خلال السنوات الثلاث الماضية، توسط مكتب المبعوث الخاص إلى اليمن بين أطراف النزاع بقيادة المبعوث الخاص مارتن غريفيث من أجل التوصل إلى حل سلمي للنزاع. وقد عُين السيد غريفيث مؤخرًا وكيلاً للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الانسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ.
وقال السيد غريفيث في آخر إحاطة له أمام مجلس الأمن بصفته المبعوث الخاص إلى اليمن:
" لقد وصفت الأمم المتحدة اليمن منذ أمد بعيد بأنَّها أسوأ أزمة إنسانية صنعها الإنسان في العالم. وأود هنا أن أشدّد على عبارة "صنعها الإنسان". إن إنهاء الحرب هو خيار. فاليمنيون رجالاً ونساءً وأطفالاً يعانون كلّ يوم لأنَّ أصحاب السلطة قد فوَّتوا الفرص التي عُرِضَت عليهم لتقديم التنازلات اللازمة لإنهاء الحرب. ونتيجة لذلك، أصبح اليمنيون يعيشون رغم إرادتهم تحت وطأة العنف وانعدام الأمن وتفشي الخوف في ظل قيود على حرية الحركة وحرية التعبير. وربما تتجلى المأساة في أبرز صورها فيما نراه من تحطم وتمزق لآمال جيل من الشباب اليمني وتطلعاته نحو مستقبل السلام."
وأكد السيد غريفيث مرة أخرى أن السبيل الوحيد للخروج من الصراع هو التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض وحذر من أن مرور الوقت يهدد فرصة التوصل إلى هذا الحل السلمي:
"لم يعد الوقت في صالح اليمن. فعلى مدار النزاع، تضاعفت وتشظت المجموعات المسلحة والسياسية. وتنامى في غضون ذلك التدخل الأجنبي ولم يتراجع. وما كان ممكنًا لفضّ النزاع قبل سنوات لم يعد ممكنًا اليوم. وما هو ممكن اليوم قد لا يبقى متاحًا في المستقبل."
وذكّر السيد غريفيث بالمبادئ الحاكمة للحوار السياسي والتسوية التي يحتاج إليها اليمن، فأشار لضرورة أن يكون الحوار شاملاً وتعدديًا، وشدد على أهمية أن تضمن أي اتفاقية "مصالح وحقوق المتضررين من النزاع، بدلاً من أن تقتصر على مصالح وحقوق من يقودون النزاع ويعملون على إطالته." كما أكد على ضرورة أن تستند الرؤية المستقبلية التي تحرك الحوار والتسوية إلى مبادئ "الشراكة السياسية والحكم الخاضع للمساءلة والسيادة والعدالة الاقتصادية والاجتماعية والمواطنة المتساوية." ولابد أن يكون الهدف النهائي "الاستقرار القائم على الحقوق والحرية."
وكرر السيد غريفيث أن الأمل موجود دائمًا في مناصرة اليمنيين للسلام، وسلط الضوء على الإنجازات الملهمة لليمنيين الذين "شكلوا تحالفات ونفذوا مبادرات تمتد من بناء منصات إعلامية غير حزبية إلى حشد وتنظيم نشاط المجتمع المدني وشبكات السلامة المجتمعية."
على مدى السنوات الثلاث الماضية، تعامل مكتب المبعوث الخاص إلى اليمن مع حالات الطوارئ التي هددت بعواقب إنسانية خطيرة. فدعم مكتب المبعوث الأممي الخاص حكومة اليمن وأنصار الله في التوصل إلى اتفاق ستوكهولم في ديسمبر/كانون الأول عام 2018. وقد تضمن الاتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة، وهي المعركة التي حذر جميع الخبراء الإنسانيين من أنها كانت لتقطع خط المساعدات الإنسانية الرئيسي في البلاد وتدفع اليمن إلى مجاعة واسعة نطاق.
كما ألزم اتفاق ستوكهولم الطرفين بتبادل جميع الذين حرموا من حريتهم نتيجة للنزاع، بمن فيهم المدنيون المحتجزون تعسفيًا. وبالبناء على هذا الالتزام، جمع كل من مكتب المبعوث الأممي الخاص ولجنة الصليب الأحمر الدولية ممثلين عن الأطراف في لجنة التقت عدة مرات وتفاوضت بنجاح لإطلاق سراح أكثر من 1000 محتجز في عام 2020. كما تبادل الطرفان من خلال اللجنة قوائم المحتجزين كأساس للمفاوضات المقبلة بشأن إطلاق سراح المزيد من المحتجزين.
في خريف عام 2019، توسط مكتب المبعوث الأممي الخاص بين الطرفين مما أدى للتوصل إلى اتفاق حول مجموعة من الترتيبات المؤقتة لتسهيل دخول سفن الوقود إلى اليمن عبر ميناء الحديدة على أساس استخدام العائدات في دفع رواتب موظفي الخدمة اليمنية. وقد أنهت هذه الآلية أزمة نقص الوقود في صنعاء والمحافظات المحيطة بها بشكل فعال أثناء فترة عملها.
