على جريانه في نفس مفهومي الطرفين وهذا لا يتصور إلا فيما يصلح لأن يكون موصوفا ومحكوما عليه لسبب الاستقلال في الانفهام ومفهوم اسم الإشارة ليس كذلك لأنه محتاج إلى ضم ضميمة المشار إليه حتى يتم انفهام ذلك المفهوم منه وإذا كان كذلك فلا يتصور فيه التشبيه ولا الاستعارة أصالة فلابد أن يعتبر التشبيه أولا في كليات المعاني الجزئية ثم يعتبر سريان التشبيه منها إليها فتبني الاستعارة على التشبيه الحاصل بالسراية فتكون تبعية ففي استعارة لفظ هذا محنا للمعقول نعتبر تشبيه المعقول مطلقا بالمحسوس مطلقا في قبول التمييز والتعيين ثم نعتبر سريان التشبيه من الكلي للجزئي فنستعير لفظ هذا الموضوع للمشبه به وهو المحسوس الجزئي الذي سرى إليه التشبيه من كليه للمشبه وهو المعقول الجزئي الذي قصد المبالغة في بيان تعينه فتكون الاستعارة تبعية كاستعارة الحرف.
قوله: (لإخراج المشاهد إلخ) تحصل منه أن في كل من المشاهد والمحسوس جهة عموم وجهة خصوص فتخص جهة العموم من كل منهما بجهة الخصوص من كل منهما فالجمع بينهما حينئذ مما لابد منه وليس أولى بالتقديم في هذا المقام ثم إن المراد بالمحسوس المحسوس بأي حاسة كانت فيشمل المحسوس بحاسة الشم كرائحة الورد فإطلاق لفظة هذه عليها في قولك هذه رائحة حقيقة وكذا يشمل المحسوس بحاسة السمع كهذا صوت وفي عبد الحكيم على المطول المراد به المحسوس بحاسة البصر فقط فقولك شممت هذه الرائحة مجاز وكذا قولك سمعت هذا الصوت.
قوله: (من كسب) أي: معاناة في تحصيله فما حصل من غير معاناة كالهبة والميراث وكالإلهامات لا يسمى فائدة وفي كلام بعضهم ما يفيد أنه يسمى فائدة وليس الولد من الفائدة أفاده الدسوقي.
قوله: (والحكم عليها إلخ) لا حاجة لهذا فإن الشارح بصدد بيان المعنى اللغوي فلا يتوجه عليه شيء حتى يحتاج لدفعه.
قوله: (أي: عرف العلماء إلخ) تعرض لبيان المجرور ولم يتكلم على مجموع الجار والمجرور وحاصل الكلام عليه أن قوله وفي العرف معطوف على قوله في اللغة وقوله هي المصلحة معطوف على قوله ما حصلته وحينئذ ففيه العطف على معمولين لعاملين مختلفين وهما الابتداء والمبتدأ وهو ممنوع وحاصل الجواب أنا لا نسلم أن العطف المذكور هنا ممنوع لأن محل الامتناع إذا لم يكن أحدهما مجرورا سلمناه مطلقا لكن لا نسلم اختلاف العاملين هنا بل هو واحد لأنه المبتدأ المحذوف أي: وتفسير الفائدة وذلك لأن العامل في الحال هو العامل في صاحبها وحينئذ فالخبر والحال كلاهما معمول لعامل واحد وهو المبتدأ وهذا بناء على أنه من عطف المفردات أما على أن العامل في قوله في العرف محذوف أي: والفائدة في العرف والعطف من عطف الجمل فالأمر ظاهر.
قوله: ((للتقييد) أي: لا للتعليل كالتي في قولك النار من حيث إنها حارة مسخنة أي: هي مسخنة من أجل حرارتها فهذه الحيثية كاللواتي بعدها للتقييد في قوة قولنا باعتبار فتفيد أن هناك أمورا محترزا عنها ولذا أتى ببيان الحيثيات الأربع لأن الحيثية قد تكون لبيان الإطلاق كقولنا الإنسان من حيث إنه إنسان جسم وقد تكون للتعليل كما تقدم وكثيرا ما يستعملها المصنفون في مقام التفسيرر والمعنى هنا أن الفائدة هي المصلحة المترتبة على الفعل أي: المتسببة عن الفعل باعتبار أنها ثمرته أي: نتيجته لأن عطف النتيجة على الثمرة تفسيري لا باعتبار أنها مترتبة على طرفه ولا باعتبار إلخ.
قوله: (والمراد هنا القدوم) أي: مجاز من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم لأن الشجاعة يلزمها الإقبال والمباشرة والتوجه والمراد هنا التوجه للفعل فالماء مثلا علة والتوجه للفعل وهو الحفر معلول لأن الماء باعث عليه.
قوله: (نصبه عطفا على اسم إن) أي: وهو الهاء من إنها وفي العبارة حذف مضاف تقديره وسبب صدور الفعل وذلك السبب هو التوجه فلا يقال صدر العبارة يقتضي أن المعلول الإقدام الذي هو التوجه للفعل وآخرها يقتضي أن المعلول هو الصدور واندفع أيضا أن المعلول لابد وأن يكون من الأفعال الاختيارية كالتوجه للفعل والصدور ليس فعلا اختياريا لأنه عبارة عن الوجود في الخارج والمراد بالعلة هنا الباعث والحامل على الفعل.
قوله: (والخبر محذوف) أي: حاصل يصح أن يكون الخبر متعلق لام لأجلها على ما هو الأولى عندهم من احتمالات ثلاثة.
قوله: (والجملة معطوفة) أي: عطف جملة اسمية على مثلها لما اشتهر من أن الجملة إذا بدأت بحرف كان النظر إلى ما بعد ذلك الحرف فإن كان اسما كانت الجملة اسمية وإن كان فعلا كانت فعلية ثم إنه أشار بقوله وصدور الفعل إلخ إلى أنه لا يكفي في كونها علة غائية مجرد كونها باعثة للفاعل على الفعل ولو من غير أ، يصدر ذلك الفعل عنه بل الصدور شرط في كونها علة غائية.
