نبذة عن الدكتور علي السمنى – رحمه الّله –
الدكتورعلي السمني - رحمه اللّه – وهو مواطن مصري أفنى حياته من اجل وطنه ودينه وأسرته ، وقد لا يعرف الكثيرون شيئا عن هذا الرجل وربما يرجع ذلك إلى ان الدكتور علي السمني أمضى جزءا كبيرا من حياته - مايقرب من ٢٥ عاما - في اليابان حيث كان يعمل أستاذا مبعوثا من قبل الحكومة المصرية لتعليم اللغة العربية في جامعات اليابان بالإضافة إلى قيامه بالعديد من الأعمال التطوعية من اجل نشر الإسلام والثقافة العربية هناك وقد يكون غياب الرجل طيلة هذه السنوات عن وطنه هو السبب الرئيسي في الا يحظى بالشهرة والتقدير اللازمين في بلده مصر ، وهذا ليس لتقصير من الجهات المسئولة في مصر بقدر ماهو تصديقا للمثل القائل " البعيد عن العين٠٠ بعيد عن القلب " وعلى الجانب الآخر فلقد كان الدكتور علي السمني يتمتع بشهرة وصيت حسن في اليابان حيث كان له أكبر الأثر في توثيق التعاون بين مصر واليابان في مجال تعليم اللغة العربية والثقافة الإسلامية حتى ان حكومة اليابان منحته وسام الإمبراطور من الدرجة الأولى وكان اول أجنبي يحصل على هذا التقدير من الحكومة اليابانية٠ وسوف نحاول الحديث هنا تباعا - ان شاء الله - عن حياة ونشأة وتجربة الدكتور علي السمني عسى ان نوفيه بعضا من قدره وينتفع بتجربته العديد.
ولد الدكتور علي السمني في ١٣ يونيو سنة ١٩١٥ في قرية سنديون محافظة القليوبية والتي تبعد عن القاهرة حوالي ٢٠ كيلومتر من أبوين فلاحين فقراء٠ وكان للدكتور علي أخ واحد أكبر منه اسمه عبد العظيم والذي اصبح بعد ذلك من مشاهير قراء القران الكريم في الإذاعة المصرية في الأربعينات ولقب بلقب " محمد فريد السند يوني " حيث كان يشبه وقتها الزعيم الوطني محمد فريد ثم نسب هذا اللقب الي قريته سنديون مسقط راسه ٠ حفظ الدكتور علي السمني هو واخوه عبد العظيم القران في كتاب ( بضم الكاف وتشديد التاء) القرية سنديون وأصبحا - بفضل اللّه- من حفظة القران الكريم ثم توفى أبوه وتولت امه الإنفاق عليه هو واخوه من دخلها البسيط والذي كانت تكتسبه من زراعة القطن في أرضها الزراعية في سنديون وكانت مساحة هذه الأرض لا تتجاوز ١٨ قيراط أي اقل من فدان٠ في هذا الوقت حصل الدكتور علي السمني على شهادة البكالوريا وقرر ان يعمل باالبكالوريا حتى يتمكن من مساعدة امه وتخفيف العبيء عنها فعمل مدرسا بالمدارس الابتدائية في قرية الصباح ( بتشديد الباء) والمجاورة لمسقط راسه سنديون وكان يذهب يوميا لعمله في قرية الصباح على الدراجة٠ وكان طموح الدكتور علي السمني أكبر بكثير من الحصول على البكالوريا فقرر ان ينتقل للقاهرة ويلتحق بكلية الآداب جامعة عين شمس ( جامعة إبراهيم في هذا الوقت) ٠
٢ : الدكتور ينتقل لمصر ( القاهرة)
