السلفيون فرحون بجلاء الروافض والنصيريّة من الشام، ويحذرون الجماعات والحركات الإسلاميّة من الركون إلى الروافض، فهذه عاقبة أتباعهم.
السلفيون فرحون بجلاء الروافض والنصيريّة من الشام، ويحذرون الجماعات والحركات الإسلاميّة من الركون إلى الروافض، فهذه عاقبة أتباعهم.
قال تعالى: ﴿لَو خَرَجوا فيكُم ما زادوكُم إِلّا خَبالًا وَلَأَوضَعوا خِلالَكُم يَبغونَكُمُ الفِتنَةَ وَفيكُم سَمّاعونَ لَهُم وَاللَّهُ عَليمٌ بِالظّالِمينَ﴾ [التوبة: ٤٧].
وقال تعالى: ﴿وَكَذلِكَ نُوَلّي بَعضَ الظّالِمينَ بَعضًا بِما كانوا يَكسِبونَ﴾ [الأنعام: ١٢٩].
وفيها من العلم:
بيان سُنّة من سُنن الله في المجتمعات التي نراها بين وقت وآخر، فنحن نرى أن الشخص الذي يعين الظالم ويتذلل له ويكون جندياً من جنوده ونصيراً من أنصاره وولياً من أوليائه إذا بالأيام تدور ثم ينقلب عليه، كما يقال: "من أعان ظالماً سلطه الله عليه".
فبعدما يكون بينهم هذه الموالاة وهذه المناصرة تدور الأيام وتجري فيهم سنن الله سبحانه وتعالى، حتى إن هذا الذي أعانه ينتقم الظالم منه، ويذيقه من نفس الكأس، فالانقلابات العسكرية والخيانات والقتل والاغتيال ما هي إلا عبارة عن انتقام ينتقم الله به من ظالم بظالم، ثم ينتقم من الظالمين جميعاً، فسُنّة الله سبحانه وتعالى أنه لا تدوم للظلم دولة، لكن تجد الظالم ينتقم الله به من ظالم مثله، ثم ينتقم من الظالمين أجمعين، وتكون العاقبة للمتقين،.
وقال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "معنى هذه الآية الكريمة: كما ولينا هؤلاء الخاسرين من الإنس تلك الطائفة التي أغوتهم من الجن كذلك نفعل بالظالمين، نسلط بعضهم على بعض، ونهلك بعضهم ببعض، وننتقم من بعضهم ببعض، جزاءً على ظلمهم وبغيهم" انتهى.
فالروافض لم يتمكنوا إلاّ بدعم من اسرائيل والغرب، فانقلبوا وتسلطوا عليهم!!.
ومع فرحنا بماجرى في الشام من إجلاء النصيريّة والروافض، نُذكّر أنّ ماجرى في غزّة ماهو إلاّ من تدبير الروافض، وغفلّة أهل السُنّة، حيث ركنوا إلى الروافض ووثقوا بهم، ثم سلّط الله على الروافض اليهود، وهذا من سُنن الله التي لا تتبدل ولا تتحول.
فعلى هيئة الشام؛ إذا أرادوا الخير للمسلمين، أن يراعوا المصالح والمفاسد، ولايكرروا أخطاء غيرهم، ويعلموا أنّهم في عالم يتحكم فيه قوى الشر -بإذن الله-، فليتلطفوا معهم ولا يذعروهم ولا يجعلوا لهم حُجّة عليهم، ويدفعوا الشر الكبير بارتكاب الشر الصغير، ويراعوا أكبر المصلحتين بتفويت أدناهما، قال تعالى: ﴿أَمَّا السَّفينَةُ فَكانَت لِمَساكينَ يَعمَلونَ فِي البَحرِ فَأَرَدتُ أَن أَعيبَها وَكانَ وَراءَهُم مَلِكٌ يَأخُذُ كُلَّ سَفينَةٍ غَصبًا﴾ [الكهف: ٧٩].
وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "الخير والشر درجات فيُقتنع بالخيراليسير إذا لم يحصل ما هو أكثر منه، ويدفع الشر الكبير بالشر اليسير" انتهى.
ويعلموا أنّ الأمّة تمر بمرحلة استضعاف فيكون واجب الوقت مراعيّا لهذا الفقه، فنشر العقيدة الصالحة والسُنّة النبويّة بين الناس، من أعظم الجهاد، قالﷺ: ((انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يُهْدَى بِكَ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ)) متفق عليه.
والأمّة والأمّة اليوم وخصوصا بعد ما مرّ عليها من الفتن أحوج ماتكون
للعودة إلى كتاب الله تعالى، وسُنّة رسولهﷺ؛ فهذا من أعظم أسباب دفع البلاء بعد تحقيق التوحيد، قال تعالى: ﴿وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأَنتَ فيهِم وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُم وَهُم يَستَغفِرونَ﴾ [الأنفال: ٣٣].
وعليهم نشر الطمأنينة والأمان بين الناس فهذا من أعظم أسباب الإجتماع وتأليف القلوب.
قال تعالى: ﴿أَوَلَم يَهدِ لِلَّذينَ يَرِثونَ الأَرضَ مِن بَعدِ أَهلِها أَن لَو نَشاءُ أَصَبناهُم بِذُنوبِهِم وَنَطبَعُ عَلى قُلوبِهِم فَهُم لا يَسمَعونَ﴾ [الأعراف: ١٠٠].
والله أعلم.
مارأيت منك خيراً قط
قال تعالى :﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل:90].
وفيها من العلم :
عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه -قال: قال ﷺ: " إنَّ المُقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن - وكلتا يديه يَمين - الذين يَعدلون في حُكمهم وأهليهم، وما وَلُوا " رواه مسلم ،
ومن دعاء النبي ﷺ قوله: " وأسْأَلك كلمة الحقِّ في الغضب والرِّضا " رواه النسائي عن عمّار بإسناد صحيح ،
وقال عمّار رضي الله عنه " ثلاث مَن جمعهنَّ، فقد جمَع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبَذْل السلام للعالَم، والإنفاق من الإقتار " رواه البخاري معلقاً ، ووصله عبدالرزاق ،
فالإنصاف خلق عظيم يدل على نُبل المرء ، وكريم سجاياه ، وسلامة صدره ،
وقال الإمام الحسن البصري -رحمه الله- " إِنَّ اللَّهَ جَمَعَ لَكُمُ الْخَيْرَ كُلَّهُ وَالشَّرَّ كُلَّهُ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ، فَوَاللَّهِ مَا تَرَكَ الْعَدْلُ وَالإِحْسَانُ شَيْئًا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلا جَمَعَهُ، وَلا تَرَكَ الْفَحْشَاءُ وَالْمُنْكَرُ وَالْبَغْيُ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ شَيْئًا إِلا جَمَعَهُ " حلية الأولياء 2/ 158
وقال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الما:8].
ولما ذهب عبدالله بن رواحة -رضي الله عنه - إلى اليهود وقد بعثه النَّبيُّ ﷺ ليخرص النَّخل هناك، فقال لهم: "يا معشر اليهود أنتم أبغض الخلق إليَّ ، قتلتم أنبياء الله ، وكذبتم على الله، وليس يحملني بغضي إيَّاكم على أن أحيف عليكم، قد خرصت عشرين ألف وسقٍ من تمرٍ، فإن شئتم فلكم وإن أبيتم فلي" فقالوا: بهذا قامت السَّماوات والأرض، قد أخذنا فاخرجوا عنَّا" رواه احمد ،
وقال رسول الله ﷺ " إنَّ أعظم النَّاس جرماً إنسانٌ يهجو القبيلة من أسرها، ورجلٌ تنفى من أبيه" رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني ،
وقال شيخ الإسلام- رحمه الله - " فالمسلمون سُنِّيُّهم وبدعيُّهم متفقون على وجوب الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ومتفقون على وجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج، ومتفقون على أن من أطاع الله ورسوله فإنه يدخل الجنة ولا يعذب، وعلى أن من لم يؤمن بأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فهو كافر، وأمثال هذه الأمور التي هي أصول الدين وقواعد الإيمان التي اتفق عليها المنتسبون إلى الإسلام والإيمان. فتنازعهم بعد هذا في بعض أحكام الوعيد أو بعض معاني بعض الأسماء أمر خفيف بالنسبة إلى ما اتفقوا عليه"مجموع الفتاوى 7 / 357
وقال ابن القيم - رحمه الله تعالى- : "والله تعالى يحبُّ الإنصاف بل هو أفضل حلية تحلَّى بها الرَّجل، خصوصاً من نصَّب نفسه حكماً بين الأقوال والمذاهب، وقد قال الله تعالى لرسوله ( وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ) فورثةُ الرَّسول منصبهم العدل بين الطَّوائف، وألَّا يميل أحدهم مع قريبه وذوي مذهبه وطائفته ومتبوعه، بل يكون الحقُّ مطلوبه، يسير بسيره، وينزل بنزوله، يدين بدين العدل والإنصاف، ويحكم الحجَّة، وما كان عليه رسول الله ﷺ وأصحابه، فهو العلم الذي قد شمَّر إليه، ومطلوبه الذي يحوم بطلبه عليه، ولا يثني عنانه عنه عذلُ عاذلٍ، ولا تأخذه فيه لومة لائم، ولا يعيده عنه قولُ قائلٍ" إعلام الموقعين3/ 94-95
وقال المناوي -رحمه الله - قال: "فرحم الله امرأً قهر هواه، وأطاع الإنصاف وقوَّاه، ولم يعتمد العنت، ولا قصد قصدَ من إذا رأى حسناً ستر، وعيباً أظهره ونشره، وليتأمَّله بعين الإنصاف، لا بعين الحسد والانحراف، فمن طلب عيباً وجدَّ وجدَ، ومن افتقد زلل أخيه بعين الرِّضا والإنصاف فقَدْ فقَدَ والكمال محال لغير الذي الجلال" فيض القدير شرح الجامع الصغير1/4
وبعض دعاة هذا العصر مثل النساء الذي قال فيهن عليه الصلاة والسلام " أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ يَكْفُرْنَ ". قِيلَ : أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ ؟ قَالَ : " يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ ، وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ ؛ لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ : مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ " متفق عليه ،
وقال ﷺ اللهم إني أعوذ بك من جار السوء، ومن زوج تشيبني قبل المشيب، ومن ولد يكون علي ربا، ومن مال يكون علي عذابا، ومن خليل ماكر عينه تراني، وقلبه يرعاني"
و قال تعالى :﴿ یَـٰدَاوُۥدُ إِنَّا جَعَلۡنَـٰكَ خَلِیفَةࣰ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَٱحۡكُم بَیۡنَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ ٱلۡهَوَىٰ فَیُضِلَّكَ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِۚ ﴾ [ص:26].
و قال تعالى :﴿ إِنۡ أُرِیدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَـٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُۚ وَمَا تَوۡفِیقِیۤ إِلَّا بِٱللَّهِۚ عَلَیۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَیۡهِ أُنِیبُ ﴾ [هود:88].
🖊حرر في: 18 ـ 5 - 1446 هـ .
جهل قيادات الحركات الإسلاميّة أوقع الأمّة في الآصار والأغلال
قال تعالى :﴿ ٱلَّذِینَ یَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِیَّ ٱلۡأُمِّیَّ ٱلَّذِی یَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِی ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِیلِ یَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَنۡهَىٰهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَیُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّیِّبَـٰتِ وَیُحَرِّمُ عَلَیۡهِمُ ٱلۡخَبَـٰۤىِٕثَ وَیَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَـٰلَ ٱلَّتِی كَانَتۡ عَلَیۡهِمۡۚ فَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُوا۟ ٱلنُّورَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ مَعَهُۥۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [الأعراف:156].
وفيها من العلم :
" عَلى أنَّكَ إذا تَأمَّلْتَ في حالِ الأُمَمِ كُلِّهِمْ قَبْلَ الإسْلامِ لا تَجِدُ شَرائِعَهم وقَوانِينَهم وأحْوالَهم خالِيَةً مِن إصْرٍ عَلَيْهِمْ مِثْلِ تَحْرِيمِ بَعْضِ الطَّيِّباتِ في الجاهِلِيَّةِ، ومِثْلِ تَكالِيفَ شاقَّةٍ عِنْدَ النَّصارى والمَجُوسِ لا تَتَلاقى مَعَ السَّماحَةِ الفِطْرِيَّةِ، وكَذَلِكَ لا تَجِدُها خالِيَةً مِن رَهَقِ الجَبابِرَةِ، وإذْلالِ الرُّؤَساءِ، وشِدَّةِ الأقْوِياءِ عَلى الضُّعَفاءِ، وما كانَ يَحْدُثُ بَيْنَهم مِنَ التَّقاتُلِ والغاراتِ، والتَّكايُلِ في الدِّماءِ، وأكْلِهِمْ أمْوالَهم بِالباطِلِ، فَأرْسَلَ اللَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ بِدِينٍ مِن شَأْنِهِ أنْ يُخَلِّصَ البَشَرَ مِن تِلْكَ الشَّدائِدِ، كَما قالَ - تَعالى - ﴿وما أرْسَلْناكَ إلّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ﴾ " انتهى من التحرير والتنوير ،
وروى ابن ماجة والطبراني في الأوسط وحسنه الألباني وصححه الحاكم ووافقه الذهبي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : " يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ : لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ "
وفي الصحيحين في قصّة موسى عليه السلام مع الخضر عليه السلام قال ﷺ " وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ ، حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ "
وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: " فهؤلاء الذين اعتقدوا وجوب ما لم يوجبه الله ورسوله وتحريم ما لم يحرمه حُمل عليهم إصرا ، ولم توضع عنهم جميع الآصار والأغلال ، وإن كان الرسول قد وضعها لكنهم لم يعلموها ، وقد يبتلون بمطاع يلزمهم ذلك فيكون آصارا وأغلالا من جهة مطاعهم ، مثل حاكم ومفت وناظر وقف وأمير ينسب ذلك إلى الشرع ، لاعتقاده الفاسد أن ذلك من الشرع ويكون عدم علم مطاعيهم تيسير الله عليهم عقوبة في حقهم لذنوبهم ، كما لو قدر أنه سار بهم في طريق يضرهم وعدل بهم عن طريق فيه الماء والمرعى لجهله لا لتعمده مضرتهم أو أقام بهم في بلد غالي الأسعار مع إمكان المقام ببلد آخر ، وهذا لأن الناس كما قد يبتلون بمطاع يظلمهم ويقصد ظلمهم ، يبتلون أيضا بمطاع يجهل مصلحتهم الشرعية والكونية فيكون جهل هذا من أسباب عقوبتهم كما أن ظلم ذلك من أسباب مضرتهم ، فهؤلاء لم ترفع عنهم الآصار والأغلال لذنوبهم ومعاصيهم ، وإن كان الرسول ليس في شرعه آصار وأغلال فلهذا تسلط عليهم حكام الجور والظلم وتساق إليهم الأعداء وتقاد بسلاسل القهر والقدر ، وذلك من الآصار والأغلال التي لم ترفع عنهم مع عقوبات لا تحصى ، وذلك لضعف الطاعة في قلوبهم وتمكن المعاصي وحب الشهوات فيها " انتهى
و قال تعالى :﴿ أَوَلَمَّاۤ أَصَـٰبَتۡكُم مُّصِیبَةࣱ قَدۡ أَصَبۡتُم مِّثۡلَیۡهَا قُلۡتُمۡ أَنَّىٰ هَـٰذَاۖ قُلۡ هُوَ مِنۡ عِندِ أَنفُسِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ ﴾ [آل عمران:164].
حرر في: 1 ـ 5 - 1445 هـ .
المباشر والمتسبب والمؤيد يتحملون دماء المسلمين في فلسطين ويسألون عنها
قال تعالى: ﴿..وَتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوى وَلا تَعاوَنوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾ [المائدة: ٢].
↩وقال تعالى: ﴿وَلا تَقفُ ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنهُ مَسئولًا﴾ [الإسراء: ٣٦].
↩وقال تعالى: ﴿قُل إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وَما بَطَنَ وَالإِثمَ وَالبَغيَ بِغَيرِ الحَقِّ وَأَن تُشرِكوا بِاللَّهِ ما لَم يُنَزِّل بِهِ سُلطانًا وَأَن تَقولوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعلَمونَ﴾ [الأعراف: ٣٣].
↩وقال تعالى: ﴿هُمُ الَّذينَ كَفَروا وَصَدّوكُم عَنِ المَسجِدِ الحَرامِ وَالهَديَ مَعكوفًا أَن يَبلُغَ مَحِلَّهُ وَلَولا رِجالٌ مُؤمِنونَ وَنِساءٌ مُؤمِناتٌ لَم تَعلَموهُم أَن تَطَئوهُم فَتُصيبَكُم مِنهُم مَعَرَّةٌ بِغَيرِ عِلمٍ لِيُدخِلَ اللَّهُ في رَحمَتِهِ مَن يَشاءُ لَو تَزَيَّلوا لَعَذَّبنَا الَّذينَ كَفَروا مِنهُم عَذابًا أَليمًا﴾ [الفتح: ٢٥].
↩وقال تعالى: ﴿وَمِنَ النّاسِ مَن يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيرِ عِلمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتابٍ مُنيرٍ﴾ [الحج: ٨].
وفيها من العلم:
الإشارة إلى مارواه ابوداود والدارقطني عن جابر -رضي الله عنه- في قصّة صاحب الشجّة مرفوعاً: ((قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال))،
وقال شيخ شيخ الإسلام -رحمه الله-: "فإن هؤلاء أخطئوا بغير اجتهاد إذ لم يكونوا من أهل العلم" انتهى.
واعلم -رحمك الله- أنّه نظراً لخطورة الإجتهاد، وما يترتب عليه عليه من آثار؛ لم يكن يمارسه من أصحاب رسول اللهﷺ إلا الأكفاء الراسخون، وحين يمارسه غيرهم فيخطئ كان رسول اللهﷺ ينكر ذلك ولايقر أحداً عليه، وأعظم ذلك مايتعلق بحرمة المسلم ودمه!!
والأصل أنّ دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم محرمة من بعضهم على بعض لا تحل إلا بإذن الله ورسولهﷺ، قال تعالى: ﴿وَإِذ أَخَذنا ميثاقَكُم لا تَسفِكونَ دِماءَكُم وَلا تُخرِجونَ أَنفُسَكُم مِن دِيارِكُم ثُمَّ أَقرَرتُم وَأَنتُم تَشهَدونَ﴾ [البقرة: ٨٤].
قال النبيﷺ -لما خطبهم في حجة الوداع-: ((إنّ دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا)) متفق عليه.
↩وقالﷺ: ((كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)) رواه مسلم.
↩وعَنْ عُلَيْمٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عَلَى سَطْحٍ، مَعَنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّﷺ قَالَ يَزِيدُ: -لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَبْسًا الْغِفَارِيَّ- وَالنَّاسُ يَخُوضُونَ فِي الطَّاعُونِ، فَقَالَ عَبَسٌ: يَا طَاعُونُ خُذْنِي -ثَلَاثًا يَقُولُهَا- فَقَالَ لَهُ عُلَيْمٌ: لِمَ تَقُولُ هَذَا؟ أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِﷺ: ((لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ، فَإِنَّهُ عِنْدَ انْقِطَاعِ عَمَلِهِ، وَلَا يُرَدُّ فَيَسْتَعْتِبُ)). فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِﷺ يَقُولُ: ((بَادِرُوا بِالْمَوْتِ سِتًّا: إِمْرَةَ السُّفَهَاءِ، وَكَثْرَةَ الشُّرَطِ، وَبَيْعَ الْحُكْمِ، وَاسْتِخْفَافًا بِالدَّمِ، وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ، وَنَشْوًا يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ، يُقَدِّمُونَهُ يُغَنِّيهِمْ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُمْ فِقْهًا)) رواه أحمد وصححه الألباني.
وقال ابن الجوزي -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: ﴿وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ عامٌّ في تحريم القول في الدين من غير يقين" انتهى.
↩وقال ابن القيّم -رحمه الله-: "فَلَيْسَ فِي أَجْنَاسِ الْمُحَرَّمَاتِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْهُ، وَلَا أَشَدُّ إِثْمًا، وَهُوَ أَصْلُ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ، وَعَلَيْهِ أُسِّسَتِ الْبِدَع وَالضَّلَالَاتُ، فَكُلُّ بِدْعَةٍ مُضِلَّةٍ فِي الدِّينِ أَسَاسُهَا الْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِلَا عِلْمٍ" انتهى.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺ: ((إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ)). قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَﷺ: ((يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ)) متفق عليه، قال الحافظ -رحمه الله- في الفتح: "قال ابن بطال: هذا الحديث أصل في سد الذرائع، ويؤخذ منه أن من آل فعله إلى محرم يحرم عليه ذلك الفعل وإن لم يقصد إلى ما يحرم، والأصل في هذا الحديث قوله تعالى: ﴿وَلا تَسُبُّوا الَّذينَ يَدعونَ مِن دونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدوًا بِغَيرِ عِلمٍ ..﴾ [الأنعام: ١٠٨]. انتهى.
وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: في ذم الرأي الذي يترتب عليه سفك دماء المسلمين: "فلا رأي أعظم ذما من رأي أريق به دم ألوف مؤلفة من المسلمين ولم يحصل بقتلهم مصلحة للمسلمين، لا في دينهم، ولا في دنياهم، بل نقص الخير عما كان وزاد الشر على ما كان" انتهى من [منهاج السنّة].
ومن أعظم أسباب ماجرى على المسلمين في فلسطين هو الجهل بأحكام الله في الجهاد الشرعي، والوقوع في ماحذر منه نبيناﷺ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّﷺ أَنَّهُ قَالَ: ((مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ: فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ)) الحديث رواه مسلم.
↩وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبَي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنهما- عَنْ رَسُولِ اللَّهِﷺ قَالَ: ((لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لَأَكَبَّهُمْ اللَّهُ فِي النَّارِ)) رواه الترمذي وصححه الألباني.
وقال تعالى: ﴿وَالَّذينَ يُؤذونَ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ بِغَيرِ مَا اكتَسَبوا فَقَدِ احتَمَلوا بُهتانًا وَإِثمًا مُبينًا﴾ [الأحزاب: ٥٨].
والله أعلم.
حرر في: 24-04- 1446هـ.
منازعة ولي الأمر من سبيل أهل الأهواء والبدع
قال تعالى: ﴿قُل أَطيعُوا اللَّهَ وَأَطيعُوا الرَّسولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّما عَلَيهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيكُم ما حُمِّلتُم وَإِن تُطيعوهُ تَهتَدوا وَما عَلَى الرَّسولِ إِلَّا البَلاغُ المُبينُ﴾ [النور: ٥٤].
وفيها من العلم:
الإ شارة إلى مارواه مسلم عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللَّهِﷺ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ، وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ -أَوْ فِي الثَّالِثَةِ- فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺ: ((اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا؛ فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا، وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ)).
↩ومارواه البخاري ومسلم جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ، قُلْنَا: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ، سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: دَعَانَا النَّبِيُّﷺ فَبَايَعْنَاهُ. فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا، ((أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةً عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ)).
↩وما رواه مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهﷺ: ((كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا، أَوْ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا))، قَالَ: قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: ((صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ، فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ)).
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: ((وكون الواحد من هؤلاء -ولاة الأمر- معصوما فليس هذا اعتقاد أحدٍ من علماء المسلمين، وكذلك كونه عادلاً في كل أموره، مطيعاً لله في جميع افعاله ليس هذا اعتقاد أحدٍ من أئمة المسلمين، وكذلك وجوب وطاعته في كل ما يأمر به وإن كان معصية لله ليس هو اعتقاد أحدٍ من من أئمة المسلمين" انتهى.
وقال تعالى: ﴿ثُمَّ أَورَثنَا الكِتابَ الَّذينَ اصطَفَينا مِن عِبادِنا فَمِنهُم ظالِمٌ لِنَفسِهِ وَمِنهُم مُقتَصِدٌ وَمِنهُم سابِقٌ بِالخَيراتِ بِإِذنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الفَضلُ الكَبيرُ﴾ [فاطر: ٣٢].
والله أعلم.
حرر في: 29-04- 1446هـ.
خير الناس للناس
قال تعالى :﴿ مِنۡ أَجۡلِ ذَ ٰلِكَ كَتَبۡنَا عَلَىٰ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفۡسَۢا بِغَیۡرِ نَفۡسٍ أَوۡ فَسَادࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِیعࣰا وَمَنۡ أَحۡیَاهَا فَكَأَنَّمَاۤ أَحۡیَا ٱلنَّاسَ جَمِیعࣰاۚ ﴾ [المائدة:32].
وقال تعالى :﴿ وَیَـٰقَوۡمِ مَا لِیۤ أَدۡعُوكُمۡ إِلَى ٱلنَّجَوٰةِ وَتَدۡعُونَنِیۤ إِلَى ٱلنَّارِ ﴾ [غافر:41].
وقال تعالى :﴿ فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّۖ وَلَا یَسۡتَخِفَّنَّكَ ٱلَّذِینَ لَا یُوقِنُونَ ﴾ [الروم:60].
وفيها من العلم :
" فَمَن وفّى الصَّبْرَ حَقَّهُ، وتَيَقَّنَ أنَّ وعْدَ اللَّهِ حَقٌّ لَمْ يَسْتَفِزَّهُ المُبْطِلُونَ، ولَمْ يَسْتَخِفَّهُ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ ومَتى ضَعُفَ صَبْرُهُ ويَقِينُهُ أوْ كِلاهُما اسْتَفَزَّهُ هَؤُلاءِ واسْتَخَفَّهُ هَؤُلاءِ، فَجَذَبُوهُ إلَيْهِمْ بِحَسَبِ ضَعْفِ قُوَّةِ صَبْرِهِ ويَقِينِهِ، فَكُلَّما ضَعُفَ ذَلِكَ مِنهُ قَوِيَ جَذْبُهم لَهُ، وكُلَّما قَوِيَ صَبْرُهُ ويَقِينُهُ قَوِيَ انْجِذابُهُ مِنهم وجَذْبُهُ لَهم " انتهى من كلام ابن القيّم .
واعلم رحمك الله أنّ خير الناس للناس هم السلفيون ، ففي أمر دينهم وآخرتهم يدعونهم للعقيدة الصحيحة والعبادة الصالحة ﴿ وَیَـٰقَوۡمِ مَا لِیۤ أَدۡعُوكُمۡ إِلَى ٱلنَّجَوٰةِ وَتَدۡعُونَنِیۤ إِلَى ٱلنَّارِ ﴾ ، وفي أمر دنياهم إن أصابتهم حسنة سرتهم وإن أصابتهم مصيبة ساءتهم .
وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى " متفق عليه ، وهذا عكس المنافقين ، قال تعالى :﴿ إِن تُصِبۡكَ حَسَنَةࣱ تَسُؤۡهُمۡۖ وَإِن تُصِبۡكَ مُصِیبَةࣱیَقُولُوا۟ قَدۡ أَخَذۡنَاۤ أَمۡرَنَا مِن قَبۡلُ وَیَتَوَلَّوا۟ وَّهُمۡ فَرِحُونَ ﴾ [التوبة:60].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى- ولهذا كان المؤمن يسره ما يسر المؤمنين ويسوءه ما يسوؤهم ومن لم يكن كذلك لم يكن منهم " انتهى ،
وفي الصحيحين عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يُسْلِمُهُ "
فقوله "وَلَا يُسْلِمُهُ " أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه ، بل ينصره ويدفع عنه ، يقال: أسلم فلان فلانًا: إذا ألقاه إلى الهلكة ولم يحمه من عدوِّه ، و يزنون الأمور بميزان الكتاب والحكمة ، وقال شيخ الإسلام رحمه الله " وإذا كان كذلك فمعلوم أنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإتمامه بالجهاد هو مِن أعظم المعروف الذي أمرنا به ولهذا قيل : "ليكن أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر غير منكر" ، وإذا كان هو مِن أعظم الواجبات والمستحبات فالواجبات والمستحبات لابد أن تكون المصلحة فيها راجحة على المفسدة إذ بهذا بُعثت الرسل ونَزلت الكتب ﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾ بل كل ما أمر الله به فهو صلاحٌ ، وقد أثنى الله على الصلاح والمصلحين والذين آمنوا وعملوا الصالحات وذم المفسدين في غير موضع فحيث كانت مفسدة الأمر والنهي أعظم من مصلحته لم تكن مما أمر الله به وإن كان قد ترك واجب وفعل محرم ، إذ المؤمن عليه أن يتقي الله في عباده وليس عليه هداهم " انتهى ،
وقال -رحمه الله- " فالشارع لا ينظر في الاستطاعة الشرعية إلى مجرد إمكان الفعل ، بل ينظر إلى لوازم ذلك ، فإذا كان الفعل ممكناً مع المفسدة الراجحة لم تكن هذه استطاعه شرعية كالذي يقدر أن يحج مع ضرر يلحقه في بدنه أو ماله او يصلي قائما مع زيادة مرضه او يصوم الشهرين مع انقطاعه عن معيشته ، ونحو ذلك فإن كان الشارع قد اعتبر في المُكنة عدم المفسدة الراجحة فكيف يكلف مع العجز " انتهى ،
فالسلفيون يدورون مع الكتاب والسُنّة حيث دارا ، ويتجنبون اتباع الهوى ، فطريقهم علم وعدل وهدى ورحمة ، وكثير من مخالفيهم في جهل وظلم وعصبيّة وماتهوى الأنفس ،
قال تعالى :﴿ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُونُوا۟ قَوَّ ٰمِینَ بِٱلۡقِسۡطِ شُهَدَاۤءَ لِلَّهِ وَلَوۡ عَلَىٰۤ أَنفُسِكُمۡ أَوِ ٱلۡوَ ٰلِدَیۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِینَۚ إِن یَكُنۡ غَنِیًّا أَوۡ فَقِیرࣰا فَٱللَّهُ أَوۡلَىٰ بِهِمَاۖ فَلَا تَتَّبِعُوا۟ ٱلۡهَوَىٰۤ أَن تَعۡدِلُوا۟ۚ وَإِن تَلۡوُۥۤا۟ أَوۡ تُعۡرِضُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣰا ﴾ [النساء:135].
يا أهل السُنّة لستم على شيء بلا عقيدة وسُنّة
قال تعالى :﴿ قُلۡ یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ لَسۡتُمۡ عَلَىٰ شَیۡءٍ حَتَّىٰ تُقِیمُوا۟ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِیلَ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡۗ وَلَیَزِیدَنَّ كَثِیرࣰا مِّنۡهُم مَّاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَ طُغۡیَـٰنࣰا وَكُفۡرࣰاۖ فَلَا تَأۡسَ عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ ﴾ [المائدة:68].
وفيها من العلم :
أخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «جاءَ رافِعُ بْنُ حارِثَةَ، وسَلّامُ بْنُ مِشْكَمٍ، ومالِكُ بْنُ الصَّيْفِ، ورافِعُ بْنُ حُرَيْمِلَةَ، فَقالُوا: يا مُحَمَّدُ، ألَسْتَ تَزْعُمُ أنَّكَ عَلى مِلَّةِ إبْراهِيمَ ودِينِهِ، وتُؤْمِنُ بِما عِنْدَنا مِنَ التَّوْراةِ، وتَشْهَدُ أنَّها مِنَ اللَّهِ حَقٌّ ؟ فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: (بَلى، ولَكِنَّكم أحْدَثْتُمْ وجَحَدْتُمْ ما فِيها مِمّا أُخِذَ عَلَيْكم مِنَ المِيثاقِ، وكَتَمْتُمْ مِنها ما أُمِرْتُمْ أنْ تُبَيِّنُوهُ لِلنّاسِ، فَبَرِئْتُ مِن إحْداثِكُمْ)، قالُوا: فَإنّا نَأْخُذُ بِما في أيْدِينا، فَإنّا عَلى الهُدى والحَقِّ، ولا نُؤْمِنُ بِكَ ولا نَتَّبِعُكَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿قُلْ يا أهْلَ الكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ والإنْجِيلَ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿القَوْمِ الكافِرِينَ﴾ ) انتهى من الدر المنثور ؟
وهناك دعوات تظهر بين الحين والآخر لتوحيد المسلمين على اختلاف فرقهم ومذاهبهم ، وهذه دعوات فاسدة مضللة ، لأن من يدعو إلى وحدة الأمة بين الملتزمين بالكتاب والسنة وبين أهل البدعة والضلال يدعو إلى أمر في غاية الخطورة، من يدعو إلى ذلك يريد طمس معالم الإسلام ، فلا إجتماع في الإسلام إلاّ على الكتاب والسُنّة وسبيل سلف الأمّة .
قال تعالى :﴿ وَٱعۡتَصِمُوا۟ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِیعࣰا وَلَا تَفَرَّقُوا۟ۚ ﴾ [آل عمران:103].
وقال تعالى :﴿ فَلِذَ ٰلِكَ فَٱدۡعُۖ وَٱسۡتَقِمۡ كَمَاۤ أُمِرۡتَۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَهُمۡۖ ﴾ [الشورى:15].
وقال تعالى :﴿ وَمِمَّنۡ خَلَقۡنَاۤ أُمَّةࣱ یَهۡدُونَ بِٱلۡحَقِّ وَبِهِۦ یَعۡدِلُونَ ﴾ [الأعراف:181].
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لَتَفْتَرِقنَّ هذه الأُمَّةُ على ثلاثٍ وسبعين فِرقة، كلُّها في النار إلا فرقة، يقول الله: ﴿ وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون﴾، فهذه هي التي تنجو مِن هذه الأُمَّة " انتهى من الدر المنثور ،
- فكيف يستقيم الإجتماع مع أهل الحلول والاتحاد والمعطلة، أو أولئك الذين يقولون بعصمة البشر أو بولايتهم على الناس بغير محاسبة ولا رجوع إلى كتاب الله وسُنّة رسوله ؟
- كيف يستقيم حال الملتزم بالكتاب والسنة مع من يُعظّم الأضرحة ويشد الرحال إليها ، ويدعو المقبور أن يفكّ كربه ويحمي ظهره ؟
- كيف يستقيم الأمر مع من يلعنون أصحاب رسول الله ﷺ ويطعنون في عرضه ، لا ريب أنّ ذلك خيانة لله ولكتابه ورسوله ﷺ وللمسلمين ؟
وقال تعالى :﴿ وَقَدۡ نَزَّلَ عَلَیۡكُمۡ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ أَنۡ إِذَا سَمِعۡتُمۡ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ یُكۡفَرُ بِهَا وَیُسۡتَهۡزَأُ بِهَا فَلَا تَقۡعُدُوا۟ مَعَهُمۡ حَتَّىٰ یَخُوضُوا۟ فِی حَدِیثٍ غَیۡرِهِۦۤ إِنَّكُمۡ إِذࣰا مِّثۡلُهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَٱلۡكَـٰفِرِینَ فِی جَهَنَّمَ جَمِیعًا ﴾ [النساء:140].
وقال تعالى :﴿ فَإِن لَّمۡ یَسۡتَجِیبُوا۟ لَكَ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا یَتَّبِعُونَ أَهۡوَاۤءَهُمۡۚ وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَیۡرِ هُدࣰى مِّنَ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ﴾ [القصص:50].
وقال تعالى :﴿ وَلَا تُجَـٰدِلۡ عَنِ ٱلَّذِینَ یَخۡتَانُونَ أَنفُسَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِیمࣰا ﴾ [النساء:107].
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ : :﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ } . إِلَى قَوْلِهِ : ﴿ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ . قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ، فَاحْذَرُوهُمْ " متفق عليه ،
وقال تعالى :﴿ قَالَ فَٱذۡهَبۡ فَإِنَّ لَكَ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ أَن تَقُولَ لَامِسَاسَۖ وَإِنَّ لَكَ مَوۡعِدࣰا لَّن تُخۡلَفَهُۥۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰۤ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِی ظَلۡتَ عَلَیۡهِ عَاكِفࣰاۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُۥ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُۥ فِی ٱلۡیَمِّ نَسۡفًا ﴾ [ طــٰه:97 ].
حرر في: 19 ـ 4 - 1445 هـ .
وجوب الإنكار على من خالف شرع الله ولو كان مقاتلاً للكفار
قال تعالى: ﴿وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ يَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَيُطيعونَ اللَّهَ وَرَسولَهُ أُولئِكَ سَيَرحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾ [التوبة: ٧١].
وقال تعالى: ﴿كانوا لا يَتَناهَونَ عَن مُنكَرٍ فَعَلوهُ لَبِئسَ ما كانوا يَفعَلونَ﴾ [المائدة: ٧٩].
وفيها من العلم:
الإشارة إلى ماروه البخاري بإسناده عن عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: (بَعَثَ النَّبِيُّﷺ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا أَسْلَمْنَا، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: صَبَأْنَا ، صَبَأْنَا. فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ مِنْهُمْ، وَيَأْسِرُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ، لَا أَقْتُلُ أَسِيرِي، وَلَا يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ. حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّﷺ فَذَكَرْنَاهُ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ، فَقَالَ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ)).
والشاهد من الحديث؛ أنّ ابن عمر وسالم مولى أبي حذيفة أنكرا على خالد صنيعه ورفضا طاعته في قتل الأسرى.
قال الحافظ في الفتح: "وذكر ابن هشام في زياداته أنه انفلت منهم رجل فأتى النبيﷺ بالخبر، فقال: هل أنكر عليه أحد؟ فوصف له صفة ابن عمر وسالم مولى أبي حذيفة".
وفي ذلك التنبيه إلى فساد قول من قال: "لا تنكر على حماس لأنّها تقاتل الكفّار!!".
فالأمّة لا تنهض إذا لم يكن فيها من يقول بالحق وبه يعدل، فكيف إذا كان فعل حماس سبباً مباشراً لسفك دماء المسلمين وتشريدهم وهدم مساجدهم وبيوتهم، فليس السنوار وغيره من قادة حماس، خيراً من سيف الله المسلول خالد بن الوليد.
روى الشافعي في الأم عن أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- سأله: (إذا حاصرتم المدينة كيف تصنعون؟) قال: (نبعث الرجل إلى المدينة ونصنع له هنة من جلود)، قال: (أرأيت إن رمي بحجر) قال: (إذا يقتل). قال: (فلا تفعلوا فوالذي نفسي بيده ما يسرني أن تفتحوا مدينة فيها أربعة آلاف مقاتل بتضييع رجل مسلم).
بل من أعظم مقاصد الجهاد حفظ بيضة المسلمين وحماية دمائهم وأموالهم وأعراضهم،
قال تعالى: ﴿وَما لَكُم لا تُقاتِلونَ في سَبيلِ اللَّهِ وَالمُستَضعَفينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالوِلدانِ الَّذينَ يَقولونَ رَبَّنا أَخرِجنا مِن هذِهِ القَريَةِ الظّالِمِ أَهلُها وَاجعَل لَنا مِن لَدُنكَ وَلِيًّا وَاجعَل لَنا مِن لَدُنكَ نَصيرًا﴾ [النساء: ٧٥].
فحماس ومن ناصرها من الرافضة عكسوا، فناقضوا مقاصد الشريعة من الجهاد، ثم يقول من لم يرفع رأساً بالكتاب والسُنّة قتال حماس لليهود، أعظم مصلحة من المفاسد التي حلّت بالمسلمين، وهل باتت الأرض التي دمروها أعظم حرمة من المؤمن!!.
روى البيهقي في الشعب وصححه الألباني عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: (لما نظر رسول اللهﷺ إلى الكعبة، قال: ((مرحبا بك من بيت، ما أعظمك، وأعظم حرمتك! وللمؤمن أعظم عند الله حرمة منك)).
↩وروى أهل السنن، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنه- قَالَ: (قَتْلُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا) وإسناده صحيح.
وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "وقد يدفع العذاب عن الكفار والفجار لئلا يصيب من بينهم من المؤمنين ممن لا يستحق العذاب. ومنه قوله تعالى: {ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات} - إلى قوله - {لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما} فلولا الضعفاء المؤمنون الذين كانوا بمكة بين ظهراني الكفار، عذب الله الكفار، وكذلك قال النبيﷺ: ((لولا ما في البيوت من النساء والذراري لأمرت بالصلاة فتقام ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة معنا فأحرق عليهم بيوتهم))" [المجموع (١١٤/١١)].
↩وقال -رحمه الله-: "فلا رأي أعظم ذما من رأي أريق به دم ألوف مؤلفة من المسلمين ولم يحصل بقتلهم مصلحة للمسلمين، لا في دينهم، ولا في دنياهم، بل نقص الخير عما كان وزاد الشر على ما كان" انتهى من [منهاج السنّة].
وكل ماتقدم يؤكد أنّ الحركات الإسلاميّة لم تأت للمسلمين بالخير، بل أتت بالشر العظيم، بدأً من حركة حماس، إلى الثورات التي مكنّت الروافض من ديار المسلمين، وكما قيل: "فاقد الشيء لا يعطيه".
والدين يستحيل أن يقوم على أيدي أهل البدع، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدى وَدينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكونَ﴾ [التوبة: ٣٣]. فالهدى: العلم النافع، ودين الحق: العمل الصالح.
قال البخاري -رحمه الله-: "بَابٌ: عَمَلٌ صَالِحٌ قَبْلَ الْقِتَالِ. وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: (إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ بِأَعْمَالِكُمْ). وَقَوْلُهُ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لِمَ تَقولونَ ما لا تَفعَلونَ * كَبُرَ مَقتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقولوا ما لا تَفعَلونَ * إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذينَ يُقاتِلونَ في سَبيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيانٌ مَرصوصٌ﴾ [الصف: ٢-٤].
والله أعلم.
حرر في: 19-04- 1446هـ
فَٱعفُوا وَٱصفَحُوا۟ حَتَّىٰ یَأتِیَ ٱللَّهُ بِأَمرِهِ
قال تعالى: ﴿وَإِن لَم تُؤمِنوا لي فَاعتَزِلونِ﴾ [الدخان: ٢١].