قوله: (تفريع على التعاريف) يصح أيضا أن تكون فاء الفصيحة والتقدير إذا عرفت تعريف كل واحدة من تلك الأربعة على الوجه المذكور فالفائدة.
قوله: (التساوي في الماصدق) المتساويان في الماصدق ما اتحدا ماصدقا واختلفا مفهوما كالكاتب والضاحك والمترادفان ما اتحدا مصدوقا ومفهوما كإنسان وبشر إذا علمت ذلك علمت أن مقتضى الكلام السابق يدل على أن الأمور الأربعة متساوية والتفريع المذكور يدل على أن الاثنين الأولين متساويان والاثنين الأخيرين متساويان وحاصل السؤال أن المفرع عليه هو تساوي الأربعة والمفرع التساوي بين الأولين وبين الأخيرين وحينئذ فبين المفرع والمفرع عليه تناف وحاصل الجواب أن المراد بالاتحاد التساوي في الماصدق أي: في الذات وهو إنما يتحقق بين الفائدةة والغاية وبين الغرض والعلة الغائية وحينئذ فقوله فالفائدة إلخ معناه إذا علمت ما سبق فأخبرك بما هو في نفس الأمر وليس المراد أخبرك بمضمون ما سبق ويشير إلى كون المراد بالاتحاد التساوي المذكور قوله لأن الحيثيتين متلازمتان في بيان الاتحاد بالذات إذ التلازم بين الحيثيين لا يستلزم الاتحاد بالذات لكن يستلزم المساواة.
قوله: (فتتحقق الفائدة بدون الغاية) كما أن الغاية تتحقق بدون الفائدة إذا ترتب على الفعل ضرر كلدغة حية فإنه غاية لأنه آخر الفعل وليس فائدة إذ الضرر ليس ثمرة ونتيجة.
قوله: (أجيب بتحقق إلخ) أي: كما أجيب عن تحقق الضرر المتقدم ليس غاية اصطلاحا إذ هي المصلحة والضرر ليس كذلك.
قوله: (الذي أراده الفاعل) أي: وما بعده فعل مستأنف فكل مصلحة ترتبت على فعل فهي في طرف ذلك الفعل ونهايته.
قوله: (انظر ما وجه إلخ) وجه ذلك بأن الأخيرين لما كانا قريبين في العبارة ناسب أن يلتفت لهما ويجعلهما مشبها بهما.
قوله: (من معنى الفائدة إلخ) وذلك لأن معنى الفائدة في اللغة ما حصلته من علم أو مال فالفائدة هي المصلحة والمستفادة وذلك ثمرة ونتيجة ومعنى الغاية في اللغة آخر الشيء وآخر الشيء طرفه فقد قيل بترادفهما وذلك أن بعضهم قال في تعريف الغرض هو ما يكون باعثا للفاعل على الإقدام على الفعل ويسمى علة غائية.
قوله: (وإن كان الفائدة والغاية لم يصح أيضا) هو صحيح بل هو الظاهر لأنه ذكر حكم االفائدة والغاية بقوله فالفائدة والغاية متحدان بالذات ولم يبين حكم الغرض والعلة الغائية فلو جعلت الفائدة والغاية مشبها والغرض والعلة الغائية مشبها بهما للزم عليه تشبيه المعلوم بالمجهول مع أنه يحوج للتكلف في تصحيح التشبيه في كذلك بأنه راجع للإخبار.
قوله: (عكس ما اقتضاه ما قبله) هذا مسلم لو جعلت الكاف في كما للتشبيه ولسي بمتعين بل يصح كونها لمجرد التنظير والمعنى أن الغرض والعلة الغائية نظير الفائدة والغاية في الاتحاد بالذات والاختلاف بالاعتبار والكاف في قوله كذلك لتشبيه الغرض والعلة الغائية بالغائية والفائدة وقوله أيضا تأكيد للتشبيه وحينئذ لا حاجة إلى قوله فكان حق التعبير إلخ تأمل.
قوله: (من القسمين الأولين والأخيرين) بيانه أن كون المصلحة ... يستلزم كونها على طرف الفعل وآخره وبالعكس وكونها مطلوبة للفاعل بالفعل يستلزم كونها حاملة وباعثة عليه وبالعكس.
قوله: (كإنسان وبشر) أي: فإنهما يصدقان على زيد من حيث إنه حيوان ناطق وهو جهة واحدة.
قوله: (كناطق وضاحك) وكذلك الفائدة والغائية والغرض والعلة الغائية فالمصلحة المترتبة على فعل في ذاتها شيء واحد يطلق عليها اسمان كالفائدة والغاية وكالغرض والعلة الغائية باعتبار جهتين متلازمتين فبالضرورة يكون الاسمان متساويين وبما تقرر لا يرد أن التلازم لا يقتضي التساوي إذ قد يكون في المتباينين كالأب والأبوة فإنهما متلازمان ومع ذلك هما متباينان ووجه عدم وروده أن الأبوة والأب لم يطلقا على مسمى واحد باعتبار جهتين متلازمتين وإن كان أحدهما لازما للآخر.
قوله: (جواب سؤال مقدر) أي: أن الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا وهو ما وقع جوابا عن سؤال مقدر تقديره إن الحيثيتين إلخ.
قوله: (كل حيثية فيما اعتبرت فيه) كتخصيص الغرض بالحيثية التي ذكرت في جانبه وهي المقصودية للفاعل والعلة الغائية بالحيثية التي ذكرت في جانبها وهي البعث على الفعل.
