🏠︎ الرئيسة » كتابات » مع القرآن » فاسمعونِ!
👤 محمد أحمد البكري | 🗓 15-05-2013
﴿إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ﴾ [يس: ٢٥]
ثباتٌ علی المبدأ، وشجاعةٌ في موقف لا يتردَّد أكثر الناس فيه عن المداهنة أو المواراة!
لقد كان في وسعه أن يُغيِّر حرفًا واحدًا، فيقول: "إنِّي آمنتُ بربِّي"؛ تخفيفًا علی نفسه من بطش مُتوقَّع، ونزولًا علی أمر يُسلِّم به الجميع.. غير أنَّ القادة وأصحاب الرسالات لا يليق بهم أن يواروا أو أن يتنازلوا عن شيء من رسالتهم التي يحملون؛ فلم تكن هيبةُ الخصم يومًا مانعةً من الصدع بالحق في وجه أعتی الطغاة وأشرس المنافسين!
هكذا كان توجيه ربِّنا ﷻ لنبيِّه ﷺ: ﴿كِتَـٰبٌ أُنزِلَ إِلَیۡكَ فَلَا یَكُن فِی صَدۡرِكَ حَرَجࣱ مِّنۡهُ لِتُنذِرَ بِهِۦ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ [الأعراف: ٢]؛ ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ...﴾ [الحجر: ٩٤]
وهكذا كانت تربية النبي ﷺ لأمَّته، أفرادًا قبل أن يكونوا قادةً: «ألا لا يمنعن أحدَكم هيبةُ الناس أن يقول بحقٍّ إذا رآه أو شهده..».
ثم تأتي صيحةُ الثقة التي لا يعتريها خوفٌ ولا يختلجها تردُّد: ﴿فَاسْمَعُونِ﴾!
وفي بلاغة قوله: ﴿وَمَا لِیَ لَاۤ أَعۡبُدُ ٱلَّذِی فَطَرَنِی وَإِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ﴾ [يس ٢٢]، يقول القرطبي رحمه الله: «أضاف الفطرةَ إلى نفسه؛ لأنَّ ذلك نعمةٌ عليه تُوجِبُ الشكرَ، والبعثَ إليهم؛ لأنَّ ذلك وعيدٌ يقتضي الزجرَ، فكان إضافة النعمة إلى نفسه أظهرَ شكرًا، وإضافة البعث إلى الكافر أبلغ أثرا».