قوله: ((إذا قلت إلخ)) هذه القضية كلية بناء على ما صرح به الشيخ في الشفاء أن مُهْمَلاتِ العلومِ كليةٌ، وقولُ المناطقةِ «المهملةُ في قوةِ الجزئيةِ» مخصوصٌ بغيرها، وإلى كونها كليةً أشار الشارح بالتقييدِ بقوله «تامٍّ خَبَرِيٍّ»، وإلَّا لَـمَا احتاجَ إلى التقييدِ.
وضَمَّنَ القولَ معنى النطقِ أو الاعترافِ فعَدَّاهُ بالباء، وهذا هو التضمين النحوي، وفي قياسيته خلافٌ.
أوقوله «بكلامٍ» متعلقٌ بحالٍ محذوفةٍ تقديرها ناطقًا أو معتَرِفًا، وهذا هو التضمينُ البيانيُّ وهو قياسي.
قوله: ((تام)) لَـمَّا كان الكلامُ يطلق لغةً على مطلق المركَّب قال «تامٍّ» لإخراج المركبات الناقصة كغلام زيد وأَحَدَ عَشَرَ لعدمِ جريانِ المناظرةِ فيها،
نَعَمْ إن كان في قوة المركب التام جرت فيه المناظرة نحو أَحَدَ عَشَرَ وزَنْجِيٍّ في قولك هؤلاء رجالٌ أَحَدَ عَشَرَ وجائني إنسانٌ زنجي.
قوله: ((خبري)) أخرج الإنشائي؛ إذ المناظرة إنما تكون في الخبري لا الإنشائي ولو نقلاً؛ إذ النقل إنما يُنَاظَرُ فيه من حيث جملةُ حكايةِ النقل كـ«قال فلانٌ كذا»، وهي دائمًا خبريةٌ وإن كان المنقول نفسُه إنشاءياً، فلا غُبارَ على كلامِهِ.
قوله: ((إن كنت ناقلا)) أي: «فيه»، وحَذَفَ الفاءَ جواب «إذا» مع أن الشرطَ لا يصلح لمباشرة الأداةِ فرارًا من ثِقَلِ توالي فائَيْنِ هذه وفاءُ جوابِ الشرط الثاني، ولم يَعْكِسْ تعجيلا بدفع الثقل.
قوله: ((بأيِّ وجهٍ كان)) أي: عن كتاب أو سنة أو عالم أو غيرها.
قوله: ((منك)) هذا التقييد بناءً على أن المناظرةَ «المدافعةُ من الجانبين لإظهار الصواب»
أمَّا على أنها «النظر بالبصيرةِ من الجانبين» فلا تقييدَ كما هو مقتضى إطلاق المصنفِ وغيرِه، فيَحْسُنُ على هذا للخصمِ أن يطلبها من الناقل أو غيرِهِ أو نفسِهِ.
قوله: ((الصحةُ)) أي: التصحيحُ؛ إذ الصحةُ ليست مَقْدُورَةً.
قوله: ((أي: صحة النقل)) قيل النقل بمعنى المنقولِ، ولا يخفى بطلانُهُ على ذَوِي العقولِ.
قوله: ((إن لم تكن معلومة)) أي: علما مماثلا للمطلوب بأن كانا ظنيين أو تقليديين أو يقينيين فإن كان مطلوبُهُ فوقَ ما عنده كأن يَطْلُبَ اليقينَ والذي عنده ظنٌّ فالطلبُ لائق.
قوله: ((من حيث هو مناظر)) أما من حيث هو مُمْتَحِنٌ فيليق،ُ لأن غرضَهُ اختبارُ حال الناقل، وكذا من حيث هو قاصدٌ لتأكيدِ ما عنده بتعدد طُرِقِ العلمِ.
قوله: ((لأن غرضَهُ)) أي: مِنْ طَلَبِ الصحةِ «إظهارُ الصواب» أي: فقط أخذًا من تعريفِ طرفي الجملةِ بناءًا على منع التعليل بعلتين، أَوْ أَنَّ ما سِوَى الإظهارِ كالامتحان والتأكيد بتعدد طرقِ العلمِ لا يليقُ لِلطُّولِ، وفي كلٍّ مناقشةٌ ومَنْعٌ، فلهذا قال «تدبر».
قوله: ((أو مدعيا)) قيل فيه العطف على معمولي عاملين مختلفين
ويمكن دفعه بتقدير عامل لـ«مدعيا» أي: أو كنت مدعيا أو تقديرِ عاملٍ لـ«الدليل» أي: فيُطْلَبُ الدليلُ، وإلى هذا أشار الشارح.