وقال تعالى: ﴿وَإِذِ اعتَزَلتُموهُم وَما يَعبُدونَ إِلَّا اللَّهَ فَأووا إِلَى الكَهفِ يَنشُر لَكُم رَبُّكُم مِن رَحمَتِهِ وَيُهَيِّئ لَكُم مِن أَمرِكُم مِرفَقًا﴾ [الكهف: ١٦].
وفيها من العلم:
الإشارة إلى حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: ((يأتي عليكُم زمانٌ يُخيَّرُ فيهِ الرَّجلُ بينَ العَجزِ والفُجورِ، فمن أدرَكَ ذلِكَ الزَّمانَ، فليختَرِ العجزَ على الفُجور)). رواه احمد وفي اسناده مقال.
ويشهد له الأثر الآتي، وعَنْ حُذَيْفَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: ((كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا انْفَرَجْتُمْ عَنْ دِينِكُمْ، كَمَا تَنْفَرِجُ الْمَرْأَةُ عَنْ قُبُلِهَا، لَا تَمْنَعُ مَنْ يَأْتِيهَا)) قَالُوا: لَا نَدْرِي. قَالَ: ((لَكِنِّي وَاللَّهِ أَدْرِي، أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ بَيْنَ عَاجِزٍ وَفَاجِرٍ)) فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: ((قُبِّحَ الْعَاجِزُ عَنْ ذَاكَ)) قَالَ: فَضَرَبَ ظَهْرَهُ حُذَيْفَةُ مِرَارًا، ثُمَّ قَالَ: ((قُبِّحْتَ أَنْتَ، قُبِّحْتَ أَنْتَ)) رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح.
وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "ومن كان عاجزا عن إقامة الدين بالسلطان والجهاد ففعل ما يقدر عليه من النصيحة بقلبه والدعاء للأمة ومحبة الخير وفعل ما يقدر عليه من الخير: لم يكلف ما يعجز عنه" مجموع الفتاوى.
↩وقال -رحمه الله-: "المظلوم -وإن كان مأذونا له في دفع الظلم عنه بقوله تعالى: ﴿وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعدَ ظُلمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيهِم مِن سَبيلٍ﴾ [الشورى: ٤١].
فذلك مشروط بشرطين:
▪أحدهما: القدرة على ذلك.
▪والثاني: ألا يَعتدي.
فإذا كان عاجزا، أو كان يُفضي إلى عدوان زائد لم يجز" انتهى من [الاستقامة (٤٠/١)].
↩وقال السيوطي في شرح الحديث: "أي: يخير فيه بين أن يعجَز ويُبعد ويُقهر، وبين أن يخرج عن طاعة الله، فليختر - وجوباً- العجزَ على الفجور، لأن سلامةَ الدين واجبةُ التقديم".
والآيات والحديث والأثر تشير إلى ما يحدث الآن، في بلاد المسلمين من فوضى، سببها جهات تريد تدمير المسلمين وهم الروافض، وقيادات جاهلة بالكتاب والسُنّة تزعم تحرير فلسطين، و يصدق عليها قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النّاسِ مَن يُعجِبُكَ قَولُهُ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَيُشهِدُ اللَّهَ عَلى ما في قَلبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصامِ * وَإِذا تَوَلّى سَعى فِي الأَرضِ لِيُفسِدَ فيها وَيُهلِكَ الحَرثَ وَالنَّسلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الفَسادَ * وَإِذا قيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتهُ العِزَّةُ بِالإِثمِ فَحَسبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئسَ المِهادُ﴾ [البقرة: ٢٠٤-٢٠٦].
وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "فإن القتال مداره على قوة البدن وصنعته للقتال وعلى قوة القلب وخبرته به، والمحمود منهما ما كان بعلم ومعرفة دون التهور الذي لا يفكر صاحبه ولا يميز بين المحمود والمذموم، ولهذا كان القوي الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب حتى يفعل ما يصلح دون ما لا يصلح، فأما المغلوب حين غضبه فليس هو بشجاع ولا شديد" انتهى من [المجموع].
وقال تعالى: ﴿وَأَوحَينا إِلى موسى وَأَخيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَومِكُما بِمِصرَ بُيوتًا وَاجعَلوا بُيوتَكُم قِبلَةً وَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ﴾ [يونس: ٨٧].
والله أعلم.
حرر في: 08-04- 1446هـ.
بقاء دين الإسلام ليس مرتبطاً بحزبٍ أو جماعة ، بل بوجود الطائفة المنصورة
📖 قال تعالى: ﴿إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ﴾ [الحجر: ٩].
📖وقال تعالى: ﴿ثُمَّ أَورَثنَا الكِتابَ الَّذينَ اصطَفَينا مِن عِبادِنا فَمِنهُم ظالِمٌ لِنَفسِهِ وَمِنهُم مُقتَصِدٌ وَمِنهُم سابِقٌ بِالخَيراتِ بِإِذنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الفَضلُ الكَبيرُ﴾ [فاطر: ٣٢].
📖وقال تعالى: ﴿وَمِمَّن خَلَقنا أُمَّةٌ يَهدونَ بِالحَقِّ وَبِهِ يَعدِلونَ﴾ [الأعراف: ١٨١].
📌وفيها من العلم:
📝 روى السيوطي في الدر المنثور وعزاه لأبي الشيخ عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: (لَتَفْتَرِقنَّ هذه الأُمَّةُ على ثلاثٍ وسبعين فِرقة، كلُّها في النار إلا فرقة، يقول الله: ﴿وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون﴾، فهذه هي التي تنجو مِن هذه الأُمَّة).
📚وفي الصحيحين عن مرفوعاً: ((لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ)).
📜قال شيخ الإسلام ابن تيميّة -رحمه الله-: "وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ قَالَ: ((لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ)). وَهَذَا أَخْبَرَ بِهِ حِينَ كَانَتْ أُمَّتُهُ أَقَلَّ الْأُمَمِ فَانْتَشَرَتِ الْأُمَّةُ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، وَكَانَ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ -وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ- لَمْ يَزَلْ فِيهَا طَائِفَةٌ ظَاهِرَةٌ بِالْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالسَّيْفِ، لَمْ يُصِبْهَا مَا أَصَابَ مَنْ قَبْلَهَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَغَيْرِهِمْ، حَيْثُ كَانُوا مَقْهُورِينَ مَعَ الْأَعْدَاءِ، بَلْ إِنْ غُلِبَتْ طَائِفَةٌ فِي قُطْرٍ مِنَ الْأَرْضِ، كَانَتْ فِي الْقُطْرِ الْآخَرِ أُمَّةٌ ظَاهِرَةٌ مَنْصُورَةٌ، وَلَمْ يُسَلِّطْ عَلَى مَجْمُوعِهَا عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ" [الجواب الصحيح (6/110)].
💡ومصداق قوله -رحمه الله- ما رواه مسلم في الصحيح عَنْ ثَوْبَانَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺ: ((إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ؛ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ؛ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا -أَوْ قَالَ: مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا- حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا)).
📌وهذه الطائفة توجد اليوم في بلاد الحرمين، المملكة العربيّة السعوديّة، وهذا ما اتفق عليه علماء أهل السُنّة في عصرنا.
👈فهم ظاهرون في عقيدتهم، وفي اتباعهم للنبي والصحابة، ولا يوجد في أي بلاد المسلمين اليوم، نظير إجتماعهم على العقيدة والسُنّة، فولاتهم وعلماؤهم وعامتهم على عقيدة واحدة وسبيل واحد، ومن كان مخالفاً لهم فهو مقموع مدحور.
✍وقد جاءت النصوص بذلك فقد روى مسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّﷺ قَالَ: ((إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، وَهُوَ يَأْرِزُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا)).
↩ورواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بلفظ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِﷺ قَالَ: ((إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا)).
📜وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "فقد أخبر الصادق المصدوق أنه لا تزال طائفة ممتنعة من أمته، على الحق أعزاء لا يضرهم المخالف ولا خلاف الخاذل.
▪فأما بقاء الإسلام غريبا ذليلا في الأرض كلها قبل الساعة فلا يكون هذا.
▪وقولهﷺ: ((ثم يعود غريبا كما بدأ))؛ أعظم ما تكون غربته إذا ارتد الداخلون فيه عنه، وقد قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا مَن يَرتَدَّ مِنكُم عَن دينِهِ فَسَوفَ يَأتِي اللَّهُ بِقَومٍ يُحِبُّهُم وَيُحِبّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤمِنينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكافِرينَ يُجاهِدونَ في سَبيلِ اللَّهِ وَلا يَخافونَ لَومَةَ لائِمٍ ..﴾ [المائدة: ٥٤]، فهؤلاء يقيمونه إذا ارتد عنه أولئك.
▪وكذلك بدأ غريبا ولم يزل يقوى حتى انتشر. فهكذا يتغرب في كثير من الأمكنة والأزمنة ثم يظهر حتى يقيمه الله -عز وجل- كما كان عمر بن عبد
العزيز لما ولي قد تغرب كثير من الإسلام على كثير من الناس حتى كان منهم من لا يعرف تحريم الخمر، فأظهر الله به في الإسلام ما كان غريبا. وفي السنن: {إن الله يبعث لهذه الأمة في رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها}. والتجديد إنما يكون بعد الدروس وذاك هو غربة الإسلام.
▪وهذا الحديث يفيد المسلم أنه لا يغتم بقلة من يعرف حقيقة الإسلام ولا يضيق صدره بذلك ولا يكون في شك من دين الإسلام كما كان الأمر حين بدأ. قال تعالى: ﴿فَإِن كُنتَ في شَكٍّ مِمّا أَنزَلنا إِلَيكَ فَاسأَلِ الَّذينَ يَقرَءونَ الكِتابَ مِن قَبلِكَ لَقَد جاءَكَ الحَقُّ مِن رَبِّكَ فَلا تَكونَنَّ مِنَ المُمتَرينَ﴾ [يونس: ٩٤]. إلى غير ذلك من الآيات" انتهى من [مجموع الفتاوى].
💡ومصداق ذلك قوله تعالى: ﴿فَلَولا كانَ مِنَ القُرونِ مِن قَبلِكُم أُولو بَقِيَّةٍ يَنهَونَ عَنِ الفَسادِ فِي الأَرضِ إِلّا قَليلًا مِمَّن أَنجَينا مِنهُم وَاتَّبَعَ الَّذينَ ظَلَموا ما أُترِفوا فيهِ وَكانوا مُجرِمينَ﴾ [هود: ١١٦].
والله أعلم.
🖊حرر في: 03-04- 1446هـ.
دين الإسلام ليس طرفاً في الصراع بين اليهود والروافض
📖 قال تعالى: ﴿أَلَم تَرَ إِلَى الَّذينَ تَوَلَّوا قَومًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيهِم ما هُم مِنكُم وَلا مِنهُم وَيَحلِفونَ عَلَى الكَذِبِ وَهُم يَعلَمونَ﴾ [المجادلة: ١٤].
📖وقال تعالى: ﴿الَّذينَ يَتَرَبَّصونَ بِكُم فَإِن كانَ لَكُم فَتحٌ مِنَ اللَّهِ قالوا أَلَم نَكُن مَعَكُم وَإِن كانَ لِلكافِرينَ نَصيبٌ قالوا أَلَم نَستَحوِذ عَلَيكُم وَنَمنَعكُم مِنَ المُؤمِنينَ فَاللَّهُ يَحكُمُ بَينَكُم يَومَ القِيامَةِ وَلَن يَجعَلَ اللَّهُ لِلكافِرينَ عَلَى المُؤمِنينَ سَبيلًا﴾ [النساء: ١٤١].
📖وقال تعالى:
📌وفيها من العلم:
📝 "المَعْنى أنَّ أُولَئِكَ الكُفّارَ واليَهُودَ كانُوا قَدْ هَمُّوا بِالدُّخُولِ في الإسْلامِ، ثُمَّ إنَّ المُنافِقِينَ حَذَّرُوهم عَنْ ذَلِكَ وبالَغُوا في تَنْفِيرِهِمْ عَنْهُ وأطْمَعُوهم أنَّهُ سَيَضْعُفُ أمْرُ مُحَمَّدٍ وسَيَقْوى أمْرُكم، فَإذا اتَّفَقَتْ لَهم صَوْلَةٌ عَلى المُسْلِمِينَ قالَ المُنافِقُونَ: ألَسْنا غَلَبْناكم عَلى رَأْيِكم في الدُّخُولِ في الإسْلامِ ومَنَعْناكم مِنهُ وقُلْنا لَكم بِأنَّهُ سَيَضْعُفُ أمْرُهُ ويَقْوى أمْرُكم، فَلَمّا شاهَدْتُمْ صِدْقَ قَوْلِنا فادْفَعُوا إلَيْنا نَصِيبًا مِمّا وجَدْتُمْ.
▪والحاصِلُ أنَّ المُنافِقِينَ يَمُنُّونَ عَلى الكافِرِينَ بِأنّا نَحْنُ الَّذِينَ أرْشَدْناكم إلى هَذِهِ المَصالِحِ، فادْفَعُوا إلَيْنا نَصِيبًا مِمّا وجَدْتُمْ!!" انتهى من [تفسير مفاتيح الغيب].
💡هذا دأب الروافض ويكفيك مثالاً على ذلك:
👈تعاونهم مع الغزاة النصارى وغيرهم حينما احتلوا العراق وجاسوا خلال الديار وعاثوا في الأرض الفساد، فكانت الميلشيات التابعة لإيران من أعظم أعوانهم!!.
↩وكذلك لمّا غزا اليهود لبنان؛ كانت الرافضة من أعظم أعوانهم على قتل الفلسطينيين، وسفك دمائهم وإخراجهم!!.
↩وفي الشام كانوا السند للعلويين في قتل أهل السُنّة وتشريدهم!!.
📌فلا يجوز أن ينسب قتالهم لليهود اليوم للإسلام، بل هو قتال على فرض الزعامة في البلاد العربيّة المسلمة، وهذا هو ماقرره أئمة الإسلام في الماضي والحاضر.
📜قال ابنُ حَزمٍ -رحمه الله-: "الرَّوافِضُ ليسوا مِنَ المُسلمينَ، إنَّما هي فِرقةٌ حَدَثَ أوَّلُها بَعدَ مَوتِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بخَمسٍ وعِشرينَ سَنةً، وهي طائِفةٌ تَجري مَجرى اليهودِ والنَّصارى في الكَذِبِ والكُفرِ" انتهى.
↩وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "مَن زَعَمَ أنَّ القُرآنَ نَقَصَ منه آياتٌ وكُتِمَت، أو زَعَمَ أنَّ له تَأويلاتٍ باطِنةً تُسقِطُ الأعمالَ المَشروعةَ، فلا خِلافَ في كُفرِهم، ومَن زَعَمَ أنَّ الصَّحابةَ ارتَدُّوا بَعدَ رسولِ اللهِ عليه الصَّلاةُ والسَّلام إلَّا نفرًا قليلًا لا يبلُغونَ بضعةَ عَشرَ نفسًا، أو أنَّهم فسَقوا عامَّتُهم، فهذا لا رَيبَ أيضًا في كُفرِه، بل من يَشُكُّ في كُفرِ مِثلِ هذا فإنَّ كُفرَه مُتَعَيِّنٌ" انتهى.
↩وقال الشوكاني -رحمه الله-: "وبهذا يتَبَيَّنُ أنَّ كُلَّ رافِضيٍّ خَبيثٍ يصيرُ كافرًا بتَكفيرِه لصَحابيٍّ واحِدٍ، فكيف بمَن كفَّرَ كُلَّ الصَّحابةِ، واستَثنى أفرادًا يسيرةً تَغطيةً لِما هو فيه مِنَ الضَّلالِ" انتهى.
↩وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله-: "وهؤلاء الرَّوافِضُ قد ارتَكبوا بهذا الصَّنيعِ عِدَّةَ جَرائِمَ شَنيعةٍ، منها الاستِهزاءُ بأفاضِلِ الصَّحابةِ رِضوانُ اللهِ عليهم، وسَبُّهم ولعنُهم، وهذا يدُلُّ على خُبثِهم، وشِدَّةِ عَداوتِهم للإسلامِ والمُسلمينَ؛ فيجِبُ على المُسلمينَ أن يغاروا لأفاضِلِ أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأن يقوموا على هؤلاء الرَّوافِضِ قيامَ صِدقٍ للهِ تعالى، ويُحاكِموهم مُحاكمةً قَويَّةً دَقيقةً، ويوقِعوا عليهمُ الجَزاءَ الصَّارِمَ البليغَ، سَواءٌ كان القَتلَ أو غَيرَه" انتهى.
↩وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله-: "الشِّيعةُ فِرَقٌ كثيرةٌ، وكُلُّ فِرقةٍ لدَيها أنواعٌ مِنَ البدَعِ، وأخطَرُها فِرقةُ الرَّافِضةِ الخُمينيَّةِ الاثنا عَشريَّةِ؛ لكثرةِ الدُعاةِ إليها، ولِما فيها مِنَ الشِّركِ الأكبَرِ، كالاستِغاثةِ بأهلِ البَيتِ، واعتِقادِ أنَّهم يَعلَمونَ الغَيبَ، ولا سيَّما الأئِمَّةُ الاثنا عَشَرَ حَسَبَ زَعمِهم، ولكونِهم يُكَفِّرونَ ويسُبُّونَ غالِبَ الصَّحابةِ كأبي بكرٍ وعُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما، نَسألُ السَّلامةَ مِمَّا هم عليه مِنَ الباطِلِ" انتهى.
↩وقال الشيخ الألباني -رحمه الله-: "قد وقَفتُ على الأقوالِ الخَمسةِ التي نَقَلتُموها عن كُتُبِ المُسَمَّى بـرُوحِ اللهِ الخُمينيِّ، راغِبينَ مِنِّي بَيانَ حُكمي فيها وفي قائِلِها، فأقولُ وباللهِ تعالى وحدَه أستَعينُ: إنَّ كُلَّ قَولٍ من تلك الأقوالِ الخَمسةِ كُفرٌ بَواحٌ، وشِركٌ صُراحٌ؛ لمُخالفتِه للقُرآنِ الكريمِ، والسُّنَّةِ المُطَهَّرةِ، وإجماعِ الأُمَّةِ، وما هو مَعلومٌ مِنَ الدِّينِ بالضَّرورةِ؛ ولذلك فكُلُّ مَن قال بها معتَقِدًا ولو ببَعضِ ما فيها، فهو مُشرِكٌ كافِرٌ، وإن صامَ وصَلَّى وزَعَمَ أنَّه مُسلِمٌ" انتهى.
📖وقال تعالى: ﴿فَما لَكُم فِي المُنافِقينَ فِئَتَينِ وَاللَّهُ أَركَسَهُم بِما كَسَبوا أَتُريدونَ أَن تَهدوا مَن أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُضلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبيلًا﴾ [النساء: ٨٨]، قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسير الآية: "يَقُولُ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي الْمُنَافِقِينَ عَلَى قَوْلَيْنِ" انتهى.
والله أعلم.
🖊حرر في: 02-04- 1446هـ.
حروب اليوم لا تحقق نصراً ولا أمناً للمسلمين
📖 قال تعالى: ﴿هُمُ الَّذينَ كَفَروا وَصَدّوكُم عَنِ المَسجِدِ الحَرامِ وَالهَديَ مَعكوفًا أَن يَبلُغَ مَحِلَّهُ وَلَولا رِجالٌ مُؤمِنونَ وَنِساءٌ مُؤمِناتٌ لَم تَعلَموهُم أَن تَطَئوهُم فَتُصيبَكُم مِنهُم مَعَرَّةٌ بِغَيرِ عِلمٍ لِيُدخِلَ اللَّهُ في رَحمَتِهِ مَن يَشاءُ لَو تَزَيَّلوا لَعَذَّبنَا الَّذينَ كَفَروا مِنهُم عَذابًا أَليمًا﴾ [الفتح: ٢٥].
📌وفيها من العلم:
📝"أنَّهُ إنَّما لَمْ يَأْمُرِ المُسْلِمِينَ بِقِتالِ عَدُوِّهِمْ لَمّا صَدُّوهم عَنِ البَيْتِ لِأنَّهُ أرادَ رَحْمَةَ جَمْعٍ مِنَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ كانُوا في خِلالِ أهْلِ الشِّرْكِ لا يَعْلَمُونَهم، وعَصَمَ المُسْلِمِينَ مِنَ الوُقُوعِ في مَصائِبَ مِن جَرّاءِ إتْلافِ إخْوانِهِمْ" انتهى من [التحرير والتنوير — لابن عاشور].
💡ولا يخفى أن حروب اليوم تختلف إختلافا كليا عن حروب الأمس من أوجه متعددة:
▪الأول: -وهو أهمها- أن ضررها لا يقتصر على العسكر والجيش! بل ضررها يلحق بالعامة، ومن هنا قص الله لعباده، ما قال القوم الذين لا يكادون يفقهون قولا لذي القرنين؛ ﴿قالوا يا ذَا القَرنَينِ إِنَّ يَأجوجَ وَمَأجوجَ مُفسِدونَ فِي الأَرضِ فَهَل نَجعَلُ لَكَ خَرجًا عَلى أَن تَجعَلَ بَينَنا وَبَينَهُم سَدًّا﴾ [الكهف: ٩٤]. وما أجابهم وكان أعظم ملوك الأرض في زمانه، فلم يقل بل استعدوا لقتالهم، وأنا أقودكم، لأنّه لم يكن لهم طاقة بقتال يأجوج ومأجوج، فلذلك وافقهم على بناء السد، وجعله ردماً وهو أعظم من السد.
👈ونظير هذا مارواه مسلم من حديث النوّاس بن سمعان -رضي الله عنه- مرفوعاً وفيه: ((إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ)) الحديث.
▪الثاني: أن الأسلحة فيها مدمرة تأكل الأخضر واليابس.
📌والجهاد شُرِع لتحصيل المصالح ودفع المفاسد، وأُمِرَ المسلمون في هذه الحال بكف أيديهم والصبر، كما أُمر بنوا اسرائيل حين لم يكن لهم طاقة بفرعون وجنوده.
▪الثالث: أن المسلمين متفرقون بل ربما تربص بعضهم ببعض بسبب فساد عقائد كثير منهم ، وكذلك بسبب جهل كثير من المسلمين بالكتاب والسُنّة.
▪الرابع: أنّ الحروب لها تبعات وآثار دينيّة ونفسيّة وأخلاقيّة واقتصاديّة، قال تعالى: ﴿..رَبَّنا لا تَجعَلنا فِتنَةً لِلقَومِ الظّالِمينَ﴾، قال القرطبي -رحمه الله-: "أَيْ لَا تَنْصُرْهُمْ عَلَيْنَا، فَيَكُونُ ذَلِكَ فِتْنَةً لَنَا عَنِ الدِّينِ، أَوْ لَا تَمْتَحِنَّا بِأَنْ تُعَذِّبَنَا عَلَى أَيْدِيهِمْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَعْنَى لَا تُهْلِكْنَا بِأَيْدِي أَعْدَائِنَا، وَلَا تُعَذِّبْنَا بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِكَ، فَيَقُولُ أَعْدَاؤُنَا لَوْ كَانُوا عَلَى حَقٍّ لَمْ نُسَلَّطْ عَلَيْهِمْ، فَيُفْتَنُوا. وقال أبو مجلز وأبو الضحا: يَعْنِي لَا تُظْهِرْهُمْ عَلَيْنَا فَيَرَوْا أَنَّهُمْ خَيْرٌ منا فيزدادوا طغيانا" انتهى.
💡فالواجب على المسلمين النظر في عواقب الأمور، فإنّهم بهذا السبيل لن يقيموا ديناً ولن يبقوا دنيا، والسبيل هو ما أرشد الله إليه رسله، قال تعالى: ﴿وَأَوحَينا إِلى موسى وَأَخيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَومِكُما بِمِصرَ بُيوتًا وَاجعَلوا بُيوتَكُم قِبلَةً وَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ﴾ [يونس: ٨٧].
↩وقال تعالى: ﴿وَدَّ كَثيرٌ مِن أَهلِ الكِتابِ لَو يَرُدّونَكُم مِن بَعدِ إيمانِكُم كُفّارًا حَسَدًا مِن عِندِ أَنفُسِهِم مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ فَاعفوا وَاصفَحوا حَتّى يَأتِيَ اللَّهُ بِأَمرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ * وَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَما تُقَدِّموا لِأَنفُسِكُم مِن خَيرٍ تَجِدوهُ عِندَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعمَلونَ بَصيرٌ﴾ [البقرة: ١٠٩-١١٠].
والله أعلم.
🖊حرر في: 30-03- 1446هـ.
إشعال الفتن في كل عصر مرتبط بالرافضة وأذنابهم
♦قال تعالى: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ } [المائدة:64].
🔺وفيها من العلم أن الرافضة ورثوا من اليهود هذه الصفة الخبيثة وذلك أنهم لا يمكن أن يعيشوا من غير أساليب الشياطين من المكر والكيد وإشعال الحروب وإشاعة الفساد في الأرض.
🔺قال شيخ الإسلام ابن تيمية مبيناً هذه الحقيقة: " فلينظر كل عاقل فيما يحدث في زمانه وما يقرب من زمانه من الفتن والشرور في الإسلام فإنه يجد معظم ذلك من قبل الرافضة ، وتجدهم من أعظم الناس فتناً وشراً ، وأنهم لا يقعدون عما يمكنهم من الفتن والشرور وإيقاع الفساد بين الأمة " (٣٧٢/٦ منهاج السنة ).
🔺والأدهى والأمر أنك تجد من أهل السنة من يواليهم ويتعاطف معهم ، فهم بمثابة الطابور الخامس بين أهل السنة قال تعالى:{ لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } [التوبة:47]. قال شيخ الإسلام رحمه الله: " أي قائلون للكذب مصدقون مستجيبون مطيعون لقوم آخرين" (الجواب الصحيح ٢٥٨/٢).
🔺وقال رحمه الله " وإذا كان أقوام ليسوا منافقين لكنهم سماعون للمنافقين : قد التبس عليهم أمرهم حتى ظنوا قولهم حقا ، وهو مخالف للكتاب وصاروا دعاة إلى بدع المنافقين كما قال تعالى ( لو خرجوا فيكم ) الاية، فلا بد أيضا من بيان حال هؤلاء بل الفتنة بحال هؤلاء أعظم فإن فيهم إيماناً يوجب موالاتهم وقد دخلوا في بدع من بدع المنافقين التي تفسد الدين فلا بد من التحذير من تلك البدع وإن اقتضى ذلك ذكرهم وتعيينهم " (المجموع ٢٣٣/٢٨).
والله أعلم
الحمد لله على هلاك المنافقين بالكافرين
📖 قال تعالى: ﴿فَقُطِعَ دابِرُ القَومِ الَّذينَ ظَلَموا وَالحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ﴾ [الأنعام: ٤٥].
📖وقال تعالى: ﴿.. هُمُ العَدُوُّ فَاحذَرهُم قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنّى يُؤفَكونَ﴾ [المنافقون: ٤].
📖وقال تعالى: ﴿.. إِنَّ اللَّهَ جامِعُ المُنافِقينَ وَالكافِرينَ في جَهَنَّمَ جَميعًا﴾ [النساء: ١٤٠].
📖وقال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الكُفّارَ وَالمُنافِقينَ وَاغلُظ عَلَيهِم وَمَأواهُم جَهَنَّمُ وَبِئسَ المَصيرُ﴾ [التوبة: ٧٣].
📖وقال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الكافِرينَ وَالمُنافِقينَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَليمًا حَكيمًا﴾ [الأحزاب: ١].
📌وفيها من العلم:
📝 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- من طريق عمرو بن أبي جندب- في قوله: ﴿جاهِدِ الكُفّارَ والمُنافِقِينَ﴾، قال: (بيدِه، فإن لم يَستطِعْ فبلسانِه، فإن لم يَستطِعْ فبقلبِه، ولْيَلْقَه بوجهٍ مُكْفَهِرٍّ).
📜قال شيخ الإسلام -رحمه الله- عن الرافضة-: "ذم الرافضة في كلام السلف والأئمة كثير جدا، وقد علم العلماء أن أول من ابتدع الرفض في الإسلام بعض الزنادقة المنافقين".
↩وقال رحمه الله: "النفاق كثير ظاهر في الرافضة إخوان اليهود، ولا يوجد في الطوائف أكثر وأظهر نفاقًا منهم".
↩وقال -رحمه الله-: "فقد عُرِف من موالاتهم لليهود والنصارى والمشركين، ومعاونتهم على قتال المسلمين ما يعرفه الخاص والعام، حتى قيل: إنه ما اقتتل يهودي ومسلم، ولا نصراني ومسلم، ولا مشرك ومسلم، إلا كان الرافضي مع اليهودي والنصراني والمشرك".
↩وقال -رحمه الله-: "ودع ما يُسمع ويُنقل عمن خلا، فلينظر كل عاقل فيما يحدث في زمانه، وما يقرب من زمانه من الفتن والشرور والفساد في الإسلام، فإنه يجد معظم ذلك من قِبَلِ الرافضة، وتجدهم من أعظم الناس فتنا وشرا، وأنهم لا يقعدون عما يمكنهم من الفتن والشر وإيقاع الفساد بين الأمة".
↩وقال -رحمه الله-: "فمن له أدنى خبرة بدين الإسلام يعلم أن مذهب الرافضة مناقض له، ولهذا كانت الزنادقة الذين قصدهم إفساد الإسلام يأمرون بإظهار التشيع والدخول إلى مقاصدهم من باب الشيعة".
↩وقال -رحمه الله-: "ولهذا لا يوجد في أئمة الفقه الذين يرجع إليهم رافضي، ولا في أئمة الحديث ولا في أئمة الزهد والعبادة، ولا في الجيوش المؤيدة المنصورة جيش رافضي، ولا في الملوك الذين نصروا الإسلام وأقاموه وجاهدوا عدوه مَن هو رافضي، ولا في الوزراء الذين لهم سيرة محمودة من هو رافضي.
■وأكثر ما تجد الرافضة إما في الزنادقة المنافقين الملحدين، وإما في جهال ليس لهم علم لا بالمنقولات ولا بالمعقولات، قد نشأوا بالبوادي والجبال، أو تحيزوا عن المسلمين فلم يجالسوا أهل العلم والدين، وإما في ذوي الأهواء ممن قد حصل له بذلك رياسة ومال، أو له نسب يتعصب له كفعل أهل الجاهلية.
■وأما مَن هو عند المسلمين من أهل العلم والدين، فليس في هؤلاء رافضي لظهور الجهل والظلم في قولهم، وتجد ظهور الرفض في شر الطوائف كالنصيرية والإسماعيلية والملاحدة الطرقية، وفيهم من الكذب والخيانة وإخلاف الوعد ما يدل على نفاقهم، كما في الصحيحين عن النبيﷺ أنه قال: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)). زاد مسلم: ((وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم)).
📜وقال ابن القيّم -رحمه الله-: "أبعدُ الناس من الإخلاص، وأغشهم للأئمة والأمَّة، وأشدهم بُعْدًا عن جماعة المسلمين.
■رأينا الرافضة -في كل زمان- ما قام للمسلمين عدوٌّ من غيرهم إلا كانوا أعوانه على الإسلام، وكم جرُّوا على الإسلام وأهله من بليةٍ! وهل عاثَتْ سيوف المشركين عُبَّاد الأصنام- من عسكر هولاكو أو ذويه- إلا من تحت رؤوسهم!!".
💡وماجرى في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وكيف مكنّهم اليهود والنصارى منها -حتى قال-: الأمريكي "بريمر" عندما أطحنا بصدام أطحنا معه بألف سنة من التسلط السُنّي".
📌فالتاريخ يعيد نفسه، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَن تَرضى عَنكَ اليَهودُ وَلَا النَّصارى حَتّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم قُل إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعتَ أَهواءَهُم بَعدَ الَّذي جاءَكَ مِنَ العِلمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلا نَصيرٍ﴾ [البقرة: ١٢٠].
✍ومن المقطوع به عند أهل العلم أنّ الرافضة ليسوا على ملّة إبراهيم، وهذا مايعرفه اليهود والنصارى!!.
👈وأمّا تسلطهم على الروافض الآن فهو من سنن الله الكونيّة القدريّة، قال تعالى: ﴿وَكَذلِكَ نُوَلّي بَعضَ الظّالِمينَ بَعضًا بِما كانوا يَكسِبونَ﴾ [الأنعام: ١٢٩].
فالله سبحانه من عقوباته أنه يسلط الظالم على الظالم وقد جاء في الأثر: (من أعان ظالما سُلط عليه).
📜قال الفضيل بن عياض -رحمه الله- "إذا رأيت ظالما ينتقم من ظالم فقف عند تلك الآية متعجباً".
📖وقال تعالى: ﴿فَإِذا جاءَ وَعدُ أولاهُما بَعَثنا عَلَيكُم عِبادًا لَنا أُولي بَأسٍ شَديدٍ فَجاسوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعدًا مَفعولًا﴾ [الإسراء: ٥].
والله أعلم.
🖊حرر في: 25-03- 1446هـ.
الإبتداع أخطر من الإلحاد
📖 قال تعالى :﴿ فَقَالَ أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ ﴾ [النازعات:24].
📖 و قال تعالى :﴿ قَالَ فِرۡعَوۡنُ وَمَا رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ﴾ [الشعراء:23].
📖 و قال تعالى :﴿ فَأَخۡرَجَ لَهُمۡ عِجۡلࣰا جَسَدࣰا لَّهُۥ خُوَارࣱ فَقَالُوا۟ هَـٰذَاۤ إِلَـٰهُكُمۡ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِیَ ﴾ [طـٰه:88].
📌 وفيها من العلم :
👈 أنّ فرعون كان ينكر وجود الله ، بل استخدم مع بني اسرائيل أنواع البطش ، كما قال تعالى :﴿ وَإِذۡ نَجَّیۡنَـٰكُم مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ یَسُومُونَكُمۡ سُوۤءَ ٱلۡعَذَابِ یُذَبِّحُونَ أَبۡنَاۤءَكُمۡ وَیَسۡتَحۡیُونَ نِسَاۤءَكُمۡۚ وَفِی ذَ ٰلِكُم بَلَاۤءࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِیمࣱ ﴾ [البقرة:49] ، ولم يستطع تحويلهم إلى ملاحدة مع طول المدّة ، والسامري في أيّام معدودة استطاع تحويلهم إلى ملاحدة مشركين وأخرجهم من ملّة الإسلام ، حين جاءهم باسم الدين ،
💡 ولهذا فإنّ دعوة الأنبياء والمرسلين هي للمبدلين للدين ، وذلك أنّ فطرة الأنسان لا تقبل إنكار وجود الله ، ولكن يمكن تحريفها من التوحيد للشرك ، كما جاء في الحديث القدسي " وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا " رواه مسلم هذا مع بقائهم على توحيد الربوبيّة ،
📖 و قال تعالى :﴿ وَلَىِٕن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ لَیَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ یُؤۡفَكُونَ ﴾ [العنكبوت:61].
👈 ولهذا فإنّ صراع علماء الإسلام على مر العصور هو مع المبدلين للدين ، لا مع المنكرين لوجود الله .
📖 و قال تعالى :﴿ وَجَحَدُوا۟ بِهَا وَٱسۡتَیۡقَنَتۡهَاۤ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمࣰا وَعُلُوࣰّاۚ فَٱنظُرۡ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِینَ ﴾ [النمل:14].
❗فيجب الحذر من دعاوى الرد على الملحدين ، أن تكون سبيلاً لتعطيل الدعوة إلى التوحيد ، أو تحريف معنى
التوحيد إلى الربوبيّة ، أو التهاون في الرد على الفرق الضالة المخالفة للعقيدة والسُنّة ، فهذا بعينه هو ماوقع فيه بنوا اسرائيل حين لعنهم الأنبياء .
📖 و قال تعالى :﴿ لُعِنَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۢ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِیسَى ٱبۡنِ مَرۡیَمَۚ ذَ ٰلِكَ بِمَا عَصَوا۟ وَّكَانُوا۟ یَعۡتَدُونَ ، كَانُوا۟ لَا یَتَنَاهَوۡنَ عَن مُّنكَرࣲ فَعَلُوهُۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ ﴾ [المائدة:78].
تبعات الحروب وآثارها
📖 قال تعالى :﴿ فَقَالُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلۡنَا رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا فِتۡنَةࣰ لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِینَ ﴾ [يونس:85].
📌 وفيها من العلم :
📝 أخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، ونُعَيْمُ بْنُ حَمّادٍ في الفِتَنِ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ :﴿ رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ ﴾ قالَ: لا تُسَلِّطْهم عَلَيْنا فَيَفْتِنُونا.
📝 وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿ رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ قالَ: لا تُعَذِّبْنا بِأيْدِي قَوْمِ فِرْعَوْنَ، ولا بِعَذابٍ مِن عِنْدِكَ، فَيَقُولَ قَوْمُ فِرْعَوْنَ: لَوْ كانُوا عَلى الحَقِّ ما عُذِّبُوا ولا سُلِّطْنا عَلَيْهِمْ. فَيُفْتَنُونَ بِنا.
📝 وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ أبِي قِلابَةَ في قَوْلِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ: ﴿رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ قالَ: سَألَ رَبَّهُ ألّا يُظْهِرَ عَلَيْنا عَدُوَّنا فَيَحْسَبُونَ أنَّهم أوْلى بِالعَدْلِ، فَيُفْتَنُونَ بِذَلِكَ.
📝 وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي مِجْلَزٍ في قَوْلِهِ: ﴿ رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ ﴾ قالَ: لا تُظْهِرْهم عَلَيْنا، فَيَرَوْا أنَّهم خَيْرٌ مِنّا "
📚 قال القرطبي -رحمه الله-: " أَيْ لَا تَنْصُرْهُمْ عَلَيْنَا، فَيَكُونُ ذَلِكَ فِتْنَةً لَنَا عَنِ الدِّينِ، أَوْ لَا تَمْتَحِنَّا بِأَنْ تُعَذِّبَنَا عَلَى أَيْدِيهِمْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَعْنَى لَا تُهْلِكْنَا بِأَيْدِي أَعْدَائِنَا، وَلَا تُعَذِّبْنَا بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِكَ، فَيَقُولُ أَعْدَاؤُنَا لَوْ كَانُوا عَلَى حَقٍّ لَمْ نُسَلَّطْ عَلَيْهِمْ، فَيُفْتَنُوا. وقال أبو مجلز وأبو الضحا: يَعْنِي لَا تُظْهِرْهُمْ عَلَيْنَا فَيَرَوْا أَنَّهُمْ خَيْرٌ منا فيزدادوا طغيانا "
مساوئ مخالفة شرع الله على الدعاة إلى الله
📖 قال تعالى :﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ • لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ ﴾ [القلم:48-49].
📖 قال تعالى :﴿ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [ الأنبياء:87].
📌 وفيها من العلم :
📝 أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : " ولا تكن كصاحب الحوت قال : تغاضب كما غاضب يونس "
📝 وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد ، وَابن المنذر عن قتادة : " ولا تكن كصاحب الحوت قال : لا تعجل كما عجل ولا تغاضب كما غاضب " وقال مقاتل: " ولا تكن كصاحب الحوت يعني يونس بن متى -عليه السلام - من أهل نينوى ، يقول لا تضجر كما ضجر يونس فإنه لم يصبر ، يقول : " لا تعجل كما عجل يونس ، ولا تغاضب كما غاضب يونس بن متى فتعاقب كما عوقب يونس " انتهى.
📌 وفيها من الفوائد :
- أن الداعية إلى الله مطالب بلزوم شرع الله والوقوف عند حدوده وإلا فإنه يعاقب إذا فعل مالم يأذن الله فيه.
- وفيها التنبيه إلى أن نتائج الدعوة وثمراتها بيد الله لا بيد العبد .
- والتنبيه إلى أن يغلّب الداعية جانب النصح والرحمة على جانب العذاب لأن رحمة الله سبقت عذابه .
- والإشارة إلى أن الداعية ينبغي له الدعاء لقومه لا الدعاء عليهم .
- والتنبيه للحكمة التي من أجلها نهى الله نبينا ﷺ عن الحزن والضيق لأنّ هذا قد يكون ذريعة لإستعجال النتائج والوقوع في مخالفة شرع الله كما حدث ليونس -عليه السلام - .
- وفيها التنبيه إلى فضل التوحيد حيث كان السبب في نجاة نبي الله يونس -عليه السلام
📖 قال تعالى :﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [ النور:6].
وقد مكروا مكرهم
📖 قال تعالى: ﴿... كُلَّما أَوقَدوا نارًا لِلحَربِ أَطفَأَهَا اللَّهُ وَيَسعَونَ فِي الأَرضِ فَسادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ المُفسِدينَ﴾ [المائدة: ٦٤].
📌وفيها من العلم:
📝 أن الرافضة ورثوا من اليهود هذه الصفة الخبيثة وذلك أنهم لا يمكن أن يعيشوا من غير أساليب الشياطين من المكر والكيد وإشعال الحروب وإشاعة الفساد في الأرض، والسبب الأول الذي سمح للروافض بالتغلغل في بلاد المسلمين، هو غفلة المتدينين عن العقيدة، واشتغالهم بالسياسة، وفشل
الحركات الإسلاميّة في الثورات وذلك أعظم أسباب تمدد الروافض في بلاد المسلمين.
✍️وبسبب جهل بعض الشعوب بالعقيدة، قدمت إيران نفسها مدافعاً عن المظلومين، وساعيّاً في تحرير القدس، فسيطرت على أربع دول عربيّة بمساعدة الصهاينة، الذين يتحكمون في قرارات البيت الأبيض، فالذي يظن أنّ هناك عداوة بين اليهود والروافض هو أضل من حمار أهله.