٠٠٠ وبالفعل انتقل الدكتور علي للقاهرة هو وصديقين له من سنديون وسكنوا جميعا في غرفة واحدة وعكفوا على الدراسة حتى يجتازوا اختبار الدخول للجامعة وفي هذه الأثناء كانت والدة الدكتور علي تحمل له التموين الأسبوعي من خبز وجبنه قديمة وبيض كل يوم جمعة ، فكانت بعد فجر كل يوم جمعة تحمل على رأسها " سبت" مملوء بهذا التموين وتذهب سيرا ( مشيا) على الأقدام من سنديون إلى منطقة الأزهر في القاهرة حيث كان يقيم ابنها مع صديقيه ثم تعود في نفس اليوم أيضاً سيرا على الأقدام إلى سنديون٠ ٠٠٠ ونجح الدكتور علي في اجتياز امتحان القبول بكلية الآداب جامعة عين شمس ( جامعة إبراهيم في هذا الوقت ) والتحق بها كطالب منتسب وقبل ان ينتقل الدكتور علي للإقامة في القاهرة للدراسة والعمل تزوج من فتاة من قريته سنديون واصطحبها معه لتقيم معه في حي شبرا حيث عمل كمدرس ابتدائي في مدرسة البطايحي الإبتداءية في منطقة روض الفرج في شبرا إلى جانب دراسته كطالب منتسب في كلية الآداب قسم اللغة العربية والتي كانت تقع أيضاً في حي شبرا ( كلية هندسة شبرا حالياً ) ، وهكذا اصبح حي شبرا هو مكان الإقامة الجديد للدكتور علي وكذلك مكان عمله ودراسته بالإضافة إلى ان حي شبرا كان اقرب أحياء القاهرة لقريته سنديون حيث كانت تقيم والدته٠
بعد ان انتهى الدكتور علي السمني من دراسته الجامعية وحصوله على ليسانس اللغة العربية من كلية الآداب جامعة عين شمس تقرر ترقيته إلى مدرس إعدادي بمدرسة الهاشمي الإعدادية للبنين والتي كانت تقع أيضاً ً في شارع القضاعي بشبرا ، وفي هذه الأثناء قام الدكتور علي بتسجيل دراسته للماجستير وفي هذه الأثناء أيضاً كان الدكتور علي قد أصبح أبّاً وبذلك أصبح مسئولاً عن أسرته وعن عمله كمدرس وأيضاً عن دراسته في الماجستير٠ وفي أوائل الستينات ورغم كل مسئوليات الرجل حصل الدكتور علي السمني على الماجستير بتفوق عن رسالته والتي كان موضوعها " دراسة مقارنة في شعر جرير والفرزدق " وعندها أيضاً تقرر ترقيته لمدرس ثانوي في مدرسة ناصر الثانوية والتي كانت تقع أيضاً في حي شبرا٠ ورغم زيادة أعباء الحياة على الدكتور علي السمني إلا ان طموحه العلمي لم يتوقف عند شهادة الماجستير فقرر التسجيل للحصول على الدكتوراه ، وفي هذا الوقت كان الدكتور علي السمني قد أصبح أبّاً لثمانية أبناء إلى جانب عمله كمدرس ثانوي.
٤ : الدكتور سفيرا للغة العربية في بلاد الشمس المشرقة
٠٠ وبعد ان سجل الدكتور علي السمني دراسته للدكتوراه مباشرة وقع عليه إختيار وزارة التربية والتعليم ليكون أول أستاذ لغة عربية يذهب لليابان لتدريس اللغة العربية في جامعتها وذلك في بعثة تعليمية من الحكومة المصرية لحكومة اليابان مدتها أربعة سنوات٠ وفي شهر نوفمبر سنة ١٩٦٣ توجه الدكتور علي السمني إلى طوكيو باليابان وقد حمل معه مراجعه الخاصة بدراسة رسالة الدكتوراه وبعد ان تلقى التوجيهات من أستاذه المشرف على الرسالة الدكتور عبد القادر القط - رحمه اللّه - حتى يستمر في دراسته وبحثه أثناء عمله في اليابان ، ذهب الدكتور علي السمني بمفرده وترك زوجته وأبناءه الثمانية في مصر ليكون أول ممثل لمصر في مجال تعليم اللغة العربية في أقصى بلاد الأرض بلاد الشمس المشرقة اليابان.
