🏠︎ الرئيسة » كتابات » تدوينات » نختلف.. ونتعايش
👤 محمد أحمد البكري | 🗓 24-11-2022
نحن في حاجةٍ مُلِحَّةٍ إلى التزوُّد بأدبيَّات الاتفاق والاختلاف، والكلام والصمت، والتأييد والإنكار.. أدبيَّات كثيرة لا تدوم علاقات الناس ولا يتعايشون بدونها.
الناس ليسوا الصورة التي تراهم عليها في مخيّلتك، وليسوا الصور ولا المنشورات التي يضعونها على صفحاتهم الشخصية في وسائل التواصُل، وليسوا ما تسمعه عنهم؛ بل وليسوا الصورة التي هم عليها معك وإن عاشرتَهم ما عاشرت..
الناس أعقدُ بكثير ممَّا تتصوَّر، وعليك أن تعي ذلك جيِّدًا؛ فلكلٍّ مشاربُه وطبائعُه وصفاتُه وقصّةٌ متشابكةٌ لم يترامَ إليك إلا جزءٌ بسيطٌ من جزءٍ بسيطٍ من أطرافها.
يمكننا أن نتعايش معًا وأن يتقبَّل بعضُنا بعضًا دون أن نتفق في كل القناعات ودون أن يُرغِم أحدُنا الآخر على موافقته كُلَّ ما يعتقده، أو قُل موافقته كُلَّ ما يتصوَّره عنه.
ولا يزال في وسع الناس أن يختلفوا ويتعايشوا ما داموا قد اتفقوا في الأصول واجتمعوا على القطعيَّات من الأمور.. ولا يلزم بعد ذلك كُلُّ أحد أن يذهب إلى الآخر حين يرى منه ما يخالف قناعته فيُنكِر عليه إنكاره على من خالف أصلًا من أصول الدين ويقاومه ليردَّه إلى الصورة المثالية [/الوهمية] التي كوَّنها عنه؛ وهي في الحقيقة ليست غير صورة في عقله.
لم يخلق الله سبحانه الناس على صورة واحدة في أشكالهم ولا على جوهر واحد في طبائعهم وصفاتهم، ولو أراد سبحانه لما أعجزه شيء؛ لكنَّه ما أراد لحكمة.. ولولا اختلاف الناس لما احتاج بعضُهم إلى بعض، ولولا اختلافُهم لما كانت كثيرٌ من العلاقات، ولولا اختلافُهم لما كان عمرانٌ ولا شيء ممَّا ترى.
فاهدأ، وعليك نفسَك، وليكن الكلامُ منك في موضعه ما استطعتَ، ولتصحب صمتَك وإن ثقل عليك، وليسعْنا بعد ذلك الطريقُ وإن اختلفنا.