قوله: (غرض الفاعل كذا) حاصله أن العلماء لما أضافوا الغرض للفاعل وقالوا غرض الفاعل كذا ناسب اعتبار المقصودية للفاعل في مفهومه حيث قالوا فيه المصلحة المترتبة على الفعل من حيث إنها مطلوبة للفاعل أي: مقصودة له من الفعل ولما أضافوا العلة للفعل حيث قالوا علة الفعل كذا ناسب اعتبار البعث على الفعل في مفهومها حيث قالوا فيه المصلحة المترتبة على الفعل من حيث إنها باعثة للفاعل عليه وبهذا اتضح أن الدليل إنما هو لاعتبار الحيثيتين الأخيرتين ولم يتعرض لدليل اعتبار الحيثية المذكورة في الفائدة والحيثية المذكورة في الغاية لظهوره لأن الفائدة لما كانت هي المستفاد والمستفاد المذكور يقال له ثمرة ونتيجة ناسب اعتبار تلك الحيثية في مفهومها ولما كانت الغاية آخر الشيء وآخر الشيء طرفه ناسب اعتبار حيثية الطرف في مفهومه وقد تقدم له التنبيه على ذلك هذا وفي حاشية العلامة الدسوقي ما نصه قيل الأولى للشارح أن يقول ووجه اعتبار كل حيثية إلخ لأن الدليل إنما يذكر في مقام الإنكار ولا منكر هنا اللهم إلا أن يقال إنه قد تخيل منكرا فلذا عبر بقوله ودليل اهـ وفيه أن المنكر موجود فإن بعضهم ذهب لترادف الغرض والعلة على أن الدليل بمعنى العلامة والأمارة فمن أين أنه لا يستعمل إلا في مقام الإنكار تأمل اهـ.
قوله: (دون الفعل) وذلك لأن الغرض بمعنى المقصود المستلزم للقصد الذي لا يكون إلا من الفاعل لا من الفعل.
قوله: (أدنى مكان من الشيء) اعلم أن دون في الأصل موضوعة للمكان المنخفض ثم تجوز بها عن مطلق المنخفض ثم عن المنخفض من المعاني بخصوصه أو لكونه فردا من أفراد مطلق المنخفض فهو مجاز بمرتبة أو بمرتبتين ثم استعملت في مطلق التخطي والتجاوز لعلاقة اللزوم فقوله أدنى مكان من الشيء بمعنى المكان المنخفض وقوله ثم استعير لتفاوت الأحوال أي: استعمل في تفاوت الأحوال والرتب على سبيل المجاز المرسل والعلاقة التقييد والإطلاق وذلك أن الأحوال والرتب من المعاني فاستعمال دون في المنخفض منها كما في المثال المذكور إما لكونها فردا من أفراد مطلق المنخفض وحينئذ فهو مجاز مرسل بمرتبة علاقته التقييد والإطلاق وإما باعتبارها بخصوصها وحينئذ فهو مجاز بمرتبتين بأن يقال نقلت دون من المكان المنخفض إلى المنخفض مطلقا أعم من أن يكون مكانا أو معنى كالشرف كما في المثال لعلاقة التقييد والإطلاق ثم من المطلق إلى المعنى بخصوصه لعلاقة الإطلاق والتقييد فهو مجاز مرسل بمرتبتين.
قوله: (فاستعمل في كل تجاوز) أي: مطلق التخطي والتجاوز لعلاقة اللزوم.
قوله: (إذا عرفت النسبة بين الأولين) وهما الفائدة والغائية وهي التساوي أي: الاتحاد في الذات والاختلاف في المفهوم وبين الأخيرين وهما الغرض والعلة الغائية وأنها التساوي أيضا وأردت النسبة بين الأولين والأخيرين فالأولان وهما الفائدة والغاية إلخ.
قوله: (أي: عموما مطلقا) لانفراد الفائدة والغاية فيما إذا ترتب على الفعل فائدة غير مقصودة لفاعله كما إذا حفرت بئرا لأجل الماء وقبل وجود الماء وجدت كنزا مثلا فيصدق على الكنز أنه فائدة لأنه مصلحة ترتبت على فعل وغاية لأنه في طرف الفعل وليس بغرض لأنه غير مطلوب لك ولا علة غائية لأنه غير باعث على الحفر ثم إن الأعم ما زاد فردا ونقص قيدا والأخص ما زاد قيدا ونقص فردا.
قوله: (لأن المدعى عموم إلخ) حاصله أن الدليل المذكور وهو قوله إذ ربما إلخ قاصر لا ينتج المدعى وذلك لأن المدعى أربعة أمور الفائدة أعم من الغرض ومن العلة الغائية وهاتان دعوتان وكون الغاية أعم من الغرض ومن العلة الغائية وهاتان دعوتان أيضا والدليل قاصر على واحدة وهي كون الفائدة أعم من الغرض.
قوله: (للتلازم بينهما) أي: بين الفائدة والغاية لأنه يلزم من كون الفائدة أعم من الغرض أن تكون الغاية أعم منه لما عرفته من تلازم حيثيتهما.
قوله: (وكذا يقال في حذف العلة الغائية) أي: أن ما قيل في حذف الغاية يقال في حذف العلة الغائية لأنه يلزم من كون الفائدة أعم من الغرض أن تكون أعم من العلة الغائية لتلازم حيثيتهما فيلزم من كون المصلحة غير مقصودة للفاعل أن لا تكون باعثة على الفعل فقد وجدت الفائدة دون الغرض والعلة الغائية.
والحاصل أن الشارح لم يقل أو غاية في الأول لتلازم الحيثيتين أي: حيثيتي الفائدة والغاية ولم يقل أيضا أو باعثة له عليه لتلازم حيثيتي الغرض والعلة الغائية وحينئذ فلا اعتراض على الشارح بأن الدليل قاصر لا ينتج المدعى.
قوله: (أما الإشارة بهذه) أي: أو أما حال الطرفين فقد عرف وأن اسم الإشارة مستعمل في العبارات الذهنية على سبيل المجاز بالاستعارة والعلاقة المشابهة في الوضوح والفائدة لها معنيان معنى لغوي وهو المحصل والمستفاد من علم أو مال ومعنى عرفي وهو المصلحة المترتبة على الفعل من حيث إنها ثمرته ونتيجته وقدم الكلام على المفرد لأن الحمل مع الموضوع والمحمول بمنزلة المركب مع المفرد والمفرد مقدم على المركب طبعا فكذا ما هو بمنزلة المركب فلذا قدم الكلام على الموضوع والمحمول لأن الحمل لا يتحقق إلا بهما معا كما أن المركب لا يتحقق إلا بالمفرد.