قوله: ((لإثبات الحكم)) أي: «أو بيانِهِ» بدليل قوله «أو التنبيه» فلا اعتراضَ.
قوله: ((أو بالتنبيه)) أي: في البديهي نحو الأربعة زوج لأنها تنقسم لمتساويين قسمة صحيحة.
قوله: ((وذلك إذا كان إلخ)) إنما يُحْتَاجُ إلى هذا التقييدِ إذا عُمِّمَ في قوله «مدعيا» وجُعِلَ شاملا للمُدَّعَى النظري والبديهي كما صنع الشارح، فإن قُصِرَ على المدعَى للنظري لأنه الذي يليقُ مَحَلًّا للمناظرةِ فلا.
قوله: ((المطلوب)) أي: المطلوبُ إقامةُ الدليلِ عليه، ولو قال «المُدَّعَى» لكان أوضح.
قوله: ((غير معلوم)) أي: علما مماثلا للمطلوب من الدليل على ما مَرَّ.
قوله: ((فلا يطلب الدليل)) أي: فلا يليق بالمناظر من حيث هو مناظرٌ أن يطلب الدليل؛ لأن غرضه إنما هو إظهارُ الصوابِ كما سبق ذلك بما فيه، وهذا هو المقصودُ بقوله فيما سيأتي «ولابد أن يُلَاحَظَ...إلخ»
وله أن يطلب التنبيه إذا كان بديهيًّا قد يخفى لا إن كان بديهيا أَوَّلِيًّا على التحقيق.
قوله: ((هو المركب)) أي: القول المركب، والمراد القول العقلي؛ إذ هو المعتبر عندهم، وإنما اللفظ لضرورة التفهيم.
وقوله «من قضيتين» أي: لا من أكثر، والقياسُ المركبُ من أكثرَ ليس في الحقيقةِ قياسا واحدًا بل قياسين أو أكثرَ بحسب الزائد على القضيتين.
وقوله: «للتأدي إلى مجهول نظري» أي: سواءٌ كان صحيحًا أَوْ لا.
وأَخَصُّ منه البرهانُ؛ لأنه ما تَرَكَّبَ من مقدمتين مُتَيَقَّنٍ صحتُهُما فلا يؤدِّي إلا إلى صحيح.
والمراد بالمجهول ما شأنه أن يجهل فدخل ما بعد الدليل الأول من الأدلة المتعاقبةِ كذا قيل، وهو تصحيح للتعريف في حد ذاته وإن كان المناسبُ لتعليل الشارح عدمَ طلب الدليل على المدَّعَى المعلومِ بأَنَّ الدليلَ هو المركبُ...إلخ حَمْلَ المجهولِ على المجهولِ بالفعلِ.
وقوله: «نظري» وصفٌ لازمٌ.
ثم تعريفُ الدليل بما ذكر هو اصطلاح المناطقةِ
أمَّا عند الأصوليين فهو «ما يُمْكِنُ التوصلُ بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري» ولو مفردًا كالعالَـمِ
والتعريف الثاني في الشارح يجري على الاصطلاحين وإن كان باصطلاح المناطقة أوفقَ على ما قاله السعد في شرح العقائد.
قوله: ((وهذا التعريف أولى إلخ)) لعدم جَامِعِيَّةِ الثاني بخروجِ الأشكالِ الغيرِ البينةِ الإنتاجِ وهو ما عدا الشكلَ الأولَ كما بُيِّنَ في الميزانِ، وعدمِ مانِعِيَّتِهِ بدخول المُعَرِّفَاتِ والملزوماتِ البيِّنَةِ لوازِمُها كطرفي التصديقِ البديهيِّ والأخصِّ بالنسبة إلى الأعمِّ.
وإن أجيب عن الأول بأن المرادَ اللزومُ ولو بواسطةٍ، والأشكالُ الثلاثةُ يلزمُها ذلك بواسطةِ رَدِّهَا إلى الشكل الأول كما بُيِّنَ في محلِّهِ
وعن الثاني بأن المرادَ بالعِلْمَيْنِ فيه التصديقُ لا التصورُ، واللازمُ فيما عدا صورةَ طرفي التصديق البديهي من صور النَّقْضِ تصورٌ لا تصديقٌ، وأما في صورة الطرفين المذكورةِ فهو وإن كان تصديقًا إلا أنه لازمٌ من تصورٍ.