٥ : أول صدمة للدكتور بعد سفره لليابان
٠٠٠ ذهب الدكتور علي لليابان وترك أبناءه الثمانية مع أمهم في شبرا وكان أكبر الأبناء في ذلك الوقت ابنته والتي كانت في ليسانس كلية البنات قسم اللغة الإنجليزية ، وكان أصغر الأبناء ابنه الرضيع والذي لم يتجاوز عمره سنه ونصف وقتها٠٠ وتحملت الأم - بكل أمانة - مشقة وعناء تربية هذا الحشد من الأبناء إلا ان القدر لم يمهلها وتوفيت في مارس سنة ١٩٦٤ أي بعد سفر الدكتور علي لليابان بأربعة شهور وكان عمرها لا يتجاوز الأربعين عاماً ، وهنا قرر الأبناء ألا يخبروا أبيهم بوفاة أمهم حتى يعود لمصر وكان هذا أمراً سهلاً إلى حد ما حيث انه في ذلك الوقت كانت طريقة التواصل بين الدكتور علي وبين أبناءه هي الخطابات وكانت كتابة الخطابات هي مهمة الإبنة الكبرى حيث أن الأم كانت لاتقرأ ولا تكتب مما يسر على الأبناء إخفاء خبر وفاة أمهم عن أبيهم حيث لم يكن الأب ليتوقع خطابات من زوجته التي لاتقرأ ولا تكتب ، وظل الحال هكذا إلى أن قضى الدكتور علي سنتين في اليابان وهي نصف مدة البعثة ثم عاد لمصر في أجازة مؤقتة ووقتها فوجئ بوفاة زوجته وكانت صدمة كبيرة له وفكر جدياً في أن يقطع البعثة ولا يعود لليابان ولكن أبناءه الكبار أقنعوه بتكملة رسالته في اليابان والعودة مرة أخرى لمدة سنتين حتى تنتهي مدة البعثة الرسمية ووعودوه جميعاً بالإجتهاد في دراستهم وأن يطمأنوه دائماً عن طريق الخطابات.
٦ : الدكتور إمام وخطيب وقارئ لمسجد طوكيو
٠٠٠ عاد الدكتور علي لليابان بناءاً على رغبة أبناءه لقضاء سنتين هناك وإنهاء مدة بعثته الرسمية٠ ٠٠ وفي خلال هاتين السنتين كان الدكتور علي يقيم في مدينة طوكيو في حي يدعى " يو يوجي ويهارا" في منطقة " شيبويا " ، وكان في هذه المنطقة يقع مسجد طوكيو والذي كان المسجد الوحيد في طوكيو وقتها٠٠ ورغم انشغال الدكتور علي بعمله في التدريس بعدة جامعات وكذلك بدراسته للدكتوراه إلا انه استطاع تنظيم وقته بحيث يتمكن من حضور صلاة الجمعة بالمسجد كل أسبوع وأصبح يقرآ - متطوعاً - قرآن الجمعة كل أسبوع بالإضافة إلى خطبة الجمعة والإمامة ، وكذلك كان يستغل يوم الأحد - وهو يوم الأجازة الأسبوعية في اليابان - في عمل ندوات ودروس إسلامية في المسجد لليابانين والجنسيات الأخري٠٠ وذاع صيت الدكتور علي السمني في أرجاء طوكيو كأستاذ لغة عربية وهو عمله الرسمي وكداعية إسلامية وهو عمل تطوعي ٠٠ وبدأت وسائل الإعلام اليابانية تتحدث عن نشاط هذا المصري وتعاونه الشديد مع اليابانين وتأثيره الإيجابي عليهم في مواقف عديدة٠٠ ومن إحدى هذه المواقف عندما فتح الدكتور علي منزله للطلبة اليابانين ليدرسوا فيه عندما كانت الجامعة في حالة إضراب وحتى لا يضيع على الطلبة بعض المحاضرات٠٠ والغريب أن وسائل الإعلام المصرية أيضاً تناولت هذا الموقف وقتها حيث كتب عنه الأستاذ آدم النواوي مقالاً في جريدة الأهرام في باب " من غير عنوان " وكان عنوان المقال " جامعة طوكيو تفتح فصلاً في منزل مدرس مصري " ٠٠ وهكذا أمضى الدكتور علي مدة السنتين المتبقيتين من بعثته لليابان في أنشطة عديدة أثمرت عن توطيد العلاقات بين اليابان ومصر٠٠٠ وانتهت السنتين وانتهت معها مدة البعثة الرسمية وعاد الدكتور علي السمني نهائياً لمصر ليكمل مشوار كفاحه بها إلى جوار أبناءه ٠٠٠ ولكن اليابان أبت وبشدة أن يعيش الرجل في بلده .