📌وكان الروافض في ما سبق يخفون كفرهم وعدواتهم لأهل السُنَة، وأمّا اليوم فيصرحون أنّ عدوهم الأول أهل السُنّة، ويصرحون بالكفر البواح، وأنّ قتالهم وجهادهم الشرعي للمسلمين لا لليهود ولا للنصارى.
📜قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فلينظر كل عاقل فيما يحدث في زمانه وما يقرب من زمانه من الفتن والشرور في الإسلام فإنه يجد معظم ذلك من قبل الرافضة، وتجدهم من أعظم الناس فتناً وشراً، وأنهم لا يقعدون عما يمكنهم من الفتن والشرور وإيقاع الفساد بين الأمة". انتهى من [منهاج السنة (٣٧٢/٦)].
💡والأدهى والأمر أنك تجد من أهل السنة من يواليهم ويُحسن الظن بهم.
📜وقال -رحمه الله-: "وإذا كان أقوام ليسوا منافقين لكنهم سماعون للمنافقين؛ قد التبس عليهم أمرهم حتى ظنوا قولهم حقاً، وهو مخالف للكتاب وصاروا دعاة إلى بدع المنافقين كما قال تعالى: ﴿لَو خَرَجوا فيكُم ما زادوكُم إِلّا خَبالًا ..﴾ [التوبة: ٤٧].
📌فلا بد أيضا من بيان حال هؤلاء، بل الفتنة بحال هؤلاء أعظم فإن فيهم إيماناً يوجب موالاتهم وقد دخلوا في بدع من بدع المنافقين التي تفسد الدين فلا بد من التحذير من تلك البدع وإن اقتضى ذلك ذكرهم وتعيينهم". [المجموع (٢٣٣/٢٨)].
📖وقال تعالى: ﴿وَقَد مَكَروا مَكرَهُم وَعِندَ اللَّهِ مَكرُهُم وَإِن كانَ مَكرُهُم لِتَزولَ مِنهُ الجِبالُ﴾ [إبراهيم: ٤٦].
والله أعلم.
من أدب الكتاب والسُنّة الإعراض عن الجاهلين
📖 قال تعالى: ﴿وَعِبادُ الرَّحمنِ الَّذينَ يَمشونَ عَلَى الأَرضِ هَونًا وَإِذا خاطَبَهُمُ الجاهِلونَ قالوا سَلامًا﴾ [الفرقان: ٦٣].
📖وقال تعالى: ﴿خُذِ العَفوَ وَأمُر بِالعُرفِ وَأَعرِض عَنِ الجاهِلينَ﴾ [الأعراف: ١٩٩].
📌وفيها من العلم:
📝 أيْ: إذا خاطَبَهُمُ السُّفَهاءُ بِالقَوْلِ السَّيِّئِ لَمْ يُقابِلُوهم بِمِثْلِهِ، بَلْ قالُوا كَلامًا فِيهِ سَلامٌ مِنَ الإيذاءِ والإثْمِ. سَواءٌ كانَ بِصِيغَةِ السَّلامِ كَقَوْلِهِمْ: "سَلامٌ عَلَيْكم"، أوْ غَيْرُها مِمّا فِيهِ لُطْفٌ في القَوْلِ أوْ عَفْوٌ أوْ صَفْحٌ. وكَظْمٌ لِلْغَيْظِ. دَفْعًا بِالَّتِي هي أحْسَنُ، وفي الصحيح مرفوعاً؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺ: ((مَهْ يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ)).
📜وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: ((هذا وأنا في سعة صَدْرٍ لمن يخالفني، فإنه وإن تعدَّى حدود الله فيّ بتكفير أو تفسيق أو افتراء أو عصبية جاهلية، فأنا لا أتعدى حدود الله فيه، بل أضبط ما أقوله وأفعله، وأزنه بميزان العدل، وأجعله مؤتماً بالكتاب الذي أنزله الله، وجعله هدى للناس، حاكماً فيما اختلفوا فيه...". انتهى [مجموع الفتاوى (3/245)].
↩️وقال -رحمه الله-: "فلهذا كان أهل العلم والسنة لا يكفرون من خالفهم وإن كان ذلك المخالف يكفرهم، لأن الكفر حكم شرعي، فليس للإنسان أن يعاقب بمثله، كمن كذب عليك وزنى بأهلك، ليس لك أن تكذب عليه وتزني بأهله، لأن الكذب والزنا حرام لحق الله تعالى، وكذلك التكفير حق لله فلا يكفر إلا من كفره الله ورسوله". [الرد على البكري (2/ 492)].
↩️وقال -رحمه الله-: "وقد قال تعالى لموسى وهارون ﴿فَقولا لَهُ قَولًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشى﴾ [طه: ٤٤].
💡ثم إذا أمر ونهى فلا بد أن يؤذى في العادة، فعليه أن يصبر ويحلم، كما قال تعالى: ﴿... وَأمُر بِالمَعروفِ وَانهَ عَنِ المُنكَرِ وَاصبِر عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِن عَزمِ الأُمورِ﴾ [لقمان: ١٧].
📌وقد أمر الله نبيه بالصبر على أذى المشركين في غير موضع، وهو إمام الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر، فإن الإنسان عليه أولا أن يكون أمره لله وقصده طاعة الله فيما أمره به وهو يحب صلاح المأمور، أو إقامة الحجة عليه، فإن فعل ذلك لطلب الرياسة لنفسه ولطائفته، وتنقيص غيره كان ذلك حمية لا يقبله الله، وكذلك إذا فعل ذلك لطلب السمعة والرياء كان عمله حابطا، ثم إذا رد عليه ذلك وأوذي أو نسب إلى أنه مخطىء وغرضه فاسد، طلبت نفسه الانتصار لنفسه وأتاه الشيطان فكان مبدأ عمله لله ثم صار له هوى يطلب به أن ينتصر على من آذاه وربما اعتدى على ذلك المؤذي.
👈وهكذا يصيب أصحاب المقالات المختلفة، إذا كان كل منهم يعتقد أن الحق معه وأنه على السنة، فإن أكثرهم قد صار لهم في ذلك هوى أن ينتصر جاههم أو رياستهم وما نسب إليهم، لا يقصدون أن تكون كلمة الله هي العليا وأن يكون الدين كله لله بل يغضبون على من خالفهم وإن كان مجتهدا معذورا لا يغضب الله عليه، ويرضون عمن يوافقهم وإن كان جاهلا سيىء القصد ليس له علم ولا حسن قصد، فيفضي هذا إلى أن يحمدوا من لم يحمده الله ورسوله، ويذموا من لم يذمه الله ورسوله، وتصير موالاتهم ومعاداتهم على أهواء أنفسهم لا على دين الله ورسوله" انتهى من [منهاج السُنّة].
📖وقال تعالى: ﴿وَإِذا سَمِعُوا اللَّغوَ أَعرَضوا عَنهُ وَقالوا لَنا أَعمالُنا وَلَكُم أَعمالُكُم سَلامٌ عَلَيكُم لا نَبتَغِي الجاهِلينَ﴾ [القصص: ٥٥].
والله أعلم.
الفرق في مفهوم التضحية بين الإسلام وغيره من الشعوبيّة
📖 قال تعالى :﴿ وَأَنفِقُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَلَا تُلۡقُوا۟ بِأَیۡدِیكُمۡ إِلَى ٱلتَّهۡلُكَةِ وَأَحۡسِنُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِینَ ﴾[البقرة :195].
📌وفيها من العلم:
📝 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم -من طريق عبد الله بن عَيّاش- في الآية، قال: كان رجالٌ يخرجون في بُعوث يبعثها رسول الله ﷺ بغير نفقة، فإمّا يُقْطَعُ بهم، وإما كانوا عِيالًا، فأمَرهم الله أن يَسْتَنفِقُوا ممّا رزقهم الله ولا يُلْقُوا بأيديهم إلى التهلكة، والتهلكةُ: أن يَهْلِكَ رجال من الجوع والعطش ومن المشي، وقال لمن بيده فضل: ﴿ وَأَحۡسِنُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِینَ ﴾ انتهى ،
👈 وفي الآية التنبيه إلى أنّ ما يعرف اليوم في الأوساط الحزبيّة الحركيّة بالتضحية ، ليس مورده الإسلام ، وإنّما مورده من الحركات التحريريّة الكافرة في فيتنام وغيرها ، ولهذا يستغل أعداء الملّة من الروافض وغيرهم الأفراد المستعدين للتضحية ، لدفعهم لقتل أنفسهم أو التسبب بقتل غيرهم ، لتحقيق مكاسبهم السياسيّة دون الإهتمام بما يترتب على هذا من آثار مصائب ونكبات على المسلمين .
📚 قال شيخ الإسلام -رحمه الله -:" فإن القتال مداره على قوة البدن وصنعته للقتال وعلى قوة القلب وخبرته به، والمحمود منهما ما كان بعلم ومعرفة دون التهور الذي لا يفكر صاحبه ولا يميز بين المحمود والمذموم، ولهذا كان القوي الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب حتى يفعل ما يصلح دون ما لا يصلح، فأما المغلوب حين غضبه فليس هو بشجاع ولا شديد " انتهى من المجموع
📖 و قال تعالى :﴿ وَلَا تَقۡتُلُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمۡ رَحِیمࣰا ﴾[النساء :29].
الحاجة إلى التوحيد أعظم من الحاجة للنصر والرزق
📖 قال تعالى : ﴿ قُلۡ إِنَّنِی هَدَىٰنِی رَبِّیۤ إِلَىٰ صِرَ طࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ دِینࣰا قِیَمࣰا مِّلَّةَ إِبۡرَ هِیمَ حَنِیفࣰاۚ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ ﴾ [ الأنعام : 161].
📖 و قال تعالى : ﴿ أَوۡ تَقُولَ لَوۡ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَىٰنِی لَكُنتُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِینَ ﴾ [ الزمر : 57].
📌وفيها من العلم:
📚 قال شيخ الإسلام -رحمه الله- : " الحاجة إلى الهدى أعظم من الحاجة إلى النصر والرزق ، بل لا نسبة بينهما لأنه إذا هُدي كان من المتقين "
✍️ قلت وهذا بيّن ولله الحمد ، فإنّ حاجة المرء للهداية مستمر حتى بعد الموت ، وفي الحديث الصحيح " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا، فَإِذَا الْإِنْسَانُ دُفِنَ، فَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ جَاءَهُ مَلَكٌ فِي يَدِهِ مِطْرَاقٌ، فَأَقْعَدَهُ، قَالَ : مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ ؟ فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. فَيَقُولُ : صَدَقْتَ. ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى النَّارِ، فَيَقُولُ : هَذَا كَانَ مَنْزِلُكَ لَوْ كَفَرْتَ بِرَبِّكَ، فَأَمَّا إِذْ آمَنْتَ فَهَذَا مَنْزِلُكَ. فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ، فَيُرِيدُ أَنْ يَنْهَضَ إِلَيْهِ، فَيَقُولُ لَهُ : اسْكُنْ، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ … " الحديث ،
↩️ وفيه التنبيه إلى أنّ التوحيد إذا كان سبباً للسعادة الأبديّة ، فلا ريب أنّه سبب للسعادة المؤقتة في الحياة الدنيا ، ومنه النصر والرزق ، قال تعالى : ﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَیَوۡمَ یَقُومُ ٱلۡأَشۡهَـٰدُ ﴾ [ عافر : 51].
📚 قال ابن القيّم -رحمه الله - : " وكذلك النصر والتأييد الكامل. إنما هو لأهل الإيمان الكامل، قال تعالى: ﴿ إنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا والّذِينَ آمَنُوا في الحَياةِ الدُّنْيا ويَوْمَ يَقُومُ الأشْهادُ﴾ [غافر: ٥١]
وقال ﴿ فَأيَّدْنا الّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأصْبَحُوا ظاهِرِينَ﴾ [الصف: ١٤].
فمن نقص إيمانه نقص نصيبه من النصر والتأييد، ولهذا إذا أصيب العبد بمصيبة في نفسه أو ماله، أو بإدالة عدوه عليه، فإنما هي بذنوبه، إما بترك واجب، أو فعل محرم وهو من نقص إيمانه " انتهى
📖 و قال تعالى : ﴿ وَلَا تَهِنُوا۟ وَلَا تَحۡزَنُوا۟ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ ﴾ [ آل عمران : 139].
↩️ ومنه الولاء للموحدين والبراءة من المشركين ، من أعظم أسباب النصر على الأعداء موالاة الموحدين والبراءة من الزنادقة والمشركين ، ومن أعظم أسباب الخذلان موالاة أعداء الموحدين
📖 قال تعالى : ﴿ وَمَن یَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ فَإِنَّ حِزۡبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلۡغَـٰلِبُونَ ﴾ [ المائدة : 56].
↩️ فالتوحيد ميزان الولاء والبراء ،
📖 قال تعالى : ﴿ وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَـٰنࣰا مَّوَدَّةَ بَیۡنِكُمۡ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ ثُمَّ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ یَكۡفُرُ بَعۡضُكُم بِبَعۡضࣲ وَیَلۡعَنُ بَعۡضُكُم بَعۡضࣰا وَمَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّـٰصِرِینَ ﴾ [ العنكبوت : 23].
ولكنكم غثاء كغثاء السيل
📖 قال تعالى: ﴿فَأَخَذَتهُمُ الصَّيحَةُ بِالحَقِّ فَجَعَلناهُم غُثاءً فَبُعدًا لِلقَومِ الظّالِمينَ﴾ [المؤمنون: ٤١].
📖وقال تعالى: ﴿فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحوى﴾ [الأعلى: ٥].
📌وفيهما من العلم:
📝 الإشارة إلى مارواه أحمد وأبوداود عَنْ ثَوْبَانَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺ: ((يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا)). فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: ((بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ)). فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: ((حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ)).
💡والغثاء: هو الذي لا نفع فيه، وذلك يكون بفقد العلم النافع والعمل الصالح اللذين بهما ظهور المسلمين على غيرهم، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدى وَدينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكونَ﴾ [التوبة: ٣٣].
↩️وقال رسول اللهﷺ: ((مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ، كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا، وَسَقَوْا، وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً، وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ)). متفق عليه.
📜وقَالَ ابن عقيل -رحمه الله-: "إذَا أَرَدْت أَنْ تَعْلَمَ مَحَلَّ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الزَّمَانِ فَلَا تَنْظُرْ إلَى زِحَامِهِمْ فِي أَبْوَابِ الْجَوَامِعِ، وَلَا ضَجِيجِهِمْ فِي الْمَوْقِفِ بِلَبَّيْكَ، وَإِنَّمَا اُنْظُرْ إلَى مُوَاطَأَتِهِمْ أَعْدَاءَ الشَّرِيعَةِ".
💡قلت وإذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل عصرنا فلا تنظر إلى زحامهم في المظاهرات والمسيرات ولا هتافاتهم للقضيّة الفلسطينيّة، وإنّما انظر إلى جهلهم بالعقيدة والسُنّة وموالاتهم للباطنيّة المجوس، والأمر كما قال الحافظ الذهبي -رحمه الله-: "عم الرفض الدنيا شرقاً وغرباً " انتهى وحالهم كما قال تعالى عن اليهود: ﴿وَمِنهُم أُمِّيّونَ لا يَعلَمونَ الكِتابَ إِلّا أَمانِيَّ وَإِن هُم إِلّا يَظُنّونَ﴾ [البقرة: ٧٨].
📚وفي حديث زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ -رضي الله عنه- قَالَ: ذَكَرَ النَّبِيُّﷺ شَيْئًا، فَقَالَ: ((ذَاكَ عِنْدَ أَوَانِ ذَهَابِ الْعِلْمِ)). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَذْهَبُ الْعِلْمُ، وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَنُقْرِئُهُ أَبْنَاءَنَا، وَيُقْرِئُهُ أَبْنَاؤُنَا أَبْنَاءَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: ((ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ زِيَادُ، إِنْ كُنْتُ لَأَرَاكَ مِنْ أَفْقَهِ رَجُلٍ بِالْمَدِينَةِ، أَوَلَيْسَ هَذِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، لَا يَعْمَلُونَ بِشَيْءٍ مِمَّا فِيهِمَا)) رواه أحمد، وابن ماجة بإسناد صحيح
وقال تعالى ( مَثَلُ ٱلَّذِینَ حُمِّلُوا۟ ٱلتَّوۡرَىٰةَ ثُمَّ لَمۡ یَحۡمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلۡحِمَارِ یَحۡمِلُ أَسۡفَارَۢاۚ بِئۡسَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ) الجمعة ٥
والله أعلم.
صيام يوم عاشوراء من تعظيم الله
📖 قال تعالى: ﴿وَإِذ فَرَقنا بِكُمُ البَحرَ فَأَنجَيناكُم وَأَغرَقنا آلَ فِرعَونَ وَأَنتُم تَنظُرونَ﴾ [البقرة: ٥٠].
📖وقال تعالى: ﴿فَاليَومَ نُنَجّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكونَ لِمَن خَلفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثيرًا مِنَ النّاسِ عَن آياتِنا لَغافِلونَ﴾ [يونس: ٩٢].
📖وقال تعالى: ﴿وَلَقَد أَرسَلنا موسى بِآياتِنا أَن أَخرِج قَومَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النّورِ وَذَكِّرهُم بِأَيّامِ اللَّهِ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكورٍ﴾ [إبراهيم: ٥].
📌وفيها من العلم:
📝 أخْرَجَ النَّسائِيُّ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ في زَوائِدِ «المَسْنَدِ»، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّﷺ في قَوْلِهِ: ﴿وذَكِّرْهم بِأيّامِ اللَّهِ﴾ قالَ: ((بِنِعَمِ اللَّهِ وآلائِهِ)).
⁃ يُعَبَّرُ بِالأيّامِ عَنِ الوَقائِعِ العَظِيمَةِ الَّتِي وقَعَتْ فِيها، وفي قولهﷻ {إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكورٍ} والمَعْنى: أنَّ في ذَلِكَ التَّذْكِيرِ والتَّنْبِيهِ دَلائِلَ لِمَن كانَ صَبّارًا شَكُورًا؛ لِأنَّ الحالَ إمّا أنْ يَكُونَ حالَ مِحْنَةٍ وبَلِيَّةٍ أوْ حالَ مِنحَةٍ وعَطِيَّةٍ، فَإنْ كانَ الأوَّلَ كانَ المُؤْمِنُ صَبّارًا، وإنْ كانَ الثّانِيَ كانَ شَكُورًا.
⁃ وهَذا تَنْبِيهٌ عَلى أنَّ المُؤْمِنَ يَجِبُ أنْ لا يَخْلُوَ زَمانُهُ عَنْ أحَدِ هَذَيْنِ الأمْرَيْنِ، فَإنْ جَرى الوَقْتُ عَلى ما يُلائِمُ طَبْعَهُ ويُوافِقُ إرادَتَهُ كانَ مَشْغُولًا بِالشُّكْرِ، وإنْ جَرى بِما لا يُلائِمُ طَبْعَهُ كانَ مَشْغُولًا بِالصَّبْرِ.
📚وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-: (قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّﷺ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: ((فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ)) فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ). متفق عليه.
↩️وعنه -رضي الله عنه- قَالَ: (مَا رَأَيْتُﷺ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلا هَذَا الْيَوْمَ؛ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي؛ شَهْرَ رَمَضَانَ) رواه البخاري.
📖وقال تعالى: ﴿أُولئِكَ الَّذينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقتَدِه قُل لا أَسأَلُكُم عَلَيهِ أَجرًا إِن هُوَ إِلّا ذِكرى لِلعالَمينَ﴾ [الأنعام: ٩٠].
والله أعلم.📖 قال تعالى: ﴿وَإِذ فَرَقنا بِكُمُ البَحرَ فَأَنجَيناكُم وَأَغرَقنا آلَ فِرعَونَ وَأَنتُم تَنظُرونَ﴾ [البقرة: ٥٠].
📖وقال تعالى: ﴿فَاليَومَ نُنَجّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكونَ لِمَن خَلفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثيرًا مِنَ النّاسِ عَن آياتِنا لَغافِلونَ﴾ [يونس: ٩٢].
📖وقال تعالى: ﴿وَلَقَد أَرسَلنا موسى بِآياتِنا أَن أَخرِج قَومَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النّورِ وَذَكِّرهُم بِأَيّامِ اللَّهِ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكورٍ﴾ [إبراهيم: ٥].
📌وفيها من العلم:
📝 أخْرَجَ النَّسائِيُّ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ في زَوائِدِ «المَسْنَدِ»، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّﷺ في قَوْلِهِ: ﴿وذَكِّرْهم بِأيّامِ اللَّهِ﴾ قالَ: ((بِنِعَمِ اللَّهِ وآلائِهِ)).
⁃ يُعَبَّرُ بِالأيّامِ عَنِ الوَقائِعِ العَظِيمَةِ الَّتِي وقَعَتْ فِيها، وفي قولهﷻ {إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكورٍ} والمَعْنى: أنَّ في ذَلِكَ التَّذْكِيرِ والتَّنْبِيهِ دَلائِلَ لِمَن كانَ صَبّارًا شَكُورًا؛ لِأنَّ الحالَ إمّا أنْ يَكُونَ حالَ مِحْنَةٍ وبَلِيَّةٍ أوْ حالَ مِنحَةٍ وعَطِيَّةٍ، فَإنْ كانَ الأوَّلَ كانَ المُؤْمِنُ صَبّارًا، وإنْ كانَ الثّانِيَ كانَ شَكُورًا.
⁃ وهَذا تَنْبِيهٌ عَلى أنَّ المُؤْمِنَ يَجِبُ أنْ لا يَخْلُوَ زَمانُهُ عَنْ أحَدِ هَذَيْنِ الأمْرَيْنِ، فَإنْ جَرى الوَقْتُ عَلى ما يُلائِمُ طَبْعَهُ ويُوافِقُ إرادَتَهُ كانَ مَشْغُولًا بِالشُّكْرِ، وإنْ جَرى بِما لا يُلائِمُ طَبْعَهُ كانَ مَشْغُولًا بِالصَّبْرِ.
📚وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-: (قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّﷺ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: ((فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ)) فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ). متفق عليه.
↩️وعنه -رضي الله عنه- قَالَ: (مَا رَأَيْتُﷺ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلا هَذَا الْيَوْمَ؛ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي؛ شَهْرَ رَمَضَانَ) رواه البخاري.
📖وقال تعالى: ﴿أُولئِكَ الَّذينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقتَدِه قُل لا أَسأَلُكُم عَلَيهِ أَجرًا إِن هُوَ إِلّا ذِكرى لِلعالَمينَ﴾ [الأنعام: ٩٠].
والله أعلم.
الترهيب من فاحشة الزنا
📖 قال تعالى: ﴿وَالَّذينَ لا يَدعونَ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ وَلا يَقتُلونَ النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلّا بِالحَقِّ وَلا يَزنونَ وَمَن يَفعَل ذلِكَ يَلقَ أَثامًا﴾ [الفرقان: ٦٨].
📌وفيها من العلم:
📝 وَ{وَلا يَزْنُونَ} فَيَسْتَحِلُّونَ الْفُرُوجَ بِغَيْرِ نِكَاحٍ وَلَا مِلْكِ يَمِينٍ. وَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الْكُفْرِ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ثُمَّ الزِّنَى، وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي حَدِّ الزِّنَا الْقَتْلُ لِمَنْ كَانَ مُحْصَنًا أَوْ أَقْصَى الْجَلْدِ لِمَنْ كَانَ غَيْرَ مُحْصَنٍ، وفي الصحيحين مرفوعاً: ((فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ أَعْلَاهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ، يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا، فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا، وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَا: انْطَلِقْ))، وفيه: ((وَالَّذِي رَأَيْتَهُ فِي الثَّقْبِ فَهُمُ الزُّنَاةُ)).
📜وقال ابن القيّم -رحمه الله-: "والمقصود بيان ما في الزنا واللواطة من نجاسة وخبث أكثر وأغلظ من سائر الذنوب ما دون الشرك، وذلك لأنها تفسد القلب وتضعف توحيده جداً، ولهذا كان أحظى الناس بهذه النجاسة أكثرهم شركاً، فكلما كان الشرك في العبد أغلب كانت هذه النجاسة والخبائث فيه أكثر، وكلما كان العبد أعظم إخلاصاً كان منها أبعد، فليس في الذنوب أفسد للقلب والدين من هاتين الفاحشتين" انتهى.
💡ولهذا منع النبيﷺ كل الأسباب المؤدية إلى الزنا، وجميع الدوافع الدافعة إليه، فقالﷺ: ((أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية)) رواه النسائي وغيره.
↩️وحذر نبي الأمة والرحمة من الدخول على النساء أو الاختلاط لأن ذلك مما قد يدفع ضعاف النفوس إلى ممارسة هذه الفاحشة، فقالﷺ: ((إياكم والدخول على النساء))، فذكر له رجل، فقال: أرأيت الحمو يارسول الله؟ فقال: ((الحمو الموت)).
💡ولهذا قال تعالى محذراً من الدخول على النساء: {وإذا سألتموهن متاعاً فسألوهن من وراء حجاب} ثم ذكر جل وعلا الحكمة البالغة من ذلك فقال: {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}.
✍️وحرم الإسلام على المرأة أن تخرج أمام الرجال الأجانب وهي متخذة زينتها لما في ذلك من الإغراء إلى الذنب والمعصية، وإقبال على الفاحشة والرذيلة، ثم قال تعالى بعد قوله: {وَلَا یَزۡنُونَۚ} قال: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ}.
والله أعلم.
أوجب الله العدل مطلقاً وأمر بتحقيقه
📖 قال تعالى : ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ﴾ [ الحديد : 25].
📖 وقال تعالى : ﴿ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ﴾ [ الشورى : 15].
📖 وقال تعالى : ﴿ حَقِیقٌ عَلَىٰۤ أَن لَّاۤ أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّ ﴾ [ الأعراف : 105].
📌وفيها من العلم:
📝 الإشارة إلى ماروه مسلم عَنْ عَبْدالله بْنِ عَمْرو -رَضيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ " إنّ المُقْسِطِينَ عِنْد الله عَلَىَ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزّ وَجَلّ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا "
✍️ والغالب على كثير من الناس هو الظلم بالقول أو بالفعل كما قال تعالى : ﴿ إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَـٰوَ تِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَیۡنَ أَن یَحۡمِلۡنَهَا وَأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَـٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومࣰا جَهُولࣰا ﴾ [الأحزاب : 72].
📖 وقال تعالى : ﴿ وَلَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِینَ خَرَجُوا۟ مِن دِیَـٰرِهِم بَطَرࣰا وَرِئَاۤءَ ٱلنَّاسِ وَیَصُدُّونَ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ بِمَا یَعۡمَلُونَ مُحِیطࣱ ﴾ [الأنفال : 47].
📝 وقال ﷺ " الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ " رواه مسلم
- وبطر الحق : جحده ودفعه .
- وغمط الناس : احتقارهم وازدراؤهم .
📚 قال شيخ الإسلام -رحمه الله - " فمن في قلبه مثقال ذرة من هذا يوجب له أن يجحد الحق الذي يجب عليه أن يقر به وأن يحتقر الناس فيكون ظالماً لهم معتدياً عليهم فمن كان مضيعاً للحق الواجب؛ ظالماً للخلق لم يكن من أهل الجنة ولا مستحقاً لها ؛ بل يكون من أهل الوعيد " مجموع الفتاوى .
👈❗️ويقبح من طالب العلم أن يسعى للتفريق بين أهل العلم وينتصر لبعضهم دون بعض بالجهل والهوى .
📜 قال تعالى في الحديث القدسي " ياعبادي إنّي حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا " رواه مسلم .
👈 ولا يجوز أن يحالف شيخاً يتابعه في كل شي أو يتنقص غيره مباشرة أو بالهمز واللمز ليرفع قدر شيخه ، فإنّ معادن الرجال تظهر في مثل هذا ، فالولاء المطلق هو لله ولرسوله ﷺ ، فالكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف - عليه السلام - قال تعالى : ﴿ مَا بَالُ ٱلنِّسۡوَةِ ٱلَّـٰتِی قَطَّعۡنَ أَیۡدِیَهُنَّ إِنَّ رَبِّی بِكَیۡدِهِنَّ عَلِیمࣱ ﴾ [ يوسف : 50].
🔑 فاقتصر - عليه السلام - على هذا القول ، وما شكا منهن على سبيل التعيين والتفصيل ، لطيب معدنه وكرمه ، فكيف بمن يجحد فضل غيره ، لطلب علوه عليه ، أو لهوى النفس ، وهذا فيه إشارة لضعف الإيمان ، حيث ظن أنّه بكلامه يرفع الخلق ويخفض آخرين ،
📝 وفي الترمذي من حديث البراء أنَّ رجلاً قال لرسول الله ﷺ " أيا رسولَ اللَّهِ إنَّ حمدي زينٌ وإنَّ ذمِّي شينٌ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: ذاكَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ " وإسناده صحيح ،
📖 وقال تعالى : ﴿ أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِینَ یُزَكُّونَ أَنفُسَهُمۚ بَلِ ٱللَّهُ یُزَكِّی مَن یَشَاۤءُ وَلَا یُظۡلَمُونَ فَتِیلًا ﴾ [النساء : 49].
📖 وقال تعالى : ﴿ فَقَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِن قَوۡمِهِۦ مَا نَرَىٰكَ إِلَّا بَشَرࣰا مِّثۡلَنَا وَمَا نَرَىٰكَ ٱتَّبَعَكَ إِلَّا ٱلَّذِینَ هُمۡ أَرَاذِلُنَا بَادِیَ ٱلرَّأۡیِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمۡ عَلَیۡنَا مِن فَضۡلِۭ بَلۡ نَظُنُّكُمۡ كَـٰذِبِینَ ﴾ [هود : 27].
الله خير حافظاً
📜 قال تعالى: { قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } [يوسف:64].
🔺 وفيها من العلم:
قال القرطبي رحمه الله: " وَمَعْنَى الْآيَةِ: حِفْظُ اللَّهِ لَهُ خَيْرٌ مِنْ حِفْظِكُمْ إِيَّاهُ. قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: لَمَّا قَالَ يَعْقُوبُ: "فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً" قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأَرُدَّنَّ عَلَيْكَ ابْنَيْكَ كِلَيْهِمَا بعد ما تَوَكَّلْتَ عَلَيَّ " انتهى.
🔺وفي مسند أحمد والنسائي في الكبرى وابن حبان في صحيحه وصححه الألباني عَنْ قَزْعَةَ ، قَالَ: " كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَلَمَّا خَرَجْتُ شَيَّعَنِي وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "قَالَ لُقْمَانُ الْحَكِيمُ : إِنَّ اللهَ إِذَا اسْتُودِعَ شَيْئًا حَفِظَهُ " ، وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُ اللهَ دَيْنَكَ ، وَأَمَانَتَكَ، وَخَوَاتِمَ عَمَلِكَ ، وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامُ ".
📜وفي صحيح البخاري في قصة الرجل من بني اسرائيل " ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْرِ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ تَسَلَّفْتُ فُلَانًا أَلْفَ دِينَارٍ، فَسَأَلَنِي كَفِيلًا فَقُلْتُ : كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا، فَرَضِيَ بِكَ، وَسَأَلَنِي شَهِيدًا فَقُلْتُ : كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، فَرَضِيَ بِكَ، وَأَنِّي جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إِلَيْهِ الَّذِي لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ، وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا ".
🔺 وكان بعض أهل العلم يقول في ورده: " اللهم يا من لا تضيع ودائعه أستودعك نفسي وديني وبيتي وأهلي ومالي وخواتيم أعمالي فأحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ".
🔺ونظيره في السنّة حديث ابْن عُمَرَ يَقُولُ : لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ هَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَتِي - وَقَالَ عُثْمَانُ : عَوْرَاتِي - وَآمِنْ رَوْعَاتِي ، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي ". رواه أهل السنن بإسناد صحيح.
📜وقال تعالى: { وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ } [القصص:7].
والله أعلم
إلى قادة حماس: صون دماء المسلمين أحب إلى الله من سفك دماء المشركين
📖 قال تعالى: ﴿.. وَلَولا رِجالٌ مُؤمِنونَ وَنِساءٌ مُؤمِناتٌ لَم تَعلَموهُم أَن تَطَئوهُم فَتُصيبَكُم مِنهُم مَعَرَّةٌ بِغَيرِ عِلمٍ لِيُدخِلَ اللَّهُ في رَحمَتِهِ مَن يَشاءُ لَو تَزَيَّلوا لَعَذَّبنَا الَّذينَ كَفَروا مِنهُم عَذابًا أَليمًا﴾ [الفتح: ٢٥].
📖وقال تعالى: ﴿وَمَن يَقتُل مُؤمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِدًا فيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذابًا عَظيمًا﴾ [النساء: ٩٣].
📌وفيهما من العلم:
📝أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ﴾ قالَ: "دَفَعَ اللَّهُ عَنِ المُشْرِكِينَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ بِأُناسٍ مِنَ المُؤْمِنِينَ كانُوا بَيْنَ أظْهُرِهِمْ".
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ: ﴿لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنهم عَذابًا ألِيمًا﴾ قالَ: "إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ يَدْفَعُ بِالمُؤْمِنِينَ عَنِ الكُفّارِ".
📌"يَعْنِي: كانَ الكَفُّ مُحافَظَةً عَلى ما في مَكَّةَ مِنَ المُسْلِمِينَ؛ لِيَخْرُجُوا مِنها ويَدْخُلُوها عَلى وجْهٍ لا يَكُونُ فِيهِ إيذاءُ مَن فِيها مِنَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ" انتهى من [التفسير الكبير].
📚وروى الشافعي وسعيد بن منصور والبيهقي في السنن عن أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب سأله إذا حاصرتم المدينة كيف تصنعون؟ قال: (نبعث الرجل إلى المدينة ونصنع له هبيئا من جلود)، قال: (أرأيت إن رمي بحجر؟) قال: (إذا يقتل)، قال: (فلا تفعلوا فو الذي نفسي بيده ما يسرني أن تفتحوا مدينة فيها أربعة آلاف مقاتل بتضييع رجل مسلم).
↩️وجاء نحوه عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: (فرض الله الجهاد لسفك دماء المشركين، وفرض الرباط لحقن دماء المسلمين، وحقن دماء المسلمين أحب إليَّ من سفك دماء المشركين). [المنتقى شرح الموطأ].
📖وقال تعالى: ﴿وَإِذ أَخَذنا ميثاقَكُم لا تَسفِكونَ دِماءَكُم وَلا تُخرِجونَ أَنفُسَكُم مِن دِيارِكُم ثُمَّ أَقرَرتُم وَأَنتُم تَشهَدونَ﴾ [البقرة: ٨٤].
والله أعلم.
الحديث حُجّة بنفسه إذا اقترن بعمل الصحابة
📖 قال تعالى: ﴿ وَقُلِ ٱعۡمَلُوا۟ فَسَیَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُۥ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَـٰلِمِ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ﴾ [التوبة: 105].
📌وفيها من العلم:
📝 و أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: ما احْتَقَرْتُ أعْمالَ أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتّى نَجَمَ القُرّاءُ الَّذِينَ طَعَنُوا عَلى عُثْمانَ، فَقالُوا قَوْلًا لا نُحْسِنُ مِثْلَهُ، وقَرَءُوا قِراءَةً لا نَقْرَأُ مِثْلَها، وصَلَّوْا صَلاةً لا نُصَلِّي مِثْلَها، فَلَمّا تَذَكَّرْتُ، إذَنْ واللَّهِ ما يُقارِبُونَ عَمَلَ أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ فَإذا أعْجَبَكَ حُسْنُ قَوْلِ امْرِئٍ مِنهم فَقُلْ: ﴿اعْمَلُوا فَسَيَرى اللَّهُ عَمَلَكم ورَسُولُهُ والمُؤْمِنُونَ﴾ ولا يَسْتَخِفَّنَّكَ أحَدٌ "
📝 وَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: من كَانَ مِنْكُم متأسياً فليتأس بأصحاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - إِنَّهُم كَانُوا أبر هَذِهِ الْأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، وأقومها هَديا، وأحسنها أَخْلَاقًا اخْتَارَهُمْ الله عز وَجل لصحبه نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم -، وَإِقَامَة دينه فاعرفوا لَهُم فَضلهمْ، واتبعوهم فِي آثَارهم فَإِنَّهُم كَانُوا عَلَى الْهدى الْمُسْتَقيم "
📚 قال الشاطبي " كل دليل شرعي لا يخلو أن يكون معمولا به في السلف المتقدمين دائماً، أو أكثريا، أو لا يكون معمولا به إلا قليلا أو في وقت ما، أو لا يثبت به عمل، فهذه 💡 ثلاثة أقسام:
↩️ أحدهما: أن يكون معمولاً به دائما أو أكثريا، فلا إشكال في الاستدلال به، ولا في العمل على وِفْقِه، وهي السنة المتبعة والطريق المستقيم، كان الدليل مما يقتضي إيجاباً أو ندباً أو غير ذلك من الأحكام، كفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع قوله في الطهارات والصلوات على تنوعها من فرض أو نفل، والزكاة بشروطها والضحايا، والعقيقة، والنكاح، والطلاق، والبيوع، وسواها من الأحكام التي جاءت في الشريعة وبينها عليه الصلاة والسلام بقوله أو فعله أو إقراره، ووقع فعله وفعل صحابته معه أو بعده على وِفْقِ ذلك دائماً أو أكثرياً.
↩️ الثاني: أن لا يقع العمل به إلا قليلاً، أو في وقت من الأوقات، أو حال من الأحوال، ووقع إيثاره غيره والعمل به دائماً أو أكثرياً، فذلك الغير هو السنة المتبعة والطريق السابلة، وأما ما لم يقع العمل عليه إلا قليلا، فيجب التثبت فيه وفي العمل على وفقه والمثابرة على ما هو الأعم والأكثر، فإن إدامة الأولين للعمل على مخالفة هذا الأقل: إما أن يكون لمعنى شرعي، أو لغير معنى شرعي، وباطل أن يكون لغير معنى شرعي، فلا بد أن يكون لمعنى شرعي تحروا العمل به، وإذا كان كذلك فقد صار العمل على وفق القليل، كالمعارض للمعنى الذي تحروا العمل على وفقه، وإن لم يكن معارضاً في الحقيقة، فلا بد من تحري ما تحروا وموافقة ما داوموا عليه.
↩️ والقسم الثالث: أن لا يثبت عن الأولين أنهم عملوا به على حال، فهو أشد من أنه دليل على ما زعموا ليس بدليل عليه البتة، إذ لو كان دليلا لم يعزب عن فهم الصحابة والتابعين، ثم يفهمه هؤلاء، فعمل الأولين كيف كان مصادم لمقتضى هذا المفهوم ومعارض له، انتهى ملخصا " الموافقات "٣/٥٦"
فكل مسألة في الفقة✍️
نحتاج فيها إلى إسنادين : إسناد النص للنبي ﷺ وإسناد الفقه للصحابة رضوان الله عليهم
📖 و قال تعالى: ﴿ وَمَن یُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَیَتَّبِعۡ غَیۡرَ سَبِیلِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَاۤءَتۡ مَصِیرًا ﴾ [النساء: 115].
موتوا بغيظكم
📖 قال تعالى: ﴿ هَـٰۤأَنتُمۡ أُو۟لَاۤءِ تُحِبُّونَهُمۡ وَلَا یُحِبُّونَكُمۡ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱلۡكِتَـٰبِ كُلِّهِۦ وَإِذَا لَقُوكُمۡ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡا۟ عَضُّوا۟ عَلَیۡكُمُ ٱلۡأَنَامِلَ مِنَ ٱلۡغَیۡظِۚ قُلۡ مُوتُوا۟ بِغَیۡظِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴾ [آل عمران : 119].
📌وفيها من العلم :
📝 أخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي الجوزاء قال: والَّذي نفسي بيدِه، لَأَن تَمْتَلِئَ داري قِرَدَةً وخنازيرَ أحبُّ إلَيَّ مِن أن يجاورني أحدٌ مِن أهل الأهواء، لقد دخلوا في هذه الآية: ﴿ هَـٰۤأَنتُمۡ أُو۟لَاۤءِ تُحِبُّونَهُمۡ وَلَا یُحِبُّونَكُمۡ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱلۡكِتَـٰبِ كُلِّهِۦ وَإِذَا لَقُوكُمۡ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا ﴾ انتهى
📝 وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ﴿ هَـٰۤأَنتُمۡ أُولاءِ تُحِبُّونَهم ولا يُحِبُّونَكُمْ ﴾ .قالَ: المُؤْمِنُ خَيْرٌ لِلْمُنافِقِ مِنَ المُنافِقِ لِلْمُؤْمِنِ، يَرْحَمُهُ في الدُّنْيا، لَوْ يَقْدِرُ المُنافِقُ مِنَ المُؤْمِنِ عَلى مِثْلِ ما يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنهُ لَأبادَ خَضْراءَهُ " انتهى
↩️ والدُّعاءُ عَلَيْهِمْ بِالمَوْتِ بِالغَيْظِ صَرِيحُهُ طَلَبُ مَوْتِهِمْ بِسَبَبِ غَيْظِهِمْ، وهو كِنايَةٌ عَنْ مُلازَمَةِ الغَيْظِ لَهم طُولَ حَياتِهِمْ إنْ طالَتْ أوْ قَصُرَتْ، وذَلِكَ كِنايَةٌ عَنْ دَوامِ سَبَبِ غَيْظِهِمْ، وهو حُسْنُ حالِ المُسْلِمِينَ، وانْتِظامُ أمْرِهِمْ، وازْدِيادُ خَيْرِهِمْ، وفي هَذا الدُّعاءِ عَلَيْهِمْ بِلُزُومِ ألَمِ الغَيْظِ لَهم، وبِتَعْجِيلِ مَوْتِهِمْ بِهِ، وكُلٌّ مِنَ المَعْنَيَيْنِ المُكَنِّي بِهِما مُرادٌ هُنا، والتَّكَنِّي بِالغَيْظِ وبِالحَسَدِ عَنْ كَمالِ المُغِيظِ مِنهُ المَحْسُودِ مَشْهُورٌ، والعَرَبُ تَقُولُ: فُلانٌ مُحَسَّدٌ، أيْ هو في حالَةِ نِعْمَةٍ وكَمالٍ. " انتهى من التحرير والتنوير ، "
👈 وهذا فيه بشارة للمؤمنين أن هؤلاء الذين قصدوا ضرركم لا يضرون إلا أنفسهم، وإن غيظهم لا يقدرون على تنفيذه، بل لا يزالون معذبين به حتى يموتوا فيتنقلوا من عذاب الدنيا إلى عذاب الآخرة " انتهى من تفسير السعدي ،
👈 فلا يوجد أبلغ ولا أشمل ولا أعظم من قول الله تعالى: ﴿ قُلۡ مُوتُوا۟ بِغَیۡظِكُمۡۗ ﴾ للشانئين الحاقدين على من شرّفهم الله بخدمة الحرمين وضيوف الرحمن ، لمن فقدوا المصداقيّة والنزاهة وجعلوا الدين مطيّة للوصول إلى أهدافهم قال تعالى: ﴿ وَإِنَّ مِنۡهُمۡ لَفَرِیقࣰا یَلۡوُۥنَ أَلۡسِنَتَهُم بِٱلۡكِتَـٰبِ لِتَحۡسَبُوهُ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَمَا هُوَ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَیَقُولُونَ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَیَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 78] ، وآثروا الحزبيّة على المصالح العليا للمسلمين ، وهم يتظاهرون بالحرص على مصالح المسلمين ، حاولوا أن يهونوا مما رآه الناس رأي العين ، فبخسوا وطففوا ، فأفشل الله مخططاتهم وطاشت سهامهم ،﴿ قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَاۤءُ مِنۡ أَفۡوَ هِهِمۡ وَمَا تُخۡفِی صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ ﴾ [آل عمران: 118].
📖 و قال تعالى: ﴿ لَّىِٕن لَّمۡ یَنتَهِ ٱلۡمُنَـٰفِقُونَ وَٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ وَٱلۡمُرۡجِفُونَ فِی ٱلۡمَدِینَةِ لَنُغۡرِیَنَّكَ بِهِمۡ ثُمَّ لَا یُجَاوِرُونَكَ فِیهَاۤ إِلَّا قَلِیلࣰا ﴾ [الأحزاب : 60].
↩️ وهُمُ الَّذِينَ يُشِيعُونَ الأخْبارَ المُخِيفَةَ لِأهْلِ الإسْلامِ الَّتِي تَضْطَرِبُ لَها القُلُوبُ ،
📖 قال تعالى: ﴿ إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةࣱ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَیِّئَةࣱ یَفۡرَحُوا۟ بِهَاۖ وَإِن تَصۡبِرُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ لَا یَضُرُّكُمۡ كَیۡدُهُمۡ شَیۡـًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا یَعۡمَلُونَ مُحِیطࣱ ﴾ [ آل عمران: 120].
💡 وكل هذا يؤكد أنّ المملكة العربيّة السعوديّة هي قبلة المسلمين ومأرز الدين ، والأمّة الوسط في هذا العصر عقيدة وشريعة كما قال تعالى: ﴿ وَكَذَ لِكَ جَعَلۡنَـٰكُمۡ أُمَّةࣰ وَسَطࣰا ) ولا يضرها كيد الكائدين وحسد الحاسدين بألسنتهم وأقلامهم ، ولم يقم على الحرمين الشريفين وخدمة ضيوف الرحمن أحدُ منذ القرون المفضلة عقيدة وعملاً كما قال تعالى: ﴿ وَإِذۡ بَوَّأۡنَا لِإِبۡرَ هِیمَ مَكَانَ ٱلۡبَیۡتِ أَن لَّا تُشۡرِكۡ بِی شَیۡـࣰٔا وَطَهِّرۡ بَیۡتِیَ لِلطَّاۤىِٕفِینَ وَٱلۡقَاۤىِٕمِینَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُود ﴾ [الحج : 26].
📖 قال تعالى: ﴿ جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلۡكَعۡبَةَ ٱلۡبَیۡتَ ٱلۡحَرَامَ قِیَـٰمࣰا لِّلنَّاسِ وَٱلشَّهۡرَ ٱلۡحَرَامَ وَٱلۡهَدۡیَ وَٱلۡقَلَـٰۤىِٕدَۚ ذَ لِكَ لِتَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ یَعۡلَمُ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ تِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَأَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمٌ ﴾ [المائدة : 97].
بيان جواز صوم جميع الأيّام ما عدا الفطر والأ ضحى
📖 قال تعالى: ﴿ وَٱلصَّـٰۤىِٕمِینَ وَٱلصَّـٰۤىِٕمَـٰتِ ﴾
💡وفيها من العلم الإشارة إلى جواز صوم جميع الأيّام إلاّ مادلت عليه النصوص واتفق عليه الصحابة و استفاض فقد روى الشيخان عن أبي سعيد مرفوعاً " وَلَا صَوْمَ فِي يَوْمَيْنِ : الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى "
📚وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ : يَوْمِ الْأَضْحَى، وَيَوْمِ الْفِطْرِ " رواه البخاري ، وروى الشيخان عن عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، أَنَّهُ شَهِدَ الْعِيدَ يَوْمَ الْأَضْحَى مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَاكُمْ عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْعِيدَيْنِ ؛ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَيَوْمٌ تَأْكُلُونَ مِنْ نُسُكِكُمْ "
🔦وفي ماتقدم من الأحاديث التنبيه إلى ضعف حديث النهي عن صيام السبت ، فقد اتفق الصحابة رضوان الله عليهم على النقل عن النبي ﷺ في تحريم صيام العيدين ، ولم يذكروا سواهما ، إلا ماجاء في النهي عن صيام أيّام التشريق ، والسر في عدم ذكرها ، أنّ النهي عنها فيه تفصيل ، وليس كالنهي عن صيام العيدين ، يحرم في كل حال حتى على الناذر ومن يقضي رمضان ، ومن عليه كفّارة صيام ، قال الإمام مالك في الموطأ " مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ، يَقُولُونَ : لَا بَأْسَ بِصِيَامِ الدَّهْرِ، إِذَا أَفْطَرَ الْأَيَّامَ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهَا، وَهِيَ : أَيَّامُ مِنًى، وَيَوْمُ الْأَضْحَى، وَيَوْمُ الْفِطْرِ، فِيمَا بَلَغَنَا، قَالَ : وَذَلِكَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ "
📚وروى عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان هو الضبعي - عن ثابت البناني عن أنس قال : كان أبو طلحة قل ما يصوم على عهد رسول الله ﷺ من أجل العدو ، فلما توفي النبي ﷺ ما رأيته مفطرا إلا يوم أضحى ، أو يوم فطر " وقال الذهبي: "كان قد سرد الصوم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -"
، 📗وروى الشيخان عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ " الحديث
📌وعليه فلا حرج من صيام عرفة إذا وافق السبت ، سواءُ أفرده ، أوصام معه يوم الجمعة ، وهذا الذي عليه عامة أهل العلم ، وقال شيخ الإسلام " وأكثَرُ أهل العِلم على عدم الكَراهة " انتهى وقال رحمه الله " ظاهرُ الحديث خلافُ الإجماعِ " انتهى
📚وقال ابن رجب " فأمَّا الأئمَّة وفقهاءُ أهلِ الحديثِ فإنَّهم يتَّبعون الحديثَ الصحيحَ حيثُ كان، إذا كان معمولًا به عند الصحابة ومَن بعدهم، أو عند طائفةٍ منهم، فأمَّا ما اتُّفِق على ترْكه فلا يجوزُ العملُ به؛ لأنَّهم ما ترَكوه إلا على عِلمٍ أنه لا يُعمَلُ به " انتهى ،
✍🏻وقال الحافظ ابنُ حجر " وكم مِن حديثٍ منسوخٍ وهو صحيحٌ من حيثُ الصناعةُ الحديثيَّةُ " انتهى ، والأظهر في الحديث أنّه ضعيف فلا يعرف ذكره بين الصحابة ، وقال تعالى ﴿ عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمۡ حَتَّىٰ یَتَبَیَّنَ لَكَ ٱلَّذِینَ صَدَقُوا۟ وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَـٰذِبِینَ ﴾
[التوبة :43]
💡وفي الآية التنبيه إلى ترك الأخذ عن غير الثقاة ، والحذر مما خالف المعروف والمشهور من الحديث النبوي ، وعمل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ،
📖 قال تعالى: ﴿ وَمَن یُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَیَتَّبِعۡ غَیۡرَ سَبِیلِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَاۤءَتۡ مَصِیرًا ﴾ [النساء : 115]
ذهب رجال الأمن وخُدّام الحجيج بالأجر
📖 قال تعالى: ﴿وَجَٰهِدُواْ فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِۦۚ هُوَ ٱجۡتَبَىٰكُمۡ وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمۡ إِبۡرَٰهِيمَۚ ﴾ [الحج : 78]
📖 وقال تعالى ﴿ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱصۡبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴾ [آل عمران : 200]
📖 قال تعالى ﴿ ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡمَرۡحَمَةِ ﴾ [البلد : 17]
📌 فيها من العلم :
📚 قوله تعالى ﴿ وَجَٰهِدُواْ فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِۦ ﴾ المراد بالجهاد في الآية أعمال الحج من السفر والقيام بالمناسك , بدليل قوله ﴿ مِّلَّةَ أَبِيكُمۡ إِبۡرَٰهِيمَۚ ﴾ , ولم يشرع الجهاد حينذاك ,
📚 وقول النبي صلى الله عليه وسلم في النساء" عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ ، الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ " رواه ابن حبان في صحيحه وأصله البخاري , ويدخل في ذلك دخولاً أولياً من
يقوم على أمن الحجيج ورعاية مصالحهم وتيسير مناسكهم ,
📚 قال تعالى ﴿ ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡمَرۡحَمَةِ ﴾
📚 وقال صلى الله عليه وسلم " السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ ، أَوْ كَالَّذِي يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ " متفق عليه , وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ ، قَالَ: فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ أَكْثَرُنَا ظِلًّا صَاحِبُ الْكِسَاءِ وَمِنَّا مَنْ يَتَّقِي الشَّمْسَ بِيَدِهِ قَالَ: فَسَقَطَ الصُّوَّامُ ، وَقَامَ الْمُفْطِرُونَ فَضَرَبُوا الْأَبْنِيَةِ ، وَسَقَوُا الرِّكَابَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالْأَجْرِ" متفق عليه ,
📚وفي حديث سهل بن الحنظلية " قال: صلى الله عليه وسلم , مَن يَحرُسُنا اللَّيلةَ؟ فقالَ أنسُ بنُ أبي مَرثَدٍ الغَنَويُّ: أنا يا رَسولَ اللهِ. قال: اركَبْ. فرَكِبَ فَرَسًا فجاءَ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: استَقبِلْ هذا الشِّعبَ حتى تَكونَ في أعلاه، ولا نُغَرَّنَّ مِن قِبَلِكَ اللَّيلةَ. فلَمَّا أصبَحنا خَرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى مُصَلَّاه فرَكَعَ رَكعَتَيْنِ ثم قال: هل أحسَستُم فارِسَكم؟ فقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللهِ ما حَسَسْناه. فثَوَّبَ بالصَّلاةِ، فجَعَلَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو في الصَّلاةِ يَلتَفِتُ إلى الشِّعبِ، حتى إذا قَضى صَلاتَه قال: أبشِروا، فقد جاءَ فارِسُكم. فجَعَلْنا نَنظُرُ إلى خِلالِ الشَّجَرِ في الشِّعبِ فإذا هو قد جاءَ حتى وَقَفَ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال: إنِّي قدِ انطَلَقتُ حتى كُنتُ في أعلى هذا الشِّعبِ حيث أمَرَني رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلَمَّا أصبَحتُ طَلَعتُ الشِّعبَيْنِ كِلَيْهما، فنَظَرتُ فلم أرَ أحَدًا. فقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نَزَلتَ؟ فقال: لا، إلَّا مُصَلِّيًا أو قاضيًا حاجةً. فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قد أوجَبتَ، فلا عليكَ ألَّا تَعمَلَ بَعدَها" رواه ابوداود والنسائي وصححه العراقي والألباني ,
📚وروى مسلم عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ وَأَمِنَ الْفَتَّانَ "
📚وروى الترمذي وحسنه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ : عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللهِ "وهذا كله بفضل الله ثم الاجتماع على ولي الأمر والسمع والطاعة له , فهو الذي هيء للحجيج السبل لقضاء مناسكهم بيسر وسهولة , إلى أن يعودواإلى أوطانهم
📖 وقال تعالى : ﴿ وَإِذۡ بَوَّأۡنَا لِإِبۡرَٰهِيمَ مَكَانَ ٱلۡبَيۡتِ أَن لَّا تُشۡرِكۡ بِي شَيۡـٔٗا وَطَهِّرۡ بَيۡتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلۡقَآئِمِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ ﴾ [الحج : 26]
📚وفي مسلم عن جابر " فَأَتَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ ، فَقَالَ : انْزِعُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ "
الحج أعظم مظاهر التوحيد
📖 قال تعالى: ﴿وَإِذ جَعَلنَا البَيتَ مَثابَةً لِلنّاسِ وَأَمنًا وَاتَّخِذوا مِن مَقامِ إِبراهيمَ مُصَلًّى وَعَهِدنا إِلى إِبراهيمَ وَإِسماعيلَ أَن طَهِّرا بَيتِيَ لِلطّائِفينَ وَالعاكِفينَ وَالرُّكَّعِ السُّجودِ﴾ [البقرة: ١٢٥].
📖وقال تعالى: ﴿حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيرَ مُشرِكينَ بِهِ وَمَن يُشرِك بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخطَفُهُ الطَّيرُ أَو تَهوي بِهِ الرّيحُ في مَكانٍ سَحيقٍ﴾ [الحج: ٣١].
📌وفيها من العلم:
📝 البَيْتٌ بَناهُ إبْراهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ لِعِبادَةِ اللَّهِ وحْدَهُ دُونَ شَرِيكٍ، فَيَأْوِي إلَيْهِ مَن يَدِينُ بِالتَّوْحِيدِ، ويَطُوفُ بِهِ مَن يَقْصِدُ تَعْظِيمَ اللَّهِ تَعالى ولِذَلِكَ أضافَهُ إلى اللَّهِ تَعالى بِاعْتِبارِ هَذا المَعْنى، ولهذ فسر السلف قوله تعالى: {حنفاء} أي: حجاجاً.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿حُنَفاءَ﴾ قالَ: "حُجّاجًا".
📚قال جابر -رضي الله عنهما-: "فَأَهَلَّ -رسول الله- بِالتَّوْحِيدِ: ((لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ)) رواه مسلم.
📜قال ابن القيّم -رحمه الله-: "وليس على وجه الأرض بقعةٌ يجب على كل قادرٍ السعيُ إليها والطوافُ بالبيت الذي فيها غير مكة، وليس على وجه الأرض موضعٌ يُشرع تقبيلُه واستلامُه، وتُحط الخطايا والأوزار فيه غيرَ الحجر الأسود، والركن اليماني". ا.هـ [من زاد المعاد].
📚وقالﷺ: ((خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ")). وفي رواية: (كان أكثر دعاء رسول اللهﷺ يوم عرفة؛ "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك"). الحديث.
💡والتوحيد والبراءة من الشرك وأهله هو أصل الدين الذي أمر الله عز وجل به كافة الناس، قال تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلنا مَنسَكًا لِيَذكُرُوا اسمَ اللَّهِ عَلى ما رَزَقَهُم مِن بَهيمَةِ الأَنعامِ فَإِلهُكُم إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسلِموا وَبَشِّرِ المُخبِتينَ﴾ [الحج: ٣٤].
✍️ولهذا حرّم على غير الموحدين دخول البيت، قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِنَّمَا المُشرِكونَ نَجَسٌ فَلا يَقرَبُوا المَسجِدَ الحَرامَ بَعدَ عامِهِم هذا وَإِن خِفتُم عَيلَةً فَسَوفَ يُغنيكُمُ اللَّهُ مِن فَضلِهِ إِن شاءَ إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ حَكيمٌ﴾ [التوبة: ٢٨].
📌وبغير التوحيد لا تصح الأعمال ولا تقبل مهما عظمت في قلوب الخلق، قال تعالى: ﴿أَجَعَلتُم سِقايَةَ الحاجِّ وَعِمارَةَ المَسجِدِ الحَرامِ كَمَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَجاهَدَ في سَبيلِ اللَّهِ لا يَستَوونَ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهدِي القَومَ الظّالِمينَ﴾ [التوبة: ١٩].
💡فالتوحيد هو أساس إجتماع المسلمين وبفقده يكون الإفتراق، قال تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِنَ الدّينِ ما وَصّى بِهِ نوحًا وَالَّذي أَوحَينا إِلَيكَ وَما وَصَّينا بِهِ إِبراهيمَ وَموسى وَعيسى أَن أَقيمُوا الدّينَ وَلا تَتَفَرَّقوا فيهِ كَبُرَ عَلَى المُشرِكينَ ما تَدعوهُم إِلَيهِ اللَّهُ يَجتَبي إِلَيهِ مَن يَشاءُ وَيَهدي إِلَيهِ مَن يُنيبُ﴾ [الشورى: ١٣].
📜قال البغوي -رحمه الله-: "بعث الله الأنبياء كلهم بإقامة الدين والألفة والجماعة، وترك الفرقة والمخالفة"ا.هـ.
📌والأمر الآخر الذي يكون به الإجتماع هو وحدة المشرب والمصدر ولا يحصل إلا بتمام الإتباع للنبيﷺ وسلوك سبيل السلف الصالح، قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾ [الأنعام: ١٥٣].
📖وقال تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ وَالَّذينَ مَعَهُ أَشِدّاءُ عَلَى الكُفّارِ رُحَماءُ بَينَهُم تَراهُم رُكَّعًا سُجَّدًا يَبتَغونَ فَضلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضوانًا سيماهُم في وُجوهِهِم مِن أَثَرِ السُّجودِ ذلِكَ مَثَلُهُم فِي التَّوراةِ وَمَثَلُهُم فِي الإِنجيلِ كَزَرعٍ أَخرَجَ شَطأَهُ فَآزَرَهُ فَاستَغلَظَ فَاستَوى عَلى سوقِهِ يُعجِبُ الزُّرّاعَ لِيَغيظَ بِهِمُ الكُفّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ مِنهُم مَغفِرَةً وَأَجرًا عَظيمًا﴾ [الفتح: ٢٩].
والله أعلم.
الصلح مع العدو داخل ضمن قاعدة المصالح والمفاسد
📖 قال تعالى: ﴿ قَالَ یَـٰهَـٰرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذۡ رَأَیۡتَهُمۡ ضَلُّوۤا۟ أَلَّا تَتَّبِعَنِۖ أَفَعَصَیۡتَ أَمۡرِی قَالَ یَبۡنَؤُمَّ لَا تَأۡخُذۡ بِلِحۡیَتِی وَلَا بِرَأۡسِیۤۖ إِنِّی خَشِیتُ أَن تَقُولَ فَرَّقۡتَ بَیۡنَ بَنِیۤ إِسۡرَ ءِیلَ وَلَمۡ تَرۡقُبۡ قَوۡلِی ﴾ [طه :92]
📖 وقال تعالى: ﴿ مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِیمَـٰنِهِۦۤ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَىِٕنُّ بِٱلۡإِیمَـٰنِ وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلۡكُفۡرِ صَدۡرࣰا فَعَلَیۡهِمۡ غَضَبࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِیمࣱ ﴾
[ النحل :106]
📖 وقال تعالى: ﴿ لَّقَدۡ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءۡیَا بِٱلۡحَقِّ لَتَدۡخُلُنَّ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ ءَامِنِینَ مُحَلِّقِینَ رُءُوسَكُمۡ وَمُقَصِّرِینَ لَا تَخَافُونَۖ فَعَلِمَ مَا لَمۡ تَعۡلَمُوا۟ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَ لِكَ فَتۡحࣰا قَرِیبًا ﴾ [الفتح :27]
📌وفيها من العلم في الآية الاولى ترجيح المصلحة الضرورية بالحفاظ على النفس
على مفسدة النطق بكلمة الكفر مع إطمئنان القلب بالإيمان ،
وفيها التنبيه إلى ترك إنكار المنكر باليد واللسان مع كراهته إذا ترتب عليه ضرر في النفس ،
وفي الآية الثانية ترجيح المصالح الكليّة من وحدة الجماعة وحفظ الأنفس على مفسدة ترك الإنكار باليد لما يترتب عليه من الإفتراق وسفك الدماء .
وفي الآية الثالثة ترجيح المصلحة الكليّة على المصلحة الجزئية ، فمصلحة تمكين الدولة المسلمة من دعم قوتها والتفرغ لنشر الدعوة أعظم من مصلحة تأدية العمرة ذلك العام ، وقد سماه الله فتحاً ،
📚قال الزهري: فما فتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم منه، إنما كان القتال حيث التقى الناس، فلما كانت الهدنة وضعت الحرب أوزارها وأمن الناس كلم بعضهم بعضا، والتقوا فتفاوضوا في الحديث والمنازعة، فلم يكلم أحد في الإسلام يعقل شيئا إلا دخل فيه، ولقد دخل في تينك السنتين مثل من كان دخل في الإسلام قبل ذلك أو أكثر " ✍🏻قال ابن هشام معلقاً على قول الزهري " والدليل على ما قاله الزهري: أن رسول الله ﷺ خرج إلى الحديبية في ألف وأربع مائة رجل في قول جابر، ثم خرج عام فتح مكة بعد ذلك بسنتين في عشرة آلاف "انتهى
💡واعلم رحمك الله أنّ قرار الحرب والصلح هو من خصائص ولي الأمر قال تعالى ﴿ لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ جَـٰهَدُوا۟ بِأَمۡوَ لِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۚ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمُ ٱلۡخَیۡرَ تُۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [التوبة :88]
وقال تعالى ﴿ إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَإِذَا كَانُوا۟ مَعَهُۥ عَلَىٰۤ أَمۡرࣲ جَامِعࣲ لَّمۡ یَذۡهَبُوا۟ حَتَّىٰ یَسۡتَـٔۡذِنُوهُۚ ﴾ [النور :62]
وقال تعالى ﴿ قَالُوا۟ نَحۡنُ أُو۟لُوا۟ قُوَّةࣲ وَأُو۟لُوا۟ بَأۡسࣲ شَدِیدࣲ وَٱلۡأَمۡرُ إِلَیۡكِ فَٱنظُرِی مَاذَا تَأۡمُرِینَ ﴾ [النمل :33]
🌿وقال ﷺ " وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ ، يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ " متفق عليه ، وقال ﷺ " وَقَالَ : " اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ؛ فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا، وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ " رواه مسلم ،
📚قال شيخ الإسلام رحمه الله " وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم وإقامة الحدود , لا تتم إلا بالقوة والإمارة , ولهذا روي " أن السلطان ظل الله في الأرض " ، ويقال : " ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة واحدة بلا سلطان " والتجربة تبين ذلك " انتهى " مجموع الفتاوى " 28 / 391
خطر المنافقين على المسلمين
📖 قال تعالى: ﴿ لَقَدِ ٱبۡتَغَوُا۟ ٱلۡفِتۡنَةَ مِن قَبۡلُ وَقَلَّبُوا۟ لَكَ ٱلۡأُمُورَ حَتَّىٰ جَاۤءَ ٱلۡحَقُّ وَظَهَرَ أَمۡرُ ٱللَّهِ وَهُمۡ كَـٰرِهُونَ ﴾ [التوبة : 48]
📌وفيها من العلم :
📚 أعظم أنواع الفتنة قلب الحقائق والمفاهيم ، " طَلَبُوا صَدَّ أصْحابِكَ عَنِ الدِّينِ، ورَدَّهم إلى الكُفْرِ، وتَخْذِيلَ النّاسِ عَنْكَ. ومَعْنى الفِتْنَةِ: هو الِاخْتِلافُ المُوجِبُ لِلْفُرْقَةِ بَعْدَ الأُلْفَةِ، وهو الَّذِي طَلَبَهُ المُنافِقُونَ لِلْمُسْلِمِينَ وسَلَّمَهُمُ اللَّهُ مِنهُ " انتهى من التفسير الكبير .
📖 ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿حَتّى جاءَ الحَقُّ وظَهَرَ أمْرُ اللَّهِ وهم كارِهُونَ ﴾ [التوبة : 48 ]
والمَعْنى: أنَّ هَؤُلاءِ المُنافِقِينَ كانُوا مُواظِبِينَ عَلى وجْهِ الكَيْدِ والمَكْرِ وإثارَةِ الفِتْنَةِ، وتَنْفِيرِ النّاسِ عَنْ قَبُولِ الدِّينِ " المصدر السابق . وهو سبيل المنافقين و اليهود.
📖 قالَ تَعالى: ﴿ وَإِنَّ مِنۡهُمۡ لَفَرِیقࣰا یَلۡوُۥنَ أَلۡسِنَتَهُم بِٱلۡكِتَـٰبِ لِتَحۡسَبُوهُ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَمَا هُوَ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَیَقُولُونَ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَیَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ ﴾ [آل عمران : 78 ]
✍️ وإذا لم توافق أحكام الشرع أهواءهم تحايلوا في انتهاك حرمات الله، قال ﷺ فيما رواه البخاري ومسلم " قاتل الله اليهود حرَّم الله عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها " هذا لفظ مسلم ، و عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ : " إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ " رواه أحمد بإسناد صحيح ،
✍️ فالمنافقون من هذه الأمّة يسلكون حذو القذة بالقذة مسلك اليهود والنصارى ، ومنهم القائمون على مركز " تكوين الفكر العربي " وقد حذر القرآن المؤمنين من كيد ومكر أهل الكتاب وأذنابهم من المنافقين ، فقالَ تَعالى: ﴿ وَدَّ كَثِیرࣱ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ لَوۡ یَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعۡدِ إِیمَـٰنِكُمۡ كُفَّارًا حَسَدࣰا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمُ ٱلۡحَقُّ فَٱعۡفُوا۟ وَٱصۡفَحُوا۟ حَتَّىٰ یَأۡتِیَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۤۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ ﴾ [ البقرة : 109 ]
📖 قالَ تَعالى: ﴿ ٱلۡمُنَـٰفِقُونَ وَٱلۡمُنَـٰفِقَـٰتُ بَعۡضُهُم مِّنۢ بَعۡضࣲۚ یَأۡمُرُونَ بِٱلۡمُنكَرِ وَیَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَقۡبِضُونَ أَیۡدِیَهُمۡۚ نَسُوا۟ ٱللَّهَ فَنَسِیَهُمۡۚ إِنَّ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ ﴾ [التوبة : 67]
📖 و قالَ تَعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَیۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن یَقُولُوا۟ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ كَأَنَّهُمۡ خُشُبࣱ مُّسَنَّدَةࣱۖ یَحۡسَبُونَ كُلَّ صَیۡحَةٍ عَلَیۡهِمۡۚ هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَـٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ یُؤۡفَكُونَ ﴾ [المنافقون : 4 ]
📚 وروى البخاري عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ : إِنَّ الْمُنَافِقِينَ الْيَوْمَ شَرٌّ مِنْهُمْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ، كَانُوا يَوْمَئِذٍ يُسِرُّونَ، وَالْيَوْمَ يَجْهَرُونَ "
📖 قالَ تَعالى عن أعداء الدين من أهل الكتاب والمنافقين ﴿ یُرِیدُونَ لِیُطۡفِـُٔوا۟ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَ هِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ ﴾ [الصف : 8 ]
👈 فيجب على أهل العلم والإيمان بيان فساد سبيلهم وخطرهم على عقائد المسلمين وأخلاقهم .
📖 قالَ تَعالى: ﴿ وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةࣱ یَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَیۡرِ وَیَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [آل عمران : 104 ]
📖 و قالَ تَعالى: ﴿ وَمِمَّنۡ خَلَقۡنَاۤ أُمَّةࣱ یَهۡدُونَ بِٱلۡحَقِّ وَبِهِۦ یَعۡدِلُونَ ﴾ [الأعراف : 181 ]
والله أعلم .
لا قيام للدعوة السلفيّة إلا بالآثار
📖 قال تعالى: ﴿... ائتوني بِكِتابٍ مِن قَبلِ هذا أَو أَثارَةٍ مِن عِلمٍ إِن كُنتُم صادِقينَ﴾ [الأحقاف: ٤].
📌وفيها من العلم:
📝 "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: الأثارة: البقية من علم، لأن ذلك هو المعروف من كلام العرب، وهي مصدر من قول القائل: أثر الشيء أثارة، مثل سمج سماجة، وقبح قباحة". [انتهى من تفسير ابن جرير].
📜وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "فَالْكِتَابُ: هو الْكِتَابُ. وَالْأثَارَةُ كَمَا قَالَ مَن قَالَ مِن السَّلَفِ: هِيَ الرِّوَايَةُ وَالْإسْنَادُ، وَقَالُوا: هِيَ الْخَطُّ أيْضًا؛ إذ الرِّوَايَةُ وَالْإِسْنَادُ يُكْتَبُ بِالْخَطِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَثَارَةَ مِن الْأثَرِ. فَالْعِلْمُ الَّذِي يَقُولُهُ مَن يُقْبَلُ قَوْلُهُ: يُؤْثَرُ بِالْإِسْنَادِ، وَيُقَيَّدُ بِالْخَطِّ، فَيَكُونُ كُلُّ ذَلِكَ مِن آثَارِهِ". [درء التعارض (٣/ ٣١٦)].
📚قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: (من كان منكم مُسْتَـنًّا فليستنَّ بمن قد مات، فإنّ الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا أفضل هذه الأمّة، وأبرّها قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلّها تكلّفًا، قومٌ اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضْلَهم، واتبعوهم في آثارهم، وتمسّكوا بما استطعتم مِن أخلاقهم ودينهم، فإنّـهم كانوا على الهدى المستقيم).
↩️وقال الإمام أحمد -رحمه الله-: "أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول اللهﷺ والاقتداء بـهم".
💡وماضل من ضل من المنتسبين للعلم إلا بمفارقته لفهم الصحابة للنصوص، ولهذا وصف النبيُّﷺ الفرقة الناجية بقوله؛ ((ما أنا عليه وأصحابي)) رواه الترمذي.
📚وروى مسلم عن ابن مسعود مرفوعاً: ((مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ، يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ، وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ)).
📜وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "وللصحابة فهمٌ في القرآن يخفى على أكثر المتأخرين، كما أن لهم معرفة بأمور السنَّة وأحوال الرسول لا يعرفها أكثر المتأخرين؛ فإنهم شهدوا الرسول والتنزيل، وعاينوا الرسول وعرفوا من أقواله وأفعاله وأحواله ما يستدلون به على مرادهم ما لم يعرفه أكثر المتأخرين الذين لم يعرفوا ذلك". [المجموع (١٩/٢٠٠)].
↩️وقال ابن القيّم -رحمه الله-: "وهذا موضع يغلط فيه كثير من قاصري العلم، يحتجون بعموم نص على حكم، ويغفلون عن عمل صاحب الشريعة وعمل أصحابه الذي يبين مراده، ومن تدبر هذا علم به مراد النصوص وفهم معانيها". [انتهى من تهذيب السُنن].
💡فلا قيام للدعوة السلفيّة إلا بهذا، بل ما قامت في هذا العصر إلا بهذا السبيل، وماتميزت عن الدعوات الأخرى إلا بهذا المنهاج، وهي ولله الحمد محفوظة، لأنّها من الدين الذي تكفّل الله بحفظه، قال تعالى: ﴿إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ﴾ [الحجر: ٩].
📜وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "ومذهبُ أهلِ السُّنَّة والجماعة مذهبٌ قديمٌ معروف قبل أن يخلُقَ اللهُ أبا حنيفةَ ومالكًا والشافعيَّ وأحمدَ؛ فإنَّه مذهبُ الصَّحابة الذين تلقَّوه عن نبيِّهم، ومن خالف ذلك كان مُبتدِعًا عند أهل السُّنَّة والجماعة؛ فإنَّهم مُتَّفِقون على أنَّ إجماعَ الصَّحابة حُجَّةٌ، ومتنازِعون في إجماعِ من بَعدَهم". [منهاج السُنّة].
↩️وقال -رحمه الله-: "ولا يجوز لأحدٍ أن يَعدِلَ عمَّا جاء في الكتابِ والسُّنَّة واتَّفق عليه سلفُ الأمة وأئمَّتُها إلى ما أحدثَه بعضُ النَّاسِ ممَّا قد يتضمَّنُ خلافَ ذلك، أو يوقِعُ الناسَ في خلاف ذلك، وليس لأحدٍ أن يضَعَ للنَّاسِ عقيدةً ولا عبادةً من عندِه، بل عليه أن يتَّبِعَ ولا يبتدِعَ، ويقتديَ ولا يبتدئَ". [مجموع الفتاوى].
📖وقال تعالى: ﴿وَمَن يُشاقِقِ الرَّسولَ مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الهُدى وَيَتَّبِع غَيرَ سَبيلِ المُؤمِنينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى وَنُصلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَت مَصيرًا﴾ [النساء: ١١٥].
والله أعلم.
مساوئ مخالفة شرع الله على الدعاة إلى الله
♦️قال تعالى:{ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ • لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ } [القلم:48-49].
♦️وقال تعالى:{ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } [الأنبياء:87].
🔺وفيها من العلم أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : ولا تكن كصاحب الحوت
قال : تغاضب كما غاضب يونس.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد ، وَابن المنذر عن قتادة ولا تكن كصاحب الحوت قال : لا تعجل كما عجل ولا تغاضب كما غاضب.وقال مقاتل: ولا تكن كصاحب الحوت يعني يونس بن متى عليه السلام من أهل نينوى ، يقول لا تضجر كما ضجر يونس فإنه لم يصبر ، يقول : لا تعجل كما عجل يونس ، ولا تغاضب كما غاضب يونس بن متى فتعاقب كما عوقب يونس " انتهى.
🔺وفيها من الفوائد أن الداعية إلى الله مطالب بلزوم شرع الله والوقوف عند حدوده وإلا فإنه يعاقب إذا فعل مالم يأذن الله فيه.
🔺وفيها التنبيه إلى أن نتائج الدعوة وثمراتها بيد الله لا بيد العبد ، والتنبيه إلى ان يغلّب الداعية جانب النصح والرحمة على جانب العذاب لأن رحمة الله سبقت عذابه .
🔺والإشارة إلى أن الداعية ينبغي له الدعاء لقومه لا الدعاء عليهم ، والتنبيه للحكمة التي من أجلها نهى الله نبينا ﷺ عن الحزن والضيق لأنّ هذا قد يكون ذريعة لإستعجال النتائج والوقوع في مخالفة شرع الله كما حدث ليونس عليه السلام.
🔺وفيها التنبيه إلى فضل التوحيد حيث كان السبب في نجاة نبي الله يونس عليه السلام، قال تعالى:{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [النور:6].
والله أعلم
حماية الله لبلاد الحرمين ودفاعه عنها
♦️قال تعالى:{ وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } [القصص:57].
🔺وفيها من العلم: ذكروا فى سبب نزولها ، "أن بعض المشركين أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : يا محمد ، نحن نعلم أنك على الحق ، ولكنا نخشى إن اتبعناك ، وخالفنا العرب، أن يتخطفونا من أرضنا، وإنما نحن أكلة رأس - أي : قليلون لا نستطيع مقاومة العرب “
↩️ وقد رد الله - تعالى - على تعللهم هذا بقوله : { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يجبى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }.
↩️ وفي ذلك التنبيه الى فضل رعاية الحرم والقيام عليه، فإذا خولهم الله ما خولهم من الأمن والرزق بحرمة البيت وحدها، وهم كفرة عبدة أصنام ، فكيف بمن قام بذلك وهو على التوحيد ملة إبراهيم ،
↩️ وفيه الإشارة إلى قوله تعالى { أولم يروا أنّا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم}الآية ،
↩️ وفي قوله تعالى “ نمكن لهم “ أي نجعلهم مكينين فيه، كما في قوله تعالى { وكذلك مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرض }
🔺والتمكين يدل على الثبات ، لأن ظرف المكان ثابت على خلاف ظرف الزمان ، فأهل هذه البلاد حكّاماً وشعباً ما داموا هم رعاة الحرم والناس تأتيهم من كل الأنحاء للحج كل عام، فسوف يظل لهم الأمن والرخاء بين الدول قاطبة ،
↩️ وحين أتى النبي صلى الله عليه وسلم زمزم، وبنو عبد المطلب يسقون عليها، فقال: "انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم ، فناولوه دلوا منها فشرب منه “ رواه مسلم ،
📜وقال تعالى:{ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } [الحج:25].
🔺وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه في قوله {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} قال: "لو أن رجلاً أراد فيه بإلحاد بظلم وهو بعدن لأذاقه الله من العذاب الأليم “ رواه ابن أبي حاتم .
والله أعلم
أدب طالب العلم مع علماء عصره
📖 قال تعالى: ﴿فَإِن كُنتَ في شَكٍّ مِمّا أَنزَلنا إِلَيكَ فَاسأَلِ الَّذينَ يَقرَءونَ الكِتابَ مِن قَبلِكَ لَقَد جاءَكَ الحَقُّ مِن رَبِّكَ فَلا تَكونَنَّ مِنَ المُمتَرينَ﴾ [يونس: ٩٤].
📌وفيها من العلم:
📝 "أي: اسأل أهل الكتب المنصفين، والعلماء الراسخين، فإنهم سيقرون لك بصدق ما أخبرت به، وموافقته لما معهم" [انتهى من تفسير السعدي].
📝وفيها التنبيه إلى أنّ المرء لا تبرأ ذمته فيما يحتاج إليه من أمر دينه إلا بسؤال العلماء الراسخين دون غيرهم، قال تعالى: ﴿لكِنِ الرّاسِخونَ فِي العِلمِ مِنهُم وَالمُؤمِنونَ يُؤمِنونَ بِما أُنزِلَ إِلَيكَ وَما أُنزِلَ مِن قَبلِكَ وَالمُقيمينَ الصَّلاةَ وَالمُؤتونَ الزَّكاةَ وَالمُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤتيهِم أَجرًا عَظيمًا﴾ [النساء: ١٦٢].
📌وهم الذين أمر الله بسؤالهم قال تعالى: ﴿وَما أَرسَلنا مِن قَبلِكَ إِلّا رِجالًا نوحي إِلَيهِم فَاسأَلوا أَهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لا تَعلَمونَ﴾ [النحل: ٤٣].
↩️وهم المقصودون في قولهﷺ: ((وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّو)) متفق عليه.
📚وعَنْ شُعْبَةَ مَوْلى ابْنِ عَبّاسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبّاسٍ -رضي الله عنهم- أنَّهُ دَخَلَ عَلى عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ فَقالَ لَهُ: (إنّ الأخَوَيْنِ لا يَرُدّانِ الأُمَّ إلى السُّدُسِ، إنّما قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿فَإنْ كانَ لَهُ إخْوَةٌ﴾ [النساء ١١]، والأخَوانِ فِي لِسانِ قَوْمِك لَيْسُوا بِإخْوَةٍ؟ فَقالَ عُثْمانُ: لا أسْتَطِيعُ أنْ أنْقُضَ أمْرًا كانَ قَبْلِي، تَوارَثَهُ النّاسُ ومَضى فِي الأمْصارِ). [المحلى بالآثار (٨/٢٧١)].
💡وفي فعل عثمان -رضي الله عنه- من الفوائد؛ لزوم ماعليه جماعة أهل العلم وما مضوا عليه، وإن ظهر للعالم أو طالب العلم خلاف ذلك، فهذا من السياسة الشرعيّة وخاصة في المسائل العامة، قال تعالى: ﴿وَإِذا جاءَهُم أَمرٌ مِنَ الأَمنِ أَوِ الخَوفِ أَذاعوا بِهِ وَلَو رَدّوهُ إِلَى الرَّسولِ وَإِلى أُولِي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذينَ يَستَنبِطونَهُ مِنهُم وَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ لَاتَّبَعتُمُ الشَّيطانَ إِلّا قَليلًا﴾ [النساء: ٨٣].
📜قال الشيخ عبدالرحمن السعدي -رحمه الله-: "وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولَّى مَنْ هو أهل لذلك ويجعل إلى أهله، ولا يتقدم بين أيديهم، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ".
↩️وقال البخاري -رحمه الله-: "وَمَدَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاحِبَ الْحِكْمَةِ حِينَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا لَا يَتَكَلَّفُ مِنْ قِبَلِهِ، وَمُشَاوَرَةِ الْخُلَفَاءِ وَسُؤَالِهِمْ أَهْلَ الْعِلْمِ".
📖وقال تعالى: ﴿قالَ لَهُ موسى هَل أَتَّبِعُكَ عَلى أَن تُعَلِّمَنِ مِمّا عُلِّمتَ رُشدًا﴾ [الكهف: ٦٦].
والله أعلم.
إشعال الفتن في كل عصر مرتبط بالرافضة وأذنابهم
♦️قال تعالى: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ } [المائدة:64].
🔺وفيها من العلم أن الرافضة ورثوا من اليهود هذه الصفة الخبيثة وذلك أنهم لا يمكن أن يعيشوا من غير أساليب الشياطين من المكر والكيد وإشعال الحروب وإشاعة الفساد في الأرض.
🔺قال شيخ الإسلام ابن تيمية مبيناً هذه الحقيقة: " فلينظر كل عاقل فيما يحدث في زمانه وما يقرب من زمانه من الفتن والشرور في الإسلام فإنه يجد معظم ذلك من قبل الرافضة ، وتجدهم من أعظم الناس فتناً وشراً ، وأنهم لا يقعدون عما يمكنهم من الفتن والشرور وإيقاع الفساد بين الأمة " (٣٧٢/٦ منهاج السنة ).
🔺والأدهى والأمر أنك تجد من أهل السنة من يواليهم ويتعاطف معهم ، فهم بمثابة الطابور الخامس بين أهل السنة قال تعالى:{ لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } [التوبة:47]. قال شيخ الإسلام رحمه الله: " أي قائلون للكذب مصدقون مستجيبون مطيعون لقوم آخرين" (الجواب الصحيح ٢٥٨/٢).
🔺وقال رحمه الله " وإذا كان أقوام ليسوا منافقين لكنهم سماعون للمنافقين : قد التبس عليهم أمرهم حتى ظنوا قولهم حقا ، وهو مخالف للكتاب وصاروا دعاة إلى بدع المنافقين كما قال تعالى ( لو خرجوا فيكم ) الاية، فلا بد أيضا من بيان حال هؤلاء بل الفتنة بحال هؤلاء أعظم فإن فيهم إيماناً يوجب موالاتهم وقد دخلوا في بدع من بدع المنافقين التي تفسد الدين فلا بد من التحذير من تلك البدع وإن اقتضى ذلك ذكرهم وتعيينهم " (المجموع ٢٣٣/٢٨).
والله أعلم
فضل الثناء على الله
📖 قال تعالى: ﴿وَتَوَكَّل عَلَى الحَيِّ الَّذي لا يَموتُ وَسَبِّح بِحَمدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنوبِ عِبادِهِ خَبيرًا﴾ [الفرقان: ٥٨].
📖وقال تعالى: ﴿فَسُبحانَ اللَّهِ حينَ تُمسونَ وَحينَ تُصبِحونَ * وَلَهُ الحَمدُ فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ وَعَشِيًّا وَحينَ تُظهِرونَ﴾ [الروم: ١٧-١٨].
📖وقال تعالى: ﴿فَسُبحانَ الَّذي بِيَدِهِ مَلَكوتُ كُلِّ شَيءٍ وَإِلَيهِ تُرجَعونَ﴾ [يس: ٨٣].
📖وقال تعالى: ﴿قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبحانَهُ هُوَ الغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَرضِ إِن عِندَكُم مِن سُلطانٍ بِهذا أَتَقولونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعلَمونَ﴾ [يونس: ٦٨].
📌وفيها من العلم:
📝 مارواه البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ)).
💡بهذا يظهر السر في ماورد من فضل في تكرار قراءة سورة الإخلاص فقد روى الإمام أحمد وحسنه الألباني عن معاذ بن أنس الجهني صاحب النبيﷺ عن النبيﷺ قال: ((من قرأ سورة الإخلاص "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" حتى يختمها عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة)). فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (إذاً أستكثر يا رسول الله)، فقال رسول اللهﷺ: ((الله أكثر وأطيب)).
↩️وفي الصحيحين؛ ((أنها تعدل ثلث القرآن)).
👈وكانﷺ يثني على الله في دعائه، روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً أنّه علمهم ان يقولوا عند النوم؛ ((اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ)).
↩️وروى الشيخان عن عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: (فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ، فَالْتَمَسْتُهُ، فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ، وَهُوَ يَقُولُ: ((اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ)).
📋ومن الثناء على الله قراءة الآيات التي فيها الحمد والثناء مثل قوله تعالى: ﴿فَسُبحانَ اللَّهِ حينَ تُمسونَ وَحينَ تُصبِحونَ * وَلَهُ الحَمدُ فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ وَعَشِيًّا وَحينَ تُظهِرونَ﴾ [الروم: ١٧-١٨]
وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ السُّنِّيِّ في ”عَمَلِ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ“، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّعَواتِ“ عَنْ مُعاذِ بْنِ أنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: ««ألا أُخْبِرُكم لِمَ سَمّى اللَّهَ إبْراهِيمُ خَلِيلَهُ: ﴿الَّذِي وفّى؟﴾ [النجم: ٣٧] لِأنَّهُ كانَ يَقُولُ كُلَّما أصْبَحَ وأمْسى: ﴿فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ ﴿ولَهُ الحَمْدُ في السَّماواتِ والأرْضِ وعَشِيًّا وحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ [الروم»: ١٨]» .
وأخْرَجَ أبُو داوُدَ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ السُّنِّيِّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: ««مَن قالَ حِينَ يُصْبِحُ: سُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وحِينَ تُصْبِحُونَ ﴿ولَهُ الحَمْدُ في السَّماواتِ والأرْضِ وعَشِيًّا وحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ ﴿يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ويُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ ويُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ أدْرَكَ ما فاتَهُ في يَوْمِهِ، ومَن قالَها حِينَ يُمْسِي أدْرَكَ ما فاتَهُ مِن لَيْلَتِهِ " .
↩️وقوله تعالى: ﴿وَقُلِ الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي لَم يَتَّخِذ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَهُ شَريكٌ فِي المُلكِ وَلَم يَكُن لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرهُ تَكبيرًا﴾ [الإسراء: ١١١].
وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: ذُكِرَ لَنا «أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كانَ يُعَلِّمُ أهْلَهُ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ ولَدًا﴾ إلى آخِرِها. الصَّغِيرَ مِن أهْلِهِ والكَبِيرَ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ في ”المُصَنَّفِ“ عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ بْنِ أبِي أُمَيَّةَ قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُعَلِّمُ الغُلامَ مِن بَنِي هاشِمٍ إذا أفْصَحَ سَبْعَ مَرّاتٍ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ ولَدًا﴾ . إلى آخِرِ السُّورَةِ» .
وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ في ”المُصَنَّفِ“، مِن طَرِيقِ عَبْدِ الكَرِيمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قالَ: «كانَ الغُلامُ إذا أفْصَحَ مِن بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ عَلَّمَهُ النَّبِيُّ ﷺ هَذِهِ الآيَةَ سَبْعَ مَرّاتٍ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ ولَدًا﴾ الآيَةَ»
💡ومن الثناء على الله قول؛ "سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله".
✍️وكانﷺ يلازم بعد كل فريضة يقول: ((اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ)) رواه مسلم.
✍️ويقول بعد الوتر: ((سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ)) رواه أهل السنن.
📚وروى ابن حبان في صحيحه مرفوعاً؛ كان رسولُ اللهِﷺ إذا تضوَّر مِن اللَّيلِ قال: ((لا إلهَ إلَّا اللهُ الواحدُ القهَّارُ ربُّ السَّمواتِ والأرضِ وما بينَهما العزيزُ الغفَّارُ)) وصححه الألباني.
💡وتضور أي تقلب وهو كناية عن الإنتباه.
📋وفي حديثِ عُبادةَ بنِ الصَّامتِ -رضِيَ اللهُ عنه- المُتَّفَقِ عليه: ((مَن تَعارَّ من اللَّيْلِ، فقال: لا إلَه إلَّا اللهُ، وَحْدَه لا شَريكَ له، له المُلْكُ وله الحَمدُ، وهو على كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ، الحَمدُ للهِ، وسُبحانَ اللهِ، واللهُ أكبَرُ، ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ، ثُمَّ قال: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي، أو دَعا، استُجيبَ له، فإن تَوضَّأَ قُبِلَتْ صَلاتُه)).
✍️وكانﷺ يقول في الحمد بعد الرفع من الركوع: ((أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ. أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ - وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ - اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ)) رواه مسلم.
💡فالثناء على الله بما هو أهله من أجَلِّ العبادات وأزكاها، وقالﷺ: ((أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ؛ "أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ")) رواه البخاري.
📚وفي البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنهما مرفوعا: ((كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، وَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ)).
📖وقال تعالى: ﴿فَتَعالَى اللَّهُ المَلِكُ الحَقُّ لا إِلهَ إِلّا هُوَ رَبُّ العَرشِ الكَريمِ﴾ [المؤمنون: ١١٦].
📖وقال تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ المُلكِ تُؤتِي المُلكَ مَن تَشاءُ وَتَنزِعُ المُلكَ مِمَّن تَشاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشاءُ بِيَدِكَ الخَيرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾ [آل عمران: ٢٦].
📖وقال تعالى: ﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظّاهِرُ وَالباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ﴾ [الحديد: ٣].
📖وقال تعالى: ﴿اللَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ الحَيُّ القَيّومُ﴾ [آل عمران: ٢].
📖وقال تعالى: ﴿كُلُّ مَن عَلَيها فانٍ * وَيَبقى وَجهُ رَبِّكَ ذُو الجَلالِ وَالإِكرامِ﴾ [الرحمن: ٢٦-٢٧].
📖وقال تعالى: ﴿اللَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ رَبُّ العَرشِ العَظيمِ﴾ [النمل: ٢٦].
📖وقال تعالى: ﴿قُل مَن بِيَدِهِ مَلَكوتُ كُلِّ شَيءٍ وَهُوَ يُجيرُ وَلا يُجارُ عَلَيهِ إِن كُنتُم تَعلَمونَ﴾ [المؤمنون: ٨٨].
📖وقال تعالى: ﴿إِنَّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئًا أَن يَقولَ لَهُ كُن فَيَكونُ﴾ [يس: ٨٢].
والله أعلم.
وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدونِ
📖 قال تعالى: ﴿وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]
📌وفيها من العلم:
📝 الغاية من وجود الإنسان تحقيق العبادة لله جل وعلا، وما خُلق الخلق في هذه الحياة إلا من أجل تحقيق العبودية للهﷻ فالتوحيد هو الأصل وكل علم من علوم الدين فرع عنه، كالتفسير والحديث والفقه والنحو وعلوم الآلة.
📜قال السفاريني -رحمه الله-:
"وَبَعْدُ فَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ العِلْمِ ... كَالْفَرْعِ لِلتَّوْحِيدِ فَاسْمَعْ نَظْمِي".
💡وحينئذٍ نعلم علم اليقين أنّ الرجل لا يكون عالماً ربانيّا مالم يحقق التوحيد، ولو كان بحراً في التفسير والفقه واللغة، ومن هنا قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "أحدها: أن الربانيين عين الأحبار، وهم الذين يربون الناس، وهم أئمتهم في دينهم، ولا يكون هؤلاء إلا قليلاً" انتهى.
👈يشير -رحمه الله- بقوله: "إلا قليلا" إلى قوله تعالى: ﴿فَلَولا كانَ مِنَ القُرونِ مِن قَبلِكُم أُولو بَقِيَّةٍ يَنهَونَ عَنِ الفَسادِ فِي الأَرضِ إِلّا قَليلًا مِمَّن أَنجَينا مِنهُم وَاتَّبَعَ الَّذينَ ظَلَموا ما أُترِفوا فيهِ وَكانوا مُجرِمينَ﴾ [هود: ١١٦].
والله أعلم.
من أسباب الوقاية من النار
📖 قال تعالى: ﴿المالُ وَالبَنونَ زينَةُ الحَياةِ الدُّنيا وَالباقِياتُ الصّالِحاتُ خَيرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوابًا وَخَيرٌ أَمَلًا﴾ [الكهف: ٤٦].
📖وقال تعالى: ﴿وَيَزيدُ اللَّهُ الَّذينَ اهتَدَوا هُدًى وَالباقِياتُ الصّالِحاتُ خَيرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوابًا وَخَيرٌ مَرَدًّا﴾ [مريم: ٧٦].
📌وفيها من العلم:
📝 أخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ -رضي الله عنه- في قَوْلِهِ: ﴿والباقِياتُ الصّالِحاتُ﴾؛ قالَ (سُبْحانَ اللَّهِ، والحَمْدُ لِلَّهِ، ولا إلَهَ إلّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ).
↩️وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وأحْمَدُ، وأبُو يَعْلى، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ حِبّانَ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- أنَّ رَسُولَ اللَّهِﷺ قالَ: ((اِسْتَكْثِرُوا مِنَ الباقِياتِ الصّالِحاتِ)). قِيلَ: وما هُنَّ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: ((التَّكْبِيرُ، والتَّهْلِيلُ، والتَّسْبِيحُ، والتَّحْمِيدُ، ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاللَّهِ)).
↩️وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وأحْمَدُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ النُّعْمانِ بْنِ بَشِيرٍ -رضي الله عنه- أنَّ رَسُولَ اللَّهِﷺ قالَ: ((ألا وإنَّ: سُبْحانَ اللَّهِ، والحَمْدُ لِلَّهِ، ولا إلَهَ إلّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ، هُنَّ الباقِياتُ الصّالِحاتُ)).
📝وفي الآيتين الإشارة إلى قول رسول اللهﷺ: ((خُذُوا جُنَّتَكُمْ مِنَ النارِ؛ قولوا: سبحانَ اللهِ، و الحمدُ للهِ، ولَا إلهَ إلَّا اللهِ، واللهُ أكبرُ، فإِنَّهنَّ يأتينَ يومَ القيامةِ مُقَدِّمَاتٍ وَمُعَقِّبَاتٍ وَمُجَنِّبَاتٍ، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ)) رواه النسائي في الكبرى عن أبي هريرة وصححه الألباني.
👈وقوله: ((مُقدِّماتٍ)) أي: يَتقدَّمْنَ صاحبَها يومَ القِيامةِ.
👈وقوله: ((وَمُعَقِّبَاتٍ)): أي تُعَقِّبُ لصاحبها عاقبة حميدة.
👈وقوله: ((وَمُجَنِّبَاتٍ)) أي: هي التي تكونُ في المَيْمَنةِ والمَيْسَرةِ، فكأنَّهن جَيْشٌ من جِهَةِ قائِلِهِنَّ تَسْتُرْنَهُ عن النارِ.
📖وقال تعالى: ﴿الَّذينَ يَذكُرونَ اللَّهَ قِيامًا وَقُعودًا وَعَلى جُنوبِهِم وَيَتَفَكَّرونَ في خَلقِ السَّماواتِ وَالأَرضِ رَبَّنا ما خَلَقتَ هذا باطِلًا سُبحانَكَ فَقِنا عَذابَ النّارِ﴾ [آل عمران: ١٩١].
والله أعلم.
أفضل الصائمين أكثرهم ذكراً لله
📖 قال تعالى: ﴿إِنَّ المُسلِمينَ وَالمُسلِماتِ وَالمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ وَالقانِتينَ وَالقانِتاتِ وَالصّادِقينَ وَالصّادِقاتِ وَالصّابِرينَ وَالصّابِراتِ وَالخاشِعينَ وَالخاشِعاتِ وَالمُتَصَدِّقينَ وَالمُتَصَدِّقاتِ وَالصّائِمينَ وَالصّائِماتِ وَالحافِظينَ فُروجَهُم وَالحافِظاتِ وَالذّاكِرينَ اللَّهَ كَثيرًا وَالذّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَغفِرَةً وَأَجرًا عَظيمًا﴾ [الأحزاب: ٣٥].
📌وفيها من العلم:
📝 ختم سبحانه تلك الأعمال المشتملة على العقيدة والعمل بقوله: {وَالذّاكِرينَ اللَّهَ كَثيرًا وَالذّاكِراتِ}؛ تنبيهاً أن فضيلة تلك الأعمال أن تكون مصحوبة بكثرة ذكر الله، وقد روى أحمد والطبراني عن معاذ -رضي الله عنه- عن رسول اللهﷺ: أنَّ رَجُلاً سَألَهُ فَقَاْلَ: أَيُّ الْمُجَاهِدِينَ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قَالَ: ((أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ ذِكْرًا))، قَالَ: فَأَيُّ الصَّائِمِينَ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قَالَ: ((أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ ذِكْرًا))، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالْحَجَّ وَالصَّدَقَةَ؛ كُلُّ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِﷺ يَقُولُ: ((أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ ذِكْرًا))، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لِعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: (يَاْ أَبَاْ حَفْصً؛ ذَهَبَ الذَّاكِرُونَ بِكُلِّ خَيْرٍ!!))، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺ: ((أَجَلْ)).
📌ويشهد له؛ مارواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلﷺ: ((سبَق المُفرِّدونَ))، قالوا: ما المُفرِّدونَ يا رسولَ الله؟ قال: ((الذَّاكرونَ اللهَ كثيرًا)).
↩️وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله تعالى: {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}. يَقُولُ: لا يَفْرِضُ عَلى عِبادِهِ فَرِيضَةً إلّا جَعَلَ لَها حَدًّا مَعْلُومًا، ثُمَّ عَذَرَ أهْلَها في حالِ عُذْرٍ، غَيْرَ الذِّكْرِ فَإنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ حَدًّا يُنْتَهى إلَيْهِ، ولَمْ يَعْذِرْ أحَدًا في تَرْكِهِ إلّا مَغْلُوبًا عَلى عَقْلِهِ، فَقالَ: اذْكُرُوا اللَّهَ قِيامًا وقُعُودًا وعَلى جُنُوبِكم بِاللَّيْلِ والنَّهارِ في البَرِّ والبَحْرِ، في السَّفَرِ والحَضَرِ، في الغِنى والفَقْرِ، والصِّحَّةِ والسَّقَمِ، والسِّرِّ والعَلانِيَةِ، وعَلى كُلِّ حالٍ، وقالَ: ﴿وسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وأصِيلا﴾، فَإذا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ صَلّى عَلَيْكم هو ومَلائِكَتُهُ، قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكم ومَلائِكَتُهُ﴾.
📜وقال ابن القيم -رحمه الله-: "فأفضل الصائمين أكثرهم ذكراً لله -عزوجل- في صومهم" [الوابل الصيّب].
📖وقال تعالى: ﴿اتلُ ما أوحِيَ إِلَيكَ مِنَ الكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنهى عَنِ الفَحشاءِ وَالمُنكَرِ وَلَذِكرُ اللَّهِ أَكبَرُ وَاللَّهُ يَعلَمُ ما تَصنَعونَ﴾ [العنكبوت: ٤٥].
والله أعلم.
حقيقة الفرح المحمود
📖 قال تعالى: ﴿قُل بِفَضلِ اللَّهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذلِكَ فَليَفرَحوا هُوَ خَيرٌ مِمّا يَجمَعونَ﴾ [يونس: ٥٨].
📌وفيها من العلم:
📝 وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، عَنْ أيْفَعَ الكَلاعِيِّ قالَ: لَمّا قَدِمَ خَراجُ العِراقِ إلى عُمَرَ خَرَجَ عُمَرُ ومَوْلًى لَهُ، فَجَعَلَ يَعُدُّ الإبِلَ، فَإذا هو أكْثَرُ مِن ذَلِكَ، فَجَعَلَ عُمَرُ يَقُولُ: الحَمْدُ لِلَّهِ. وجَعَلَ مَوْلاهُ يَقُولُ: هَذا واللَّهِ مِن فَضْلِ اللَّهِ ورَحْمَتِهِ. فَقالَ عُمَرُ: كَذَبْتَ لَيْسَ هَذا هو الَّذِي يَقُولُ: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هو خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ﴾ يُرشدﷻ إلى أعظم أسباب السعادة في الحياة الدنيا،
◆فقوله: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ} إشارة إلى الإيمان المتضمن الأنس بالله والفرح بالقرب منه، وهو شعور يمتزج بالمحبة والهيبة والإجلال، فإذا كان نعيم الجنة كله لا يساوي شيئا بالنسبة إلى لذة النظر إلى وجه الله الكريم، فكذلك نعيم الدنيا لايساوي شيئا مقارنة بنعيم الأنس بالله.
🖱وأمّا الفرح برحمته فهو القرآن، قالﷻ في الآية التي قبلها: ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ قَد جاءَتكُم مَوعِظَةٌ مِن رَبِّكُم وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدورِ وَهُدًى وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ﴾ [يونس: ٥٧].
✍️فالقرآن واعظُ وشفاءُ وهدايّةُ ورحمةُ، ومن الفرح برحمته العمل الصالح، قال رسول اللهﷺ: ((لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا؛ إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ)) متفق عليه.
💡ولذا يجد المؤمن في شهر رمضان من السعادة والطمأنينة مالا يجده في غيره، بسبب المدوامة على العبادة.
📜وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "ﻓﺈﻥ ﺃﺭﻓﻊ ﺩﺭﺟﺎﺕ اﻟﻘﻠﻮﺏ ﻓﺮﺣﻬﺎ اﻟﺘﺎﻡ ﺑﻤﺎ ﺟﺎء ﺑﻪ اﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭاﺑﺘﻬﺎﺟﻬﺎ ﻭﺳﺮﻭﺭﻫﺎ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
{ﻭاﻟﺬﻳﻦ ﺁﺗﻴﻨﺎﻫﻢ اﻟﻜﺘﺎﺏ ﻳﻔﺮﺣﻮﻥ ﺑﻤﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﺇﻟﻴﻚ} ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻗﻞ ﺑﻔﻀﻞ اﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﺣﻤﺘﻪ ﻓﺒﺬﻟﻚ ﻓﻠﻴﻔﺮﺣﻮا هو خير مما يجمعون} ﻓﻔﻀﻞ اﻟﻠﻪ ﻭﺭﺣﻤﺘﻪ؛ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭاﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻣﻦ ﻓﺮﺡ ﺑﻪ ﻓﻘﺪ ﻓﺮﺡ ﺑﺄﻋﻈﻢ ﻣﻔﺮﻭﺡ ﺑﻪ" [مجموع الفتاوى (16/ 50)].
📜قال الشيخ عبدالرحمن السعدي -رحمه الله-: "الفرح ورد في القرآن محمودا مأمورا به في مثل قوله: {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} فهذا فرح بالعلم، والعمل بالقرآن والإسلام، وكذلك قوله: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ}. فهذا فرح بثواب الله". [تيسير اللطيف المنان].
والله أعلم .
امانة الكلمة
📖 قال تعالى: ﴿إِنّا عَرَضنَا الأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالأَرضِ وَالجِبالِ فَأَبَينَ أَن يَحمِلنَها وَأَشفَقنَ مِنها وَحَمَلَهَا الإِنسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلومًا جَهولًا﴾ [الأحزاب: ٧٢].
📖وقال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا * يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠-٧١].
📖وقال تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنهُم لَفَريقًا يَلوونَ أَلسِنَتَهُم بِالكِتابِ لِتَحسَبوهُ مِنَ الكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الكِتابِ وَيَقولونَ هُوَ مِن عِندِ اللَّهِ وَما هُوَ مِن عِندِ اللَّهِ وَيَقولونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَهُم يَعلَمونَ﴾ [آل عمران: ٧٨].
📌وفيها من العلم:
📝 الكلمة كُل مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْ ذَاتِ الْمُتَكَلِّمِ، وَأَنْ يُعْرِبَ عَنْ حَقِيقَةِ نَفْسِهِ، وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مرفوعاً : ((إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ فَإِنَّ الْأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ، فَتَقُولُ لَهُ: اتَّقِ اللهَ فِينَا، فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ، فَإِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا)). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ.
↩️وفي الصحيحين مرفوعاً: ((أَنَّ الْأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ)).
📜وقال ابن القيّم -رحمه الله-: "قال يحيي بن معاذ:《القلوب كالقدور تغلي بما فيها، وألسنتها مغارفها》فانظر الرجل حين يتكلم؛ فإن لسانه يغترف لك مما في قلبه". [الجواب الكافي].
📖وقال تعالى: ﴿وَقُل لِعِبادي يَقولُوا الَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ الشَّيطانَ يَنزَغُ بَينَهُم إِنَّ الشَّيطانَ كانَ لِلإِنسانِ عَدُوًّا مُبينًا﴾ [الإسراء: ٥٣]، "أيْ: يُفْسِدُ ويُهَيِّجُ الشَّرَّ بَيْنَ المُؤْمِنِينَ والمُشْرِكِينَ بِالمُخاشَنَةِ فَلَعَلَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلى تَأكُّدِ العِنادِ وتَمادِي الفَسادِ فالجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِلْأمْرِ السّابِقِ". (تفسير الألوسي].
📚وقال رسول اللهﷺ: ((لا تختلفوا فتختلف قلوبكم))،.
↩️وقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: (الخلاف شرٌ كله).
📌قال الحسن -رحمه الله-: "أيها الناس، إن الذي تكرهون في الجماعة خير مما تحبوه في الفرقة".
💡وصدق -رحمه الله- فإنّ الإفتراق من أعظم ماتصاب به الأمم، قال تعالى: ﴿وَقَطَّعناهُم فِي الأَرضِ أُمَمًا مِنهُمُ الصّالِحونَ وَمِنهُم دونَ ذلِكَ وَبَلَوناهُم بِالحَسَناتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُم يَرجِعونَ﴾ [الأعراف: ١٦٨].
✍️وقال هارون لموسى -عليهما السلام-: ﴿قالَ يَبنَؤُمَّ لا تَأخُذ بِلِحيَتي وَلا بِرَأسي إِنّي خَشيتُ أَن تَقولَ فَرَّقتَ بَينَ بَني إِسرائيلَ وَلَم تَرقُب قَولي﴾ [طه: ٩٤] فقوله: {وَلَم تَرقُب قَولي}؛ يشير إلى قوله تعالى: ﴿.. اخلُفني في قَومي وَأَصلِح وَلا تَتَّبِع سَبيلَ المُفسِدينَ﴾ [الأعراف: ١٤٢]
💡فالإفتراق من أعظم الفساد، ولهذا قالﷺ: ((ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة)). قال أبو عيسى هذا حديث صحيح.
↩️ويروى عن النبيﷺ أنه قال: ((هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين)).
↩️وقالﷺ: ((فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه)) رواه ابن ماجة وصححه الألباني.
📖وقال تعالى: ﴿وَمِنَ النّاسِ مَن يُعجِبُكَ قَولُهُ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَيُشهِدُ اللَّهَ عَلى ما في قَلبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصامِ * وَإِذا تَوَلّى سَعى فِي الأَرضِ لِيُفسِدَ فيها وَيُهلِكَ الحَرثَ وَالنَّسلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الفَسادَ * وَإِذا قيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتهُ العِزَّةُ بِالإِثمِ فَحَسبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئسَ المِهادُ﴾ [البقرة: ٢٠٤-٢٠٦].
والله أعلم.
يؤتي الحكمة من يشاء
📖 قال تعالى: ﴿الَّذينَ أُخرِجوا مِن دِيارِهِم بِغَيرِ حَقٍّ إِلّا أَن يَقولوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَولا دَفعُ اللَّهِ النّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَهُدِّمَت صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذكَرُ فيهَا اسمُ اللَّهِ كَثيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزيزٌ﴾ [الحج: ٤٠].
📌وفيها من العلم:
📝 الآية تدل بوضوح أنّ من مقاصد الجهاد في سبيل الله منع هدم أماكن العبادة على اختلافها، فإنّها جاءت بعد قوله تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذينَ يُقاتَلونَ بِأَنَّهُم ظُلِموا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصرِهِم لَقَديرٌ﴾ [الحج: ٣٩].
👈وفي ذلك التنبيه إلى الحكمة من مشروعيّة الجهاد وهو تحقيق المصالح ودفع المفاسد عن المسلمين في دينهم ودنياهم، فإذا ترتب على القتال ضد ذلك لم يكن من الجهاد المشروع، قال تعالى: ﴿.. وَلَولا رِجالٌ مُؤمِنونَ وَنِساءٌ مُؤمِناتٌ لَم تَعلَموهُم أَن تَطَئوهُم فَتُصيبَكُم مِنهُم مَعَرَّةٌ بِغَيرِ عِلمٍ لِيُدخِلَ اللَّهُ في رَحمَتِهِ مَن يَشاءُ لَو تَزَيَّلوا لَعَذَّبنَا الَّذينَ كَفَروا مِنهُم عَذابًا أَليمًا﴾ [الفتح: ٢٥].
📜قال ابن القيّم -رحمه الله تعالى-: "إن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكة إلى العبث، فليست من الشريعة، وإن أدخلت فيها بالتأويل" [إعلام الموقعين].
📜قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "المظلوم؛ وإن كان مأذونا له في دفع الظلم عنه بقوله تعالى: ﴿وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعدَ ظُلمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيهِم مِن سَبيلٍ﴾؛ فذلك مشروط بشرطين:
🔹أحدهما: القدرة على ذلك.
🔹والثاني: ألا يَعتدي.
🖌فإذا كان عاجزا، أو كان يُفضي إلى عدوان زائد لم يجز" [الاستقامة (٤٠/١)].
↩️وقال -رحمه الله-: "فإن القتال مداره على قوة البدن وصنعته للقتال، وعلى قوة القلب وخبرته به، والمحمود منهما ما كان بعلم ومعرفة، دون التهور الذي لا يفكر صاحبه ولا يميز بين المحمود والمذموم، ولهذا كان القوي الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب حتى يفعل ما يصلح دون ما لا يصلح، فأما المغلوب حين غضبه فليس هو بشجاع ولا شديد" [انتهى من المجموع].
💡هذه حكمة الله التي خص الله بها من جمع لهم بين العلم والحكمة دون من قال الله فيهم: ﴿وَمَثَلُ الَّذينَ كَفَروا كَمَثَلِ الَّذي يَنعِقُ بِما لا يَسمَعُ إِلّا دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكمٌ عُميٌ فَهُم لا يَعقِلونَ﴾ [البقرة: ١٧١].
📚قال علي -رضي الله عنه- لكميل بن زياد: (الناس ثلاثةٌ: فعالمٌ ربَّانيٌّ، ومتعلِّمٌ على سبيلِ نجاةٍ، وهَمَجٌ رَعاعٌ أتباعُ كلِّ ناعقٍ، مع كلِّ ريحٍ يميلون، لم يَسْتَضيئوا بنور العلم، ولم يَلْجؤوا إلى ركنٍ وثيقٍ).
📜قال ابن القيّم -رحمه الله-: "وَقَوله: "اتِّبَاع كل ناعق" أَي: من صَاح بهم ودعاهم تبعوه سَوَاء دعاهم الى هدى أوْ الى ضلال فانهم لَا علم لَهُم بِالَّذِي يُدعونَ اليه أحقٌ هُوَ أم بَاطِل، فهم مستجيبون لدعوته وَهَؤُلَاء من اضر الْخلق على الاديان فَإِنَّهُم الأكثرون عدداً الأقلون عِنْد الله قدراً، وهم حطب كل فتْنَة بهم توقد ويشب ضرامها، فَإِنَّهَا يَهْتَز لَهَا أولو الدّين ويتولاها الهمج الرعاع، وسمى داعيهم "ناعقاً" تَشْبِيها لَهُم بالأنعام الَّتِي ينعق بهَا الرَّاعِي فتذهب مَعَه أيْنَ ذهب، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَثَلُ الَّذينَ كَفَروا كَمَثَلِ الَّذي يَنعِقُ بِما لا يَسمَعُ إِلّا دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكمٌ عُميٌ فَهُم لا يَعقِلونَ﴾ وَهَذَا الَّذِي وَصفهم بِهِ امير الْمُؤمنِينَ هُوَ من عدم علمهمْ وظلمة قُلُوبهم فَلَيْسَ لَهُم نور وَلَا بصيره يفرقون بهَا بَين الْحق وَالْبَاطِل بل الْكل عِنْدهم سَوَاء، وَقَوله -رضى الله عَنهُ-: "يميلون مَعَ كل ريح" وَفِي رِوَايَة: "مَعَ كل صائح" شبه عُقُولهمْ الضعيفة بالغصن الضَّعِيف وَشبه الاهوية والاراء بالرياح والغصن يمِيل مَعَ الرّيح حَيْثُ مَالَتْ، وعقول هَؤُلَاءِ تميل مَعَ كل هوى وكل دَاع" [انتهى من مفتاح دار السعادة].
📖وقال تعالى: ﴿.. قُل هَل يَستَوِي الَّذينَ يَعلَمونَ وَالَّذينَ لا يَعلَمونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلبابِ﴾ [الزمر: ٩].
والله أعلم.
خطر إقحام الطلاّب و العامة في تفاصيل العقيدة
📖 قال تعالى: ﴿وَمَثَلُ الَّذينَ يُنفِقونَ أَموالَهُمُ ابتِغاءَ مَرضاتِ اللَّهِ وَتَثبيتًا مِن أَنفُسِهِم كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَت أُكُلَها ضِعفَينِ فَإِن لَم يُصِبها وابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِما تَعمَلونَ بَصيرٌ﴾ [البقرة: ٢٦٥].
📖وقال تعالى: ﴿قالَتِ الأَعرابُ آمَنّا قُل لَم تُؤمِنوا وَلكِن قولوا أَسلَمنا وَلَمّا يَدخُلِ الإيمانُ في قُلوبِكُم وَإِن تُطيعُوا اللَّهَ وَرَسولَهُ لا يَلِتكُم مِن أَعمالِكُم شَيئًا إِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ [الحجرات: ١٤].
📖وقال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَسأَلوا عَن أَشياءَ إِن تُبدَ لَكُم تَسُؤكُم وَإِن تَسأَلوا عَنها حينَ يُنَزَّلُ القُرآنُ تُبدَ لَكُم عَفَا اللَّهُ عَنها وَاللَّهُ غَفورٌ حَليمٌ﴾ [المائدة: ١٠١].
📖وقال تعالى: ﴿وَإِذا رَأَيتَ الَّذينَ يَخوضونَ في آياتِنا فَأَعرِض عَنهُم حَتّى يَخوضوا في حَديثٍ غَيرِهِ وَإِمّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيطانُ فَلا تَقعُد بَعدَ الذِّكرى مَعَ القَومِ الظّالِمينَ﴾ [الأنعام: ٦٨].
📖وقال تعالى:
📌وفيها من العلم:
📝 الإشارة إلى مارواه الشيخان عن طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِﷺ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، ثَائِرُ الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺ: ((خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ)). فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: ((لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ)). قَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺ: ((وَصِيَامُ رَمَضَانَ)). قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: ((لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ)). قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِﷺ الزَّكَاةَ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: ((لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ)). قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺ: ((أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ)).
📜"والذي أذكره الآن لائقاً بمقصود هذا الكتاب، أن الذي يحرص الإمام عليه؛ جمع عامة الخلق على مذهب السلف السابقين قبل أن نبغت الأهواء وزاغت الآراء وكانوا رضي الله عنهم ينهون عن التعرض والتعمق في المشكلات والإمكان في ملابسة المعضلات والاعتناء بجمع الشبهات وتكلف الأجوبة عما لم يقع من السؤالات" [انتهى من إلجام العوام].
↩️وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "الناس إذا أسلموا بعد كفر أو ولدوا على الإسلام والتزموا شرائعه وكانوا من أهل الطاعة لله ورسوله فهم مسلمون ومعهم إيمان مجمل ولكن دخول حقيقة الإيمان إلى قلوبهم إنما يحصل شيئا فشيئا إن أعطاهم الله ذلك وإلا فكثير من الناس لا يصلون لا إلى اليقين ولا إلى الجهاد ولو شُكِّكُوا لشكوا، ولو أمروا بالجهاد لما جاهدوا، وليسوا كفارا ولا منافقين، بل ليس عندهم من علم القلب ومعرفته ويقينه ما يدرأ الريب، ولا عندهم من قوة الحب لله ولرسوله ما يقدمونه على الأهل والمال، وهؤلاء إن سلموا من المحنة وماتوا دخلوا الجنة، وإن ابتلوا بمن يورد عليهم شبهات توجب ريبهم فإن لم ينعم الله عليهم بما يزيل الريب وإلا صاروا مرتابين وانتقلوا إلى نوع من النفاق" [انتهى من المجموع].
💡وقد حدثني من أثق به أنّ مجموعة من الطلاب دخلوا في الدورات في ما يسمى مركز صناعة المُحاوِر، فألحدوا، وعَدَّ إثني عشر شخصاً مابين ذكر وأُنثى!!
📜ونقل شيخ الإسلام عن الجويني قال: "لقد خضت البحر الخضم، وخليت أهل الإسلام وعلومهم ودخلت في الذي نهوني عنه كل ذلك اجتهاد في طلب الحق فالآن إن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لفلان". [المجموع].
💡فالتوسع في تدريس العقيدة فيما لم ينقل عن السلف لا خير فيه، بل وجدنا من ترك العقيدة السلفيّة وانتقل لمذهب الأشاعرة بسبب الخوض فيما لا علم له فيه!!
📌وباب الردود يختلف عن باب التعليم، ولم يكن النبيﷺ يدخل في تفاصيل الصفات، مثل الإستواء والكلام وغيرها، بل اشتهر عن السلف قولهم؛ "أمروها كما جاءت بلا كيف" مع اعتقادهم ثبوت معناها.
📜قال الأوزاعي -رحمه الله-: "اصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح، فإنه يسعك ما وسعهم".
📖وقال تعالى: ﴿قُل ما أَسأَلُكُم عَلَيهِ مِن أَجرٍ وَما أَنا مِنَ المُتَكَلِّفينَ﴾ [ص: ٨٦].
والله أعلم.
بأي ذنبٍ قُتلت
📖 قال تعالى: ﴿وَإِذَا المَوءودَةُ سُئِلَت * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَت﴾ [التكوير: ٨-٩].
📌وفيها من العلم:
📝 "ويُؤْخَذُ مِن سُؤالِ المَوْؤُدَةِ تَحْرِيمُ الظُّلْمِ لِكُلِّ أحَدٍ وكَفَّ اليَدِ واللِّسانِ عَنْ كُلِّ إنْسانٍ". [انتهى من تفسير البقاعي].
🖌"ومَعْنى سُئِلَتْ عَلى قِراءَةِ الجُمْهُورِ: أنَّ تَوْجِيهَ السُّؤالِ إلَيْها لِإظْهارِ كَمالِ الغَيْظِ عَلى قاتِلِها حَتّى كانَ لا يَسْتَحِقُّ أنْ يُخاطِبَ ويَسْألَ عَنْ ذَلِكَ، وفِيهِ تَبْكِيتٌ لِقاتِلِها وتَوْبِيخُ لَهُ شَدِيدٌ.
📜قالَ الحَسَنُ: أرادَ اللَّهُ أنْ يُوَبِّخَ قاتِلَها لِأنَّها قُتِلَتْ بِغَيْرِ ذَنْبٍ، وفي مُصْحَفِ أُبَيٍّ "وإذا المَوْءُودَةُ سَألَتْ بِأيِّ ذَنْبٍ قَتَلْتَنِي". [انتهى من فتح القدير].
↩️"وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ﴾ أَيْ: سَأَلَتْ. وَكَذَا قَالَ أَبُو الضُّحَى: "سَأَلَتْ" أَيْ: طَالَبَتْ بِدَمِهَا. وَعَنِ السُّدِّيِّ، وَقَتَادَةَ، مِثْلُهُ". [انتهى من تفسير ابن كثير].
💡قلت: وما جرى على المسلمين في فلسطين من القتل للصغار والكبار والنساء والرجال، سيُسأل عنه من تسبب عليهم، قالﷺ: ((إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ)) قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: ((يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ)) متفق عليه.
📌فما ذنبهم بحرب لم يعلموا بها ولم يستعدوا لها ولم يأخذوا حذرهم منها! قال تعالى: ﴿.. وَليَأخُذوا حِذرَهُم وَأَسلِحَتَهُم وَدَّ الَّذينَ كَفَروا لَو تَغفُلونَ عَن أَسلِحَتِكُم وَأَمتِعَتِكُم فَيَميلونَ عَلَيكُم مَيلَةً واحِدَةً ..﴾ [النساء: ١٠٢].
↩️وقال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا خُذوا حِذرَكُم فَانفِروا ثُباتٍ أَوِ انفِروا جَميعًا﴾ [النساء: ٧١].
💡فما فعلته حماس ومن ورائهم المجوس، هو جريمة كبرى يُسأل عنها كل من ساهم فيها ولو بشطر كلمة!.
👈وهي مؤامرة تَعَاوَنَ عليها اليهود والمجوس للقضاء على أهل السُنّة، وأوهموا المغفلين أنّه جهاد في سبيل الله، قال تعالى: ﴿فَاصبِر إِنَّ وَعدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَستَخِفَّنَّكَ الَّذينَ لا يوقِنونَ﴾ [الروم: ٦٠].
↩️وقال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَّخِذوا بِطانَةً مِن دونِكُم لا يَألونَكُم خَبالًا وَدّوا ما عَنِتُّم قَد بَدَتِ البَغضاءُ مِن أَفواهِهِم وَما تُخفي صُدورُهُم أَكبَرُ قَد بَيَّنّا لَكُمُ الآياتِ إِن كُنتُم تَعقِلونَ﴾ [آل عمران: ١١٨].
📜قال ابن القيم -رحمه الله-: "إن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة، وإن أدخلت فيها بالتأويل" [انتهى من إعلام الموقعين].
💡وحركة حماس ومناصروها عكسوا فقدموا المصلحة الحزبية على المصلحة العامة ولم يحفظوا بيضةالمسلمين، بل جعلوا الكفرة يعيثون في دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، وسوف يُسألون!!.
📖قال تعالى: ﴿وَحَسِبوا أَلّا تَكونَ فِتنَةٌ فَعَموا وَصَمّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيهِم ثُمَّ عَموا وَصَمّوا كَثيرٌ مِنهُم وَاللَّهُ بَصيرٌ بِما يَعمَلونَ﴾ [المائدة: ٧١].
والله أعلم.
الثبات الثبات
📖 قال تعالى: ﴿.. وَاحذَرهُم أَن يَفتِنوكَ عَن بَعضِ ما أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيكَ ..﴾ [المائدة: ٤٩].
📌وفيها من العلم:
📝 الإشارة إلى مارواه الشيخان عن ابْنَ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّﷺ قَالَ: ((مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ، إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)).
💡اثبت على السبيل والسُنّة، اثبت على الحق فلن يحدث أحدهم بك نكاية شر من أن يحركك عن منهج الحق ولو شبراً، فإذا وقعت في الفتنة فلن ينفعوك ولن يغنوا عنك من الله شيئا، وستندم حين لا ينفع الندم.
📌هذه الآية أصل في التحذير من التنازل عن الحق والقبول بشيء من الباطل.