قوله: (أي: عبارات ذهنية إلخ) يشير إلى أن ما يصح كونها نكرة موصوفة وكونها موصولة.
قوله: (أي: من جهة المعنى اللغوي إلخ) يشير بذلك إلى أن لغة وعرفا منصوبان على التمييز لفائدة لا أنهما منصوبان بنزع الخافض أي: فحقيقة في اللغة وفي العرف حتى يرد أن الحقيقة اللغوية والعرفية إنما يكونان في المفرد لا في الحمل والإسناد لأن الذي يكون فيه إنما هو الحقيقة العقلية والحاصل أن الحمل حقيقي سواء حملت الفائدة على المعنى اللغوي لها أو المعنى العرفي لأن لغة وعرفا منصوبان على الحال من فائدة أو على التمييز لها والمعنى وأما حمل الفائدة حال كون المراد بها المعنى اللغوي أو العرفي أو من جهة المعنى اللغوي أو العرفي على الألفاظ الذهنية فحقيقة عقلية وهي إسناد الفعل أو ما في معناه إلى ما هو له.
قوله: (وكذا يقال في المجاز) أي: ما قيل في الحقيقة العقلية يقال في المجاز العقلي وحاصله أن المجاز العقلي لا يسمى لغويا ولا عرفيا.
قوله: (أي: بسبب ذاتها) أي: باعتبار ذاتها وقطع النظر عن معناها وعليه ففي ليست زائدة ويحتمل أن تكون زائدة والتقدير إذ العبارات أنفسها.
قوله: (بالصورة الحاصلة في الذهن) إنما كانت العبارات الذهنية صورة لأن صورة الشيء مثاله والألفاظ الذهنية مثال الخارجية فالمراد بالعقل الذات المجردة وبالصورة ما يعم الخارجية والذهنية وبالحصول الحضور سواء كان بنفسه أو بمثاله هذا إن كان تعريفا للمعنى الأعم الشامل للحضوري والحصولي وإن جعل تعريفا للتعقل الحصولي بقرينة أن المقصود تعريف العلم الكاسب والمكتسب كان التعريف على ظاهره والمراد بالعقل قوة تدرك الغائبات بنفسها والمحسوسات بالوسائط وبصورة الشيء ما يكون آلة لامتيازه سواء كان نفس ماهية الشيء أو شبحا له والظرفية على الحقيقة اهـ من عبد الحكيم ببعض تصرف.
قوله: (أما على تعريفه بانتقاش إلخ) اعلم أنهم عرفوه بحصول صورة الشيء في العقل فإن كان العلم من مقولة الكيف فالمراد الصورة الحاصلة في العقل وفائدة جعله نفس الحصول التنبيه على لزوم الإضافة له وإن كان مقولة الانفعال فهو على ظاهره لأن المراد بحصول الصورة في العقل اتصافه بها وقبوله إياها فقوله أما على تعريفه إلخ يفيد أن لهم في تعريفه طريقتين وقد عرفت المراد من التعريف وحينئذ فقوله بانتقاش النفس يحمل على أنه المراد من الحصول في تعريفه فيكون مساويا لتفسيره بالاتصاف بالصورة بناء على أن التعريف على ظاهره.
قوله: (مصيبة الفؤاد) أي: فؤاد المصنف وذهنه حيث رتبها فيه قبل الكتابة أو مصيبة فؤاد المعاني التي هي دالة عليها أي: مبينة بها غاية البيان.
قوله: (على وجه) أي: على وجه مماثل لترتيبها في الخارج لو ظهر في اللفظ لأفاد.
قوله: (من المخيلة إلى الحافظة) ظاره أن المراد بالمحال الحافظة وحيئذ فإطلاق المحل عليها مبالغة وجمع المحل وإن كان واحدا باعتبار تعدد الحال فيه وقال الحكماء المراد بالمحل الأول الذي كانت فيه العقل الفياض والمراد بالمحل الآخر العقل الحقيقي والضمير في إخراجها ومحالها للعبارات الذهنية ويحتمل أنه للحروف ومحلها الحافظة فالحافظة محل للحروف وليست محلا للعبارات الذهنية لأن محلها الذهن.
قوله: (أي: إن أريد بالفائدة المعاني) يعني أن هذا الاحتمال مبني على أن المراد بالفائدة المعاني يعني أن هذا الاحتمال مبني على أن المراد بالفائدة المعاني لا الألفاظ المخصوصة الدالة على المعاني المخصوصة كما هو مبنى الاحتمال الأول لأن كون الحمل حقيقة عقلية مبني عليه وما هنا من أن الحمل مجاز عقلي مبني على أن المراد بالفائدة المعاني وهما احتمالان من احتمالات سبعة في مسمى الكتب كما تقدم وبذلك تعلم أنه لا منافاة في كلام الشرح حيث جعل الحمل أولا حقيقة ثم جوز كونه مجازا.
قوله: (بل هي لام التعليل) بيان ذلك أن الواضع وضع اسم الجنس للكلي كالإنسان للحيوان الناطق مثلا ليستعمل في الكلي تارة وفي أفراده تارة فالموضوع لأجله أمران الكلي والأفراد والموضوع له هو الكلي خاصة فإذا عرفت الحقيقة بأنها اللفظ المستعمل فيما وضع له وجعلت اللام لام التعليل كان التعريف شاملا للفظ المستعمل في الكلي والمستعمل في الأفراد لما علمت من أن الموضوع له الكلي خاصة وإن كان المقصود له الكلي دون الأفراد لأن اللفظ عين للدلالة على الكلي دائما أما عند الاستعمال في الكلي فظاهر وأما عند الاستعمال في الأفراد فلأن الكلي موجود في ضمنها فالدلالة عليها دلالة عليه بخلاف الأفراد فليس اللفظ دالا عليها إلا في حالة الاستعمال فيها دون ما لو استعمل في الكلي ومعنى التعريف على أن اللام صلة وضع أن الحقيقة لفظ استعمل في معنى عين ذلك اللفظ للدلالة عليه بحيث يفهم منه ذلك المعنى متى أطلق وذلك المعنى هو الكلي خاصة.
