إِدْرَاكُ مُـفْــرَدٍ تَـصَـوُّرًا عُـلِـمْ▶️
وَدَرْكُ نِـسْـبَـةٍ بِـتَصْدِيْـقٍ وُسِـــمْ▶️
وَقُـدِّمَ الــأَوَّلُ عِـنْـدَ الـوَضْــعِ
لِــأَنَّـــهُ مُـقَــــدَّمٌ بِالـطَّــبْــــعِ▶️
وَالنَّظَـرِي مَا احْتَـاجَ لِلتَّأَمُّلِ
وَعَكْسُـهُ هُـوَ الضَّـرُوْرِيُّ الجَـلِـي▶️
وَمَـا بِـهِ إِلَـى تَـصَــوُّرٍ وُصـِـلْ
يُدْعَـى بِقَـوْلٍ شَـارِحٍ فَلْتَبْتَـهِـلْ
وَمَـا لِـتَـصْـدِيْـقٍ بِـهِ تُـوُصِّــلَا
بِـحُـجَّـةٍ يُـعْـرَفُ عِـنْـدَ العُـقَــلَا
أقول: لفظ «أنواع» مخرج للعلم القديم، فإنه لا تنوع فيه، فإتيانه بـ«الحادث» بعد ذلك تأكيد وإيضاح للمبتدي.▶️
و«العلم» معرفة المعلوم.▶️
ثم إنه▶️ينقسم إلى تصور وإلى تصديق،▶️ وكل منهما إلى ضروري وإلى نظري، فالأقسام أربعة:
-فإن كان إدراك معنى مفرد فهو تصور كإدراك معنى زيد،▶️▶️
-وإن كان إدراك وقوع نسبة فهو تصديق كإدراك وقوع القيام في قولنا: (زيد قائم)، وهذا معنى قوله: «إدراك مفرد» البيت.▶️
فـ(زيد قائم) اشتمل على تصورات أربعة:▶️
- تصور الموضوع وهو زيد.
- وتصور المحمول وهو قائم.
-وتصور النسبة بينهما، وهو تعلّق المحمول بالموضوع.
- وتصوّر وقوعها.
فالتصور الرابع يسمى تصديقاً، والثلاثة قبله شروط له، وهذا مذهب الحكماء،▶️ومذهب الإمام أن التصديق هو التصورات الأربعة،▶️فيكون التصديق بسيطاً على مذهب الحكماء، ومركباً على مذهب الإمام.▶️
والمصنف ماش على مذهب الحكماء بتقدير مضاف في كلامه بين «دَرْكُ» و«نسبة» وهو: وقوع.
ثم إنك إذا أردت أن تكتب التصور والتصديق وتتعلمهما أو تعلمهما -فالمراد بالوضع: ما يشمل ذلك- فقدم التصور على التصديق؛ لأنه مقدّم عليه طبعاً، فيقدم وضعاً، وهذا معنى قوله: «وقدم الأول» البيت.
ثم بين أن «النظري» من كل من التصور والتصديق «ما احتاج للتأمل»، و«الضروري» عكسه وهو: ما لا يحتاج إلى ذلك، فالأقسام أربعة كما تقدّم.▶️
مثال التصور الضروري: إدراك معنى لفظ الواحد نصف الاثنين.▶️
ومثال التصور النظري: إدراك معنى الواحد نصف سدس الاثني عشر.▶️
ومثال التصديق الضروري: إدراك وقوع النسبة في قولنا: الواحد نصف الاثنين.▶️
ومثال التصديق النظريّ: إدراك وقوع النسبة في قولنا: الواحد نصف سدس الاثني عشر.▶️
وبما تقرر علم انحصار العلوم في التصورات والتصديقات،▶️▶️ ولكل منهما مباد ومقاصد.▶️
فمبادئ التصورات الكليات الخمس ومقاصدها القول الشارح، ومبادئ التصديقات القضايا وأحكامها، ومقاصدها القياس بأقسامه، فانحصر فن المنطق في هذه الأبواب الأربعة.▶️
وأما بحث الدلالات ومباحث الألفاظ إنما ذكر في كتب المنطق لتوقف بحث الكليات الخمس عليه،▶️ ومن نظر إلى أقسام القياس الخمسة عد الأبواب ثمانية،▶️ومن عد معها مبحث الألفاظ مستقلاً كانت الأبواب عنده تسعة.
ثم إن المناطقة اصطلحوا على تسمية اللفظ المفاد به معنى مفرد بـ«القول الشارح» كـ(الحيوان الناطق) في تعريف الإنسان المتوصل به إلى معنى مفرد، وهو معنى الإنسان؛ وهذا معنى قوله: «وما به إلى تصور» البيت.▶️
واصطلحوا على تسمية اللفظ المفيد للتصديق «حجة» أي: قياساً كـ(العالم متغير وكل متغير حادث) المتوصل به إلى النتيجة وهي العالم حادث، وهذا معنى قوله: «وما لتصديق» البيت.▶️