كيفية استغلال أوقات الفراغ – التعليم الإلكتروني
إن الظروف الحالية التي يمر بها العالم من حولنا من تفشي جائحة COVID-19 والحجر الصحي الذي أصبح حقيقة في معظم دول العالم، أوقف سير العملية التعليمية في العديد من دول العالم ولكن في نفس الوقت هذا لن يشكل عائقاً في ظل توافر وسائل تعليمية حديثة ومتطورة وبكفاءة مساوية إن لم تكن أعلى في بعض الجوانب من التعليم التقليدي.
في هذه المقالة سنستعرض أهمية التعليم الإلكتروني بوصفه بديلاً للتعليم التقليدي إضافة إلى دوره في تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة.
إن التنمية المستدامة هي عملية متكاملة تهدف إلى تلبية احتياجات الجيل الحاضر وذلك دون الحد من إمكانية تلبية احتياجات أجيال المستقبل. ولا بد أن نعلم أن التنمية المستدامة اليوم هي ليست مجرد دعوة للحفاظ على البيئة فقط بل هي مفهوم شامل لجميع جوانب الحياة التنموية والمتعلقة بالأبعاد الثلاثة الأساسية لعملية التنمية والمتمثلة بالبعد الاقتصادي والاجتماعي إلى جانب البعد البيئي طبعاً. إن أبعاد التنمية ليست بمعزل عن بعضها ولتطوير بعد منها لا بد من تطوير جانب أخر، ومن هذه الفكرة فإن التعليم هو حجر الزاوية في أي عملية تنمية مستدامة.
ينص الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة على ضمان أن تتاح للجميع سبل متكافئة للحصول على التعليم الجيد وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع. إن التعليم هو الأداة الرئيسية التي يتم من خلالها إحداث التغييرات في المجتمع، وإن الدور الملقى على عاتق المختصين بالأمور التعليمية ليس بالبسيط فهم المسؤولون عن رسم خطط التعليم ودمج المفاهيم التعليمية بمفاهيم عصرية ومتناسبة مع قضايا التنمية وأبعادها الثلاثة إضافة إلى تأهيل المعلمين وتدريبهم وتوعيتهم لأهمية دورهم في تأهيل الطلاب ليكونوا فاعلين في المجتمع. هنالك سببان رئيسيان لأهمية التعليم في أي عملية تنمية؛ السبب الأول هو أن التعليم هو الطريقة الأنسب في اكتساب الطلاب المعلومات والمهارات الضرورية ليكونوا القوة الأساسية في المجتمع فالتعليم الموجه بالشكل الصحيح سيقودهم إلى اكتسابهم وعياً حقيقياً لمشاكل بيئتهم وتدفعهم في نفس الوقت لتقصي المشاكل والبحث عن حلول بما يخدم فكرة تحقيق التنمية المستدامة.
بحسب التقرير العالمي لرصد التعليم الصادر عام 2016 من اليونيسكو فإن التوقعات في عام 2030 تشير إلى أنه أقل من 70% من الأطفال سيتمون مرحلة التعليم الابتدائي في البلدان النامية ولن تتمكن الدول الفقيرة من إتمام المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي الشامل حتى نهاية القرن الحالي وحتى مع أسرع معدلات التقدم التي شهدتها المنطقة، فلن تتمكن سوى دولة واحدة من عشرة دول في أوروبا وشمال أمريكا من إنجاز المرحلة العليا من التعليم الثانوي الشامل بحلول عام 2030
إن الوصول إلى تعميم مرحلة التعليم الثانوي الدنيا الشاملة للنساء في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى سيمنع حدوث ما يقارب 3.5 مليون حالة وفاة في الفترة الممتدة بين عامي 2050 و2060
ولأن للعملية التعليمية دوراً هاماً كان لا بد من إيجاد وسائل تعليمية أكثر انتشارا وأسهل وصولاً وأقل تكلفةً. وقد ظهر حديثاً مفهوم التعليم الإلكتروني بقوة كبديل عصري للتعليم التقليدي.
ما هو التعليم الإلكتروني؟ وما هي أهميته؟
التعلم الإلكتروني هو تقديم المحتوى التعليمي في مختلف المجالات للمتعلم بشكل إلكتروني عن طريق شبكة الإنترنت، لتوفير بيئة تعليمية تفاعلية متعددة المصادر بطريقة متزامنة في الفصل الدراسي أو غير متزامنة عن بعد دون الالتزام بمكان محدد، وكذلك التعلم في الوقت الذي يناسب ظروف الطالب وقدراته، مع إمكانية إدارة هذا التعلم من قبل المختصين. وذلك لتوصيل المعلومات للمتعلم في أي مكان وبأقصى سرعة وأقل جهد وأكبر فائدة.
وباختصار يمكن القول بأن التعلم الإلكتروني بأنه هو التعلم المبني على التكنولوجيا والذي يستخدم التقنيات الحديثة مثل أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية إضافة إلى شبكات الاتصال.
أهمية التعليم الإلكتروني:
يهدف التعليم الإلكتروني إلى تحقيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص التعليمية للجميع، لأن أي شخص سيمكنه الوصول إلى المواد التعليمية بغض النظر عن عمره وجنسه وحالته الاجتماعية والصحية. كذلك يوفر التعليم الإلكتروني بيئة تركز على المتعلم وكيفية بناء أفكاره وليس مجرد عملية تلقين وحفظ، أضف إلى ذلك أن التعليم الإلكتروني سيوفر مرونة أكبر بكثير للمتعلمين فيما يخص الجداول الزمنية والمواعيد؛ فهم سيستطيعون الحفاظ على أعمالهم ومواعيدهم وحضور الدروس الإلكترونية دون أي تعارض أو تضارب فيما بينها.