قوله: (في معنى الفعل) فيه أن الكلام في إسناده لاسم الإشارة فهو مبتدأ وخبر وليس يجري فيه المجاز العقلي على مذهب الخطيب فهو مبني على مذهب السكاكي من جريانه في المبتدأ والخبر.
قوله: (ترتب له على ذلك) أي: على ذلك الفعل الذي هو الملاحظة ثمرة ومصلحة هي الوقوف على معنى الألفاظ وتلك الألفاظ لها دخل في حصول المعاني المرادة بالفائدة هنا إذ هي دالها ودال الشيء له دخل في حصوله بلا شك.
قوله: (أو حال من فائدة لأنها علم جنس إلخ) اعلم أن الشارح قدم احتمال الخبرية لأولويتها لما فيها من تكرار الإسناد الموجب لتكثير الفائدة وهذا الاحتمال مبني على جواز تعدد الخبر وهو الأصح وأعقبها بالحالية لابتناء كونها حالا على المشهور من أن أسماء الكتب والتراجم من قبيل علم الجنس فتكون معرفة لفظا ومفهوما خلافا لابن مالك والجمل بعد المعارف أحوال.
قوله: (بناء على صحة مجيء الحال من المبتدأ) يصح أيضا أن تكون حالا من المبتدأ ظاهرا على طريقة الجمهور بأن يرتكب تقدير مضاف كأن يقال الأصل تفصيل هذه فائدة مثلا.
قوله: (صفة لها بالنظر لأصلها) وذلك لأن اسم الجنس نكرة باعتبار الماصدق لتناوله كل فرد على سبيل البدل ثم هي على تقديرها حالا في محل نصب وعلى تقدير كونها صفة لفائدة أو خبرا ثانيا لهذه محلها رفع ويجوز أن تكون الجملة لا محل لها لأنها مستأنفة استئنافا بيانيا واقعة في جواب سؤال مقدر كأن سائلا سأل وقال على ما تشتمل تلك الفائدة فقال تشتمل إلخ.
قوله: (والمراد إلخ) اعلم أن هذه الكلة بمنزلة الاستدراك فلا يؤتى بها إلا لدفع ما يتوهم ثبوته أو ثبوت ما يتوهم نفيه.
قوله: (اشتمال الشيء على نفسه) أي: وهو فاسد لوجوب التغاير بين الظرف والمظروف.
قوله: (من اشتمال الدال إلخ) هذا هو الأظهر لما أن مقصود المتكلم إعطاء المعاني بظرفها الذي هو الألفاظ إلى المخاطب.
قوله: (بأن بيانه ليس للترتيب فقط) الظاهر إن وجد الاعتراض على الشارح أن الترتيب هو جعل كل شيء في مرتبته ولا معنى له هنا فكان المناسب أن يقول وجه الاشتمال إذ هو المحدث عنه فهو المناسب للمتن.
قوله: (فكان على الشارح أن يقول) أي: كان عليه أن يتعرض لحصر الرسالة في الأقسام الثلاثة على الترتيب الذي أومأ إليه على طريق الإجمال بقوله تشتمل إلخ بأن يقول وجه ضبط الرسالة على الترتيب إلخ لا يقال طرق الحصر أربعة ما ولا وإنما والعطف بلا وتقديم المعمول وليس في كلام المصنف واحد منها لأنا نقول المراد بالحصر الحصر المتعارف عند البلغاء من أن الاقتصار على لاشيء في مقام البيان يفيد الحصر فيه أو الحصر المستفاد من خارجه لا من العبارات والحصر المذكور استقرائي علم من تتبع مقاصد الكتاب لأنه بتتبعه لم يوجد غير المقدمة والتقسيم والخاتمة.
قوله: (ويمكن الجواب عن الشارح إلخ) ويرد على حصر الفائدة في الأمور الثلاثة جملة هذه فائدة تشتمل على مقدمة وتقسيم وخاتمة فإن هذ الجملة من الرسالة وليست من الأمور الثلاثة ويجاب عنه بأن الإشارة في قوله هذه فائدة إن كانت إلى المعاني المخصوصة كانت الرسالة المعاني المذكورة في الأمور الثلاثة لا غير وإن كانت الإشارة إلى الألفاظ كانت الرسالة عبارة عن جميع الألفاظ حتى البسملة ويجاب حينئذ بأن المحصور هو المقصود بالذات من الكتاب وهو تلك الثلاثة وكون المراد حصر ما هو المقصود في غاية الظهور.
قوله: (أي: من أجل إلخ) الظاهر أنها للتقييد لا للتعليل لأن التعليلية لا تفيد أن هناك أمرا آخر محترزا عنه بخلاف التقييدية.
قوله: (الطائفة لا الكتاب) بيانه أن تسمية هيه الطائفة بمقدمة الكتاب كتسمية طائفة من الكتاب بابا أو فصلا فمعنى مقدمة الكتاب جملة من الألفاظ جعلت جزءا من الكتاب متقدما على المقصود فالمقدم في الحقيقة جزء الكتاب لا الكتاب.
قوله: (بكسر الدال لا غير) لأن اسم الفاعل يصاغ من اللازم والمتعدي واسم المفعول لا يصاغ من اللازم بل من المتعدي.
قوله: (صفة بلا نزاع) أي: لأنها اسم فاعل ثم نقلت من الوصفية وجعلت اسما لمقدمة الجيش أي: للجماعة المتقدمة منه ثم منها إلى أول كل شيء أي: استعيرت المقدمة من الجماعة المتقدمة من الجيش لأول كل شيء أي: لا لخصوص مقدمة العلم أو الكتاب أو نقلت منها إلى مقدمة العلم أو الكتاب.
