🏠︎ الرئيسة » كتابات » تدوينات » آفة مواقع التواصُل
👤 محمد أحمد البكري | 🗓 09-06-2020
من آفات مواقع «التواصل الاجتماعي» ذاك الذي تُحدِثُه في قلوب كثير من أصحابها بمرور الوقت دون أن يشعروا..
فتجد أحدَنا -وكان قبل دخولها سليم القلب صادق النيّة نقيّ السريرة لا يُضمِر لإخوانه إلّا كل خير- لا يلبث أن تتخطّفه شهواتُ طلب الإعجاب والصيت والشهرة، وما تستتبعه من نوازع منافسة وخصومة وجدل، ثم ما تؤول إليه من موالاة ومعاداة!
فتبدأ كل هذه الأعراض في التسلُّل إلى القلب لِواذًا وصاحبُه ماضٍ لا يشعر، فلا يمرُّ قليلُ وقت حتى تراه وقد أمسى لا تشتهي نفسُه شيئًا غير الإعجاب تلو الإعجاب والمدح تلو المدح -وليتها يتمُّ لها شبع!- ولا يُزعِجه شيءٌ مثلُ النصح، يقف فوق منبر من ورق بل أرقّ متحفِّزًا متجهِّزا، يحسب كل منشور عليه؛ لا يقبل نقدًا أو توجيهًا ولو كان صادقا، ولا يرجع عن رأي رآه وإن كان مُخفِقا؛ لا يحفظ لأخيه سابق ودّ، ولا يستنكف إذا اختلفا في أمر عابر أن يذهب فيعرّض به ويسبّه في ملأ انتصارًا لنفسه.. وهكذا؛ تقسو القلوب، وتشقى النفوس، وتضيع الأعمار في انتصارات وهميّة!
وإنّي ناصحٌ نفسي أوّلًا ثم من لا يزال يحمل نفسه على قبول النصح؛ أن نراجع القلوب والنيّات كل حين.. فإذا كان هدفُ المشاركة ابتغاءَ انتفاع أو نفع، فلنحفظ علينا أفئدتنا أن تُفسِدها الأهواء والشحناء؛ فإنّ ما يعلق بالنفس من ذلك يصعب انتزاعُه، وليكن الحرف منّا يخرج لا يخرج إلا لله، ولننصح لله إذا نصحنا، ولتتّسع الصدور منّا للنصح إذا نُصِحنا.. فإن لم يكن بعد ذلك كله انتفاع أو نفع وأبت النفوس إلّا أن تحمل وإلّا أن تركب، فليكن هجرٌ جميلٌ حتّى حين نُصلِح به ما تغيّر من قلوبنا
ألا فليحفظ كلُّ سالكٍ قلبَه، وليتَّقِ اللهَ ربَّه!