يمكن أن يزيد تعميم المرحلة العليا من التعليم الثانوي من أرباح الفرد في الدول المنخفضة الدخل بما يقارب 75%
إن الأداة الأساسية للتعليم الإلكتروني هي العروض المرئية التي ستسهل وظيفة المعلم في إيصال الأفكار وشرحها للمتعلم. أما فيما يخص المعلم فإن التعليم الإلكتروني له الكثير من الفوائد عليه مثل تطوير أداء المعلمين من خلال المصادر الإلكترونية المتجددة باستمرار والمكتبات الضخمة مما سيجعل العملية التعليمية أكثر حداثة وعصرية.
يحقق التعليم الإلكتروني مكاسب مادية من خلال خفض التكاليف وتقليل النفقات على المدى الطويل، فلا حاجة للمنشآت التعليمية الضخمة ولا لاستخدام كميات كبيرة من الكهرباء ولا حتى المطبوعات بالإضافة إلى توفير وتقليل أعباء التنقل والحضور على المعلمين والطلاب.
بماذا يتميز التعليم الإلكتروني؟
يتميز التعليم الإلكتروني باختلاف أساليبه بخصائص عديدة سنذكر بعضها:
1- تعليم أعداد كبيرة من المتعلمين في وقت قصير ولا حاجة إلى توفر كوادر تدريسية كبيرة.
2- حرية ومرونة الزمان والمكان، حيث يمكن استخدامه في أي وقت وأي مكان من العالم.
3- تشجيع التعلم الذاتي واكتساب معارف ومهارات جديدة.
4- استمرار تحديث المحتوى العلمي.
5- تعدد المصادر والمراجع المستخدمة وتوفير الآلاف من الكتب والبيانات الإلكترونية للباحثين.
6- استخدام الوسائل التفاعلية في تحقيق العملية التعليمية.
7- توفير فرص عمل جديدة للمتعلمين والمتدربين نتيجة تطوير مهاراتهم.
سيمنع إتمام المرحلة العليا من التعليم الثانوي في عام 2030 ما يقارب 50000 حالة وفا جراء الكوارث في كل عقد بعد الفترة المتراوحة بين عامي 2040 و2050
والآن سننتقل إلى الجزء العملي في مقالتنا حيث سنقدم مجموعة من أهم الاقتراحات لمواقع ومنصات مشهورة للتعليم الإلكتروني:
ما هي أهم المواقع والمنصات التعليمية التي أستطيع الاستفادة منها؟
1- موقع EDX:
يحتوي هذا الموقع على أكثر من 2500 دورة مختلفة مقدمة من أهم الجامعات والمعاهد مثل جامعة هارفرد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة بوسطن وغيرها من المؤوسسات التعليمية المرموقة.
2- Khan Academy:
تعد منصة أكاديمية خان من أهم وأقدم منصات التعليم الإلكتروني ولا تزال تقدم الدروس المختلفة وبشكل مجاني، إضافة لاستخدامهم أساليب متنوعة ومتطورة من التعليم الإلكتروني والأهم من ذلك توفيرهم الدروس بمختلف اللغات ومن ضمنها اللغة العربية.
3- موقع كورسيرا coursera:
الموقع الشهير الذي لا يخفى على أحد والذي يقدم العديد والعديد من المواضيع والمحاضرات في مختلف المجالات التي تتنوع بين المجالات الصحية والرياضيات وعلوم الحاسب واللغات وغيرها الكثير من الدورات مع منح شهادة حضور من الجامعة المسؤولة عن الدورة.
4- موقع open learn:
يحتوي موقع open learn على العديد من المحاضرات المجانية والمقالات العلمية في مختلف المجالات والتي يمكنك الاستفادة منها.
5- جامعة يال Yale University
6- جامعة هارفارد Harvard University
وهناك العديد من المواقع والمنصات سواء المجانية أو المدفوعة للدروس والمحاضرات بمختلف المجالات.
وفي النهاية إن التعليم التقليدي لا يركز على الجوانب المهارية والعملية بمقدار تركيزه على الجوانب المعرفية، فهو يولي حفظ المعلومة التركيز الأكبر بالإضافة لقصوره في تطوير مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات. أما التعليم الإلكتروني ينظر للمعرفة على أنها طريقة وليست نتيجة وبالتالي يمكن رواده من استمرار متابعة تعليمهم في المستقبل وذلك بمختلف ظروفهم وبالتالي خلق أفراد قادرين على التأقلم والتكيف مع متطلبات الحياة. كل هذا زاد الإقبال على التعليم الإلكتروني إضافة إلى خصائصه المتمثلة في مرونته وسهولة الوصول إليه من مختلف فئات المجتمع.
محمد العرسان
References:
· التقرير العالمي لرصد التعليم ٢٠١٦ - التعليم من أجل الناس والكوكب: بناء مستقبل مستدام للجميع
https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/pf0000245752_ara
· إطار المؤشرات العالمية لأهداف وغايات خطة التنمية المستدامة لعام 2030
https://unstats.un.org/sdgs/indicators/Global%20Indicator%20Framework%20after%20refinement_Ara.pdf