قوله: (وأما إن انتقل من الوصفية إلخ) مقابل قوله فإما أن تجعل اسما وحاصله أن المنقول منه الوصفية والمنقول إليه أول كل شيء أعم من أن يكون جيشا أو كتابا أو علما فالنقل إلى مقدمة الكتاب أو العلم بلا واسطة.
قوله: (أي: معان) إنما جعلت ما واقعة على المعاني لا على الألفاظ لقوله يتوقف والتوقف في الشروع إنما يكون على مقدمة العلم وهي معان وهذا التفسير منه مجاراة لكلام الشارح وإن كان منافيا لغرض المصنف لأن كلام المصنف في مقدمة الكتاب.
قوله: (كتعريفه إلخ) بيان للمعاني التي يتوقف عليها كمال الشروع بحيث يكون الشارع على بصيرة والحاصل أن مقدمة العلم اسم لمعان يتوقف على معرفتها أي: تصورها أصل الشروع في مسائل العلم كرسمه المفيد تصوره بوجه وككونه له فائدة أو كماله بحيث يكون الشارع على بصيرة كحده وموضوعه وفائدته فعلم أن أصل الشروع لا يتوقف على كل هذا بل على التصور بوجه ما والتصديق بأن له فائدة ما.
قوله: (لطائفة من الألفاظ) الطائفة في الأصل صفة لما طاف بالشيء ثم جعلت اسما لجماعة أقلها ثلاث وقيل اثنان وعن مجاهد للواحد فما فوق اهـ فنرى.
قوله: (له بها) أي: للمقصود بمعناها وقوله وانتفاع بها فيه أي: بمعناها في المقصود.
قوله: (التباين) أي: المباينة الكلية لأن مقدمة الكتاب اسم للألفاظ كما يدل عليه قوله اسم لطائفة من الألفاظ ومقدمة العلم معان.
قوله: (متعلقان بتقديم) هما متعلقان بالمقاصد كما نبه عليه العلامة الدسوقي أي: أن المعاني المدلولة للفظ مقدمة وهي مقدمة العلم تقدم الطالب على غيره في الشروع في المقاصد كانت تلك المقاصد مقصودة بالذات كالتقسيم أو بالواسطة كالخاتمة فمحصله أن مقدمة العلم تعين فيهما.
أقول كان الأولى إلخ هذا مبني على جعل قوله بالذات أو بالواسطة متعلقا بالتقديم لا بالمقاصد وقد علمت أنه متعلق بالمقاصد فقوله بالذات راجع للتقسيم وقوله بالواسطة راجع لما يتعلق بالمقصود الذي هو الخاتمة وحينئذ لا اعتراض.
قوله: (والمراد هنا خاص) توضيحه أن لفظ مقدمة كلي تحته جزئيات سواء كانت بالمعنى اللغوي أو الاصطلاحي لأن معناها لغة عبارات تقدمت أمام المقصود واصطلاحا معان يتوقف الشروع عليها في العلم وكلاهما كلي وهذه المقدمة المذكورة في هذا الكتاب جزئية من جزئيات المقدمة الكلية لأن المذكور هنا إما عبارة معينة متقدمة أمام المقصود أو معان معينة يتوقف عليها الشروع في العلم.
قوله: (لأن معرفة المفهومات الاصطلاحية) أي: لعدة من الألفاظ المذكورة في التقسيم كالحروف والموصول واسم الإشارة والضمير مما يحكم على مدلولاتها في العلوم العربية فهي مبادئ تلك العلوم وأما ما يصدق عليه تلك المفهومات على وجه الإجمال فإنه يعرف من التقسيم.
قوله: (بنظيره في المنطق) أي: قالوا إنه مبادئ علم الحكمة ومع ذلك هو علم في نفسه فكذلك التقسيم هنا من مبادئ علم اللغة ومع ذلك هو علم في نفسه فكذلك التقسيم هنا من مبادئ علم اللغة ومع ذلك هو علم في نفسه.
قوله: (العبارات المعينة) أي: ذهنا كما هو الأنسب بجعل المشار إليه بلفظ هذه العبارات الذهنية.
إن قلت حينئذ يكون قول الشارح المعاني المخصوصة ضائعا، قلنا الترديد في كلامه للإشارة إلى أنه لا يتعين إلى آخر ما ذكره المحشي فيما تقدم.
واعلم أن في مسمى نحو المقدمة من التراجم احتمالات سبعة إما الألفاظ المخصوصة الدالة على المعاني المخصوصة باعتبار كونها مدلول الألفاظ أو النقوش باعتبار دلالتها على المعاني بتوسط الألفاظ فإن النقوش دالة على الألفاظ والألفاظ دالة على المعاني أو الألفاظ والمعاني أو الألفاظ والنقوش أو المعاني والنقوش أو الثلاثة وأقربها عند المحقق السيد أولها.
قوله: (أو العبارات) ووصف الألفاظ حينئذ بالكلية والجزئية باعتبار مدلولاتها فلا يقال إن وصف الألفاظ بالكلية والجزئية غير صحيح لأنهما من صفات المعاني كما أن الأفراد والتركيب من صفات الألفاظ.