٧ : جامعة طوكيو ترفض عودة الدكتور لوطنه وأولاده
٠٠٠ عاد الدكتور علي السمني من اليابان بعد ان أتم مدة بعثته الرسمية وهي أربعة سنوات ، عاد لمصر ليكمل مشوار كفاحه بها وليبقى إلى جوار أبناءه الثمانية وكذلك أمه التي كانت تنتظر عودته على أحر من الجمر فهو إبنها الوحيد بعد أن توفي إبنها الأكبر عبد العظيم إثر مرض أصابه ٠٠٠ وسعد الأبناء الثمانية بعودة أبيهم وكذلك سعدت والدة الدكتور علي بعودة إبنها النهائية لمصر ، ولكن هذه السعادة لم تدم طويلاً فبعد مرور شهر واحد من عودة الدكتور علي من اليابان أرسلت وزارة التربية والتعليم اليابانية إلى وزارة التربية والتعليم المصرية طلباً بإعادة الدكتور علي مرة أخرى لليابان وذلك بناءاً على رغبة الجامعات اليابانية التي كان يُدّرس فيها الدكتور علي ، ولكن وزارة التربية والتعليم المصرية ردت بدورها على وزارة التربية والتعليم اليابانية وأخبرتها أنه طبقاً لنظام البعثات المصرية فإنه لا يجوز لأي أستاذ أن يُعار إلى دولة أجنبية أكثر من أربعة سنوات بعدها يعود هذا الأستاذ و يُرسل أستاذ جديد وحيث أن الدكتور علي السمني قد أمضى أربعة سنوات في اليابان فلا يحق له العودة لليابان مرة أخرى وأن الحكومة المصرية بصدد إرسال هذا الأستاذ الجديد٠٠ إلى هنا والأمر جميل ، ولكن وزارة التربية والتعليم اليابانية عادت وأرسلت مرة أخرى لوزارة التربية والتعليم المصرية تطلب منها أن تستثني الدكتور علي السمني من نظام البعثات المصرية وأن ترسله مرة أخرى لليابان وأن حكومة وجامعات اليابان سوف تتحمل جميع نفقات ومصاريف ومرتبات الدكتور علي ولن تتكلف الحكومة المصرية أية نفقات لهذا الأستاذ !! وهنا فوجئت وزارة التربية والتعليم المصرية بهذا الطلب وبدأ المسئولين في الوزارة يتساءلون من هو هذا الأستاذ علي السمني ولماذا تصر عليه اليابان ، وبناء عليه قام الدكتور محمد حلمي مراد وزير التربية والتعليم المصري وقتها بإستدعاء الدكتور علي السمني لمقابلته وإستجوابه٠
٨ : نجاح الدكتور كممثل لمصر بدرجة امتياز ، ونتائج هذا النجاح
ذهب الدكتور علي السمني - أو الشيخ علي السمني كما كان يحب ان يناديه أبناء قريته سنديون - ذهب لمقابلة وزير التربية والتعليم المصري آنذاك الدكتور محمد حلمي مراد ،وبعد أن شرح الدكتور علي بالتفصيل للوزير نشاطاته التعليمية والثقافية والدينية في اليابان ، أصدر الوزير قراراً وزارياً يستثني الدكتور علي من قواعد ونظام البعثات في مصر وكلفه بالعودة فوراً الى مالانهاية لليابان لتكملة المسيرة وحسب رغبة الحكومة والجامعات اليابانية٠٠٠ وبقدر ماكان هذا القرار تعبيراً كبيراً عن ثقة المسئولين المصريين في الدكتور علي واعتباره رمزاً مصرياً تعليمياً لمصر في اليابان بقدر ماكان قراراً قاسيا من الناحية النفسية على الدكتور علي نفسه وعلى أولاده الثمانية وعلى أمه التي كانت تحلم ببقاء إبنها إلى جوارها في مصر٠٠٠ وعلى الرغم من أن الدكتور علي لم يكن له الخيار في أن يرفض قرار تكليف عودته لليابان إلى مالانهاية إلا أنه - وكعادته دائماً في الأمور الهامة - عكف على صلاة الإستخارة ويبدو أن اللّه سبحانه وتعالى أراد له هذا الطريق ليكون سبباً في معرفة اليابانين للإسلام واللغة العربية٠٠٠ وعاد الدكتور علي مرة أخرى لليابان ولكن هذه المرة كانت كل مصاريفه ومرتباته وإقامته تتولاها الجامعات اليابانية والتي سمحت له بزيارة أولاده في مصر مرة كل سنه بدلاً من مرة كل سنتين٠٠٠ وبالفعل كان الدكتور علي يعود لمصر شهر كامل كل سنه ليطمئن على أولاده وأمه وكذلك ليطلع أستاذه الدكتور عبد القادر القط على ماوصل إليه في بحث الدكتوراه والذي أصر الدكتور علي أن يكمله للنهاية٠٠٠ وظل الحال على هذا المنوال لبضع سنوات قليلة وكان الدكتور علي دائم القلق على أبنائه ولكن تفوقهم في دراستهم وإلتزامهم كانا الونيس الأول له في غربته حتى جاء الوقت وطلب منه أولاده أن يبحث عن ونيس له في غربته وهنا كان القرار الصعب .
٩ : أبناء الدكتور يلعبون دوراً في حياة أبيهم
· ٠٠٠ شعر أبناء الدكتور علي من كلامه لهم -عندما كان يعود لمصر في أجازته السنوية- شعروا أن أباهم يحتاج لأنيس له في غربته خاصة وأن برنامجه اليومي في اليابان مشغول إلى درجة كبيرة حيث كان يخرج الدكتور في الصباح ليعلّم اللغة العربية في عدة جامعات ثم يعود في المساء ليطبخ لنفسه ويغسل ملابسه وينظف منزله إلى آخر هذه الأمور المنزلية فقد كان الدكتور علي رجل ريفي عصامي يعتمد على نفسه في كل أمور حياته بالإضافة أن عمر الدكتور في هذا الوقت جاوز الخمسين عاماً٠٠٠ لكل هذه الأمور أ لّح أبناء الدكتور علي على أبيهم أن يتزوج إما من مصر زوجة مصرية ويصطحبها معه لليابانً أو من اليابان زوجة يابانية تعيش معه وتكون ونيساً وعوناً له٠٠ وكم كان هذا القرار ثقيلاً على قلب الدكتور علي والذي كان يحب زوجته- المتوفاه - حبّاً جمّاً٠٠ وأمام إلحاح الأبناء وعدهم الدكتور علي بالتفكير في الأمر٠٠ وبدأ الدكتور علي في مناقشة الأمر مع أصدقائه المسلمين والمقرّبين له في اليابان وبالفعل ز كّى له أصدقاؤه آنسة يابانية مسلمة كانت تحضر الدروس التي كان يلقيها الدكتور عن الإسلام أسبوعياً كل يوم أحد٠٠٠ وفي أوائل السبعينات تزوج الدكتور علي من هذه الفتاة اليابانية المسلمة الفاضلة زواجاً إسلاميًا وعاشت زوجته الجديدة معه وأنجبت له بنتين وكذلك قام الدكتور بإصطحاب زوجته الجديدة لمصر وعرّفها بأولاده الثمانية والذين رحبوا بها ترحيباً كبيراً وكذلك هي تقربت لهم واستحوذت على حبهم٠٠٠ وظل الحال هكذا حيث عاش الدكتور علي بصفة مستمرة في اليابان مع زوجته اليابانية وإبنتيه منها وكانوا جميعاً يزورون مصر كل سنة تقريباً٠٠٠وعندما بلغ الدكتور علي سن ٦٢ عاماً أحُيل للمعاش من عمله في جامعات اليابان فهذا هو سن التقاعد في الجامعات اليابانية حينذاك٠٠٠ وبطبيعة الحال قرر الدكتور علي إصطحاب زوجته اليابانية وإبنتيه والعودة لمصر للإقامة فيها وبالفعل عاد الدكتور علي وأسرته لمصر في مطلع الثمانينات واستقر في مصر٠٠ ولم يمض على إقامته في مصر سنة كاملة إلا وحدثت المفاجأة٠
١٠ : اليابان والسعودية يُكرّما الدكتور
٠٠٠ قبل أن يُحال الدكتور علي السمني إلى التقاعد من العمل في الجامعات اليابانية وأثناء عمله باليابان حصل على درجة الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة عين شمس عن رسالته " دراسة مقارنة في شعر البهاء زُهير" ووقتها كانت لجنة مناقشة الرسالة تتكون من فطاحل الأدب العربي آنذاك وهم الأساتذة : مهدي علّام ومحمد العلائي وعبد القادر القط - رحمهم اللّه جميعاً- وقرر هؤلاء الأساتذة منح الطالب علي السمني درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف ليصبح الدكتور علي السمني ووقتها أيضاً منحته جامعة طوكيو للدراسات الأجنبية لقب " أستاذ "٠٠ وبعد أن أحيل الدكتور علي السمني للتقاعد من العمل في الجامعات اليابانية عاد هو وزوجته اليابانية وإبنتيه إلى مصر ليستقر بها ويعمل في إحدى الجامعات المصرية إذا أمكن٠٠ ولكن لم تمر سنة واحدة على عودة الدكتور علي إلى مصر إلا وكرمته الحكومة اليابانية وقررت منحه وسام الإمبراطور الياباني من الدرجة الأولى فكان أول أجنبي يحصل على هذا الوسام وتسلم الدكتور علي الوسام في سفارة اليابان في القاهرة وسط حفاوة وتقدير من طاقم السفارة وتناولت وسائل الإعلام المصرية وقتها هذا الخبر بالفرح والتقدير٠٠ وظن الدكتور علي أنه بهذا التقدير قد و فّى رسالته تجاه اليابان واليابانين ولكن وبعد شهور قليلة وإذا بمفاجأة جديدة تحمل كل معاني التقدير للدكتور علي٠٠٠ فقد تلقى الدكتور علي تكليفاً رسمياً من حكومة المملكة العربية السعودية بالعودة مرة أخرى لليابان ليستكمل رسالته في نشر الإسلام ، هذه الرسالة التي حملها الدكتور علي - متطوعاً - طوال ٢٠ عاما ولكن هذه المرة سوف يستكمل الدكتور علي رسالته هذه بصفة رسمية حيث كُلّف بمنصب مدير الدعوة الإسلامية باليابان ولمدة ٣ سنوات٠٠٠ ومادام الأمر يتعلق بالإسلام فلم يكن للدكتورعلي الخيار إلا أن يحزم حقائبه مرة أخرى ويعود لليابان هو وزوجته اليابانية وإبنتيه ليعمل هذه المرة مديرا للدعوة الإسلامية في اليابان على نفقة حكومة المملكة العربية السعودية .
١١ : الدكتور مديراً للدعوة الإسلامية في اليابان
٠٠٠ لم يكن للدكتور علي السمني الخيار من أمره عندما كلفته الحكومة السعودية بالعودة لليابان مرة أخرى ليعمل كمدير للدعوة الإسلامية في طوكيو لمدة ٣ سنوات، فهو قد بدأ هذه الدعوة - متطوعا- منذ ٢٠ عاما والآن هو مُكلّف لاستكمال المشوار فما كان من الرجل إلا أن حزم حقائبه وعاد لليابان هو وزوجته اليابانية وإبنتيه ومكث هناك يعلّم ويدعو للإسلام استكمالا لجهوده طوال العشرين عاما الماضية وبفضل اللّه اسلم العديد من اليابانين على يد الدكتور علي وكذلك تزوج على يديه العديد من البنات اليابانيات واللائي تزوجن من رجال مسلمين من مختلف الجنسيات ، كذلك كان الدكتور علي واحداً من ١٢ شخصاً ساعدوا في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة اليابانية، وهكذا أمضى الدكتور علي الثلاثة سنوات في نشاطات كثيرة تتعلق كلها بالدعوة للإسلام٠ وبعد مرور الثلاثة سنوات قرر الدكتور علي إعطاء الدفة لشباب الدعاة ليستكملوا المسيرة فلقد كان الدكتور رجلا ديموقراطياً وذو مرونة ومقدّراً للشباب وبناء عليه سلّم الدفة لتلاميذه الشباب والذين تعلموا على يديه وقرر العودة لمصر في منتصف الثمانينات ٠ وبعد أن عاد الدكتور لمصر مرة أخرى هو وزوجته اليابانية وإبنتيه قرر أن يعيش بين أهله وأصدقائه في مسقط رأسه قرية سنديون وحيث أن منزله في القاهرة كان أيضاً موجوداً وحيث أن أبناءه وأحفاده جميعاً يقيمون في القاهرة فلقد أخذ الدكتور يتنقل في إقامته بين سنديون والقاهرة، كذلك كان يخطب ويؤم في مسجد صغير بجوار منزله في سنديون وكذلك أثناء الأيام التي كان يقيمها في سنديون كان يجتمع يومياً بالعديد من أهل قريته ويحدثهم كثيراً عن تجربته في اليابان ويساعدهم في الكثير من الأمور ، وعندما يذهب ويقيم في القاهرة كان يسعد بلقاء أبنائه وأحفاده ويساعدهم ويسدي إليهم بالنصائح ويحضر كل مناسباتهم ، وظل الدكتور على نشاطه هذا وبخفة ظله يظلل على كل من حوله بعطفه وتعليمه دون أن يكّل أو يمل يوماً واحداً وحتى نهاية التسعينات.