📖قال تعالى: ﴿وَإِن كادوا لَيَفتِنونَكَ عَنِ الَّذي أَوحَينا إِلَيكَ لِتَفتَرِيَ عَلَينا غَيرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذوكَ خَليلًا * وَلَولا أَن ثَبَّتناكَ لَقَد كِدتَ تَركَنُ إِلَيهِم شَيئًا قَليلًا * إِذًا لَأَذَقناكَ ضِعفَ الحَياةِ وَضِعفَ المَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَينا نَصيرًا﴾ [الإسراء: ٧٣-٧٥].
📜وقال مالك بن أنس -رحمه الله-: "السنّةُ سفينةُ نوحٍ مَن ركبها نجا ومن تخلّى عنها غرق". [ذم الكلام للهروي].
📖وقال تعالى: ﴿وَلَو أَنّا كَتَبنا عَلَيهِم أَنِ اقتُلوا أَنفُسَكُم أَوِ اخرُجوا مِن دِيارِكُم ما فَعَلوهُ إِلّا قَليلٌ مِنهُم وَلَو أَنَّهُم فَعَلوا ما يوعَظونَ بِهِ لَكانَ خَيرًا لَهُم وَأَشَدَّ تَثبيتًا﴾ [النساء: ٦٦].
والله أعلم.
سبيل المؤمنين
📖 قال تعالى: ﴿إِذ قالَ اللَّهُ يا عيسى إِنّي مُتَوَفّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذينَ كَفَروا وَجاعِلُ الَّذينَ اتَّبَعوكَ فَوقَ الَّذينَ كَفَروا إِلى يَومِ القِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرجِعُكُم فَأَحكُمُ بَينَكُم فيما كُنتُم فيهِ تَختَلِفونَ﴾ [آل عمران: ٥٥].
📌وفيها من العلم:
📝 الناظر في ظاهر الحال يظن أنّ اليهود قهروا عيسى -عليه السلام- وأبطلوا دعوته وأذلوا أتباعه، إلاّ أنّ باطن الأمر وحقيقته هو بخلاف ذلك؛ فالصَّحِيحَ أنَّ اللَّهَ رَفَعَهُ إلى السَّماءِ مِن غَيْرِ وفاةٍ، كَما رَجَّحَهُ كَثِيرٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ، واخْتارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، ووَجْهُ ذَلِكَ أنَّهُ قَدْ صَحَّ في الأخْبارِ عَنِ النَّبِيِّﷺ نُزُولُهُ وقَتْلُهُ الدَّجّالَ". [تفسير الشوكاني].
👈والفَوْقِيَّةُ هُنا هي أعَمُّ مِن أنْ تَكُونَ بِالسَّيْفِ أوْ بِالحُجَّةِ. وقَدْ ثَبَتَ في الأحادِيثِ الصَّحِيحَةِ:《أنَّ عِيسى -عَلَيْهِ السَّلامُ- يَنْزِلُ في آخِرِ الزَّمانِ فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، ويَقْتُلُ الخِنْزِيرَ، ويَضَعُ الجِزْيَةَ، ويَحْكُمُ بَيْنَ العِبادِ بِالشَّرِيعَةِ المُحَمَّدِيَّةِ، ويَكُونُ المُسْلِمُونَ أنْصارَهُ وأتْباعَهُ إذْ ذاكَ》.
💡فالعلو عند الله والفوقيّة في حقيقة الأمر، هي بالتمسك بالوحي الذي أنزله الله في كتابه وسُنّة رسولهﷺ، ولهذا فسر الإمام أحمد والبخاري وغيرهما الطائفة المنصورة بأهل العلم؛ قال البخاري -رحمه الله-: "بَابٌ: قَوْلُ النَّبِيِّﷺ: ((لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ يُقَاتِلُونَ)). وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ".
✍️وهذا شبيه بما في قِصّة موسى مع الخضر -عليهما السلام-، وأنّ مخابر الأمور غير مايبدو للناس في الظاهر، وبهذا يظهر فضل الدعوة السلفيّة على غيرها من الدعوات؛ وذلك بتمسكها بالكتاب والسُنّة وسبيل السلف الصالح، مهما تغيرت الأحول وتقلبت الأمور، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺ: ((بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ)) رواه مسلم، قال ابو شامة -رحمه الله-: "حيث جاء الأمر بلزوم الجماعة، فالمراد لزوم الحق واتباعه، وإن كان المتمسك به قليلاً، والمخالف له كثيراً؛ لأن الحق هو الذي كانت عليه الجماعة الأولى من عهد النبيﷺ وأصحابه رضي الله عنهم، ولا نظر إلى كثرة أهل الباطل بعدهم" [الحوادث والبدع].
↩️وقال الحسن البصري -رحمه الله-: "السُنة -والذي لا إله إلا هو- بين الغالي والجافي، فاصبروا عليها رحمكم الله؛ فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى، وهم أقل الناس فيما بقي، الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم، ولا مع أهل البدع في بدعهم، وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم؛ فكذلك فكونوا".
📖وقال تعالى: ﴿قولوا آمَنّا بِاللَّهِ وَما أُنزِلَ إِلَينا وَما أُنزِلَ إِلى إِبراهيمَ وَإِسماعيلَ وَإِسحاقَ وَيَعقوبَ وَالأَسباطِ وَما أوتِيَ موسى وَعيسى وَما أوتِيَ النَّبِيّونَ مِن رَبِّهِم لا نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِنهُم وَنَحنُ لَهُ مُسلِمونَ﴾ [البقرة: ١٣٦].
والله أعلم.
الحد الفاصل هو التوحيد فمن أخلص توحيده دخل في السلم كافة
📖 قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا ادخُلوا فِي السِّلمِ كافَّةً وَلا تَتَّبِعوا خُطُواتِ الشَّيطانِ إِنَّهُ لَكُم عَدُوٌّ مُبينٌ﴾ [البقرة: ٢٠٨].
📌وفيها من العلم:
📝 أصْلُ هَذِهِ الكَلِمَةِ مِنَ الِانْقِيادِ، قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أسْلِمْ قالَ أسْلَمْتُ﴾ والإسْلامُ إنَّما سُمِّيَ إسْلامًا لِهَذا المَعْنى، قال الإمام محمد بن عبدالوهَاب -رحمه الله-: "وَهُوَ: الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبَرَاءَةُ مِنَ الشِّركِ وَأَهْلِهِ" انتهى.
💡وله ركنان نفي وإثبات، كفر بالطاغوت وإيمان بالله وحده، دل عليهما قوله تعالى: ﴿ذلِكُم بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحدَهُ كَفَرتُم وَإِن يُشرَك بِهِ تُؤمِنوا فَالحُكمُ لِلَّهِ العَلِيِّ الكَبيرِ﴾ [غافر: ١٢].
↩️وقوله تعالى: ﴿لا إِكراهَ فِي الدّينِ قَد تَبَيَّنَ الرُّشدُ مِنَ الغَيِّ فَمَن يَكفُر بِالطّاغوتِ وَيُؤمِن بِاللَّهِ فَقَدِ استَمسَكَ بِالعُروَةِ الوُثقى لَا انفِصامَ لَها وَاللَّهُ سَميعٌ عَليمٌ﴾ [البقرة: ٢٥٦].
↩️وقوله تعالى: ﴿فَلَمّا رَأَوا بَأسَنا قالوا آمَنّا بِاللَّهِ وَحدَهُ وَكَفَرنا بِما كُنّا بِهِ مُشرِكينَ﴾ [غافر: ٨٤].
↩️وقول الرسولﷺ: ((مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ)) رواه مسلم.
🖌وعليه فمن أشرك في عبادة الله وتوجه لغير الله فليس مسلماً، وإن صلى وزكّى وصام وحج، وإن جرت عليه أحكام المسلمين، كما تجري أحكام التوراة على اليهود والإنجيل على النصارى في الدنيا، فإذا مات على هذه الحال مات كافراً، وعَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: (أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْمُوجِبَتَانِ؟ فَقَالَ: ((مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ)) رواه مسلم.
↩️وفي الصحيحين عن أبي ذر -رضي الله عنه- "مرفوعاً" قَالَ: ((ذَلِكَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَرَضَ لِي فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ، قَالَ: بَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ. قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: قُلْتُ: وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى؟. قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ)).
↩️وفي الصحيحين عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- يَرْفَعُهُ: ((إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا: لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ كُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَقَدْ سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا، وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ؛ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي، فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ)).
📖وقال تعالى: ﴿وَلَقَد أوحِيَ إِلَيكَ وَإِلَى الَّذينَ مِن قَبلِكَ لَئِن أَشرَكتَ لَيَحبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ﴾ [الزمر: ٦٥].
والله أعلم.
أعذار المشركين يوم القيامة
📖 قال تعالى: ﴿أَن تَقولَ نَفسٌ يا حَسرَتا عَلى ما فَرَّطتُ في جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السّاخِرينَ * أَو تَقولَ لَو أَنَّ اللَّهَ هَداني لَكُنتُ مِنَ المُتَّقينَ * أَو تَقولَ حينَ تَرَى العَذابَ لَو أَنَّ لي كَرَّةً فَأَكونَ مِنَ المُحسِنينَ﴾ [الزمر: ٥٦-٥٨]
📌وفيها من العلم:
📝 وحاصِلُ الكَلامِ أنَّ هَذا المُقَصِّرَ أتى بِثَلاثَةِ أشْياءَ؛
◆أوَّلُها: الحَسْرَةُ عَلى التَّفْرِيطِ في الطّاعَةِ.
◆وثانِيها: التَّعَلُّلُ بِفَقْدِ الهِدايَةِ إلى التوحيد.
◆وثالِثُها: بِتَمَنِّي الرَّجْعَةِ.
👈ثُمَّ أجابَ اللَّهُ تَعالى عَنْ كَلامِهِمْ بِأنْ قالَ: التَّعَلُّلُ بِفَقْدِ الهِدايَةِ باطِلٌ؛ لِأنَّ الهِدايَةَ كانَتْ حاضِرَةً والأعْذارَ زائِلَةٌ.
📌ويدخل في الآيات عامة المشركين من اليهود والنصارى والوثنيين، والمشركون من هذه الأمّة، وقال تعالى: ﴿وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَومًا بَعدَ إِذ هَداهُم حَتّى يُبَيِّنَ لَهُم ما يَتَّقونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ﴾ [التوبة: ١١٥].
↩️وقال تعالى: ﴿وَلَو عَلِمَ اللَّهُ فيهِم خَيرًا لَأَسمَعَهُم وَلَو أَسمَعَهُم لَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ﴾ [الأنفال: ٢٣].
💡فالجميع على ضلال، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ وَمَن يُشرِك بِاللَّهِ فَقَد ضَلَّ ضَلالًا بَعيدًا﴾ [النساء: ١١٦].
↩️وقال تعالى: ﴿فَريقًا هَدى وَفَريقًا حَقَّ عَلَيهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطينَ أَولِياءَ مِن دونِ اللَّهِ وَيَحسَبونَ أَنَّهُم مُهتَدونَ﴾ [الأعراف: ٣٠].
↩️وقال تعالى: ﴿فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الحَقُّ فَماذا بَعدَ الحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنّى تُصرَفونَ﴾ [يونس: ٣٢].
↩️وقال تعالى: ﴿وَلَقَد بَعَثنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسولًا أَنِ اعبُدُوا اللَّهَ وَاجتَنِبُوا الطّاغوتَ فَمِنهُم مَن هَدَى اللَّهُ وَمِنهُم مَن حَقَّت عَلَيهِ الضَّلالَةُ فَسيروا فِي الأَرضِ فَانظُروا كَيفَ كانَ عاقِبَةُ المُكَذِّبينَ﴾ [النحل: ٣٦].
↩️وقال تعالى: ﴿يَدعو مِن دونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ البَعيدُ﴾ [الحج: ١٢].
وقال تعالى: ﴿وَما أَنتَ بِهادِي العُميِ عَن ضَلالَتِهِم إِن تُسمِعُ إِلّا مَن يُؤمِنُ بِآياتِنا فَهُم مُسلِمونَ﴾ [النمل: ٨١].
↩️وقال تعالى: ﴿قالوا أَوَلَم تَكُ تَأتيكُم رُسُلُكُم بِالبَيِّناتِ قالوا بَلى قالوا فَادعوا وَما دُعاءُ الكافِرينَ إِلّا في ضَلالٍ﴾ [غافر: ٥٠].
↩️وقال تعالى: ﴿قالَ قَرينُهُ رَبَّنا ما أَطغَيتُهُ وَلكِن كانَ في ضَلالٍ بَعيدٍ﴾ [ق: ٢٧].
👈فمن قال؛ إنّ عُبّاد القبور ليسوا على ضلال فهو مكذّب لله.
👈أو قال؛ إنّهم تحت المشيئة فهو مكذّب لله.
👈أو قال؛ نفوّض أمرهم إلى الله، فهو لم يحقق التوحيد ملّة إبراهيم عليه السلام، قال تعالى: ﴿قَد كانَت لَكُم أُسوَةٌ حَسَنَةٌ في إِبراهيمَ وَالَّذينَ مَعَهُ إِذ قالوا لِقَومِهِم إِنّا بُرَآءُ مِنكُم وَمِمّا تَعبُدونَ مِن دونِ اللَّهِ كَفَرنا بِكُم وَبَدا بَينَنا وَبَينَكُمُ العَداوَةُ وَالبَغضاءُ أَبَدًا حَتّى تُؤمِنوا بِاللَّهِ وَحدَهُ إِلّا قَولَ إِبراهيمَ لِأَبيهِ لَأَستَغفِرَنَّ لَكَ وَما أَملِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيءٍ رَبَّنا عَلَيكَ تَوَكَّلنا وَإِلَيكَ أَنَبنا وَإِلَيكَ المَصيرُ﴾ [الممتحنة: ٤].
📜وقال ابن القيّم -رحمه الله-: "ولكنَّ أكثرَ النَّاسِ لا يَشْعُرُونَ بدُخُولِ الواقعِ تَحْتَهُ وتَضَمُّنِهِ لَهُ، ويَظُنُّه في نوعٍ وقومٍ قَدْ خَلَوا مِن قبلُ ولم يُعَقِّبُوا وارِثًا، وهذا الَّذي يَحُولُ بينَ القَلْبِ وبينَ فَهْمِ القرآنِ، ولَعَمْرُ اللهِ إنْ كانَ أولئك قد خَلَوا، فقد وَرِثَهُم مَن هو مثلُهُم وشرٌّ منهم ودونَهُم، وتَنَاوُلُ القرآنِ لهم كتَنَاوُلِهِ لأولئك، ولكنَّ الأمرَ كمَا قالَ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (إنَّما تُنْقَضُ عُرَى الإِسْلاَمِ عُرْوَةً عُرْوةً، إذا نَشَأَ في الإِسْلامِ مَنْ لم يَعْرِفِ الجاهليَّة). وهذا لأنَّهُ إذا لم يَعْرِفِ الجاهليَّةَ والشِّرْكَ، وما دَعَا بهِ القرآنُ وذَمَّهُ، وَقَعَ فيه وأَقَرَّهُ، ودَعَا إليه وصَوَّبَهُ وحَسَّنَهُ، وهو لا يَعْرِفُ أنَّهُ الَّذي كانَ عليهِ الجاهليَّةُ، أو نَظِيرُهُ أو شرٌّ منه أو دونَهُ، فتُنْتَقَضُ بذلك عُرَى الإسلامِ، ويَعُودُ المَعْرُوفُ مُنْكَرًا، والمُنْكَرُ مَعْرُوفًا، والبِدْعَةُ سُنَّةً، والسُّنَّةُ بدعةً". [انتهى من مدارج السالكين (344/1)].
✍️والعجيب أنّ أهل السنّة اختلفوا في الشرك الأصغر هل هو تحت المشيّة، أم داخل في عموم الآية!! والذي مال إليه شيخ الإسلام ابن تيمية؛ أنّه لا يدخل تحت المشيّة، فما بالنا نختلف فيما اتفقت الأمّة أنّه لا يدخل تحت المشيئة وهو الشرك الأكبر، ونجعل المتشابه من أدلّة القائلين بالعذر بالجهل معارضة للمحكم من كتاب الله!!.
📌والأعجب من ذلك؛ أنّ من النّاس من يقع في الشرك وهو أخفى من دبيب النّمل فلا يُعذر، ثم يُعذر الواقع في الشرك الأكبر قاصداً له ومريداً له، ثم يقال أمره في الآخرة إلى الله!!!
👈ولعل ذلك داخل في قوله تعالى: ﴿ها أَنتُم هؤُلاءِ حاجَجتُم فيما لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحاجّونَ فيما لَيسَ لَكُم بِهِ عِلمٌ وَاللَّهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لا تَعلَمونَ﴾ [آل عمران: ٦٦].
💡فهل يوجد في القرآن والسنّة وآثار السلف الصالح، أنّ من عبد غير الله يعذر بجهله، وقال تعالى: ﴿وَقالَ الشَّيطانُ لَمّا قُضِيَ الأَمرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُم وَعدَ الحَقِّ وَوَعَدتُكُم فَأَخلَفتُكُم وَما كانَ لِيَ عَلَيكُم مِن سُلطانٍ إِلّا أَن دَعَوتُكُم فَاستَجَبتُم لي فَلا تَلوموني وَلوموا أَنفُسَكُم ما أَنا بِمُصرِخِكُم وَما أَنتُم بِمُصرِخِيَّ إِنّي كَفَرتُ بِما أَشرَكتُمونِ مِن قَبلُ إِنَّ الظّالِمينَ لَهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾ [إبراهيم: ٢٢].
↩️وقال تعالى: ﴿ثُمَّ يَومَ القِيامَةِ يُخزيهِم وَيَقولُ أَينَ شُرَكائِيَ الَّذينَ كُنتُم تُشاقّونَ فيهِم قالَ الَّذينَ أوتُوا العِلمَ إِنَّ الخِزيَ اليَومَ وَالسّوءَ عَلَى الكافِرينَ﴾ [النحل: ٢٧].
💡فقوله تعالى: {قالَ الَّذينَ أوتُوا العِلمَ إِنَّ الخِزيَ اليَومَ وَالسّوءَ عَلَى الكافِرينَ} صريح أنّ الجهل ذنب وليس عذراً ترفع به المؤاخذة، وفي الصحيحين: ((فَيَأْتُونِي، فَأَنْطَلِقُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَنُ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ إِلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي مِثْلَهُ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ، فَأَقُولُ: مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ)). قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : "((إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ))، يَعْنِي: قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {خَالِدِينَ فِيهَا}". وهذا لفظ البخاري.
📌ويجب أن يعلم أنّه لا يمكن لأحدٍ أن يصد أحداً عن التوحيد، لأنّ التوحيد عمل قلبي، قال تعالى -في ذكره لتخاصم المشركين وهم في النار-: ﴿قالَ الَّذينَ استَكبَروا لِلَّذينَ استُضعِفوا أَنَحنُ صَدَدناكُم عَنِ الهُدى بَعدَ إِذ جاءَكُم بَل كُنتُم مُجرِمينَ﴾ [سبأ: ٣٢].
✍️ثم إنّ اللهﷻ بيّن أن أعظم حجج المشركين في عبادتهم غير الله؛ زعمهم التقرب إلى الله، وذلك من لدن قوم نوحٍ إلى يومنا هذا، قال تعالى: ﴿وَما يُؤمِنُ أَكثَرُهُم بِاللَّهِ إِلّا وَهُم مُشرِكونَ﴾ [يوسف: ١٠٦].
↩️وقال تعالى: ﴿وَلَو شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُم أُمَّةً واحِدَةً وَلكِن يُضِلُّ مَن يَشاءُ وَيَهدي مَن يَشاءُ وَلَتُسأَلُنَّ عَمّا كُنتُم تَعمَلونَ﴾ [النحل: ٩٣].
والله أعلم.
كيف تكون مخاطبة أهل العلم للعامة
📖 قال تعالى: ﴿وَإِذا رَأَيتَ الَّذينَ يَخوضونَ في آياتِنا فَأَعرِض عَنهُم حَتّى يَخوضوا في حَديثٍ غَيرِهِ وَإِمّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيطانُ فَلا تَقعُد بَعدَ الذِّكرى مَعَ القَومِ الظّالِمينَ﴾ [الأنعام: ٦٨].
📖وقال تعالى: ﴿.. فَلا تُمارِ فيهِم إِلّا مِراءً ظاهِرًا وَلا تَستَفتِ فيهِم مِنهُم أَحَدًا﴾ [الكهف: ٢٢].
📌وفيها من العلم:
📝 أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا رَأيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِنا﴾ ونَحْوِ هَذا في القُرْآنِ. قالَ: "أمَرَ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ بِالجَماعَةِ، ونَهاهم عَنِ الِاخْتِلافِ والفُرْقَةِ، وأخْبَرَهم أنَما هَلَكَ مَن كانَ قَبْلَهم بِالمِراءِ والخُصُوماتِ في دِينِ اللَّهِ".
↩️وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا رَأيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِنا﴾ قالَ: "كانَ يُرى أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في أهْلِ الأهْواءِ".
↩️وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَلا تُمارِ فِيهِمْ إلا مِراءً ظاهِرًا﴾. قالَ: يَقُولُ: "إلّا ما أظْهَرْنا لَكَ مِن أمْرِهِمْ".
↩️وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿فَلا تُمارِ فِيهِمْ﴾ الآيَةَ. قالَ: "حَسْبُكَ ما قَصَصْنا عَلَيْكَ".
📚وروى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّﷺ قَالَ: ((دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ)).
📖وقال تعالى: {بَلۡ هُمۡ قَوۡمٌ خَصِمُونَ} والخَصْمُ بِكَسْرِ الصّادِ: شَدِيدُ التَّمَسُّكِ بِالخُصُومَةِ واللَّجاجِ.
↩️وقال تعالى: ﴿وَإِذا جاءَهُم أَمرٌ مِنَ الأَمنِ أَوِ الخَوفِ أَذاعوا بِهِ وَلَو رَدّوهُ إِلَى الرَّسولِ وَإِلى أُولِي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذينَ يَستَنبِطونَهُ مِنهُم وَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ لَاتَّبَعتُمُ الشَّيطانَ إِلّا قَليلًا﴾ [النساء: ٨٣].
📜وقال شيخ الإسلام بن تيميّة -رحمه الله-: "وَالْوَاجِبُ أَمْرُ الْعَامَّةِ بِالْجُمَلِ الثَّابِتَةِ بِالنَّصِّ وَالإِجْمَاعِ، وَمَنْعُهُمْ مِنْ الْخَوْضِ فِي التَّفْصِيلِ الَّذِي يُوقِعُ بَيْنَهُمْ الْفُرْقَةَ وَالاِخْتِلاَفَ، فَإِنَّ الْفُرْقَةَ وَالاِخْتِلافَ مِنْ أَعْظَمِ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ" انتهى.
والله أعلم.
التعرض للفتنة من باب الذنوب
📖 قال تعالى: ﴿أَلَم تَرَ إِلَى المَلَإِ مِن بَني إِسرائيلَ مِن بَعدِ موسى إِذ قالوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابعَث لَنا مَلِكًا نُقاتِل في سَبيلِ اللَّهِ قالَ هَل عَسَيتُم إِن كُتِبَ عَلَيكُمُ القِتالُ أَلّا تُقاتِلوا قالوا وَما لَنا أَلّا نُقاتِلَ في سَبيلِ اللَّهِ وَقَد أُخرِجنا مِن دِيارِنا وَأَبنائِنا فَلَمّا كُتِبَ عَلَيهِمُ القِتالُ تَوَلَّوا إِلّا قَليلًا مِنهُم وَاللَّهُ عَليمٌ بِالظّالِمينَ﴾ [البقرة: ٢٤٦].
📌وفيها من العلم:
📝 "فَحَقُّ المُؤْمِنِ أنْ يَأْبى الحَرْبَ ولا يَطْلُبَهُ فَإنَّهُ إنْ طَلَبَهُ فَأُوتِيَهُ عَجَزَ كَما عَجَزَ هَؤُلاءِ حِينَ تَوَلَّوْا إلّا قَلِيلًا فَهَذِهِ الأقاصِيصُ لَيْسَ المُرادُ مِنها حَدِيثًا عَنِ الماضِينَ وإنَّما هو إعْلامٌ بِما يَسْتَقْبِلُهُ الآتُونَ، إيّاكَ أعْنِي واسْمَعِي يا جارَةُ! فَلِذَلِكَ لا يَسْمَعُ القُرْآنَ مَن لَمْ يَأْخُذْهُ بِجُمْلَتِهِ خِطابًا لِهَذِهِ الأُمَّةِ بِكُلِّ ما قَصَّ لَهُ مِن أقاصِيصِ الأوَّلِينَ". انتهى من [نظم الدرر للبقاعي].
👈ويشهد له مارواه الشيخان -مرفوعاً-: ((أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ)).
📜قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "من هذا الباب ما يذكر عن طوائف من السلف من امتناعهم ومنعهم من استماع كلام المبتدعة خشية الفتنة عليهم، وعلى غيرهم.
◆وأما من نهى عن ذلك للهجر أو للعقوبة على فعله فذلك نوع آخر" -إلى أن قال-: "فهذه الأمور العدل فيه ألا يطلب العبد أن يبتلى بها، وإذا ابتلي بها فليتق الله وليصبر، والاستعداد لها أن تصيبه من غير طلب الابتلاء بها، فهذه المحن والفتن إذا لم يطلبها المرء ولم يتعرض لها بل ابتلي بها ابتداء أعانه الله تعالى عليها بحسب حال ذلك العبد عنده؛ لأنه لم يكن منه في طلبها فعل ولا قصد حتى يكون ذلك ذنبا يعاقب عليه، ولا كان منه كبر واختيال مثل دعوى قوة أو ظن كفاية بنفسه حتى يُخذَل بترك توكله ويوكل إلى نفسه، فإن العبد يؤتى من ترك ما أمر به، وسواء كان مراده بها محرما، أو مباحا، أو مستحبا، وإرادته بها المحرم زيادة ذنب.
◆وإن أراد بها المستحب فقد فعل ما لم يؤمر به، وهذا مما يذم عليه، كما في صحيح مسلم عن ابن مسعود -رضي الله عنه- مرفوعا: ((ما بعث الله من نبي إلا كان له من أمته حواريون وأنصار يستنون بسنته ويهتدون بهديه، ثم إنه يخلف من بعده خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون)). ◆والتعرض للفتنة هو من باب الذنوب، فالمؤمن الصادق لا يفعل إلا ما أمر به فإن ذلك هو عبادة، ولا يستعين إلا بالله، فإذا أوجب هو بنفسه أو حرم هو بنفسه خرج عن الأول، فإن وثق بنفسه خرج عن الثاني، فإذا أذنب بعد ذلك فقد يتوب بعد الذنب فيعينه حينئذ، وقد يكون له حسنات راجحة يستحق بها الإعانة، وقد يتداركه الله برحمته فيسلم أو يخفف عليه، والتوبة بفعل المأمور وترك المحظور في كل حال بحسبه، ليست ترك ما دخل فيه، فإن ذلك قد لا يمكنه إلا بذنوب هي أعظم من ذنوبه مع مقامه، فتدبر هذا" انتهى من [المستدرك على المجموع].
📖وقال تعالى: ﴿أَلَم تَرَ إِلَى الَّذينَ قيلَ لَهُم كُفّوا أَيدِيَكُم وَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمّا كُتِبَ عَلَيهِمُ القِتالُ إِذا فَريقٌ مِنهُم يَخشَونَ النّاسَ كَخَشيَةِ اللَّهِ أَو أَشَدَّ خَشيَةً وَقالوا رَبَّنا لِمَ كَتَبتَ عَلَينَا القِتالَ لَولا أَخَّرتَنا إِلى أَجَلٍ قَريبٍ قُل مَتاعُ الدُّنيا قَليلٌ وَالآخِرَةُ خَيرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظلَمونَ فَتيلًا﴾ [النساء: ٧٧].
والله أعلم.
مفهوم النصر والعاقبة في القرآن "العاقبة للمتقين"
📖 قال تعالى: ﴿قالَ موسى لِقَومِهِ استَعينوا بِاللَّهِ وَاصبِروا إِنَّ الأَرضَ لِلَّهِ يورِثُها مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقينَ﴾ [الأعراف: ١٢٨].
📌وفيها من العلم:
📝 العاقبة حقيقتها نهاية أمر من الأمور وآخره، والتقوى كلمة جامعة لأفعال الخير القولية والفعلية والاعتقادات والنيات، فهي شاملة لكل أعمال العبد ظاهرها وباطنها عليه أن يتقيَ الله فيها، أن يتقيَ الله فيما بينه وبين الله بأداء فرائضه وترك منهياته ولزوم سُنّة نبيه وسبيل المؤمنين.
💡إن مفهوم هذه القاعدة القرآنية المحكمة أَنَّ كل من لم يكن تقياً في أحواله، أو أفعاله، فلا عاقبة له حسنة، وإن أُمهِل زماناً، أو تُركَ دهراً، وهذه سنة الله في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلا، فالعاقبة المحمودة في النهاية هي للمؤمنين المتقين في الدنيا والآخرة.
📜وقال ابن القيم -رحمه الله-: "وقال تعالى: {والْعَاقِبَةَ لِلْمتُقّيِنَ}، وقال: {وَالْعَاقِبةُ لِلتَّقْوَى} والمراد: العاقبة فى الدنيا قبل الآخرة، لأنه ذكر ذلك عقيب قصة نوح، ونصره وصبره على قومه، فقال تعالى: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أنْتَ وَلا قَوْمكَ مِنْ قَبْلِ هذَا فَاصْبِرْ إنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمتُقّينَ}، أى: عاقبة النصر لك ولمن معك، كما كانت لنوح -عليه السلام- ومن آمن معه، وكذلك قوله: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}، وقال تعالى: {وَإنْ تَصْبِرُوا وَتَتّقُوا لا يَضُرٍّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً}، وقال: {بَلَى إنْ تَصْبِرُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكمْ بِخمسَةِ آلافٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ}، وقال تعالى إخبارا عن يوسف -عليه السلام- أنه نُصِرَ بتقواه وصبره، فقال: ﴿..قالَ أَنا يوسُفُ وَهذا أَخي قَد مَنَّ اللَّهُ عَلَينا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصبِر فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضيعُ أَجرَ المُحسِنينَ﴾، وقال تعالى: {يأَيَّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيكَفِّرْ عنكم سَيَّئَاتِكُم}، والفرقان: هو العز والنصر، والنجاة والنور الذى يفرق بين الحق والباطل، وقال تعالى: {وَمَنْ يَتّق اللهَ يْجعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْب إنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ، قَد جَعَلَ اللهُ لِكُلَّ شَيءْ قَدْراً}" [انتهى من إغاثة اللهفان].
↩️وقال -رحمه الله-: "والحرب دول وسجال والنصر مع الصبر ومن صبر وصابر ورابط واتقى الله فله العاقبة في الدنيا والآخرة وقد حكم الله تعالى حكما لا يُبَدَّل أبدا: أن العاقبة للتقوى. والعاقبة للمتقين" [انتهى من الجواب الكافي].
↩️وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "وإذا كان في المسلمين ضعف وكان عدوهم مستظهرا عليهم كان ذلك بسبب ذنوبهم وخطاياهم؛ إما لتفريطهم في أداء الواجبات باطنا وظاهرا، وإما لعدوانهم بتعدي الحدود باطنا وظاهرا. قال الله تعالى: {إنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا}، وقال تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}، وقال تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [انتهى من المجموع].
📖قال تعالى: ﴿إِنّا لَنَنصُرُ رُسُلَنا وَالَّذينَ آمَنوا فِي الحَياةِ الدُّنيا وَيَومَ يَقومُ الأَشهادُ﴾ [غافر: ٥١].
↩️وقال تعالى: ﴿قُل هَل تَرَبَّصونَ بِنا إِلّا إِحدَى الحُسنَيَينِ وَنَحنُ نَتَرَبَّصُ بِكُم أَن يُصيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِن عِندِهِ أَو بِأَيدينا فَتَرَبَّصوا إِنّا مَعَكُم مُتَرَبِّصونَ﴾ [التوبة: ٥٢].
والله أعلم
يفسد البلدان نصف فقيه
📖 قال تعالى: ﴿يَسأَلونَكَ عَنِ الخَمرِ وَالمَيسِرِ قُل فيهِما إِثمٌ كَبيرٌ وَمَنافِعُ لِلنّاسِ وَإِثمُهُما أَكبَرُ مِن نَفعِهِما وَيَسأَلونَكَ ماذا يُنفِقونَ قُلِ العَفوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُم تَتَفَكَّرونَ﴾ [البقرة: ٢١٩].
📌وفيها من العلم:
📝 "كما في الخمر والميسر، فإن فيهما إثمٌ كبير، ومنافع للناس، وإثمهما أكبر من نفعهما.، فلهذا لم تأت به الشريعة، لم تأت إلا بالمصلحة الخالصة أو الراجحة، وأما ما تكون مفسدته غالبة على مصلحته، فهو بمنزلة من يأخذ درهما بدينار، أو يسرق خمسة دراهم، ويتصدق منها بدرهمين." انتهى من [مجموع الفتاوى].
↩️وقال -رحمه الله-: "وقد قيل: إنما يفسد الناس نصف متكلم ونصف فقيه ونصف نحوي ونصف طبيب، هذا يفسد الأديان، وهذا يفسد البلدان، وهذا يفسد اللسان، وهذا يفسد الأبدان" انتهى من [الرد على البكري].
↩️وقال -رحمه الله-: "فلا يتحقق حسن الاستدلال بالأدلة حتى يميز بين ما يدل وما لا يدل، ولا مراتب الأدلة حتى يقدم الراجح على المرجوح إذا تعارض دليلان، ولهذا كان أصول الفقه مقصوده معرفة الأدلة الشرعية" [المصدر السابق].
↩️وقال الشاطبي -رحمه الله-: "فَيَعْرِضُ فِيهِ أَنْ يُعْتَقَدَ فِي صَاحِبِهِ أَوْ يَعْتَقِدَ هُوَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَأَنَّ قَوْلَهُ مُعْتَدٌّ بِهِ، وَتَكُونُ مُخَالَفَتُهُ تَارَةً فِي جُزْئِيٍّ وَهُوَ أَخَفُّ، وَتَارَةً فِي كُلِّيٍّ مِنْ كُلِّيَّاتِ الشَّرِيعَةِ وَأُصُولِهَا الْعَامَّةِ، كَانَتْ مِنْ أُصُولِ الِاعْتِقَادَاتِ أَوِ الْأَعْمَالِ؛ فَتَرَاهُ آخِذًا بِبَعْضِ جُزْئِيَّاتِهَا فِي هَدْمِ كُلِّيَّاتِهَا حَتَّى يَصِيرَ مِنْهَا إِلَى مَا ظَهَرَ لَهُ بِبَادِئِ رَأْيِهِ مِنْ غَيْرِ إِحَاطَةٍ بِمَعَانِيهَا وَلَا راجع رجوع الافتقار إليها، ولا مُسَلِّمٌ لِمَا رُوِيَ عَنْهُمْ فِي فَهْمِهَا، وَلَا رَاجِعٌ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي أَمْرِهَا كَمَا قَالَ: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} الْآيَةَ [النِّسَاءِ: 59]، وَيَكُونُ الْحَامِلُ عَلَى ذَلِكَ بَعْضَ الْأَهْوَاءِ الْكَامِنَةِ فِي النُّفُوسِ، الْحَامِلَةِ عَلَى تَرْكِ الِاهْتِدَاءِ بِالدَّلِيلِ الْوَاضِحِ وَاطِّرَاحِ النَّصَفَةِ وَالِاعْتِرَافِ بِالْعَجْزِ فِيمَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ عِلْمُ النَّاظِرِ وَيُعِينُ عَلَى هَذَا الْجَهْلِ بِمَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ وَتَوَهُّمِ بُلُوغِ دَرَجَةِ الِاجْتِهَادِ بِاسْتِعْجَالِ نَتِيجَةِ الطَّلَبِ، فَإِنَّ الْعَاقِلَ قَلَّمَا يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ فِي اقْتِحَامِ الْمَهَالِكِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مُخَاطِرٌ. وَأَصْلُ هَذَا الْقِسْمَ مَذْكُورٌ فِي قَوْلُهُ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} الْآيَةَ [آلِ عِمْرَانَ: ٧]. وَفِي "الصَّحِيحِ" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ، ثُمَّ قَالَ: ((فَإِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ)). وَالتَّشَابُهُ فِي الْقُرْآنِ لَا يَخْتَصُّ بِمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ مِنَ الأمور الإلهية" انتهى من [الموافقات].
📖وقال تعالى: ﴿هُمُ الَّذينَ كَفَروا وَصَدّوكُم عَنِ المَسجِدِ الحَرامِ وَالهَديَ مَعكوفًا أَن يَبلُغَ مَحِلَّهُ وَلَولا رِجالٌ مُؤمِنونَ وَنِساءٌ مُؤمِناتٌ لَم تَعلَموهُم أَن تَطَئوهُم فَتُصيبَكُم مِنهُم مَعَرَّةٌ بِغَيرِ عِلمٍ لِيُدخِلَ اللَّهُ في رَحمَتِهِ مَن يَشاءُ لَو تَزَيَّلوا لَعَذَّبنَا الَّذينَ كَفَروا مِنهُم عَذابًا أَليمًا﴾ [الفتح: ٢٥].
💡ﷺاعلم -رحمك الله- أَنَّ أصول الدين تُقَدَّم على اعتبار النفس والأعضاء، فإذا توقف حفظ الدين على المخاطرة بالنفس أو الأعضاء قُدِّمَ الدين، ولذا وجب الجهاد لحفظ الدين وإن أدى إلى ضياع كثير من النفوس، أما غير أصول الدين، فأنت تعلم أن الأمر فيها غير ذلك، فكثيرا ما يُسقِط الشارع واجبات دينية محافظة على النفس نحو المرض وغيره.
📌ومن هنا جاء تأكيد الشارع على سلامة المقاصد في الجهاد في سبيل الله ففي الصحيحين عَنْ أَبِي مُوسَى -رضي الله عنه- قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِﷺ عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِﷺ: ((مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ الله)) متفق عليه.
📜قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "فإن الغضب والحمية تحمل المرء على فعل ما يضره وترك ما ينفعه وهذا من الجهل الذي هو عمل بخلاف العلم حتى يُقدم المرء على فعل ما يعلم أنه يضره، وترك ما يعلم أنه ينفعه؛ لما في نفسه من البغض والمعاداة لأشخاص وأفعال" [المجموع].
↩️وقال -رحمه الله-: "فإذا كان المجاهد الذي يقاتل حمية للمسلمين؛ أو يقاتل رياء للناس ليمدحوه؛ أو يقاتل لما فيه من الشجاعة: لا يكون قتاله في سبيل الله 'عز وجل- حتى يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا؛ فكيف من يكون أفضل تعلمه صناعة القتال مبنيا على أساس فاسد؛ ليعاون شخصا مخلوقا على شخص مخلوق، فمن فعل ذلك كان من أهل الجاهلية الجهلاء، والتتر الخارجين عن شريعة الإسلام" انتهى من [المجموع].
📖وقال تعالى: ﴿وَلَقَد صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعدَهُ إِذ تَحُسّونَهُم بِإِذنِهِ حَتّى إِذا فَشِلتُم وَتَنازَعتُم فِي الأَمرِ وَعَصَيتُم مِن بَعدِ ما أَراكُم ما تُحِبّونَ مِنكُم مَن يُريدُ الدُّنيا وَمِنكُم مَن يُريدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُم عَنهُم لِيَبتَلِيَكُم وَلَقَد عَفا عَنكُم وَاللَّهُ ذو فَضلٍ عَلَى المُؤمِنينَ﴾ [آل عمران: ١٥٢]. والله أعلم.
أمروا بالمباهلة فأبدلوها بالتهنئة
♦️قال تعالى:{ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ } [آل عمران:61]
🔺وفيها من العلم أمر الله نبيه ﷺ أن يقول اللهم العن الكاذب في شأن عيسى وقد دعا النبي ﷺ وفد نجران لذلك لما حاجوه ، فحولها جهلة عصرنا من البراءة من تولي الكفار إلى تهنئتهم بما افتروه على الله وذلك خيانة لله ورسوله.
🔺قال أبو الزناد رحمه الله: " أن السنن لا تخاصم ولا ينبغي لها أن تتبع بالرأي والتفكير ولو فعل الناس ذلك لم يمض يوم إلا انتقلوا من دين إلى دين ، ولكن ينبغي للسنن أن تلزم ويتمسك بها على ما وافق الرأي أو خالفه" (الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي ٣٩٢/١ ).
🔺وأخرج الخطيب عن ابن عباس في قوله {والذين لا يشهدون الزور } قال: أعياد المشركين. وكذا قال مجاهد وقتادة ،
🔺وقال ﷻ: { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } [القصص:55].
🔺وقال ﷻ :{ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } [الجاثية:18].
🔺وقال ﷻ :{ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ } [المائدة:49].
والله أعلم
ميزان الشريعة
📖 قال تعالى: ﴿لَقَد أَرسَلنا رُسُلَنا بِالبَيِّناتِ وَأَنزَلنا مَعَهُمُ الكِتابَ وَالميزانَ لِيَقومَ النّاسُ بِالقِسطِ وَأَنزَلنَا الحَديدَ فيهِ بَأسٌ شَديدٌ وَمَنافِعُ لِلنّاسِ وَلِيَعلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالغَيبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزيزٌ﴾ [الحديد: ٢٥].
📖وقال تعالى: ﴿وَقالَتِ اليَهودُ يَدُ اللَّهِ مَغلولَةٌ غُلَّت أَيديهِم وَلُعِنوا بِما قالوا بَل يَداهُ مَبسوطَتانِ يُنفِقُ كَيفَ يَشاءُ وَلَيَزيدَنَّ كَثيرًا مِنهُم ما أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ طُغيانًا وَكُفرًا وَأَلقَينا بَينَهُمُ العَداوَةَ وَالبَغضاءَ إِلى يَومِ القِيامَةِ كُلَّما أَوقَدوا نارًا لِلحَربِ أَطفَأَهَا اللَّهُ وَيَسعَونَ فِي الأَرضِ فَسادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ المُفسِدينَ﴾ [المائدة: ٦٤].
