🏠︎ الرئيسة » كتابات » تدوينات » د. الفارس علي مترجمًا
👤 محمد أحمد البكري | 🗓 03-08-2023
"الترجمة عندي".. من مقدّمة ترجمة د. الفارس علي لكتاب «مادلين الزائفة» لميشائيل مار.
وإذا قرأتَ اسم د. الفارس مترجِمًا، فاعلم أنَّك ستقف أمام نصٍّ لغويٍّ بديع حائرًا متعجّبًا من متانته ووحدته التي لا تتوافر في كثير من النصوص المترجَمة إلى العربية مع الأسف، وأزعم أنَّ النصَّ الذي يترجمه إذا وقع بين يدَي قارئ دون أن يدري مسبقًا بأنَّه منقول عن لغة أخرى= لجزم بأصليَّته وبكارته التي لم يُعكِّرها شيءٌ في طريقها من فكر كاتبها إلى قلمه..
فهو يُعبِّر في السياق العلمي بلغة علمية رصينة تناسب المقام، وفي السياق الأدبي بلغة بليغة عالية صادرة عن أديب حاذق، وفي السياق التراثي بلغة فخمة تعود بك لجيل سلفنا الأوائل.. والسرُّ –في نظري– كامن في روعة اختياره للألفاظ والتراكيب التي تناسب المعنى والمقام معًا، بعد أن يتلبَّسَ بالنصِّ المصدر مُعايَشةً طوال رحلة ترجمة منقطعة له، ويسبحَ في أغواره طول زمن انكبابه على الترجمة.. واقرأ إن شئتَ هذه الفقرة النفيسة من المقدّمة لتستبين لك سبيلُه في ترجمة النصوص.
وقد اطَّلعتُ من ذلك قريبًا في اتصال سعيد معه على ترجمته لنصٍّ –لا يزال العمل على ترجمته متواصلًا– صاحبُه مستشرقٌ معجبٌ أيَّما إعجاب بالبيئة العربية القديمة وبأخلاق العربي القديم وعاداته وبكل تفصيلة من تفاصيل حياته، فوقفتُ مشدوهًا أمام نصٍّ تراثيٍّ عالٍ اختيرت كُلُّ لفظة من ألفاظه بدقَّة وعناية وسُبكت كُلُّ عبارة من عباراته بخبرة ودراية؛ فكأنَّ كل لفظة وكل عبارة لم تكن غيرُها لتصلح لو وُضعت في مكانها، وكأنَّها قد صيغت هناك في تلك البيئة العربية بحضور صاحب النصِّ المصدر والمترجم معًا مصنوعةً على عينهما.
بين أيديكم تشويقة الكتاب المبينة عن فصول رحلته:
"يتضمّن هذا الكتاب خمس عشرة مقالة منفصلات متصلات عن كتب وشخصيات وظواهر مشكلة، سلكها ميشائيل مار في نظام واحد، وسكب فيها نفسًا واحدًا تتحسّس فيه روح عالم نفس تارة، وروح ناقد أدبي تارة أخرى. تدور كلها –على تعدد الأسماء الظواهر– في فلك الذات الإنسانية، وشواهدها من ذوات الأحياء الدنيا.
حيث ستعايش تفاصيل اللحظات الأخيرة من حياة فرجينيا وولف التي انتهت بمأساة، وقضايا الوعي المتداعي، وغرائب الأحياء، وعوالم الفن الداخلية، وسنلتقي بـ: الشعراء المُحدَّثين، ونتجول مع توماس مان في أعماق سيبيريا، ونبارك صداقة موباسان بفلوبير، والثلاثة الضواري التي تحوم حول بروست، وصورة ألبرتين الغامضة، والأرجنتيني الحالم خورخي لويس بورخيس وتمجيده المفرط لتشيسترون، ذلك القديس الذي يكافح في داخله السيد هايد. مقالات مختلفة وزيادة؛ أحاجي أدبية وحلولها، خمس عشرة مقالة عن –أو كأنها– الإكليل، الذي تحاصر به المعرفةُ الظلام، أو هي –البهجة–، التي يهبها لنا الأدب."