مع بداية جائحة كوفيد-19 في عام 2020، بدأ مكتب المبعوث الخاص في الوساطة للتوصل إلى اتفاق يلزم الأطراف بوقف إطلاق النار على مستوى البلاد، ومجموعة من التدابير الإنسانية والاقتصادية لتخفيف المعاناة ودعم اليمن في التصدي للوباء، واستئناف محادثات السلام لإنهاء النزاع بشكل شامل. وبعد العديد من جولات الدبلوماسية المكوكية والعديد من المسودات، وعدة جولات من التعديلات التي قامت بها الأطراف، قام مكتب المبعوث الأممي الخاص بتضييق نطاق المفاوضات لتركز على وقف إطلاق النار على مستوى البلاد بالكامل وفتح مطار صنعاء ورفع القيود المفروضة على الوصول إلى موانئ الحديدة والالتزام باستئناف المحادثات الشاملة لانهاء النزاع.
إن الشمولية والملكية الوطنية ضروريان لاستدامة السلام ومبادئ أساسية في أطر الوساطة الخاصة بالأمم المتحدة. وقد ناصرت الأمم المتحدة تبني الحوار السياسي كحل للنزاع القائم.
في إحاطته الأخيرة إلى مجلس الأمن، أكد المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيث، أن أي تسوية سياسية يجب أن تعكس احتياجات وأولويات وتطلعات أكثر المتضررين من النزاع، وليس فقط أولئك الذين يشاركون فيه. وقد عمل مكتب المبعوث الأممي الخاص على أن تعكس جهود الوساطة وجهات نظر وآراء الجماعات غير المسلحة مثل النساء والشباب والمجتمع المدني.
خلال السنوات الثلاث الماضية، استخدم مكتب المبعوث الأممي الخاص استراتيجيات مختلفة لضمان أن تسترشد الوساطة التي يقوم بها في مجال السلام بآراء ووجهات نظر أكبر عدد ممكن من اليمنيين. وشمل ذلك تشكيل هياكل استشارية، مثل المجموعة النسوية اليمنية الاستشارية المُختصّة وهيئة استشارية من الخبراء اليمنيين الذين دعموا مكتب المبعوث الأممي الخاص أثناء المحادثات التي جرت في ستوكهولم في ديسمبر/كانون الأول 2018.
وفي إطار التحضير للمحادثات التي جرت في السويد والتي أدت إلى اتفاق ستوكهولم في ديسمبر/كانون الأول 2018، عرض مكتب المبعوث الخاص مقاعد إضافية لوفود أطراف النزاع إذا وافقوا على استخدام المقاعد لتضمين النساء في فرق التفاوض الخاصة بهم، لكن الأطراف رفضت العرض في ذلك الوقت. يواصل مكتب المبعوث الخاص الدعوة إلى إشراك المرأة في وفود الأطراف في أي مفاوضات مقبلة ومشاركتها الكاملة في عملية السلام.
كما عقد المكتب مشاورات مستمرة مع منظمات المجتمع المدني اليمنية والشخصيات العامة والخبراء بالإضافة إلى مجموعات الشباب والنساء والصحفيين والناشطين. وقد استخدمت المشاورات العديد من الأساليب بما في ذلك الاجتماعات الشخصية والافتراضية، فضلاً عن المشاورات الواسعة النطاق باستخدام أدوات رقمية مبتكرة.
وقد كشفت جهود توسيع نطاق الآراء التي تسترشد بها وساطة السلام في اليمن عن عدة عوامل يمكن تحسينها، بما في ذلك الحاجة إلى تعزيز وتقوية التنسيق بين مختلف كيانات الأمم المتحدة وبين الأمم المتحدة ومنظمات المسار الثاني، ورسم وتقوية خريطة المجموعات النشطة داخل اليمن وخارجه، والمزيد من التركيز على المتابعة اللاحقة للمبادرات المختلفة واستدامة المشاركة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى حلول أكثر ابتكارًا لتوفير منصة تسمح للمجتمع المدني بالتأثير على آراء الأطراف في غياب المحادثات المباشرة في سياق العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة.
وقد استخدم مكتب المبعوث الخاص استراتيجيات مختلفة لمعالجة هذه الثغرات، بما في ذلك تعزيز آليات التنسيق ومبادرات التعرف على الخرائط الكاملة للمجموعات الممكن التواصل معها على الأرض، فضلاً عن دمج النساء والشباب والمجتمع المدني في كافة اجتماعات المكتب وأنشطته.
"هذا هو العام السادس منذ تصاعد النزاع الحالي الذي أسفر عن معاناة لا توصف للأطفال. ويتيح التقرير فرصة ليرى العالم التكلفة الحقيقية للحرب على الأطفال وحياتهم وإمكاناتهم ومستقبلهم. من خلال هذا التقرير وسلسلة من التقارير، تسلط اليونيسيف في اليمن الضوء على حجم التأثير الذي يخلفه النزاع على التعليم في اليمن وتدعو بالنيابة عن أطفال اليمن ومعلميهم أطراف النزاع والمجتمع الدولي لإعطاء الأولوية لتعليم الأطفال للحفاظ على مستقبل اليمن."
اقرأ تقرير اليونيسيف كاملاً على العنوان التالي: