🏠︎ الرئيسة » كتابات » مع القرآن » فرُدُّوه إلى الله والرسول
👤 محمد أحمد البكري | 🗓 23-07-2013
{فإن تنازعتم في شيءٍ فرُدُّوهُ إلى الله والرسول..}
الأمرُ صعبٌ نعم، بل الأمرُ شديدٌ أشدَّ ما يكون على كُلِّ نفسٍ بشرية، إلَّا أنَّ "الإيمان" لا يَصِحُّ بدونه. وكيف يَصِحُّ إيمانُ عبدٍ لم يتَّخِذ من كتاب ربّه وسُنَّة نبيّه دستورًا يتحاكم إليه؟!
وربُّنا تبارك وتعالى يعلم بشدَّة الأمر على أنفسنا؛ لذلك فقد علَّق الأمرَ بالإيمان {..إن كنتم تُؤمِنون بالله واليوم الآخِر..}؛ ليكون "الإيمانُ" حافزًا للنفس على تجاوُز هذه الصعوبة؛ فلا يكون مُؤمِنًا مَن لم يتحاكم في أمور دينه إلى كتاب ربّه وسُنَّة نبيّه.
وبعد بضع آياتٍ، يُؤكِّد اللهُ الأمرَ نفسه.. {فلا وربِّك لا يُؤمِنون حتّى يُحكِّموك فيما شجر بينهم..}؛ فلا "إيمانَ" إذن حتى يكون تحكيمُ كتاب الله وسُنَّة نبيّه مُقدَّمًا على تحكيم غيره من الأهواء والنوازع والآراء.
ليس هذا فحسب؛ بل إنَّ الأمر يتطلَّب مزيدًا من الجهد.. {..ثُمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مِّمَّا قضيتَ..}؛ فلا يجد العبدُ في نفسه ضِيقًا من تقديم مُراد الله على مُراده، ولا يجد شكًّا في نفسه أنَّ حُكْم الله أفضلُ قطعًا من حُكْمه! ثُمّ يكون "التسليمُ" تمامَ الأمر {..ويُسلِّموا تسليما} فينقاد إليه دون أدنى معارضة.
نحن إذن أمام ثلاث مراحل من المُجاهَدة تمرُّ عليها النفس من (التحكيم) إلى (التسليم).
والسؤال الآن: كيف لهذه النفس الضعيفة أن تَثبُت أمام هذه الثلاث التي لا تترك مجالًا للنفس في الاختيار؟!
الأمر بسيطٌ جدًّا.. يحتاج منَّا فقط إلى أن نثق بربّنا ابتداء، وأن نُوقِن أنَّ الله تبارك وتعالى الذي خلقنا لن يُضيِّعنا، وأنَّه سبحانه أعلمُ بما هو خيرٌ لأنفُسنا من أنفُسنا..
{ألا يعلم مَن خلَقَ وهو اللطيفُ الخبير}؟!