قوله: (فالصور المحتملة أربعة إلخ) حاصله أنه إن لوحظ أن المقدمة في الأصل ألفاظ قدمت أمام المقصود ولاحظنا أن المقدمة هنا مراد بها ألفاظ معينة قدمت أمام المقصود كان إطلاق مقدمة الذي هو كلي على هذا الجزئي من قبيل إطلاق اسم الكلي على بعض جزئياته وكذا إن لوحظ أن المقدمة في الأصل اسم للألفاظ المقدمة على المقصود وأريد منها هنا معان مخصوصة كان من قبيل إطلاق اسم الدال على بعض المدلول أي: على جزئي من جزئيات المدلول وذلك لأن لفظ مقدمة مدلوله ألفاظ مطلقة مدلولها معان مطلقة فأطلق لفظ مقدمة وهو اسم الدال على جزئي من جزئيات المدلول وإن لوحظ أن المقدمة في الأصل اسم لمعان مطلقة يتوقف عليها الشروع في العلم وأريد منها ألفاظ مخصوصة كان من إطلاق اسم المدلول على بعض جزئيات الدال وأشار الشارح للاحتمالين الأولين وهما تقديران يراد بكل من مطلق المقدمة والمقدمة هنا العبارات أو المعاني بقوله بأن يكون من قبيل إطلاق الكلي على بعض جزئياته وأشار بقوله أو إطلاق اسم المدلول إلخ للاحتمال الرابع وهو تقديران يراد بمطلق المقدمة المعاني وبالمقدمة هنا عبارات مخصوصة لاستعمال ما هو موضوع لمطلق المعاني في عبارات مخصوصة لاستعمال ما هو موضوع لمطلق المعاني في عبارات مخصوصة لم يتعرض الشارح للاحتمال الثالث وهو أن يراد بمطلق المقدمة العبارات وبالمقدمة هنا معاني مخصوصة وعليه فيكون من إطلاق اسم الدال على بعض مدلوله أفاده الدسوقي وفي قوله ولم يتعرض الشارح إلخ إشارة إلى الاعتراض عليه في تركه كما أشار لذلك المحشي أيضا بقوله فيما تقدم ولم يتعرض الشارح إلخ وقد يقال لا اعتراض لأن هذا الوجه مطوي في كلام الشارح ويؤخذ منه بالمقايسة على ما قبله إذ بضدها تتبين الأشياء وإلى ذلك يشير قول المحشي فيما تقدم وبالقياس على عكسه يكون إلخ والحاصل أن في لفظ مقدمة أربعة أوجه من المجاز أحدها أن تكون موضوعة للمعاني الكلية واستعملت هنا في المعاني المخصوصة استعمال الكلي في بعض جزئياته، ثانيها أن تكون موضوعة للألفاظ الكلية واستعملت هنا في ألفاظ خاصة استعمال الكلي في بعض جزئياته وإلى هذين الاحتمالين أشار الشارح بقوله من قبيل إطلاق الكلي على بعض جزئياته، ثالثها أن تكون موضوعة للمعاني الكلية واستعملت هنا في ألفاظ خاصة دالة عليها استعمال المدلول في بعض ما دل عليه أي: في جزئي من جزئيات الدال وأشار إليه الشارح بقوله أو من إطلاق اسم المدلول إلخ، رابعها أن تكون موضوعة للألفاظ الكلية واستعملت هنا في معاني خاصة استعمال الدال في بعض مدلوله أي: في جزئي من جزئيات المدلول وذلك أن لفظ مقدمة يدل على الألفاظ المتقدمة والألفاظ المتقدمة تدل على معاني كلية وهذا الوجه الأخير مطوي في كلام الشارح ويؤخذ منه بالمقايسة على ما قبله أعني الوجه الثالث.
واعلم أن ما تقدم من أن إطلاق الكلي على بعض جزئياته مجاز هو مهذب سيد المحققين السيد ومن تبعه فإنه ذهب إلى أن الكلي لا وجود له في الخارج لأنه مفهوم عقلي ولو وجد في الخارج لكان جزئيا إذ لا يعقل كون الحيوان المتعين بشخصه للشركة وإنما يوجد في الذهن وما يوجد في الخرج في ضمن الأشخاص صور تحاكي الكلي متشابهة فيوجدها العقل بواسطة تشابهها التام وإن كانت في نفس الأمر كثيرة وذهب العلامة التفتازااني ومن تبعه إلى أن الكلي موجود في ضمن جزئياته أي: أفراده في الخارج لأنه عام والعام جزء الخاص كإنسان معناه حيوان ناطق وهما موجودان في زيد وعمرو وغيرهما فالحيوان جزء الإنساني وجزء الموجود موجود قال بعض الأفاضل ويجمع بينهما بقول الحكماء الماهية على ثلاثة أقسام مخلوطة ومجردة ومطلقة لأنها قد تؤخذ بشرط لحوق العوارض لها كأن تعتبرها مخلوطة بالشخص وتسمى المخلوطة والماهية بشرط شيء وهو موجوة كزيد وعمرو وغيرهما من أفراد الإنسان وقد تؤخذ بشرط الخلو عن العوارض كأن تعتبرها غير مخلوطة بالشخص وتسمى المجردة والماهية بشرط الخلو وهي غير موجودة خارجا اتفاقا وأما في الذهن فقيل بوجودها فيه وقيل بعدمه وقد تؤخذ لا بشرط لحوق العوارض ولا بشرط الخلو عنها وتسمى المطلقة وهي موجودة في الذهن وفي الخارج بالنظر إلى كونها جزءا من المخلوطة فيحمل كلام العلامة التفتازاني على الماهية المخلوطة أي: الكلي خلط بالشخص أي: خصص بالشخص فصار جزئيا ويحمل كلام المحقق السيد على الماهية المجردة وإلا فيلزم عليه أن كل فرد من أفراد الأجناس لا يطلق عليه اسم جنسه حقيقة بل مجازا ككل آدمي لا يقال له إنسان لأن حقيقة الإنسان وهي الحيوان الناطق لم توجد فيه ولو وجدت فيه لكان جزئيا بل صورة الإنسان ولا رجل أو امرأة بل صور رجل أو امرأة وكل ملك كجبريل لا يقال له ملك بل صورة ملك وكل نبي أو رسول لا يقال له نبي أو رسول بل صورة نبي أو رسول فلا يكون سيدنا محمّد رسولا حقيقة وهذا كلام باطل أخذوه من كلام الفلاسفة يشبه كلام العنادية القائلين بعدم وجود حقائق الأشياء وبأن ما وجد خيال إلا أن يقال هذه حقائق عرفية وشرعية وكلام المحقق السيد في الحقائق العقلية.
