🏠︎ الرئيسة » كتابات » تدوينات » "صديقي"؟!
👤 محمد أحمد البكري | 🗓 10-08-2020
أعجب كل العجب حين أقابل على فضاءات التواصل الاجتماعي مَن ينادي شخصًا يكبره سنًّا ومقامًا بهذه الكلمة، ويزيد عجبي أكثر حين تكون العلاقة حديثة عهد لم يجمعهما قبلها سابقُ معرفة، أو حين تكون العلاقة بينهما غير متكافئة.
لا أدري هل للأمر صلةٌ بتربية قائمة في جزء كبير منها على احترام الكبير وإنزاله منزلتَه، أم بفترة دراسة في «دار العلوم» -وإن بعُد العهد بها- أشرَبَتْ في نفوس جيلنا توقيرَ الصغير للكبير وإن تساوت درجتُهما العلمية؛ بل وإن سبق الصغيرُ الكبيرَ في درجته العلمية..
لكن «صديقي» بالنسبة إليَّ لا تزال كلمة خاصَّة تحمل شيئًا قليلًا من حميميَّة قد تتوافر في ما بعد فتستحقُّ الكلمةُ، وقد لا تتوافر.. وهي أليقُ في ما بين القُرَناء (في دلالتها العامَّة) والمُقرَّبين (في دلالتها الخاصَّة) منها بين غيرهم.
قد أتفهَّم أن ينادي بها الكبيرُ الصغيرَ تواضُعًا منه، أو أن تتوطَّد العلاقةُ بينهما حتى تجري الكلمةُ طوعًا دون تكلُّف؛ لكن أن ينادي الصغيرُ الكبيرَ بها رافعًا نفسَه إليه أو مُنزِلًا إيَّاه منزلة النِّدِّ القرين ولمَّا تتوطَّد علاقتُهما.. فهذا ممَّا يتأبَّى على لساني وتأباه نفسي وتنفر منه، وأجد أنَّ في «أخي» -بدلالتها العامَّة- مندوحةً عنها حين تغيب الألقاب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هامش:
مِن أكثر ما يحوز إعجابك في المجتمع التركيّ حين تزوره: حفاظُه على كثير من مظاهر الاحترام والتوقير بين الصغير والكبير؛ فلا تكاد تجد أحدًا (صبيًّا أو شيخًا) ينادي آخرَ يكبره -ولو بعام واحد- إلَّا بـ«آبيه»؛ وتعني «أخي الكبير»، ولا تكاد تجد فتاةً/ امرأةً تنادي أخرى تكبرها -ولو بعام واحد- إلَّا بـ«أبله»؛ وتعني «أختي الكبيرة»، ومن العيب عندهم أن تنادي أحدَ هذين بـ «أخي» أو «أختي».