📌وفيها من العلم:
📝 اختُلف في ﴿الميزان﴾ على قولين: الأول: أنه العدل. الثاني: أنه الذي يوزن به. وعلَّق ابنُ عطية (٥/٢٦٩ ط: دار الكتب العلمية) على القول الثاني الذي قاله ابن زيد بقوله: «وهذا جزء من القول الأول». ثم قال (٨/٢٣٨): «وقوله: ﴿ليقوم الناس بالقسط﴾ يُقوي القول الأول». وذكر أنّ القول الأول قول أكثر المتأولين.
↩️وساق شيخ الإسلام ابنُ تيمية القولين، ثم علَّق بقوله: «وهما متلازمان» انتهى.
📜وقال ابن القيّم -رحمه الله-: "إذا أشكل على الناظر أو السالك حكمُ شيءٍ هل هو الإباحة أو التحريم، فلينظر إلى مفسدته وثمرته وغايته، فإن كان مشتملًا على مفسدةٍ راجحةٍ ظاهرةٍ فإنَّه يستحيل على الشارع الأمرُ به أو إباحته، بل العلم بتحريمه من شرعه قطعيٌّ، ولاسيَّما إذا كان طريقًا مفضيًا إلى ما يبغضه الله ورسوله، مُوصِلًا إليه عن قربٍ، وهو رقيةٌ له ورائدٌ وبريد، فهذا لا يشكُّ في تحريمه أولو البصائر" انتهى.
📖وقال تعالى: ﴿قالَ يا قَومِ أَرَأَيتُم إِن كُنتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبّي وَرَزَقَني مِنهُ رِزقًا حَسَنًا وَما أُريدُ أَن أُخالِفَكُم إِلى ما أَنهاكُم عَنهُ إِن أُريدُ إِلَّا الإِصلاحَ مَا استَطَعتُ وَما تَوفيقي إِلّا بِاللَّهِ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَإِلَيهِ أُنيبُ﴾ [هود: ٨٨].
والله أعلم.
مفاتيح الخير ومفاتيح الشر
📖 قال تعالى: ﴿لَقَد جاءَكُم رَسولٌ مِن أَنفُسِكُم عَزيزٌ عَلَيهِ ما عَنِتُّم حَريصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَحيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨].
📖وقال تعالى: ﴿قالَ تَزرَعونَ سَبعَ سِنينَ دَأَبًا فَما حَصَدتُم فَذَروهُ في سُنبُلِهِ إِلّا قَليلًا مِمّا تَأكُلونَ﴾ [يوسف: ٤٧].
📖وقال تعالى: ﴿لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقتُلَني ما أَنا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيكَ لِأَقتُلَكَ إِنّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ العالَمينَ﴾ [المائدة: ٢٨].
📖وقال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن جاءَكُم فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنوا أَن تُصيبوا قَومًا بِجَهالَةٍ فَتُصبِحوا عَلى ما فَعَلتُم نادِمينَ﴾ [الحجرات: ٦].
📖وقال تعالى: ﴿فَبَدَّلَ الَّذينَ ظَلَموا مِنهُم قَولًا غَيرَ الَّذي قيلَ لَهُم فَأَرسَلنا عَلَيهِم رِجزًا مِنَ السَّماءِ بِما كانوا يَظلِمونَ﴾ [الأعراف: ١٦٢].
📖وقال تعالى: ﴿قالوا ما أَخلَفنا مَوعِدَكَ بِمَلكِنا وَلكِنّا حُمِّلنا أَوزارًا مِن زينَةِ القَومِ فَقَذَفناها فَكَذلِكَ أَلقَى السّامِرِيُّ﴾ [طه: ٨٧].
📖وقال تعالى: ﴿فَنادَوا صاحِبَهُم فَتَعاطى فَعَقَرَ﴾ [القمر: ٢٩].
📖وقال تعالى: ﴿فَوَسوَسَ إِلَيهِ الشَّيطانُ قالَ يا آدَمُ هَل أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الخُلدِ وَمُلكٍ لا يَبلى﴾ [طه: ١٢٠].
📌وفيها من العلم:
📝 الإشارة إلى مارواه ابن ماجة، والبيهقي في شعب الإيمان وصححه الألباني -رحمهم الله- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: يقولﷺ: ((إن من الناس ناسًا مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس ناسًا مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه)).
↩️وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّﷺ قَالَ: ((إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ)) متفق عليه.
↩️ومارواه الشيخان عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِﷺ قَالَ: ((كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لَا. فَقَتَلَهُ، فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ)) الحديث.
↩️وعن أَبِي الدَّرْدَاءِ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺ: ((أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ؟)). قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: ((إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ. وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ)) رواه احمد والترمذي، وابوداود وهو حديث حسن.
📖وقال تعالى: ﴿لا خَيرَ في كَثيرٍ مِن نَجواهُم إِلّا مَن أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَو مَعروفٍ أَو إِصلاحٍ بَينَ النّاسِ وَمَن يَفعَل ذلِكَ ابتِغاءَ مَرضاتِ اللَّهِ فَسَوفَ نُؤتيهِ أَجرًا عَظيمًا﴾ [النساء: ١١٤].
والله أعلم.
ولو كان من عند غير الله لو وجدوا فيه اختلافاً كثيرا
📖 قال تعالى: ﴿إِنَّكُم لَفي قَولٍ مُختَلِفٍ * يُؤفَكُ عَنهُ مَن أُفِكَ﴾ [الذاريات: ٨-٩].
📖وقال تعالى: ﴿قُل ما أَسأَلُكُم عَلَيهِ مِن أَجرٍ وَما أَنا مِنَ المُتَكَلِّفينَ﴾ [ص: ٨٦].
📌وفيها من العلم:
📝 الإشارة إلى مارواه البخاري عن عمر -رضي الله عنه- قال: ((نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ)، وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي -رحمه الله تعالى-: "ثم اعلم يا أخي: أن من خواص الأقوال الضعيفة: وجود التناقض فيها، وعدم انبنائها على أصل متفق عليه، وصعوبة فهمها، وصعوبة العمل بها أو تعذره، كما أن القول الصحيح؛ تجد فهمه في غاية اليسر، والعمل به في غاية السهولة، ومسائله منضبطة مبنية على الأصول الشرعية" انتهى.
📌ومن التكلف قول بعضهم لتبرير ما فعلته حركة حماس؛ -من التهور الذي تسبب بقتل آلاف المسلمين وتشريد الملايين وهدم الممتلكات -وحماس بمنزلة المجرمين الذين فعلوا ذلك، قالﷺ: ((مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ)). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهَلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: ((نَعَمْ، يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ. وَيَسُبُّ أُمَّهُ، فَيَسُبُّ أُمَّهُ)) متفق عليه.- أنّ ذلك من جهاد الدفع، وهذا الزعم الباطل ترتب عليه تقرير باطل لتبرير هذا السفه والطيش بل الإجرام؛ قولهم: "أحكام الوقوع غير أحكام الشروع"، وإذا بقادة حماس يصرحون أنّهم ليسوا مسؤولين عن حماية أهل غزّة، ويتوسلون لليهود أن يوقوفوا القتال، وأنّهم مقرون باتفاقيّة أوسلو ومنفتحون على أي إتفاق مع اسرائيل!!.
💎سبحان الله!! أي عبث هذا؟!
🖌بعد أن سُفكت دماء المسلمين بسببهم وشرّدوا، يروجون للصلح مع اسرائيل، وكأنّ الشعب الفلسطيني شركة يبيعون ويشترون أسهمها كيفما شاؤا!!.
✍️والعجب من بعض أهل العلم الذين صاروا حماسيين أكثر من قادة حماس؛ حيث لازالوا يقررون أنّه جهاد شرعي!!
▪️فأي غفلة هذه عن كتاب الله وسُنّة رسولهﷺ وما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم، فهؤلاء يخشى أن يكون لهم نصيب من قولهﷺ: ((اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ)) رواه مسلم.
↩️وقول النبيﷺ: ((قَتَلوه قَتَلَهمُ اللهُ، ألَا سألوا إذْ لم يَعلَموا؛ فإنَّما شِفاءُ العِيِّ السُّؤالُ)) رواه ابوداود وصححه الألباني.
📚وروى الشافعي في الأم عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سأله: (إذا حاصرتم المدينة كيف تصنعون؟) قال: (نبعث الرجل إلى المدينة ونصنع له هنة من جلود) قال: (أرأيت إن رمي بحجر)، قال: (إذا يقتل)، قال: (فلا تفعلوا؛ فوالذي نفسي بيده ما يسرني أن تفتحوا مدينة فيها أربعة آلاف مقاتل بتضييع رجل مسلم).
📜وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "فلا رأي أعظم ذما من رأي أريق به دم ألوف مؤلفة من المسلمين ولم يحصل بقتلهم مصلحة للمسلمين، لا في دينهم، ولا في دنياهم، بل نقص الخير عما كان وزاد الشر على ما كان" [انتهى من منهاج السنّة].
📖وقال تعالى: ﴿وَإِذ أَخَذنا ميثاقَكُم لا تَسفِكونَ دِماءَكُم وَلا تُخرِجونَ أَنفُسَكُم مِن دِيارِكُم ثُمَّ أَقرَرتُم وَأَنتُم تَشهَدونَ * ثُمَّ أَنتُم هؤُلاءِ تَقتُلونَ أَنفُسَكُم وَتُخرِجونَ فَريقًا مِنكُم مِن دِيارِهِم تَظاهَرونَ عَلَيهِم بِالإِثمِ وَالعُدوانِ وَإِن يَأتوكُم أُسارى تُفادوهُم وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيكُم إِخراجُهُم أَفَتُؤمِنونَ بِبَعضِ الكِتابِ وَتَكفُرونَ بِبَعضٍ فَما جَزاءُ مَن يَفعَلُ ذلِكَ مِنكُم إِلّا خِزيٌ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَيَومَ القِيامَةِ يُرَدّونَ إِلى أَشَدِّ العَذابِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلونَ﴾ [البقرة: ٨٤-٨٥].
والله أعلم.
أبصرها العلماء
📖 قال تعالى: ﴿وَقالَ الَّذينَ أوتُوا العِلمَ وَيلَكُم ثَوابُ اللَّهِ خَيرٌ لِمَن آمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا وَلا يُلَقّاها إِلَّا الصّابِرونَ﴾ [القصص: ٨٠].
📌وفيها من العلم:
📝 الفتن إذا أقبلت أبصرها الراسخون في العلم وحذروا منها، وخاض فيها العامة، وإذا أدبرت ندموا على خوضهم فيها.
📚وفي الصحيح عن حذيفة مرفوعاً: ((تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدَ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا، لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ)).
📜وقال الحسن البصريّ -رحمه الله-: "الفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم وإذا أدبرت عرفها كل جاهل" انتهى.
💡كثيرٌ من الناس إذا أقبلتِ الفتن غفلوا عنها وذهلوا وأخذتهم العواطف وغرَّهم الجهل ونسوا التاريخ القريب فضلاً عن البعيد، وانخدعوا بالإعلام والفضائيات وبنوا بعد ذلك مواقفَ من هذه الفتن، وتعصبوا لها ونافحوا عنها!!
◆فمن قائل: علينا أن ننس الخلافَ الآن.
◆وآخر: نتوحدُ ضد العدو الأساس!! وهو لا يفرق بين عدوين.
◆وثالثٍ: جعل التحليل العقدي للأحداث خدعةً وهو مخدوعٌ بالتحليل الإعلامي والفضائي.
◆ورابعٍ: ينادى بتوحيد الكلمة على حساب كلمة التوحيد.
◆وخامسٍ: حشد أدلة وشواهداً؛ لو تمعن فيها المرء لوجد أنها عليه لا له.
📌وهكذا نجدُ أنَّ أكثرَ الناس يجهل الفتن والموقف منها إذا أقبلت وأطلَّت برأسها، ولا يثبتُ إلا من ثبَّته الله وكان يرى بنور الله، لا تخدعه العواطفُ الزائفة، ولا الأهواءُ الزائغة، ولا ينجرُّ وراء الإعلام المشبوه والمسيَّس، ولا تجده يفصلُ بين الأحداث الراهنة والمبادئ الثابتة، فإذا أدبرتِ الفتنة أو كادت عرف كثيرٌ من الناس الحقيقةَ، فيتراجع من يتراجع، ويصرُّ آخرون على مواقفهم استكباراً وعناداً!!.
👈والناظرُ إلى فتن هذا الزمان يجدها من هذا القبيل.
🤲والحمد لله الذي جعل في الأمة عباداً يعرفون الفتن عند إقبالها قبل إدبارها، ويحذِّرون منها وإلا لهلكَ الناس.
📜وقال شيخ الإِسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "والفتنة إذا وقعت عجز العقلاءُ فيها عن دفع السفهاء …، وهذا شأن الفتن كما قال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ [الأنفال:25]، وإذا وقعت الفتنة لم يسلم من التلوث بها إلا من عصمه الله" انتهى.
📖وقال تعالى: ﴿أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنتُم بِهِ آلآنَ وَقَد كُنتُم بِهِ تَستَعجِلونَ﴾ [يونس: ٥١]
والله أعلم.
ظهور الأمّة وبقاؤها مرهون بحفظها للضرورات الخمس
📖 قال تعالى: ﴿قُل يا أَهلَ الكِتابِ تَعالَوا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَينَنا وَبَينَكُم أَلّا نَعبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشرِكَ بِهِ شَيئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعضُنا بَعضًا أَربابًا مِن دونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوا فَقولُوا اشهَدوا بِأَنّا مُسلِمونَ﴾ [آل عمران: ٦٤].
📖وقال تعالى: ﴿مِن أَجلِ ذلِكَ كَتَبنا عَلى بَني إِسرائيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفسًا بِغَيرِ نَفسٍ أَو فَسادٍ فِي الأَرضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النّاسَ جَميعًا وَمَن أَحياها فَكَأَنَّما أَحيَا النّاسَ جَميعًا وَلَقَد جاءَتهُم رُسُلُنا بِالبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثيرًا مِنهُم بَعدَ ذلِكَ فِي الأَرضِ لَمُسرِفونَ﴾ [المائدة: ٣٢].
📖وقال تعالى: ﴿... وَلا تَقتُلوا أَنفُسَكُم إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُم رَحيمًا﴾ [النساء: ٢٩].
📖وقال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِنَّمَا الخَمرُ وَالمَيسِرُ وَالأَنصابُ وَالأَزلامُ رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطانِ فَاجتَنِبوهُ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾ [المائدة: ٩٠].
📖وقال تعالى: ﴿قُل لِلمُؤمِنينَ يَغُضّوا مِن أَبصارِهِم وَيَحفَظوا فُروجَهُم ذلِكَ أَزكى لَهُم إِنَّ اللَّهَ خَبيرٌ بِما يَصنَعونَ * وَقُل لِلمُؤمِناتِ يَغضُضنَ مِن أَبصارِهِنَّ وَيَحفَظنَ فُروجَهُنَّ وَلا يُبدينَ زينَتَهُنَّ إِلّا ما ظَهَرَ مِنها ...﴾ [النور: ٣٠-٣١]
📖وقال تعالى: ﴿وَلا تُؤتُوا السُّفَهاءَ أَموالَكُمُ الَّتي جَعَلَ اللَّهُ لَكُم قِيامًا وَارزُقوهُم فيها وَاكسوهُم وَقولوا لَهُم قَولًا مَعروفًا﴾ [النساء: ٥].
📖وقال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ المُؤمِناتُ يُبايِعنَكَ عَلى أَن لا يُشرِكنَ بِاللَّهِ شَيئًا وَلا يَسرِقنَ وَلا يَزنينَ وَلا يَقتُلنَ أَولادَهُنَّ وَلا يَأتينَ بِبُهتانٍ يَفتَرينَهُ بَينَ أَيديهِنَّ وَأَرجُلِهِنَّ وَلا يَعصينَكَ في مَعروفٍ فَبايِعهُنَّ وَاستَغفِر لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ [الممتحنة: ١٢].
📌وفيها من العلم:
📝 قال الغزالي -رحمه الله-: "إن مقصود الشرع من الخلق خمسة: أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة" [انتهى من المستصفى].
💡وحفظ الدين أولها، وأكبر الكليات الخمس وأرقاها، لأنّه الغاية التي خلق الخلق لها، قال تعالى: ﴿وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدونِ﴾ [الذاريات: ٥٦].
↩️"وضياعه ضياع بقية المقاصد، وأحياناً تُقدّم مصلحة النفس على الدين كجواز النطق بالكفر عند الإكراه، لحفظ النفس، وجواز أكل الميتة، عند الاضطرار، لأجل حفظ النفس، و ترك الجمعة والجماعة إذا خاف على نفسه من عدو أو سبع ونحوه، ومن هنا وجب على المسلمين تنصيب إمام، لأنّ هذه المصالح الكليّة يتعذر إجتماعها ووجودها بغير إمام، وفي حديث حذيفة -رضي الله عنه-: (قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟) قَالَﷺ: ((فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ)) متفق عليه.
↩️وهكذا الجهاد في سبيل لا يشرع بغير وجود الإمام، قال تعالى: ﴿أَلَم تَرَ إِلَى المَلَإِ مِن بَني إِسرائيلَ مِن بَعدِ موسى إِذ قالوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابعَث لَنا مَلِكًا نُقاتِل في سَبيلِ اللَّهِ قالَ هَل عَسَيتُم إِن كُتِبَ عَلَيكُمُ القِتالُ أَلّا تُقاتِلوا قالوا وَما لَنا أَلّا نُقاتِلَ في سَبيلِ اللَّهِ وَقَد أُخرِجنا مِن دِيارِنا وَأَبنائِنا فَلَمّا كُتِبَ عَلَيهِمُ القِتالُ تَوَلَّوا إِلّا قَليلًا مِنهُم وَاللَّهُ عَليمٌ بِالظّالِمينَ﴾ [البقرة: ٢٤٦].
↩️وقالﷺ: ((وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ، يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ)) متفق عليه. وقال تعالى: {وَجَـٰهِدُوا۟ مَعَ رَسُولِهِ}.
💡ومخالفة كتاب الله وهدي رسولهﷺ هو هدم للمصالح الكليّة وسعي في الفساد في الأرض، قال تعالى: ﴿وَمِنَ النّاسِ مَن يُعجِبُكَ قَولُهُ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَيُشهِدُ اللَّهَ عَلى ما في قَلبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصامِ * وَإِذا تَوَلّى سَعى فِي الأَرضِ لِيُفسِدَ فيها وَيُهلِكَ الحَرثَ وَالنَّسلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الفَسادَ * وَإِذا قيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتهُ العِزَّةُ بِالإِثمِ فَحَسبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئسَ المِهادُ﴾ [البقرة: ٢٠٤-٢٠٦].
والله أعلم.
لا حظ للعقيدة في دعوى الصراع مع اسرائيل
📜قال تعالى:{ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } [التوبة:33].
🔺 وفيها من العلم: روى مسلم في الصحيح عَنْ عائِشَةَ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «لا يَذْهَبُ اللَّيْلُ والنَّهارُ حَتّى تُعْبَدَ اللّاتُ والعُزّى، فَقالَتْ عائِشَةُ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي كُنْتُ أظُنُّ حِينَ أنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ أنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ تامًّا فَقالَ: إنَّهُ سَيَكُونُ مِن ذَلِكَ ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَيُتَوَفّى مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ حَبَّةٍ مِن خَرْدَلٍ مَن خَيْرٍ فَيَبْقى مَن لا خَيْرَ فِيهِ فَيَرْجِعُونَ إلى دِينِ آبائِهِم ".
🔺 وفيه من الفوائد أنّ الظهور الحقيقي للمسلمين على عدوهم هو ظهور العقيدة بدليل قوله ﷺ" لا يَذْهَبُ اللَّيْلُ والنَّهارُ حَتّى تُعْبَدَ اللّاتُ والعُزّى ".
وهذا هو الشرك ، وأمّا الظهور على الأعداء في أمر الدنيا فهو تبع لظهور التوحيد ،
🔺والناظر في حال المسلمين اليوم يجد أنّه ليست العقيدة غاية في الصراع مع إسرائيل، فحماس التي على الثغور زعموا توالي المجوس في إيران ، وإيران أعظم الدول المارقة حرباً لله ورسوله ولأهل ملة إبراهيم ، وتركيا أعظم الدول رعاية للصوفيّة والعلمانيّة التي تسوي بين الأديان ، بل إنّ جميعهم صاروا حلفاً واحداً ، ضد أهل التوحيد والسنّة ،
🔺ولو سألت قادة حماس لماذا تقفون صفاً واحداً مع إيران مع فساد عقائدهم وعظم جرائمها في أهل السُنّة في العراق وسوريا ، لأجابوك لأجل مصلحة الحركة وبقائها ،
🔺ولو سألت قادة إيران
لماذا تدعمون الحركة مع أنّه لا يوجد في عقيدتكم قتال اليهود ، لأجابوك لأجل كسب الشرعيّة في صراعنا مع أهل السنّة ،
🔺ولو سألت قادة تركيا لماذا تقيمون علاقات مع إسرائيل عسكرية وإقتصاديّة وفي المقابل تُؤوون الإخوان المسلمين ومنهم قادة حماس؟ لأجابوك لو قطعنا العلاقات مع اسرائيل لم نبق في الحكم يوماً واحداً ، وأمّا إيواؤنا للإخوان المسلمين فلكسب شرعيتنا في توسعنا في البلاد العربية وتوسع نفوذنا فيها ، قال تعالى ( وَیَوۡمَ یَحۡشُرُهُمۡ جَمِیعࣰا یَـٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ قَدِ ٱسۡتَكۡثَرۡتُم مِّنَ ٱلۡإِنسِۖ وَقَالَ أَوۡلِیَاۤؤُهُم مِّنَ ٱلۡإِنسِ رَبَّنَا ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضࣲ وَبَلَغۡنَاۤ أَجَلَنَا ٱلَّذِیۤ أَجَّلۡتَ لَنَاۚ قَالَ ٱلنَّارُ مَثۡوَىٰكُمۡ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۤ إِلَّا مَا شَاۤءَ ٱللَّهُۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِیمٌ عَلِیمࣱ )
🔺ولو سألت الجميع عن مّلة إبراهيم التي فارقنا فيها اليهود والنصارى لم يعرفوها ، واليهود والنصارى يعرفونها ولذلك أطلقوا أيديهم للتوسع في بلاد المسلمين ، لأنّهم يعلمون قطعاً أنّه لاخطر عليهم منهم ، فهم لا يحملون العقيدة التي هدّ أصحابها دولتي فارس
والروم والتي انتشرت في عقر دارهم، لا يحملون العقيدة التي يؤيد
الله أهلها وينصرهم ،
🔹فاليهود والنصارى يعلمون علم اليقين أنّ صراعهم مع المسلمين لا يخلو من أمرين:
🔺إمّا أن يكون مداره على قوّة السلاح، فهم الأقوى الآن.
🔺وإمّا أن يكون مداره على العقيدة، فالموازين حينئذٍ تختلف وتدخل فيها سُنن الله الربّانيّة ، وهذا ما يخشونه،
🔺ولهذا يدعمون كل حركة إسلاميّة لا تقوم على العقيدة وملّة إبراهيم ودين محمد ﷺ ومنهاج أبي بكر وعمر ،
↩️وعليه فإن على المسلم في مثل هذه الأوضاع التي التبس فيها الحق بالباطل لزوم الكتاب والسنّة ومنهاج السلف الصالح ، وأن يربأ بنفسه أن يكون دُمية بيد أهل الباطل ، وأن يكون
ولاؤه وبراؤه للخلق بميزان العقيدة ،
↩️وعليه بالتؤدة كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : « إِنَّهَا سَتَكُونُ هَنَاتٌ، وَأُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ ، فَعَلَيْك بِالتُّؤَدَةِ، فَتَكُونُ تَابِعًا فِي الْخَيْرِ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَكُونَ رَأْسًا فِي الشَّرِّ ". رواه ابن أبي شيبة في المصنف،
↩️ولْيعلم أنّ أعظم الإنتصار هو تمسُكهُ بعقيدته في وقت ضل فيه أكثر الخلق.
📜قال تعالى:{ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } [آل عمران:55].
والله أعلم
بقاء الدين ببقاء العلماء أهل السُنّة والجماعة
📖 قال تعالى: ﴿ یُرِیدُونَ لِیُطۡفِـُٔوا۟ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَ هِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ ﴾ [الصف : ٨ ]
📌وفيها من العلم :
📚 أنّ أعظم ما يسعى له أهل الضلال إطفاء نور الكتاب والسُنّة " أيْ بِما يَقُولُونَ مِنَ الكَذِبِ لا مَنشَأ لَهُ غَيْرُ الأفْواهِ لِأنَّهُ لا اعْتِقادَ لَهُ في القُلُوبِ لِكَوْنِهِ لا يَتَخَيَّلُهُ عاقِلٌ، فَهم في ذَلِكَ كالنّافِخِينَ في الشَّمْسِ إرادَةَ أنْ يَمْحُوَ نَفْخُهم عَيْنَها ويَنْقُصَ شَيْنُهم زَيْنَها، فَمَثَّلَ إرادَتَهم لِإخْفاءِ القُرْآنِ بِتَكْذِيبِهِمْ وجَمِيعِ كَيْدِهِمْ بِمَن يُرِيدُ إطْفاءَ الشَّمْسِ بِنَفْخِهِ فَهو في أجْهَدِ وأضَلِّ الضَّلالِ " انتهى من تفسير البقاعي .
📝 وفي الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّو "
📚 وقال شيخ الإسلام -رحمه الله - : " إذْ تطهيرُ سبيلِ اللهِ ودينهِ ومنهاجهِ وشِرْعَتِهِ ودفعِ بغيِ هؤلاءِ وعُدوانهِم على ذلكَ واجبٌ على الكفايةِ باتفاقِ المسلمينَ، ولولا مَنْ يُقيمُهُ اللهُ لدفعِ ضَرَرِ هؤلاءِ لفَسَدَ الدِّينُ، وكانَ فسادُهُ أعظَمَ من فسادِ استيلاءِ العَدُوِّ من أهلِ الحرْبِ، فإنَّ هؤلاءِ إذا استَوْلَوْا لم يُفسدُوا القلوبَ وما فيها من الدِّينِ إلا تَبَعَاً، وأمَّا أُولئكَ فهم يُفسدونَ القلوبَ ابتداءً " انتهى من المجموع
📚 وقال ابن القيّم -رحمه الله- : " فكشْف عورات هؤلاء، وبيان فضائحهم، وفساد قواعدهم: من أفضل الجهاد في سبيل الله، وقد قال النبيﷺ لحسان: "إن روح القدس معك ما دمت تنافح عن رسوله" وقال عن هجائه لهم: " والذي نفسي بيده لهو أشد فيهم من النَبل " . الصواعق المرسلة
📚 وقال الشوكاني -رحمه الله- : " ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻔﺴﺪﺓ اﺗﺒﺎﻉ ﺃﻫﻮﻳﺔ اﻟﻤﺒﺘﺪﻋﺔ ﺃﺷﺪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﻔﺴﺪﺓ اﺗﺒﺎﻉ ﺃﻫﻮﻳﺔ ﺃﻫﻞ اﻟﻤﻠﻞ، ﻓﺈﻥ اﻟﻤﺒﺘﺪﻋﺔ ﻳﻨﺘﻤﻮﻥ ﺇﻟﻰ اﻹﺳﻼﻡ، ﻭﻳﻈﻬﺮﻭﻥ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻨﺼﺮﻭﻥ اﻟﺪﻳﻦ ﻭﻳﺘﺒﻌﻮﻥ ﺃﺣﺴﻨﻪ، ﻭﻫﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ اﻟﻀﺪ ﻟﻤﺎ ﻫﻨﺎﻟﻚ، ﻓﻼ ﻳﺰاﻟﻮﻥ ﻳﻨﻘﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﻳﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻮﻳﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﺪﻋﺔ ﺇﻟﻰ ﺑﺪﻋﺔ، ﻭﻳﺪﻓﻌﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺷﻨﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺷﻨﻌﺔ، ﺣﺘﻰ ﻳﺴﻠﺨﻮﻩ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﻭﻳﺨﺮﺟﻮﻧﻪ ﻣﻨﻪ، ﻭﻫﻮ ﻳﻈﻦ ﺃﻧﻪ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﺼﻤﻴﻢ، ﻭﺃﻥ اﻟﺼﺮاﻁ اﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻮ اﻟﺼﺮاﻁ اﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ، ﻫﺬا ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻋﺪاﺩ اﻟﻤﻘﺼﺮﻳﻦ، ﻭﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴن ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻭاﻟﻔﻬﻢ اﻟﻤﻤﻴﺰﻳﻦ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﻖ ﻭاﻟﺒﺎﻃﻞ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ اﺗﺒﺎﻋﻪ ﻷﻫﻮﻳﺘﻬﻢ ﻣﻤﻦ ﺃﺿﻠﻪ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﻭﺧﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒﻪ، ﻭﺻﺎﺭ ﻧﻘﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩ اﻟﻠﻪ ﻭﻣﺼﻴﺒﺔ ﺻﺒﻬﺎ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻘﺼﺮﻳﻦ، ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﻋﻠﻤﻪ ﻭﻓﻬﻤﻪ ﻻ ﻳﻤﻴﻞ ﺇﻻ ﺇﻟﻰ ﺣﻖ، ﻭﻻ ﻳﺘﺒﻊ ﺇﻻ اﻟﺼﻮاﺏ، ﻓﻴﻀﻠﻮﻥ ﺑﻀﻼﻟﻪ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﺛﻤﻪ ﻭﺇﺛﻢ ﻣﻦ اﻗﺘﺪﻯ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻧﺴﺄﻝ اﻟﻠﻪ اﻟﻠﻄﻒ ﻭاﻟﺴﻼﻣﺔ ﻭاﻟﻬﺪاﻳﺔ" .
فتح القدير” 1/ 179
📚 وقال شيخ الإسلام " الراد على أهل البدع مُجَاهِدٌ، حتى كان يحيى بن يحيى يقول: الذب عن السنة أفضل من الجهاد " المجموع
📚 وقال ابن القيّم " فَجِهَادُ المُنَافِقِينَ أَصْعَبُ مِنْ جِهَادِ الْكُفَّارِ، وَهُوَ جِهَادُ خَوَاصِّ الْأُمَّةِ وَوَرَثَةِ الرُّسُلِ، وَالْقَائِمُونَ بِهِ أَفْرَادٌ فِي الْعَالَمِ، وَالمُشَارِكُونَ فِيهِ وَالمُعَاوِنُونَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانُوا هُمُ الْأَقَلِّينَ عَدَداً، فَهُمُ الْأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللَّه قَدْراً "
زاد المعاد
📖 قال تعالى: ﴿ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ ٱتَّقِ ٱللَّهۚ وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ وَٱلۡمُنَـٰفِقِینَۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِیمًا حَكِیمࣰا ﴾ [الأحزاب : ١ ]
والله أعلم .
إذا غابت العقيدة عن القلوب والأذهان ظهر الغلو والتطرف وانقاد الناس لكل ناعق
📖 قال تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِی مُسۡتَقِیمࣰا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُوا۟ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِیلِهِۦۚ ذَ لِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام : ١٥٣ ]
📌وفيها من العلم :
📚 قال الحسن البصري -رحمه الله- : “ سُنَّتُكُمْ – وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ بَيْنَهُمَا ؛ بَيْنَ الْغَالِي وَالْجَافِي ، فَاصْبِرُوا عَلَيْهَا رَحِمَكُمُ اللَّهُ، فَإِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ كَانُوا أَقَلَّ النَّاسِ فِيمَا مَضَى، وَهُمْ أَقَلُّ النَّاسِ فِيمَا بَقِيَ: الَّذِينَ لَمْ يَذْهَبُوا مَعَ أَهْلِ الْإِتْرَافِ فِي إِتْرَافِهِمْ، وَلَا مَعَ أَهْلِ الْبِدَعِ فِي بِدَعِهِمْ، وَصَبَرُوا عَلَى سُنَّتِهِمْ حَتَّى لَقُوا رَبَّهُمْ فكذاكمْ – إِنْ شَاءَ اللَّهُ – فَكُونُوا "
👈 فلزوم هذه الطَّريق يحميك من الوقوع في مُستنقع الفِرَق التي هي طرق هلاك وانحراف، ومناهج تطرف واختلاف تخالف القرآن والسُّنّة، وتهدِّد الأمن والجماعة .
📚 وقال الحسن البصري -رحمه الله - : " العامل على غير علم كالسّالك على غير طريق، والعامل على غير علم ما يفسد أكثر ممّا يصلح، فاطلبوا العلم طلبًا لا تضرُّوا بالعبادة، واطلبوا العبادة طلبًا لا تضرُّوا بالعلم، فإن قومًا طلبوا العبادة وتركوا العلم حتى خرجوا بأسيافهم على أمّة محمّد صلى الله عليه وسلم، ولو طلبوا العلم لم يدلّهم على ما فعلوا "
✍️ فجميعُ هذه الفِرق مخالفة للكتاب والسنة وما عليه الصحابة -رضي الله عنهم- وما من فِرقة إلا كان أصلُ انحرافِها مخالفةَ أحدِ هذه الأصول الثلاثة، فهذا أصل التطرف والانحراف ومنشؤه .
✍️ وقد توعّد الله من خالف هذه الأصول .
📖 فقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء : ١١٥ ]
📝 روى الدارمي بسند صحيح عن أبي قلابة ، قال " ما ابتدع قوم بدعة قط ، إلا استحلوا بها السيف "
✍️ وهذا ماوقع لبني اسرائيل لمّا وقعوا في عبادة العجل، 📖 فقال تعالى: ﴿ قَالَ ٱبۡنَ أُمَّ إِنَّ ٱلۡقَوۡمَ ٱسۡتَضۡعَفُونِی وَكَادُوا۟ یَقۡتُلُونَنِی ﴾ [الأعراف : ١٥٠ ]
✍️ وهو ماجرى لعثمان وعلي رضي الله عنهما .
✍️ ومن هنا حذر النبي ﷺ من الخوارج قبل خروجهم ، لما يترتب على خروجهم من الفساد و الإفتراق في الأمّة .
📝 قال شيخ الإسلام -رحمه الله - " مع أمر رسول الله ﷺ بقتالهم في الأحاديث الصحيحة وما روي من أنهم شر قتلى تحت أديم السماء خير قتيل من قتلوه في الحديث الذي رواه أبو أمامة رواه الترمذي وغيره أي أنهم شر على المسلمين من غيرهم فإنهم لم يكن أحد شرا على المسلمين منهم لا اليهود ولا النصارى فإنهم كانوا مجتهدين في قتل كل مسلم لم يوافقهم مستحلين لدماء المسلمين وأموالهم وقتل أولادهم مكفرين لهم وكانوا متدينين بذلك لعظم جهلهم وبدعتهم المضلة "
انتهى من منهاج السنّة .
📖 و قال تعالى: ﴿ فَهَلۡ عَسَیۡتُمۡ إِن تَوَلَّیۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوۤا۟ أَرۡحَامَكُمۡ ، أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمۡ وَأَعۡمَىٰۤ أَبۡصَـٰرَهُمۡ ﴾ [محمد : ٢٢ ]
والله أعلم .
أزمة في العقول لا في النقول
📖 قال تعالى: ﴿ إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَاۤبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلۡبُكۡمُ ٱلَّذِینَ لَا یَعۡقِلُونَ ﴾ [الأنفال : ٢٢ ]
📖 قال تعالى: ﴿ وَمَا مَنَعَنَاۤ أَن نُّرۡسِلَ بِٱلۡـَٔایَـٰتِ إِلَّاۤ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلۡأَوَّلُونَۚ وَءَاتَیۡنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبۡصِرَةࣰ فَظَلَمُوا۟ بِهَاۚ وَمَا نُرۡسِلُ بِٱلۡـَٔایَـٰتِ إِلَّا تَخۡوِیفࣰا ﴾ [الإسراء : ٥٩ ]
📖 قال تعالى: ﴿ ٱلۡـَٔـٰنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمۡ وَعَلِمَ أَنَّ فِیكُمۡ ضَعۡفࣰاۚ ﴾ [الأنفال : ٦٦ ]
📖 قال تعالى: ﴿ مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِیمَـٰنِهِۦۤ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَىِٕنُّ بِٱلۡإِیمَـٰنِ ﴾ [النحل : ١٠٦ ]
📌وفيها من العلم :
📝 " أنَّ الأوَّلِينَ شاهَدُوا هَذِهِ المُعْجِزاتِ وكَذَّبُوا بِها، فَعَلِمَ اللَّهُ مِنكم أيْضًا أنَّكم لَوْ شاهَدْتُمُوها لَكَذَّبْتُمْ فَكانَ إظْهارُها عَبَثًا، والعَبَثُ لا يَفْعَلُهُ الحَكِيمُ " انتهى من التفسير الكبير .
📖 وفي قال تعالى: ﴿ ٱلۡـَٔـٰنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمۡ وَعَلِمَ أَنَّ فِیكُمۡ ضَعۡفࣰاۚ ﴾ [الأنفال : ٦٦ ]
📚 أخْرَجَ البُخارِيُّ وابْنُ أبِي حاتِمٍ ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، مِن طَرِيقِ سُفْيانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ: ﴿ إنْ يَكُنْ مِنكم عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وإنْ يَكُنْ مِنكم مِائَةٌ يَغْلِبُوا ألْفًا ﴾ فَكَتَبَ عَلَيْهِمْ أنْ لا يَفِرَّ واحِدٌ مِن عَشَرَةٍ، وأنْ لا يَفِرَّ عِشْرُونَ مِن مِائَتَيْنِ، ثُمَّ نَزَلَتْ: ﴿ الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ … ﴾ الآيَةَ. فَكَتَبَ أنْ لا يَفِرَّ مِائَةٌ مِن مِائَتَيْنِ. قالَ سُفْيانُ ، وقالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: وأرى الأمْرَ بِالمَعْرُوفِ، والنَّهْيَ عَنِ المُنْكَرِ مِثْلَ هَذا؛ إنْ كانا رَجُلَيْنِ أمَرَهُما، وإنْ كانُوا ثَلاثَةً فَهو في سَعَةٍ مِن تَرْكِهِمْ "
📖 وفي قال تعالى: ﴿ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَىِٕنُّ بِٱلۡإِیمَـٰنِ ﴾
✍️ ترجيح المصلحة الضرورية بالحفاظ على النفس
على مفسدة النطق بكلمة الكفر مع إطمئنان القلب بالإيمان .
↩️ وفيها التنبيه ! إلى ترك إنكار المنكر باليد واللسان مع كراهته إذا ترتب عليه ضرر في النفس .
↩️ و قال شيخ الإسلام -رحمه الله- : " ومن أنكر أن يكون للفعل صفات ذاتية لم يحسن إلا لتعلق الأمر به وأن الأحكام بمجرد نسبة الخطاب إلى الفعل فقط ، فقد أنكر ما جاءت به الشرائع من المصالح والمفاسد والمعروف والمنكر وما في الشريعة من المناسبات بين الأحكام وعللها وأنكر خاصة الفقه في الدين الذي هو معرفة حكمة الشريعة ومقاصدها ومحاسنها " المجموع .
↩️ وقال ابن القيّم -رحمه الله- : " وَالْقُرْآن وَسنة رَسُول الله مملوآن من تَعْلِيل الْأَحْكَام بالحكم والمصالح وتعليل الْخلق بهما والتنبيه على وُجُوه الحكم الَّتِي لأَجلهَا شرع تِلْكَ الإحكام ولأجلها خلق تِلْكَ الْأَعْيَان وَلَو كَانَ هَذَا فِي الْقُرْآن وَالسّنة فِي نَحْو مائَة مَوضِع أَو مِائَتَيْنِ لسقناها وَلكنه يزِيد على ألف مَوضِع بطرق متنوعة " إعلام الموقعين .
↩️ وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-" فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير ولا دفع أخف الضررين بتحصيل أعظم الضررين فإن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان. ومطلوبها ترجيح خير الخيرين إذا لم يمكن أن يجتمعا جميعا ودفع شر الشرين إذا لم يندفعا جميعا " المجموع .
↩️ وقال -رحمه الله-" أن الأمر بقتال الطائفة الباغية مشروط بالقدرة والإمكان. إذ ليس قتالهم بأولى من قتال المشركين والكفار ومعلوم أن ذلك مشروط بالقدرة والإمكان فقد تكون المصلحة المشروعة أحياناً هي التآلف بالمال والمسالمة والمعاهدة كما فعله النبي ﷺ غير مرة والإمام إذا اعتقد وجود القدرة ولم تكن حاصلة كان الترك في نفس الأمر أصلح ، وقد أمر الله تعالى عند التنازع بالرد إلى الله والرسول . ويشهد لذلك أن الرسول أخبر بظلم الأمراء بعده وبغيهم ونهى عن قتالهم لأن ذلك غير مقدور ؛ إذ مفسدته أعظم من مصلحته ؛ كما نهي المسلمون في أول الإسلام عن القتال كما ذكره بقوله: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ﴾ [النساء : ٧٧ ] وكما كان النبي ﷺ وأصحابه مأمورين بالصبر على أذى المشركين والمنافقين والعفو والصفح عنهم حتى يأتي الله بأمره " المجموع .
↩️ وقال -رحمه الله- :" فالمنهي عنه إذا زاد شره بالنهي وكان النهي مصلحة راجحة كان حسناً ، وأما إذا زاد شره وعظم وليس في مقابلته خير يفوته لم يشرع إلا أن يكون في مقابلته مصلحة زائدة فإن أدى ذلك إلى شر أعظم منه لم يشرع مثل أن يكون الآمر لا صبر له فيؤذى فيجزع جزعاً شديداً يصير به مذنباً وينتقص به إيمانه ودينه.
