🏠︎ الرئيسة » كتابات » تدوينات » من جميل التماس الأعذار بين العلماء
👤 محمد أحمد البكري | 🗓 04-08-2022
من جميل أدب العلماء في التماس الأعذار لأخطاء بعضهم ما أورده ابن منظور –رحمه الله– في «لسان العرب» (مادَّة ح ب ك):
"قال الأزهري: الذي رواه أبو عبيد عن الأصمعي في الاحْتِباك أنَّه الاحْتِباء غلط، والصواب الاحْتِياك بالياء؛ يُقال: احْتاكَ يَحْتاكُ احْتِياكًا، وتَحَوَّك بثوبه إِذا احتبى به، قال: هكذا رواه ابن السكيت وغيره عن الأَصمعي، بالياء. قال: والذي يسبق إِلى وَهْمِي أَنَّ أَبا عبيد كتب هذا الحرف عن الأَصمعي بالياء، فزلَّ في النقط وتوهَّمه باء، قال: والعالم وإِن كان غايةً في الضبط والإِتقان فإِنَّه لا يكاد يخلو من خطئه بزَلَّة، والله أعلم".
ثم علَّق ابن منظور –رحمه الله– على هذا الكلام تأييدًا، فقال:
"ولقد أنصف الأزهري –رحمه الله– فيما بسطه من هذه المقالة؛ فإِنَّا نجد كثيرًا من أنفسنا ومن غيرنا أنَّ القلم يجري فينقط ما لا يجب نقطه، ويسبق إِلى ضبط ما لا يختاره كاتبه؛ ولكنَّه إِذا قرأه بعد ذلك أو قُرئ عليه تيقَّظ له وتفطَّن لما جرى به فاستدركه، والله أعلم". انتهى
فتأمَّل أدب كل منهما في ردّ الخطأ، واختيار أنسب الألفاظ، وعدم نفي العالِميَّة عمَّن وقع منه الخطأ، والإقرار بأنَّ الخطأ قد يقع من كل ذي ضبط وإتقان.. ثم انظر إلى حال أحدنا اليوم إذا رأى سقطةً من عالم أو علَم، لا يكاد يلتقطها –فضلًا عن أن يفهمها أو يتثبَّت من فهمه– حتى يطير بها تشنيعًا على العالِم وتيهًا كأنَّما قد وقع على كنز!
رضي الله عن علمائنا وسادتنا وهدانا لأحسن الأخلاق!