قوله: (وهو قوله إذ التنبيه إلخ) حاصله أن قول الشارح إذ التنبيه إلخ دليل من الشكل الأول حذف الشارح منه موضوع الكبرى أو النتيجة والأصل التنبيه جزء من المقدمة وكل ما كان كذلك فلا معنى لعده جزءا مستقلا فقوله في الصغرى التنبيه جزء من المقدمة إن كان المراد أنه جزء منها من حيث انفهامه منها كانت الصغرى مسلمة لكن قوله في الكبرى وكل ما كان كذلك فلا معنى لعده جزءا مستقلا لا يسلم لأن فهم الشيء من الشيء لا يمنع من عده جزءا مستقلا ألا ترى أن الخاتمة مفهومة من التقسيم كما يأتي للشارح وقد عدها المصنف جزءا مستقلا إن أراد بقوله في الصغرى التنبيه جزء من المقدمة أنه جزء من حيث الألفاظ وأن المقدمة تشمله منعت الصغرى وسلمت الكبرى وقد اقتصر في حاصل المنع على التقدير الأول فقوله فإن قلت إلخ وارد عليه وحخاصله هلا عرف المصنف التنبيه كما عرف الخاتمة مع أن كلا منهما تابع لما قبله ومفهوم منه فالتنبيه مفهوم من المقدمة والخاتمة مفهومة من التقسيم وحاصل الجواب عنه أن الخاتمة لما كانت تابعة للتقيسم الذي هو شريف لأنه المقصود بالذات استحقت الشرف بتعريفها بخلاف التنبيه فإنه تابع للمقدمة التي هي وضيعة لأنها ليست مقصودة بالذات بل لتعين على المقصود بالذات فلم تستحق التعريف لعدم شرفها فتلخص منه أن ما في بعض النسخ صحيح لأن عد التنبيه من المقدمة من حيث انفهامه منها لكونه مذكورا فيها بالقوة كالخاتمة بالنسبة للتقسيم لا ينافي عده جزءا مستقلا تابعا لها من حيث الألفاظ المخصوصة وأن عدم إعادته معرفة كما هو الأصل في استعمال المعاد للإشعار بنكتة انحطاط رتبته لكن في شرح العلامة العصام ما نصه في الحواشي الشريفة الشريفية ما في بعض النسخ ليس بصحيح لا لفظا ولا معنى أما لفظا فلأنه لو كان التنبيه قسما آخر من الرسالة فينبغي أن يقول فيما بعد التنبيه بلفظ المعرفة كما قال في باقي الأقسام وأما معنى فلأن المذكور في التنبيه أمر يتعلق بما ذكر في المقدمة غاية التعلق فكان قسما منها لا قسما آخر من الرسالة حتى تكون الأقسام أربعة اهـ ما ذكره الفاضل عن المحقق الشريف وقد علمت الوجه في عدم تعريف التنبيه فيما بعد فقد اندفع عما في بعض النسخ عدم الصحة اللفظية.
قوله: (لم يتعرض لجعلها مفعول فعل محذوف) أي: بل اقتصر على جعلها مبتدأ محذوف الخبر وعلى عكسه وهل الأولى من الاحتمالين الأول أو الثاني خلاف ذهب بعضهم إلى أن الأولى جعل المحذوف هو الخبر وجعل المذكور هو المبتدأ لأن المبتدأ هو الركن الأعظم من ركني الإسناد فلا ينبغي حذفه وعليه فالأولى من الاحتمالين أولهما وبعضهم إلى أن الأولى جعل المحذوف هو المبتدأ والمذكور هو الخبر لأنه المقصود بالإفادة وذكر المبتدأ عند علمه يشبه أن يكون عبثا وحاصل توجيه الوجهين المذكورين أن الوجه الأول أولى لأن المبتدأ مقصود لذاته ومحكوم عليه فهو أولى بالشرف والاعتناء والخبر مقصود لغيره ومحكوم به وقيل الوجه الثاني أولى لأن الخبر محط الفائدة والمبتدأ وإن كان عمدة إلا أنه عند عمله يكون ذكره عبثا.
قوله: (ولعله لعدم ثبوت إلخ) توجيه لعدم تعرضه لجعلها مفعول فعل محذوف وقد يوجه أيضا بأن عدم تعرضه له لما فيه من حذف ركني الإسناد وهما الفعل والفاعل بخلافه على التقديرين اللذين ذكرهما فإنه لا يلزم إلا حذف أحدهما وعلى هذه الأقوال فسكونها سكون وقف وإن قطع النظر عن تركيبها مع لفظ محذوف فهي من الألفاظ المفردة فيجري فيها الأقوال الثلاثة المشهورة في الألفاظ قبل التركيب.
قوله: (أي: لأن المقدمة ترجمة إلخ) حاصل هذا التوجيه أن المقدمة ترجمة وقوله اللفظ إلى قوله التقسيم مترجم عنه ولا يصح الإخبار بالمترجم عنه عن الترجمة لأنها منقطعة عما بعدها كما أنه منقطع عنها لأنه أحكام مقصودة بالإفادة في أنفسها وليست جزءا من غيرها وقضية الإخبار به عنها أنها غير منفصلة وهو تناف وفيه أن كون الأحكام مقصودة لا ينافي انتساب مجموع الألفاظ إلى المقدمة غاية ما فيه أن يكون إسنادها إليها مجازا على أن المقدمة اسم للمعاني.
قوله: (يريد بها خصوص العبارات) عبارته صريحة في المنع المذكور ونصها ثم رعاية جانب المعنى تقتضي أن يكون المقدمة مبتدأ لخبر محذوف أي: المقدمة هذه المعاني المذكورة من الأحكام وما يتعلق بها إلى التقسيم أو الألفاظ الدالة عليها وجانب اللفظ يستدعي أن يكون الخبر هذه الألفاظ المذكورة لكن إفادة المعاني التي هي المقاصد بالذات على سبيل التبع انتهت ببعض حذف فقوله لكن الإفادة إلخ صريح في أنه لا يريد بها خصوص العبارات بل يريد بها العبارات من حيث دلالتها على المعاني.