الدكتور ينهي حياته في قريته وبين أهله واولاده وأحفاده
٠٠٠ منذ أن عاد الدكتور علي السمني من اليابان هو وزوجته اليابانية وإبنتيه في منتصف الثمانيات ليستقر نهائياً في مصر إلا واستمر في مزاولة نشاطه الديني والإجتماعي فكان أثناء إقامته في مسقط رأسه سنديون يجتمع بأهله وأصدقائه ويفيض عليهم بعلمه وخبرته ، وعندما يذهب للقاهرة ليقيم مع أبنائه وأحفاده فكان يفيض عليهم بحنانه وحبه وظل الدكتور علي محافظاً على هذا النشاط بكل حيوية حتى وافته المنية في ٢٠يناير عام ١٩٩٩ عن عمر يناهز ٨٤ عاماً٠ وحتى في وفاته فلقد كان الدكتور خفيفا ولم يثقل على من حوله بالمرض أو العجز وكل ما عاناه هو وعكة صحية خفيفة لمدة بضعة أيام قليلة ثم توفى٠ وإذا كان الدكتور علي قد رحل عن عالمنا فإن جهوده من أجل دينه ووطنه وأسرته وأهله ستظل ، وسيظل كل من تتلمذ على يديه يذكره ، ويكفي أنه في مجال الدعوة الإسلامية وفي مجال اللغة العربية في اليابان لايوجد من لا يعرف الدكتور علي السمني ويعرف جهوده من أجل الدعوة واللغة معاً وكذلك جهوده من أجل توطيد العلاقات في مجال التعليم بين مصر واليابان ، وكذلك فإن صيت الدكتور علي زاع - ومازال- في كثير من دول شرق آسيا مثل ماليزيا وإندونيسيا حيث كان يذهب لهذه الدول لحضور المؤتمرات الإسلامية بصفته مديرا للدعوة الإسلامية في اليابان٠ وإلى جانب كل هذا فقد أنعم اللّه سبحانه وتعالى على الدكتور علي السمني بالذُرية الصالحة فهو له عشرة أبناء من زوجتيه المصرية واليابانية وأكبر أبناءه إبنته - رحمها اللّه- والتي كانت أستاذة لغة إنجليزية ووصلت إلى منصب مدير تعليم بوزارة التربية والتعليم، وإبنه الأكبر - رحمه اللّه- وهو دكتور في القانون وعمل فترة طويلة برئاسة الجمهورية في عهد الرئيس السادات - رحمه الله- ، وإبنه الثاني - أطال الله في عمره- لواء مهندس بالمعاش بالقوات المسلحة، وإبنه الثالث وهو أستاذ بجامعة أوكيناوا الدولية باليابان، وإبنتين تخرجتا من كلية التجارة وتعمل إحداهن مديرة بشركة مص للبترول وتوفيت الأخرى- رحمها الله- وكانت رية منزل، وبنته المهندسة الزراعية والتي توفيت بأمريكا - رحمها الله- ثم إبنه الأصغر- أطال الله في عمر ه- وهو كبير مهندسين بحري، كذلك فإن للدكتور ابنتيه من زوجته اليابانية ولقد درستا في كلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة وتعمل إحداهن الآن مذيعة بالإذاعة اليابانية إلى جانب كونها كاتبة مشهورة في اليابان ،والأخرى تعمل في منظمة اليونيسف بهيئة الأمم المتحدة بنيويورك ، كذلك فإن للدكتور علي السمني ٤٤حفيداً حتى كتابة هذه السطور وكلهم مابين العاملين في مراكز مرموقة وبين طلبة الجامعة والمدارس والحضانة٠ رحم الله الدكتور علي السمني وجزاه خير الجزاء لما قدم لدينه ووطنه وأسرته وأهله اللهم آمين.
*** برنامج إذاعي لتكريم الدكتور على بعد عودته من اليابان وقضاءه 25 عاما في اليابان (البرنامج)