فهذا لم يحصل به خير لا له ولا لأولئك ؛ بخلاف ما إذا صبر واتقى الله وجاهد ولم يتعد حدود الله بل استعمل التقوى والصبر؛ فإن هذا تكون عاقبته حميدة " المجموع .
↩️ وقال -رحمه الله- : " وإذا كان كذلك فمعلوم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإتمامه بالجهاد هو من أعظم المعروف الذي أمرنا به؛ ولهذا قِيل : ليكن أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر غير منكر . وإذا كان هو من أعظم الواجبات والمستحبات فالواجبات والمستحبات لا بد أن تكون المصلحة فيها راجحة على المفسدة ؛ إذ بهذا بعثت الرسل ونزلت الكتب والله لا يحب الفساد ؛ بل كل ما أمر الله به فهو صلاح. وقد أثنى الله على الصلاح والمصلحين والذين آمنوا وعملوا الصالحات وذم المفسدين في غير موضع فحيث كانت مفسدة الأمر والنهي أعظم من مصلحته لم تكن مما أمر الله به وإن كان قد ترك واجب وفعل محرم ؛ إذ المؤمن عليه أن يتقي الله في عباده وليس عليه هداهم " المجموع .
↩️ وقال -رحمه الله- : " والفريق الثاني : من يريد أن يأمر وينهى إما بلسانه وإما بيده مطلقا ؛ من غير فقه وحلم وصبر ونظر فيما يصلح من ذلك وما لا يصلح وما يقدر عليه وما لا يقدر كما في " حديث أبي ثعلبة الخشني: سألت عنها رسول الله ﷺ قال : " بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً وهوىً متبعاً ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه ورأيت أمرا لا يدان لك به فعليك بنفسك ودع عنك أمر العوام ؛ فإن من ورائك أيام ، الصبر فيهن على مثل قبض على الجمر للعامل فيهن كأجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله " .
فيأتي بالأمر والنهي معتقداً أنه مطيع في ذلك لله ورسوله وهو معتدٍ في حدوده كما انتصب كثير من أهل البدع والأهواء ؛ كالخوارج والمعتزلة والرافضة؛ وغيرهم ممن غلط فيما أتاه من الأمر والنهي والجهاد على ذلك وكان فساده أعظم من صلاحه؛ ولهذا أمر النبي ﷺ بالصبر على جور الأئمة؛ ونهى عن قتالهم ما أقاموا الصلاة وقال: " أدوا إليهم حقوقهم وسلوا الله حقوقكم " المجموع .
↩️ وقال -رحمه الله- : " وعلى هذا إذا كان الشخص أو الطائفة جامعين بين معروف ومنكر بحيث لا يفرقون بينهما؛ بل إما أن يفعلوهما جميعا ؛ أو يتركوها جميعا: لم يجز أن يؤمروا بمعروف ولا أن ينهوا من منكر ؛ ينظر : فإن كان المعروف أكثر أمر به ؛ وإن استلزم ما هو دونه من المنكر. ولم ينه عن منكر يستلزم تفويت معروف أعظم منه ؛ بل يكون النهي حينئذ من باب الصد عن سبيل الله والسعي في زوال طاعته وطاعة رسوله وزوال فعل الحسنات وإن كان المنكر أغلب نهى عنه ؛ وإن استلزم فوات ما هو دونه من المعروف. ويكون الأمر بذلك المعروف المستلزم للمنكر الزائد عليه أمرا بمنكر وسعيا في معصية الله ورسوله. وإن تكافأ المعروف والمنكر المتلازمان لم يؤمر بهما ولم ينه عنهما. فتارة يصلح الأمر ؛ وتارة يصلح النهي ؛ وتارة لا يصلح لا أمر ولا نهي حيث كان المعروف والمنكر متلازمين؛ وذلك في الأمور المعينة الواقعة " المجموع .
↩️ وقال ابن القيّم -رحمه الله- : "فَتَأمل كَيفَ جَاءَ كل حكم فِي وقته مطابقا للْمصْلحَة وَالْحكمَة شَاهدا لله بِأَنَّهُ أحكم الْحَاكِمين وأرحم الرَّاحِمِينَ الَّذِي بهرت حكمته الْعُقُول والألباب وبدا على صفحاتها بِأَن مَا خالفها هُوَ الْبَاطِل وَأَنَّهَا هِيَ عين الْمصلحَة وَالصَّوَاب وَمن هَذَا أمره سُبْحَانَهُ لَهُم بالأعراض عَن الْكَافرين وَترك آذاهم وَالصَّبْر عَلَيْهِم وَالْعَفو عَنْهُم لما كَانَ ذَلِك عين الْمصلحَة لقلَّة عدد الْمُسلمين وَضعف شوكتهم وَغَلَبَة عدوهم فَكَانَ هَذَا فِي حَقهم إِذْ ذَاك عين الْمصلحَة فَلَمَّا تحيزوا إِلَى دَار وَكثر عَددهمْ وقويت شوكتهم وتجرأت أنفسهم لمناجزة عدوهم أذن لَهُم فِي ذَلِك أذنا من غير إِيجَاب عَلَيْهِم ليذيقهم حلاوة النَّصْر وَالظفر وَعز الْغَلَبَة وَكَانَ الْجِهَاد أشق شَيْء على النُّفُوس فَجعله أَولا إِلَى اختيارهم إِذْنا لاحتما فَلَمَّا ذاقوا عز النَّصْر الظفر وَعرفُوا عواقبه الحميدة أوجبه عَلَيْهِم حتما فانقادوا لَهُ طَوْعًا ورغبة ومحبة فَلَو أَتَاهُم الْأَمر بِهِ مفاجأة على ضعف وَقلة لنفروا عَنهُ أَشد النفار "
مفتاح دار السعادة .
📖 قال تعالى: ﴿ لَّیۡسَ عَلَى ٱلضُّعَفَاۤءِ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرۡضَىٰ وَلَا عَلَى ٱلَّذِینَ لَا یَجِدُونَ مَا یُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا۟ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِینَ مِن سَبِیلࣲۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ ﴾
[التوبة : ٩١ ]
والله أعلم .
نجاح الدعوات على قدر صلاح أئمتها وأتباعها
📖 قال تعالى: ﴿... وَاجعَلنا لِلمُتَّقينَ إِمامًا﴾ [الفرقان: ٧٤].
📖وقال تعالى: ﴿... وَما أُريدُ أَن أُخالِفَكُم إِلى ما أَنهاكُم عَنهُ إِن أُريدُ إِلَّا الإِصلاحَ مَا استَطَعتُ وَما تَوفيقي إِلّا بِاللَّهِ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَإِلَيهِ أُنيبُ﴾ [هود: ٨٨].
📖وقال تعالى: ﴿ادعوا رَبَّكُم تَضَرُّعًا وَخُفيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعتَدينَ * وَلا تُفسِدوا فِي الأَرضِ بَعدَ إِصلاحِها وَادعوهُ خَوفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحمَتَ اللَّهِ قَريبٌ مِنَ المُحسِنينَ﴾ [الأعراف: ٥٥-٥٦].
📌وفيها من العلم:
📝 تأمل مجيء قوله تعالى: {وَلَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَـٰحِهَا} بعد قوله تعالى: {ٱدۡعُوا۟ رَبَّكُمۡ تَضَرُّعࣰا وَخُفۡیَةًۚ إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِینَ} يدلك على أنّ دعاء غير الله أعظم الفساد في الأرض وأنّه أعظم من سفك الدماء وغيره من الذنوب، ولهذا بدأت به الملائكة في قوله تعالى: {قَالُوۤا۟ أَتَجۡعَلُ فِیهَا مَن یُفۡسِدُ فِیهَا وَیَسۡفِكُ ٱلدِّمَاۤءَ}.
📖وقال تعالى: ﴿وَقاتِلوهُم حَتّى لا تَكونَ فِتنَةٌ وَيَكونَ الدّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوا فَلا عُدوانَ إِلّا عَلَى الظّالِمينَ﴾ [البقرة: ١٩٣]. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في «الدَّلائِلِ» مِن طُرُقٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ -رضي الله عنه- في قَوْلِهِ: "﴿وقاتِلُوهم حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾. يَقُولُ: شِرْكٌ بِاللَّهِ، ﴿ويَكُونَ الدِّينُ﴾ ويَخْلُصُ التَّوْحِيدُ لِلَّهِ".
📝وفي قوله تعالى: {وَٱجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِینَ إِمَامًا} التنبيه إلى أنّ الأتباع إذا لم يكونوا على هدى وعلم نافع فإنّهم كما قال تعالى: ﴿فَاستَخَفَّ قَومَهُ فَأَطاعوهُ إِنَّهُم كانوا قَومًا فاسِقينَ﴾ [الزخرف: ٥٤].
↩️وقال تعالى: ﴿وَمِنهُم أُمِّيّونَ لا يَعلَمونَ الكِتابَ إِلّا أَمانِيَّ وَإِن هُم إِلّا يَظُنّونَ﴾ [البقرة: ٧٨]..
↩️وكما قالﷺ: ((وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ)) رواه احمد وابوداود بسند صحيح.
📝وفي قوله تعالى: {وَما أُريدُ أَن أُخالِفَكُم إِلى ما أَنهاكُم عَنهُ} تحذير الدعاة من مخالفة الكتاب والسُنّة وخيانة الأمانة، قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَخونُوا اللَّهَ وَالرَّسولَ وَتَخونوا أَماناتِكُم وَأَنتُم تَعلَمونَ﴾ [الأنفال: ٢٧].
📝وفي قوله تعالى: {وَٱدۡعُوهُ خَوۡفࣰا وَطَمَعًاۚ} الحض على ملازمة الدعاء في الرخاء والشدّة وأنّ رحمة الله قريب من أهل التوحيد الملازمين للدعاء.
📖وقال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذينَ حُمِّلُوا التَّوراةَ ثُمَّ لَم يَحمِلوها كَمَثَلِ الحِمارِ يَحمِلُ أَسفارًا بِئسَ مَثَلُ القَومِ الَّذينَ كَذَّبوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهدِي القَومَ الظّالِمينَ﴾ [الجمعة: ٥].
والله أعلم.
إنّكار الصحابة على من رد السُنن
📖 قال تعالى: ﴿ فَلۡیَحۡذَرِ ٱلَّذِینَ یُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦۤ أَن تُصِیبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ یُصِیبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمٌ ﴾ [النور : ٦٣ ]
📖 قال تعالى: ﴿ ٱئۡتُونِی بِكِتَـٰبࣲ مِّن قَبۡلِ هَـٰذَاۤ أَوۡ أَثَـٰرَةࣲ مِّنۡ عِلۡمٍ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ ﴾ [الأحقاف : ٤ ]
📌وفيها من العلم :
📝 الإشارة إلى مارواه مسلم عن أبي قَتَادَةَ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي رَهْطٍ مِنَّا، وَفِينَا بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ، فَحَدَّثَنَا عِمْرَانُ يَوْمَئِذٍ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ ". قَالَ : أَوْ قَالَ : " الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ ". فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ : إِنَّا لَنَجِدُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَوِ الْحِكْمَةِ : أَنَّ مِنْهُ سَكِينَةً وَوَقَارًا لِلَّهِ، وَمِنْهُ ضَعْفٌ. قَالَ : فَغَضِبَ عِمْرَانُ حَتَّى احْمَرَّتَا عَيْنَاهُ. وَقَالَ : أَلَا أَرَى أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُعَارِضُ فِيهِ ؟ قَالَ : فَأَعَادَ عِمْرَانُ الْحَدِيثَ. قَالَ : فَأَعَادَ بُشَيْرٌ، فَغَضِبَ عِمْرَانُ. قَالَ : فَمَا زِلْنَا نَقُولُ فِيهِ : إِنَّهُ مِنَّا يَا أَبَا نُجَيْدٍ، إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ "
📝 ومارواه عن سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا ". قَالَ : فَقَالَ بِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ. قَالَ : فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ، فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَقَالَ : أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقُولُ : وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ "
📝 وماروه الشيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ ، أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَخْذِفُ ، فَقَالَ لَهُ : لَا تَخْذِفْ ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْخَذْفِ - أَوْ كَانَ يَكْرَهُ الْخَذْفَ - وَقَالَ : " إِنَّهُ لَا يُصَادُ بِهِ صَيْدٌ، وَلَا يُنْكَى بِهِ عَدُوٌّ، وَلَكِنَّهَا قَدْ تَكْسِرُ السِّنَّ، وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ ". ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَخْذِفُ، فَقَالَ لَهُ : أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْخَذْفِ - أَوْ كَرِهَ الْخَذْفَ - وَأَنْتَ تَخْذِفُ ؟ لَا أُكَلِّمُكَ كَذَا وَكَذَا "
📝 وروى مسلم عن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَزَالُونَ يَسْأَلُونَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ حَتَّى يَقُولُوا : هَذَا اللَّهُ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ ؟ " قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا فِي الْمَسْجِدِ، إِذْ جَاءَنِي نَاسٌ مِنَ الْأَعْرَابِ، فَقَالُوا : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَذَا اللَّهُ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ ؟ قَالَ : فَأَخَذَ حَصًى بِكَفِّهِ، فَرَمَاهُمْ، ثُمَّ قَالَ : قُومُوا، قُومُوا، صَدَقَ خَلِيلِي "
📝 ومارواه ابن ماجة بإسناد حسن عن عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : حَدَّثَ ابْنُ سِيرِينَ رَجُلًا بِحَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَجُلٌ : قَالَ فُلَانٌ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ : أُحَدِّثُكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقُولُ : قَالَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ كَذَا وَكَذَا ؟ لَا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا "
📚 قال ابن الجوزي :" قد كان الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل لشدة تمسكه بالسنة، ونهيه عن البدعة يتكلم في جماعة من الأخيار إذا صدر منهم ما يخالف السنة، وكلامه ذلك محمول على النصيحة للدين"
📚 وقال ابن رجب -رحمه الله- :"من علامات العلم النافع أن صاحبه لا يدعي العلم ولا يفخر به على أحد ولا ينسب غيره إلى الجهل إلا من خالف السنة وأهلها فإنه يتكلم فيه غضباً لله لا غضباً لنفسه ولا قصداً لرفعتها على أحد" انتهى
فلا زال أهل العلم يردون على من خالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى كل من وقع في الباطل، ولو كان هذا المخالف يظهر السنة، والتمسك بها، ويظهر تمسكه بالمنهج السلفي والغيرة، فيناصحونه أولاً ويطالبونه بالرجوع عما خالف فيه السنة أو عما وقع فيه من مخالفة وطعن في أهل العلم والسنة، فإذا لم يتراجع عن باطله، ويقف عند حده، أظهروا ردهم عليه، وقد يردون عليه ابتداءاً إذا بلغهم خبره وسئلوا عن ذلك فلا يكتمون محابة أو مجاملة .
📖 قال تعالى: ﴿ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ فَعَلُوا۟ مَا یُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَیۡرࣰا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِیتࣰا ﴾ [النساء : ٦٦ ]
والله اعلم.
من أبرز علامات أهل الأهواء
📖 قال تعالى: ﴿ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفۡعَلُونَ * كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُوا۟ مَا لَا تَفۡعَلُونَ ﴾ [الصف : ٢ - ٣ ]
📌وفيها من العلم :
📚 الإشارة وروى مسلم عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : بَعَثَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ إِلَى قُرَّاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ ثَلَاثُمِائَةِ رَجُلٍ قَدْ قَرَءُوا الْقُرْآنَ، فَقَالَ : أَنْتُمْ خِيَارُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَقُرَّاؤُهُمْ فَاتْلُوهُ، وَلَا يَطُولَنَّ عَلَيْكُمُ الْأَمَدُ، فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ كَمَا قَسَتْ قُلُوبُ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَإِنَّا كُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً كُنَّا نُشَبِّهُهَا فِي الطُّولِ وَالشِّدَّةِ بِبَرَاءَةَ، فَأُنْسِيتُهَا غَيْرَ أَنِّي قَدْ حَفِظْتُ مِنْهَا : لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، وَكُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً كُنَّا نُشَبِّهُهَا بِإِحْدَى الْمُسَبِّحَاتِ، فَأُنْسِيتُهَا غَيْرَ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْهَا ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ فَتُكْتَبُ شَهَادَةً فِي أَعْنَاقِكُمْ فَتُسْأَلُونَ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ "
📚 ومارواه مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً " ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ "
📚 ومارواه البيهقي والطبراني وصححه الألباني عن أنسٍ - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - ﷺ -: " أتيتُ ليلةَ أُسرِي بي على قومٍ تُقرَض شِفاهُهم بِمَقارِيض من نارٍ، كلَّما قُرِضَتْ وَفَتْ، فقلتُ: يا جبريل، مَن هؤلاء؟ قال: خُطَباء أمَّتك الذين يقولون ما لا يفعَلُون، ويقرَؤُون كتابَ الله ولا يعمَلُون به "
📚 وقال شيخ الإسلام -رحمه الله- : " ولهم علامتان يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ "
📖 قال تعالى: ﴿ إِنَّكُمۡ لَفِی قَوۡلࣲ مُّخۡتَلِفࣲ * یُؤۡفَكُ عَنۡهُ مَنۡ أُفِكَ ﴾ [ الذاريات : ٨ - ٩ ]
والله أعلم .
اتقوا الدنيا واتقوا النساء
📖 قال تعالى: ﴿يُطافُ عَلَيهِم بِصِحافٍ مِن ذَهَبٍ وَأَكوابٍ وَفيها ما تَشتَهيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعيُنُ وَأَنتُم فيها خالِدونَ﴾ [الزخرف: ٧١].
📌وفيها من العلم:
📝 "لَمّا كانَتِ اللَّذَّةُ مَحْصُورَةً في المُشْتَهى قالَ تَعالى: ﴿ما تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ﴾ مِنَ الأشْياءِ المَعْقُولَةِ والمَسْمُوعَةِ والمَلْمُوسَةِ وغَيْرِها جَزاءً لَهم عَلى ما مَنَعُوا أنْفُسَهم مِنَ الشَّهَواتِ في الدُّنْيا، ولَمّا كانَ ما يَخُصُّ المُبْصِراتِ مِن ذَلِكَ أعْظَمَ، خَصَّها فَقالَ: ﴿وتَلَذُّ الأعْيُنُ﴾ مِنَ الأشْياءِ المُبْصِرَةِ الَّتِي أعْلاها النَّظَرُ إلى وجْهِهِ الكَرِيمِ تَعالى، جَزاءَ ما تَحَمَّلُوهُ مِن مَشاقِّ الِاشْتِياقِ". [انتهى من تفسير نظم الدرر للبقاعي].
📚وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول اللهﷺ: ((ثلاثة لا ترى أعينُهم النار يوم القيامة: عين بكت من خشية الله، وعين حرست في سبيل الله، وعين غضت عن محارم الله)). السلسلة الصحيحة، وله شاهد من حديث معاوية بن حيدة رواه الطبراني.
↩️وقال البخاري وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ لِلْحَسَنِ: "إِنَّ نِسَاءَ الْعَجَمِ يَكْشِفْنَ صُدُورَهُنَّ وَرُءُوسَهُنَّ؟. قَالَ: اصْرِفْ بَصَرَكَ. يَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}. وَقَالَ قَتَادَةُ: "عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُمْ". {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}. خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ مِنَ النَّظَرِ إِلَى مَا نُهِيَ عَنْهُ".
↩️وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي النَّظَرِ إِلَى الَّتِي لَمْ تَحِضْ مِنَ النِّسَاءِ: "لَا يَصْلُحُ النَّظَرُ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُنَّ مِمَّنْ يُشْتَهَى النَّظَرُ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً". وَكَرِهَ عَطَاءٌ النَّظَرَ إِلَى الْجَوَارِي يُبَعْنَ بِمَكَّةَ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَشْتَرِيَ" [انتهى من صحيح البخاري].
📜وقال ابن القيّم -رحمه الله-: "وفي غض البصر عدة فوائد:
👈أحدها: تخليص القلب من ألم الحسرة، فإنَّ من أطلق نظره دامت حسرته، فأضر شيء على القلب إرسال البصر، فإنه يريه ما يشتد طلبه ولا صبر له عنه، ولا وصول له إليه، و ذلك غاية ألمه وعذابه.
👈الثانية: أن غض البصر يورث القلب نورًا وإشراقًا يظهر في العين وفي الوجه وفي الجوارح، كما أن إطلاق البصر يورثه ظلمة تظهر في وجهه وجوارحه، ولهذا -والله أعلم- ذكر الله سبحانه آية النور في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ عقيب قوله ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾.
💡وجاء الحديث مطابقًا لهذا حتى كأنه مشتق منه وهو قولهﷺ: ((النظرة سهم مسموم من سهام إبليس فمن غض بصره عن محاسن امرأة أورث الله قلبه نورًا)) الحديث.
👈ومن مفاسد عدم غض البصر "فساد القلب -تشتت النفس - فقدان حلاوة الإيمان - فقدان لذة العبادة والخشوع - نسيان العلم وضعف الذاكرة - قسوة القلب والغفلة عن الآخرة - الوحشة - الظلمة - القلق الاكتئاب - فتح مدخل من مداخل الشيطان... إلخ.
📌فصاحب القلب السليم دائمًا يغض الطرف، وصاحب القلب المريض يستلذ بهذا السهم الذي فيه هلاكه، تمامًا كما يستلذ الأجرب بحك الجلد، وحك الجلد يزيد المرض ضررًا؛ لأنه يعمل على توسيع الطريق للحشرة حتى تتوغل فيه تحت جلده، فالأجرب يستلذ بهذا الحك وهو في الحقيقة يضر نفسه، كذلك الذي يطلق بصره فيما حرم الله فإنه يضر نفسه ويقع في الفاحشة، اللهم إنا نعوذ بك من شر سمعنا ومن شر بصرنا " [انتهى مختصراً من روضة المحبين].
📖وقال تعالى: ﴿وَلا تَقفُ ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنهُ مَسئولًا﴾ [الإسراء: ٣٦].
والله أعلم.
خطر الرافضة أعظم من خطر اليهود والنصارى
📖 قال تعالى: ﴿ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ بِطَانَةࣰ مِّن دُونِكُمۡ لَا یَأۡلُونَكُمۡ خَبَالࣰا وَدُّوا۟ مَا عَنِتُّمۡ قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَاۤءُ مِنۡ أَفۡوَ هِهِمۡ وَمَا تُخۡفِی صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ قَدۡ بَیَّنَّا لَكُمُ ٱلۡـَٔایَـٰتِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ ﴾ [آل عمران : ١١٨ ]
📌وفيها من العلم :
📚 قال القرطبي -رحمه الله- : "وفي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: " الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ ". وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: اعْتَبِرُوا النَّاسَ بِإِخْوَانِهِمْ. ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ نَهَى عَنِ الْمُوَاصَلَةِ فَقَالَ: " لَا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا " يَقُولُ فَسَادًا " انتهى .
📚 قال شيخ الإسلام -رحمه الله- :" فما رأينا في العالم طائفة أسوأ من حالهم في الدين والدنيا، ورأينا الذين هم تحت سياسة الملوك على الإطلاق خيرا من حالهم ،فمن كان تحت سياسة ملوك الكفار حالهم في الدين والدنيا أحسن من أحوال ملاحدتهم، كالنصيرية والإسماعيلية ونحوهم من الغلاة الذين يدعون الإلهية والنبوة في غير الرسول، أو يتخلون عن هذا كله ويعتقدون دين الإسلام، كالإمامية والزيدية فكل طائفة تحت سياسة ملوك السنة، ولو أن الملك كان أظلم الملوك في الدين والدنيا، حاله خير من حالهم "
انتهى من منهاج السنة .
↩️ إلى من داهنوا الرافضة على حساب عقيدتهم
إلى من ظنوا أن الرافضة يمكن أن يكونوا عوناً للإسلام والمسلمين .
↩️ إلى من جهلوا خطر الرافضة على الإسلام والمسلمين
↩️ إلى من جهلوا مواقف السلف وعلماء المسلمين من الرافضة هذا موقف تاريخي من رجل فلسطيني في القرن الرابع الهجري يحكيه ابن كثير في تاريخه في فترة حكم العبيديين الرافضة لمصر أقرأ لتعرف كيف كان المسلمون الأوائل يعظمون الإسلام ويعرفون من هم الأخطر من أعدائه على الإسلام والمسلمين .
✍️ قال ابن كثير -رحمه الله- :" قدم المعز بعد ذلك ومعه جحافل من الجيوش، وأمراء من المغاربة والأكابر، وحين نزل الإسكندرية تلقاه وجوه الناس فخطبهم بها خطبة بليغة ادعى فيها أنه ينصف المظلوم من الظالم، وافتخر فيها بنسبه وأن الله قد رحم الأمة بهم، وهو مع ذلك متلبس بالرفض ظاهراً وباطناً كما قاله القاضي الباقلاني إن مذهبهم الكفر المحض، واعتقادهم الرفض، وكذلك أهل دولته ومن أطاعه ونصره ووالاه، قبحهم الله وإياه ،وقد أحضر بين يديه الزاهد العابد الورع الناسك التقي أبو بكر النابلسي، فقال له المعز: بلغني عنك أنك قلت لو أن معي عشرة أسهم لرميت الروم بتسعة ورميت المصريين( أي العبيديين الرافضة ) بسهم ، فقال: ما قلت هذا، فظن أنه رجع عن قوله فقال: كيف قلت؟
قال: قلت ينبغي أن نرميكم بتسعة ثم نرميهم بالعاشر.
قال: ولم؟
قال: لأنكم غيرتم دين الأمة وقتلتم الصالحين وأطفأتم نور الإلهية، وادعيتم ما ليس لكم.
فأمر بإشهاره في أول يوم ثم ضرب في اليوم الثاني بالسياط ضرباً شديداً مبرحاً ثم أمر بسلخه في اليوم الثالث، فجئ بيهودي فجعل يسلخه وهو يقرأ القرآن قال اليهودي: فأخذتني رقة عليه، فلما بلغت تلقاء قلبه طعنته بالسكين فمات -رحمه الله- ، فكان يقال له الشهيد، وإليه ينسب بنو الشهيد من أهل نابلس إلى اليوم، ولم تزل فيهم بقايا خير ) انتهى من البداية والنهاية 322/11
✍️ فانظر -رحمك الله- كيف كانوا يرون أن خطر الرافضة على الإسلام والمسلمين أعظم من خطر الكفار الأصليين
وانطر كيف اختار التعذيب والقتل على مداهنة الرافضي في دين الله .
📖 قال تعالى: ﴿ ٱلَّذِینَ یَتَرَبَّصُونَ بِكُمۡ فَإِن كَانَ لَكُمۡ فَتۡحࣱ مِّنَ ٱللَّهِ قَالُوۤا۟ أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡ وَإِن كَانَ لِلۡكَـٰفِرِینَ نَصِیبࣱ قَالُوۤا۟ أَلَمۡ نَسۡتَحۡوِذۡ عَلَیۡكُمۡ وَنَمۡنَعۡكُم مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۚ فَٱللَّهُ یَحۡكُمُ بَیۡنَكُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۗ وَلَن یَجۡعَلَ ٱللَّهُ لِلۡكَـٰفِرِینَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ سَبِیلًا ﴾ [(النساء : ١٤١ ]
والله أعلم .
خيريّة الأمّة مرتبطة بالعلم بالكتاب والسُنة والعمل بهما لا بالأحزاب والجماعات
📖 قال تعالى: ﴿ هُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِیُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّینِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ ﴾ [الصف : ٩ ]
📖 قال تعالى: ﴿ وَكَذَ لِكَ جَعَلۡنَـٰكُمۡ أُمَّةࣰ وَسَطࣰا لِّتَكُونُوا۟ شُهَدَاۤءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَیَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَیۡكُمۡ شَهِیدࣰاۗ ﴾ [البقرة : ١٤٣ ]
📖 قال تعالى:﴿ مَن كَانَ یُرِیدُ ٱلۡعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ جَمِیعًاۚ إِلَیۡهِ یَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّیِّبُ وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّـٰلِحُ یَرۡفَعُهُۥۚ وَٱلَّذِینَ یَمۡكُرُونَ ٱلسَّیِّـَٔاتِ لَهُمۡ عَذَابࣱ شَدِیدࣱۖ وَمَكۡرُ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُوَ یَبُورُ ﴾[فاطر: ١٠]
📖 قال تعالى:﴿ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ فَعَلُوا۟ مَا یُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَیۡرࣰا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِیتࣰا ﴾ [النساء : ٦٦ ]
📌وفيها من العلم:
1️⃣ أنّ ظهور المسلمين على غيرهم من الأمم سببه تحقيق التوحيد .
📖 قال تعالى:﴿ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِیَ ٱلۡعُلۡیَاۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمٌ ﴾ [التوبة : ٤٤ ]
2️⃣ كل دعوة لا تقوم على الدعوة إلى التوحيد والموالاة والمعاداة فيه فهي دعوة فاشلة مهما رفع لها من الشعارات .
📖 قال تعالى: ﴿ فَتَقَطَّعُوۤا۟ أَمۡرَهُم بَیۡنَهُمۡ زُبُرࣰاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَیۡهِمۡ فَرِحُونَ ﴾ [المؤمنون : ٥٣ ]
📚 قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- :" ثم وجدت عن عبد الله بن مسعود التصريح بالمراد، وهو أولى بالاتباع، فأخرج يعقوب بن شيبة من طريق الحارث بن حصيرة عن زيد بن وهب، قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: لا يأتي عليكم يوم إلا وهو شر من اليوم الذي كان قبله، حتى تقوم الساعة، لست أعني رخاء من العيش يصيبه، ولا مالا يفيده ؛ ولكن لا يأتي عليكم يوم الا وهو أقل علماً من اليوم الذي مضى قبله، فإذا ذهب العلماء استوى الناس، فلا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر،فعند ذلك يهلكون "
ومن طريق أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود إلى قوله:" شر منه " قال: فأصابتنا سنة خصب، فقال: ليس ذلك أعني، إنما أعني ذهاب العلماء .
ومن طريق الشعبي، عن مسروق، عنه قال:" لا يأتي عليكم زمان إلا وهو أشر مما كان قبله، أما إني لا أعني أميرًا خيرًا من أمير، ولا عامًا خيرًا من عام، ولكن علماؤكم وفقهاؤكم يذهبون، ثم لا تجدون منهم خلفًا، ويجيء قوم يفتون برأيهم "
انتهى من فتح الباري 13/21
3️⃣ فخيريّة الأمّة هي في ظهور العلم النافع والعمل الصالح .
📖 قال تعالى: ﴿ هُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِیُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّینِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ ﴾ [الصف : ٩ ]
📖 قال تعالى: ﴿ إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ یَـٰعِیسَىٰۤ إِنِّی مُتَوَفِّیكَ وَرَافِعُكَ إِلَیَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَجَاعِلُ ٱلَّذِینَ ٱتَّبَعُوكَ فَوۡقَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِۖ ثُمَّ إِلَیَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأَحۡكُمُ بَیۡنَكُمۡ فِیمَا كُنتُمۡ فِیهِ تَخۡتَلِفُونَ ﴾ [آل عمران : ٥٥ ]
📚 وقال البخاري -رحمه الله - " بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى : ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ﴾ وَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ، وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ "
📚 وقال رحمه الله " بَابٌ : قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ يُقَاتِلُونَ ". وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ " ولم يفتح المسلمون بيت المقدس إلا بعد نزول قوله تعالى ﴿ ٱلۡیَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِینَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ نِعۡمَتِی وَرَضِیتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَـٰمَ دِینࣰاۚ ﴾ [ المائدة : ٣ ]
✍️ فلا سبيل لظهور المسلمين إلا بهذا المنهاج الرباني لا بالغوغائية: وتمجيد الذات ، والاستغراق في الأحلام، واستعجال قطف الثمرة، والاعتماد على حسن النية دون حسن الصواب، والعجلة، والارتجال، والتواكل دون عقل الناقة، وإغفال السنن في الكون والمجتمع، واعتماد المبالغة والتهريج والسطحية ، والمنهج الرباني نصًّا وعملاً إنما قام على العلم والحكمة ، فعَنْ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ : ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، فَقَالَ : " ذَاكَ عِنْدَ أَوَانِ ذَهَابِ الْعِلْمِ ". قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَذْهَبُ الْعِلْمُ، وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَنُقْرِئُهُ أَبْنَاءَنَا، وَيُقْرِئُهُ أَبْنَاؤُنَا أَبْنَاءَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ : " ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ زِيَادُ، إِنْ كُنْتُ لَأَرَاكَ مِنْ أَفْقَهِ رَجُلٍ بِالْمَدِينَةِ، أَوَلَيْسَ هَذِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، لَا يَعْمَلُونَ بِشَيْءٍ مِمَّا فِيهِمَا "
رواه أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح .
📚 قال شيخ الإسلام " فكل من أعرض عن الطريقة السلفية النبوية الشرعية الألهيةفإنه لابد أن يضل ويتناقض ويبقى في الجهل المركب أوالبسيط "
انتهى من درء التناقض،
📚 قال ابن القيم - رحمه الله - : " أما بعد فإن أولى ما يتنافس به المتنافسون وأحرى ما يتسابق في حلبة سباقه المتسابقون ما كان بسعادة العبد في معاشه ومعاده كفيلاً وعلى طريق هذه السعادة دليلاً، وذلك العلم النافع والعمل الصالح اللذان لا سعادة للعبد إلا بهما، ولا نجاة له إلا بالتعلق بسببهما، فمن رزقهما فقد فاز وغنم، ومن حرمهما فالخير كله حرم، وهما مورد انقسام العباد إلى مرحوم ومحروم ، وبهما يتميز البر من الفاجر، والتقي من الغوي، والظالم من المظلوم " انتهى .
📖 قال تعالى: ﴿ قُلۡ یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ تَعَالَوۡا۟ إِلَىٰ كَلِمَةࣲ سَوَاۤءِۭ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَكُمۡ أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشۡرِكَ بِهِۦ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَتَّخِذَ بَعۡضُنَا بَعۡضًا أَرۡبَابࣰا مِّن دُونِ ٱللَّهِۚ فَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَقُولُوا۟ ٱشۡهَدُوا۟ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ ﴾ [آل عمران : ٦٤ ]
والله أعلم .
مفهوم القوّة في الجهاد في الكتاب والسنّة
📖 قال تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا۟ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةࣲ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَیۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِینَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ یَعۡلَمُهُمۡۚ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِن شَیۡءࣲ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ یُوَفَّ إِلَیۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ ﴾ [الأنفال : ٦٠ ]
📌وفيها من العلم:
📝 الإشارة إلى مارواه مسلم عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ : ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾ ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ "
وفي روية أبي داود " وَارْكَبُوا، وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا " الحديث .
✍️ وفي الآية والحديث التنبيه على مفهوم كلمة القوّة ، وأنّ الإستطاعة في قتال أعداء المسلمين في هذا العصر منوطة بقوّة الرمي ، مثل الطائرات والصواريخ وغيرها ، فضلاً عن الأسلحة التي لاتبقي ولا تذر مثل السلاح النووي ، فالنسبة والتناسب في في القوّة شرط في مشروعيّة القتال
📖 قال تعالى: ﴿ ٱلۡـَٔـٰنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمۡ وَعَلِمَ أَنَّ فِیكُمۡ ضَعۡفࣰاۚ فَإِن یَكُن مِّنكُم مِّا۟ئَةࣱ صَابِرَةࣱ یَغۡلِبُوا۟ مِا۟ئَتَیۡنِۚ وَإِن یَكُن مِّنكُمۡ أَلۡفࣱ یَغۡلِبُوۤا۟ أَلۡفَیۡنِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِینَ ﴾ [الأنفال : ٦٦ ]
📚 قال ابن كثير في التفسير "وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ثَقُلَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَعْظَمُوا أَنْ يُقَاتِلَ عِشْرُونَ مِائَتَيْنِ، وَمِائَةٌ أَلْفًا، فَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَنَسَخَهَا بِالْآيَةِ الْأُخْرَى فَقَالَ: ﴿ الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا﴾ الْآيَةَ، فَكَانُوا إِذَا كَانُوا عَلَى الشَّطْرِ مِنْ عَدُوٍّ لَهُم لَمْ يَنْبَغِ لَهُمْ أَنْ يَفِرُّوا مِنْ عَدُوِّهِمْ، وَإِذَا كَانُوا دُونَ ذَلِكَ، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ قِتَالُهُمْ، وَجَازَ لَهُمْ أَنْ يَتَحَرزُوا عَنْهُمْ " وأصله في البخاري ،
📚 وجاء في تفسير قوله تعالى :﴿ وَلَا تُلۡقُوا۟ بِأَیۡدِیكُمۡ إِلَى ٱلتَّهۡلُكَةِ وَأَحۡسِنُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِینَ ﴾ [البقرة : ١٩٥ ]
📜 أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ في الآيَةِ قالَ: كانَ رِجالٌ يَخْرُجُونَ في بُعُوثٍ يَبْعَثُها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِغَيْرِ نَفَقَةٍ، فَإمّا يُقْطَعُ بِهِمْ، وإمّا كانُوا عِيالًا، فَأمَرَهُمُ اللَّهُ أنْ يَسْتَنْفِقُوا مِمّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ ولا يُلْقُوا بِأيْدِيهِمْ إلى التَّهْلُكَةِ، والتَّهْلُكَةُ أنْ يَهْلِكَ رِجالٌ مِنَ الجُوعِ والعَطَشِ ومِنَ المَشْيِ، وقالَ لِمَن بِيَدِهِ فَضْلٌ: ﴿ وأحْسِنُوا إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ ﴾
📖 قال تعالى ﴿ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِ ٱسۡتَعِینُوا۟ بِٱللَّهِ وَٱصۡبِرُوۤا۟ۖ إِنَّ ٱلۡأَرۡضَ لِلَّهِ یُورِثُهَا مَن یَشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ وَٱلۡعَـٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِینَ ﴾ [الأعراف : ١٢٨ ]
والله أعلم .
فضل الثبات على الحق والتحذير من الزلل
📖 قال تعالى: ﴿ قَالُوا۟ لَن نُّؤۡثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاۤءَنَا مِنَ ٱلۡبَیِّنَـٰتِ وَٱلَّذِی فَطَرَنَاۖ فَٱقۡضِ مَاۤ أَنتَ قَاضٍۖ إِنَّمَا تَقۡضِی هَـٰذِهِ ٱلۡحَیَوٰةَ ٱلدُّنۡیَاۤ ﴾ [طـٰه : ٧٢ ]
📌وفيها من العلم:
📝 اعلم رحمك الله أنّ من أسباب الثبات هو التمسك بالكتاب والسُنّة وفهم وعمل الصحابة رضوان الله عليهم .
📖 قال تعالى: ﴿ وَٱلَّذِینَ یُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَـٰبِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِیعُ أَجۡرَ ٱلۡمُصۡلِحِینَ ﴾ [الأعراف : ١٧٠ ]
📜 وقال ﷺ " فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ " .
رواه أهل السُنن بإسناد صحيح .
📝 وأعظم أسباب الزيغ هو اتباع الهوى والإعراض عن الكتاب والسُنّة .
📖 قال تعالى: ﴿ أَفَكُلَّمَا جَاۤءَكُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰۤ أَنفُسُكُمُ ٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ فَفَرِیقࣰا كَذَّبۡتُمۡ وَفَرِیقࣰا تَقۡتُلُونَ ﴾ [البقرة : ٨٧ ]
📜 وقال ﷺ :" تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ عَرْضَ الْحَصِيرِ، فَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، حَتَّى يَصِيرَ الْقَلْبُ عَلَى قَلْبَيْنِ : أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا، لَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرِ أَسْوَدَ مُرْبَدٍّ ، كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا - وَأَمَالَ كَفَّهُ - لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ " رواه مسلم .
📚 وقال شيخ الإسلام : -رحمه الله- : " فكل من أعرض عن الطريقة السلفية النبوية الشرعية الألهية فإنه لابد أن يضل ويتناقض ويبقى في الجهل المركب أوالبسيط " .
درء التناقض .
📚 وقال -رحمه الله- :"وأصل الضلال اتباع الظن والهوى"
📚 وقال ابن القيم -رحمه الله- :" وقد قيل: من أخذ العلم من عين العلم ثبت، ومن أخذه من جريانه أخذته أمواج الشبه، ومالت به العبارات، واختلفت عليه الأقوال".
مدارج السالكين 2 /8 .
📚 وقال -رحمه الله- :" إن الراسخ في العلم لو وردت عليه من الشبه بعدد أمواج البحر، ما أزالت يقينه، ولا قدحت فيه شكا، لأنه قد رسخ في العلم فلا تستفزه الشبهات، بل إذا وردت عليه ردها حرس العلم وجيشه مغلولة مغلوبة" مفتاح دار السعادة 1 /442 .
📚 وقال -رحمه الله- : " وكان السلف يسمون أهل الأراء المخالفة للسنة وما جاء به الرسول في مسائل العلم الخبرية، وأهل مسائل الأحكام العملية يسمونهم أهل الشبهات والأهواء؛ لأن الرأي المخالف للسنة جهل لا علم، وهوى لادين فصاحبه ممن اتبع هواه بغير هدى من الله، وغايته الضلال في الدنيا والشقاء في الآخرة " انتهى .
📖 وقال تعالى: ﴿ مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ رِجَالࣱ صَدَقُوا۟ مَا عَـٰهَدُوا۟ ٱللَّهَ عَلَیۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن یَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُوا۟ تَبۡدِیلࣰا ﴾ [الأحزاب : ٢٣ ]