🏠︎ الرئيسة » كتابات » تدوينات » إليك.. في أول طريق الاغتراب
👤 محمد أحمد البكري | 🗓 31-08-2022
لك الله في غربتك يا صديقي، وكان لك صاحبًا حيث يندر الصاحب، وجمعك بأهلك على الخير عاجلًا غير آجل، وكتب لك من الخير أوفرَه عاجلَه وآجلَه، وصرف عنك السوء كله.
اعلم يحفظك الله ويصونك أنَّ في أيَّام الغربة على ما فيها من معاناة ومكابدة دروسًا تعدل سنواتٍ وسنواتٍ من خبرة بالحياة وأهلها لا يكتسبها المرءُ في قراره وإن عُمِّر ما عُمِّر..
فطوبى لمن تلقَّى من الغربة رسائلَها وطار بها إلى باب ربِّه هَرِعًا ومُلازِمًا؛ فإنَّ كثيرًا ممَّن يخوضون غمار الاغتراب –عافاني الله وعافاك– تستدرجهم أغوارُه من حيث لا يعلمون فتستغرقهم مكابدةُ الانسجام مع جديدهم ومعاناةُ الانفصال عن قديمهم وتُلقي بهم في مَهاوٍ من الهموم والآلام تقطع طريق الاتصال بينهم وبين أنفسهم وتقطع طريق سيرهم إلى خالقهم.
أودى به الهَمُّ لم يتركْ له سَعَةً ⁂ وهدَّهُ غُرُباتٌ تخنقُ الأمَلا
والهمُّ في الغربة قائمٌ معك وجاثمٌ بصدرك لا مفرَّ؛ لكنَّه سلاحٌ ذو حدَّيْن: فإمَّا أن يأخذ بيد المغترب إلى ثابت وحيد لا يتبدَّل فيُعرِّفه بابَ ربِّه ويُلزِمه عتبتَه.. فهو السعيد صاحب التوفيق، وإمَّا أن يُلقِيَ به في لُجَجٍ من الخيبات متتابعةٍ ويدفع به في قيعانٍ من ظُلُماتٍ بعضُها فوق بعض إذا أخرج يدَه لم يكد يراها.. فهو الشقيُّ الغريق.
فاستعِذ بالله تعالى من الهمِّ كما كان يفعل حبيبي وحبيبُك ﷺ: «اللهمَّ إنِّي أعوذ بك من الهَمِّ والحَزَن»، وتوكَّل على الحيِّ القيُّوم القريب، واتَّخِذه صاحبًا يَكفِك غُربتَك وبُعدَك ويجمعْ عليك شملَك وشتاتَك.
لكنَّهُ بحبالِ اللهِ مُتَّصِلٌ ⁂ ما خابَ عبدٌ حيا باللهِ واتَّصلا